الأحد، ديسمبر 31، 2006

مهرجان القاهرة الثلاثون : الحياة معجزة

صلاح هاشم






مهرجان القاهرة السينمائي الثلاثون



عرض ب " بركة الدكتور زيفاجو" أكثر من 247 فيلما من 57 دولة



مهرجان القاهرة السينمائي الثلاثون






ألحياة معجزة


بقلم : صلاح هاشم مصطفي


نستطيع ان نقول ان مهرجان القاهرة السينمائي الثلاثين، الذي تابعنا فعالياته، ورصدنا افلامه، وحضرنا بعضا من ندواته, وأتينا من باريس خصيصا لكي نشارك في احتفالات هذه الدورة بمناسبة مرور 30 عاما علي تأسيس المهرجان، نجح الي حد كبير خلال دورته المنصرمة التي انعقدت في الفترة من 28 نوفمبر الي 8 ديسمبر 2006، وعلي الرغم مما تخللها من أخطاء ونواقص، لايمكن ان تغيب عن بال البعض من المتابعين لحركية وتطور المهرجان منذ زمن

نجح المهرجان علي العديد من المستويات، غير انه من الضروري قبل الحديث عن تلك الانجازات التي تحققت، التأكيد علي ان الاهمية القصوي لمهرجان القاهرة، لاتكمن في عروض الافلام التي يعرضها علي شاشته من انحاء بلدان القارات الخمس ، بل تكمن في الصلة التي يعقدها المهرجان مع ذلك الكيان الحضاري الانساني الروحاني الشامخ، الذي يستند ويرتكز ويحيل اليه, ونعني به تلك المدينة الرائعة قاهرة المعز التي يتفاخر المهرجان ويزهو بأسمها، ليكون دعوة التقاء وعناق قبل اي شييء مع المدينة، والاختلاط في ازدحام الشوارع بألفة وغبطة اهلها الطيبين، والتجوال في شوارع المدينة وأسواقها وميادينها الكبري للتعرف علي والتقرب الي أناسها، في توهج وخليط الحشد الانساني
بمعني ان "فيلم القاهرة 30 " – مع الاعتذار لصلاح ابوسيف، الذي اخرج فيلما بهذا الاسم وتألقت فيه سعاد حسني في دور أثير. هذا الفيلم المدلوق بالعشرات من لمناظر والمشاهد علي ارصفة وارضية المدينة، والذي يبسط نفسه من خلال الوقائع والاحداث التي تصادفك وانت تقطع المسافة من فندق "حياة " حيث يهبط الضيوف، مرورا بساحة الكورنيش، وعبورا لكوبري قصر النيل للوصول الي قاعة الاوبرا الصغيرة، حيث كانت افلام المهرجان تعرض علي الصحفيين
في تلك المساحة الصغيرة التي يمكنك ان تقطعها سيرا علي الاقدام، لمشاهدة فيلم " بركات " الجزائري المشارك في مسابقة الافلام العربية، قد يكون الفيلم او الافلام التي تشاهدها، وتتفرج علي أحداثها في تلك البقعة الصغيرة، أهم ألف مرة من تلك الافلام الجديدة التي يأتي بها المهرجان الي جمهور القاهرة من كل حدب وصوب..
اذ انه يتجاوزها بمصداقيته وعفويته وبساطته.
هنا في "فيلم القاهرة " الذي يتيحه لك المهرجان، سوف تتفرج علي معجزة الحياة ذاتها، فعلي الرغم من المشاكل والظروف والمعاناة اليومية للانسان المصري في الزحام، تتوهج روح الحياة ذاتها، ضد السكون والفناء والموت والعدم

الاحتفاء بمدينة

ولعل درس القاهرة- بأمنها وسلامها وتسامحها- الذي يمنحنا المهرجان، من خلال العلاقة التي يبنيها مع المدينة ، تشكل بالنسبة لكل زائر العامود الفقري لرحلته، وهي المراد وقصد السبيل في نهاية المطاف. كل شيئ يسير هنا علي مهل في الداخل ، علي الرغم تلك السرعات الجنونية التي تنطلق بها السيارات والمركبات في الخارج في الزحام وحركة الناس. لكن في الداخل، تمضي الحياة. ولاعجب فالمصريون فلسفوا حياتهم منذ القدم، و كانوا علي ضفاف نيل مصر العظيم وتحت الشمس الافريقية التي تتألق بالنور ، كانوا اول من اخترع الابدية

قيمة مهرجان القاهرة قبل الافلام التي يعرضها علي شاشته، وبعدما صار " ضرورة " هي في اكتشاف أسلوب حياة المدينة وفلسفة ونظام, والتعرف علي ذلك الاسلوب وتلك الحياة هو المدخل الاساسي لكل قادم جديد، ومن غير التوغل من خلال الشارع في روح المدينة، يصبح حضور المهرجان عبثا وبلا جدوي. مهرجان القاهرة فبل ان يكون عروضا للافلام، هو احتفاء بمدينة، أحتفاء بتراثها وتاريخها وفنونها ومعمارها،لحظة التقاء يوفرها المهرجان للدخول في نخاشيشها والمشاركة في ذلك الطقس ، طقس العناق الروحاني، الذي لايغيب عن بال البعض من النقاد الذين حضروا الي المهرجان لأول مرة خلال الدورة 30 ، ومن ضمنهم الناقد السينمائي الفرنسي الكبير الآن ماسون الذي يحضر لأول مرة وكان يدرس السينما في جاممعة باريس 3 ، ويكتب في مجلة " بوزيتيف " الشهيرة ومازال ، فقد رأيته يتجول مع زوجته في سوق خضار باب اللوق، ويتفرج علي الناس ، ويريد ان يدخن شيشة، ويسأل عن مطعم شعبي وهو يتفرج علي فيلم القاهرة- في اوقات الفراغ مابين عرض فيلم في الصباح وآخر في المساء- ويقول لي ان من يحضر الي المهرجان السينمائي، ولايشاهد ذلك الفيلم، بل تلك الافلام المدلوقة في شوارع القاهرة، فكأنه لم يذهب ولم يتعرف علي المهرجان، ولم يزر المدينة ، ولم يحضر الي مصر قط ..
وقد جعلتني كلماته افكر- قبل الحديث عن انجازات المهرجان- في تلك القيمة التي يعليها المهرجان من خلال " المشاركة " ، اذ انه يبسط ساحته ليكون فضاءات للتعارف والالتقاء مع النقاد والنجوم والسينمائيين، وهو بذلك يحقق حاجة معرفية وقيمة تواصلية في مد يد الي " الآخر " – الجار – بسحر الضوء والسينما الفن..
وقيمة التعرف علي الآخر، والانفتاح علي ثقافات الشعوب المغايرة من خلال مرأةالسينما، ربما تكون أهم قيمة في المهرجان، بعد الدخول في لحم المدينة، والتواصل معها في عناق أبدي، والتعرف علي مناخاتها الثقافية والحضارية والروحانية، وهنا حيث تسكب القاهرة في القلوب المولعة والمفتونة بمصر أم الدنيا ، تسكب عسلها وتشمخ، حين تعلي من قيمة " الفضول "- درس السينما الاساسي - وتزهو بلا هوادة

بركة الدكتور زيفاجو

تري ماذا حقق مهرجان القاهرة في دورته الثلاثين.؟ يقينا لقد حقق الكثير في ظرف ثلاثة شهور فقط بعد ان تولي رئاسة المهرجان الفنان الممثل المصري عزت أبو عوف، مدعوما بالخبرة التظيمية التي اكتسبتها سهير عبد القادر نائبة الرئيس من خلال عملها مع رؤؤساء المهرجان السابقين، من امثال الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة والفنان حسين فهمي،والاعلامي الصحافي الكاتب شريف الشوباشي، وبالدعم المالي الكبير الذي حظي به المهرجان من رجل الاعمال المصري نجيب سويرس، الذي وافق علي رعاية المهرجان بالكامل، مع تولي الفنان المصري الكبير عمر الشريف " دكتور زيفاجو " رئاسة المهرجان الشرفية، والواقع ان الكثير من تألق المهرجان خلال الدورة الثلاثين المنصرمة يعود الي " حضور " نجم الدكتور عمر الشريف الساحق في حفل الافتتاح، الذي استقطب الي المهرجان محبيه وعشاق فنه واصدقائه من نجوم العالم ، مثل المغني الفرنسي شارل ايزنافور ايقونة الغناء في فرنسا والعالم، و الممثلة الانجليزية جاكلين بيسيه بطلة فيلم " اللقطة الامريكية " للفرنسي فرانسوا تروفو ، ولاشك ان انضمامه الي المهرجان كان مكسبا كبيرا ويحسب الي ادارة المهرجان نجاحها في اقناعه بأن يلعب دوراكان مرشحا له بنجوميته منذ زمن طويل
عرض مهرجان القاهرة السينمائي خلال فترة 11 يوما أكثر من 246 فيلما من 57 دولة واستضاف اكثر من 200 شخصا و250 محترفا ، كما نظم اكثر من عشرين ندوة، من ضمنها ندوة مهمة عن قرصنة الافلام، وندوة اخري عن الانتاج المشترك شارك فيها المخرج الجزائري رشيد بن حاج " الخبز الحافي " ، ونبه فيها الي أشياء في غاية الاهمية، من بينها ان عيون السينمائيين العرب تتطلع دوما الي سينما القاهرة، وتجارب السينمائيين المصريين لأن مصر بتراثها السينمائي الكبير، الذي لاينتمي الي مصر وحدها، بل الي كل العرب والانسانية جمعاء .

هذا التراث الذي شكل وجداننا ووعينا، جعلها تحتل المركز وموقع الصدارة ومن هنا انطلق التجديد لتحديث السينما العربية من خلال اختراع " النظرة " علي يد عمالقة الاخراج من أمثال صلاح أبو سيف – الذي يعتبر رشيد بن حاج انه ومجموعة من المخرجين العرب الذين يصنعون افلامهم علي شاكلته وبأسلوبه، كما التونسي نوري أبو زيد " صفائح من ذهب " و" رجل الرماد " هم في الحقيقة امتداد لتلك السينما الواقعية التي ارسها دعائمها كمال سليم في فيلم " العزيمة " في الثلاثينات، ثم رسخت لها التقاليد التي ابتدعها صلاح ابو سيف في افلامه التي لاتنسي مثل " الفتوة " و" بداية ونهاية " و" السقامات " وغيرها..
كما نظم المهرجان تظاهرة للسينما في امريكا اللاتينية، وشارك في لجان تحكيمه مجموعة كبيرة من نجوم السينما العربية مثل السوري دريد لحام والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والممثلة التونسية النجمة هند صبري والمخرج المصري الكيبير داود عبد السيد، ولم يكن المهرجان مجرد حفل افتتاح فقط تألق فيه بصحبة عمر الشريف مجموعة كبيرة من النجوم

بل كان استكشافا ايضا لجديد السينما العالمية، من خلال اختياراته للعديد من الافلام الجيدة والمهمة التي شاركت في مسابقته الرسمية بالاضافة الي مشاركة بعضها في مسابقتين جديدتين استحدثهما المهرجان لأول مرة : مسابقة للافلالم العربية ومسابقة جديدة لافلام الديجيتال، وربما كانت المسابقة الاخيرة ، تستحق ان يفرد لها مهرجانا بأكمله لسينما الديجيتال، بنوعيها الروائي والتسجيلي
ولأول مرة لايعاني المهرجان في ايجاد والبحث عن فيلم مصري للمشاركة في مسابقته كما كان يحدث في السنوات الخمس او الاكثر الاخيرة، وذلك بمشاركة أربعة افلام مصرية جديدة دفعة واحدة في المهرجان، هي فيلم " مفيش غير كده " بطولة النجمة نبيلة عبيد واخراج المصري خالد الحجر وفيلم " استغماية " لعماد البهات وفيلم " آخر الدنيا " لأمير رمسيس وفيلم " قص ولزق " للمخرجة المصرية المتميزة هالة خليل وكان الفيلم الاخير شارك في المسابقة الرسمية وحصل علي جائزتين

المثلث الذهبي

وبرز من ضمن مجموعة الافلام الجديدة التي عرضها المهرجان ثلاثة افلام مهمة، شكلت مايمكن أن نطلق عليه بالمثلث الذهبي في المهرجان، هي فيلم " الطريق " اخراج زانج جياروي من الصين، وفيلم " السكان الاصليون " لرشيد بوشارب من فرنسا ، وفيلم " بركات " للجزائرية جميلة صحراوي
فيلم الطريق يحكي عن قصة حب، تمتد من عصر الثورة الثقافية في عهد ماو في بداية الستينيات من القرن الماضي، الي عصر انفتاح الصين علي النظام الرأسمالي وحضارات الاستهلاك الكبري في التسعينيات، وهو يأخذنا مع بطلته خلال تلك العهود التي مرت بها الصين، ليحكي عن " تحولات " المجتمع الصيني وتبدلاته، ويوثق لها، وهو يستفيد هنا من اسلوب السينما الهوليوودية، لكي يحكي بسرد سلسل عذب لذيذ، مقنع وممتع في آن، حكاية حب مسنودة في الخلفية علي تاريخ أمة، ويبدو اقرب مايكون الي الافلام التسجيلية، ليكون درسا ووثيقة للاجيال القادمة، ويقربنا أكثر من أنسانيتنا
فيما يحكي " السكان الاصليون " عن مشاركة الجنود العرب من بلدان شمال افريقيا، التي كانت مستعمرات فرنسية، مشاركتهم في تخليص فرنسا في الحرب العالمية الثانية من جحيم النازية وتحرير البلاد، وكان الفيلم قد نبه بشكل غير مسبوق من خلال قصته التي اعتمدت علي وقائع وشخصيات حقيقية، نبه الي انكار فرنسا لفترة طويلة الي جزء من تاريخها الاستعماري، فقد حرر الجنود العرب البلاد، وخلصوا رقاب العباد من المواطنين الفرنسيين، ولم يحصدوا في مقابل ذلك غير الظلم والغبن والفاقة
وهنا يكشف الفيلم عن المسكوت عنه في التاريخ الرسمي الفرنسي، كما يفتح عيون ابناء المهاجرين العرب في فرنسا علي اسهامات وانجازات اجدادهم الذين قاتلوا في صفوف الجيش التحرير الفرنسي، وضحوا بحياتهم، لكن علي الرغم من كل مامنحوه وبذلوه من عرقهم واعصابهم ودمائهم
مازال احفادهم وللأسف يعانون في فرنسا من التمييز العنصري ، ويقطنون ضواحي العزلة والبطالة والبؤس، علي هامش العاصمة باريس، والمدن الفرنسية العملاقة في ليون ومارسيليا وبوردو وغيرها، ويعانون من ذلك التمييز العنصري في العمل والسكن ، بسبب اسمائهم العربية
ومازال صحيحا مايقال، من انه من الافضل ان تسمي ابنك بجاك او كلود او فرانسوا في بلاد الغال الجميلة ، من ان تطلق عليه اسم محمد او مصطفي او عبد الرحمن، ومازالت العنصرية البغيضة تطارد هؤلاء الاحفاد ، وينبذهم المجتمع الفرنسي الجبان، الذي يتشدق بقيم الجمهورية من مساواة واخوة وعدالة، ويلوح بها في كل مناسبة، في بلد حقوق الانسان
اما فيلم " بركات " الجزائري فقد أسرنا ببساطته وجماله وعمقه ، حيث يبرز دور تلك الطبيبة التي لاتخشي الصعود الي الجبل لمواجهة الارهابيين الدمويين الجزائريين بعد ان اختفي زوجها الصحفي، وكانوا اختطفوه وعذبوه ، ويصور الفيلم محاولتها البحث عنه لاطلاق سراحه، ومهما كانت التضحيات، في اجواء يخيم عليها شبح الرعب، وعنف المجازر الدموية، ويعاني فيها المرء من غربته داخل وطنه، وحتي تحت جلده ، وينتهي الفيلم بالقاء بطلته الطبيبة سلاحها – مسدس الوالد – في البحر، و هي تطلق صرخة في عموم الجزائر ان كفانا ارهابا، فالارهاب لايحارب بسلاح الارهاب، أو ارهاب الدولة، بل من خلال النقاش والحوار والجدل, وربما كان هذا أحد أهم الدروس المستفادة من افلام المهرجان الكبير، الذي تميز في الدورة الثلاثين يقينا بمسحة من التفاؤل والأمل
الأمل في أن يستعيد في الدورات القادمة، وعلي الرغم من كافة الاخطاء والنواقص والعيوب التي برزت خلال الدورة الثلاثين
يستعيد مكانته ورونقه وعافيته، كأكبر واضخم تجمع سينمائي في منطقة الشرق الاوسط ، ويرتفع اكثر بمستواه في السنوات القادمات، لكي يليق بأسم بلدنا ومصرنا، و يرقي الي مستوي "حضارة السلوك الكبري" التي عكستها و خلقتها السينما المصرية بأفلامها الروائع التي دخلت تاريخ السينما العالمية من أوسع باب

