الجمعة، يوليو 31، 2015

عن " السينما المستقلة وموت البديل بقلم عماد إرنست في مختارات سينما إيزيس

مختارات سينما إيزيس
 

غلاف كتاب " دراسة " السينما المستقلة " الامريكية بقلم رونا موراي.كتاب مهم



عن " السينما المستقلة " وموت البديل
بقلم

 
عماد إرنست

تقديم : لهذا المقال للمخرج السينمائي عماد إرنست قصة، فقد كتبت تعريفا ماهي " السينما المستقلة" في فقرة في " نزهة الناقد " فرد علي بالمقال المرفق، الذي يحكي فيه عن تجربة شخصية، وسؤال حيّره، واشار الى مقاله ذاك الذي قرأته في نهم في التو،ووجدته  شيقا وممتعا فكريا وجماليا،وكتبت لإرنست بشأن ذلك في الكلمة المرفقة ،وتجدونها في آخر المقال، المهم هو التفاعلية التي يحققها "النقاش" الحر - هكذا فكرت- و "جبهة الحوار" التي تتأسس من خلاله..
صلاح هاشم

*
عند عرض فيلمي التسجيلي القصير، المصور والموَّلف بتقنيات الڤيديو الرقمية، وذلك ضمن أسبوع لأعمال الڤيديو بمصر، جلست بإحدى قاعات المجلس الأعلى للثقافة مع مخرجين زملاء لنتلقى ردود الفعل على أعمالنا المختلفة. وعلى مشارف انتهاء النقاش توجه أحد الحضور بسؤال لم يتم الإجابة عليه، لا أتذكر لماذا !

كان السؤال مثيراً ، على الأقل بالنسبة لي ، هذا هو السؤال ..

هل الڤيديو بديل للسينما ؟

سؤال مفاجئ رغم بساطته ، وأذكر عقب طرحه أني ابتسمت بلا سبب واضح في ذهني .
شيء ما مرح، لكنه مرير في ذات الوقت، كان يتسلل بخلفية هذه الابتسامة. ولأني اعتدت على أخذ هذه الابتسامة بجدية كلما لمحتها تعبر وجهي. لذلك، ولدى مغادرتي مع صديقتي غامرت بالصمت غير المبرر والمقلق لها .
أقول : "غامرت" ؛ هذا لأني أعرف خطورة تعقب هذه الابتسامة الملتبسة !
" لقد أعجبهم الفيلم ، فلم أنت شارد !؟ "
" أنت تعرفين أني أقدر الأسئلة المفاجئة وقد واجهني اليوم أحدها . "
" أي سؤال تعني !؟ "
" هل ( أنا ) بديل ( لي ) !!؟ "
" لم يسألك أحد هذا السؤال ! كل ما أعرفه أن أكثر الحضور فهماً للسينما قال عنه رائع . "
ابتسمت لها بود وهي تطمئن راحة يدي برفق .

ركبنا تاكسي طرازه قديم عبر بنا جسر الأسود ثم وسط المدينة، وسؤال الرجال يطارد جبهتي من اليمين لليسار والعكس. أعادتني اهتزازات التاكسي للحظة دخولي معهد السينما كطالب يسعى للتحقق بفن السينما. تذكرت وقوفي المتوتر في بهو المعهد الداخلي، وترددي بالحديث مع زملائي، فقد كانت عيني تحاول احتواء البهو، والغرف، والممرات والسلالم، والنوافذ. كانت مشغولة في صراع بدائي متكرر مع المكان .. بين الحين والأخر كنت أشارك زميلاً، وأتعاطف مع أخر، الكل يصافح الكل بحرارة.
صافحت السائق وهو يعيد باقي الخمسة جنيهات لصديقتي، فضحكت صديقتي بصوت عال. تذكرت ضيق الرجل لعدم إجابة سؤاله، ووقوفه صامتاً وسط الحضور بالقاعة، لقد شعر أنه وحده مع سؤاله، تجمد للحظات وأخرج سيجارة، فإذا بأمن القاعة يمنعه بسرعة فتراجع متلفتاً حوله باحثاً عن تكملة .

أحياناً تتحول علامة الاستفهام لمخلب وحشي يطاردك وسط الحشد ؟

هل الڤيديو بديل للسينما ؟

لم أجد علاقة بين ذكرياتي وسؤاله ، فعدت ليدي صديقتي الحانية ، واستمتعت معها بالتنزة بأرصفة وسط القاهرة بين المارة المتلكئين أمام احتفالية الأوكازيون . تدفقنا معهم أكثر ثم أقل ، فأكثر ..
وإذا بالسؤال يعود ليواجهني بأفبش إحدى دور العرض تعرض "للجمهور" "فيلماً" "روائياً" "طويل" : هل الڤيديو بديل للسينما التجارية ؟
فتحت باب مسكني وتوجهت إلى الكامير الـ Mini DV. أمسكت بحقيبتها ورفعتها، فإذا بها "خفيفة" فتوقفت عند نسب خفتها . خفيفة بالنسبة لأي شيء .. .. !؟

في شتاء ١٩٩١، وفي السنة الدراسية الثانية، طلب منا عمل فيلم تسجيلي عن أي موضوع نرغبه، ثم تسلمنا كاميرا V.H.S للتصوير بها. ولأنها كانت المرة الأولى التي سأضع فيها عيني بكاميرا تنتج صوراً متحركة؛ لذلك قررت أن أصور بنفسي. لم يكن بداخلي رغبة للخروج عن نطاق الحي الذي أسكنه، فنزلت بها يوماً كاملاً لأبحث عن موضوع من خلالها. "اللي عشته أحسن من اللي ماعشتهوش".

عدت خائباً، لكني اكتشفت شيئاً مشجعاً ، وهو أني بدونها كنت أفعل نفس الشيء ، كنت أمتلك قدرة تحديد الـ FRAME . لكن أي FRAME سيوقفني !!؟ غفوت شاعراً بتدفق ألم شديد بالكتف الأيمن .

اليوم الثاني تحركت بها بداخل الحي القديم المتهالك والأثري ( الجمالية ) . لم أرفعها أو أديرها ، توغلت بها حتى وصلت لحي اليهود ، وعبرت بوابة خان قديم ، وهنا بدأت تجتاحني العين المحتوية للمكان !!
شعور متدفق بأنك مألوف للبشر والجدران، وأن هذا المكان ينتمي إليك وأنت إليه ، شعور يزداد ثم ينقص لكنه لا يختفي أو ينقطع ، شعور خطي متصل ! أحسست بخفة الكاميرا بيدي لكني لم أجرؤ على إخراجها ؛ فقد كان الشعور يلتهم قراري بالتفاعل كمخرج، أو بالأحرى كمصور . أذكر بطئ حركتي وثقل خطواتي في الممرات والدهاليز المتكلسة .. وإذا بي أعود فجأة للخلف لأرى شيئاً قد مر علي !!
وقفت أرقب ما أراه وأنا منغمس مع حركتهم المتكررة بعمق القديم المتهالك . ندائهم من الداخل يأتي .
"لم تعد الكاميرا موجودة" .. واندمج ما هو حسي مع ما هو معرفي في علامات ترقيم لغوية، وقرارات قوية حتى أصل إلى " لماذا توقفت وعدت للخلف لأرى ما قد مر علي " ؟

طلب مني الفنان مدكور ثابت (لاحظ الخلفية التجريبية لهذا المخرج) أن أكتب ورقة عما أنوي الوصول إليه من المادة المصورة. وقعت في حيص بيص. كان أكثر المواقف التي واجهتني قسوة، ولكني، ولكي أخرج من هذا المطلب، قدمت له ورقة أقل ما توصف به أنها هروب. لكنه بخبرته تفهم أني باحتياج للجلوس بغرفة المونتاچ، وبكم مفتوح من الساعات، ليكتمل حظي الاستثنائي بأن أضع قدمي على أول الطريق الحقيقي للتمتع بجدية بصنع الأفلام .. الانحياز للإسثثناء ! (٢)

أغلقت الكاميرا الـ Mini DV ، ثم وضعتها بحقيبتها وأخرجت البطارية حتى لا تنفذ .
شتاء ١٩٩١، كانت من نوع الـ V.H.S. ، استعدت تجربتي معها كاملة وتعرفت على نسب الخفة.

