الجمعة، مارس 30، 2007

الحرية للمدون المصري عبد الكريم نبيل سليمان

ايزيس أم المصريين ترضع ابنها حورس




بيان من الفرع المصري

لنادى القلم الدولي

الحرية للمدون كريم عامر

انطلاقا من المواد رقم 47 و 48 و 49 بالدستور المصري التي تعطى المواطن المصري الحق في التفكير وحرية التعبير والكتابة ، و المواد رقم 208 و 209 و 210 في الدستور التي جعلت من الصحافة سلطة مستقلة أسوة بالسلطات التنفيذية و القضائية و التشريعية
واستنادا إلى المعاهدات و المواثيق الدولية ذات الصلة التي وقعت عليها حكومة مصر..
يدين نادى القلم المصري بشدة هذا الحكم الجائرالذي قضت به محكمة مصرية بسجن الكاتب والمدون المصري عبد الكريم نبيل سليمان ( كريم عامر )أربع سنوات بعد إدانته بتهمتي ازدراء الإسلام وإهانة رئيس الجمهورية ، ووصفت المحكمة في حكمها، كتابات عبد الكريم سليمان بأنها تعكر صفو المجتمع. هذا الحكم الذي أريد به تكميم الأفواه وتحذير الكاتبات والكتاب والمعارضين الآخرين، نعتبره نكسة كبيرة لحرية الرأي، وقمعا لحرية التعبير ، ومصادرة للآراء الشخصية ، و تراجعا في مسيرة حقوق الإنسان في مصر. و نرى أن الحكم مخالفة فاضحة لمواثيق حقوق الإنسان ، والتي وقعت عليها مصر ، فأصبحت جزءا من دستورها تحت المادة 151 .وإننا في نادى القلم المصري نؤكد رأينا بأن لا معنى لحرية الرأي إذا كانت هناك محظورات لايمكن تناولها بأي نقد ،
ونعلن استنكارنا القوي لمحاولات بعض القوى الظلامية خنق مناخ الحريات و الإبداع المكفولة في الدستور والمواثيق الدولية ، عن طريق فرض نفسها كوصية على خيارات المواطنين، و الهاء المجتمع بما ليس من صميم مسئوليتها، بدلا من ملامسة القضايا المجتمعية الملحة.
ندعو كل المنظمات والأحرار المدافعيين عن حرية الرأي وحق التعبير إلى التدخل لإطلاق سراح عبد الكريم سليمان

نسيمة في الاحتفال بالمولد النبوي في باريس

الفنانة الجزائرية نسية صوت الاندلس

ملصق التظاهرة





نسيمة في مهرجان " المولد " العاشر



صوت الاندلس في باريس


بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف








تشارك الفنانة الجزائرية نسيمة في حفل موسيقي يقام في العاصمة باريس بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الاول من ابريل، وتعتبر نسيمة من اعذب الاصوات الصوفية التي تستقطب حفلاتها ان في مسرح المدينة - تياتر دو لافيل - الشهير او في مدن وعواصم العالم، في المغرب واسبانياوالجزائر وفرنسا وامريكا ، تستقطب عشاق الغناء الصوفي والطرب الاندلسي العميق

نسيمة هي صوت الاندلس الشجي ، بقصائده وغنائه وموشحاته، المسافر بذاكرته الغنائية التراثية الروحانية من العاصمة باريس الي العالم. لاتدع حضور ذلك الحفل، وسماع صوتها العذب يفتك بأي ثمن

ايزيس تصوت لصالح سيجولين رويال

ايزيس ترضع حورس




رسالة الي من يهمه الامر



لمن سوف تمنح سينما ايزيس صوتها


في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة ؟




باريس.سينما ايزيس



سينما ايزيس هي بنت ثقافة الحرية علي الانترنت، ومن واقع معايشتها للمجتمع الفرنسي الذي يعيش هذه الايام فترة عصيبة، يطرح فيها سؤال " الهوية " ، مع مشاكل البطالة والامن والسكن والهجرة، سوف تمنح ايزيس صوتها لمرشحة الحزب الاشتراكي سيجولين رويال

لا لأنها امرأة مثل "ايزيس " التي ترضع حورس ، وقد آن الاوان لأن تحكم فرنسا امرأة ، بل لأن سيجولين التي كسبت حريتها بعد معارك ضارية خاضتها ضد " أفيال " الحزب الاشتراكي الفرنسي، تقدم من خلال برنامجها ومشروعها الانتخابي ربما، أفضل الحلول للمشاكل التي تعصف بالبلاد، ولأنها سيجولين كما تري ايزيس، اصبحت " ايقونة " الرغبة في التغيير. تلك الرغبة التي تعتمل في قلب كل فرنسي، في مواجهة مرشح اليمين نيكولا ساركوزي، وزير الداخلية السابق الذي اطلق كلمة " رعاع " راكاي بالفرنسية علي سكان الضواحي، و الذي ينتهج سياسة القمع، ويحاول استقطاب اصوات اليمين المتطرف، وصار يشكل خطرا علي البلاد في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة

في حين تنادي سيجولين بتأسيس " نظام عادل "

ORDRE JUSTE

نظام يأخذ في الاعتبار المطالب الشعبية الفرنسية، ولعل اهمها ان يؤخذ برأي " الجماهير "ومشورتها وأفكارها، في صياغة الحلول المناسبة للمشاكل التي تعيشها، من منطلق ان اصحاب المشكلة، ربما يكونوا افضل من يؤخذ برأيهم في حلها اولا، وذلك قبل اللجوء الي اصحاب الخبرة والاختصاص، والافكار الجاهزة المستوردة

وربما كان اهم مايميز سيجولين، بساطتها وجاذبيتها ونورانيتها ، وقدرتها علي الاستماع والاصغاء ، وتلك الابتسامة الجميلة التي ترتسم علي وجهها، كأنما هي مسكونة بروح ملائكية علوية خفية، ربما كانت هي روح جان دارك ، فتمنحنا املا ، في ان يصبح مستقبل فرنسا غدا امرأة. امرأة تكون تجسيدا للسلام الاجتماعي الذي تنشده البلاد ،بعد القضاء علي كافة اشكال التمييز والظلم الاجتماعي والعنصرية القومية البغيضة، اي كل تلك الاشياء التي تكبل حركة فرنسا في الوقت الحاضر، وتعوقها عن التطور والانفتاح علي " الآخر " و العالم


سينما ايزيس

الأربعاء، مارس 28، 2007

ما أقول لأبنتي بقلم سعد القرش

ضي. عدسة محمول صلاح هاشم

مختارات ايزيس


السينما أسلوب حياة


تفاجييء ايزيس المترددين علي موقعها احيانا، وبخاصة في مختاراتها ، بكتابات لا علاقة لها ، كما يبدو سطحيا ، بالسينما، غير ان ايزيس، التي تعتبر نفسها بنت ثقافة الحرية علي الانترنت، تتعامل مع السينما، بنفس المنطق الذي تتعامل به مع الحياة، بل بذات الطريقة التي تمارس بها الحياة ، فالسينما عند ايزيس هي اولا وقبل اي شييء آخر " الانفتاح علي الحياة " ، ضد القهر والتعصب والظلم، .السينما عند ايزيس، هي جماع الفنون، وجموح الحياة ذاتها. انها اقرب ما تكون الي "اسلوب حياة " مفتوح باستمرار علي المغامرة ، والاكتشاف والدهشة، والمعارف الجديدة، ووظيفتها ان تقربنا اكثر من انسانيتنا

ان اكثر الناس حبا للسينما ، كما يقول الشاعر الفرنسي العظيم جاك بريفير، هم اكثر الناس حبا للحياة، واكثر الناس رغبة - ربما بقوة الحلم وحده - في تغيير الحياة . واكثر الناس كراهية للسينما ، هم اكثر الناس تخلفا من اصحاب العقليات المتجمدة التي عفا عليها الزمن، وهم اكثر الناس رغبة في استقرار الاوضاع القائمة، ضد التسامح والتغيير والتطور. كما تعتبر ايزيس ان فن السينما الذي هو أكثر الفنون جماهيرية وشعبية، هو ايضا اكثر الفنون صلة بالحياة ، واكثرها قدرة علي التعبير عن الواقع، و بما يتضمنه ذلك الواقع من آمال وبؤس، مرارة وأحلام مجهضة ، وجميعها تشي - كما في مقال سعد القرش هنا - تشي بهم الحياة في بر مصرالعامرة بالخلق والناس الطيبين، وفظاعة ذلك الكابوس " الحي "، القائم القاتم ، الذي صار يجثم ثقيلا علي الصدور، ويطلب منه سعد في ما يشبه التوسل، ان ينزاح خلاص ويريحنا، بعدما تيبست في مصر المفاصل، وتصلبت العروق والشرايين ، وصار هناك في مصر اكثر من سبعين مليون مواطن لايعرفون - يا الهي - ما سيؤؤل اليه حال البلاد غدا
كما تعتبر ايزيس ايضا ان السينما وثيقة الصلة بالسياسة، وان السياسة هي، او في صلب التناقضات التي تعيشها مجتمعاتنا، واية كتابة نقدية مهما كانت ، ضد او مع القهر / مع السلطة او ضدها، لابد وان تكشف عن موقف سياسي، ووجهة نظر تجاه الطريقة لتي تدار بها مجتمعاتنا، ورأي في السلطة التي تتحكم بها، والعلاقة بين السلطة والمواطن

فالتناقضات الاجتماعية هي موضوع السينما الفن، ولذلك لن تقتصر " مختارات ايزيس " علي السينما فقط ، بل ستمتد الي المادة التي تصنع منها تلك الافلام، مادة الحياة ذاتها، وبكل تناقضاتها، أي بكل مايمنح تلك " المادة السياسية " ألقها ونارها وتوهجها ،لكي تنفتح ايزيس أكثر لا علي فنون السينما والعرض وحدهافحسب، بل علي كافة فنون الادب و الفلسفة والابداع أيضا
اي كل هذه الاشياء، التي من دونها لاتستطيع السينما ان تكون سينما، و تصدر هكذا عن فراغ ، او تولد من عدم
نريد لايزيس ، التي تحب الطبيعة والفلسفة، والسياسة والموسيقي، والفوتوغرافيا والشعر، والمشي في الشوارع والتصعلك والسفر، ان تختار لنا مايعجبها، براحتها

وان تصبح السينما نافذة مفتوحة لها علي الحرية

ونريد لتلك " الحرية " ، أن تصبح أسلوب حياة، لنا الآن، في التو ، ولمن سوف يأتون بعدنا


