الاثنين، أكتوبر 14، 2013

كل عام وأنتم بخير.سينما إيزيس


كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
ومصر في أمان .. وسلام .. ووئام .. ومحبة.. يارب
سينما إيزيس
نعود اليكم بعد فاصل العيد مع ملف عن مهرجان الأسكندرية السينمائي الدولي 29



الأحد، أكتوبر 06، 2013

مجدي الطيب يكتب من أم الدنيا الى " سينما إيزيس " في عاصمة النور عن الشروط المطلوبة في عضو لجنة التحكيم



ملصق مهرجان قرطاج 2012

مجدي الطيب يكتب 
من أم الدنيا
 الى " سينما إيزيس " في عاصمة النور

الشروط المطلوبة في عضو لجنة التحكيم !


بقلم : مجدي الطيب
  

  منذ أعوام قليلة تحدثت إليَ نجمة سينمائية معروفة تربطني بها علاقة صداقة واحترام،وأبلغتني،عبر المكالمة الهاتفية،أنها اختيرت من قبل أحد المهرجانات السينمائية العربية المعروفة لعضوية لجنة تحكيم دورته المقبلة، ولما كانت التجربة الأولى لها في هذا الصدد طلبت مني أن نلتقي سوياً لتسألني عن الخطوات التي ينبغي عليها أن تلتزم بها أثناء عملها باللجنة.
  في المقابلة الودية التي جرت بيننا دعوتها أن تستجيب لمنطق الأمور،وألا تسعى إلى تغليب الاعتبارات العاطفية أو السياسية،وأن تنحاز إلى المعايير الفنية،وتقرأ الفيلم السينمائي من داخله من دون النظر إلى اعتبارات أخرى من خارجه،وأن تتوخى ضبط النفس،ولا تنجرف وراء أي محاولة لجرها إلى مهاترات جانبية بعيداً عن الهدف من وجودها في اللجنة،وعلى رأسها إثارة النعرات الوطنية،وأن تتعامل،بموضوعية،مع الرأي الآخر داخل اللجنة،وأن تستمع إلى الآراء المختلفة من دون تأفف أو تبرم،وتحرص على  الانحياز إلى الأفلام التي تتسم بتنوع يميز المجتمعات البشرية التي تمثلها بكل ما فيها من أعراق وثقافات ومعتقدات،وما تنطوي عليه من قيم وخصوصيات .
  قلت لها،أيضاً،أن تلتزم أقصى درجات الموضوعية والمسئولية،وأن تنطلق مواقفها من معيار الاتزان الأكاديمي،وأن تستبعد كل ما هو شخصي أو عاطفي،وتنصاع إلى وجهة النظر الصائبة التي تُعلي من شأن الأفلام الجيدة،وتتجاهل الأفلام الرديئة،من دون أن تدخل الجلسة بوجهة نظر مُسبقة تعتنقها وتتحكم في أرائها . والأهم أن تنأى بنفسها عن ارتكاب الخطأ الشائع الذي يقع فيه الكثير من أعضاء لجان التحكيم عندما يتخيل الواحد منهم أن مهمته محصورة في الانحياز إلى الفيلم الذي يمثل بلده،في المسابقة،والدفاع عنه باستماتة،حتى لو كان مستواه لا يرقى للفوز بأية جائزة أو حتى شهادة تقدير متواضعة !
  كنت مدفوعاً،في رأيي هذا،بسوابق كثيرة لنجوم مصريين تصوروا أن وجودهم في لجنة التحكيم يعني أنهم في مهمة وطنية لنصرة الوطن،وتجاهلوا أن الفن لا وطن له،فما كان منهم سوى أن تخلوا عن نزاهتهم، وموضوعيتهم،فضلاً عن حياديتهم،وانبروا للدفاع عن الفيلم المصري المشارك في المسابقة،ودخلوا في معارك ضارية لانتزاع جائزة يعلمون قبل غيرهم أنه لا يستحقها لكنها "الشوفينية" ـ المغالاة في التعصب للوطن ـ التي تملكتهم،وأنستهم الحكمة البليغة التي تقول إن "الفن بلا جنسية" !
  أعرف نجمة معروفة عادت إلى مصر،عقب مشاركتها في لجنة تحكيم أحد المهرجانات العربية،وفور أن غادرت أرض المطار ملأت الدنيا تصريحات إعلامية بأنها "كافحت"،و"استماتت"،في الدفاع عن الفيلم المصري المشارك في المسابقة الرسمية،حتى نجحت في استمالة أعضاء لجنة التحكيم،وأقنعتهم بمنحه جائزة، وشككت،من دون أن تدري،في أحقية فوزه بالجائزة،عندما قالت إنها وافقت على تمرير جوائز أخرى لأفلام منافسة مقابل أن تضمن أصوات بقية أعضاء اللجنة على منح الفيلم المصري جائزة !