الأنالوج والديچيتال

الخطي والرقمي مفردتان تستخدمان خارج النطاق التقني في التفسيرات الحديثة لعلم الإيكولوچيا (٣) .
" فالاتصال الخطي يتضمن كماً متدفقاً بلا فراغات دالة ، ولا يوجد به " لا " ، و لا يتساءل " إما / أو " كل شيء فيه أكثر أو أقل ، مثل كل الإيماءات والتحولات والإيقاعات غير التقليدية، والسياق الإتصالي ذاته. أما الاتصال الرقمي فيتضمن عناصر حرص ، وانقطاعات أو فراغات ، ويسمح بقول الـ " لا " و " إما / أو " بدلاً من " كِلا / و " ( مثل كل اتصال دلالي لغوي ) " .. هذان .. " الشكلان ليسا في موقف تعارض، فالوظيفة العامة لما هو رقمي أن يرسم حدوداً بداخل ما هو خطي، مثله في ذلك مثل مفتاح غلق وفتح دائرة كهربائية تعمل بداخل تيار متدفق " .
هذه ترجمة لتعريف موجز لـ "بيل نيكولز" لمفهومي الخطي والرقمي لدى "جريجوري بيتسون" صاحب كتاب "خطوات نحو إيكولوچيا العقل" .
الآن .. السؤال يحتاج إلى إجابة أكثر وضوحاً ! فما سبق كان لعبة " سرد وأسلوب "
" لماذا " يطارد الرجل ذاكرتي ؟ و " لماذا " كان السؤال هاماً له لحظتها !؟
"نصصت" أداتي الاستفهام لأنهما التجسد اللغوي لكاميرتين، الأولى ڤيديو والثانية سينما ٣٥ميلي .. الأولى ابتسامتي المرحة والمريرة والثانية تتمثل في قلقه من عدم تحققه في سؤاله. الاثنتان اندمجتا بلا صراع تقليدي بفراغ القاعة. هنا نستطيع رؤية العلاقة الملتبسة بين مفهومي الخطي والرقمي عند بيتسون؛ فالابتسامة كانت إيماءة غير تقليدية (خطي/ متدفق) أعقبها صمت تأملي فيها (رقمي/حرص)، بينما بالنسبة له كان هناك أشخاص تتحدث بتدفق (خطي/مثرثر) قطعها ذهنه بسؤال متكلس (رقمي / لا) ثم فعل إنتظار متدفق لبرهة، أعقبه عدم السيطرة على سلوكه، بالتجمد وإشعال السيجارة، ثم الحيرة (خطي/متدفق ومتحول). وهكذا تشابكت صراعاتنا الحسية والمعرفية ما بين تدفقات خطية وإنقطاعات رقمية. ويمكن متابعة الجزء السردي "في البداية" من هذا المنظور، إلى أن تتوقف عند كلمتي ..

(السينما التجارية )

هذه السينما غبر معنية إلا بالجاهز من تفسيرات السلوك البشري، وبما يخدم صراعها التقليدي الأرسطي ذي الثلاث فصول، والتي لا تريد المغامرة بتغييره ، لأنه مستقر التواصل ومربح . وهنا يكمن خطأها ؛ فالقلق المتزايد التجزئة في الاتصال بين البشر لن يجد التهدئة بشاشتها ( لاحظ قلة البطولة الخارقة بعد ١١ سبتمبر، ولجوء السينما التجارية الأمريكية لأبطال ذوي بشرة غير بيضاء للتخفيف من القلق تجاه نسيج المجتمع. ومن قبل نجاح جماهيري لفيلم تلاعب فقط بسرد الصراع التقليدي وبأبطاله ـ ليس بطلاً واحداً ـ مثل فيلم Pulp Fiction ). ولأن هذا القلق الاتصالي يحمل بداخله احتمالات ووعوداً بالضحك، لذلك أتوقع صعود أكثر لموجة الكوميديا بمصر ( لاحظ مقولات ممثلي الكوميديا بأنهم يأخذون قفشاتهم من الشارع . وعلى النقيض ، يتم الهرب بالحدوتة لخارج مواقع القلق مثل الجامعة الأمريكية ، هولندا ، شرم الشيخ ، أفريقيا ، ومواقع صراع عالمية وعربية جاهزة التفسيرات الصحفية ) . ثمة فيلم واحد اشتبك مع مواقع القلق على مستوى الفكرة الأولى بين ما هو حسي وما هو معرفي وهو " فيلم ثقافي " .

هل هذه هي السينما التي سيصبح الڤيديو بديلاً لها ؟

يا صاحب السؤال ، أعرف أنك تعني العرض العام !
لكني أتخيل ذلك اليوم الذي سيحل بغرفة ماكينة العرض بمصر المحروسة جهاز صغير يُعرَض من خلاله اسطوانات الـ D.V.D وجهاز آخر فوقه ، أقل حجماً، ومن نفس الشباك السحري سيصدر صوراً، على نفس الشاشة االبيضاء ، في ذات القاعة المظلمة ، للآخر الجالس بكرسيه يطبق تذكرته و ينتظر ..

السؤال الآن أصبح ملكي ، إذن فالاجابة تتطلب تحديد إلى أي سينما أنتمي !

هناك ثلاثة أنواع من السينما تهتم بالمتفرج "المجهول" وشباك التذاكر مؤشر مهم لها ، حتى إذا إدعى من لا يعرفها غير ذلك ! وهم بترتيب درجة الاهتمام بالتواصل مع الآخر المجهول ـ المتفرج ـ وكذلك سبب الرغبة في هذا التواصل : ( سينما البحث ، السينما التجارية ، السينما المستقلة ) (٤) .

سينما البحث : هي تلك السينما التي تعتبر البحث بعناصر صناعة الفيلم شرطاً أساسياً ورئيسياً لتجديد وتغيير اللغة السينمائية لكي تتجه بالفن السينمائي لخصوصيته السيميولوچية. وأمثلتها متروبوليس، والمواطن كين، وسايكو، وساتيركون، وتيوريما، وبرسونا، والقربان، ونظرة عوليس وهكذا .. العزيمة والسوق السوداء، المخدوعون، المومياء، الإختيار، السقا مات، مرسيدس، الطوق والإسورة، البحث عن سيد مرزوق، الحريف، وهكذا .. وهي تعمل على وتر الخيال الجمعي بمفهوم الإنعتاق المرفرف تحت راية الحداثة كمشروع فني وثقافي .

السينما المستقلة : هي تلك السينما التي راجعت أخطاء الطليعة بفن السينما، وأحدها الانجراف المبالغ فيه في التخصص اللغوي، نتج عنه الانفصال عن المتفرج والحديث للصفوة. وتعلمت أيضاً من نقاط القوة بالسينما التجارية، فيجب الابتعاد فيها عن الغموض الملتبس بالسرد، حتى إذا كان خطياً متقطع الصراع أو مغاير تماماً للسرد الأرسطي. وهي تنظر بحرص للماضي ومشروعه الحداثي ، وكذلك تنتقد بشدة الحاضر والمستقبل في مشروعهما المندفع "الما بعد حداثي" ، إلا أنها تتبنى بعض أفكاره عن اللغة السينمائية التي تتواءم مع نقدها لسلبيات المشروع الحداثي . لافظة فكرة الإنعتاق وموجهة إهتمامها التام صوب اليومي والهامشي بألعابه الكامنة والعنيفة والبريئة معاً .
سقط بالقانون، دخان، حزن في الوش، رمبل فيش، بلب فيكشن، عاري، مقابر خاوية، جنس وأكاذيب وشرائط فيديو ، وهكذا ..

يسري نصر الله و زكي فطين عبد الوهاب و أسامة فوزي، مخرجون كان لهم تماس متواتر مع ما سبق!