جوائز المهرجان

الجائزة الكبري " الهرم الذهبي " : ذهبت للفيلم الصيني " الطريق



جائزة الابداع " الهرم الفضي " : فاز بها فيلم البريطاني " كل شييء علي مايرام



جائزة أحسن أخراج : ذهبت للفيلم الايراني " في مكان قصي جدا



جائزة أحسن سيناريو : حصل عليها فيلم المجري " اليوم الثامن في الاسبوع



جائزة نجيب محفوظ لأفضل عمل اول او ثان : فازت بها المخرجة المصرية هالة خليل بفيلمها " قص ولزق "
جائزة لجنة التحكيم الخاصة : ذهبت للفيلم الصيني " الطريسق



جائزة النقاد الدوليين : ذهبت لفيلم " حياة المقاومة " المكسيكي
جائزة افضل فيلم عربي : حصل عليها الفيلم الجزائري " بركات " مناصفة مع فيلم " قص ولزق " لهالة خليل



جائزة احسن فيلم ديجيتال: ذهبت لفيلم " تحت ذات القمر " من ايطاليا

السبت، ديسمبر 30، 2006

شهوة الانتقام و " موسم الجفاف " في مهرجان لندن السينمائي

امير العمري
ضاحية تستطيع ان تعيد الحياة الي منتصف العالم


شهوة الانتقام و"موسم الجفاف" في مهرجان لندن السينمائي

بقلم أمير العمري


لعل من حسنات مهرجان لندن السينمائي أنه يوفر عادة فرصة جيدة لجمهوره الكبير، للاطلاع على أحدث الأعمال السينمائية من شتى أنحاء العالم.
هذه الأعمال تشمل أفلاما من بلدان يعد نشاطها في المجال السينمائي مجهولا إلى حد كبير.
من بين هذه الأفلام فيلم "موسم الجفاف" The Dry Season للمخرج محمد صالح هارون من تشاد.
ويمكن اعتبار هارون الرائد الحقيقي للإخراج السينمائي في تشاد، وليس للسينما، فلا توجد هناك صناعة سينمائية أو إنتاج سينمائي له صفة الاستمرارية والدوام، بل وقد دمرت معظم دور العرض في البلاد بسبب الحرب الأهلية.
وقد أخرج هارون فيلمين قبل فيلمه الجديد هما "باي باي أفريقيا"و"أبونا " وكلاهما، بالإضافة إلى "موسم الجفاف"، من التمويل الفرنسي. ويدور الفيلم الجديد في أجواء الحرب الأهلية التي تمزق تشاد، والتي كانت أيضا الخلفية الرئيسية التي تدور حولها أحداث الفيلمين السابقين.
وتبدأ الأحداث في إحدى القرى القريبة من العاصمة نجامينا. الإذاعة تعلن صدور عفو رئاسي عن الجرائم التي ارتكبت أثناء الحرب، في محاولة لتحقيق مصالحة ووقف لأعمال العنف. تكليف بالانتقام
الشاب الصغير "يتيم" قتل والده بطريقة بشعة ودون مبرر. جده الأعمى يطالبه بالانتقام كمبدأ أساسي ضمن تقاليد القرية.
البيئة صحراوية فقيرة، والشمس الحارقة تضفي جفافا يتسلل إلى ما تحت جلد الصورة ويمنحها حرارة وقسوة. واللقطات الطويلة بتكويناتها الخاصة التي يتسع فيها الفراغ ويبدو الشخص ضئيلا في منظور الصورة، تكثف الإحساس بالوحدة.
"يتيم" يتسلح بمسدس أعطاه إياه جده، ويشق طريقه خارج القرية نحو العاصمة، بهدف العثور على قاتل والده والانتقام منه.
في المدينة.. يحاول أحد الشباب مصادقته، يبدو ودودا يريد أن يساعده. صاحبنا، ماض في طريقه، لا يرغب في أن يحرفه أي شئ عن هدفه المحدد والمستقر في أعماقه.
وعندما يعثر على الرجل الذي قتل أباه ويدعى "نصّارة" يجده قد تاب عن العنف وأصبح شيخا متدينا، يعمل خبازا، يقدم الخبز للأطفال والأسر الجائعة بدون مقابل. أب بالتبني
يرحب الرجل بالفتى. يدخله إلى بيته، يعرفه على زوجته، يعلمه كيف يصنع الخبز. يحاول التودد منه، ويعتبره هدية من السماء، تعويضا من السماء لحرمانه من الإنجاب.
زوجة الرجل الشابة تعيش حياة مليئة بالوحدة والملل مع "نصّارة" الذي يكبرها كثيرا في العمر. تحاول التودد إلى "يتيم"، تقضي بعض الوقت معه في لعب الورق فيما الزوج غائب يأتي بمواد صنع الأرغفة.
تبدأ ملامح علاقة صداقة بين يتيم والزوجة. الزوج يلحظ التطور الوليد. يسارع إلى تحذير يتيم. يستفيق يتيم من غفوته العابرة. يرتد إلى التمسك بهدفه المبطن.
عصر كل يوم يتجمع الأطفال والنساء من الأسر الفقيرة التي مزقت حياتها الحرب الشرسة الدائرة، أمام منزل نصّارة، ينتظرون الخبز.
نصّارة يؤذن الصلاة بانتظام، ويؤم المصلين. لقد أصبح الماضي القاسي العنيف وراء ظهره تماما.
يتيم يتقاسم مع نصّارة كل شئ تقريبا: المسكن والطعام وحب الناس. أما الزوجة فهي بعيدة مغيبة في الخلفية. تساؤلات وجودية
إصرار الفتى يتيم يبدو أنه قد بدأ يهتز قليلا. أكثر من مرة يحاول أن يخرج مسدسه ويحقق انتقامه الخاص، لكنه يتراجع.
وتبدأ عشرات التساؤلات تدور في ذهنه: هل يمكن أن يتغير الإنسان من الشر إلى الخير؟ وهل يمكن للمرء أن يصفح وهو القادر على الفعل؟ وهل يسهل عليه أن يتقاعس عن تنفيذ ما وعد جده بالقيام به؟
ما معنى إن تقتل رجلا أطعمك ووفر لك الملجأ والمأوى وجعلك مثل ابنه تماما؟ هل سيؤدي هذا القتل إلى عودة الأب إلى ابنه، و الإنسان إلى حياته السابقة يستأنفها دون أن يهتز له جفن؟
تساؤلات فلسفية كثيرة يكثفها هذا الفيلم الساحر الممتع الذي تتوالى فصوله في أجواء تشيع فيها اللقطات البعيدة والمتوسطة التي تسمح بمسافة ذهنية للمتفرج لكي يتأمل في معنى وقيمة ما يراه.
بعيدا عن المدينة، في الصحراء، يشتد التعب بالرجل "نصّارة". لقد أصبح كهلا شبه عاجز عن الحركة. يظهر الجد يطالب حفيده يتيم بأخذ ثأره من الرجل الذي قتل أباه.
يخرج يتيم المسدس، يصوب مباشرة إلى رأس الرجل. يبعد فوهة المسدس ويطلق النار في فراغ الصحراء.
لقد فضل التسامح والتخلي عن الثأر طلبا للحياة، الحياة بعيدا عن دائرة القتل والقتل المضاد.
هذه الرسالة الروحية الكبيرة التي يصوغها الفيلم بعبقرية وبساطة، موجزها أن العالم كفاه ما فيه من عنف، ولا يوجد ما يدعو لأن نزيده عنفا ورعبا وبؤسا.
صحيح أن العفو الجزافي عن مرتكبي "جرائم حرب" قد يؤدي إلى المساواة بين الضحايا والجلادين، وقد يبعث برسالة خاطئة إلى أقارب الضحايا ويدفعهم إلى تولي تطبيق العدالة بأيديهم وعلى طريقتهم الخاصة. انتصار العقل وقيمة التسامح
غير أن العقل يجب أن يتغلب على العاطفة، والتقاليد المتوارثة يتعين علينا تهذيبها وتطويعها لمزاجية عصرية جديدة، لأننا جميعا نعيش في عالم قاس لم يعد فيه مكان إلا لتوجيه ضربات ثم ضربات مضادة، سواء باسم العقيدة أو الانتقام لما وقع في الماضي، أو الحرب على الإرهاب أو تلقين بعض المجموعات البشرية دروسا لا ينسوها.. وغير ذلك.
هذه الرسالة البسيطة التي عرضها الفيلم من خلال شكل فني يستفيد من البيئة بتقاليدها الجافة، ويصورها في إطار المتوارث من التقليد، والراسخ من العقيدة، قد يبدو للوهلة الأولى أنه شديد المحلية، إلا أن هذا الطابع الخاص هو تحديدا ما يضفي أبعادا إنسانية كونية على الفيلم.
ويجسد الفيلم مرور الزمن من خلال الإيقاع البطئ الذي يتناسب مع الطبيعة الصحراوية والجفاف ومحدودية الشخصيات التي تتحرك في المحيط، كما يستخدم حركة الكاميرا بحذر شديد، ويجعل ملامح التقدم في العمر تبدو تدريجيا على نصّارة حتى يصل به إلى العجز التام قرب المشهد الأخير في الصحراء. الحرب الأهلية
الفيلم ينطق في معظم أجزائه باللغة العربية، فهو يدور في أوساط السكان من المسلمين ذوي الأصول العربية.
ومنتج الفيلم لحساب الجهة الفرنسية هو المخرج الصومالي المعروف عبد الرحمن سيساكو (صاحب فيلم آخر عرض في مهرجان لندن هو "باماكو" الذي يستحق وقفة خاصة).
أما المخرج محمد صالح هارون (مواليد 1960) فهو نفسه عانى الأمرين أثناء الحرب الأهلية، فقد اختطف عمه، وأصيب بجروح وتمكن من الهرب من بلده على عربة يدفعها شخص استأجره.
وهو يقول إنه كان يعرف الكثير من الأشخاص الذين قتلوا زمن الحرب الأهلية أثناء حكم الرئيس حسين حبري، ويقدر عددهم بـ40 ألف شخص، وإن فيلمه مستمد من شخصيات حقيقية عرفها.
ورغم أن الحرب الأهلية انتهت هناك رسميا إلا أن أعمال العنف والاشتباكات لا تزال تدور على نطاق واسع.
وقد بدأ تصوير هذا الفيلم في شهر أوائل أبريل/ نيسان الماضي، وبعد عشرة أيام هاجم المسلحون العاصمة نجامينا وتعطل التصوير.
يقول هارون: "البعض ينظر إلى القارة الإفريقية على أنها ضاحية من ضواحي العالم. ولكن البعض منا يرى أحيانا أنه يمكن لهذه الضاحية أن تعيد الحياة إلى منتصف العالم".

عن موقع البي بي سي

الأربعاء، ديسمبر 27، 2006

مهرجان تطوان السينمائي 13 لعام 2007: النجوم هي الافلام


تكريم عبد الحليم حافظ في مهرجان تطوان السينمائي 13 في الفترة من 24 الي 31 مارس 2007