  كانت النجمة مدفوعة في موقفها الجاهل،الذي لا يستقيم ومعايير النزاهة والموضوعية،بفهمها القاصر للحديث الشريف "انصر أخاك ظالما أو مظلوماً"،لكنها لم تدر أن الصحابة الذين استمعوا للحديث راجعوا الرسول صلي الله عليه وسلم قائلين :"كيف ننصره ظالماً؟" فقال (ص) :"أن نكفه عن الظلم"،وهو ما كان يستوجب عليها أن تدركه فلا تنحاز لفيلم سيء لم تتوافر فيه مقومات العمل الفني الجيد لمجرد أنه يحمل جنسية بلدها،وتتجاهل،عن عمد،أن أصحابه ظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا لجنة التحكيم التي تابعت الفيلم،ورأت أن تعاقبه بحرمانه من جائزة قد تشجع صانعيه على استمراء الخطأ !
  اللافت أن النجمة الشهيرة لم تكن الوحيدة التي تعاملت بهذه "الشوفينية" المرضية،بل سبقها إلى ذلك نجوم كثُر فهموا خطأ أن وجودهم في لجان التحكيم يعني أنهم في معركة حياة أو موت،وأن عودتهم إلى أرض الوطن من دون جائزة للفيلم المصري يمثل "وصمة عار" على جبينهم "لن يمحوها الزمن ولا الإعلام"،وأن قطيعة وشيكة ستعرف طريقها إلى العلاقة بينهم ونجم الفيلم المشارك في المهرجان،الذي سيظن أنهم امتنعوا عن دعمه،كما حدث عندما اتهم النجم عادل إمام زميله النجم نور الشريف،الذي كان عضو لجنة تحكيم «أيام قرطاج السينمائية» العام 1984،بأنه كان السبب في حرمانه من جائزة أفضل ممثل عن فيلم «حتى لا يطير الدخان»،واختار أن تذهب إلى زميله يحيى الفخراني عن «خرج ولم يعد»،ولم تشفع محاولات "الشريف" اليائسة لتبرئة نفسه،ودامت القطيعة بينهما سنوات طويلة !

magditayeb@yahoo.com




السبت، أكتوبر 05، 2013

تكريم الناقد السيناريست الكبير الراحل د.رفيق الصبان يوم 8 أكتوبر في الأوبرا



تكريم الناقد السيناريست الكبير الراحل د.رفيق الصبان

في الأوبرا


      • يفتتح نادى سينما الأوبرا 
        بإشراف د. وليد سيف أنشطته من جديد
         بتكريم اسم د. رفيق الصبان المشرف السابق على النادى ، وذلك فى السادسة والنصف من مساء الثلاثاء 8 أكتوبر بحضور عدد من كبار الفنانين
        كما يتضمن التكريم عرض فيلم زائر الفجر وهو أول فيلم كتبه د. رفيق الصبان وشارك فى إنتاجه من إخراج ممدوح شكرى وبطولة عزت العلايلى وماجدة الخطيب ومديحة كامل، وهو أحد أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية وأكثرها جرأة فى الدعوة لحرية الرأى ومقاومة الطغيان، ولهذا واجه مشكلات عديده مع الرقابة قبل التصريح بعرضه فى 1975، وعلى المستوى الفنى يعد الفيلم شهادة ميلاد لمجموعة من أبرز فنانى الفيلم فى مختلف فروعه منهم المصور رمسيس مرزوق والمونتير أحمد متولى ومهندس الديكور نهاد بهجت.

      .

    الأربعاء، أكتوبر 02، 2013

    على الجابري يعلن عن فعاليات مهرجان أبو ظبي بمشاركة أكثر من 150 فيلما وتكريم الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس



     علي الجابري يعلن عن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي7

    بمشاركة أكثر من 150 فيلما

    وتكريم الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عبّاس


    أبوظبي- سينما إيزيس
     
    علن مهرجان ابوظبي السينمائي برنامج وقائمة الأفلام المشاركة في الدورة السابعة للمهرجان، وذلك في مؤتمر صحفي عقد في قصر الإمارات، الموقع الرسمي للدورة السابعة للمهرجان. وشملت قائمة الأسماء السينمائية، التي ستحتضنها صالات العاصمة أبوظبي، أكثر من 92 فيلماً روائياً طويلاً و 72 فيلماً قصيراً قادمة من 51 بلداً ،  منها 11 فيلماً في عرضها العالمي الأول و6 أفلام في عرضها الأول خارج بلد الإنتاج ، وسيقام المهرجان خلال  الفترة ما بين 24 تشرين الأول/أكتوبر ولغاية 2 نوفمبر 2013.
     
    وسيتم افتتاح الدورة السابعة بالفيلم الأميركي "حياة الجريمة" للمخرج الأميركي دانيال شيكتر، والذي يجمع النجمة جنيفر أنيستون بتيم روبنز وجون هاوكس وموس دف في إقتباس أعده المخرج، وكتب له السيناريو أيضاً.دانيال شيكتر مخرج وكاتب سيناريو ومونتير أميركي، ولد في كوينز بنيويورك نشأ في لونغ آيلاند، . ودرس في كلية ايمرسون. قدم فيلمه، "شخصيات مساندة" كما أنه كتب وأخرج الفيلم الروائي "وداعاً حبيبي" (2007). وصف فيلمه "حياة الجريمة" بأنه "المشروع الحلم" بالنسبة إليه. وفيه متابعة لحكاية يلف الإحتيال والتسلية والشد خطوط حبكتها وتفاصيلها. ومن خلال أصحاب سوابق خرجوا لتوهم من سجن، وقرارهم العودة الى ماضيهم عبر مزاولة النصب.
     
    وستكون قائمة الخيارات السينمائية الموزعة على فقرات البرنامج مناسبة جديدة لمحبي السينما بمتابعة عرض 16 فيلماً روائياً جديداً في "مسابقة الأفلام الروائية الطويلة"، و 15 فيلما سينمائياً ضمن "مسابقة آفاق جديدة"، و14 فيلماً وثائقياً، وهناك 26 فيلماً لـ "عروض السينما العالمية". فضلاً عن برنامج مؤلف من 9 أفلام يحتفي بباكورة اعمال مجموعة من السينمائيين العرب والتي حققت حضورها في المشهد السينمائي العربي والدولي ،منها "صمت القصور" للتونسية مفيدة تلاتلي، "عصفور السطح (حلفاوين)" لمواطنها فريد بوغدير، و "عرق البلح" للمخرج المصري الراحل رضوان الكاشف، و "بيروت الغربية" للبناني زياد دويري و"أحلام المدينة" للمخرج محمد ملص. وسيكون عشاق السينما على موعد مع السينما الكلاسيكية المرممة، وعلى رأسها شريط "أطلب الرمز (ميم) للقتل" لسيد التشويق ألفريد هيتشكوك.

     الممثلة المخرجة الفلسطينية هيام عباس
     
    تم اختيار الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس التي ستستلم جائزة الانجاز المهني وهي من الممثلات العربيات القليلات اللواتي منح حضورهن السينمائي بعدا استثنائيا، وهي قامة سينمائية كبيرة نالت الحب من جمهورها وحققت الاعتراف الدولي الواسع سواء في حضورها في الأدوار السينمائية المتنوعة أو في أعمالها  السينمائية الخاصة. وبرزت مبكراً كممثلة مبدعة في ادوارها مع المخرج ميشيل خليفي في فيلمه "عرس الجليل". وتوالت ادوارها السينمائية في افلام روائية وقصيرة ابرزها: "حيفا" لرشيد مشهراوي  و"ساتان احمر"  لرجاء عمَاري،"ميونيخ" لستيفن سبيلبيرغ  "باب الشمس" ليسري نصر الله،  "الزائر" لتوماس مكارثي، "حدود السيطرة" لجيم جارموش ،"أمريكا" و"مي في الصيف" لشيرين دعيبس ، "ميرال" لجوليان شنايبل وغيرها العديد من الأعمال. إلى جانب اضطلاعها بأدوار تمثيلية في افلام عالمية، استعان بها مخرجون عديدون مستشارة لاسيما في الأفلام التي قامت على شخصيات و/أو سرديات فلسطينية. قدمت هيام عباس كمخرجة فيلمين قصيرين: "الخبز" (2001) و"الرقصة الأبدية" (2004)  قبل أن تنجز باكورتها الروائية الطويلة، "ميراث"،عام 2012 والذي قُدم في عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية السينمائي في قسم "أيام فينيسيا". وفي العام نفسه.
     
     
    وخلال المؤتمر الصحفي، أعلن مهرجان ابوظبي السينمائي عن جائزة جديدة ، هي "جائزة حماية الطفل" التي تم استحداثها بالشراكة مع مركز حماية الطفل بوزارة الداخلية بهدف لفت الإنتباه إلى ذلك النوع من الأفلام التي تعزز الوعي بالقضايا المتعلقة بالأطفال وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم من سوء المعاملة والإهمال.
     
    يعمل "مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل" في الإمارات العربية المتحدة على ضمان سلامة الأطفال وأمنهم من خلال التواصل الفعّال مع جميع المعنيين، وتطوير الشراكات الداخلية والخارجية مع الجهات المختصة، وضمان تنفيذ وتنظيم تشريعات حماية الطفل، وضمان أفضل السياسات والممارسات الدولية التي تجعل من هذا المركز نموذجاً للتميز.
     
    في معرض تعليقه على فقرات وبرنامج الدورة السابعة لمهرجان أبو ظبي، يقول علي الجابري مدير المهرجان "لقد قمنا باختيار باقة من الأفلام والأسماء السينمائية التي حققت حضورها في المشهد السينمائي العالمي، وحازت على ثناء نقدي كبير. لقد جمعت فقرات هذه الدورة أفضل ما أنتج سينمائياً على الصعيدين العربي والعالمي لهذا العام، كما قمنا باستقطاب  أفلاماً تناسب العائلات، وذلك بهدف خلق جو ترفيهي يستقطب اكبر عدد من المشاهدين.  اتمنى ان ينال برنامجنا هذا العام  اعجاب محبي الشاشة الفضية .

    صورة وأغنية وجنازة، رائحة " الزعيم " على الشاشة بقلم مجدي الطيب





    "صورة وأغنية وجنازة". رائحة "الزعيم" على الشاشة !




    بقلم : مجدي الطيب



    ·        يوسف شاهين رثاه في "عودة الابن الضال" .. ورضوان الكاشف لجأ إلى صورته في "ليه يا بنفسج" ومدحت السباعي جعل من جنازته نقطة فاصلة بين زمنين !



        لا أظن أن ثمة سينما في العالم تناولت شخصية سياسية تاريخية أو مُعاصرة بالشكل الذي تعاملت به السينما المصرية مع الزعيم جمال عبد الناصر (١٥ يناير ١٩١٨ـ ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠)،الذي مرت الذكرى الثالثة والأربعون لرحيله منذ أيام؛ففي واحدة من المرات القليلة،بل النادرة للغاية،لم تكتف السينما المصرية برصد السيرة الذاتية لجمال عبد الناصر،على غرار ما فعل المخرج السوري أنور قوادري في فيلم "جمال عبد الناصر"،أو إلقاء الضوء على جانب من حياته،مثلما فعل المخرج محمد فاضل في فيلم "ناصر 56"، بل صار يكفيها أن تضع صورته على جدار غرفة تسكنها عائلة فقيرة أو تستعيد صوته في خطابي التأميم والتنحي،أو المشهد المهيب لتشييع جثمانه،لتترك انطباعاً قوياً لدى الجمهور بحجم الخسارة الفادحة التي  نجمت عن رحيله،وإحساسا طاغياً بأن الموت غيب "نصير الفقراء" ! 


       لا أعني بمقدمتي هذه فيلم "ناصر 56" (1995) للكاتب محفوظ عبد الرحمن والمخرج محمد فاضل،الذي رصد الأيام القليلة التي سبقت اتخاذ قرار تأميم قناة السويس،أو فيلم "جمال عبد الناصر"(1999) للكاتب إيهاب إمام والمخرج أنور قوادري،الذي لم يفوت شاردة ولا واردة في حياة "عبد الناصر" من دون أن يوثقها فأثقل كاهل الفيلم، وأرهق من شاهده،لكنني أتوقف عند الأفلام التي وظفت صورته وجنازته وأغنية "الوداع يا جمال يا حبيب الملايين"، التي رددها الجميع،وأبكت الملايين،يوم رحيله،توظيفاً درامياً،وجعلت منها عنصراً تنويرياً،ومن ثم لعبت دوراً تحريضياً وثورياً بمعنى الكلمة،مثلما أشير إلى الأفلام التي افتقر أصحابها إلى الحد الأدنى من الشجاعة،واكتفوا بالتلميح دون التصريح إلى "الطاغية" الذي جرعنا مرارة الهزيمة،وحرمنا مذاق الحرية !!


    أغنية واحدة تكفي



       لقطة من فيلم عودة الابن الضال ليوسف شاهين

    الشائع أن المخرج الكبير يوسف شاهين لم يصنع فيلماً عن "عبد الناصر"،بالرغم من تلميح البعض إلى أنه كان يعنيه عندما اختار لفيلمه الشهير اسم "الناصر صلاح الدين"،لكن الحقيقة التي فاتت على هؤلاء وأولئك أن "الأستاذ" نجح،من دون ثرثرة أو خطابة،في تخليد "الزعيم"،عندما قدم مشاهد قليلة للغاية،في فيلم "عودة الابن الضال" (1976) لكنها كثفت المعنى الذي أراده،ومعه صلاح جاهين كاتب القصة،عندما رصد لحظة الإفراج عن "علي" ـ أحمد محرز ـ من المعتقل،وبينما هو يسير بجوار أسوار السجن،بينما تتردد على مسامعنا فحوى الرسالة التي كان قد بعث بها إلى عبد الناصر قبل الإفراج عنه،وتكاد تُذكرنا بالرسالة التي بعث بها الشاعر الكبير نزار قباني من بيروت في 30 أكتوبر 1967،ورثى فيها حال "شاعر عربي يتعرض من قبل السلطات الرسمية في الجمهورية العربية المتحدة لنوع من الظلم لا مثيل له في تاريخ الظلم"،حسبما جاء في الرسالة،التي جاءت في أعقاب منع قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" من دخول مصر،وفرض حصار رسمي على اسمه وشعره في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة وصحافتها؛فعلى النسق نفسه تقريباً،يقول بطل "الابن الضال" مُخاطباً "عبد الناصر"،وكله أسى :"إذا تفضلت وأمرت بفتح قضيتي يا سيدي وإعادة التحقيق فيها ووضعت يدك على المجرم الحقيقي الذي ألصق التهمة بي لتأكدت من براءتي وأطلقت سراحي"،لكنه لا يهنأ بالإفراج عنه في حياة "السيد"،ففي اللقطة التالية نراه،وهو يعدو بأقصى قوة،وفي الخلفية قرص الشمس الشاحب لحظة الغروب،بينما تتردد في الأصداء،بتوزيع موسيقي جنائزي،أغنية "الوداع يا جمال"،ثم نرى الفتى على مقربة من "بلوك" محطة قطار مهجورة،وهو يسير على قضبان سكك حديدية تكاد تقوده إلى مصير مجهول !


    صورة على الجدار

    المخرج المتميز الراحل رضوان الكاشف أهدى فيلمه " ليه يابنفسج " لجمال عبد الناصر


      هكذا فعل يوسف شاهين،وهو يدين "الزعيم"،الذي لم يفطن لخطورة من حوله،ممن استغلوه،ودمروا حلمه،وقادوه إلى هزيمة 1967،لكن المخرج رضوان الكاشف،الذي أهدى فيلمه "ليه يا بنفسج"(1993)،الذي شارك في كتابته رفيق عمره سامي السيوي،"إلى كتاب الستينيات والفرح بالكتابة"،استبدل الأغنية المليئة بالشجن بصورة لجمال عبد الناصر احتلت جدار الغرفة المتواضعة التي يعيش فيها الأصدقاء الثلاثة "احمد" ـ فاروق الفيشاوي،"سيد" ـ أشرف عبد الباقي و"عباس" ـ نجاح الموجي ـ وكأنه "الأب" الذي عوضهم "اليتم"،والملاذ الأخير لهم في دنياهم المحبطة،و"بصيص الأمل" في حياة جديدة تُخلصهم من الفقر والبطالة والتهميش. ولم ينس "الكاشف"،في الفيلم نفسه، أن يضع على مقربة من صورة "حبيب الملايين" صورة أخرى لعبد الحليم حافظ "صوت الثورة" وابنها،وكأن "الكاشف" يؤكد عمق الصلة،وقوة العلاقة،بين الصورتين والشخصين،فضلاً عن وحدة الهدف والتوجه .وطوال أحداث الفيلم العذب ظلت الصورتان بمثابة "شاهد عيان" على الأحوال التي تدهورت في مصر،والتحول الجذري الذي أصاب بنيتها،والمعاناة الرهيبة التي يعيشها أهلها .


    جنازة فاصلة


      من ناحيته وظف المخرج مدحت السباعي في فيلمه "فرسان آخر زمن" (1993) الموكب المهيب الذي خرج فيها الشعب المصري عن بكرة أبيه،في مشهد لم يعرف التاريخ مثله،كإشارة ذات مغزى لبداية مرحلة جديدة في تاريخ مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛إذ استغرق مشهد الجنازة،الذي استعاره "السباعي" من "الأرشيف الوثائقي"،زمناً طويلاً على الشاشة،وربما كان الأطول الذي يقدمه مخرج في فيلم روائي،ليرصد نقطة التحول في حياة ومسيرة الأصدقاء "طارق منصور" ـ فاروق الفيشاوي ـ،"وجدى حسنين" ـ محمود حميدة ـ و"عادل فهمي" ـ مصطفى فهمي ـ الذين تخرجوا من جامعة الإسكندرية في عام النكسة،وليلة الاحتفال بتخرجهم اغتصب "وجدي"، وهو مخمور،فتاة لكنها تموت متأثرة بالصدمة،ويتخلص الثلاثة من جثتها،لكن الجريمة تطاردهم،حتى بعد أن أصبحوا نجوم مجتمع؛فالأول ـ "طارق" ـ أصبح معيدا بالجامعة ثم رئيس تحرير جريدة مسائية،والثاني ـ "وجدى" صار رجل أعمال،بينما صار الثالث ـ"عادل"ـ لاعب كرة ثم مدرب بالنادي الأهلي فممثلا،ويدب الخلاف بينهم،وتنهار علاقة الصداقة القديمة؛فالجنازة وإن بدت لمن يشاهد الفيلم خارجة عن السياق الدرامي لأحداث فيلم "فرسان آخر زمن"،إلا أنها كانت بمثابة النقطة الفاصلة بين "زمن المد الثوري"،و"زمن انفتاح السداح مداح"،الذي اختلطت فيه القيم،وسادت فيه الانتهازية والوصولية،وتحول فيه "المغتصبون" و"المجرمون" إلى علية المجتمع ونجومه ! 




    ترميم الشرخ العربي


      أعوام طويلة مضت على السينما المصرية لم تتذكر خلالها جمال عبد الناصر،إلا لماماً،إلى أن عاد المخرج خالد يوسف وتذكره من جديد في فيلم "دكان شحاتة" (2009)؛فعلى الرغم من أن أحداث الفيلم الذي كتبه ناصر عبد الرحمن تبدأ لحظة اغتيال "السادات" في حادث المنصة،وبداية حكم "مبارك"،إلا أن خالد يوسف يقدم مشهداً يطالب فيه الأب "حجاج" ـ محمود حميدة ـ ابنه "شحاتة" ـ عمرو سعد ـ بأن يمد يده،ويحرك صورة "الريس" ـ هكذا وصف عبد الناصر في زمن مبارك ـ إلى الشمال قليلاً ليغطي بها الشرخ الذي أصاب حائط الحجرة المتواضعة التي يعيش فيها مع أولاده،لكن الابن يعلق :"الشرخ كبير والصورة ما تغطيهوش كله"،ويرد الأب :"تغطي اللي تقدر عليه"، وبعدها يعود إلى الاستماع إلى السيرة الهلالية،لكن دلالة المشهد لا تخفى على المشاهد الفطن؛خصوصاً أن المخرج أتبعه بلقطة أخرى للأب مع ابنه،وهو يطلب من صاحب عربة يد تبيع "السمين"،وفي خلفية المشهد لافتة من القماش يهنيء صاحبها حسني مبارك "لاكتساحه الانتخابات الرئاسية"،وكأنه يحمله مسئولية اتساع الشرخ،وهو المعنى الذي يتأكد في مشهد لاحق نرى فيه "محمود" ـ أسامة عبد الله ـ نجل الدكتور "مؤنس" ـ عبد العزيز مخيون ـ وهو يبيع فيلا والده اليساري للسفارة الإسرائيلية لتجعل منها مقراً لها؛فالمخرج أراد القول إن الشرخ الذي أصاب الوطن،والأمة،في أعقاب رحيل "عبد الناصر" كبر واتسع،في عهدي "السادات"،الذي وقّع معاهدة السلام مع إسرائيل في 26 مارس 1979،فأصاب العلاقات المصرية العربية بانهيار خطير،و"مبارك"، الذي واصل نهج سلفه،وكانت النتيجة فرقة عربية،وأزمات داخلية بلغت ذروتها بالتطرف الديني،وربما تنتهي،كما تنبأ الفيلم،بثورة جياع،و"وطن بيسلم حروف اسمه"،و"يغير العنوان"،في حال إذا لم نستدع زعيماً مثل جمال عبد الناصر .


    الثورة المضادة


      في المقابل أنتجت السينما المصرية أفلاماً من قبيل تصفية الحسابات مع "عبد الناصر"،وعصره،وبعد سنوات لم تدم طويلاً اتضح للعيان أن أصحابها تم استخدامهم من جانب قوى وأطراف أخرى للتشهير ب"الزعيم"،والنيل من منجزه،ومحو صورته النقية في أذهان المصريين؛وهو ما حدث تحت ظل نظام "السادات"،الذي شجع إنتاج أفلام على شاكلة :"الكرنك"(1975)،"أسياد وعبيد"(1978)،"وراء الشمس"( 1978)،"احنا بتوع الأتوبيس"(1979) و"قانون إيكا"(1991) لم تر في عهد عبد الناصر سوى أنه "عهد المعتقلات"،بينما اتهمته أفلام أخرى مثل :"طائر الليل الحزين"(1977)،"امرأة من زجاج"(1977)،العرّافة"(1981) بأنه زمن "مراكز القوى"بينما وصفه "آه يا ليل يا زمن"(1977) بأنه "زمن فرض الحراسة"،"وبالغ فيلم "ملف سامية شعراوي"(1988) أكثر وحمله مسئولية هزيمة 1967،و"نحر" عبد الحكيم عامر،وجاء فيلم "إعدام قاضى"(1990) ليلحق بفيلم "امرأة من زجاج"(1977) ويصمه بأنه "عهد التعذيب"،الذي لم يكتف بقهر المواطن،وإنما شهد تجاوزات جسيمة في حق رجال القانون،وارتكبت فيه مذبحة القضاة؛حيث تبدأ الأحداث بإلقاء قاض ـ عادل هاشم ـ من شرفة شقته،لأنه رفض الإذعان لنصائح مسئول أمن الدولة ـ عزت العلايلي ـ وبعدها تنشر الصحف بأن "السادات" أمر بإقالة "شعراوي جمعة" ـ ذراع عبد الناصر ـ من منصبه كوزير للداخلية،وتعيين ممدوح سالم بدلاً منه،بعدما استنكر ـ أي "السادات" ـ ما صدر من الداخلية في حق القضاة والمواطنين على حد سواء !


    الدكتاتور يرحب بانتقاده


      يخطئ من يظن أننا ننظر إلى "عبد الناصر" بوصفه ظل الإله على الأرض أو الإنسان المنزه عن الخطأ،لكننا نرصد مفارقة مثيرة عندما ننوه إلى أن الرجل الذي طاردته تهمة "الديكتاتورية" لم يتردد،مطلقاً،في الموافقة على عرض عدد من الأفلام التي انتقدت الثورة،كما حدث في فيلم"المتمردون"(1968)،"القضية 68"(1968) و"ميرامار"(1969)،ووصفته بأنه "طاغية" و"رئيس عصابة" حكم مصر غصباً،كما حدث في فيلم "شيء من الخوف"(1969)،وهو الذي رد على من سعى للتحريض ضد الفيلم بقوله :"لو إحنا عصابة زي عتريس ورجالته نبقى نستحق الحرق !"،ولم يعط الإشارة،كغيره،للتشهير بخصومه،أو إهالة التراب على معارضيه،ولهذا السبب ظل في الضمير الجمعي رمز الكرامة،نظيف اليد،والذمة،وتعلق به الشعب المصري في حياته،وبعد رحيله،ومن ثم كان طبيعياً أن يرفع الملايين صوره إبان ثورة 25 يناير ثم تكرر الأمر في ثورة 30 يونيو،وأن تثير "صورته" على الشاشة،و"جنازته"،وأغنية وداعه،الكثير من الشجن والحنين إلى زمن العزة والنخوة العربية والرومانسية الثورية، وكأن الشعب يتنسم من خلالهم ـ الصورة والأغنية الجنازة ـ عبق الوطنية،ويزداد يقيناً العام بعد الآخر أن عباءة الزعامة صارت فضفاضة،ولا تناسب كثيرين ممن أضاعوا على مصر هيبتها ومكانتها،بعد أن كانت "قلب العروبة النابض" ..
     رحم الله جمال عبد الناصر وطيب الله ثراه !


    magditayeb@yahoo.com