صلاح هاشم




******



ما أقول لابنتي يا سيادة الرئيس؟


بقلم


سعد القرش

سامح الله ابنتي سلمى؛ فمن غير قصد دفعتني لكتابة هذا المقال، بعد أن أقسمت ألا أقرب المقالات، حتى أنتهي من رواية أنجزت منها نحو أربعين صفحة في ثمانية عشر شهرا. كما جعلتني أقل وفاء لحكمة يتوارثها المصريون بالفطرة، وهي «السلطان من لا يعرف السلطان ولا يعرفه السلطان».
المسألة أن سلمى (عشر سنوات) فاجأتني بأنها لا تحبك أيها الرئيس حسني مبارك. طبعا أخذت على خاطري، ولم أعلن هذا، ليس تضامنا معك، ولكن إشفاقا عليك، فأنت في النهاية رئيس. ودائما أتفادى الكلام أمام سلمى عن الذين لا أحبهم، لكني أستفيض في الكلام عن رموزنا التاريخيين: تعرف ابنتي ملك (أربع سنوات) كيف تميز صور توت عنخ آمون من صور سلفه اخناتون، وتسمي الأخير «عمو» وتحب تمثاله النصفي في البيت. وليلة نقل جدنا رمسيس الثاني من ميدانه، حملت ملك على كتفي، وفي يدي سلمى، حتى أصابني التعب في ميدان التحرير. وبكت ملك وأنا أطلب إليها أن تودع الملك، وتلوح له. رفضت التلويح بيدها، لكنها أشارت كمن يستغيث «لا يا بابا: رمسيس.. رمسيس».
لم أحدث سلمى عنك، ولا قلت لها رأيا، ولا قارنت بينك وبين الرؤساء السابقين، أقصد الراحلين، موقنا بأن أي رأي أسكبه في رأسها نوع من المصادرة على حقها في الاكتشاف، وأنها يوما ستكبر، وتختار وتحكم، لكنها فاجأتني باستعجال هذا اليوم الذي ظننته بعيدا.
لو كنت مكانك رئيسا لمصر لقرأت هذا المقال ووعيته جيدا، وبحثت عن سر غضب طفلة تحلم بأن ترى في حياتها رئيسا آخر، وتتنفس هواء جديدا.
بدأت الحكاية بزيارتها قلعة صلاح الدين، وطلبت كاميرا لا أملك سواها، ولا أعرف نوعها، لكنها تسد الرمق في الرحلات والمصايف، منذ اشتريتها قبل سنوات بسبعة وستين جنيها. قلت لنفسي إن من حق سلمى أن تجرب؛ فإما تعلمت كيف تضبط المسافات والزوايا وتتحكم في الثواني الفاصلة بين رؤية العين وضغطة الإصبع، وإما أن تكسر الكاميرا وأخلص منها.. من الكاميرا طبعا منعا لأي لبس. في القلعة صورت سلمى من تعتبرهم أشرارا أو أخيارا: ريا وسكينة، ومحمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات، ثم انصرفت. سألتها سيدة: لماذا لا تصورين الرئيس؟، فضحكت وهزت كتفيها وأجابت عن السؤال بسؤال من كلمة واحدة: «الرئيس؟!». فيما بعد، سألتها عن السبب، فقالت إن من صورتهم فعلوا شيئا واضحا، وسألتني: ماذا فعل الرئيس مبارك؟. قلت: شارك في الحرب قائدا لأحد الأسلحة. ردت ضاحكة، كأنها تلومني وتتهمني بعدم تصديق ما أحاول إقناعها به: «يا بابا؟!».
ولأنها كانت مشغولة بالاستعداد للسفر، بدوني لأول مرة، إلى الأقصر وأسوان، فقد آثرت أن أرتب لها كلاما معقولا، حين تعود. لكني متردد، ولا أخفيك طبعا أنها ستعود مشحونة بما قدمه الأجداد: تحتمس وحتشبسوت وسيتي والبناء الأعظم رمسيس. فماذا أقول لابنتي؟
فيما أعلم: لا صبر لك على القراءة، على الأقل بحكم السن؛ فبعد أيام يبدأ العام الثمانون من عمرك المديد، وربما تكون الثمانون سن الحكمة، والمصالحة مع النفس والشعب، والتفكير في أن يخصص لك التاريخ صفحة، لعلها غير موجودة الآن، رغم وجود صفحات أخرى بها كثير من الأعمال غير الصالحة. لا تتعجب، فأنت لم تمش يوما في شارع الجلاء، ولا ذهبت إلى قصر العيني أو معهد الأورام، ولا شاهدت مشهد يوم الحشر أمام مستشفى الجلاء للولادة، لتسمع من الناس، ملح الأرض، الذين لم ينصت إليهم صدام حسين، بل صدق أنه حصل فعلا على مئة في المئة في الاستفتاء الأخير قبيل سقوطه، ولم يفكر أن الله في علاه لم ينل هذه النسبة في أي وقت، ولا ينزل لعناته على ملحدين لا يؤمنون به. فماذا تقترح علي أن أقول لابنتي؟
هل أحكي لها عن الرؤساء العرب الأموات أحياء، ولن يدخلوا التاريخ باستثناء: الفريق عبد الرحمن سوار الذهب، والعقيد اعلي ولد محمد فال رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في موريتانيا. من الممكن أن أقول لها إن الملك فاروق الذي انتهى حكمه قبل 55 عاما، يكبرك بثماني سنوات فقط، وإن مصر كمؤسسة عمرها 5100 عام، تنهار منذ ربع قرن، ونحن في انتظار سماع ارتطام لا نملك منعه، وإن حيوية الدولة تكتسب من حيوية الرئيس والمؤسسات.. الشرعية بالطبع، وليس فريق الجوالة الذي استغل الفراغ السياسي من باب العشم، بمنح البلد مصروفا شخصيا يعبث به الابن، ويدير العجلة برعونة الجوعي. هل أقول لابنتي إن مصر تعيش حالة مزمنة تيبست فيها المفاصل، وتصلبت الشرايين، وإن أكثر من سبعين مليونا لا يعرفون مصير البلاد غدا، إذا حدث لك مكروه، ولعلك تتفق معي قليلا في أنك، في نهاية الأمر، بشر غير محصن ضد الشرور الممتدة من الموت الطبيعي إلى أعراض الشيخوخة.. في حالة السلامة.
سأقول لها إن المصريين الذين شهدوا فجر الضمير، على رأي هنري بريستد، وكانت بلادهم أصل الشجرة في التاريخ، كما قال الباحث الكندي سيمون نايوفتس، هم شعب طيب، مستعد للتسامح والتجاوز عن خطيئة ربع قرن من الجمود والبلادة، لم تشهد فيها مصر إلا زيادة في البطالة والأمية والفساد الوقح والبلطجة المقننة.
سأكون سعيدا، لو عادت سلمى بعد يومين، ووجدت أنك تأسيت بسوار الذهب السوداني والعقيد اعلي الموريتاني، واتخذت أكثر القرارات حكمة، ونويت صادقا أن تدخل التاريخ من الباب الوحيد المتاح الآن، ليسجل اسمك في الصفحة الواحدة الجاهزة لمثل هذا الدخول، وهي إعلانك التخلي عن الحكم، ورعاية انتخابات حرة، لا تشارك فيها، أنت أو ابنك الأستاذ جمال، أو أحد أركان حكمك، وهم لحسن الحظ قليلو العدد والعدة.
أعلم أنك تعبت، فإذا حسبنا فترات حكمك بالقرون لا بالأعوام، فإن أكثر من ربع قرن من حكم هذا الشعب مرهق للأعصاب، وربما تكون قد اشتقت لحياة طبيعية، تشاهد فيها عروض أفلام منتصف الليل، لأن بعدها استرخاء بلا صداع.
أتعبناك يا سيدي فاسترح، واعمل فينا معروفا. رد إساءتنا بإحسان: ازرع في نفوسنا أملا أخيرا، ولو مرة واحدة في العمر ـ عمرك لا أعمارنا ـ بالتخلي عنا. إذا كنا بلاء فنحن نعفيك، وإذا كنا نعمة فيكفيك ربع قرن وسنة، وليس في العمر ـ عمرك لا أعمارنا ـ ربع قرن آخر.
بالمناسبة: ألحت سلمى ولاتزال في طلب شخصي، أن أشتري لها هاتفا محمولا، ولو أدخر ثمنه من مصروفها. هل كانت على حق، وتحمل في وعيها الصغير نبوءة باتخاذك مثل هذا القرار، وتريد أن أبشرها باتصال سريع؟
لا تخذل ابنتي، فبعد يومين ستعود. أريد أن أقول لها إنك اخترت لقب «الرئيس السابق»، وإنها أخطأت حين تجاهلت تصويرك في القلعة، وأساءت الظن بك. أريد أن أكافئها وأشتري لها موبايل، لأنها استعجلت حلما، فصار واقعا. الواقعية، كما تعلم، أسوأ ما في حكاية رئاسة الدولة، أدعو الله أن يمنحك بعض الخيال، ففي البدء كان الخيال.. وفي النهاية يكون!

عن جريدة " الدستور " . مصر . بتاريخ الاربعاء 28 مارس 2007

الاثنين، مارس 26، 2007

مختارات ايزيس : طار العصفور بقلم هاني درويش



مختارات ايزيس

طار العصفور.. وبقي للشجرة


الكثير من غربانها السود


من الأكاديمي الموظف إلى محترف الفلاشات
بقلم


هاني درويش


الشحوب التدريجي الذي ميز آخر معزوفات المجلس الأعلى للثقافة المصري ممثلاً في مؤتمر الشعر العربي الأخير كان الرقصة الأخيرة في المسار الطبيعي لأداء أمينه العام جابر عصفور. فضيحة مؤتمرية تحدث عنها القاصي والداني، أداء مجوف يناسب بجعة عرجاء أبت أن تنهي مسيرة ترنحها إلا بالمشهد المفارق، فلم يكن إرتجال وفضائحية أداء الديكتاتور أحمد عبد المعطي حجازي مستغرباً في ظل إرتخاء القبضة المتحكمة بأداء المجلس وهي تشيّع إلى مثواها الأخير، المؤتمر الفضيحة سربت في أروقته معالم إنتقال سلس لقيادة المؤسسة العريقة من "عصفور" إلى علي أبو شادي، فيحل الناقد السينمائي والرقيب السابق محل الأكاديمي المدهش وسائس العزبة الثقافية الذي أدخل المثقفين عنوة إلى حظيرة الدولة. إنتقال السلطة من جابر عصفور إلى علي أبو شادي في أمانة المجلس الأعلى للثقافة، هو إنتقال في المعنى والوظيفة، مشهد جديد تشيّع فيه الثقافة المصرية الرسمية مرحلة لتدشين أخرى، بينهما تقبع السلطة الثقافية ممثلة في وزير الثقافة كقائد أوركسترا ماهر يخرج من كورس جوقته من يصلح لتحويل الثقافة إلى مناسبة لإلتقاط الصور التذكارية. الثقافة الرسمية المصرية ها هي ترحّل مسؤوليتها إلى يد الموظف الكبير القانع تحت يد ضربات القدر الوظيفي كأحد أهم عرائس الماريونيت التي أنتجها مصصم الدمى الثقافية جابر عصفور. ففراغ المؤسسة بعد ناقدها الكبير ظل سؤالاً صعب الإجابة في ظل ندرة الشخصيات القادرة على إستكمال مشروع جابر عصفور التاريخي، كذلك أعتبره البعض سؤالا إجباريا بعد أن تعرض الوزير أخيراً لأزمة الحجاب، وهي الأزمة التي أعادت إلى السطح إنتهاء صلاحية مشروع جابر ذاته المراهن على دولة تحتاج ضميراً ثقافياً لمواجهة أزماتها. فكما هو معلوم شكل مشروع جابر عصفور منذ بداية التسعينيات محاولة لتجييش المثقفين حول النظام الساسي في مواجهته الفكرية مع قوى الإسلام السياسي، وهو الدور الذي لعبه مجلس عصفور تارة بإسم مشروع "التنوير" وتارة بإسم "المواجهة"، ليخرج مثقفي مصر كمشاة إحتياطيين في معركته الفكرية، يصاب فيها كثير ممن آمنوا بمدنية الدولة أمثال "نصر حامد أبو زيد" المقتول معنويا، وفرج فودة المذبوح واقعياً، وكثيرون اصابتهم شظايا المعركة فأعادوا دفن رؤوسهم في أروقة المجلس المكيفة تحت مسميات لجانه وبدلات إجتماعاته وتنافسات على التمثيل في السفر في مؤتمراته. جابر عصفور وحده بقي، ومن بعيد، منظّراً وحيداً لعصر مصالح المثقف مع الدولة مانحا باليمين ومانعاً باليسار، شخصية لا خلافية واقعياً. يحترمه الكثيرون لشبكة علاقاته الواسعة عربياً ودولياً ونظافة يده المالية وصدقيته الذاتية في طرح أيديولوجيا الدفاع عن مصر التي في خاطر كل مثقف وطناً لليبرالية والحرية. يحترمه طلابه ـ وهم شباب الحركة الثقافية المصرية الآن ـ كناقد كبير ويفصلونه عن صورة الإداري البارع مخافة أن يظلموه ناقداً وإدارياً. ورث ببراعة وإستحقاق الدور الوظيفي للمثقف وفقاً لآلية الإحتواء السياسي الستيني الشهيرة التي راهنت، منذ هندسة يوسف السباعي وثروت عكاشة، حدود إستقلال المثقف عن الدولة في معادلة المنح والمنع، وهو المهندس غير اللامع سياسياً الذي لم يستثمر إنضواءه تحت راية وزير الثقافة في ترجمة طموحه خارج حدود دوره كموظف كبير. لا ترضى عنه الجهات النافذة سياسيا لما يمثله من تعالي المثقف، ولا تعرفه الجماهير خارج قلعته الكائنة في ساحة الأوبرا وجل حلمه أن يرث بعضاً من علاقة وزيره بسيدة مصر الأولى فتوليه مشروعاً دولياً للترجمة يصلح ككارفان لأيام الشيخوخة. لم يتجاوز العصفور حدود شجرته الوافرة، والتي هي تحته قد تعرضت للجدب، فبقيت الثقافة الرسمية خارج قلعته الوظيفية حكراً في مناصبها العليا على الجنرالات من أمثال ناصر الأنصاري وأحمد نوار، وغلب أداء الثيوقراط الثقافي على طموح الأكاديمي في توسيع هامش المتنورين داخل مؤسسات الدولة، حتى حين طرح وريثه الشرعي وتلميذه عماد أبو غازي لولاية منصبه في المجلس الأعلى للثقافة، إرتأى الوزير في التلميذ مجرد رجل ثان في عباءة شيخ جليل. فعماد أبو غازي أصغر مقاما وأقل بريقاً مما يجب لشغل هذا المنصب، خاصة وأنه إرتضي منذ سنوات العيش في جلباب جابر عصفور ودوره، هذا فيما كان الجلباب ذاته يضيق على صاحبه. لم يتبقَ للعصفور من خيارات إلا علي أبو شادي المتمرغ في تراب ميري الوزارة منذ سنوات طويلة، والمتنقل رغم الأزمات العنيفة ـ كان مسؤولاً عن هيئة قصور الثقافة في عصر الروايات الثلاث ورواية حيدر حيدر الشهيرة ـ من منصب إلى آخر دون أن يترك أثراً واضحاً على أي منها.علي أبو شادي ينتمي إلى ذلك الفصيل من المثقفين مزدوجي الهوية، رقيباً على السينما يراعي "المجتمع" في ما يقصه من المشاهد، مدافعاً عن بعض الأعمال بلا مبرر ومنزوياً في الظلام لرقابة أعمال أخرى. يعشق فلاشات الكاميرا وتحوطه نجمات الربيع المنقضي للسينما المصرية. لم يعرف عنه، فيما عدا كتابين قديمين عن السينما والسياسة والرقابة، أي إبداع أكاديمي حديث أو مواقف صدامية مع سلطة السياسة أوسلطات المجتمع، ولاء براجماتي لوزير الثقافة وكثير من الشغف التلفزيوني. إنه ببساطة الصورة التجارية من كوادر مثقفي مشروع جابر الكبير، فلا الشجرة أثمرت جيلاً ثانياً يصلح للوراثة الصعبة، ولا المعادلة العصفورية ـ نسبة لجابر عصفور ـ بقت على حالها. فآخر ما يفكر فيه النظام ـ في حمى معاركه الواقعة الآن ـ أن يستعين بمثقفين في معركة على شارع يفيض بالحس الإسلامي. المثقفون ما زالوا حبيسي "فاترينة عرض" الشو الدولي والإقليمي. بعضهم يصلح للإستعراض المحلي، بعضهم مناسب للوجاهة الإقليمية، والبعض مبيض للسمعة الدولية، لكنهم خارج حدود تلك الفاترينة لا دور لهم في مجتمع يرى الكلمة عيباً جارحاً، أو عرضاً لمرض غريب، أو معنى للإنحلال وتراجع القيم، إنها الثقافة كما إنتهي إليها مشروع جابر والوزير... شجرة جرداء تنعق فوق فروعها غربان سود كثيرة

عن جريدة " المستقبل " اللبنانية- نوافذ- بتاريخ 4 مارس 2007
.

الأحد، مارس 18، 2007

رسالة الي من يهمه الامر بقلم الكاتب والناشر د. طلعت شاهين



الرقابة على المطبوعات في مصر

عادت بقرار من هيئة البريد





الأخوة الأعزاء من المثقفين العرب في كل مكان



تحية طيبة



ذهبت اليوم 18 مارس 2007 إلى مكتب بريد الحي المتميز لإرسال كتاب طلبه مني صديقي المستعرب الإسباني "رفائيل اورتيجا" وهناك فوجئت بأن "الحكومة أعادت الرقابة على المطبوعات" سرا ودون أن تعلن أو تنشر الخبر في أي مكان، فقد طلب موظف البريد موافقة مسبقة بناء على تعليمات صادرة من هيئة البريد طبقا لمنشور ، حيث تحدد فيه هيئة البريد أنه لإرسال "الكتب الثقافية والقصص" لا بد من الحصول على موافقة مسبقة من جهة اسمها "الرقابة على المطبوعات" وتحدد مكانها "بجوار البريد السريع- العتبة".
وبهذه الطريقة أصبح ممنوعا منعا باتا علينا تبادل الكتب مع العالم، فيما يسمونه عصر الحريات والديمقراطية، وعدنا من جديد إلى أزمنة الرقابة التي عزلتنا وناضلنا من إزالتها.
ترى من صاحب قرار عودة الرقابة على "الكتب الثقافية والقصص" ولماذا لم يتم الإعلان عن تلك الهيئة التي تسمى "الرقابة على المطبوعات"، وترى ما الجهة التي تتبعها هذه الهيئة، هل هي وزارة الثقافة أم وزارة الداخلية أم أنها هيئة تتبع جهات مجهولة ليس من حقنا ككتاب ومثقفين أن نعرف عنها شيئا؟
وبالطبع هناك الكثير من الأسئلة المطروحة والتي تحتاج إلى إجابة بشكل عاجل.
مع تحيات
طلعت شاهين

الجمعة، مارس 16، 2007

نظرة خاصة : فيلم " البحر داخلنا " بقلم أمل الجمل

أمل الجمل

لقطة من فيلم البحر داخلنا



نظرة خاصة
البحر داخلنا


القدرة على الحب أحياناً هى قدرة على القتل


بقلم



أمـل الجمل



تعودت عند مشاهدة الأفلام أن أمسك بنوتة صغيرة وقلماً من الرصاص, لأُسجل ملاحظاتي حول مختلف عناصر الفيلم. لكن ذلك كان يُفقدني قدراً كبيراً من تذوقي للعمل الفني, وإحساسي به كجسم حي متكامل, فصرت أراه كأجزاء لا علاقة لها بالكل.. لذلك حينما ذهبت إلى جمعية نقاد السينما لمشاهدة فيلم "البحر داخلنا " أو "ذا سي إنسايد " ـ قررت أن أتبع أسلوباً مختلفاً.. أن أترك نفسي للعمل الفني يأخذني حيث يشاء.. قررت أن أنسى مهمة النقد والكتابة, أن أستمتع بالعمل فنياً وفكرياً.. طمأنت نفسي أنه إذا ما نال الفيلم إعجابي يمكنني مشاهدته مرة ثانية, وربما ثالثة من أجل الكتابة عنه.. بالفعل نسيت وجودي في صالة العرض, وتلاشيت في الفيلم.. عندما انتهيت من مشاهدته أحسست بالنشوة والمتعة تُسيطر علىّ, فرفضت الحديث أو سماع أي شيء عنه في تلك الليلة. انتابتني رغبة ملحة في الجلوس مع نفسي لاستعادة مشاهد الفيلم, والاستغراق فيما طرحه من تساؤلات وأفكار

يحكي الفيلم عن رجل يرفض تذكر الماضي, إنه ينظر للمستقبل, لكن المستقبل بالنسبة إليه لا يعني له سوى الموت.. عن الأسباني "رامون سامبدور", ميكانيكي سابق على سفينة, أُصيب بشلل رباعي وظل في السرير ما يقرب من ثلاثين عاماً. عاش في مزرعة بجوار البحر, فقام برعايته أفراد عائلته أي زوجة أخيه "مانويللا", أخيه الأكبر, والده , وابن أخيه المراهق "جافي".. على مدار السنوات ظل "رامون " يُكافح ليحصل على حق إنهاء حياته.. يرفض أن يعيش بحالته هذه لأنها حياة خالية من الكرامة, كما يرفض اللجوء إلى الكرسي المتحرك, لأن الموافقة على هذا تُساوي من وجهة نظره القبول بفُتات الحرية


تحكي الأحداث حياة رجل تعلم التعبير عن دموعه بابتسامة, أصبح ساخراً خفيف الظل. رجل أنكر على نفسه الحب لأنه فقد القدرة على ممارسته. كانت المسافة بينه وبين حبيبته لا تتعدى 3 أقدام, لكنه أصبح عاجزاً عن إجتيازها, عاجزاً عن لمسها, فتحولت تلك المسافة القصيرة إلى رحلة مستحيلة, إلى حلم, إلى مجرد وهم
كتب السيناريو "أليخاندرو أمينابار" بالاشتراك مع "ماتيو جيل". تعرضا فيه إلى الدوافع التي تقودنا في حياتنا. جسدا فيه الحب الذي يصاحبه رغبة التملك, والحب الخالي منها. أخذانا في رحلة إستكشاف لأنواع الحب, وممارساته, والطرق المختلفة التي نتصور بها الحب.. حكيّا عن علاقة "رامون" باثنين من النساء. المرأة الأولى هى "جوليا " المحامية التي تولت الدفاع عن قضيته بلا مقابل مادي. جاءت إليه بدافع آخر, فهى مثله في طريقها إلى فقد قدرتها على الحركة بسبب مرض "كاداسيل" الإنحلالي.. بدأت " جوليا" بالإتكاء على العكاز, ثم لجأت إلى الكرسي المتحرك, ثم فقدت ذاكرتها. تشعر بعدم جدوى الاستمرار في السير وراء طموحاتها وأحلامها, فقررت الإنضمام إلى "منظمة الموت بكرامة", فهى تُجسد الحرية.. حرية الحياة, وحرية الموت.. تبنت "جوليا" قضية "رامون " لأنها قضيتها. تقضي اليوم كله مع "رامون" لمساعدته في دعوته القضائية الشرعية, تستمع إلى قصة حياته, إلى تفاصيل إصابته, وعندما تقرأ أشعاره تًقرر إصدارها في كتاب.. "جوليا " متزوجة, و"رامون" عاجز عن الحركة أو ترك سريره, لكن قوة غامضة تجذب كل منهما إلى الآخر.. فقد فهمها " رامون" أكثر من أي رجل آخر.. أصبح هو حبها الأكبر, وأصبحت هي كذلك بالنسبة إليه, فوعدته أن تساعده على التخلص من حياته بعد صدور الكتاب تلبية لرغبته الملحة. لكنها في آخر لحظة تتراجع.

المرأة الثانية هى "روزا ", زوجة وحيدة, محبطة, لديها طفلان, وتجارب مؤلمة مع الرجال. تعمل من قبيل الهواية مذيعة ومهندسة صوت في الراديو. وظييفتها الأساسية عاملة في مصنع. لكنها تفشل في الاحتفاظ بها.. تُشارك في إضربات عمالية.. رأت "رامون" في برنامج تليفزيوني, عيناه جميلتان مليئتان بالحياة فلماذا يرغب صاحبهما في الموت؟!.. تعتقد "روزا" أنها إذا ساعدته ربما تساعد نفسها. تدخل إليه بشكل مفاجيء, ودون سابق إنذار .. يدور بينهما حوار مقتضب تقول فيه أن الجميع يُعانون من مشاكل فلما الهرب منها ؟. تحاول إقناعه أن الحياة تستحق أن يعيشها.. تستحق العناء من أجلها.. يشعر "رامون" ببراءة "روزا", وطيبتها.. لكن قبل أن يمنحها صداقته يطلب منها أن تبدأ باحترام رغباته, فلا يمكنها أن تطلب منه البقاء حياً من أجلها.. تقول له أنها تُحبه, أنه يمنحها القوة لتعيش.. فينفى أن يكون ذلك حباً, إنه أنانية تُثقل كاهله, فهى تُريد أن تحتجزه رغماً عنه. طالما أنها تُحب ولديها فلتستمد القوة منهما.. من يُحبه حقاً هو من سيساعده على الموت.

بسبب مشاعرهما القوية لـ "رامون" "جوليا" و"روزا" لا تتقبلان فكرة الحياة بدونه.. لكن عليهما أن يُثبتا أي منهما ستكون قادرة على الحب دون أنانية.. تُثبت "روزا " أنها الأصدق والأقوى, لذلك تستطيع أن تُساعده على أن يموت, فذكرني هذا بالفيلم الفرنسي " قلب في الشتاء" للمخرج " كلود سوتيه", حيث يقتل البطل الصديق الذي أحبه بعد أن انتشر السرطان وآلامه المرّوعة في جسده المريض. قام بحقنه ليخلصه من الجحيم الذي عاش فيه.. قتل أقرب الناس إلينا قتلاً رحيماً يحتاج إلى قدرات خاصة, قدرة على الحب, قدرة على التخلي عن الأنانية, على العطاء, ومنح السلام للجسد المنهك.

فيلم " البحر داخلنا " هو قصة عميقة عن معنى الحب. عن الحب بين "رامون" وزوجة أخيه, الذي يكشف عن أمومة عميقة غير مفهومة.. عن علاقته بابن أخيه "جافي", الذي اعتبره مثل ابنه.. عن علاقته بأبيه, الأب الكبير في السن الذي لا يحتاج إليه أحد, لكنه يعيش مآساة ابنه. وقصة الحب التي تعيشها النشطة في "منظمة الموت بكرامة" مع زوجها, وقصة الحب بين "جوليا" مع زوجها المتفاني في خدمتها.. في الفيلم تظهر أيضاً معاناة "روزا" مع رجال آخرين يضربونها لتجد الحب عند رجل عاجز لكن شخصيته وإنسانيته وذكاؤه يجذبها. وفقدان الفهم والتواصل بين "رامون" وأخيه الأكبر الأناني الذي يرفض فكرة القتل الرحيم لأنه يخشى من الكنيسة وموقفها منه.
تناقض المؤسسة الدينية :
الدولة تدعي أنها مدنية علمانية لكنها ترفض مساعدة أي شخص على الانتحار, فمن يحاول الانتحار ويفشل يتم محاكمته. رغم أن نسبة كبيرة من الأسبان يُؤيدون القتل الرحيم لكن القسيس يرى أن الرب أعطانا الحياة لكن الحياة ليست ملكاً لنا, أن المسائل الأخلاقية لا علاقة لها بالإحصاءات, فمعظم الألمان كانوا يُؤيدون هتلر.. ترفض المؤسسة الدينية التي ينتمي إليها القسيس القتل الرحيم, لكنها ما زالت تُؤيد عقوبة الإعدام, وكانت في الماضي تحرق الناس على العمود إذا لم يوافقوها الرأي.. يُصر بطل الفيلم على حقه في تحديد مسار حياته, في اختيار معتقداته الخاصة, إنه يتساءل : لماذا يتمسك المعبد بمخاوفه من الموت؟.. هل لأنه سيخسر زبائنه إذا لم يخف الناس من الموت؟!.
ترى أتكون الحرية التي تُكلف الحياة ليست حرية ؟.. أم أن الحياة التي تُكلف الحرية ليست حياة ؟.
الشخصيات الحقيقية :
اعتمد فيلم " البحر داخلنا " على قصة حقيقية. لكنها اختصرت في فيلم مدته ساعتين, فتم حذف بعض الأشخاص الحقيقيين, واُختصرت شخصيات آخرى أو تم دمجها.. شخصية "جوليا" كانت تمثل مجموعة من النساء عشقن رامون بعد إصابته.. كما كان هناك كثير من بنات الأخ تم دمجهم داخل شخصية "جافي" ابن أخ "رامون ".
تفاصيل الفيلم ليست مرتبة زمنياً. تم اللجوء إلى الفلاش باك "العودة للماضي", فأصبح السيناريو متعدد الذروات الدرامية, سواء في علاقة "رامون" بالنساء, أو في صراعه من أجل تحديد المصير.. اهتم السيناريو بمعركته مع القضاء لأهميتها في حياة آخرين, فذات يوم, ربما بعد سنوات, سيفهم الناس أن الموقف من قضية القتل الرحيم يجب أن يتغير. لذلك اهتم بها السيناريو ليمنح فرصة التفكير حول ماهية الحياة وماهية الموت ؟ يقول البطل: " كان الموت معنا دائماً, فهو يلحق بالجميع. إنه جزء منا, ومن عالمنا, فلم يُصدمون عندما أختار الموت وكأنه مرض مُعدي ؟!.. أنا أطلبه علناً, لكن الناس يُمارسونه بشكل خاص منذ سنوات."


بدأ تصوير الفيلم في 2003 في "جاليشيا" واستمر ثلاثة أشهر.. عند وصول بعض الممثلين إلى مكان التصوير تمكنوا من لقاء الأشخاص الحقيقيين في حادثة " رامون ".. تم التصوير على شاطيء "فورناس".. حاول المخرج مساعدة الممثلين وتجسيد مشاعرهم بتصوير الفيلم حسب ترتيبه الزمني.. لجأ " أمينابار" إلى توظيف تكنيك الارتجال في إخراجه مع الممثلين, فيقول "أليخاندرو": " كنا نرتجل باستمرار.. كنت أريد أن أفتح أمامهم كافة الفرص الممكنة لتأويل وترجمة الشخصيات, وليس كما تصورتها في عقلي لأرى ما سوف يقدمونه.. وما ظهر في النسخة النهائية للفيلم كان مرتجلا خصوصاً مع شخصية "جوليا "، وعلى الأخص في اللحظات المشحونة درامياً.. مع ذلك فيما بعد أدركنا أننا لم نبتعد عن ما كُتب في الأصل."

أداء الممثلين المحيطين بالبطل كان من أهم عوامل نجاح الفيلم, فقد اتسم الأداء بالطبيعية والبساطة والصدق الشديد خصوصاً "بلين رويدا" في دور " جوليا ", و "لولا كويناس" في دور " روزا ", و"مابل ريبيرا" في دور "مانويللا" زوجة الأخ .. كذلك "كلارا سيجورا" في دورالنشطة في "منظمة الموت بكرامة", و "جون دالمو" في دور الأب, و الشاب في دور " جافي " ابن الأخ.. دور "رامون " الذي جسده "خافير بارديم" ورُشح عنه لجائزة الأوسكار, كان الأصعب فلم يُسمح له باستخدام لغة الجسد أو التعبير بيديه, وفي 90% من مشاهد الفيلم اعتمد في أدائه على لغة الوجه فقط.

الموسيقى :
المخرج كما هو الحال في أفلامه السابقة قام بتأليف موسيقى الفيلم.. يقول " أمينابار " : "حاولت أن أكون منهجي فبدأت بثلاث تيمات أساسية في الموسيقى هىّ التقديم لـ "رامون" , و"جوليا ", و"روزا". كانت التيمة المصاحبة لـ "روزا" أقل ارتباطاً بالموسيقى الأوروبية القديمة.. كانت تيمة "جوليا" سيمفونية متناغمة, أما تيمة "رامون" فكانت مزيجاً من الإثنين مع تكوين ملحمي قوي. لكن لما أُصيب كانت الموسيقى ذات نغمة مضطربة غير واضحة. ثم تحولت في اللقطة الأخيرة إلى احتفال حقيقي بالحياة.. كان "رامون" يُحب الموسيقى الكلاسيكية خصوصاً الأوبرا وهو ما انعكس في الفيلم."
اسم الفيلم " البحر داخلنا " مأخوذ من أحد قصائد " رامون", فالبحر لم يكن يوماً بعيداً عن ذهنه, البحر منحه الحياة, كما أنه سلب منه الحياة.. البحر يعني بالنسبة إليه الحرية, والمكان المليء بالغموض, لم يستطع أحد فهمه.. إنه مثل الموت نتحدث عنه لكن لا نعرف ماذا بعده.. لا نعرف ما يُوجد أسفله.. كلمات " البحر داخلنا " ربما تعني أن حياتنا عبارة عن بحر آخر مليء بالأمواج والغموض الساحر.

حصد الفيلم جميع جوائز مسابقة الفيلم الأسباني القومية عام 2004, وفاز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي.. كما حصل على عشرات الجوائز الدولية من بينها ثلاثة جوائز في مهرجان الإسكدنرية وهى: أحسن فيلم , أحسن سيناريو , وأحسن تمثيل لبطله "خافير بارديم ".

مخرج الفيلم "أليخاندرو أمينابار" الذي شارك في كتابة السيناريو, وفي إنتاج الفيلم, وُلد لأم أسبانية وأب تشيلي.. عادت أسرته إلى أسبانيا وعمره عام واحد, فنشأ وتعلم في "مدريد".. كتب وأنتج وأخرج فيلمه الأول القصير " لا كابيزا " وعمره 19 عاماً.. عندما بلغ الثالثة والعشرين أخرج فيلمه الروائي الطويل "أول ظهور مسرحي لـ تيسس ". ثم حقق فيلم " افتح عينيك " " 1997, وهو فانتازيا درامية, لاقت نجاحاً كبيراً في أسبانيا وفي أنحاء العالم, وأعيد إنتاجه مرة آخرى في هوليوود بعنوان " فانيللا سكاي "2001. قام ببطولته "توم كروز" و"بنلوب كروز", وأخرجه "كاميرون كاو".. وفي عام 2001 قدم " أليخاندرو" فيلمه الشهير " الآخرون" ـ The Others ـ بطولة نيكول كيدمان, وهو أول أفلامه الناطقة بالإنجليزية.

في كل أفلامه السابقة يستعرض المخرج سحر وغموض الحياة والموت.. موضوعات أفلامه تكشف عن رغبته في تحري المجهول, والمناطق النفسية الغامضة للإنسان.. موضوعات ربما لا تبدو معتادة لرجل في سن الثانية والثلاثين.. لكنه يقول : " أنا مهتم بالناس, مهتم بما يُعطي للوجود معنى, كما أنني مهتم بما يُجرد الحياة من معناها. "

أمل الجمل

الخميس، مارس 15، 2007

همس النخيل بين همس التسجيلية والضجيج الروائي بقلم محمود الغيطاني

المخرجة شيرين غيث











همس النخيل..بين همس التسجيلية و الضجيج الروائي



بقلم : محمود الغيطاني

ربما كان التساؤل الرئيس الذي شغلني طوال مدة مشاهدتي للفيلم التسجيلي "همس النخيل" للمخرجة "شيرين غيث" هو، هل ما يتم عرضه أمامي الآن على شاشة العرض هو فيلما تسجيليا بالفعل- يحاول التوثيق أو التسجيل لشئ ما- أم أنه مجرد هجين بين الفيلم التسجيلي و الفيلم الروائي القصير؟ و لذلك طرحت على ذاتي تساؤلا أكثر أهمية و تحديدا و هو، هل زالت الفوارق بين الفيلم التسجيلي كجنس فني و بين الفيلم الروائي- طويلا كان أم قصيرا- بحيث أصبحنا نرى سمات الفيلمين مجتمعين في فيلم واحد؟ و كيف لنا استطاعة تحديد ذلك في الأساس؟
يقول الاتحاد الدولي للسينما التسجيلية في تعريفه الشامل للفيلم التسجيلي الذي أصدره عام1948 (أن الفيلم التسجيلي هو كافة أساليب التسجيل على فيلم لأي مظهر للحقيقة يتم عرضه إما بوسائل التصوير المباشر أو بإعادة بنائه بصدق و عند الضرورة، و ذلك لحفز المشاهد إلى عمل شئ أو لتوسيع مدارك المعرفة و الفهم الإنسانية أو لوضع حلول واقعية لمختلف المشاكل في عالم الاقتصاد أو الثقافة أو العلاقات الإنسانية).
إذن فالفيلم التسجيلي من خلال هذا التعريف هو فيلما تثقيفيا في المقام الأول، يحاول التوثيق لشئ ما، أو لحدث ما دون اللجوء إلى الأستوديو و بناء الديكورات أو حتى الاستعانة بالممثل السينمائي؛ و ذلك من أجل فهم ظاهرة أو مهنة أو تخليد/توثيق حركة سياسية، أو غير ذلك الكثير من موضوعات السينما التسجيلية.
إلا أننا نلاحظ كون التعريف الذي جاء في كتاب "معجم الفن السينمائي"
[1] للفيلم التسجيلي قد كان أكثر دقة و تحديدا حينما قال ( نوع من الأفلام غير الروائية لا يعتمد على القصة و الخيال، بل يتخذ مادته من واقع الحياة سواء كان ذلك بنقل الأحداث مباشرة كما جرت في الواقع، أم عن طريق إعادة تكوين و تعديل هذا الواقع بشكل قريب من الحقيقة الواقعية) و بذلك نفهم أكثر أن الفيلم التسجيلي هو توثيق لشئ قد يسترعي انتباه قطاع كبير من الناس إما بهدف التثقيف أو التأريخ، كما لا يمكن الاعتماد على الخيال أو القص في مثل هذه الأفلام، أو حتى الحكاية بالمعنى الدرامي.
و لعلنا لا ننسى أن أول من استخدم اصطلاح السينما التسجيلية كانوا الفرنسيين الذين أطلقوه على الأفلام السياحية، و من ثم يتضح لنا أكثر و نتأكد أن الفيلم التسجيلي يبتعد كثيرا عن الحكاية لاهتمامه أكثر بالتوثيق و التثقيف، و لأنه سواء كان إخباريا هدفه الإعلام عن شئ، أو توجيهيا هدفه الإقناع بعمل شئ، فهو يتشابه في الغاية مع المحاضرة العلمية أو المقال أو النشرة أو الكتاب العلمي.
و لذلك حاولت الانتباه جيدا و التركيز أكثر مع ما أراه يعرض أمامي من فيلم "همس النخيل" الذي جعلني أحاول استعادة ما أعرفه عن السينما التسجيلية؛ نتيجة إحساسي منذ بداية الفيلم بأني أمام فيلم روائي قصير.
نرى في مشاهد ما قبل التيترات avant titre سيدة تحاول إيقاظ أولادها باكرا للذهاب إلى العمل بينما تقول لنفسها ( دا إحنا لو ريحنا يوم ما نلاقيش نأكل العيال) في إيحاء قوي للمشاهد بأن تلك المرأة تعاني اقتصاديا معاناة طاحنة تجعلها تعمل هي و أولادها ليل نهار؛ و لذلك يتأكد لنا هذا الإيحاء بعد نزول تيترات الفيلم و بداية تعرفنا على تلك السيدة التي تدعى "نعمات عربي النجار" المتزوجة من ثلاثين عاما و التي تعمل قفاصة- صناعة الأقفاص- منذ زواجها، كما نعرف أن لها من الأولاد و البنات ستة أفراد، جميعهم تقريبا باستثناء اثنين- إيمان، محمد- يعملون في مهنة التقفيص، التي هي مهنة شديدة الصعوبة و يكابد أصحابها الكثير من العناء؛ فنراهم يعملون جميعا من السادسة صباحا حتى الثامنة مساء جلوسا أمام جريد النخيل لمحاولة تقطيعه و تهذيبه و تقفيصه، و بالرغم من كل هذا العناء يأخذون مقابل القفص الواحد57 قرشا، و بالتالي فهم في أمسّ الحاجة إلى الكثير من الإنتاج، و من ثم الكثير من الوقت في العمل للمزيد من المال- الشحيح- بالإضافة إلى كونها- نعمات- في حاجة ماسة إلى سبعة جنيهات و نصف يوميا على الأقل لولدها و ابنتها المعاقين- مصابان بالصمم- اللذين يتعلمان في مدرسة بعيدة عن القرية التي يقطنان بها، لأنها ترى ضرورة تعليمهما بما أنهما مريضان كي يستطيعا الحياة فيما بعد بكرامة و شرف بعيدا عن مهنة القفاصة الصعبة التي تقول عنها بألم حقيقي ( عذابي الحقيقي إني كنت بشوف زرع بطني بيدبل من حواليا) في إسقاط على أولادها الذين يعملون جميعا في تلك المهنة الشاقة منذ استيقاظهم حتى نومهم ليعود اليوم الجديد بنفس المواصفات و ذات الأفعال و كأن اليوم لم يتغير، و هكذا إلى ما لا نهاية، حتى لكأن الأمر أشبه بإحدى الملاحم الإغريقية التي كتب فيها على الإنسان استعادة المتاهة أو العذاب إلى الأبد.
و لعل أهم ما في الفيلم أنه يوضح لنا- بالإضافة إلى ما يعانيه أصحاب هذه المهنة الشاقة من عناء شديد- النظرة الاجتماعية إلى هذه المهنة و من يعمل بها، سواء كانت هذه النظرة من الخارج- أي ممن لا يعملون بها- أو من الداخل- أصحاب المهنة أنفسهم- فنرى الجميع ينظرون إلى تلك المهنة برفض شديد؛ فعلى مستوى العاملين فيها يرفضونها لأنهم يعملون فيها ليل نهار منذ استيقاظهم حتى نومهم يوميا، و بالرغم من هذا العذاب اليومي فدخلها غير مجدي على الإطلاق؛ و لذلك فالجميع لا يرغبون في عمل أولادهم بها، بل نرى أن أبناء المهنة حينما يتقدمون للزواج من أية فتاة حتى و لو كان أهلها يعملون بذات المهنة يتم مقابلة طلبهم إما بالرفض لأنهم يعملون بالتقفيص، أو يشترط أهل العروس عدم عمل ابنتهم في المهنة مع زوجها، أما على المستوى الاجتماعي العام فالجميع ينظرون إليها باعتبارها مهنة وضيعة لا قيمة لها؛ و بالتالي استطاع الفيلم بنجاح إعطاءنا الكثير من المعلومات/التوثيق لمثل هذه المهنة التي تكاد تكون قد انقرضت، و التي نجهل عنها الكثير سواء من ناحية طبيعتها أو دخلها، أو ظروف العاملين بها، أو حتى النظرة الاجتماعية للمهنة؛ و من ثم نستطيع القول أن الفيلم بمثل هذا الشكل قد قدم فيلما تسجيليا نموذجيا تبعا للتعريفات التي سبق طرحها، فمن أين نبعت الروائية إذن؟
علّنا نلمح السمة الروائية داخل فيلم "همس النخيل" من خلال الاهتمام بالقصة الفرعية للابن المعاق- الأصم- الذي كاد أن يصبح هو المحور الرئيس الذي يدور حوله الفيلم، حتى لكأن قصة إعاقته و اهتمام و من ثم حسرة أمه عليه و ألمها الشديد تجاهه قد استغرقت المخرجة "شيرين غيث" فصارت هي الأساس بينما تحول الأساسي- مهنة التقفيص- إلى هامشي، و بذلك صار الفيلم من مجرد فيلم يهتم بمشاكل هذه المهنة و ما يدور فيها إلى فيلم يهتم بمعاناة أم مع ولدها المعاق، حتى أننا نتأثر كثيرا بما تعانيه الأم من أجل ولدها- الأصم- حينما نستمع إلى تهدج صوتها و هي تتحدث عن أهل الحارة الذين يشيرون إليها حينما يرونها في الشارع ليقولون هذه أم المعاق، و أن ولدها لا يسمع و لا يتكلم، و نكاد نتوحد مع الأم حينما تقترب الكاميرا من وجهها لتصور ببراعة مشاعرها الصادقة التي رأيناها شديدة التعبير حينما تنظر إلى أولادها- متابعة إياهم في عملهم بمهنة التقفيص- بإحساس أمومي لا شك فيه لتقول أنها تعرف كون أولادها لا يطيقون العمل بمثل هذه المهنة، كذلك نراها حينما تتأمل ولدها المعاق العائد من مدرسته ليساعد إخوته في التقفيص لتتساءل لماذا يحب- محمد- مهنة التقفيص على الرغم من محاولاتها المستمرة لإبعاده عن هذه المهنة و محاولة تعليمه في المدرسة؟ هل يشعر أنه يشارك أخوته؟ أم لأنه يراها مهنة جيدة؟ أم، أم؟ و من ثم نرى عينيّ الأم القلقتين المركزتين على الابن- محور اهتمامها- محاولة سبر أغواره و قد ارتسمت على وجهها ابتسامة حائرة في مصير هذا الصغير و كيف ستؤول أحواله.
نقول أن الاهتمام الزائد من قبل المخرجة "شيرين غيث" بالقصة الفرعية- قلق و اهتمام الأم بابنها المعاق- جعل بعض المشاهدين يعلقون قائلين أن الفيلم يكاد يكون متمثلا في حكاية الطفل المعاق، و أنه كان لا بد للمخرجة الاهتمام أكثر به نظرا لأهميته داخل السياق الفيلمي.
بالطبع مثل هذا الحديث يسلب الفيلم تماما من شرعيته، و يخرجه من إطار السينما التسجيلية، أو على الأقل يخرجه من إطار موضوعه الأساس و هو مهنة التقفيص إلى موضوع آخر تماما يقرب إلى السينما الروائية القصيرة؛ و لعل السبب في ذلك قدرة "شيرين غيث" كمخرجة على تقديم مأساة الأم مع ابنها في شكل تعبيري و رهافة و إحساس عاليين جعلنا نتأثر كثيرا بمعاناة الأم لدرجة أن تطفر دموعنا معها حينما تتأسى على ولدها حينا، و حينما تخاطب الله حينا آخر عندما تقول ( أبص لربنا و أقول له ليه يارب تعمل فيا كدا؟)، إلا أن مثل هذه الشاعرية العالية التي قدمت بها "شيرين غيث" فيلمها على الرغم من أهميتها و نجاحها فيها لم تكن للأسف في صالح الفيلم؛ نظرا لتحول اهتمام المشاهد من الموضوع الرئيس إلى الموضوع الفرعي.
و لكن على الرغم من هذه الأمور البسيطة لا نمتلك سوى تحية "شيرين غيث" على هذا الفيلم البديع حتى و لو خلط بين الروائي و التسجيلي، و الذي جعلني منتبها له متيقظا حتى انتهاء آخر مشهد فيه و نزول تيترات النهاية دون الشعور بمرور الوقت، نتيجة المونتاج الحيوي للمونتير "سامر ماضي" الذي أشعرنا بالفيلم و كأنه ومضة شاعرية سريعة تمرق في الزمن، كما لا أستطيع إغفال البطل الحقيقي في هذا الفيلم، و الذي لولاه لفقد الفيلم الكثير من جوانبه الأساسية و روحه الحقيقية، و هو الموسيقى التصويرية البديعة للموسيقي "عمرو أبو ذكري" التي جعلتنا نتوحد إلى حد كبير مع الفيلم و نعيشه بصدق، حينما حرص دائما على وجود صوت (التأتيب)- الدق الدائم على الأقفاص لتخريمها- في الخلفية السمعية، فنسمعها تخفت أثناء حديث "نعمات" بينما تعلو لتملأ المشهد السمعي لتصل أحيانا إلى حد الضجيج المقصود في لحظات جولان الكاميرا و صمت السيدة، حتى أننا خرجنا من الفيلم و صوت الدق مازال يملأ سمعنا لم ينته بعد، و لعل هذا كان من أهم مميزات الفيلم لاسيما أن الموسيقى التصويرية تلعب دورا حيويا و هاما في السينما التسجيلية؛ فكان اختيار "شيرين غيث" للفنان "عمرو أبو ذكري" فيه الكثير من الذكاء و التوفيق.



محمود الغيطاني





ا
نظر كتاب "معجم الفن السينمائي" تأليف أحمد كامل مرسي ، د/مجدي وهبة / الهيئة المصرية العامة للكتاب.

الثلاثاء، مارس 13، 2007

مهرجان سينما الواقع التاسع والعشرون في باريس








مهرجان سينما الواقع 29
باريس.سينما ايزيس

مهرجان سينما الواقع التاسع الذي يعقد دورته في الفترة من 9 إلي 18 مارس في العاصمة الفرنسية، هو الحدث السينمائي الأول الآن في باريس وفرنسا علي مستوي الفيلم التسجيلي ( طويل وقصير ومتوسط الطول ) فالمهرجان من تنظيم المكتبة العامة في مركز جورج بومبيدو الثقافي والذي تديره حاليا ماري بيير دوهاميل مولر،استطاع بمرور السنين ان يصبح أحد أهم مهرجانات السينما التسجيلية في العالم ، وصار قبلة لا لجمهور العاصمة فحسب وعشاق السينما، وهذا النوع التسجيلي بالذات، بل للمحترفين أيضا من المخرجين والسينمائيين ومدراء المهرجانات السينمائية، إذ يكرس المهرجان شاشاته لعرض أبرز انتاجات الفيلم التسجيلي علي مستوي العالم ، كاشفا عن تناقضات ومشاكل ومآسي عصرنا، وأحواله مع الألم. ألم الحروب والتلوث والمجاعات والبطالة في عصر العولمة وحضارات الاستهلاك ألكبري

شرفة علي المحيط

يعرض المهرجان في مسابقته الرسمية خلال الدورة الحالية أكثر من 25 فيلما من 19 دولة ويخصص مسابقة للأفلام التسجيلية الفرنسية، ويكرم السينما التسجيلية الألمانية، كما يستضيف المهرجان الذي سبق لبعض المخرجين العرب المشاركة في لجنة تحكيمه، مثل مخرجنا الكبير الراحل صلاح أبو سيف، والمخرج السينمائي البارز يسري نصر الله ..
يستضيف "سينماتيك طنجة " ، ويعرض في اطار المهرجان مجموعة كبيرة من الأفلام النادرة التي يحتفظ بها في أرشيفه الخاص، بعناية بشري خليلي المسئولة عن البرمجة، من ضمنها أول فيلم مغربي او عن المغرب " السوق " من انتاج 1934 ، كما يعرض في ذات التظاهرة لبعض الأفلام التي يعتبرها جديرة بأن تكون ضمن " السينماتيك المثالي " للبرازيلي جلوبير روشا، والايطالي بازوليني والفرنسي جان روش، والمصري يسري نصر الله، وسنعرض لكل هذه الافلام لاحقا ،كما يعرض ضمن هذه المجموعة فيلما مغربيا جميلا شاهدناه وأعجبنا به كثيرا، بعنوان "شرفة علي المحيط " لهشام فلاح ( بلاكون اطلنتيكو ) يصور شباب مدينة العرائش بالقرب من أصيلة علي بعد 30 كيلومترا من طنجة، يصور أحلامهم وطموحاتهم وآمالهم عندما يحبون ويعشقون علي كورنيش المحيط.. وتدريجيا يستحوذون علي المكان. وأفلام " سينماتيك طنجة " وافلام الاقسام الاخري في المهرجان تستحق المشاهدة عن جدارة وتوفر فرصة الاطلاع علي أحدث منجزات النوع التسجيلي من أفلام.، تتميز بأنها من صنع المخرج المؤلف، وليست من انتاج قنوات التلفزيون الخاصة والرسمية، التي تعكس وجهات النظر الرسمية، وغالبا ماتكون مجرد ريبورتاجات مفبركة سريعة تافهة ومسطحة مثل شطائر الهمبورجر للأستهلاك السريع، وغالبا ما ينساها المرء بمجرد الانتهاء من مشاهدتها، حيث لا تستطيع مثل هذه أفلام ان تقاوم تيارالهراء العام الذي يبثه التلفزيون بمسلسلاته التافهة، وريبورتاجاته القاصرة ،وبرامجه الرثة. لاتدع – ان كنت في باريس زائرا او مقيما - فرصة مشاهدة افلام ذلك المهرجان تفتك













الاثنين، مارس 12، 2007

وصايا محمد رضا العشر لتصبح ناقداسينمائيا عن جدارة


وصايا محمد رضا العشر
لتصبح ناقدا سينمائيا عن جدارة


رسالة الناقد نشر حب الفن الراقي بين الناس



كيف تكون الكتابة السينمائية النقدية ؟ يطرح الزميل الصديق الناقد السينمائي اللبناني محمد رضا الذي تربطنا به صداقة عمل وزمالة وصحبة حقيقية منذ أكثر من ربع قرن، يطرح هنا مفهومه حول الناقد السينمائي ، وكيف يكون، والخصال التي يجب أن يكون الناقد متمتعا بها، منوها بأن رسالة الناقد في نهاية المطاف، هي نشر رسالة الفن الراقي بين الناس
صلاح هاشم


الناقد السينمائي..من هو وكيف يكون ؟


المجلات السينمائية التي صدرت أو لا تزال تصدر حملت مشاكلها على صفحاتها. عوضا عن أن تحل إشكالاً ثقافياً، أعيت القرّاء بمشاكلها هي. فهي إما أكاديمية مكتوبة كمنشورات بلا أي حس صحافي. وإما هي دعايات لأفلام البلد أو دعايات لأفلام المنتجين. وإذا لم تكن أي من هذا أو ذاك، فهي دعاية للذين يكتبونها. في كل الأحوال وعلى الرغم من أن السينما عليها أن تكون صورية، صحافية، آنية، سهلة الوصول وعميقة المضمون في آن واحد، لكنها لم تكن كذلك خلال ما صدر وما يزال يصدر من مجلات. لكن إخفاق النقد العربي في أن تكون لديه مجلة صحيحة، يتجاوز هذا الحد ويمتد ليشمل إخفاقه العام في تكوين حالة ثقافية سينمائية أكيدة وفاعلة.

شروط نقدية

ترى ما الذي يتطلّبه الأمر لأن يصبح صاحب رأي ما في الفيلم، ناقداً سينمائياً؟

هناك عشر خصال على الناقد السينمائي التمتّع بها قبل أن يعلن عن ولادته ناقداً سينمائياً. وعلينا أن ندرك أنه لا أحد يولد كاملاً ولا أحد يستطيع أن يصبح كاملاً، هذه من سنن الحياة كما خلقها رب العالمين، لكن ما نستطيع دوماً أن نفعله هو طلب الأفضل. التعلّم والثقافة والسعي الى إتقان ما نقوم به وذلك تبعاً لوصية الرسول صلى الله عليه وسلّم.

إذاً ما هي هذه الخصال العشر؟ من هو الناقد السينمائي الفعلي؟ لنجرّب هذه الشروط الأساسية
* الناقد السينمائي هو من لديه معرفة تمتد طولاً وعرضاً وعمودياً في السينما تاريخاً وصناعة وإنتاجاً وذوقاً وفناً وتقنية وعلماً وإعلاماً وفكراً.

* من لا يتوقّف عن مشاهدة الأفلام ولا عن قراءة التاريخ والنظريات والبحث في السينما كفن.

* من لا يستعير من معلومات الحياة العامّة تمهيدات طويلة لموضوعه فيملأ مقالته النقدية بكلام عن الموضوع الذي يتطرّق إليه الفيلم وبقليل جداً عن الفيلم نفسه. فإذا كان الفيلم يدور عن الكاتب ترومان كابوت، ملأ المقالة تمهيداً طويلاً عن الكاتب، كما لو أن هذا أباح له بأسراره ولم ينقلها عن مرجع ما، بدلا من أن يخصصها للفيلم نفسه.

* هو أيضاً من يشاهد كل الأفلام من دون شعور بأن هناك شيئاً أقل مستوى من ذوقه وفهمه وميوله. بذلك، هو الشخص الذي يؤمن بأن الناقد مثل طبيب الأسنان، إما أن يفهم في الأسنان كلّها أو أنه لا يفهم في أي منها.

* من يضع السياسة جانباً حين الحديث عن الفيلم الا في الحالات التي يتطرّق فيها الفيلم فعلاً إلى السياسة.

* من لديه هم نشر الثقافة السينمائية بين الناس.

* من يكتب أساساً في السينما، والكتابات الأخرى، إن وُجدت، فهي جزء مساند في مهنته.

* من يفهم في كل الأمور التي يتكوّن منها الفيلم فيستطيع تصوّر قدرات المخرج والسيناريست والممثل ويستطيع الحكم في تلك القدرات والحكم في قدرات باقي أصحاب العناصر الفنيّة.

* من لا يستعين بالفذلكة اللغوية، كمفردات أو كأسلوب، لتغطية فراغ كلماته، ليقول (أنا ناقد مثقّف فانتبهوا).

*الناقد هو الذي يلعب دور الوسيط بين المُشاهد، ومن ورائه الجمهور العريض، وبين الفيلم ومن ورائه السينما بكاملها. وفي ممارسته لهذا الدور عليه أن يوفر لمشاهديه ما أمكنه من معلومات موثوقة.

فن وتجارة

المُشاع في الأروقة العالمية، والعربية جزء منها، أن التفريق واجب بين سينما جماهيرية وسينما فنية. وستجد المنتجين والموزّعين والمواطنين العاديين مؤيّدين للسينما الجماهيرية، بينما ستجد المثقّفين وحدهم، تقريباً، في تأييدهم للسينما الفنية.ستجد أيضاً حقيقة أن التاريخ من بدايته تكوّن من قلّة من المفكّرين والمثقّفين والفنانين ومن غالبية من الذين يتدرّجون في هذه الميادين، من عادمي العلم الى المتعلّمين وليس كل متعلّم مثقّف.
حين تنظر الى فيلم (غاندي) مثلاً، وهو الذي عمد الى قراءة تاريخ تلك الشخصية، تجد صاحبه أم كل المواصفات التجارية التي يستطيع الفيلم احتواءها: ميزانية كبيرة (في أيامه)، سيرة حياة متعدّدة الأحداث، ممثّلون معروفون، تصوير خلاّب، واستغلال للموضوع لأجل الوصول الى آخر مُشاهد ممكن. في الوقت ذاته، تم اعتبار الفيلم (فنياً) وأمّ مهرجانات وحصد أوسكارات. لا أقول إنه فيلم جيّد أو رديء لكونه تضمّن العناصر الممكن ان تجعله تجارياً في الوقت الذي لا أقول فيه ان الفيلم الفائز بالأوسكار يوم الأحد الماضي هو فني لأنه فاز بأهم جائزة في العالم. فالجودة هي معيار واحد سواء أكان الفيلم (تجارياً) أو (فنيّاً). وطالما أن الفيلم المصنوع، بصرف النظر عمن صنعه ولماذا، متوجّه الى صالة عرض، أو إلى محل فيديو، فإنه عمل تنطبق عليه واحدة من أهم صفات السينما التجارية وهي أنه للبيع، شأنه في ذلك شأن (ليلة في المتحف) أو (أقدام سعيدة) أو (صعود هانيبال) أو سواها من أفلام اليوم.

فلتر دقيق

هذا التقسيم الغبي هو الذي حرم نقادنا العرب، في معظمهم، من نعمة مشاهدة ألوف الأفلام المسمّاة تجارية لأنهم اعتقدوا، وبعضهم لا يزال يعتقد إلى اليوم، أنها أفلام لا تحتوي على شيء مهم. بذلك، فاتتهم متابعة أعمال كلينت ايستوود على أساس أنه (نجم هوليوودي) واهتمّوا بأفلام عبّاس كياروستامي على أساس أنه مخرج غير هوليوودي. الحقيقة أن لقطة واحدة من أي فيلم أخرجه كلينت ايستوود، من أول أفلامه في مطلع السبعينات، هي أكثر سينمائية من كل الأفلام التي أخرجها الإيراني كياروستامي.
بعضنا، هتف للمخرج اليهودي أموس غيتاي، على أساس أنه يساري وهاجم من يهاجمه على أساس أن المهاجم إنما ينظر الى هوية المخرج اليهودية بتعصّب. هذا الكلام الغوغائي منع كثيرين من حسن تقييم عمل سينمائي لا يملك المفردات الصحيحة للتعبير بل تسترسل المشاهد الى ما لا نهاية ومن دون رديف شعري أو عمق ضمني أو بعد ميتافيزيقي كما الحال مع أندريه تاركوفسكي أو كن أتشيكاوا أو بيلا تار.
المسألة المثارة هنا، في نهاية المطاف، هي وضع النقد العربي، على الأخص، حين تختلط الأمور وتضيع الهويّات. ففي حين أن من حق شخص إبداء رأيه، يبقى أن عملية الكتابة عن الأفلام يجب أن تمر بفلتر دقيق اسمه حب السينما. وهو ليس سوى الفلتر الأول، فحبّها يعني ألا تتوقّف معتبراً أن ولديك زاوية تكتب فيها ما تشاء. على العكس، الناقد لديه رسالتان: واحدة هي نشر حب الفن الراقي بين الناس، أينما وجده، وأخرى هي البقاء طالباً مجتهداً في المضمار الذي اختار العمل فيه
محمد رضا

---
تعليقات القراء علي المقال
من لندن بتاريخ 12 مارس 2007 - من أحمد قاسم بعنوان

وصايا محمد رضا يجب أن ترتد اليه

الأستاذ صلاح هاشم
قرأت ما نشرته بعنوان وصايا محمد رضا العشر، واستغربت كثيرا جدا لتلك الجرأة في أن يسمح ناقد نحترمه ونقدره، لنفسه أن يعمم وصاياه الشخصية على الآخرين، أي أن يحاول فرض وجهة نظره على الجميع بحجة الموضوعية.
والحقيقة أن محمد رضا له وجهة نظر شخصية معروفة في الأفلام الفنية والتجارية، فهو يميل إلى اعتبار الافلام التجارية علي انها السينما ، ويرفض كل ما عداها من أفلام أخرى، وهذا من حقه تماما، أما ما ليس من حقه فهو أن يسخر من النقاد الذين يميلون إلى الأفلام الفنية أكثر من الأمريكية التجارية التي يغرم بها السيد رضا ، وهو ما يجعله يقرر بوضوح تام أن لقطة واحدة من أفلام السيد راعي البقر الشهير كلينت ايستوود أعظم من كل أفلام عباس كياروستامي
وانا لست من المعجبين بالمناسبة بأفلام المخرج الايراني كياروستامي، لكن ليس من حق رضا أو غيره أن يقررعلى هذا النحو القاطع أن هذا أفضل من ذاك ، وانه يتعين بالتالي على الجميع أن يعتنقوا أفكاره
هذا رأي رضا الشخصي وله الحرية في اعتناق ما يرى، لكن مقاله كله هزء وسخرية من الذين يفترض أنهم يخالفونه الرأي، فهو مثلا لم يقل لنا من الذين يعتبرون أن أي شئ يخرج من هوليوود عملا لا قيمة له، كما أنه يقطع ايضا في واحد من أجرأ ما قرأت من تصريحات أومن أراء، بأن جائزة الأوسكار هي أهم جائزة في العالم
أعتقد أن على محمد رضا أن يتحلى ببعض التواضع ، ومعرفة أنه مجرد واحد من بين كثيرين من المتذوقين الذين يجتهدون في فهم وتفسير السينما، بدون وصايا كهنوتية من أحد
احمد قاسم- سينمائي
qassem500@yahoo.co.uk

رجاء ارسال التعليقات علي العنوان التالي مع الشكر
تعليق بتاريخ 13 مارس 2007 من بغداد بقلم مهدي عباس بعنوان محمد رضا
محمد رضا نافذتنا علي سينما هوليوود والغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة وبعد
قرأت وصايا الناقد السينمائي المعروف الاستاذ محمد رضا ، حول كيفية أن يصبح المرء ناقدا سينمائيا، وهذه الوصايا العشر مع الاعتذار لوصايا نبينا موسي عليه السلام، هي بلا شك حصيلة خبرة تراكمية كبيرة في النقد السينمائي، ولمن لا يذكر أو نسي، أقول أن محمد رضا كان نافذتنا علي هوليوود والغرب، من خلال متابعاته الميدانية، يوم لم يكن هناك فضائيات وانترنت
وتحية من قلب بغداد لمحمد رضا مع المحبة
مهدي عباس
ناقد وباحث سينمائي

الخميس، مارس 08، 2007

.بنارس اندرجراوند بقلم جان ميشيل فرودون.ترجمة صلاح هاشم



لقطتان من فيلم "الممنوعة من اللمس "اخراج بونوا جاكو، تظهر فيها بطلته الممثلة الفرنسية ايزيلد لو بيسكو


بنارس اندرجراوند



بقلم : جان ميشيل فرودون

ترجمة: صلاح هاشم مصطفي



تبدأ المسألة بصفعة تتلقاها جان، التي تلعب دورها الممثلة الفرنسية ايزيلد لو بيسكو. صفعة قاسية أجل بيد الأم، لكنها تطلق بطلتنا جان، وتضعها علي الطريق. كلا .. إنها..ترحل، إنها.. تعود، .. هاهي تجلس،.. هاهي تصغي،.. وها هي تطلب.. الأم تحكي لجان ابنتها، فتخبرها بحقيقة الأب، فوالد جين مواطن هندي من بنا رس، وينتمي إلي طبقة مغلقة من المنبوذين هي طبقة " الممنوعون من اللمس "، وكانت الأم التقت به في رحلة لها إلي الهند. رحلة قامت بها منذ عشرين عاما مضت. وتبدو المسألة عندئذ واضحة تماما, فالفيلم الذي نشاهده سوف يصحب جان في رحلتها، كما يحدث في فيلم " الامبتهجة " بطولة جوديث جودريش، وفيلم " الفتاة الوحيدة " بطولة فيرجيني لودويان، وفيلم " في الحال " بطولة ايزيلد لو بيسكو، أي كما يحدث في أحد تلك الأفلام المذكورة، والتي أخرجها بونوا جاكو من قبل، وتعتمد جميعها علي بناء ورسم " الحركة " المصاحبة لرحلة فتاة شابة.. كلا.. من جديد.. إن ما يهم في هذا الفيلم لبونوا جاكو، ليس خط الرحلة والسير. المهم هو أل " هاهنا " في كل لحظة، وفي كل موقف. إذ أن فيلم " الممنوعة من اللمس " يقطع آلاف الكيلومترات، ويركب العديد من وسائل النقل، لكن لا يمكن اعتباره فيلما من " أفلام الطريق ". فما يهم هنا هو " الأماكن " التي تتواجد فيها جان، وتحل فيها مكانا بعد مكان، وليس " الطريق " ، أو السكة التي تربط بينها.. فنحن نري جان في بوناتاموسون, ونراها وهي سكرانة ثملة ، و نراها في مسرحية لبريخت، وفي فراش عشيقها، وفي بلاتوه تصوير أحد الأفلام، كما نراها في الطائرة التي تقلها الي الهند، كما نراها أيضا علي ضفة نهر الغانج، وفي بيوتات أثرياء تلك الطبقة.. ما يهم إذن في مشاهد الفيلم ، مشهدا بعد آخر، هو " الكتابة " في " المكان " - ليس بمعني " الفضاء " بالضرورة - فالمقصود بالمكان هنا " حالة " ما ومرحلة. مرحلة مصورة فيلميا علي حدة في كل مرة، ومصورة أيضا لذاتها، كما لو أن الفيلم يمكن أن يتوقف، وينتهي عندها.. ولذلك نشعر يقينا بحالة مدهشة من التشبع والامتلاء ، أثناء مشاهدة هذا الفيلم المختصر ، والذي يبدو لنا علي الرغم من ذلك ، مكتملا وممتلئا بشكل رائع.... فيلم " الممنوعة من اللمس " يحكي عن " بحث " ما. لكنه لا يحكي عن " البحث عن الأب " بل يحكي عن البحث عن الذات.. ولا يؤمن الفيلم كثيرا ببراءة الصورة الاستعارية الكيلومترية. تلك الصورة التي آمنت بها أم جان ، حين غادرت وقتذاك ل " تسير علي الطريق "، وتصنع أفلام زمنها ، وتمشي علي " أفلام الطريق ".. وإذا كان لبحث جان في الفيلم من مرجعية ما ، فلابد ان تكون عند المخرج الفرنسي الكبير روبير بريسون من دون أدني شك( كما هو الحال دائما مع أفلام جاك بونوا ) فأسم البطلة في الفيلم جان يحيلنا بالتأكيد الي شخصية جان دارك، والشخصية النسائية في فيلم " النشال " لبريسون ، الا ان ايزيلد لو بيسكو في " الممنوعة من اللمس " تثير في الغالب الجانب النسائي في شخصية " ميشيل "، حتي لو كانت " سكتها الغريبة " تمر عبر منعطفات مغايرة لسكته.. إن الخيط الدرامي في هذا الفيلم ليس هو أهم شيء في الفيلم ، فالفيلم الذي يراهن علي " الزمن الحاضر " و" الحضور " يخاطر بوجوده كله هنا في كل مشهد، وهنا تكمن شجاعته،
اذ انه يفجر فينا شحنات من الأحاسيس والمشاعر العميقة الطليقة، التي تصبح بمثابة محاسن مزدهرة، تسحرنا وتخلب لبنا في التو، وتطغي علي الفيلم كله بشكل غريب، ومن ضمنها ذلك " التعارض " العنيف، بين ماهو يدوي وحرفي ونابع أساسا من المسرح ، وبين تلك السوقية المهنية للسينما المرتبطة فقط بنسق من العلامات التي تشير إلي عوالم المال والجنس .. ويظهر هنا عامل التضحية الصوفي الجميل، وموتيف الخلاص، ملتزمان بالجسد وبخاصة في مشهد الجماع ،حيث تستسلم هنا الممثلة جين تماما، ويترهل الجسد، وهي تدفع أجرة عبورها الي الهند.. لكن يظهر نفس الجسد العاري فيما بعد بشكل آخر، تظهر نفس البطن ونفس الثديين، يظهر الجسد وأعضائه بقوة وأناقة، حين يترك ليد تلك السيدة الهندية المدلكة يا للغرابة، وقد راحت تتحسس أعضائه وتدلكه باحترام.. وهكذا ايضا مع محاسن الفيلم الاخري عبر تلك الشرائح السردية التي لا تسعي الي احداث أي تحصيل لتأثيراتها في المحصلة النهائية للسرد، بل تعيش وتتوهج فقط بقوة الحضور الذاتي .. كما في ذلك المشهد الذي يظهر فيه الزوجان المثليين الشاذان علي حافة حوض السباحة والمشاهد التي تصور تلك اللقاءات العابرة مع الشبان الهنود، والتي تبعث علي القلق في اضواء طرقات بنارس الخافتة .. وفي مشهد اللقاء مع الراهبة المتألق بالنور، والمشهد الفكاهي عند الوسيط، ومشهد المحادثة مع المسافر في الطائرة، وتلك القسوة الغامضة التي تشي بمصير رائع، ورقة البحث عن تروفو في شارع دلهي، وذلك الفصل الذي يذكرنا بفصل تروفو في فيلمه الاثير اربعمائة ضربة، والذي كان يبحث فيه عن ابيه الحقيقي وانه لشييء غريب، بعد ان شاهدنا الفيلم، ان نفكر فيه، فاذا بنا نجد ان كل مشهد في الفيلم علي حدة يحتاج الي ذكره، لا لشيي الا للمشهد في نفسه او لذاته ،..لألوانه.. ولجماله وكثافته وعمقه، وكذلك للأصداء التي تتردد وتصدرعنه ، والتي لا تتشابه ابدا غير أن فيلم " الممنوعة من اللمس " ليس مجرد شذرات متناثرة من المشاهد، وقد تم تجميعها كيفما كان.. ان ما يجمع هذه المشاهد كما ذكرنا ليس هو " الحركة المستمرة " او خيط او خط سير فضائي ( له علاقة بالمكان ) او سيكولوجي ما . بل ان مايجمعها " روابط " معينة أكثر سرية وغموضا.. إذ أن موضوع الفيلم، يحيلنا بشكل سطحي الي فيلم " ممر الي الهند "، والواقع ان " الثقب الأسود " في قلب رواية أي. ا فورستر و فيلم لين ، يوجد في فيلم بونوا جاكو.. غير ان هذا الثقب قد تم إخفاؤه في الفيلم كله، في فيلم آخر تحت الارض اندرجراوند تعبره شبكة من " الوصلات " والروابط لاعلاقة لها البتة.. لا بالواقع.. ولا بالمنطق.. لكن لها علاقة فقط ب " شعور " ما، تجاه هذا العالم.. والتطلع إليه مثل لغز،.. مثل " كلية " لاندرك كنهها ، كلية أكثر تعقيدا ولذلك تتواصل وتتعانق كل الطرق والمسالك في هذا الفيلم من أول الطريق الممتد علي رصيف المحطة علي حافة نهر الموزيل و عبر خط السكة الحديد المتفرع من بون اموسون ورحلات المترو وتلك الحشود البشرية الكوزموبوليتانية المتدافعة، للدخول الي او الخروج من مركبات المترو وممرات المترو تحت الارض وحركة السير في المطار، ثم محطة القطار في دلهي وحتي الخروج في وضح النهار الي الشارع في بنارس، كما لوأننا كنا نخرج من محطة المترو لكي نغطس ونتوغل في أعماق المدينة، ونغوص في قاع النهر هنا في الخارج علي السطح لا تتقدم السيارة، أما المترو فانه يحملنا الي المكان الذي من الضروري ان نذهب اليه.. وقد يبدو كل شيء بسيطا وهينا ، غير ان كل شيء في الواقع يبدو مظلما ظلام تلك الأحاسيس التي نستشعرها.. و يقال هنا أيضا: " ربما كان الجلد يفكر " وقد قيل ذلك في الفيلم..
قيل أن تحت جلد هذا الفيلم، تجري كما الشرايين طرق مواصلات هذا العالم، وتتواصل سرا مع الأجزاء الظاهرة.. لكن هناك شبكة أخري ثانية، متصلة بذلك الطريق الذي يؤسس الفيلم له.. شبكة شريط الصوت في الفيلم، التي تجعلنا من خلال الأصوات والضوضاء نتحسس كل ما نراه، وكل ما رأيناه ، بل وكل ما سوف نراه مستقبلا من تلك أماكن، فنقترب او نبتعد عنها ..نقبلها او نرفضها ، اذ يكشف عنها شريط الصوت، بل ويعلق أيضا عليها.. " ربما كان الجلد هو الذي يفكر " .. هذه العبارة التي تتردد في الفيلم لا نتذكر الآن من نطقها بذلك الصوت الرزين العميق، لكنا سنعلم فيما بعد ، ان صاحبها هو ذلك المخرج الذي يمكن ان نري فيه ، وعلي الاقل بشكل جزئي ومن دون تعسف، قرينا لمخرجنا بونوا جاكو.. " الجلد الذي يفكر" ..من أجل فن ينقش ويطرز علي " جلد ناعم رهيف صغير " هو جلد الشريط الخام للفيلم. انه التحدي الجميل الوفي وبشكل كبير لوسائل الفيلم التعبيرية الخاصة... في المقدمة التي تحمل عناوين الفيلم ، سوف نلاحظ غياب اسم كاتب السيناريو، كما لو أن الفيلم كان قد ولد من خلال تلك العلاقة الخاصة الوحيدة فقط مع الكائنات والأشياء، ومن دون أن تدفع الحاجة وبالضرورة إلي تأسيس كيان حكائي له.. إن كل تلك الطرق والمسالك والأنفاق والممرات تحت الأرض في الفيلم، وبكل ارتباطاتها الحسية ، لم يكن من الممكن أن تكون وحدها في الفيلم كافية من دون هذه القوة الغامضة التي تجعل تلك المعاني والدلالات والتأثيرات، تجري كما الدم في العروق تحت جلد السينما. هذه القوة التي نطلق عليها أسم التجسد. ان الحضور الجسماني للمثلة ايزيلد لو بيسكو في الفيلم، يصبح الوسيط الاساسي( بالمعني السحري ) لهذا الكيان الفيلمي.. لقد تعودنا علي العذاب حتي لم يعد بالإمكان إيذاءنا ،أو مسنا بضرر. صرنا ممنوعين من اللمس. لم نعد نتأثر بأية عذابات. هكذا كانت تردد القدسية جان دو لاباتوار، وتردد ايزيلد لو بيسكو كلماتها أيضا في الفيلم.. غير ان جان غرف انتظار الموت من بنارس، ليست قديسة.. ولا هي بطلة هل هي يا تري ممنوعة من اللمس ؟ لقد مشت فوق العذاب نفسه، واقتربت من عذابات الآخرين، فصار جلدها المضروب ذاك يحمل آثار التعب والخمور، ومن بعدها صار ممرغا في وحل العروض. ثم إذا به يشمخ مزهوا بأفعال الكرم النائية. صار جلدها، ..يفكر من دون كلام.. يمكنها الآن أن تعود من جديد وهي تضع إصبعا علي الشفتين وتهمس " سوف أحكي لك من بعد. " .. تري من تكون هذه " الأنا " ؟..
L INTOUCHABLE فيلم " الممنوعة من اللمس " إنتاج فرنسي 2006 إخراج وسيناريو : بونوا جاكو بطولة : ايزيلد لو بيسكو. برانجير بون فوازان. مارك باربيه. مانويل مونز. باريكشيت لوترا. تصوير : كاورلين شامباتييه صوت ك نيكولاس كانتان واوليفييه جوانار مونتاج : لوك بارنييه وماريون مونييه موسيقي: فيجاي جيسوال ومانو راو إنتاج : سانجشو توزيع : بيراميد مدة العرض " ساعة و22 دقيقة تاريخ أول عرض: 6 ديسمبر 2006


عن مجلة كراسات السينما الفرنسية



انظر " النسخة العربية " في موقع المجلة علي العنوان التالي



www.cahiersducinema.com



الأربعاء، مارس 07، 2007

سعد سلمان. عن " دردمات " و اشكالية الجلاد والضحية

ملصق فيلم " دردمات " لسعد سلمان : مثل قصيدة عن الأرض الخراب


السينمائي الـعـــراقــي المـنــفــي ســــعــد ســــلـمــان

عــن اشـــكـــالـيـــة الـجــــلاد والـضـــحــــيــة

خمسة وتسعون في الـمـــئــة مـن أفــعــــالــنـــــا الــيــــومــــيـــة تـظـــاهـــرات عـــنــفـــيـة


باريس - من هوفيك حبشيان:


ما نراه نحن دماراً ورعباً في مشهد يختزل الابوكاليبسات كلها، يراه سعد سلمان كسيناريو عراقي يُكتَب عشرات المرات يومياً. عندما يتكلم هذا السينمائي عن ألمه، ينبغي أن تمنحه آذاناً صاغية، ليس لأنه ديكتاتور لا يتقبل أن تقاطعه، بل لأن من غير المجدي أن تزايد على معاناة سمعت عنها وشاهدتها لكن لم تعشها، على غرار ما اختبره هو، بدءاً بالسجن ثم الاقصاء ثم النفي الى بلدان غربية، وإن كان هذا المنفى هو باريس. هذا المشاكس المتخصص بالتصريحات النارية والعبارات اللئيمة والكلمة ــ اللكمة، لا يتوانى عن استخلاص العبر وتوظيفها حتى في احلك الظروف. قدريّ بامتياز: "اذا كان في الامكان اعادة ما كان، فلن أسلك الا الطريق التي سلكتها وقادتني الى حيث أنا اليوم. حتى مع السجن. كل ما هو موجود مني الآن، حصيلة ما عشته في حياتي". عرفناه ذاهباً الى الاقصى في التصدي للنظام المستبد. حيناً عبر اطلالاته التلفزيونية في نشرة اخبار الساعة الثامنة عاقداً مقارنة تاريخية بين أداء القناة الفرنسية الثانية والتلفزيون العراقي الرسمي الناطق باسم صدام حسين (!)، وحيناً آخر مسكوناً بغضب شديد ازاء راهب عراقي يتمسك بمعسكر "النظام"، متوجهاً اليه بالقول: "يا ابانا، لا أعلم لحساب مَن تعمل، لكن بالتأكيد ليس لحساب الله". هذا هو سعد سلمان: كائن غير قابل للإصلاح.لم يفوّت هذا المخرج مناسبة، سينمائية وغير سينمائية، لفضح ارتكابات السلطة الحاكمة، فيما كان محض الحديث عنها خطا أحمر. عام 2002، لم يتردد في العودة الى كردستان العراق، لتصوير معاناة الاكراد. في هذا الشريط الذي سمّاه "بغداد أون - أوف"، أكتشفنا كادراً يهتز ويرتجف، لعله لم يعتد التسلل في اماكن كهذه. كان سقوط النظام نقطة تحول في تاريخ سينما المنفى العراقية. كثيرون عادوا، وكثيرون صوّروا وذاقوا طعم التقاط المشاهد في المتاهات العراقية من دون رقيب او حسيب. هول ما حدث أثناء غيابه القسري، كان مصدر وحي لينجز سلمان "دردمات"، فيلمه الروائي الطويل الاول، بعد عدد لا بأس من الافلام الوثائقية. انصهر سلمان في المجتمع الفرنسي انصهاراً كاملاً، لكنه ظل من المنتقدين للسياسة الفرنسية الخارجية، لا سيما تلك المتبعة ازاء العراق. وهو اليوم، هذا الرجل الباريسي الذي يحمل القلق الوجودي الذي تتسم به الشخصية العراقية في كل زمان ومكان. يبقى ان ثمة سوء تفاهم كبيراً حول سعد سلمان. وسببه أنه يطيب له ان يشتغل خارج الانظمة العربية الفاسدة، لا على هامشها. أصلاً، الا يحق له أن يحترس من انظمة ترعب البشر والحجر، ثم تخشى على نفسها من فيلم مثل فيلمه "دردمات"؟ كثر يعتبرون أن الزمن غير ملائم لهذا الشريط اللامنتمي و"الشرير" والطالع من الامعاء (في رسالة أخيرة له، كان يسألني: "هل تعرف مكاناً غير موجود؟"). لماذا؟ لأن من لم يستطع تحمل رقابة السلطة، هل يستطيع ان يتحمل رقابة ضميره؟ يعلن سلمان ما يخطر في باله بلا مسايرة أو رد اعتبار أو مراعاة لمشاعر مواطنيه. غداة اعدام صدام، كان هذا اللقاء الفكري الوجداني مع سلمان، لمناسبة عدم صدور "دردمات"، فيلمه المستبعد عمداً أو لاوعياً من الصالات العربية والمهرجانات، وايضاً لقطف شهادة حول رحيل احد اعز اعدائه الذي كانت تماثيله تسد آفاق العراق... والسينما. ¶ الى أي مدى كانت هذه الافاق المسدودة التي تتحدث عنها، تمنعك من العمل؟ـــ كسينمائيّ منفيّ، لم يكن من الممكن الا ان اصنع "سينما المنفى"، وهذه السينما ليس لها جمهور، لأن جمهورها الحقيقي، اي العراقي، غائب عنها. حتى الموضوعات التي يمكن طرحها تتعامل مع العراق من بُعد. "سينما المنفى" هي سينما التقشف، السينما المحمولة على الظهر، السينما التي تعتمد على فكرة "قل كلمتك وامش". اشكالية المنفى بالنسبة اليَّ تضاعفت أكثر من ثلاثين مرة مع سقوط النظام. لم تنته الاشكالية لكن صار منفاي قوميّاً. فجأة، صار في إمكاني أن أكون في بغداد وأصوّر ما أشاء، وهذا في اي حال، ما كنت اتمناه طوال عمري. بالفعل، خلال السنوات الثلاث الاخيرة التي أمضيتها في بغداد بعد سقوط النظام، كنت اشعر، رغم الالم والانفجارات اليومية وانعدام الامن والمشكلات المعيشية المستمرة، بنشوة لكوني اركب السيارة وأعبر الجسور وأصوّر ما اريد واجوب الشوارع واتحرك بحرية واكتشف بغداد الجديدة التي حُرمت منها لمدة ثلاثين عاماً. هذه المدينة التي كانت تجعلني احلم، عندما عدت اليها وجدتُها مدينة اخرى. الاحساس بأني لست مراقباً وبأن في مقدوري التحدث عن الموضوعات كافة بلا رقابة وخوف، مسألة مهمة جداً بالنسبة الى الشخص الذي ذاق طعم الحرية. ثم شعرت اننا، نحن العراقيين، لنا قدر وافر من الحظ، وذلك في مجالات الخلق كافة. أقول بصدق: من خلال هذه المأساة، هناك كمّ من الموضوعات والانقلابات الجذرية التي تدخلت في حياتنا، بحيث اصبحنا نعيش مصائرنا في نوع من ملحمة، فتتوحد الاقدار الشخصية مع القدر الجماعي، ويتدخل القدر الالهي والقدر الما فوق طبيعي، فتنتج من هذا الامتزاج ملحمة اسطورية لبناء العراق الجديد، وسيشهد التاريخ ان تضحيات الشعب العراقي ستكون مدفوعة الثمن. ¶ هذا النوع من الالم الذي عانيته يبقى محمولاً مع الذات، وخصوصاً اذا كانت هناك مؤشرات جسدية تدل عليه.ـــ آثار التعذيب على جسدي سأحملها اينما رحت، لكن الالم يفقد معناه أو يتوسع معناه من خلال مشاهدتي للعراق. هذه العذابات التي تحملها معك تنعكس على امتداد الوطن. لا اعرف اذا كان هذا عزائي. يصعب لمن مثلي ان يتخلص من فكرة الجلاد. وجوده كضحية يتطلب وجود الجلاد، بينما الاخير لا مشكلة عنده، اذ يغيّر الضحايا مثلما يغيّر قميصه او حذاءه أو ربطة عنقه. الضحية في حاجة دوماً الى الجلاد، وهذه اشكالية فلسفية أكثر منها سياسية. ¶ في "دردمات" نراك تتجول في شوارع بغداد، بعد عودتك اليها، كأنك سائح في بلادك. ـــ الشعور بالغربة في داخل المجتمع العراقي يعيشه كل عراقي بغض النظر عن موقع الغربة. كل عراقي هو غريب، ويسبح في جزيرة نائية بعيدة عن الآخرين، لكنه ضمن الآخرين. هذا المنفى العراقي الداخلي هو نتيجة ممارسات ثلاثين عاماً من تفكيك البنية التحتية العراقية والبنية الاخلاقية للمجتمع العراقي. فالارث الذي خلّفه صدام للعراق، من بشاعة ودمار، ستظل أفعاله تتردد الى قرن كامل. اليوم، الانسان في العراق تائه وسط فوضى التكوين، وهذه الفوضى لذيذة لمن لا يحترق فيها، أما من يحترق فيها فيراها ايضاً فوضى ضرورية من اجل البناء. ¶ علاقتك بفرنسا علاقة ندية.ـــ لا يمكن ان نسمّيها علاقة بفرنسا. لي علاقة بالمجتمع الفرنسي ولي امتدادات داخله. على مدار ثلاثين عاماً، بُنيت مكوّنات شخصيتي في هذه البلاد. هذه بيئة أتفاعل معها، وانتقدها احياناً على نحو حاد جداً، وأشتمها احياناً اخرى. وقد تجدني ايضاً مدافعاً عن القيم الديموقراطية الحقيقية الخاصة بها. في حين أن علاقتي مع فرنسا الدولة رسمية، وعندي تحفظات في شأنها. لن اكون مع السياسة الفرنسية ولا مع اي سياسة: أنا مستقل في تفكيري وعندي امكاناتي المادية التي تسمح لي بأن اكون كذلك. لي موقف من فرنسا الرسمية التي استفادت من حكم صدام لثلاثة عقود ولم تفد الشعب العراقي في شيء. عندما تجولت في شوارع بغداد بعد سقوط النظام وتحدثت مع السفير الفرنسي في بغداد، قلت له: "هناك ثلاثون عاماً من الحضور المميز ولم أجد شخصاً واحداً في الشارع يتكلم الفرنسية. ماذا كنتم تفعلون في العراق بهذه العلاقة الاستثنائية مع صدام؟". اذاً، كنت مدافعاً عن الفرنكوفونية أكثر من السفير الذي كان هناك يحرص فقط على مصلحة شركة "توتال"، لا على مصلحة فرنسا أو العراق. ¶ أنت تعتبر ان هناك مرحلتين في تاريخ العراق، ما قبل سقوط صدام وما بعد. هذا الحدّ ليس فقط تاريخيا انما اخلاقي، أليس كذلك؟ـــ سقوط صدام يعني سقوط النظام العربي بأكمله. انهارت القومية العربية وانكشفت عوراتها أمام مجتمعاتها والعالم. ورأينا، على طول انكسارها وهزيمتها، ان ما من مجتمع يدافع عنها. هذا الفكر ألغى الناس وحاول أن ينوب عنهم تفكيراً، ودرّسهم عواطف، وأطعمهم أمنيات سابحة في الهواء. حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي دمّرا المدن العربية وحوّلاها ثكناً للجيش، وبات الناس في عهدهما قطيعاً من الرعاع. للاسف، هناك الى الآن من يتشدّق بالفكر القومي! منطقة الشرق الاوسط تعاني تخلفاً رهيباً. هي تحمل أغنى موارد العالم، لكنها أكثر الشعوب فقراً. مهمة بناء العراق الجديد منوطة بكل عراقي، كلّ من موقعه. حبذا لو استطعنا أن نحافظ على هذا التوازن، بحيث ان السياسي لا يعطي دروساً في السينما، والعكس. الى الآن لا نزال في قبضة سياسيين محنكين يدّعون انهم فوق الاعتبارات والانفعالات، لكنهم عندما يخطبون يتبين انهم جزء من هذه الانفعالات. ¶ يتمحور "دردمات" حول مسألة بالغة الاهمية: العلاقة بين الضحية والجلاد، وتشابه كل منهما بالآخر.ـــ الى الآن لم يحسم التاريخ البشري قضية الضحية والجلاد. من فاوست الى علاقة الله بالشيطان، لا تزال هذه القضية مادة للمناقشة. في "دردمات" رغبت في أن اضع الضحية والجلاد وجهاً لوجه. هيأتُ لهذا اللقاء كل العوامل اللازمة، لكن اللقاء المنتظر لم يتم. لأن هناك اشكالية الخوف من النظر في العين الاخرى. اذا كان الجلاد يستطيع التخلص من جلد الضحية ، فالضحية لا تستطيع أن تتخلص من الجلاد. لأن وجود الضحية مرتبط بوجود الجلاد. لا ضحية بلا جلاد. لذلك ترى ان لا صعوبة عند الجلاد في الانسجام مع المجتمع. ¶ سبق أن قلت لي: "سقط الديكتاتور الكبير وبقي الديكتاتور الصغير المتمثل في 40 مليون عراقي". ماذا عنيت بذلك؟ ـــ شخصية الجلاد بكل بساطة هي شخصية العراقي الآن. اذاً، الاشكالية ليست سياسية فحسب انما اجتماعية - اخلاقية. اشير الى "الجلاد العادي" الذي هو البديل من "المواطن العادي" في المجتمعات الاخرى. أولاً، هذا الجلاد معرّض يومياً لقمع يمارسه عليه كل من الدولة والمجتمع. هو نفسه جزء من هذا المجتمع الذي يقمع. لذا، نرى ان هناك شبكة عنكبوتية من القمع، بحيث ان سقوط ديكتاتور من على سدة الحكم لا يعني سقوط نظامه. يبدو ان الديكتاتور يستمد قوته من هذه الحلقات الحلزونية من الديكتاتوريين الصغار. لا يمكن أن أتصور ان صدام قتل بيده عشرات الآلاف من العراقيين. أين هي الأيادي التي نفذت هذه القرارات؟ منذ 30 عاماً هناك شعب يُقتل، وأمة تُسحق، ووطن يُمزق. من فعل هذا؟ هؤلاء القتلة موجودون بيننا. فإما ان نأخذ على عاتقنا مسألة الذنب والوعي الجماعيين ونتحمل الاوزار لنحلل كيف وصل صدام الى السلطة وكيف استبدّ وما هي العوامل التي ساعدته، ونبحث تالياً عن الجلاد في داخلنا، وإما أن تبقى قضية العراق بلا حلّ. في المجتمع العراقي، 95 في المئة من أفعالنا اليومية تظاهرات جلادية. يظهر ذلك عبر علاقة الام بطفلها والاخ الاكبر بأخته والاب بابنه والزوج بزوجته. جاءنا هذا من الفكر النموذجي الذي تكرّس لعقود، حتى قبل وصول صدام الذي، في الواقع، لم يخلق نفسه بل كان إنتاج حالة. اذا لم نحاسب الضمير العراقي على اشكالية نشوء الديكتاتورية، فسنبقى نجرجر اشكاليات الديكتاتورية الى ابد التاريخ.¶ ما الشعور الذي بعثه فيك اعدام صدام؟- لا استطيع القول أكثر من أن أمة تجد في شخص صدام بطلاً هي امة تستحق الشفقة ورعاية الآخرين لأنها امة مريضة في المعنى السريري للكلمة. على العراقيين كافة ان يسجلوا أحاديث سنوات الرعب، ويدونوها ويتناقلوها.ندائي إلى كل أم فقدت ابنها، وإلى كل زوجة فقدت زوجها، وإلى كل أب فقد أبناءه، وإلى كل طفل فقد طفولته، وإلى كل جائع يعيش على ارض وادي الرافدين، وإلى كل نخلة قُطعت، وإلى كل شبر حُرق، وإلى كل نهر جفّ، وصولاً إلى قمم جبال كردستان المحروقة بالكيمياء، وإلى أهوار الجنوب: لنملأ صفحة صدام بقائمة جرائمه


عن جريدة " النهار " بتاريخ 5 مارس 2007

الثلاثاء، مارس 06، 2007

مسابقة أفلام من الامارات. الحدث السينمائي الخليجي الأول في الفترة من 7 الي 12 مارس 2007

ملصق التظاهرة التي يشرف عليها مسعود أمر الله تحت رعاية الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان





افتتاح مسابقة أفلام من الإمارات 2007


تحت رعاية معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، يبدأ حفل افتتاح "مسابقة أفلام من الإمارات"، بعرض فيلم "
حكاية بحرينية" إخراج بسام الذوادي، وذلك في تمام الساعة 7 من مساء يوم الأربعاء الموافق 7 مارس 2007 بمسرح المجمّع الثقافي في أبوظبي.

تستمر العروض حتى يوم الثلاثاء الموافق 13 مارس 2007. والدعوة عامة.



الأفلام الإماراتية في المسابقة الخليجية
15 فيلما إماراتيا تم اختيارهم للتنافس على جوائز المسابقة الخليجية في القسمين العام والطلبة. اختيار الأفلام الإماراتية في هذه المسابقة يعتمد على أعلى عدد من الأفلام من دولة خليجية في كل فئة من فئات المسابقة، حيث يدخل من الأفلام الإماراتية مقابل هذا العدد في كل فئة. وفيما يلي قائمة الأفلام في الفئات المختلفة للمسابقة.

المسابقة الخليجية (عام)
روائي: أعلى دولة خليجية في المسابقة عن هذه الفئة هي السعودية (8 أفلام)، ومن الإمارات تم اختيار:
-
100 ميل، إخراج مصطفى عباس
- بلا قلب، إخراج أحمد زين
- حارسة الماء، إخراج وليد الشحي
- شتاء، إخراج عمر إبراهيم
- عربانة، إخراج نايلة الخاجة
- الغبنة، إخراج سعيد سالمين المري
- هوجاس، إخراج محمد عبدالله الحمادي
- وجه عالق، إخراج منال علي بن عمرو

وثائقي: تساوت كل من البحرين، السعودية، والكويت في هذه الفئة (فيلم واحد لكل منها)، ومن الإمارات تم اختيار:
-
أم الدويس... في عيونهم، إخراج حمد سيف الريامي

أخرى: أعلى دولة خليجية في المسابقة عن هذه الفئة هي السعودية (فيلمان)، ومن الإمارات تم اختيار:
-
براءة، إخراج هاني الشيباني
- لا للسرعة، إخراج حمد عبدالله صغران

ثانيا : المسابقة الخليجية (طلبة)
روائي: أعلى دولة خليجية في المسابقة عن هذه الفئة هي البحرين (3 أفلام)، ومن الإمارات تم اختيار:
-
بداية النهاية، إخراج هناء الشاطري
- رماد، إخراج حمد الحمادي
- من التراب إلى التراب، إخراج حسن إبراهيم حسن إسماعيل، وأحمد المزروعي

وثائقي: تساوت كل من السعودية والكويت في هذه الفئة (فيلم واحد لكل منها)، ومن الإمارات تم اختيار:
-
إختلال، إخراج معاذ بن حافظ، ومنير محمد


لجنة التحكيم
تتألّف من (5) شخصيات متخصّصة في مجال الإعلام المرئي والمكتوب، وتتألف لجنة الدورة السادسة من كل من:
-
قيس الزبيدي (رئيسا، العراق)
-
إسماعيل عبدالله (عضوا، الإمارات)
-
بسام الذوادي (عضوا، البحرين)
-
حسن أبو شعيرة (عضوا، الأردن)
-
زياد عبدالله (عضوا، سوريا)


الناقد الرسمي للدورة السادسة
ألفت مسابقة أفلام من الإمارات منذ دورتها الأولى على استضافة ناقد رسمي في كل دورة لمشاهدة جميع الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية بهدف تحليلها ونقدها، هذا وتعقد ندوة مفتوحة تجمع بين الناقد والسينمائيين في اليوم الأخير للمسابقة وقبل حفل الختام.

ولقد تم دعوة الناقد
مصطفى المسناوي ليكون الناقد الرسمي للدورة السادسة من مسابقة أفلام من الإمارات.


دورة 2007 بالأرقام
تقّدم إلى مسابقة أفلام من الإمارات في دورتها السادسة ما يقارب الـ 800 فيلم في كافة الأقسام، تمّ اختيار أكثر من 300 فيلم من 43 دولة للعرض خلال الأيام السبع للمسابقة، أبرزها فرنسا، ألمانيا، النرويج أسبانيا، بلجيكا، سنغافورة، البرازيل، المكسيك، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، الأردن، مصر.

الأفلام الإماراتية
وصل عدد الأفلام التي تقدمت لمسابقة أفلام من الإمارات إلى 121 فيلماً (24 عام، 49 طلبة، 36 عرض خاص، 12 لم يتم اختيارهم)، مصنفة على النحو التالي:
- عام: 24 فيلما (20 روائي، 2 تسجيلي، 1 تجريبي، 1 إعلاني)
- طلبة: 49 فيلما (12 روائي، 11 تسجيلي، 1 تحريك، 2 تجريبي، 1 فيديو كليب، 22 إعلاني)
- عرض خاص: 36 فيلما (29 روائي، 3 تسجيلي، 2 تحريك، 2 إعلاني)

الأفلام الخليجية
عدد الأفلام التي وصلت من دول مجلس التعاون الخليجي 58 فيلماً، تتوزع على النحو التالي:
- البحرين: 20 فيلما (7 عام، 3 طلبة، 9 عرض خاص، 1 لم يتم اختياره)
- السعودية: 18 فيلما (11 عام، 3 طلبة، 4 عرض خاص)
- عمان: 8 أفلام (5 عام، 2 عرض خاص، 1 لم يتم اختياره)
- قطر: (فيلم واحد عرض خاص)
- الكويت: 11 فيلما (6 عام، 2 طلبة، 3 عرض خاص)

الأفلام الخليجية في المسابقة الرسمية (عام)
- البحرين: 7 أفلام (6 روائي، 1 تسجيلي)
- السعودية: 11 فيلما (8 روائي، 1 تسجيلي، 2 تحريك)
- عمان: 5 أفلام (5 روائي)
- الكويت: 6 أفلام (4 روائي، 1 تسجيلي، 1 تحريك)

الأفلام الخليجية في المسابقة الرسمية (طلبة)
- البحرين: 3 أفلام (3 روائي)
- السعودية: 3 أفلام (2 روائي، 1 تسجيلي)
- الكويت: فيلمان (1 روائي، 1 تسجيلي)

أقسام أخرى
- بانوراما عربية: 10 أفلام
- بانوراما دولية: 16 فيلما
- مهرجان الكالا السينمائي: 6 أفلام
- سينما الطريق: أرض، ماء وسماء (50 فيلما)، تقطعات وتحوّلات (23 فيلما)، الأنا (26 فيلما)، موت وحياة (7 أفلام)