رئيس مهرجان تطوان لأفلام المتوسط أحمد حسني يصرح

حضور المبدعين وعرض الأفلام المتميزة
في تطوان أهم من تواجد النجوم الكبار

كتب: سلامه عبد الحميد

أكد أحمد الحسني رئيس مهرجان تطوان المغربي لسينما البحر المتوسط أن فعاليات المهرجان ليست معتمدة على وجود النجوم الكبار بقدر اعتمادها على تواجد مبدعي السينما والحرص على مشاركة أفلام متميزة ومتنوعة تعبر عن ثقافات المتوسط وتدعم الإتجاهات السينمائية الحديثة بما يمثل فائدة للمشاركين والجمهور على حد سواء.
وأضاف أحمد حسني الذي يزور القاهرة حاليا إن الدورة الثالثة عشرة للمهرجان المقرر عقدها في الفترة من 24 إلى 31 مارس المقبل ستحتفي بالسينما الإيطالية حيث ستعرض مجموعة من أفلام الموجة الجديدة التي كان لها حضورا قويا في أغلب المهرجانات السينمائية، بينما تعقد الندوة الدولية التي دأب المهرجان على عقدها كل دورة تحت شعار "تاريخ وذاكرة وسينما" ويتدارس خلالها مجموعة من الباحثين وصناع السينما العلاقات المتعددة التي تربط بين التاريخ والذاكرة والسينما.
وأوضح أنه سيتم الإعلان عن القائمة النهائية لافلام المهرجان في بداية شهر فبراير المقبل، مشيرا إلى أن المهرجان سيعرض في إطار برنامج "بطاقات بيضاء" مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تتطرق لمواضيع ذات بعد سياسي وإجتماعي لاستقراء مدى قدرة هذا النوع من الأفلام على المساهمة في تغيير المسارات التاريخية للشعوب والأمم باعتبارها أداه لرصد التجاوزات والانتهاكات التي تلحق بالأفراد والجماعات.
وقال رئيس مهرجان تطوان إنه سيتم تنيظم مائدتين مستديرتين في إطار الأنشطة الموازية للعروض السينمائية الأولى حول التعاون بين مدارس السينما على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط والثانية حول التكنولوجيا الجديدة ومستقبل السينما بالاشتراك مع غرفة المنتجين بالمغرب.
وفي سياق التعريف بالسينما المغربية وضمن قسم خاص بها سيتم عرض مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية التي تم إنتاجها خلال العامين الأخيرين وبحضور مخريجها بهدف التواصل المباشر مع الجمهور والنقاد والمهتمين.
ورشحت ادارة المهرجان عددا من الأفلام المصرية الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية للمشاركة في الدورة المقبلة بينها (45 يوم) اخراج احمد يسري في أولي أعماله الطويلة وفيلم (قص ولزق) لهالة خليل و(استغماية) اخراج عماد البهات والأفلام القصيرة (زي خروجه) ليافا جويلي وتدور أحداثه داخل دورة مياة عمومية للسيدات بالقاهرة وفيلم (سنترال) لمحمد حماد وهو من الاعمال التي اثارت جدل نقدي داخل مصر.
وأعلن المهرجان عن فقرة مخصصة لعرض 6 أفلام قام ببطولتها الراحل عبد الحليم حافظ لما أثارته من أحاسيس ومشاعر لدى أجيال عديدة من عشاق السينما الغنائية والاستعراضية والموسيقية هي (الخطايا) و(يوم من عمري) و(أبي فوق الشجرة) و(شارع الحب) و(الوسادة الخالية) و(معبودة الجماهير) اضافة إلى تعريف الاجيال الجديدة بشمال المغرب عامة وتطوان خاصة بمدراس غنائية غير المنتشرة حاليا كما تفكر ادارة المهرجان في اقامة أمسية موسيقية بأصوات مغربية تحية للعندليب الأسمر يشارك فيها عبده شريف وبعض الأصوات الواعدة.
ويقدم مهرجان تطوان جوائز نقدية للأفلام الفائزة التي يختارها أعضاء لجنة التحكيم من بين الأفلام المتنافسة منها الجائزة الكبرى لمدينة تطوان للفيلم الطويل وقيمتها 70 ألف درهم مغربي (7000 يورو) والجائزة الكبرى للفيلم القصير وقيمتها35 ألف درهم وجائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها 50 ألف درهم إضافة إلى جائزة أحسن إخراج وجائزة أول عمل وقيمتها 25 ألف درهم وجائزة النقد وقيمتها 15 ألف درهم وجائزة الجمهور.
وتتألف لجنة التحكيم عادة من مخرجين ومنتجين ونجوم ونقاد في السينما العربية والأوروبية، كما يمنح المهرجان لرواده فرصة ثمينة للحوار والنقاش واللقاء بين صناع مدارس وتيارات متباينة في السينما والمهتمين فيها من النقاد والباحثين القادمين من سائر ثقافات حوض البحر الأبيض المتوسط.

الجمعة، ديسمبر 22، 2006

السياسة والجنس والانتحار في مهرجان لندن السينمائي50

امير العمري

لقطة من فيلم ملك اسكتلندا الاخير




السياسة والجنس والانتحار في مهرجان لندن السينمائي



بقلم أمير العمري



انتهت حديثا الدورة الخمسون لمهرجان لندن السينمائي الدولي (تأسس عام 1956)، أي دورة اليوبيل الذهبي
ورغم الاهتمام الكبير الذي يوليه المهرجان عادة للسينما الأمريكية التقليدية، أي سينما هوليوود، إلا أنه عرف أيضا باهتمامه الموازي بما يعرف بـ "السينما المستقلة"
السينما المستقلة عادة هي الأفلام التي تنتج بعيدا عن هوليوود، بميزانيات محدودة، وبدون الاستعانة بمشاهير النجوم، كما تخلق لنفسها مساحات واسعة نسبيا من الحرية في تناول المواضيع نتيجة عدم مراهنتها على السوق الكبيرة التقليدية
أفلام دورة 2006 تجاوزت 180 فيلما قصصيا طويلا وقصيرا، تسجيليا وروائيا، كما ضمت عددا من الكلاسيكيات القديمة التي أعيد إحياؤها، وتمكن خبراء السينما والمعامل من إنقاذ الأجزاء التي كانت مفقودة منها.
ملك اسكتلندا
وكان افتتاح المهرجان جاء بفيلم بريطاني جديد هو "ملك اسكتلندا الأخيرالذي يعيد تسليط الأضواء على واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل هي شخصية ديكتاتور أوغندا الراحل عيدي أمين.
مدخل الفيلم إلى الشخصية ولع عيدي أمين بكل ما هو اسكتلندي (حتى أنه أراد في وقت ما أن يساهم بقوات مسلحة في تحرير اسكتلندا!)، وبالتالي علاقته الوطيدة بطبيب اسكتلندي ذهب في زيارة إلى أوغندا.
أمين يعرض على الطبيب الشاب العمل كطبيب خاص له (لا تنس أنه استعان بستة من الحراس الشخصيين الاسكتلنديين الذين كانوا يحملونه على محفة)، ثم يصبح الطبيب تدريجيا مستشارا سياسيا بل وعسكريا ومسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة في حياة الرئيس الكاريزمي.
ومن خلال هذه العلاقة التي تتعرض للكثير من الشد والجذب، نتعرف على التناقضات الكامنة في شخصية عيدي أمين: الرقة الشديدة وحب الناس، والقسوة المفرطة والتنكيل بالخصوم دون رحمة، وأساسا الجنوح إلى كل ما هو مغالى فيه ومتطرف. فيلم الافتتاح هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج البريطاني كيفن ماكدونالد. وواضح أنه يخلط الحكايات الشخصية (المتخيلة) بالوقائع السياسة الموثقة.
أما الختام فقد اختارت إدارة المهرجان له الفيلم المكسيكي الأمريكي "بابل" الذي سبق أن اثار ما أثاره من اهتمام كبير في عرضه العالمي الأول في مهرجان "كان" الأخير.
"بابل" أعجب الكثيرين بموضوعه الإنساني الرحب الذي يدور حول أكثر القضايا المعاصرة إثارة للاهتمام، وهي قضية الإرهاب الدولي والعنف، والعنف المضاد وحالة الهلع العام السائدة في العالم التي نتجت مما يسمى بالحرب على الإرهاب.
والفيلم المكون من 3 قصص ترتبط بشكل ضعيف ببعضها البعض، أساسه في الحقيقة، القصة التي تدور في المغرب، في بيئة جبلية قاسية.
وقد سبق أن تناولنا هذا الفيلم بالنقد والتحليل في هذا الموقع عند عرضه في كان، وكان لنا رأي سلبي فيه على العكس من آراء معظم النقاد، بسبب طابعه الفولكلوري وإغراقه في الرؤية الاستشراقية، ومشاهده التي تحمل التفسير ونقضيه!
السياسة كانت حاضرة بقوة أيضا من خلال فيلم "بوبي الذي يروي بإيقاع خاص خلاب، تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة مرشح الرئاسة السيناتور روبرت كنيدي قبل اغتياله، من خلال استعراض ما كان يشغل عددا متباينا من الشخصيات في ذلك الوقت، تتقاطع مع بعضها البعض وتصب في لحظة الاغتيال يوم 5 يونيو / حزيران 1968 داخل فندق أمباسادور بلوس أنجليس.
ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم الذي أخرجه الأمريكي إيميليو ستيفيز، من أفلام الترحم على الماضي، بل هو عمل شديد المعاصرة لأنه يردنا طيلة الوقت، إلى ما أصبح عليه عالمنا اليوم من ضآلة وفراغ وحيرة بعد أن تلاشت "الأفكار الإنسانية الكبيرة"- إذا جاز التعبير- وحل مكانها الدعوات الهستيرية التي تتسم بالعنف ورفض الحوار والإنصات إلى الآخر. جسر الانتحار الشهير
ولعل من أكثر الأفلام التي عرضت في دورة هذا العام إثارة للخلافات الفيلم الأمريكي التسجيلي الطويل "الجسر للمخرج إريك ستيل.
وكان عدد من المهرجانات السينمائية الدولية قد رفض قبوله أصلا بسبب موضوعه الغربي وما يثيره من تساؤلات مشروعة تماما.
الجسر هو ذلك جسر "جولدن جيت" الشهير في مدينة لوس أنجليس الذي يعد من أشهر المعالم السياحية في المدينة، بل وفي أمريكا بأسرها.
هذا الفيلم المعروف بجذبه للسياح والعشاق، اشتهر أيضا بسبب جاذبيته الشديدة للراغبين في الانتحار!
منذ افتتاح هذا الجسر في عام 1937، انتحر من فوقه 1300 شخص. وفي عام 2004 قرر المخرج ستيل وضع كاميراه فوق الجسر لكي يرصد ويصور المنتحرين في ذلك العام الذين بلغ عددهم 24، وتمكن من تصوير 23 منهم وهم يقومون بتلك القفزة الشهيرة والأخيرة في حياتهم!
ويدور الفيلم بالطبع حول فكرة الانتحار من منظور فلسفي وفكري يسعى للوصول أولا إلى ما يجذب المنتحرين إلى هذا الجسر، وما الذي يدفعهم للانتحار عموما، وبم يشعرون وهم يواجهون الموت على هذا النحو، فهناك حوار في الفيلم مع رجل من الذين تراجعوا عن الانتحار.
وهناك مقابلات أخرى عديدة من أصدقاء وأهالي وأقارب عدد من المنتحرين. غير أن القضية الأساسية التي يثيرها الفيلم هي قضية مشروعية الاستغلال السينمائي لهذا النوع من الفعل الإنساني (أو بالأحرى الضعف البشري الخطير).
هل يحق لأي سينمائي أن يستخدم الكاميرا بدون مشاعر على الإطلاق، فقط لكي يحصل على ما يبغيه من لقطات مثيرة صادمة لأناس يقفزون من فوق جسر؟ وما هو الأساس الأخلاقي الذي يبرر له ذلك؟ وهل يمتد هذا إلى أشياء أخرى مثل تصوير جرائم قتل حقيقية يعلم السينمائي مقدما بزمان ومكان وقوعها؟
البعض اعتبروا هذا الفيلم "تحفة سوسيولوجية" كبيرة جديرة بالمشاهدة، بينما اعتبره آخرون عملا استغلاليا يتاجر بآلام البشر ويحقق نوعا من الإبهار عن طريق الصدمة.
الجنس بدون حدود
لم يكتف مهرجان لندن بفيلم عن الانتحار الحقيقي، فأتى بفيلم "شورتباص" وهي كلمة تشير في الفيلم إلى ناد في نيويورك يديره نجم شهير، ويقدم الموسيقى والرقص والشراب، غير أن أهم ما يقدمه هو أنه يتيح الفرصة أمام العشاق والأزواج لممارسة الجنس بشكل جماعي معا في كل الأشكال والأوضاع، وتبادل الجنس والاشتراك معا في أوضاع غريبة، منها ما هو مألوف، ومنها ما هو مثلي.
ولعل هذا ليس الأغرب في فيلمنا هذا الذي أخرجه الأمريكي جون كاميرون ميتشيل، بل أنه صوره أيضا متبعا أسلوب "سينما الحقيقة" أي أنه جمع بين عدد من الممثلين والممثلات، سواء الذين يرتبطون بعلاقات معا أو لا يرتبطون، وجعلهم يمارسون الجنس بالفعل أمام الكاميرا.
والتقط المخرج مشاهد ممارسة الجنس على مدار أشهر طويلة، وبعد تدريبات يقول إنها كانت "محدودة" بين الممثلين.
ومثل فيلم "الجسر" الذي لا يمكن اعتباره أحد أفلام الرعب مثلا/ لا يمكن اعتبار "شورتباص" أحد أفلام الجنس الزرقاء الإباحية المعروفة بـ "البورنو".
هذا الفيلم (الذي ينتمي قلبا وقالبا إلى السينما المستقلة) لا يسعى إلى تصوير الجنس في حد ذاته وبهدف الإثارة، بل إلى دراسة ماذا يعني الجنس بالنسبة للناس، هل يساعد الجنس في كسر حائط الجمود القائم بين العلاقات البشرية في مجتمعات الغرب التي تعيش دون شك، أزمة روحية هائلة مع الانتشار الكبير للتكنولوجيا؟ وكيف؟ وما مغزى التلامس والإحساس بالنشوة الجسدية إذا كان الإحساس الروحي العميق بالتواصل مفقودا؟
قد تكون هذه هي الفكرة الأساسية التي يطمح المخرج (وهو مثلي الجنس) إلى استكشافها محاولا إحاطة فيلمه بجو من المرح والضحكات، ويمزج بين الموسيقى الناعمة والطابع الكوميدي (هناك خوف نفسي دفين من اعتبار الجنس أمرا


جادا
غير أن الفيلم يفشل تماما في توصيل ما يريده، بسبب نمطية الشخصيات والحوار. فالبطلة أخصائية في تقديم المساعدة للعاجزين عن الحصول على الإشباع عن طريق الجنس، لكنها تعاني من عدم الإشباع.
أما المثلي ورفيقه فهما يقعان في غرام شخص ثالث ليس من المثليين، لكنه يكتشف أنه ينجذب أيضا لكلاهما بنفس الدرجة!
والجو العام للفيلم لا يوحي أننا أمام عمل حتى ذو قيمة علمية، بل يعتمد أيضا على فكرة الصدمة من خلال تصوير أدق تفاصيل العلاقات الجنسية المباشرة.
كان التمرد على السائد والتعبيرعن الرغبة في التواصل من خلال الجنس في السينما الأوروبية نتاجا حقيقيا "فلسفيا" إذا جاز التعبير، عن الثورة الجنسية، وتمرد الشباب في الستينيات.
وقد تمثل هذا في أفلام بازوليني وفاسبندر وأوشيما وبرتولوتشي وغيرهم.
إلا أن "شورتباص" لا يأتي تعبيرا عن هاجس فكري وحركة اجتماعية حقيقية لها جذور واصول في الفن والشعر والأدب والفلسفة بقدر ما ينطلق من رغبة أمريكية في ادعاء البحث عن التواصل دون البحث الشاق عن المعرفة بل ودون مرح أو إشباع!
هذا جانب مما آلت إليه سينما العالم حاليا، لكنه ليس الصورة كلها، ففي جعبة السينما مفاجآت مدهشة كثيرة حقيقية. لننتظر ونشاهد
عن موقع البي بي سي لندن

مخلوف ..العابر.. يعود الي القفص

لوحة ياهذي المدينة بريشة محمد مخلوف

محمد مخلوف.. عابر فقط من هنا.. ويعود الآن الي قفصه





دعوة لحضور فيلم " القفص " لمحمد مخلوف











يوميات عابر .. مّر من هنا
لندن – القاهرة – لندن


العودةإلي القفص


بقلم محمد مخلوف *

- لندن : يوليو 2005
أحزم حقائبي وأشيائي .. في طريقي إلي القاهرة
قبلها ، بيومين فقط ، أتممت تصوير فيلمي القصير " القفص"
الاصدقاء يتساءلون ، علي نحو موصول : ما الذي تعنيه بـ "ا لقفص" ؟
وأتمتم بعفوية : القفص هو ذلك المكان الذي يسمي "المنفى" ! .. هو أن تكون حراً في هذا العالم الكبير .. ولا يمكنك العودة إلى موطنك
ثم أقول بخبرة العارف : المنفي هو نوع من الأرق الطويل .. المنفي قاتم يا أصدقائي
قاتم ... ؟
نعم ، المنفي أبيض وأسود ، لا لون ولا طعم له ! .. أما الألوان فهي الوطن .. ألوان السماء ، الوجوه ، الروائح ، الأغاني ، الشوارع

ولكن ، يتساءل الأصدقاء ببراءة الذي لا يعرف ، بالإمكان أن يعيش المرء منفياً .. في وطنه ؟
وأرد بثقة المجرب : هذه فلسفة عبيطة ، من لم يعش ويعفس في نار المنفي ، والبعاد عن الوطن والأحبة لا يمكن أن يحس و يشعر بمذاق البرد القارص والغياب .. والشجن
أنا في القاهرة .. المدينة التي وطئتها ، أول مرة ، فتيً يافعاً أيام عبد الناصر
صديقتي في الحياة ، أو أختي المصرية "المُرهقة" كما أطلق عليها : أمل ، تنتظرني في مطار القاهرة ، مع صديق (سابق) ، خان العشرة لأنه " لازم يكسب " ! كسب مؤقتاً أحلام واهية ومصطنعة ، ولكنه خسر صداقة رجل .. وصداقة عمر لن يرجع
· هاهي القاهرة .. الضجيج .. الأصوات العالية .. زعيق منبهات السيارات المستعجلة هو أول ما تسمعه .. الجو الخانق .. الأتربة وروائح التلوث .. زحام الأمكنة .. الأرصفة المكتضة والصاخبة .. الأرواح الهائمة .. عزّة النفس العربية المرسومة في العيون .. المحجبات ببنطلونات الجينز يتمخطرن بدلال ويمشين الهوينى .. حيوات متنوعة وبشر يواصلون صيرورة الرحلة الأبدية وسط الزحام .. وكأن هؤلاء المصريين يستخفون بالحياة والتعب .. سلاحهم الصبر والنكتة اللاذعة .. والأمل .. يخترقون حواجز الزمن والصوت بإيقاعات الحنان والحميمية
" ميدان المساحة " بالدقي .. وطني ومرفأي الجديد .. المؤقت
الصديق قبل الطريق " هكذا يقول المثل ، و " قد " تجد الصديق مع الأيام ، ولكنك ستظل حتما وأبداً تبحث عن الطريق

رؤيتي وحساباتي في الصداقة تبدو ، دائما ً ، صعبة ومثالية وقاسية
تقول لي صديقتي – أختي : " أمل "..حتماً .. ليس كل الناس محمد مخلوف" . أبتلع النقد القاسي بألم لا يضاهيه إلاّ صقيع المنفي ! أغضب وأحزن بعنف لعدة أيام ، ولكن روحي العطشى للحنان عادة ما تغفر زلات أصدقائي .. وأواصل الرحلة ، رغم أنهم – أصدقائي- لا يعرفون ولا يحسون بالأم الكلمات والأفعال عندما تنغرس في قلب عاني كثيرا من وحشة الطريق .. وقهر الرجال .. فهم لا يدرون أن " الفرح ليس مهنتي
آه يا محمد عبد الحليم عبد الله !.. ما من كلمات تضاهي عبقريتك وإنسانيتك .. أنت الوحيد والأوحد الذي استطعت " أنسنة " هذا المجتمع .. رعشات أيدي المحبين ، همسات العشاق ، حفيف أشجار الشتاء ، أحلام الفقراء , دفء الغرف المعتمة ، نبضات الأرواح المشرقة
كيف تتجاهلك هذه الأجيال أيها الكاتب المصري الجميل ؟ .. وكيف ينساق هذا الجيل القفر مع غثاء روبي ، و "حريم كريم " و "عوكل" وسعد الصغير .. والكبير والقبيح ؟! . كيف يهملون عبقريتك ورومانسيتك العذبة ، كيف لا يعرفون " شجرة اللبلاب" ، " الوشاح الأبيض" ، " سكون العاصفة" ، " أسطورة من كتاب الحب "،
الماضي لا يعود".. وغيرها .. وغيرها من الروائع
آه من هذا الجيل ! .. جيل هيفاء والواوا أح .. المعذرة أيها المصري الجميل .. فهذا زمن الهوان ، زمن الوشم الشيطاني والزواج العرفي .. وزمن " نوادي العراة " في مارينا ! .. انه زمن القبح .. المعذرة ، فلا مكان لروحك الهائمة مثل نسائم ندوف الثلج .. هذا زمن متوحش أيها الجميل .. ولكنني ، حتماً ، سوف أحوّل ترنيمتك المضّمخة برحيق القمر وانفاس الفقراء ، حكايتك الجميلة " العازف" إلي فيلم سينمائي .. هدية إلي عبقرتيك الإنسانية.
تقرأ كلمات صديقك "سالم" بلهفة العطشان وتسبح بين السطور
" كل شيء يا صديقي إذا لم تكن وراءه معاناة حقيقية صادقة ، وإذا لم يصدر من أعماق الأعماق دونما زيف ، فإنه يظل بارداً مثل العيون الميتة ، والآخرون يهجرونه منذ البداية ، لا يعانقونه معانقة حارة ورائعة ، يتركونه يعاني الفراغ ، أعني كل شيء لم تكن وراءه معاناة ، "وكل شيء "هذه تشمل أعمالنا .. وتصرفاتنا .. وكلماتنا ، وألف شيء لانهتم بجوانبه وأبعاده
المعاناة تعكس صدق كل واحد منا ، وتعكس ما في دواخلنا ، ما يتحرك بشدة وسطها نتيجة نهائية لذلك كله ، نتيجة كبري وواضحة تخرج إلي الجميع في خاتمة المشوار لتحكي روعة صدقنا أو تفاهة أكاذيبنا ، نبل أحاسيسنا .. أو زيفها
يا صديقي .. دائما في نهاية المعاناة النبيلة المتدفقة ، يبدو الصدق شامخا .. وتبدو متعة (المُعاني الصادق) واضحة كالشمس .. كالنهار ، يعانقه الكل بلا حدود
تبلل كلمات صديقي الأعماق ، وتغسل بعض أدران الغربة
أرتمي علي فراشي الصامت وأحاول التسلل إلي .. النوم الجميل
أقول بلهجة ليبية – بنغازية خالصة
" أضرب الناقص" ! .. يضحك صديقي القبطي : عماد ، الذي يذّكرني محياه بلوحات (وجوه من الفيوم) . هذا الصديق القديم _ الجديد ، الذي بعث في روحي شحنات من الدفء تساوي مئات من السنوات الضوئية
أقول " أضرب الناقص في الحياة " أي " توقع الأسوأ " .. ثم أردف : " كيف ما تجيك تعاللها مثل ليبي – بنغازي أخر , يترك عماد في يّم من الألغاز .. ولا أشرح ، فيقسم أنه سوف يزور مدينتي بنغازي ليحل لغز هذا المثل – الطلسم .. وأضحك بحميمية ، ريثما ترسم أخته "هناء"، من بعيد ، ابتسامة مصرية تماهي الورود المعطرة والسماء الربيعية الصافية
الأستاذ : رؤوف توفيق " الجنتلمان المصري "، كما أطلق عليه ، يحثني علي كتابة يومياتي ونشرها . هذا الرجل الأتي من الزمن الجميل جعلني أحب مصر كما أحب ليبيا .. بل ودفعني بدماثته وصدقه وعفويته أن أحب الحياة والأنسان .. وأحب العرب
آه من هؤلاء العرب كم أعشقهم .. المغربي واللبناني والمصري والليبي والكويتي والجزائري والسوداني .. كلهم .. أحبهم كلهم ، والأستاذ رؤوف علي رأسهم .. يحرضّني علي حبهم .. وحبه

القاهرة .. تلك المدينة التي تجمع بين الحنان والوجع ، المدينة التي تأتي ولا تأتي
ألملم ذكرياتي القاهرية وانقش في عقلي وقلبي بقايا الوجوه المعجونة بالحب والألم .. الغضب والحيرة .. العفوية والقلق .. الصدق و الزيف ، والتي حتماً ستبقي عالقة في الذاكرة إلي حين
- محمود : عاشق السينما الذي لا يعرف حجم عبقريته .. المؤجلة
- هالة : المرأة التي باعت صداقتي من أجل حفنة من الدولارات
- جابر : "اللتّات" الذي يغرس في الروح مشاتل وقناديل .. من المحبة

- سعد : الرفيق الذي أعطيته بحراً من الصداقة .. وباعني ريحاً للمراكب

- عايدة : المرأة البريئة الطالعة من وجع جنوب لبنان .. وصقيع سويسرا


- مني : "ملكة الحنان" .. وأميرة الصداقة العفوية
- عصام : الرجل الذي نضب بئر صداقته .. فتحول , فجأة , إلي ألواح من الثلج

- محسن : الليبي ذو الجذور الملكية .. إبن الأصل و الأصالة

- إدريس : المثقف الذي يعشق ليبيا .. ويعشق الصعلكة في دروب القاهرة .. ليلاً
- ليبيا : الطفلة الليبية .. التي تذكرني بالوطن .. الإسم والأمل
ولا أنسي الذي لمسوا روحي مثل أغنية لفيروز أو موال لأم كلثوم: حسونة ، داليا ، عادل المحامي ، اروي ، عبد الرؤوف ، مروه ، اشرف ، كريم ، عبد المنعم ، إيناس ، عبير، موفي ، بسنت .. وبالطبع ملاك (الحلم المؤجل) ..
كلهم إيقاعات إنسانية بريئة وجميلة .. كانوا ونساً لي في سياحتي بـ " صحراء الحزن
أكتب كلمات وداع أخيرة للقاهرة ، المدينة التي عرفتها .. ولم أعرفها .. كلمات كتبها صديق شاعر من خلف قضبان زنزانته الليبية ، وهو يرنو إلى بنغازي
" فيا هذي المدينة .. طهّري بالحب .. قلبك مرة ً .. ولتحضُنينا ".
قبل الرحيل أرسم لوحة بالأبيض والأسود ، أهديها إلي صديقتي – أختي "أمل" ، التي طلبت منها أن تغير اسمها إلي "حنان" , وزوجها ، صديقي – أخي "علاء" أو " التفكيكي الهادئ " .. كما أسميته

أكتب علي حاشية اللوحة ،ٍ بصدق يضاهي صدق دموع أمي ساعة رحيلي إلي المنفي (منذ أكثر من 30 عاما) .. وأودعهما .. دون أن أنسى حنانهما المتدفق مثل نهر الأمازون
" إلي الصديقة والصديق .. اللذين خففا وحشة الطريق
آهٍ من وحشة الطريق وأشواكها
وداعاً القاهرة . .المدينة الحانية .. والقاسية .. الدافئة والباردة .. حزمة الضوء .. سيدة الليالي الموحشة .. سجاّنة الأرواح المجهدة .. فضاءات الحرية وصحوة الأسرار و الأحلام المعلقة

غنّي .. فالوحشة مُرة


- أغسطس 2006 ..
أحزم حقائبي في طريقي إلي لندن .. إلي قدري .. إلي المنفي .. إلي "القفص
من جديد ! وأتمتم بحزن أبدي كلمات فيكتور هوجو الخالدة : " المنفي ذلك الآرق الطويل


* محمد مخلوف: سينمائي وصحافي من ليبيا , مقيم في بريطانيا

ترجمة الافلام المغاربية الي العربية لتسويقها في العالم العربي

ملصق فيلم " بركات " الفائز بجائزة المهر الذهبي في مهرجان دبي السينمائي وجائزة احسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة 30



لإغراء الجمهور العربي بمشاهدتها


استفتاء جماهيري يطالب بترجمة الأفلام المغاربية إلى اللهجات العربية

كتب: سلامه عبد الحميد


أعربت الغالبية العظمى من المشاركين في الاستفتاء الشهري لشبكة السينما العربية عن رغبتهم في ترجمة الأفلام المغاربية إلى اللهجات المحلية العربية الأخرى حتى يمكن للمشاهدين العرب فهمها ويتمكن منتجوها من تسويقها بشكل أكبر في الأقطار العربية المختلفة بدلا من قصر عرضها على الدول المتنجة لها
وأيد 70 % من المشاركون في الاستفتاء الذين تجاوز عددهم 12 ألف شخص ترجمة الأفلام المغاربية للهجات العربية ودعوة منتجيها إلى بدء العمل على ذلك بينما أعلن 13% رفضهم للفكرة وعلق 17% من المشاركين بعدم اهتمامهم بمثل هذه الموضوعات

وتعتبر السينما المغاربية أحد السينمات العربية المتطورة وتحصد سنويا الكثير من الجوائز كان أخرها جائزة أحسن ممثل في مهرجان كان السينمائي لأبطال الفيلم الجزائري (السكان الأصليون) وجائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي لفيلم (بركات) الذي حصل أيضا على الجائزة الكبرى لمهرجان دبي السينمائي
وجاء الاستفتاء كرد فعل مباشر لدعوة الناقد المصري طارق الشناوي لترجمة الأفلام المغاربية إلى اللهجة المصرية التي عبر عنها في مقاله الأسبوعي بجريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية والذي طالب فيه بوضع ترجمات مكتوبة بالفصحى على الشاشة للأفلام المغاربية لأن لهجاتها المحلية تجعلها غير مفهومة للمشاهد العربي.
وقال الناقد المصري إن المغاربيين ينظرون إلى هذه المسألة بحساسية وأنه طالما سمع من سينمائيين مغاربيين "إننا نتحدث مثلكم العربية فلماذا نفهمكم ولا تفهموننا، ابذلوا بعض الجهد لتعرفوا إيقاع لهجاتنا بدلا من أن تطلبوا ترجمة أفلامنا من العربية إلى العربية"
ودافع الشناوي عن فكرة الترجمة بقوله "إن مهرجان كان السينمائي الدولي يضع ترجمة للأفلام الناطقة باللهجات الإنجليزية مثل الأفلام البريطانية والأيرلندية، مذكرا بأنه تم في الدورة الأخيرة لهذا المهرجان ترجمة الفيلم الإنجليزي (الريح التي تهز حقول الشعير) للمخرج كين لوش الحائز على جائزة السعفة الذهبية والشيء نفسه بالنسبة للفيلم الأيرلندي (الطريق الأحمر) للمخرجة أندريا أرنولد الحاصل على جائزة لجنة التحكيم،علما بأن أحداث الفيلمين معاصرة ولغتهما الإنجليزية سليمة، مؤكدا أن ذلك لم يغضب لا الإنجليز ولا الأيرلنديين

ولاحظ أن البلد الوحيد المستثنى من الترجمة إلى الإنجليزية هو الولايات المتحدة الأمريكية لأن الإنجليزية من خلال النطق الأمريكي أصبحت لغة عالمية وليست مجرد لهجة، مشيرا إلى أن الفيلم الأمريكي استطاع أن يغزو العالم وصنع من الأداء الأمريكي للإنجليزية أسلوبا شائعا في التلقي ولهذا لا يتم ترجمة حوار الفيلم الأمريكي إلى اللغة الإنجليزية في مهرجان كان بينما تترجم كل الأفلام الأخرى الناطقة بالإنجليزية لاختلاف اللهجات
وأكد الشناوي أن الفيلم المصري في العالم العربي له مكانة الفيلم الأمريكي في العالم وهذا منح اللهجة المصرية شعبية في كل دول العالم العربي، مشيرا إلى أنه قبل أن يعبر الفيلم المصري الحدود إلى العالم العربي لعبت الأسطوانة الغنائية دورا كبيرا في انتشار اللهجة المصرية من خلال أصوات تواجدت بقوة في العالم العربي في مطلع القرن الماضي مع انتشار الأسطوانة الغنائية العابرة للحدود مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب
جدير بالذكر أن شبكة السينما العربية احدي مبادرات مؤسسة مهرجان الفيلم العربي بروتردام وتهدف إلى تنمية وتشجيع السينما العربية غير شبكة الانترنت ويشرف عليها الناشط الحقوقي التونسي الأصل خالد شوكات مدير مهرجان روتردام للفيلم العربي ويتولي الناقد والصحفي المصري أشرف البيومي مهمة إدارة التحرير الصحفي للشبكة.

الأربعاء، ديسمبر 20، 2006

معرض فوتوغرافيا للفنان العراقي لؤي شيخلي










معرض فوتوغرافيا للفنان لؤي شيخلي



التقيته في سبتمبر 2006 في حفل من تنظيم ساقية الصاوي التي اصبحت خلية نحل وملتقي للفنانين من كل الجنسيات في مصر .0فنان تشكيلي عراقي.. نظم ورشة للتصوير في ساقية الصاوي حديثا..لؤي شيخلي موهبة عراقية شابة تقدمها ايزيس

علا الشافعي في ورقة توت

علا الشافعي


علا الشافعي في ورقة توت


وجوه جديدة في فيلم عكس التيار


انتهي المخرج عمرو بيومي من تصوير معظم المشاهد الداخلية لفيلم «ورقة توت» الذي تشارك في بطولته مجموعة من الشباب الجدد ويقوم بإنتاجه هاني جرجس فوزي. «ورقة توت» تأليف علا الشافعي الصحافية السينمائية في مجلة " الاهرام العربي " و" الحياة " في أول تجربة لها في كتابة القصة والسيناريو، ويناقش الفيلم مشاكل الغربة من خلال ثلاث فتيات جئن من مناطق مختلفة إلي القاهرة للدراسة محملات بالأحلام إلا أنهن يتفاجأن بعقبات تحول دون ذلك لتتحطم أحلامهن ويكتشفن أن المجتمع أصبح فاسداً، فيضطرون للتنازل عن مبادئهن وأفكارهن. سيناريو الفيلم انتهت علا من كتابته منذ عدة سنوات، وواجه عقبات كثيرة لكونه مختلفاً عن تيار السينما السائد
وتقول علا الشافعي: اخترت اسم «ورقة توت» كرمز، ولمدي صعوبة التغيير الذي سيواجه الشخصيات، ومع ذلك الاسم ليس نهائياً لأن هناك مفاوضات خلال هذه الفترة علي تغييره. وأنا سعيدة لأن التجربة تعتمد علي الوجوه الجديدة، فالعمل يحتاج إلي وجوه غير مألوفه حتي تحدث المصداقية بين الشخصيات والقصة، بالإضافة إلي أن أعمارهن مناسبة جداً للأدوار وغير متوفرة في نجمات السينما الحاليين وقد تم اختيارهن بعناية فائقة ومنهن ريم حجاب، وفرح يوسف التي عملت في العديد من المسرحيات والأفلام التسجيلية والقصيرة وسمية التونسية وفريده وريم عبدالهادي. عمرو بيومي انتهي من تصوير أسبوعين من الفيلم وتتبقي له ثلاثة أسابيع من المقرر تصويرها بين جامعة القاهرة وأحد الشوارع


عن شبكة السينما بتاريخ 15 ديسمبر

الثلاثاء، ديسمبر 19، 2006

مهرجان دبي يمنح جائزته ل" بركات" الجزائري

لقطة من فيلم " بركات " الجزائري لجميلة صحراوي
مقال صلاح هاشم عن فيلم " بركات " لجميلة صحراوي في جريدة " القاهرة " بتاريخ 12 ديسمبر 2006



عرض 115 فيلما من 47 دولة

دبي يمنح جائزته لفيلم " بركات " الجزائري لجميلة صحراوي



صلاح هاشم كتب عن الفيلم وأشاد به، وبفن مخرجته، واعتبره احسن الافلام العربية التي شاركت في مهرجان القاهرة

احتفلت دبي بختام مهرجانها السينمائي الثالث مساء الاحد17 ديسمبر 2006 بتوزيع جوائز مالية جديدة للسينما العربية حصلت عليها افلام جزائرية وتونسية وفلسطينية.حيث فاز فيلم "بركات" للمخرجة الجزائرية جميلة صحراوي بجائزة افضل فيلم روائي طويل فيما اختير "كحلوشة" التونسي كافضل فيلم وثائقي و"اتمنى" الفلسطيني كافضل فيلم قصير وشهد الى جانب مسابقة الافلام العربية التي نظمت للمرة الاولى، عرض 115 فيلما من 47 دولة. وقد قام بتسليم الجوائز إلى أصحابها المخرج الأمير كي أوليفر ستون، وكان الكاتب والناقد السينمائي المصري صلاح هاشم رئيس تحرير " سينما ايزيس " شاهد الفيلم في مهرجان القاهرة 30 وكتب عنه لجريدة " القاهرة " بتاريخ 12 ديسمبر وأعتبره أفضل الافلام العربية في المهرجان


انظر مقال صلاح هاشم عن الفيلم في " سينما ايزيس " بعنوان


فيلم " بركات " يصرخ : كفانا ارهابا

المتوسط يضبط ايقاعه علي مواقيت

لقطة من فيلم مواقيت ورياح التركي

السينما المتوسطية : مهد التراجيديا و" صرة " العالم



في " مواقيت ورياح " : السينما أصدق من نشرات الإخبار
والفيلم قصيدة في مجد الحياة



هنا في تلك البقعة الجغرافية المقدسة أشعر قسطنطين كفافي، وروي محفوظ ، وصور فيلليني وانجلو بولوس وانطونيوني ورينوار وصلاح ابو سيف ويوسف شاهين ، وصدحت ماريا كالاس وشدت أم كلثوم.ولذلك كانت الافلام التي شربت من نبع المتوسط،، وشبت وترعرعت تحت شمسه، وارتوت من ارضه، خليقة - اكثر من تلك الاخبار التي يقصفنا بها التلفزيون- بأن تكون معبرة عن حالته، ومزاجه وبؤسه، وقلقه وتناقضات مجتمعاته الغنية والفقيرة علي حد سواء، وتصدمنا بواقعيتها ومصداقيتها




باريس- صلاح هاشم

هل صحيح كما يقول جان فرانسوا برجو مدير مهرجان مونبلييه السينمائي 28 ان الاخبار والانباء والمعارف التي تحملها لنا الافلام، تكون احيانا اهم بكثير وأكثر مصداقية، من الاخبار التي تحملها لنا وتبثها نشرات الاخبار علي شاشات التلفزيون، وتقصفنا بها ليل نهار؟..
ان المتأمل في انتاجات السينمات المتوسطية الجديدة التي عرضها المهرجان في دورته الفائتة في الفترة من 27 اكتوبر الي 5 نوفمبر، والقادمة من مصر والمغرب وتركياوفلسطين وغيرها سوف يكتشف انه ربما يكون علي حق ، بعد ان صارت عمليات تشكيل وتوجيه الرأي العام من خلال الشاشات الصغيرة التلفزيون، تخضع لهيمنة الحكومات والشركات والاحزاب والانظمة، واقرب ما تكون الي " الدعاية " ان لم نقل " البروباجندا " الخالصة، ولم تعد هناك اخبارا " موضوعية او محايدة او نزيهة، بل قل ان جل الاخبار التي تبث وتنشر، صارت مثل الرسائل والدعايات الموجهة لتلحس دماغ المشاهدين ، وتوجههم الي حيث تريد الحكومات، كي تتحكم في حياتنا، وتحركنا كما عرائس الماريونيت الخشبية، في استعراض قائم الآن، وفي كل لحظة ومستمر، تحت خيمة المتوسط الكبير..




مهد التراجيديا وصرة العالم

ولذا اصبحت تلك الصور والمعارف والانباء التي تنقلها لنا السينما ، من صنع الخيال، اكثر دفئا وحرارة ومصداقية من ذلك ألخطاب التلفزيوني " الموجه. وكما يقول ناعومي تشومسكي ان الاخبار التي يبثها التلفزيون، ليس القصد منها ان تزيد من معارفنا بالعالم والدنيا والناس ، بل القصد منها ان تجعلنا نحب التلفزيون كصندوق للمتع الحسية، ومتاح للفرجة في كل وقت. القصد منها ان يصبح الهدف من الخطاب التلفزيوني، هو التلفزيون ذاته، فنحبه أكثر ، ونحس انه قد صار حاجة اساسية من احتياجاتنا الطبيعية الضرورية، مثل الاكل والشرب والنوم واستنشاق الهواء النقي . ولم يعد هناك أي هواء نقي بالطبع، وعلي مايبدو، في أي مكان في العالم كما تصور، الا امام الشاشة الصغيرة. في حين ان التلفزيون كما يؤكد العالم الكبير تشومسكي، يستطيع ان يكون جامعة مجانية مفتوحة علي الهواء الطلق، وليس ساحة للدعاية والاعلان،كما هوالآن، لبث الهراء العام، في انحاء البلدان المتوسطية، لكي ليغربنا هكذا عن حياتنا وواقعنا، ويحولنا الي " مسخ " في اجمل بقعة جغرافية علي وجه الارض..
تلك الرقعة الجغرافية المتوسطية الشاسعة التي تطل علي البحر الكبير بقدسيتها، واديانها السماوية الرائعة، وحضاراتها وتاريخها وثقافاتها العريقة، وهي عندنا يقينا بمثابة صرة العالم..
الصرة التي تشرق عليها الشمس الافريقية المتوهجة بالنور، وتلك المراعي الخضراء الممتدة في توسكانيا في ايطاليا الي ما لانهاية. هي " رغيف " العيش المصري، وألفة الناس الطييبين و "الطبطبطة " فوق الظهر، وهي أيضا مهد التراجيديات والدراما العظيمة، وهنا كما يقول المخرج السينمائي والشاعرالايطالي بيير باولو بازوليني تخلق " الحكواتي " ، وولدت الحكاية مع جدنا الاكبر اليوناني هوميروس، وظهرت " الف ليلة وليلة ". وهنا – نضيف - أشعر قسطنطين كفافي، وروي محفوظ ، وصور فيلليني وانجلو بولوس وانطونيوني ورينوار وصلاح ابو سيف ويوسف شاهين ، وصدحت ماريا كالاس وشدت أم كلثوم.ولذلك كانت الافلام التي شربت من نبع المتوسط، وشبت وترعرعت تحت شمسه وارتوت من ارضه، خليقة - اكثر من تلك الاخبار التي يقصفنا بها التلفزيون- بأن تكون معبرة عن حالته، ومزاجه وبؤسه، وقلقه وتناقضات مجتمعاته الغنية والفقيرة علي حد سواء، وتصدمنا بواقعيتها .. ومصداقيتها. كما في فيلم " مثل ظل " الايطالي علي سبيل المثال الذي يذكرك بأفلام انطيوني ( الليل .الصحراء الحمراء. المغامرة ) ويحكي عن تلك الوحدة الباردة في المجتمع الايطالي الاستهلاكي الجديد، وذلك النزوح مثل النزيف من الجنوب الفقير المعدم الي أرض الاحلام والاوهام في المدن الصناعية العملاقة التي تقتل الروح،وحصد جائزة النقاد عن جدارة..
وكما في فيلم " البنات دول " من مصر لتهاني راشد، الذي تتضاءل امامه اعتي الريبورتاجات والافلام التسجيلية من صنع التلفزيون المصري والمركز القومي للسينما ، ولن يحول دون زيارة السياح لبلدنا مصر، لأنه كما يدعي البعض ينشر غسيلنا الوسخ علي السطح، ويكشف عن تناقضاتنا وعيوبنا، واذا به يتوهج سينمائيا في " كان "، ويشارك من بعد في مسابقة الافلام التسجيلية في مونبلييه السينمائي 28 ، ويحصد جائزتها عن استحقاق..

المتوسط يضبط إيقاعه علي مواقيت الصلاة

كما عرض المهرجان " تحفة " سينمائية من تركيا في فيلم هو أشبه مايكون بقصيدة في مجد الحياة ونرشحه للعرض في مهرجان الاسكندرية السينمائي القادم بعد أن أسرنا بجماله وعمقه وعذوبته، الا وهوفيلم " مواقيت ورياح "des tempe et vents للمخرج التركي أريحا أرديم الذي حصد جائزة انتيجون الذهبية كاحسن فيلم بين 12 فيلما شاركت في مسابقة المهرجان. يحكي الفيلم عن ايقاع ودورة الحياة في قرية صغيرة من قري الاناضول البعيدة عن العمران، فلا راديو هناك ولا تلفزيون يزعجك، بل هناك فقط اصوات الطبيعة: زقزقزقة العصافير وهمس الريح وشجر المشمش واللوز العالي ، وتلك الحيوانات التي تتناسل براحتها في طرقات وازقة القرية الصغيرة في حضن الجبل، والمطلة علي البحر المتوسط الكبير، وسط الزهور. هناك حيث يضبط المتوسط ايقاعه علي مواقيت الصلاة، و يقعد اطفال القرية فوق ربوة، ويتأملون وهم ينصتون الي صوت المؤذن،يتأملون في تلك السحب الراحلة في السماء بلا عودة، فيفكرون متي ينتهي ياتري ظلم الاهالي وتعسفهم واستعبادهم للصغار وتوحشهم، وكيف يستميلون مدرستهم الشابة التركية الجميلة بهداياهم المتواضعة كي تعطف عليهم و تحنو عليهم وتحبهم اكثر والغريب انها وهي الغريبة النازحة الي المكان تفهمهم اكثر من امهاتهم وذوييهم. الطفل عمر بطل الفيلم يكره الأب مؤذن القرية فالأب يتباهي بشقيقه الاصغر الذكي الشاطر في الحساب ويحفظ القرآن، في حين ان عمر يبدو في تلك السن مثله مثل أي مراهق غارقا في في تأملاته حالما ومسافرا دوما الي البعيد، ويروح يدخن في الخفاء مع صديقه اللفائف، ويتصعلكان سويا في حضن الطبيعة ويتلصصان علي الفتيات الصغيرات اللواتي يغتسلن في النبع، وتتفتح حواسهما علي مشاعر الجنس، في مواجهة التقاليد العائلية البالية الصارمة، وتراثها العريق في القمع والكبت، حتي انه من فرط قسوة الاب علي ابنه عمر ذاك الحالم،يقرر عمر ان يتخلص من ابيه بأية طريقة، فمرة يفكر في ان يسممه، ومرة اخري يفكر في ان يدفعه من فوق قمة مئذنة جامع القرية العالية، لكي يسقط من حالق ويتهشم جسده ويموت، ويستريح عمر من ظلمه وقسوته، ومرة ثالثة يصطاد عمر مجموعة من العقارب الكبيرة السامة،ويضعها في علبة من الصفيح، وينتظر كي ينتهز أول فرصة ليطلقها في فراش الوالد فتلسعه بابرها المسمومة، ولايهم ان يقبض البوليس عليه، فالصغار في عمره من القاصرين لا يلقي بهم في الحبس اذا ارتكبوا جريمة ..
ويفكر صديق عمر ان ينتقم ايضا من والده الذي ضبطه وهو يتلصص علي مدرسة القرية العازبة التي يحبها ، ويحمل اليها في عيد الاضحي فخذة خروف، فاذا به يكتشف ان الاب يهيم حبا هو الآخر بمدرسته العازبة، التي تعيش بمفردها في سكن خاص بالقرية الصغيرة في حضن الجبل ، التي تصبح مع تعاقب الاحداث في الفيلم وتطورها، تصبح صورة مصغرة لذلك المتوسط وقسوته وظلمه وقمعه للصغار، ومن اعظم مشاهد الفيلم تلك اللقطات التي يظهر فيها الاطفال ابطال الفيلم، وقد راحوا في سبات عميق عذب، في حضن الارض والطبيعة، وكأنها هي الارض ذلك الرحم الكبير الذي يضمنا في ذلك المتوسط الي صرة العالم والكون، في حياتنا ومماتنا ويجعلنا نتصالح مع كل الكائنات والموجودات..

