دور الممثل في السينما المصرية
فتحي عبد الوهاب ثروة قومية ؟
بقلم .صلاح هاشم
كنت أول من هنأ الممثل المصري الشاب االمتألق فتحي عبد الوهاب، بعد ان شاهدت مؤخرا فيلمه الجميل " قص ولزق " للمخرجة المصرية المتميزة هالة خليل في "مهرجان الفيلم العربي في روتردام" .كنت وقفت في طابور التهاني انتظر دوري لكي اصافحه واعانقه - كنا التقينا من قبل في العام الماضي في روتردام، وكان حضر مع الصديق محمد خان وعلا الشافعي، وفقط من خلال الحديث عن السينما في مصر،وعشق المصريين للسينما كما هو معروف في الدم ،تعارفنا وتصادقنا ، وتصعلكنا معا في مقاهي المدينة. فتحي صاحب "كاريزما " خاصة، واول مايلفت النظر في شخصيته " وشه المنور " اي وجهه الجميل الوسيم الساطع ذاك ، بانسانيته الجمة، وقدرته علي تشكيل هذه "العجينة الانسانية الاصيلة" في كيانه كله، لتمثيل واداء اي دور، فهو ممثل موهوب حقا،وهذه الموهبة تفقأ العين، حين تراه يمثل علي الشاشة ، فلا تملك سوي ان تحبه وتصفق له، وتعجب بادائه. واعتبر فتحي عبد الوهاب ا" ثروة قومية " ، علي اعتبار الدور الذي يمكن ان تلعبه الوجوه المصرية الجديدة في التمثيل، في صنع سينما مصرية جديدة اصيلة، كما في افلام هالة خليل ( احلي الاوقات ) ومجدي احمد علي ( يادنيا ياغرامي ) واسامة فوزي ( بحب السيما )، ومعبرة عن حياتنا في مصر وواقعنا . ويتعاظم هنا دور الممثلين الجدد من الشباب الموهوبين من امثال فتحي بعد ذهاب جيل الممثلين الكبار من امثال العبقري احمد زكي ، وخفوت نجوم آخرين معروفين، بسبب تقدمهم في السن ربما، وحرصهم علي حرق ادوارهم الكبيرة بالاستسهال في جمع النقود، والاكثار من بطولات المسلسلات التافهة العقيمة الفاقدة لاية متعة. وكان حشد من الناس تجمع حول فتحي "محبوب " - هكذا احب ان اطلق عليه- واقصد النجم الصديق فتحي عبد الوهاب- خارج القاعة.. حشد من عشاق السينما المصرية الاصيلة التي برزت بشكل رائع في فيلم هالة، ولم تخيب املنا فيها ،علي الرغم من بعض تحفظاتنا علي فيلمها الجديد، الذي بدا لي مترهلا في بعض اجزائه، وبخاصة في دور الام في الفيلم ، فلم يعجبني دورها ،ولا الممثلة التي لعبت الدور. غير ان ذلك بالطبع لايقلل من اهمية فيلمها الجديد " الذكي " الذي بدا لي اقل احكاما وجودة - علي مستوي الصنعة و" الكلية " الفنية للفيلم ،اي امتزاج كل العناصر الفنية في خبطة او دفقة شعورية - من فيلمها الاثير " احلي الاوقات " ، الذي اعتبره افضل افلامها علي الاطلاق ولحد الآن
والواضح علي مايبدو ان تلك المشاكل الفنية في " قص ولزق " ، نجمت عن المشاكل الانتاجية التي واجهتها في صنع الفيلم ، فلم تشتغل فيه براحتها. ايوه يادكتور - هكذا يحب ان يناديني فتحي محبوب، اقصد فتحي عبد الوهاب ، واظن انه يعتبرني طبيباجراحا ومتخصصا في التهام وتشريح الافلام - كيف رأيت الفيلم؟ يارب يكون عجبك. شفت بقي يا دكتور اللي بيحصل في البلد ؟ أورأيت كيف نعامل في الوطن ؟
كان يقصد محنة شباب مصر خسارة التي عرض لها الفيلم ، اذ لم تعد اوطاننا علي مايبدو مكانا صالحا للعيش علي اي مستوي. عانقته بحرارة ، وتذكرت ماقاله لي المحامي الفرنسي جاك فرجيس من انه يعتبر مع الكثيرين، ان الموت ارحم للانسان من ان يهان في اي مكان، فليس هناك للانسان اثمن واعز في الدنيا كلها من كرامة المرء، وانا معه، لكني كثيرا ما لاحظت ان ذلك، وان كان ينطبق مثلا علي سكان المستعمرات، واهانتهم في كرامتهم من قبل جنود الاحتلال كما في فلسطين، الا ان تلك الاهانات تصبح اشد ظلما وقسوة في حال العيش في وطن، يقال لنا انه فيه انه حر ومتحررومحرر، وياعيني عليه وعلي جماله ، وياسلام علي حظنا في العيش فيه، في حين تلوح دوما حكومته بشعارات الاصلاح والديمقراطية، والنزاهة والمصداقية، وهي تتربع علي قمة الفساد والنهب