أنا أنتمي للسينما المستقلة، التي أعلن أحد ممارسيها العنيدين "چيم چاراموش" أنه لم يعد يعرف معناها بالتحديد. ذلك ربما لتسلق بعض الراغبين في السينما التجارية من خلالها، أو لجذب أضواء النيون للفراشات .. وربما أيضاً، والأهم، "نزول" بعض مخرجي سينما البحث لآليات التنفيذ المستقل بحثاً عن الخروج من أزمة إنتاج أفلامهم. كل هذا لا يهم، المهم أن هذه السينما قد طرحت نفسها بقوة، وساهمت في بث الحيوية بالوسيط السينمائي العالمي منذ السبعينات وبمصر منذ التسعينات . (٥)

وكما ذكرت، هناك مخرجون بمصر كان لهم اقتراب قوي لمنطق السينما المستقلة، أولهم، وأعني نصر الله، صور فيلمه على ١٦مم بإرادة صلبة، ثم وبمساعدة تمويل فرنسي، أخرجه للنور وهو "سرقات صيفية". إلا أن بداخله صفات تميزه كسينما بحث أكثر من كونه مستقلاً، لذلك نجد فيلمه التالي "مرسيدس" ينتمي في طرحه اللغوي للتعقيد والغموض السردي، في محاولة لاكتشاف "الجديد" باللغة السينمائية على طريقة سينما البحث. والملحوظة المهمة بهذا الفيلم، إنه بداخله وعود بسينما مستقلة، نراها في عالم سينما الدرجة الثالثة، وكذلك النقد الواضح لمشروع الحداثة السياسي والتخوف والريبة من فساد الحاضر الما بعد حداثي (مرسيدس)، وبالأخير ذلك القلق الكامن بمجمل رحلة البطل بين الحسي والمعرفي. ثم يأتي فيلم "المدينة"، الذي يزداد فيه اقتراب المخرج من السينما المستقلة، وابتعاده عن سينما البحث، ليس فقط بآليات الإنتاج، ولكن الأهم هو في ابتعاده عن الغموض والتعقيد السردي .

زكي فطين عبد الوهاب ، لسبب واحد لن أستطيع أن أتحدث عن فيلمه "رومانتيكا" وذلك لعدم اكتماله بالطريقة التي كان يريدها، وهنا تظهر فكرة التداخل الإنتاجي بين السينمات الثلاث التي قد تجهَض لعدم تحديد النوع بذهن الانتاج وصانع الفيلم. لكن اختيارات المخرج زكي فطين لفئة الخيرتية بالقاهرة وشخصياته الاستثنائية جعلت عالمه مستقل وقوي، وأرجو عودة هذا المخرج لصناعة الفيلم بأي إمكانية.

أسامة فوزي، ومصطفى ذكري، سينمائيان من العيار الغنوصي (٦) ، فيلمهما الأول "عفاريت الإسفلت" فتح إطار جديد للسيناريو للنظر للهامشي، لكن طموحه لخلق مجتمع فيلمي ينتمي لطموحات سينما البحث؛ فالكثافة العددية للشخصيات المساعدة جنحت بالفيلم لكتابة تقترب لنوع تبتعد عنه السينما المستقلة، ألا وهي كتابة "الملحمة" بمفهومها القديم للإنعتاق .
جرأة الفكرة سمة أساسية ترتبط بالاستقلال . إلا أن نموها وتطورها يقع على عاتق الجهد وعدم التسرع. إن "جنة الشياطين" وبرغم عدم إجابته على : لماذا عزل ومسرحة الهامشي ؟ إلا أنه أصبح من أهم محاولات السينما المخلصة .

هل الفيديو بديل للسينما ؟

بلقاء للمخرج "ڤيم ڤيندرز" مع شباب السينما بإيطاليا ، وذلك بعد تجربته بعمل فيلم روائي طويل بكاميرا Digital Hi 8 ، حثهم على عدم التنازل عن الأفكار ، والعمل بأي إمكانيات متاحة لهم .
وحيث أن فرص تمويل الأفكار المختلفة تقابل بمعوقات كثيرة ومتنوعة لتنفيذها بآليات السينما داخل مصر المحروسة ، أهمها التحمس وسرعة التنفيذ .
ولأني أؤمن بأن صدأ القلب والعقل يجعلا ( البقاء ) هو الرهان الوحيد وليس " الحياة " !
لذلك ، سأرد على سؤالك هل الڤيديو بديل للسينما بسؤالي لنفسي في البداية ، وهو ..

هل أنت ( شتاء ٩١ ) بديل لك ( أبريل ٢٠٠٢) ؟

اختفاء تدريجي ترقيمي ـ Digital Fade Out


عماد ارنست
مخرج وكاتب مصري

الجمالية ـ أبريل ٢٠٠٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) نشِرَ ببرنامج السينما المستقلة بمهرجان الإسماعيلية سبتمبر ٢٠٠٢ وبنشرة ملتقى الأفلام المستقلة ٢٠٠٦
(٢) بعد ما يقرب من ثلاث شهور عمل على المادة كانت النتيجة فيلم بعنوان "حمام تركي" ٢٤ دقيقة ١٩٩١ سيناريو وتصوير وإخراج عماد ارنست، ومونتاچ هناء ارنست، وصوت أحمد الجزار. وهو فيلم لا يخضع لشروط النوع عن عمال معالجة وتنقية أتربة ورش الصاغة بالجمالية من خلال أداء حركة واحدة لمدة ثماني ساعات يومياً للحصول على بواقي الذهب أو الفضة المتناثر بتلك الورش.
(٣) نتيجة لفتوح الثورة العلمية وزيادة وتيرة التخصص بدأ علم الإيكولوچيا Ecology في أواخر القرن التاسع عشر كفرع من البيولوجيا. ويعود المصطلح للعالم الألماني إرنست هايكل عام ١٨٨٦ كنحت من كلمة oikos الإغريقية وتعني منزل الأسرة وكدراسة للعلاقات التي تربط ما بين أعضاء كوكب الأرض. وبعام ١٩٠٩ أصبح العلم الذي يدرس العلاقات المتبادلة بين الكائن الحي وبيئته، ثم توسعت بحوثه لتتحرى التشوهات التي أصابت العقل والثقافة في مختلف أوجه الحضارة متطرقة للجدل والصراع الخاص بما هو حسي وما هو معرفي.
(٤) لأنه لا يوجد نموذج واحد أمثل، وأنه لا توجد سينما واحدة بل سينمات ثلاث يندرج تحتها عدد متنوع من السينمات تعمل تحت مسماها بحسب ثقافة مكانها وصانعها، يأتي هذا التحليل المقتضب للسينمات الثلاث ـ مُنحياً التجريبية لمنطق سردها الخاص ـ ليصبح هذا الرأي شخصي مثله مثل هذا النص المُهدى لصاحب السؤال.
(٥) لست من المحبذين لفكرة أن معيار المال قادر على تحديد من يقع بنطاق الإستقلال ومن بخارجه، وإلا سيصبح الأغنى مستقل أكثر من الفقير، والمستقيم أفضل من المكافح، وبالتأكيد سيترك العمل الفني ويبحث بالنيات مُسقِطاً المصطلح بدائرتي الثنائيات الكسولة و صيغة أفعل التفضيل المنغمس فيهما العقل المصري والعربي لدهور طويلة. لذا فالنص يبحث بالأساس في جدل الحسي والمعرفي بالفن، وأتى كمحاولة "شبه" تنظيرية لتأسيس المصطلح على أرضية "ثقافية" و"فنية" لا مراهقة سياسية تجادل بأمور تمويل بديهية الرفض في حالة خلافها مع قناعات صاحب العمل، طالما هو على قدر من الوعي والتمسك بهذه القناعات. وهو أيضاً ليس مراهقة إجتماعية تجعل من الدولة جزء منفصل عن الفرد، حتى وإن كانت مؤسساتها تمر بأوهن مراحلها، فما يحدث مجرد ظرف تاريخي، قاسي بلا شك، الرهان فيه على "صلابة الوعي والإرادة" ومدى "تماسك القناعات" وبالأخير على حب "السينما المصرية" دون شوفينية تحجم من إمكاناتها الكثيفة والغنية للغاية !!!
(٦) يرجح ظهور الغنوصية كإتجاه فلسفي وديني لمصر القرن الأول الميلادي في الرسائل الرمزية لهرمز مثلث الحكمة أو العظمة. وكل مفاهيمها وتصوراتها تتمحور حول مفهوم التحرر والانعتاق. وخلاصها لا يأتي عبر عبادات شكلية أو طقوس ما لم تترافق مع المعرفة وتكون مقدمة لخلاص من الجسد والعالم بآن واحد. فبعثها هو بعث للأرواح لا للأجساد. لذا يعد صراعها الانساني صراع بين عرفان يؤدي به للخلاص، وبين جهل يبقيه في دورة الميلاد والموت. ولمن شاهد فيلم "جنة الشياطين" قد يلحظ التماس الشديد مع هذا البعد الفلسفي مع مزيج من الأبيقورية والنتشوية مغلفة بسحر بيرجماني كجماليات سينمائية جاذبة بشدة لهذه التوجه الفني.


***


صلاح هاشم : مقال جد بديع فكريا وجماليا، ولدي كتاب حديث شيق بعنوان " دراسة السينما الامريكية المستقلة " لرونا موراي_ انظر الصورة المرفقة مع المقال -  تكتب فيه عن " حضور " السينما المستقلة منذ بدايات السينما الأولي ونشأة الاستوديوهات في هوليوود، من عند شارلي شابلن مثلا في افلامه الأولي ويدخل ماكان يصنعه في إطار " السينما المستقلة " أيضا، حيث كان يعرض في أفلامه للصعاليك المشردين والعاطلين عن العمل ولم تكن هذه " النماذج "تهتم بها السينما التجارية، أوقامت لتصورها، ومرورا بأفلام كازافيتس وميكس ودافيد لينش وجورج روميرو وجوس فان سانت وجامروش وحتي الاخوين كوين ..أفلامهم جميعا تدخل أيضا في كادرأو مايطلق عليه بـ" السينما الامريكية المستقلة". والمهم بالنسبة لتصنيف أو سؤال فيديو ولا سينما ، أن تكون في الأفلام من اي نوع " سينما " أولا  بلغة الصورة، وأنا شخصيا لا احب " الوضوح "في السينما ،ولا اعتقد اننا نحتاجه، وأحب" الغموض " في الأفلام لأنه يمنحنا "قراءات" متباينة لها وبعدد مشاهديها ، وتسمح للمشاهد بأن يشارك أيضا في صنع الفيلم..
عماد إرنست : أولا .. شكرا لإهتمامك بالقراءة والتعليق استاذ Salah Hashem وثانيا؛ أتمنى إقتناء نسخة من كتابك ،فقد فاتني متابعة إصداره .. من أي زاوية بيع أستطيع شرائه !؟ .. ثالثا؛ "الغموض" هو أرضية وبوابة اختراع الصور المتحركة ذاته ،ولكن الأهم "فعلا"، بالنسبة لي، هو سؤال " ماذا نريد أن نفعل به ؟ " .. رابعا؛ تحياتي مرة أخرى للإهتمام ،وهذا ما عهدته منك من شغف بفن الصور المتحركة..
صلاح هاشم : ولايهمك،بالنسبة للكتاب لك نسخة  منه مع إهداء في ذمتنا، حين نلتقي قريبا جدا في مصر، وشكرا لكلمتك الرقيقة ، محبتي..

                                      ***


"خطاب " السينما المستقلة بقلم صلاح هاشم في " نزهة الناقد " .


" خطاب " السينما المستقلة

فيلم وداعا للغة لجان لوك جودار الحاصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان " كان " السينمائي الدولي عام 1914

بقلم

الناقد
صلاح هاشم

نزهة الناقد " " . فقرة بعنوان خطاب " السينما المستقلة بقلم صلاح هاشم.
عندما نحكي عن " السينما المستقلة " فمن الضروري- هكّذا فكرت - أن نحكي ليس فقط عن تاريخها ونشاتها لكن عن " خطابها " ايضا وبشقيه الفكري والجمالي لأن " خطاب السينما التجارية التقليدية السائدة وبخاصة في أفلام التفاهة والعته والإسفاف والعبط التي ينتجها لنا السبكي أفندي كما في فيلم " حياتي مبهدلة " بطولة محمد سعد واصبحنا نقصف بها في كل وقت، ويتساءل ناقد تري من سوف يقبل على مشاهدة فيلم كهذا ولايوجد به اي " إبداع " ! هو خطاب من ليس لديه اي شييء ليقوله بالمرة،

 ويبدو للاسف ان هذا هو " حال " المنتجين في بلدنا في افلامهم العقيمة ومسلسلاتهم الواقعة الساقطة المنهارة وان هززتها فلن يسقط منها اي شييء بالمرة غير بلطجي شمام ورقاصة.خطاب لادماغ له.خطاب يريد فقط مداعبة غرائزنا ومشاعرنا ويزغزغجنا بكافة الطرق والاساليب ليضحكنا بتفاهاته حتى لو دعت الحاجة للأسف الى امتهان كرامة ممثل بدا في الفيلم كما لو كان يعلن عن إفلاسه ، وعينه- الخطاب- فقط على إيرادات شباك التذاكر . في حين أن خطاب السينما المستقلة هو خطاب غير ممتثل غير خاضع، ويقدم لنا مالاتعرف اننا نريده ،ويطرح " رؤية " جديدة و " خطابا " مغايرا ".خطاب يوظف السينما الفن كأداة للتأمل والتفكير، ويطور هكذا من فن السينما ذاته بكل اختراعات وابتكارات الفن المدهشة.
السينما المستقلة هي " منبر " حر للابداع، والتفكير..

والصورة المرفقة لقطة من فيلم " وداعا للغة " البديع لجان لوك جودار
وملصق فيلم حياتي مبهدلة

فيلم " حياتي مبهدلة " ممثل يشهر إفلاسه ؟ بقلم مجدي الطيب في مختارات سينما إيزيس

مختارات سينما إيزيس

« فيلم : " حياتي مبهدلة " ممثل يشهر إفلاسه ؟ .»

بقلم


مجدي الطيب


منذ عامين أنتجت شركة «السبكي فيلم للإنتاج السينمائي» (أحمد السبكي) فيلماً بعنوان «تتح» أخرجه سامح عبد العزيز اختارت لبطولته نجمها محمد سعد،الذي تنظر إليه بوصفه «الدجاجة التي تبيض ذهباً»،وبرغم الفشل الذريع الذي حققه الفيلم إلا أن الشركة عادت،لسبب مجهول،وأنتجت فيلماً جديداً بعنوان «حياتي مبهدلة» تنطلق أحداثه من الشخصية الرئيسة «تتح»،الذي تحول من بائع صحف فاشل في الفيلم القديم إلى رئيس نوبتجية الأمن في مول شهير !


بعيداً عن المفارقة الكوميدية المتمثلة في اختيار «تتح» بمشيته العرجاء،وهيئته البلهاء،وملامحه الغارقة في السذاجة، وشخصيته التي لا تخلو من عته،ليتحمل مسئولية الحفاظ على أمن المول،وترسيخ الانضباط في المكان،يشهد الفيلم مفارقة أخرى تكمن في اتجاه الشركة المنتجة إلى تصعيد شادي علي مدير تصوير فيلم «تتح» (2013) ليصبح مخرجاً لفيلم «حياتي مبهدلة»،فيما جددت الثقة في السيناريست سامح سر الختم،وعهدت إليه وحده كتابة ما يمكن تسميته «تتح 2»،في حين أطاحت بشريكه محمد نبوي،الذي تعاون معه في كتابة قصة وسيناريو وحوار «تتح» !
منذ المشهد الأول،الذي جرى فيه استدعاء «تتح» ليخمد تمرد مجموعة الأمن،التي يُطالب أفرادها برفع المرتبات، والاستعانة بكلاب تعينهم في مهمتهم،يقع الفيلم في فخ الابتذال والانحطاط؛إذ يستنكر «تتح» مطالبتهم بالاستعانة بكلاب حراسة،ولا يرى فارقاً بينهم و«الكلاب»،وفي المشهد التالي مباشرة يوافق على مرور زبائن المول عبر البوابات الإلكترونية من دون كشف لكنه يستوقف رجلاً بحجة أنه مشتبه فيه،ويُشبعه سخرية وتحقيراً لأنه ضخم الجثة والرأس!
لم يترك محمد سعد نقيصة لم يرتكبها في «حياتي مبهدلة»؛فالأداء يميل إلى المبالغة،ومخارج الألفاظ مُبهمة، والعشوائية والإيحاءات الجنسية تصدم المشاهد،ومع كل هذه البلاهة يريد الكاتب أن يوهمنا بأن بطله يمتلك فراسة، وسرعة بديهة،وعينين تفضحان المشتبه فيهم،ومن ثم تذخر مواقف الفيلم بالافتعال،وتتسم الحوارات بالارتجال في معناه السلبي،ونلمح الورطة التي أصابت المخرج شادي علي،وأراد النجاة منها من خلال الزج بنفسه،وبالفيلم،إلى معترك السياسة،تارة بالسخرية على شعار «آسفين ياريس»،وأخرى بالهجوم على قناة «الجزيرة»،التي تحرض الشعب ضد الجيش والشرطة،وتستحق أن يفض «تتح» بكارة طاقمها،وثالثة بتحميل «داعش»،المسئولية عن كل ما يجري في واقعنا،وهي محاولة يائسة من الكاتب والمخرج للخروج من أزمات كثيرة بعضها ناتج عن مشاكل إنتاجية،كالديكورات الفقيرة (تامر فايد)،والحارة التقليدية،والكادرات البليدة (تصوير وائل خلف)،وأخرى سببها العقم الدرامي؛فالعلاقة العاطفية بين «تتح» و«فاتن» - نيكول سابا - لا تنطلي على الجمهور،لكن السيناريست يؤمن بأن عشق الجسد فان وعشق الروح مالوش آخر،فيلجأ إلى افتعال خزعبلات عن القط الذي دهسه «تتح» بسيارته فظهرت خطيبته القطة الكونتيسة - ايمان سيد – لتثأر منه، وتسعى لإجهاض مشروع زواجه و«فاتن»،وكان بمقدور السيناريست،ومعه المخرج،أن ينسجا من هذه العلاقة الثأرية، والصراع بين عالم القطط،وبني البشر،تجربة سينمائية غاية في الإثارة تمنحنا،في النهاية،فيلم رعب أو فيلم فانتازي،لكن قلة حيلة السيناريست،وافتقاد المخرج ملكة الإبداع،قاد الفيلم إلى بئر سحيق من التراجع التقني والميتافيزيقي؛فالبطل يبحث عن الشفاء مما ظنها هلاوس وتهيؤات لدى «الشيخ جلال» - حسن حسني – الدجال بشكله التقليدي،وطقوسه السخيفة،وتوظيف الخدع والمؤثرات (ياسر النجار) تم بشكل بدائي للغاية،مقارنة بما نراه في السينما العالمية؛بسبب الحبكة الضعيفة،والتنفيذ الهزيل،والتكرار الممل في نوعية لا يمكن أن تُصيب المشاهد بملل من أي نوع !
السؤال الذي طاردني عقب مشاهدة أحداث فيلم «حياتي مبهدلة» : «هل يمكن لمخلوق طبيعي أن يحتمل متابعة هذا الفيلم طوال الساعة ونصف الساعة ؟» ولم أواجه معاناة في البحث عن الإجابة؛فالتجربة ثقيلة الظل،ومرهقة للعقل والقلب معاً،والاعتماد على التضاد أملاً في خلق مفارقات كوميدية لم ينجح،والفكرة التي كان يمكن أن تقودنا إلى فيلم مشوق انتهت بنا إلى فيلم يخلو من المفاجآت،لا يعرف الطريق إلى الكوميديا،بل يدعو إلى التثاؤب،ويقودك إلى يقين جازم أنك شاهدته من قبل؛كما في أغنية «خلتني أقول»،التي غناها سعد مع صافينار،وهي نسخة مكررة من أغنيتيه مع بوسي في «تتح» ومي عز الدين في «اللمبي 8 جيجا»،وأن محمد سعد يُصر على إهدار مجهوده في فيلم مستهلك كل ما فيه مُستنسخ من شخصياته وأفلامه السابقة؛مثل : تتح،اللمبي،عوكل،كركر،كتكوت وبوحه. وكأنه يُعلن على الملأ أنه يُشهر إفلاسه !

عن " الجريدة " الكويتية بتاريخ 31 يوليو
 

الأربعاء، يوليو 29، 2015

مهرجان الفيلم العربي في عمان يدعم سينما الحق في الاختلاف بقلم رامي عبد الرازق في مختارات سينما إيزيس




 مختارات سينما إيزيس




مهرجان الفيلم العربي بعمان يدعم سينما الحق في الاختلاف

بقلم
 

رامي عبد الرازق




نظام أعمى يأكل أبناءه في الفيلم العراقي 'تحت رمال بابل'، أما في فيلم 'سارة 2014' فإن الحصار يأتي من الداخل أيضا.




هذا العام ضمّ برنامج مهرجان الفيلم العربي بعمّان ثمانية أفلام من سبعة بلدان عربية، وافتتح فيلم “ديكور” إخراج أحمد عبدالله وإنتاج 2014 فعاليات المهرجان بحضور المخرج وبطل الفيلم خالد أبوالنجا، ثم توالت العروض بواقع فيلم واحد كل يوم، تعقبه مناقشة مفتوحة مع الجمهور بحضور منتجي الأفلام الذين تمكن المهرجان من دعوتهم، بينما شارك كاتب هذه السطور في إدارة نقاشات الأفلام التي لم يتمكن صناعها من القدوم إلى عمّان لحضور عروض أفلامهم.إلى جانب فيلم “ديكور” عرض المهرجان فيلم “بتوقيت القاهرة” للمخرج أمير رمسيس، ليمثل كلا الفيلمين المشاركة المصرية ضمن الفعاليات، كذلك عرض من سوريا “أوراد” للمخرج سامر نجاري، ومن السودان “على إيقاع الأنتونوف” للمخرج الشاب حجوج كوكا والذي سبق له وأن حاز على جائزة الجمهور كأفضل فيلم وثائقي في مهرجان تورنتو عام 2014.ومن فلسطين عرض فيلم للمخرج خليل المزين “سارة 2014”، ومن العراق “تحت رمال بابل”، للمخرج محمد دراجي الذي حاز على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبوظبي عام 2013، ومن المغرب قدم المهرجان أول أفلام المخرج الشاب محمد أمين بن عمراوي “وداعا كارمن”، وشهد آخر أيام المهرجان عرض الفيلم الأردني الفلسطيني “حضور أسمهان الذي لا يحتمل” للمخرجة عزة الحسن.



الفيلم اختلاف



بدت السينما منذ ظهورها قبل أكثر من قرن محاولة مختلفة للتعبير عن مشاعر وتفاصيل وأفكار وانفعالات ونماذج وأنماط بشرية لا نهائية، وقد بدت أقرب لدرة تاج الفنون الإنسانية منذ حاول الإنسان أن يرسم ظله على كهوف الجبال.والآن أصبح من المتعارف عليه والبديهي أن صناعة الفيلم -الجيد أو الناضج- هي في النهاية موقف من الحياة والذات والعالم، سواء كان هذا الموقف مختلفا أو متسقا مع مواقف بشر آخرين ومعبر عنهم أو حتى مناهض لمبادئهم، وكلما كان الفيلم أقل دعائية وادّعاء وأكثر قربا من سياقات التعبير الفني والإبداعي الراقي، وكلما ابتعد عن الديماغوجيا والتراكيب التجارية المبتذلة شكلا وموضوعا، كلما أصبح مساحة حرة للاختلاف وطرح الأسئلة والبحث عن إجابات في ما وراء الصورة والحدث والشخصيات.وانطلاقا من شعار غير معلن هذا العام، اختارت إدارة مهرجان الفيلم العربي الأفلام الثمانية التي تتوافر لديها ميزة تلك المساحة الحرة في التعبير والرغبة في الإعلان على أن الحق في الاختلاف مشروع وقائم، طالما لا تصادر الأفلام حقوق الآخر أو تطمسها، وطالما كان متاحا للآخر أن يشاهد ويناقش ويختلف دون اتهام أو هجوم.وفي فيلم “ديكور” حين قررت مها المهندسة الشابة أن تهرب دون إرادة منها إلى واقع مواز لواقعها الحياتي مع زوجها، خرجت من دائرة المعتادين على سياق الحياة إلى الراغبين في خوض مغامرة مختلفة، ربما تفضي بها إلى مساحة حرية أو قرار مغاير من شأنه أن يصلح علاقتها بالعالم ويحقق لها الوجود الذي ترغب فيه.وفي فيلم “بتوقيت القاهرة” حين اتخذت سلمى موقفا مخالفا للأعراف والتقاليد والسياقات الاجتماعية والدينية في مجتمع كابت وضاغط ومزدوج، وذهبت في خلوة عاطفية مع حبيبها وائل، انتقلت إلى طرح سؤال الاختلاف القائم على تقبل ما هو مع الطبيعة الإنسانية والمشاعر الجميلة، ضد تحكمات المادة وكلام الناس والتربية ذات المفاهيم المغلوطة.بينما لم تفلح أمها الممثلة المعتزلة في موقفها المنساق وراء الفتاوى العبثية -ضرورة تطليق الممثل للممثلة التي أمامه في الفيلم، إذا ما تزوجها ضمن الأحداث لأن الجمهور كان شاهدا عليهم- في تحقيق أي إنجاز ذاتي أو نفسي أو عاطفي، بل تصبح محط سخرية الممثل العجوز الذي ذهبت ترجوه أن يطلقها، لكي تتزوج من شخص آخر.



ضحية الاختلاف



في فيلم “وداعا كارمن” الذي يذكرنا كثيرا باثنين من أفلام الإيطالي الكبير جيوسبي تورناتورى “ميلينا” و”سينما باراديزو”، تصبح علاقة الطفل عمار الذي يسكن في ريف الشمال المغربي بكارمن الأسبانية التي تعيش مع أخيها مدير السينما عام 1975 -سنة المسيرة الخضراء في قضية الصحراء المغربية- محط أنظار البلدة، رغم أنها كانت تستخدمه كساعي بريد بينها وبين حبيبها صاحب محل الدراجات الذي بمجرد أن تعرض لإرهاب من خال عمار الذي يحب كارمن، قرر أن يبتعد عنها ولا يتمسك بها.مما دفعها إلى العودة إلى أسبانيا رغم أن أمها مدفونة في تراب المغرب، وهو ما يمثل تناولا جيدا لفكرة نبذ الآخر ورغبتنا في وضعه إما داخل سياقاتنا المحددة -زواجها من الخال- أو التخلي عنه ودفعه للمغادرة، رغم أن جذوره العاطفية والأسرية تمتد في مجتمعاتنا التي تنغلق تدريجيا، وتصبح طاردة بعد أن كانت قادرة على احتواء الاختلاف ودمج الثقافات والأفكار بل والمشاعر.وبالطبع لا يوجد طرح مباشر وصادم لفكرة الاختلاف بقدر ما يوجد في الأفلام ذات البعد السياسي الواضح، وهو ما يبدو جليا في فيلم “تحت رمال بابل” الجزء الثاني من ثنائية “بابل” للمخرج العراقي محمد دراجي.

ومن خلاله نتابع أربع شخصيات إحداها متخيلة، والثلاث الأخرى مجموعة من الناجين من المقابر الجماعية التي حفرها نظام صدام حسين لوأد ثورة الجنوب التي اشتعلت ضده عقب حرب الخليج الأولى عام 1991.الشخصية الخيالية هي لجندي كل ما فعله هو الطاعة العمياء للنظام سواء في سيره ضمن جيوش غزو الكويت، أو تصوره أنه حين يعود سوف يحتويه النظام مرة أخرى كجندي فيه، لكن النظام الذي لا يقبل الاختلاف معه هو نظام أعمى يأكل أبناءه قبل أعدائه.فكان مصير إبراهيم أن ألقي في حفرة ميتا، بينما عاشت الشخصيات الحقيقية الثلاث التي كانت ضمن مجموعة الثوار المختلفين والمخالفين للنظام، لأن حقهم في الثورة والاختلاف مع نظام دكتاتوري منحهم الحق في البقاء على قيد الحياة في النهاية، بعد زوال النظام وجنوده.

في مجتمع مغلق ومحاصر مثل المجتمع الغزاوي في فيلم “سارة 2014”، يصبح الاختلاف مصيبة ووبالا على رأس كل من تسول له نفسه أن يصنع خطا حياتيا مغايرا، سواء بحجة أنه ضد التقاليد أو منافٍ للقضية العامة. فالمخرج السينمائي الذي يحاول أن يصنع فيلما عن الفتاة التي قتلت من قبل أخيها لمجرد الاشتباه بأنها كانت على علاقة مع شاب، يجد نفسه في متاهة عظيمة داخل حارات وشوارع المدينة المحاصرة، بحثا عن إجابات حقيقية لسؤال: لماذا قتلت سارة؟.ليكتشف ونكتشف معه أن أزمة هذا المجتمع تحديدا لا تكمن فقط في الحصار من العدو الخارجي، بل من حصار آخر داخلي تفرضه سياقات وقيود اجتماعية ونفسية وعاطفية أصبحت ضد البشر والإنسانية، وليست حماية لهم أو لوجودهم.

قتلت سارة لمجرد الاشتباه في أنها حاولت أن تتعامل بشكل مختلف مع حبيبها، ولم تتمكن من اللحاق بلحظة الصفاء والسلام الداخلي التي حققتها سلمى في “بتوقيت القاهرة”، حين قررت أن لها الحق في الاختلاف مع المجتمع، لصالح مشاعرها وأفكارها.وهكذا أصبحت الأطلال التي نراها في نهاية فيلم “سارة” ليست فقط نتاج القصف الإسرائيلي، بل أيضا نتاج العراك الداخلي بين عناصر المجتمع وذوات البشر فيه، إنه حطام داخلي قبل أن يكون دمارا من جراء عدوان خارجي.

عن جريدة العرب اللندنية بتاريخ 28 يوليو 2015

الاثنين، يوليو 27، 2015

الاسكندرية عندما كانت " هوليوود الشرق " وليتها تعود بقلم على نبوي في " مختارات سينما إيزيس "

مختارات سينما إيزيس
عندما كانت الأسكندرية هوليوود الشرق، وليتها تعود!

دور الجاليات الأجنبية فى سينما الإسكندرية

بقلم
 
على نبوى


كان لموقع الإسكندرية المتميز بحوض البحر المتوسط عامل هام من عوامل انتقال كثير من مهاجرى الدول المطلة على البحر المتوسط
كإيطاليا وفرنسا وسواحل البلقان فى اليونان وألبانيا..
وبالتدريج بعد أن كان الغرض هو التجارة واستخدام مدينة الإسكندرية كطريق مرور عالمى

أقام هؤلاء المهاجرون بالمدينة وانصهروا مع أبنائها،
وأصبحوا جزءاً من كيانها الحضارى..
ومن المعروف أنهم كانت تربطهم علاقات وطيدة ببلدانهم
ولذا كانوا يحضرون معهم كل المخترعات التى تتم فى أوروبا، ومن هذه الاختراعات كانت السينما.
ظاهرة فوضى الإنتاج:
هناك إجماع على أن أول عرض سينمائى لأفلام لوميير الأولى بالعالم العربى تم فى الإسكندرية فى 5 نوفمبر 1896.
ثم بدأت العروض تنتشر فى جميع أنحاء الإسكندرية وخاصة للجاليات الأجنبية.. فكانت العروض للجالية الفرنسية تتم فى "سينماتوغراف لوميير".. وكانت أول العروض فى يناير 1897.
وكانت العروض التى تهم الجالية الإيطالية تتم فى "سينماتوغراف ايربانوراما" التى تم افتتاحها فى 17 أغسطس 1906 فى شارع صلاح الدين.
وفى عام 1906 استورد المصوران الإيطاليان "عزيز بندرتى" و"امبرتو ملافاس دوريس" الاسطوانات الناطقة للتعليق على الأفلام التى يعرضونها بدار العرض التى أقاماها فى 29 نوفمبر 1906 وهى "سينمافون عزيز ودوريس" بمحطة الرمل والموجودة مكانها الآن سينما ستراند، وكان يعمل معهما المصور "إلفيزى أورفانللى".
كما قام بعض المصورين الأجانب المقيمين بالإسكندرية فى عام 1907 بإحضار أشرطة فيليمة من دول أوروباوخاصة فرنسا، وكانت مدة كل شريط 10 دقائق.. وقام أحد هؤلاء ويدعى "مسيو لاجارين" بإقامة دار عرض سينمائى باسم سينما "باتييه"، وقام بعرض الأفلام التى جلبها من فرنسا بغرض الاتجار والربح.. ثم قام بإحضار معدات تصوير وأخذ يسجل ويعرض الأحداث الهامة بمدينة الإسكندرية ومنها "عودة الخديوى من الآستانة" و"القداس بكنيسة سانت كاترين" و"حركة المسافرين بمحطة سيدى جابر".
كما قام عزيز ودوريس فى 21 يونيو 1907 بنصوير "زيارة الخديوى للمعهد العلمى بمسجد أبى العباس"- وقد جاء فى كتاب "تاريخ السينما المصرية" للمؤرخ أحمد الحضرى:"إن شريط زيارة الخديوى للمعهد العلمى يعد أول تصوير سينمائى محلى فى تلك الحقبة" وتوالى بعد ذلك إنتاج الأشرطة الفيلمية للإيطاليين "لاريتشى، وبوتشينى، وأمبرتو دوريس"
مرحلة إقامة شركات الإنتاج والاستديوهات:
عندما قامت الحرب العالمية الأولى، حدثت أزمة اقتصادية فى إيطاليا كان لها تأثير كبير على صناعة السينما التى كانت تعتمد على السوق المصرية فى توزيع أفلامها.. فقرر بعض رجال المال وبعض صغار صناع الأفلام العمل فى مدينة الإسكندرية كمكان بديل يواصلون فيه إنتاج أفلامهم وذلك لوجود جاليات أجنبية كثيرة وكبيرة بالإسكندرية وخاصة الجالية الإيطالية، فتم عقد إتفاق بين مسيو دوريس وبنك دى روما على تمويل إنتاج أفلامهم السينمائية، وكانت بداية تكوين أول شركة سينمائية فى مصر باسم "الشركة الإيطالية المصرية للسينما" وقد تكونت فى 30 أكتوبر 1917.
قامت بعد ذلك من 1920-1926 عدة شركات سينمائية مملوكة لأجانب مقيمين بالإسكندرية، من هذه الشركات:
شركة "كوندور فيلم" لصاحبيها إبراهيم وبدر لاما.
شركة "الفيلم الفنى" لصاحبيها شوتز وبوتشينى.
شركة "مؤسسات جومون" لتوزيع الأفلام الفرنسية فى مصر.
بعد تكوين "الشركة الإيطالية المصرية السينمائية" قامت بإنشاء أول استوديو سينمائى فى الإسكندرية عام 1917، وقد أقامته على قطعة أرض مساحتها 600متر مربع بمنطقة النزهة وأسمته "استوديو النزهة"، وكان أول إنتاج لهذه الشركة فيلم "شرف البدوى" ثم فيلم "الأزهار المميتة" وكان طول عرض كل فيلم قد بلغ عشرين دقيقة، وقد عرض الفيلمان فى أواخر عام 1918 بدار عرض "سانتكلير" بالإسكندرية، وفشل الفيلمان فشلاً ذريعاً، وقد شارك محمد كريم بالتمثيل فى هذين الفيلمين، وتوقفت الشركة عن العمل وأنهت أعمالها بالإسكندرية وأشهرت إفلاسها.
وقام المصور الإيطالى "الفيزى أورفانللى" بشراء كاميرات التصوير وآلات الطبع والتحميض من الشركة، ثم قام بإنشاء استوديو سيتنائى ضخم فى فيلا بشارع القائد جوهر بمنطقة المنشية، وشرع فى إنتاج الأفلام القصيرة. وفى عام 1919 استعان بزميل له يدعى "لاريتشى" ليخرج له فيلم "مدام لوليتا" وقام هو بالتصوير، وقد قام ببطولة الفيلم أعضاء فرقة دار السلام لصاحبها "فوزى الجزايرلى" الذى عمل بعد ذلك فيلم "ليلة فى العمر" من إخراج "الفيزى أورفانللى" وذلك عام 1937. وفى عام 1920 أنتج فيلم آخر باسم "الخالة الأمريكية" وأخرجه "بون فيل" صاحب "سينماتوغراف راديوم" بشارع عماد الدين بالقاهرة، وقد قام "على الكسار" بأداء دور امرأة لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية، وفى عام 1922 عرض فيلم "خاتم سليمان" وقام بتصويره "الفيزى أورفانللى" واخرجه "لاريتشى".
ثم أخرج "الفيزى أورفانللى" عدة أفلام فى بداية الثلاثينات بعد أن نقل نشاطه إلى القاهرة، ومن هذه الأفلام:
ثمن السعادة عام 1937 بطولة فاطمة رشدى وحسين صدقى.
خدامتى عام 1938 بطولة مختار عثمان وسلوى علام.
يوم المنى عام 1938 بطولة على الكسار وسلوى علام.
تحت السلاح عام 1939.
أحب العقل عام 1940.
مرحلة صناعة النجوم والعصر الذهبى للسينما:
فى عام 1926 وصل إلى الإسكندرية عن طريق الميناء بواسطة إحدى السفن شابين فلسطينيين قادمين من شيلى وهما (بدر لاما 1907-1947) و (إبراهيم لاما 1904-1950) انضما إلى جماعة "أنصار الصور المتحركة" التى تحولت بعد ذلك إلى شركة سينمائية عرفت باسم "مينا فيلم" وضمت كل هواة الفن السينمائى بالإسكندرية"، ثم قام الخوان لاما بتأسيس شركة "كوندور فيلم" وإنشاء "استوديو لاما" فى صحراء فيكتوريا.
وفى عام 1927 بدأ "إبراهيم لاما " إخراج أول أفلامه "قبلة فى الصحراء" الذى قام ببطولته "بدر لاما" إلى جانب ممثلة أجنبية فرنسية هى "إيفون جينادى"، وكان الفيلم تقليداً للأفلام الأمريكية التى كان يقوم ببطولتها "رودلف فالنتينو" التى كانت تعتمد على الفروسية والمغامرات، وقد عرض فى 5 مايو 1927 بدار سينما "الكوزموجراف الأمريكية" بالإسكندرية، وقد تكلف إنتاجه خمسة آلاف جنيه مصرى، وطوله سبعة فصول، ويلاحظ أن عرضه قد تم قبل فيلم "ليلى" الذى تؤرخ له بدايات السينما فى مصر، والذى عرض بعد فيلم الأخوين "لاما" يوم 16 نوفمبر 1927.
وفى عام 1928 كان فيلمهما الثانى "فاجعة فوق الهرم"، وقد كتب له الأخوان لاما القصة والسيناريو والحوار وقاما بالتصوير والمونتاج والإخراج، وكان من بطولة "بدر لاما" و"فاطمة رشدى" وشقيقتها "رتيبة رشدى" و"محمود خليل راشد"، ولكن الفيلم فشل وهوجم من النقاد.
وفى عام 1931 كان فيلمهما الثالث "معجزة الحب" الذى قام ببطولته "بدر لاما" و"مختار حسين" الرياضى المعروف آنئذ، و"ثريا رفعت" وأخرجه "إبراهيم لاما، وكان هذا الفيلم آخر أفلام الأخوين لاما بالإسكندرية.. وانتقلا بعد ذلك إلى القاهرة، وقاما بإنشاء "استوديو لاما" بحدائق القبة -فيما بعد عرف باسم استوديو جلال- وقدما من خلاله أفلاماً اجتماعية وكوميدية وتاريخية منها:
وخز الضمير عام 1931 تمثيل آسيا- مارى كوينى
الضحايا عام 1932 تمثيل بهيجة حافظ - زكى رستم.
شبح الماضى عام 1934 تمثيل نادرة - بدر لاما
معروف البدوى عام 1935 تمثيل نبوية مصطفى - بدر لاما
الهارب عام 1936 تمثيل سمير عبد الله (ابن بدر لاما)
نفوس حائرة عام 1937
الكنز المفقود عام 1938 إخراج إبراهيم لاما
ليالى القاهرة عام 1938 تمثيل حسين المليجى - نعمات المليجى
قيس وليلى عام 1939
رجل بين امرأتين عام 1940 تمثيل بدرية رأفت - أمينة رزق- بدر لاما
صلاح الدين عام 1941
ابن الصحراء عام 1942
خفايا الدنيا عام 1942
الستات فى خطر عام 1942
كليوباترا عام 1943 تمثيل بدر لاما - أمينة رزق - بشارة واكيم
عريس الهنا عام 1943
نداء الدم عام 1943
كنز السعادة عام 1946 تمثيل فاتن حمامة- سمير عبد الله
الحلقة المفقودة عام 1947 تمثيل فاتن حمامة- أحمد علام- حسن فايق
يسقط الحب عام 1947
البدوية الحسناء عام 1947
توجو مزراحى.. مرحلة بناء السينما المصرية وازدهارها:
ولد "توجو مزراحى" بمدينة الإسكندرية فى 2 يونيو عام 1901 لأسرة متمصرة، تعلم بمدارس الإسكندرية حتى حصل على دبلوم التجارة الفرنسية، رحل إلى إيطاليا فى عام 1921 ليكمل تعليمه فى دراسة التجارة ولكنه انتقل إلى فرنسا، وفى عام 1928 عاد إلى الإسكندرية.
قام بتأسيس شركة "الأفلام المصرية" بالإسكندرية، وفى عام 1929 قام بإنشاء استوديو سينمائى -توجد مكانه الآن سينما ليلى بباكوس- وجهزه بمعدات التحميض والطبع وغرف الممثلين، وفى بداية رحلته مع السينما ظهر تحت اسم "أحمد المشرقى" خوفاً من غضب عائلته.
فى عام 1930 عرض أول أفلامه "الهاوية" بدار سينما "بلفى"، وبعد ثلاثة شهور عرض فى القاهرة تحت اسم جديد "الكوكايين" فى 23 فبراير 1931، وقد قام "توجو مزراحى" بإنتاج وإخراج وتصميم الديكور وكتابة السيناريو والحوار وعمل المونتاج، وقام بتمثيله ممثلون بأسماء مستعارة مثل "عبد الله ثابت" "فاطمة ثابت" "فاطمة حسن مشرقى".
وأحداث فيلم "الهاوية" أو "الكوكايين" دارت حول عامل يحاول إغراء زوجة صديقه الجميلةبالمال واستمالتها فيفشل، فيسعى للوصول إليها عن طريق دفع هذا الصديق إلى إدمان الكوكايين، فينحرف ويطرد من عمله، وتنهار الأسرة، وتتطور الأحداث إلى أن يقتل هذا المدمن ابنه ويُحكم عليه بالإعدام، أما الصديق الشرير فيموت بالسقوط من فوق إحدى السقالات التى يعمل عليها فى إحدى العمارت. ومن الملفت للنظر أن الذى قام بتصوير الفيلم "الفيزى أورفانللى"، كما أنه من الملفت للنظر أيضاً أنه عند عرض الفيلم فى القاهرة قام حكمدار القاهرة الإنجليزى فى ذلك الوقت "رسل باشا" بإرسال خطاب شكر لتوجو مزراحى عن إنتاج هذا الفيلم الذى يعالج مشكلة غجتماعية خطيرة فى نظر الحكمدار.
فى العام التالى 1932 قدم فيلم "5001" (خمسة آلاف وواحد) وقد قامت ببطولته "دولت رمزى".. وفى عام 1933 قدم فيلمه الناطق الأول "أولاد مصر" من تمثيله مع "حنان رفعت" وشقيقه الذى اختار لنفسه اسم "عبد العزيز المشرقى".. ويعتبر هذا الفيلم من أوائل الأفلام التى قام بتصويرها مدير التصوير الرائد عبد الحليم نصر، وقد قام بتصوير جميع أفلام "توجو مزراحى" التى أخرجها بعد ذلك فيما عدا فيلم "ليلة ممطرة".
تدور أحداث فيلم "أولاد مصر" عن شاب فقير لكنه متفوق فى دراسته ويقع فى حب شقيقة زميله فى الدراسة وهى ابنة باشا، ولكنه ابن لرجل يعمل على عربة كارو، ويتقدم لخطبتها لكن أسرتها ترفض هذا الزواج احتقاراً لمهنة والده، فيصاب الفتى بالجنون، وينتهى الفيلم بشفائه وفوزه بجائزة كبرى فى مسابقة هندسية وزواجه من فتاة أحلامه والفيلم يتناول مشكلة الفوارق الطبقية.
وفى عام 1934 يقدم أول أفلامه الكوميديه "المندوبان" وقد قام بتمثيله أشهر ثنائى كوميدى فى المسرح المصرى فى تلك الفترة "فوزى الجزايرلى" فى دور "المعلم بحبح" و"إحسان الجزايرلى" زوجته "أم أحمد"، فيحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ويواصل "توجو مزراحى"استغلال نجاح الثنائى الكوميدى "فوزى الجزايرلى وإحسان الجزايرلى" فيقدمهما فى فيلمه التالى "الدكتور فرحات" عام 1935 ويشاركهما بالتمثيل فى أحداث الفيلم.
وفى عام 1935 قدم أيضاً فيلمين، الأول "شالوم الترجمان" بطولة "شالوم" و"بهيجة المهدى" و"عبده محرم" ويدور حول زيارة سائح أمريكى مع ابنته المخطوبة لشاب أمريكى للإسكندرية، فيتعرف على بائع اليانصيب "شالوم" ويتخذه دليلاً وترجماناً له أثناء زيارته لمصر، على الرغم من كونه لا يعرف أى لغة أجنبية، وينتقل شالوم مع السائح وابنته إلى القاهرة، وحين تتحدث الابنة عن غرامها بحبيبها الأمريكى يعتقد أنها تحبه هو، ويصل الخطيب الأمريكى إلى القاهرة فيدرك "شالوم" الحقيقة.. وفيلمه الثانى عام 1935 كان باسم "البحار" بطولة فوزى وإحسان الجزايرلى" وقام "توجو مزراحى" فى الفيلم بدور "حميدو" ابن البلد.
وفى عام 1936 قدم أيضاً فيلمين مع "بربرى مصر الوحيد على الكسار" الأول باسم "مائة ألف جنيه" والثانى باسم "خفير الدرك"، والفيلمين للممثلة "زوزو لبيب".
فى عام 1937 قدم "العز بهدلة" بطولة "زوزو لبيب" و"أحمد الحداد" و"شالوم"، وفيلم "الساعة سبعة" بطولة "على الكسار و "بهيجة المهدى" (اسمها الأصلى هنريت كوهين) و"عز الطلب" و"شالوم الرياضى".
ثم قدم فى عام 1938 "التلغراف" بطولة "على الكسار و"بهيجة المهدى"، وفيلم "أنا طبعى كده" بطولة "زوزو شكيب" و"فؤاد شفيق".
بعد ذلك نقل نشاطه إلى القاهرة وأخرج 19 فيلماً، وأنتج عدداً آخر من الأفلام، وفى عام 1948 غادر "توجو مزراحى" القاهرة إلى إيطاليا وأقام هناك وتوقف عن النشاط السينمائى حيث توفى فى 5 يونيو عام 1986.
نخلص مما سبق أن السينما بالإسكندرية كانت رائدة فى عهدها الصامت، ومع بدايات دخول الصوت.. وأن من سمات مرحلة النشوء والتطور (1920-1939) أن الجاليات الأجنبية جعلت السينما فى مصر رائدة لغيرها من الدول، بيد أنها لم تكن مصرية خالصة، حتى جاء "محمد بيومى" الرائد الحقيقى للسينما المصرية، والذى لم يكن مجال تلك الدراسة عن دوره، بل هى عن تأثير الأجانب على السينما بالإسكندرية.
هذا وأرجو أن أكون قد وفقت -فى هذه العجالة- حيث أن الموضوع يحتاج لدراسة أشمل وأكثر تفصيلاً وتضافر جهود المهتمين بالفن السابع وحفرياته.. فعذراً إن كنت قد أغفلت دور الجالية اللبنانية أو اليونانية وأهل الشام المقيمين بالإسكندرية، والذين لم يكن دورهم فى البدايات يتعدى بناء دور العرض السينمائى أو استئجارها من الأجانب التى آلت إليهم بعد وفاة ملاكها، ومن هؤلاء:
"جورج قرداحى"- لبنانى- قام ببناء سينما "بلازا" وسينما "رويال" ومسرح "محمد على/ مسرح سيد درويش الآن".
"إلياس جورج لطفى"- لبنانى- حصل على الجنسية المصرية وكان يمتلك سينما "ركس" بالمنشية" وسينما "رمسيس".
"مسيو أرسلانيدس"- يونانى- قام ببناء سينما "أوديون".
مرة أخرى أرجو أن أكون قد وفقت فى حدود المتاح من المعلومات والتى كان اعتمادنا فيها على بعض الأصدقاء من أهل مدينة الإسكندرية الذين عاصروا بدايات السينما فيها.. وممن اختزنوا فى ذاكرتهم ذكريات الماضى الجميل عن عصر أطلق فيه على الإسكندرية أنذاك "هوليوود الشرق".
على نبوى
ناقد سينمائي سكندري
عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما
من كتاب مستقبل السينما المصرية اصدار جماعة الفن السابع عام1996