عن " القاهرة " بتاريخ 19 ديسمبر 2006

الاثنين، ديسمبر 18، 2006

هجوم قاس بقلم نجاح كرم

لقطة من فيلم " بلديون او السكان الاصليون " من أجمنل وأقوي الافلام التي عرضها المهرجان

لقطة من الفيلم الهندي اومكارا










بقلم نجاح كرم




القاهرة - من نجاح كرم: استوقفني عنوان على احد المواقع المهمة على الانترنت يقول... بين التقشف وسوء التنظيم... هل يلفظ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي انفاسه الاخيرة؟بصراحة اعتبرت العنوان قاسيا جدا على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 30 وبعد هذا التراكم الزمني الكبير الذي وصل اليه بفضل جهود المؤسسات الفنية والابداعية ودعم الدولة والقطاع الخاص لهذا المهرجان الذي يعد من اهم المهرجانات في العالم... فهل يستحق هذا الهجوم عليه وبهذه الصورة القاسية... لا شك ان اقامة مهرجان بحجم مهرجان القاهرة الدولي وجعله في مصاف المهرجانات العالمية لهو حدث مهم تفخر به جمهورية مصر العربية لمد جسور التواصل بين شعوب العالم وتعريف العالم الغربي باهمية دور السينما في العالم العربي كسلاح مهم وخطير يتسلح به المثقف العربي ويعتبره اداة مهمة في مواجهة المخاطر التي تحدق بنا على جميع الاصعدة فلا يحق لاي فرد ان يعتبره ساحة معركة او حلبة صراع يتنازع عليها اي كان بل يجب ان يكون حلبة صراع كما قال الفنان القدير عزت ابو عوف لتبادل الافكار وتواجهها وتبادل وجهات النظر وفتح صفحة سينمائية كبيرة وجديدة امام الجماهير تعرض فيها المشاكل التي يمر بها العالم ومحاولة حلها... كما ان مهرجان هذا العام يعتبر نقطة مضيئة في تاريخ الفنان الدكتور عزت ابو عوف الذي استلم الرئاسة خلال فترة زمنية قياسية اي ان ثلاثة شهور لا تعتبر فترة زمنية كافية لفنان يتسلم مهرجانا بهذا الحجم ليكون سوبر مان يطير بالمهرجان إلى افاق ونجاحات قياسية دون اخطاء تذكر او سلبيات... لا بد ان نتذكر دائما ان بعد دورة المرحوم سعد الدين وهبة رحمه الله كثير من الامور تغيرت كما تغير الزمان بكل ما فيه من تداعيات، وتعاقب اكثر من رئيس عليه يعتبر سلبية في حد ذاته فلا يقاس فشل المهرجان ونجاحه بنوع الرئيس وقدراته... هذه الدورة برأيي المتواضع وكوني اغطي المهرجان منذ عشرسنين دورة متميزة وان كان بها بعض السلبيات إلا أن الامور كانت جيدة فحفل الافتتاح شهد اطلالة الفنان عمر الشريف الذي استضافه رئيس المهرجان بذكاء خارق ليعطي تألقا غير عادي كما ان وجود نجوم عالميين متميزين ابهر الحضور امثال «جاكلين بيسيه» و«شارل ازنافور» و«داني جلوفر»... اما الحفل في قصر محمد علي فكان اشبه بحفلة عائلية خاصة، ناهيك عن الندوات والمؤتمرات الصحافية القيمة... اما الملامح الجديدة لهذه الدورة فوجود الفنانين الشباب مع افلامهم التي عرضت للمرة الاولى للجمهور، ولا ننسي افلام المسابقة الرسمية التي اعتبرت افضل افلام قدمت من 15 دولة ومنها على سبيل المثال دول اميركا اللاتينية التي شاهدنا اعمالها واطلعنا على افضل انتاجاتها في الفترة الاخيرة، السينما الخليجية بتواضعها كان لها حضور مميز فلم تغفل ادارة المهرجان عن الانتاجات التي قدمتها السعودية وسلطنة عمان فغصت الصالات بالمشاهدين من كل الجنسيات لمعرفة ماذا قدمت السينما الخليجية بعد سبات عميق، اصدارات المهرجان تعتبر ثروة للمكتبة السينمائية فترنيمة حب عن بصمة الكاتب الكبير نجيب محفوظ في السينما المصرية تحفة لا تتكرر صاغها الكاتب هاشم نحاس وكتاب التكريمات تاريخ وثق مسيرة كل من المكرمين الفنان محمود عبدالعزيز والفنانة يسرا والفنان عمر خيرت وشيخ المصورين سعيد الشيمي، سينما اميركا اللاتينية للدكتور حسن عطية يعتبر مرجعاً للثقافات السينمائية العالمية والتي تفتقدها المكتبات العربية.ما يقال عن ان هناك اخطاء حصلت في المهرجان كأخطاء في الترجمة او غياب عدد كبير من وسائل الاعلام العربية والاجنبية لتغطية فعاليات المهرجان او عرض الافلام في صالات بعيدة مثل صالة عرض سيتي ستار اخطاء ليست بالجسيمة وان كان ممكناً تلافيها في المستقبل حتى لا تقع ادارة المهرجان في اشكالية نجاح المهرجان من عدمه وانتقاده بهذه الصورة... اي لا يمكن لاي مهرجان اي كان وفي اي دولة في العالم ان تتفادى جميع الاخطاء وتلبي جميع رغبات الموجودين وتحقيق احلامهم دون سلبيات تذكر ... والغريب في الامر ان جميع الانتقادات والهجوم العنيف الذي تابعته من خلال الصحف اتى من الصحافة المصرية
التي يفترض بها ان ترتقي بالمهرجان وتعطيه حجمه المطلوب وتركز على ايجابياته وتغض النظر ولو قليل عن سلبياته ولا تضخمها بهذا الشكل وتقول عنه في النهاية انه سيلفظ انفاسه الاخيرة.
..أجمل الأفلام: تنوعت أفلام المهرجان ما بين مكسيكية، برازيلية، أرجنتينية، هندية، فرنسية، سويسرية، مصرية، ومن ايران وحتى سيلان... أفلام اعتبرتها من أفضل ما قدم لعام 2006 فهذه الافلام عالجت العديد من القضايا المعاصرة وسلطت الضوء على العديد من الجوانب الإنسانية دون حدود للمكان والزمان وبصورة جميلة وواقعية ومنها:


النظرة الأخير: المكسيك يحكي الفيلم قصة فنان تشكيلي مبدع يصاب بالعمى الموقت بعد ان تأكد ان المرض وراثي في العائلة كون الاب أعمى ايضاً ليحاول جاهداً وبنفسية متعبة ومصدومة ان يتأقلم مع الحياة الجديدة وبعد ان تركه اصدقاؤه وأحباؤه ليعيش وحيداً ومنهم الراهبة التي أحبته وحاولت ان تساعده لكن ظروفها كراهبة منعتها من مواصلة المشوار معه... يضطر ان يعيش وحيداً يتدبر أموره بنفسه دون مساعدة لدرجة استغلال البعض من الشباب عجزه فيحاولون سرقته دون أن يدري... من جانب آخر تعيش فتاة شابة تعمل خادمة في منزل تقطنه العاهرات في منطقة نائية في الصحراء المكسيكية تتدخل الظروف ويلتقي الرسام بالفتاة التي تحاول ان تبقى خادمة فقيرة على ان تكون عاهرة غنية وتصر على ذلك رغم فقرها وعوزها تفاجأ الفتاة بدخول الفنان الى منزل العاهرات ودفع مبلغ كبير من المال 3000 دولار لتمضية ساعة مع الفتاة التي لم تكن تتوقع ان يطلب منها هذا الأمر لكن بعد خلوهم في الغرفة يطلب منها ان تنزع جميع ملابسها ليطلي جسمها بطلاء أحمر وتقف عند النافذة اي في النور فتلبي رغبته رغم خوفها واستغرابها ليقول لها في النهاية ان هذه النظرة الأخيرة التي أشاهد فيه اللون الاحمر في حياتي وبعدها سوف أكون أعمى الى الابد


.الطريق: الصين في بداية الستينات من القرن الماضي يعمل لاوكوي الكبير في السن كسائق تاكسي أو اتوبيس في بلدة صغيرة بمقاطعة يونان الصينية بينما تعمل الشابة الجميلة آلي شونفين ببيع التذاكر على الاتوبيس نفسه حيث تكون تلميذة للاوكوي، يحب لاوكوي الشابة لكنه لا يعرب عن حبه لها كما انها بالمقابل لا تعبر عن مشاعرها نحوه رغم انها تحبه وتقدره لمساعدتها له، وعندما يقرر الحزب الشيوعي ان العامل المثالي لاوكوي يجب أن يتزوج يقوم بترتيب موعد بينهما دون ان يعلما ولا يلبثا ان يصبحا زوجين في فترة قصيرة لكن مع مرور الوقت تقرر آلي شونفين ترك زوجها لاجل طبيب شاب عبر عن حبه لها في الماضي في هذه الاثناء يقع حادث خطير للزوج يجعله طريح الفراش فتتحمل الزوجة المسؤولية كلها لمدة عشرين عاماً دون أن تتمكن من التعبير عن مشاعرها.


...اومكارا: الهندفي إحدى القرى بإقليم اوتار براديش بالهند يتزعم اومكارا الذي هو نتاج زواج بين طائفتين اجتماعيتين مختلفتين عصابة من الخارجين عن القانون التابعين للسياسي الفاسد ابهيساب، ومن اعضاء عصابة اومكارا صاحب الدهاء لانجدا تياجي والنشيط كيسو، يقوم لانجدا باختطاف العروس الجميلة دوللي في طريقها للزفاف من راجو حيث ان اومكارا قد وقع في غرامها وهي قد عبرت عن رغبتها في الزواج به، ولأن كيسو يسيطر على مجموعات الطلبة من الشباب ويمكنه التأكد من انهم سوف يدلون بأصواتهم في الانتخابات لصالح بهيساب، فإن اومكارا يعينه قائداً اعلى في العصابة، على امل ان يتفهم لانجدا الذي يعتبره اخ ضرورة لذلك، لكن يغضب لانجدا فيقوم بعمل خطة لزرع الشك والغيرة في نفس اومكارا مدعيا ان زوجته دوللي على علاقة مع رئيس قواته ونائبه المفضل كيسو


.زوزو انجل: البرازيل قصة حقيقية حدثت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي اشتهرت مصممة ازياء برازيلية تدعى زوزو انجل بالزهور البرازيلية ذات الالوان الناصعة في تصميماتها، لكن في السبعينات غلبت على ازيائها الخطوط السوداء وبقع الدم الحمراء انعكاساً لسخطها ورفضها على جرائم التعذيب والقتل التي يرتكبها النظام الديكتاتوري في بلادها وكان من بين الضحايا ابنها الطالب النشيط سياسياً ستوارت انجل اذ ألقى الجيش القبض عليه وتم تعذيبه حتى الموت في احدى مراكز القوات الجوية بريو دي جانيرو في عام 1971، زوزو تكافح وتناضل في سبيل معرفة مصير ابنها بكل الطرق والوسائل المتاحة وغير المتاحة فتطير الى أميركا لتقابل هنري كيسنجر لعرض قضية ابنها عليه وتقابل رؤساء الجمعيات الإنسانية للوصول الى مصير ابنها بعد ان تخلى عنها الكثيرون خوفاً من الجيش وسخطه لكن كل المحاولات تبوء بالفشل بعد ان عرفت بموت ابنها ظلما، فتقول كلمة عندما اطلت من نافذة الطائرة وهي تهبط فتنظر الى جمال مدينتها وروعة مناظرها بأن هذه المدينة الجميلة يعيش بها وحوش تسفك دم الابرياء...


سنكارا: سيريلانكايصل الكاهن البوذي الشاب اناندا الى أحد المعابد في منطقة تمتاز بروعة الطبيعة الى احد المعابد كي يقوم بترميم اللوحات الجدارية المرسومة على جدران المعبد والتي تتناول ثيلباثنا جانا كابا وهذه اللوحات بها موعظة حيث تقول ان بوذا قد أوصى بأنه يجب على الرجل صاحب الغاية العظيمة ألا يميل بالرغبات ويتم اغراق حواسه الخمس خصوصا عن طريق النساء الجميلات فلا يجب ان يترك حواسه للشهوات والرغبات الجنسية الدنيوية، وفي يوم عندما يقوم اناندا بعملية الترميم يجد دبوس شعر لفتاة شابة ملقى عند نافذة المعبد فيحاول ان يعرف لمن هذا الدبوس ليحاول اعادته فيفاجأ انه لفتاة شابة جميلة ينبهر بجمالها بمجرد مشاهدته لها فتستيقظ مشاعرة المكبونه ويسقط العالم الروحاني الداخلي للراهب الشاب في براثن الفوضى الحسية والرغبات المدفونة


.قص ولزق: مصرجميلة فتاة تبلغ من العمر ثلاثين عاما وبسبب الظروف الاقتصادية تفكر بشكل جدي بالهجرة فتقرر السفر والاقامة في نيوزيلاند لتحقق حلم الثراء الذي تحلم به ومن اجل ذلك فهي تعمل ليل نهار في البيع والشراء كل ما يقع في يدها فمرة تكسب ومرات تخسر لتحقيق هذا الحلم في الوقت الذي تسعى والدتها التي تعمل كوافيرة الى زواجها من اي شخص يتقدم لها لتتخلص من همها كونها بلغت سنا لابد لها ان تتزوج وتستقر، لكن في ظل الظروف السيئة التي تعيشها جميلة والعادات والتقاليد الراسخة بين اهلها تجد صعوبة بالغة في الهجرة فلابد من وجود فكرة جهنمية تجعل والدتها توافق على حلمها، والخطة هي ان تتزوج من اي شخص تتفق معه على تحقيق الحلم بشرط ان تكون لديه نفس الرغبات، ومن خلال عملها اليومي تصادف شخصا تتمكن من اقناعه بفكرة السفر ويوافق على مضض ومن ثم يتقدم لوالدتها ويتم الزواج الذي وضعت له جميلة شروطا قاسية بعدم التقرب منها لحين السفر لكن هذه الفكرة مع الوقت لم يستسغها الزوج وتلغي كل الاعتبارات وكذلك فكرة السفر عندما تسقط كل الاقنعة


.مكان ما بعيد جدا: ايرانرجل يجلس وحيدا حزينا غاضبا لا يتكلم ينظر له البعض على انه مجرم خطير، ففي اقليم كوجور في مقاطعة مازانداران يقتل قاطعو الاشجار والخارجون على القانون احد سكان الغابات المعروفين فتدور الاحداث لمعرفة القاتل الى ان يظهر الشاب جمال الذي يعترف بانه هو القاتل، رغم عدم تصديق الناس له إلا انه يصمم على اقواله فالشهود يقرون بان اعترافه أتى بدافع من حبه للفتاة البكماء نيالا الذي يعشقها منذ فترة فهل ستصدقه المحكمة وتطبق عليه القصاص
عن جريدة " الرأي العام " الكويتية بتاريخ الاثنين 18 ديسمبر2006

الجمعة، ديسمبر 15، 2006

في " كيف الحال " تمثيلية تليفزيونية فقيرة











فى (كيف الحال )..... الحال لم يكن على مايرام ؟

بقلم عماد النويري



الدعاية ساهمت في الخداع والتجارب الأولى لها أخطائها
تمثيلية تلفزيونية ، ونهاية توفيقية ، وغياب للخطاب البصري


وصف الممثل خالد سامي مشاركته في بطولة الفيلم السينمائي السعودي الأول "كيف الحال" بأنها فرصة لا تعوض من أجل إبراز موهبته وخوض غمار تجربة فنية جديدة , مؤكداًَ في الوقت نفسه أن مشاركة كوكبة من نجوم الدراما المحلية والعربية سوف تساهم في دعم العمل.وبين سامي أن دوره الذي يلعبه في الفيلم هو دور الجد مشيراً إلى أن هذا الدور هو الخط الكوميدي الأول والسبب المباشر في اقتناعه بالمشاركة في العمل الذي سيكون نصيبه النجاح على حد قوله.وقال سامي إن الميزانية الكبيرة التي رصدتها روتانا للعمل والأسماء الكبيرة التي سوف تشارك سوف تساهم في تقديم دراما خليجية راقية مشيراً إلى أن الدراما العربية تحتاج للدعم لتصل إلى العالم . يذكر أنه يشارك في بطولة الفيلم أيضا الممثل تركي اليوسف, وفاطمة الحوسني ومشعل المطيرى وهند محمد ومحمد الصيرفي وميس حمدان و نجم ستار أكاديمي "هشام عبد الرحمن" . والفيلم من إخراج ايزادور مسلم



قصة وتعديل
بلال فضل الذي ساهم بجهد كبير في أعداد سيناريو الفيلم يقول عن تجربته في ( كيف الحال ) : ( بعدما شاهد المسؤولون في شركة روتانا فيلمي ( ابو على ) ارسلوا لى معالجة الناقد محمد رضا لعمل فيلم سعودي يدور حول الزواج في الآسرة السعودية ، ولانهم أرادوا ان تكون التجربة الجديدة قوية ، فقد قرروا الاستعانة بالمحترفين في مختلف مجالات العمل السينمائي، فعرضت عليهم تصوري للقصة بحيث ندخل فيها قضايا ورسائل تهم المجتمع السعودي ، مثل قيادة المرآة للسيارة هناك ، والصعوبات التى يمكن ان تواجه هاويا للمسرح والمشاكل التى تواجهها امرأة تهوى العمل بالصحافة وتضطر للكتابة باسم مستعار . ورحب المسؤؤلون بالشركة بالقصة بعد تعديلها
تدور الأحداث لتصور أسرة مكونة من أب ثري منفتح التفكيريؤمن بتعليم ابنته ويتيح لها قدرا معقولا من الحرية ويناقش زوجته بمودة وهدوء وأم تقليدية تلعب دور «المتفرج» ، وجد مرح صقلته التجارب يهوى الغناء ويلعب بعض التمارين الرياضية فوق السرير ، وابن متشدد يميل الى العزلة والانطواء و يبحث عن تحقيق أفكاره في الواقع وابنة تتخرج من الجامعة فيحاصرها الخطاب، وأبرزهم صديق أخيها معلم المدرســة الابتـدائية ، وابن عـم يهتم بالفنـون ويحلم بأن يكون مخـرجا، وتحظى ابنـة عمه بمســاحة من اهتمــامه، ويحتدم الصراع بين الابن المتشــدد من ناحية وبين الأسرة، خاصة أخته وابن عمــه، وإن كان الأمر ينتـهي نهايـة سعيــدة


تعديل وتحوير
في الفيلم ( السيناريو ) نحن أمام شخصيات مقولبة تقليدية تعرفنا عليها في مئات الأعمال الدرامية العربية سواء السينمائية او الإذاعية ام المتلفزة الأب المنفتح ( يوسف وهبى اوفاخر فاخر ) وابن العم الذى يقع فى غرام ابنة العم ( عمر الشريف او كمال الشناوى ) والعزول الشرير الرجعى ابن العم او ابن الخال ( فريد شوقى او مجدى وهبه ) نحن اذن امام عملية استنساخ لشخوص درامية تم استهلاكها مئات بل آلاف المرات في توليفات درامية تم تعديلها وتحويرها واستنساخها لتتلاءم وطبيعة الحبكات المختلفة ضمن إطار مثلث العشق الشهير ( صراع اثنين حول واحدة او صراع اثنتين حول واحد ) . في ( كيف الحال ) الحال لم يكن على مايرام بالنسبة للشخصيات فنحن لانعرف على وجه التحديد ماهى أسباب التزمت وحالات الغضب التى تنتاب الابن باعتباره من المتشددين الإسلاميين وكان من المهم إلقاء الضوء على التركيبة الاجتماعية والثقافية التى أوصلته الى تلك الحالة لكن السيناريو اكتفى بالمرور على الشخصية مرور الكرام دون الإغراق في التفاصيل . وبالنسبة للابنة سحر في مكياجها وملابسها فى البيت وفى دبى كانت تعيش فى هامش حرية كبير من المفترض ان يكون ورائه موروث ثقافى واجتماعي يتناسب ومساحة الحرية لكن ردور أفعال البنت في مواجهة الواقع كانت مثل ردود اى بنت تنتمى الى الآسرة العربية في الدراما هناك اختلاف والفن لايلتقط شخصيات من الواقع بشكل مجاني فسحر من المفترض ان تكون رمزا للبنت السعودية المتحررة والتى تؤمن بقضية تحررها كانسانة أولا واخيرا لكن في ( كيف الحال ) لم تتلائم ردود أفعال سحر مع كينونتها كرمز كبير . وبالنسبة الى شقيق سحر والعريس المتشدد كان تصويرهما كشخصيات بطريقة كاريكاتورية تماما كما يحدث في اغلب الدر أميات العربية كما شاهدنا في ( العائلة ) وفى ( الارهابى ) وفى ( طيور الظلام ) وغيرها وكأن المتشدد عبارة عن جلباب ولحية طويلة وجلباب قصير , ولم يتعرض الفيلم الى مناقشة موضوع المرآة بشكل عام بالنسبة لهؤلاء المتشددين . كان من المهم المرور على صورة المرآة عند هؤلاء ومنهم من يبجل ويكرم المرآة في البيت وخارج البيت . وفى رسم الشخصيات أيضا لم يوضح لنا كاتب السيناريو لماذا تحول الابن المتشدد في نهاية الفيلم دون ان تقدم لنا التبريرات الواضحة لدافع الشخصية . لماذا ظهر الابن في النهاية وهو موافق على كل شىْ على ( حرية ) اخته وعلى ( فن ) ابن عمه وعلى تصوير فيلم يخرجة الجد . كما يبدو ان كاتب السيناريو اراد ان ينهى فيلمه بنهاية توفيقية تفتقد لمنطق الأحداث ومنطق الأحداث يقول ان الواقع اشد قسوة من الفيلم وان النهايات في موضوع التشدد وحرية المرآة اما ان تقود الى القتل او الى حبل المشنقة ( فى اغلب الحالات ) . لم يرغب الفيلم وكما يبدو ان يدين أحدا حتى يخرج الجميع من دار العرض في حالة سعادة وانتشاء . لم يرغب الفيلم ان يقول صراحة مع من يقف ولمن يدق أجراس الخطر
عملية خداع
وفى الفيلم ( الفن ) نحن بصدد عملية خداع كبرى يبدو ان الدعاية ساهمت فيها بشكل كبير، ورغم وجود إمكانات ضخمة كما قالت هذه الدعاية ورغم وجود خبرات عالمية كما ذكرت فان الفيلم في صورته الأخيرة جاء بشكل اقرب الى تمثيلية تلفزيونية فقيرة سيئة التنفيذ . نجد مثلا ان 80 بالمائة من مشاهد الفيلم تم تصويرها فى الاستديو ( هذا ليس عيبا ) , ولكن العيب ان نجد كاميرا ساكنة خائبة لاتتحرك لتقدم لنا اى ابداع من اى نوع . ومع احترامنا لبعض اللقطات الخارجية فى دبى وفى المملكة لم اشعر ابدا ان هناك حياة من اى نوع تتصارع فيها الشخصيات والافكار . وانما هناك مجموعة من الممثلين جاءا ليقدموا بعض مشاهد الهواء على خشبة مسرح تفتقد الى خطاب بصرى او رؤية سينغرافية واضحة وكانت الموسيقى التصويرية بمثابة ذلك المزعج الدائم الذى ياتى بمناسبة وغير مناسبة وكما يبدو فان صانع الموسيقى التصويرية كان بعيدا تماما عن اجواء منطقة الخليج واستخدم منذ بداية الفيلم تيمات بكائية دون تقديم تنويعات تتلائم وطبيعة الانتقالات من مشهد الى مشهد
على مستوى التمثيل لابد من الاشارة الى الممثل السعودى مشعل المطيرى الذى جسد دور المدرس الاصولى ببراعة وكذلك نجحت الاردنية ميس حمدان فى تجسيد شخصية سحر فى حدود الدور المرسوم لها , ونجح خالد سامى فى الظهور بمظهر الجد اللعوب الحاضر فى حياة الاسرة بقوة وكان من المهم ان يهتم قليلا بدراسة حركة الشخصية الداخلية والمفترض انها فوق السبعين . اما هشام عبد الرحمن فقد حاول جاهدا ان يكون على قدر المسؤولية ونجح فى بعض المشاهد ولم يوفق فى البعض الاخر فمازال يحتاج الى قدر من التدريب ليخرج من دائرة الهواية الى دائرة الاحتراف

اشارات لابد منها
وهناك إشارات لابد منها
لاشك ان دخول روتانا مجال الإنتاج السينمائي هو حدث مهم وكم نادينا مرات كثيرة ان تساهم الفضائيات فى إنتاج الأفلام وفى اكتشاف المواهب وفى تقديم أفكار مغايرة من اجل واقع سينمائي افضل واذا كان ( كيف الحال ) هو التجربة الأولى في هذا المجال فان التجارب الأولى دائما لها أخطائها ومن الصعب وضع كل شي في سلة واحدة ..
والإشارة الثانية انه مع ميزة التنوع في الخبرات والتى حرص الفيلم على تقديمها .( كاتب القصة لبنانى وكاتب السيناريو مصرى والمخرج فلسطينى والممثلون من الكويت والسعودية والاردن ) مع هذه الميزة كان من المهم الالتفات للواقع الخليجي ومايضمه الان من خبرات اثبتت جدارتها واثبتت انها قادرة على القراءة الصحيحة لواقع الحال ولا يعنى ذلك اننا ضد التنوع فنحن مؤمنون ان الفن لا وطن له ولكن مع واقع مثل الواقع الخليجي تتقاذفة التناقضات والمورثات والحساسيات القبلية وطموحات المجتمعات المدنية فان الآمر مختلف ويحتاج الاقتراب منه الى جرأة وشجاعة اهل الوطن
وفى كل الأحوال تحية لتجربة وليدة تستحق التشجيع


قريبا تنتقل ايزيس الي موقعها الجديد








الخميس، ديسمبر 14، 2006

جوائز لمارسيا تيدشي






جوائز بالجملة لمارسيا تيدشي


الممثلة الايطالية مارسيا تيدشي بطلة فيلم " الخبز الحافي " للجزائري رشيد بن حاج حصلت علي دكتوراه فخرية من احدي الجامعات الايطالية حديثا بعدما طافت بفيلمها العديد من المهرجانات السينمائية العالمية وحصلت به علي عدة شهادات وجوائز


مبروك لمارسيا صديقة ايزيس

الثلاثاء، ديسمبر 12، 2006

خبر اليوم.11 ديسمبر. بولندا في الكويت

عصابة الصغار. نيويورك.1955. عدسة الامريكي وليام كلاين



بحضور المخرج جاك برومسكى
اسبوع للسينما البولندية فى نادى الكويت للسينما

بالتعاون مع السفارة البولندية في الكويت يقيم نادى الكويت للسينما أسبوعا للفيلم البولندي في الفترة من 11 الى 14 ديسمبر 2006 ويعرض في الأسبوع ثلاثة أفلام روائية طويلة وهى ( لايحدث أبدا في الحياة ) و( السلفة ) و( أغنية للسعادة ) وستة أفلام تحريك .وهى ( الكاتدرائية ) و( التية ) و( لاجودنا ) و( فرانس كافكا ) و( الجوار ) و( مستوى ) وتعرض الأفلام بمقر النادي بالمدرسة القبلية . وعلى هامش الأسبوع يستضيف النادى والسفارة البولندية في الكويت المخرج جاك برومسكى رئيس نقابة السينمائيين في بولندا إضافة إلى المخرجين اندرية هيلانسكى وجاك ليبسكى
تمثل الأفلام إطلالة على بعض نتاجات السينما البولندية المعاصرة التى استطاعت في الفترة الأخيرة ان تحقق العديد من النجاحات للسينما الأوربية في العديد من المهرجانات الدولية كما يقام على هامش الأسبوع ندوة عن السينما البولندية يشارك فيها توماس سيدنسكى الملحق الثقافي في السفارة البولندية في الكويت والناقد السينمائى عماد النويرى اضافة الى ضيوف الاسبوع

للحصول على دعوات يرجى الاتصال بمقر النادى 2420848 داخلى على 124 بعد السادسة مساء

الاثنين، ديسمبر 11، 2006

فيلم " بركات " يصرخ كفانا ارهابا

الفيلم الهندي حضر وفاز في المهرجان
لقطة من فيلم " بركات " للجزائرية جميلة صحراوي



الفيلم الصيني " الطريق " الفائز بجائزة الهرم الذهبي
اطلالة علي السينما

في مهرجان " القاهرة " 30
القاهرة- صلاح هاشم

كنت علي يقين بعد ان تابعت فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الثلاثين وشاهدت بعض الافلام الاجنبية في المسابقة مثل فيلم " الطريق " الصيني، و معظم الافلام العربية في المهرجان، وكنت حزنت جدا عندماعلمت ان فيلم هالة خليل " قص ولصق" قد عرض، وفاتني عرضه، بعدما كنت شاهدت فيلمها الاول " أحلي الاوقات " في مهرجان " تطوان " ، وأعجبت به وبفن مخرجته، ومنهجاها في التعامل مع السينما كاداة تفكير في الواقع، وهموم الانسان المصري وطرحها لمشكلة " الهجرة في فيلمها الجديد.كنت علي يقين من خلال تجوالي الذي لايكل، لمتابعة الافلام العربية الجديدة التي حرص المهرجان علي احضارها، ومشاركتها في العديد من اقسام المهرجان- اكثر من 20 فيلما- ليقدم كشف حساب للسينما العربية خلال سنة، ويصبح بمشاركة اربعة افلام مصرية دفعة واحدة في مسابقة المهرجان، او بالاحري مسابقاته، يصبح هكذا اكبر تجمع سينمائي عربي في الشرق الاوسط، بحكم موقعه، والاضافات الكثيرة التي حققها المهرجان خلال ثلاثين سنة من تاريخه

كنت علي يقين من ان فيلم " بركات " للمخرجة الجزائرية جميلة صحراوي، سيفوز بجائزة في مسابقة الافلام العربية, بعد ان تكسرت دماغي من مشاهدة بعض الافلام المصرية والعربية الرديئة في المهرجان، وأسوأها في رأيي فيلم " مفيش غير كده " لخالد الحجر، وفيلم " اطلال " للمخرج اللبناني غسان سلهب. وسنعود اليهما لاحقا..اذ يحكي " بركات " وكلمة بركة بالدارجة الجزائريى تعني " كفي " ، يحكي عن طبيبة جزائرية تغامر في فترة التسعينيات بعد ان اختطف الارهابيون زوجها الصحفي، تغامر بالبحث عنه، وتصعد مع ممرضة عجوز كانت شاركت في حرب التحرير الجزائرية وحتي استقلال الجزائر عام 19962، الي الكهوف التي يختبأ بها الارهابيون في الجبل، وتواجههم، وتطلب منهم بمساعدة الممرضة العجوز اطلاق سراحه، فيعتقلونها ويودعونها الحبس مع زميلتها، كما يقومون بتعذيبها، ويجبرونها لكونها طبيبة علي اخراج رصاصة من فخذ ارهابي جريح..

ذاكرة الثورة
ترسم جميلة صحراوي في الجزء الاول من فيلمها العذب الجميل الرقيق، ترسم المناخ العام لتلك الفترة العصيبة التي مر بها بلدها في التسعينيات ، ومازالت الجزائر تعاني من تبعاتها ونتائجها وآثارها، وتختار هذه القرية الصغيرة بجوار البحر، التي يتحكم بها الارهابيون من المتطرفين الدينيين، ويحكمون بقوة الارهاب للهيمنة علي بلدها الجزائر الجميل. فالحكاية ليست حكاية دين وقيم واخلاق، بقدر ماهي صراع علي السلطة والتحكم في رقاب العباد في البلاد، ويبدو ذلك في تلك الغطرسة التي يتعامل بها الحاج الصائغ في القرية، مع رواد المحل، في حين ترفض الممرضة العجوز داخل السيارة الصاعدة في الجبل ان يطلق عليها لقب " حاجة " . وتتعرض لانها تدخن السجائر اثناء الرحلة لبعض الشتائم والاهانات من سيارة عابرة يقودها اخواني جزائري متطرف، كما تضطر الي تغيير ملابسها الافرنجية باللباس الجزائري اليشمك العربي، قبل ان تقود الطبيبة الي موقع الارهابيين في الجبل. وتكشف جميلة صحراوي في القسم الاول من الفيلم عن مناخات الرعب التي تعيشها بطلة الفيلم الطبيبة حين تضطر الي نقل طفل جارتها المحتاج الي عملية جراحية لاستئصال المصران الاعور الي المستشفي البعيدة في الليل، والتعرض لخطر الخطف او الموت عند نقاط التفتيش، وكانت تلك النقاط والمراكز علي الطريق
حولت الجزائر بقراهاومدنها الصغيرة الي جزر منعزلة ومتباعدة ومرعبة، وحولت البلاد كلها الي سجن كبير، وجعلت الجزائريين يتغربون داخل قراهم واوطانهم ، ..وحتي داخل جلودهم
في الجزء الثاني وبعد اطلاق سراح الطبيبة والممرضة في الجبل، تتعرفان علي مزارع جزائري فيأويهما ويطعمهما ، وحين يهبط الليل يروح يناجي زوجته التي ماتت منذ شهر فقط لكي يبثها أحزانه ولوعته، وبخاصة بعد ان خطف الارهابيون اولاده واختفوا ثلاثتهم وطال بحثه عنهم من دون جدوي، وكانت الممرضة المناضلة القديمة في جيش التحرير تعيش في ذات الجبل وكهوفه، وانقذت حياة مناضل من موت محقق آنذاك بعدما اخرجت من جسده عدة رصاصات علي اثر تحرش المقاومة بالعسكر الفرنسي ، ثم اذا بها تلتقي به فجأة هنا في الجبل و تكتشف سره، وتدرك انه قد تحول من جيش التحرير الي " حاج " ارهابي ، وانضم الي جيوش المتطرفين الجزائريين الارهابيين- وهنا تشتغل جميلة صحراوي علي " ذاكرة " الثورة ، وترينا كيف تحول البعض من المناضلين الجزائلريين القدامي من " محررين " الي " جزارين وارهابيين وقتلة, لا لشييء من تلك الشعارات التي يرفعونها بأسم الاسلام، وهو منهم براء ، بل من أجل الوصول الي سدة الحكم و السلطة، والسيطرة علي البلاد بقوة الحديد والنار
تقدم جميلة صحراوي في الجزء الثاني من الفيلم بعد اطلاق سراح الطبيبة والممرضة في الجبل ، تقدم عرضا لحياة الريف الوديعة المطمأنة في حضن النبع والجبل، وتلك السحابات الراحلة في الافق وحقول الزهور الممتدة الي حيث لا نهاية، حيث تعطي الطبيعة ثمرها بسخاء وكرم، وتلنقي الاثنتان- بما تمثلانه من ثنائية حيث تقف الممرضة العجوز للجيل القديم، الذي ناضل من اجل الاستقلال، وحرر الجزائر، في ما تمثل الكبيبة الشابة في الفيلم - التي تلعب دورها باقتدار الممثلة الجزائرية الصاعدة رشيدة براكني ، وهي ممثلة بارزة في مسرح " الكوميدي فرانسيز " العريق وحصلت علي جائزة السيزار كأحسن ممثلة شابة منذ سنوات- تمثل الجيل الجديد من الشباب الذي مازال بعد يعاني من الارهاب، والقتل والتشريد والبطالة في وطنه، وتكون كل هذه الاشياءوالمشاكل المتراكمة في قلب حياته وواقعه المعاش، عوامل طرد اكثر منها عوامل انتماء وجذب ، بل انها تدعو يقينا الي الخروج الكبير، للهروب من جحيم الاوطان، والبحث عن مستقبل آخر في اوروبا..حتي ولو كان ثمن تلك المغامرة الموت غرقا.كما يمكن ان نعتبر ان الشخصيتين – الطبيبة والممرضة- هما وجهان ل " هوية " الجزائر ومعبرتان في آن عن " الماضي " و " الحاضر " ومن غير قصد أو فذلكة او استعراض عضلات، من قبل المخرجة صاحبة الفيلم، التي تطرح لنا هنا فيلمها مثل " اللوز المقشر،" ، وتجعله ينساب في خفة وثقة وانسيابية هادئة جميلة، وتضبط ايقاعه علي حركة المركبة العربة الكارو الصغيرة التي تنقلهما في صحبة المزارع من الجبل الي البلدة، و من الريف الي الحضر والعمران، ويجرها حصان. اذ يسحبها الي تلك المقاهي التي تحتشد بالشباب الجزائري الخاسر العاطل ، ومجرد ظهور امرأة صار يتسبب في نشوب عركة او خناقة في المقهي وتضطر معها الطبيبة ان تشهر غدارتها

الانتقام لا يفيد

" بركات " فيلم جميل و بسيط لكنه ذكي وعميق ، وهو لايفرض نفسه علينا بالكلام والخطب ، بل وينساب بايقاع بطيء يبعث علي التأمل والتفكير، من دون الزعيق والصراخ والحوارات الساحنة الملتهبة الفضائحية الركيكة في جل سيناريوهات واحداث الافلام العربية الفاقعة التي شاهدناها في المهرجان، وهو اذ يتوسل الي مخاطبتنا بالصورة اولا ، ثم وبالهمس ثانية من خلال استخدام اقل الكلمات في الحوار- والاقتصاد في استخدام تقنيات الخزعبلات البصرية المبهرة/ كما في مشاهد ذلك الفيلم الهندي الدعائي التي كانت تعرض علينا قبل فيلم المسابقة، و هلكتنا ودوختنا..ببوليوود، وطبول بومباي وهوليوود مجتمعة
اذ تأنف السينما من ان تكون مجرد تصريحات علي الفاضي والمليان كما في فيلم " استغماية " المصري الذي يضع شخصياته علي كرسي الاعتراف عتد طبيب نفساني ، وهات يارغي، اللهم أرحم
بل تشتغل بحكم طبيعتها وهويتها وابجديتها ، تشتغل علي الصورة من خلال لحظات الصمت لتجعل من " بركات " قصيدة بصرية رقيقة وفيلما تعليميا مثل قصائد برتولت بريخت وقصة لتشيكوف او بيرانديللو . هنا يبحر " بركات "كما زهرة في نبع، تسافرباطمئنان ، لكي تلتقي بالجداول والطيور والشجر، وتتآلف في رحلتها مع السحب والاكوان ، وتكون النتيجة ان تطوح بطلة الفيلم الطبيبة في نهاية الفيلم ، تطوح بذلك المسدس الذي عثرت عليه في بيت والدها الي البحر. تلقي به الطبيبة الي البحر الكبير، لأنها علي ثقة بأن الارهاب لا يقاوم بألارهاب، وان الانتقام يقينا لاينفع ، وانما يكون القضاء علي الارهاب لا بارهاب مثله، بل بالحوار والاقناع والجدل، بعيدا عن معارك الجزارين، وحرب العوالم ، التي يريد ان يشعلها " بوش " بسياساته بدعوي محاربة الارهاب ، للتحكم في البلاد والعباد
تطرح جميلة صحراوي فيلمها " بركات مثل " اللوز المقشر " و" الشهد " الصافي ، بعد ان تكون طهرته من الثرثرات الكلامية المعادة والمكررة و الرذيلة، التي تحفل بها جل الافلام المصرية التي شاهدناها في المهرجان ، وفي حيت تكبلها بالكلام وتعوقها عن الانطلاق والحركة, وتقيدها ب " الورق " – أي سيناريو الفيلم المكتوب وتقاس قيمة الافلام بحجمه ووزنه، اما ماذا سوف يطرح الفيلم من قيم وأفكار فذلك لايعنيها، ولا تكترث له البتة ، و كانت النتيجة ان قصفنا ذلك " الشو " الاستعراضي السخيف في فيلم " مفيش غير كده " برقصاته واغنياته المترهلة وسخافاتها التي أصابتنا بالصداع الشديد، وجعلتنا نقرف من حياتنا ، وتلك افلام هشة وسهلة الكسر،
أفلام هشة لأنها لاتقدم سينما ، ولاتطرح فكرا ، بل تكون اشبه ب خبط الحلل، وقرقعات الصاجات الفارغة الخاوية في " زفة " كلها حكي ورغي ورقص وزيطة وكلام كما في فيلم " مفيش غير كده" ذاك الذي قدم سلسلة من الاستعراضات الغنائية الراقصة الهابطة، وجاء رديئا وسخيفا ومملا وفاقدا لاية مصداقية

بل ان خالد الحجر يكرس يقينا بهذا العمل لتخلفنا ، فالفيلم الذي يحكي عن ام تربي اولادها بعد ان هجرها الاب وهرب مع فتاة شابة وجميلة، ويصور كيف تنجح الام في ان تصنع من ابنتها مطربة مشهورة، مثل هؤلاء المطربين والمطربين الذين ظهروا في حياتنا منذ سنوات، من ابداع وصنع وفبركة رجالات المال والدعاية وروتانا، بمجهودات ومشروعات ملهمة وجميلة لتخريب الغناء العربي، وجعله استنهاضا للشهوات والغرائز المكبوتة وتغريبنا عن واقعنا وحياتنا بالكلام الهلس الذي هو العبث بعينه وكأنه يقول لنا انه لايوجد وغير متوافر الا هذا في حياتنا. حياتنا ام حياة هؤلاء السذج الذين يحكي عنهم في فيلمه، وقد انساقوا واستسلموا لهذا الطوفان من الاسفاف ،الذي يعرض له علي طبق فضة، ولايجد كما يقول الا هذا – التفاهة بعينها- لكي يعرضهل علينا في ورق سوليفان ، وتروح تلك النجمة التي فقدت بريقها وعزها ومجدها تروج لذلك " الهراء " وتتغني به في المشهد الوقح الاستعراضي، ولاتخجل من التشبث بالقطار بعد ان فاتها القطار وانقضي زمنها وعهدها
تحية الي جميلة صحراوي علي فيلمها البسيط الهاديئ الوديع الرزين، الذي ينساب فيخفة وتؤدة مثل مياه الجداول والينابيع، ويحكي عن هموم وتناقضات شعب، ومبروك لها حصولها علي جائزة أحسن فيلم عربي في المهرجان مناصفة مع فيلم " قص ولزق ": لهالة خليل
عن جريدة " القاهرة " بتاريخ 12 ديسمبر 2006



http://www.alkaheranews.gov.eg/shivo/kamel/pdf/348/P3-web.pdf







انظر الموقع الجديد لسينما ايزيس