شكرت هالة خليل علي الادوار الجميلة التي منحتها لممثلي الفيلم، فصار اشبه مايكون ب " مباراة" في التمثيل، وسيتذكر هؤلاء الممثلين فضل هالة خليل عليهم يقينا في مابعد ، بعدما منحتهم هنا بعض افضل ادوار حياتهم، بل اظن انها انتشلت بعضهم من حفرة النسيان، واخرجتهم الي الحياة الحقيقية والنور في فيلمها ذاك، وسلطت الضوء علي موهبتهم في التمثيل من جديد. وجمعنا في اللقاء بفتحي في روتردام دردشة وحديث مع الناقد الكبيرالصديق يوسف شريف رزق الله، المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي وعضو لجنة تحكيم مسابقةالافلام الروائية في المهرجان، ووقفنا مع هالة خليل بعد عرض الفيلم نتكلم في الصالة. واظن اني سمعت يوسف شريف رزق الله يقول بالحرف الواحد ان فتحي عبد الوهاب - كان انصرف مع بعض اصدقائه - مرشح حاليا ليكون احمد زكي في مصر، ويلعب الدور الذي لعبه زكي في افلام الموجة السينمائية الجديدة في الثمانينيات لمحمد خان وداود عبد السيد وخيري بشارة وعاطف الطيب، يلعبه في السينما المصرية الجديدة، التي تصنعها هالة خليل مع آخرين كما ذكرت . واظن ان يوسف محق جدا في كلامه وحكمه، بل اعتقد من خلال معرفتي بفتحي انه " واع " بتلك المسئولية الملقاة علي عاتقه، حيث يرفض تمثيل ادواراي كلام في افلام السينما المصرية التجارية الزبالة - اسمحوا لي - اي افلام تافهة مبتذلة وعقيمة ولاتقول شيئا، كما يكشف الحوار التالي معه
فتحي عبد الوهاب: أفضل الأفلام التي تغير واقع الإنسان
كتب : محمود موسي
استطاع النجم الشاب فتحي عبد الوهاب من خلال ما قدمه من أفلام وأدوار أن يصبح له مكانه في فن التمثيل والأداء أكثر من البحث عن بطولات ونجومية فسفورية ــ كما يسميها ــ والمتابع لحركة النقد، سيتكشف ان هناك شبه اجماع علي موهبته.هذا الصيف له ثلاثة أفلام مختلفة في شكلها ومضمونها، وهي: قص ولزق وأحلام حقيقية والبلياتشو، ولكن يجمع هذه الأفلام أنه تتوافق مع افكاره الخاصة، لانه يرفض تقديم أعمال تتناقض مع رؤيته وفكره.بادرته قائلا
ستكون الأكثر حظا هذا الموسم في حالة عرض فيلمي أحلام حقيقية والبلياتشو؟ـ
في البداية أريد أن أقول إن الممثل هو الحلقة الاضعف في صناعة السينما لانه لا يقرر متي تعرض افلامه, وإنما هناك المنتج والمخرج . فيلم أحلام حقيقية انتهيت من تصويره قبل عام وايضا قص ولزق, أما الفيلم الوحيد الذي صورنا لكي يعرض في الصيف هو البلياتشو، وعموما أنا سعيد بعرض الأفلام وأتمني أن تكون الشخصيات التي قدمها تحمل الجديد.
ما هو وجه الاختلاف بين الشخصيات الثلاث؟ـ
أريد أن اقول ليس هناك ما يسمي بأن فلان قدم شخصية كذا فانا لا اقدمها بعده لا... لانني أري أن تمثيل أي شخصية هو بالنسبة لي أرض عذراء جديدة لم يطرقها أحد قبلي لانني أنا الذي سأمثل بطريقتي واعصابي وخيالي ومن هنا اقول إن تمثيل أي شخصية يختلف من فنان إلي أخر فانا اقدم في أحلام حقيقية شخصية تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية والصراع مع النفس واري أن الشخصيات التي ليس فيها صراع داخلي هي شخصيات مملة للمشاهد... اما شخصيتي في البلياتشو فإنها تحمل الكثير من المفاجأة شكلا ومضمونا وتتفق مع قناعاتي لاننا في هذه الدنيا نعيش في صراع مع النفس ما بين رفض ما لا نريد والبحث عما نريد, وفي حالات أخري نقبل ما لا نريد ونبحث عن مبرر.
ما الفيلم الذي جذبك موضوعه أكثر من الآخر؟
المهم بالنسبة لي ان يكون الفيلم يتفق مع وجهة نظري في الحياة... وأنا عموما أفضل الافلام التي تحمل قيمة ومضمونا يمكن من خلاله أن نغير من افعال أو تصرفات أو نلقي الضوء علي قضية.
بعد كل فيلم ما الذي تريد اثباته لنفسك قبل الجمهور؟ـ
الفن متعة وفرحة ونشوة... وأتمني أن اترك افلام للزمن, ويوم يراها ابني عمر يقول ابويا كانت اختياراته صح.. فأنا فعلا اتمني أن اقدم افلاما تسعد الناس, وليس فيها جمل أو افيه يبوظ عقل طفل أو شاب أو حتي أنه يردد جملا لايجب أن يرددها
وصفت بأنك أكثر ابناء جيلك موهبة.. هل هذا جعلك ترددهن علي الفن أكثر من البحث عن النجومية؟
الفن أبقي لانني طول الوقت أهتم بالجمهور والمشاهد وأحرص بشكل حقيقي وجاد علي أن أحترمه من خلال ما أقدمه من أعمال لان المشاهد لابد ان يستفيد من ثمن التذكرة التي دفعها للفيلم الذي اشارك فيه وإلا يكون ما نقدمه غشا تجاريا.... ويضيف اما عن فكرة النجومية فهناك نظرية تقول إن الفوسفور مادة سريعة الاشتعال وتضيء إضاءة قوية مبهرة وصافية وشفافة... ولكن هذا لا يأخذ أكثر من ثوان ثم يتحول إلي سواد وكربون.. وأنا ليس عندي هذا الطموح
عن جريدة الاهرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق