لقطة من فيلم عبدة مواسم
!!( عبدة مواسم ) بين ( الفاهيتا ) و( الصلصة الطليانى )
بقلم عماد النويري
ماذا يمكن ان يضيف ( عبدة مواسم ) الى ما أنتجته السينما المصرية خلال العشر سنوات الماضية من أفلام متواضعة ذات توليفات شعبية، تحرص على تقديم الكوميديان النجم محاطا بمجموعة من السنيدة وممثلة نصف موهوبة من نجوم الصف الثاني آو الثالث . من المؤكد ان عبدة هذا، سيواصل رحلة التفاهة والعبط على طريق إغراق السوق السينمائي ببضاعة مضروبة، لزوم مواسم الأعياد او المواسم الصيفية، ولزوم جمهور ( المولات ) الذى اصبح اغلبه يتعامل مع السينما كما يتعامل مع مطاعم الوجبات السريعة، وكما يتعامل مع محلات السندوتشات التى أصبحت تقدم له ( الطليانى ) و( الفانتوم ) و( الفخفخينا ) و( اللذيذة ) . هكذا تخيلت وانا في طريقي لمشاهدة عبدة مواسم اننى بصدد مشاهدة فيلم فاهيتا ) محشو بكميات لاتطاق من المايونيز والصلصة الطليانى الحارة . وقلت لنفسي ان الفيلم لن يختلف بآي حال من الأحوال عن ( حاحا وتفاحة ) آو ( على الطرب بالتلاتة ) او ( قصة الحي الشعبي ) ويعنى ذلك انه من المتوقع ان ترى ( مازلت أقول لنفسي ) مطربا من الدرجة الرابعة او الخامسة، سيحاول ان يكون نجما مشهورا لكنه سيكتشف إثناء صعوده لسلم المجد ،ان حبيبته أخته في الرضاعة، او ربما ستجد راقصة من الدرجة الخامسة او السادسة تصعد سلم الشهرة ، وفى رحلةالاهتزازتحت أضواء الشهرة، ستكتشف حتما ان حبيبها يخونها مع صديقتها الوحيدة . وبجانب النجم الأوحد لابد وحتما ان تجد ( غرزة ) لزوم قول النكات السخيفة، وهى بديل للملهى الشيك الذى كان يهرع اليه البطل ليتجرع فيه كوؤس الفراق والهجر، على إيقاع طبول تقرع لراقصة لولبية مثل (لهطة ) القشطة . ومن المفترض وطبقا للسيناريوهات القديمة، فان نصف زبائن الملهى كانوا يقعون في غرام الراقصة التى سرعان مايكتشف البطل المكلوم انها تعمل فى شبكة جاسوسية .وغير ( غرزة ) الحشيش توقع ياولدى ( مازلت أخاطب نفسي ) ان تشاهد في الفيلم أغنية او أغنيتين من أغاني السينما كليب، التى أصبحت منتشرة في الأفلام بشكل لافت . وقلت لنفسي للمرة الأخيرة ( اضاقت بك الدنيا ياولدى، لتشاهد فيلما اسمه ( عبدة مواسم ) ؟!!في كل الأحوال ف ( عبدة مواسم ) افضل من متابعةالاخبار وإحصاء عدد القتلى والجثث المجهولة الهوية .وصدقت بعض التوقعات وخاب البعض الآخر
في ( عبدة مواسم ) ستجد كل عناصر الفيلم الشعبي سابقة الذكر . النجم الأوحد ( محمد لطفى ) والراقصة ( مها احمد ) والمطرب ( شندو ) والحبيبة ( علا غانم ) وستجد أيضا ( الغرزة ) و أغنية ( السينما كليب ) لكن مع اعادة صياغة للتوليفة بطريقة مختلفة، عما تم تقديمه من قبل .الفيلم يقدم لحياة شاب من أسرة متوسطة يتعامل مع حياته القاسية بثقافة ( الفهلوة) ليكسب عيشه، وإلي جانب عمله في عدة مهن فهو يهوي الملاكمة ويلاكم ليكسب بعض الما ل اذا دعت الضرورة ، ولكن حياة هذا الشاب تتغير بظهور ( سلمي) التي تقوم بدورها علا غانم، ونعرف ان سلمى تقوم بعمل دراسات عن كيفية صناعة البطل، كموضوع بحث لنيل درجة الدكتوراة . ويتم اختيار عبدة كنموذج لهذا البطل وتحاول سلمى ان تؤكد ان الموهبة يمكنها أن تصنع بطلاً ، إذا ما تم إدارة صاحبها بشكل علمي ومدروس.وفي رحلتها للتعرف على بطلها تذهب سلمى الى عبدة وتلتقي بأسرته، ويلتحق البطل بالبرنامج التدريبي بعد أن تمنحه سلمى خمسة آلاف جنيه مقابل وقته، والتي يستخدمها عبدة في مساعدة صديقه علي الفنان التشكيلي الذي يعاني الفقر والإحباط فيقوم بتصميم فوانيس رمضان. يتنقل عبدة وصديقة على ومعهم خميس بين العديد من المهن، وتستمر رحلة عبدة مع التدريب والملاكمة في الوقت ذاته حتي يصل إلي بطولة الجمهورية، ويحصل في نهاية الفيلم علي البطولة الأفريقية رافعاً علم مصر عالياً.للوهلة الأولى ربما تعود بجذور القصة الى فيلم ( النمر الأسود ) الذى لعب الراحل احمد زكى بطولته مع وفاء سالم، وهو عن قصة كفاح ملاكم في الغربة . وربما تعود ذاكرتك لاى فيلم ( روكى ) الشهير لتشابة بعض أحداثه مع أحداث ( عبد مواسم ) وقد ترى ان هناك صلة بين توليفة عدة مواسم وتلك الخاصة بفيلم ( كابوريا ) الذى لعب بطولته احمد زكى أيضا، وشارك فيه محمد لطفى لكن من المهم القول ان ( عبدة مواسم ) له توليفته الخاصة التى تختلف عن كل ماسبق من أفلام .الفيلم ( السيناريو ) يحرص على تقديم بطل مرتبط بواقعه الاجتماعي، ويملك شجاعة تحدى هذا الواقع بكل إحباطا ته ويحاول ان يجدد الأمل عند أصدقائه مثل خميس وعلى، وهو بطل له ملامح واقعية يستطيع ان يتعرف على أخطائه ولا يستسلم للمشاكل التى تقابله . واستطاع كاتب السيناريو ان يقدم رسومات جيدة لبقية شخصيات الفيلم مثل ( رونى ) صديقة سلمىوالتى جسدتها ميرنا المهندس و ( على ) صديق عبدة والذى جسده ياسر فرج ،وكانت علاقة الصداقة بينهما مقنعة . وكان يمكن استثمار بعض الشخصيات بطريقة افضل مثل شخصية الخال وشخصية طعمية، وكانت هناك بعض المشاهد الدخيلة التى يمكن الاستغناء عنها دون المساس بالفيلم مثل مشهد ا( اكلة السمك ) في بيت عبده وكانت هناك بعض الاطالات الأخرى في بعض المشاهد كان يمكن اختصارها فقد أدت الى بطْ إيقاع الفيلم .فى الفيلم ( الفن ) لا نستطيع ان نتوقف عند محطات تميز كثيرة، وكانت اغلب اللقطات متوسطة وثابتة ،وكانت الكاميرا خجولة وهى تتحرك لتصور عبدة على حلبة الملاكمة , وفى بعض المشاهد خاصة مشاهد الفيلم الأولى حدث مايسمى ب( الجامب كت ) حيث كانت اللقطة تنتهى قبل ايقا عها المتوقع , لكن يمكن القول ان محمد لطفى كان هو احد الاكتشافات المهمة فى هذا الفيلم، واستطاع ان يجسد شخصية عبدة بسهولة، وان يظهر كممثل يحترم نفسه ،ويحرص على تقديم أدوار جادة تعتمد على أدوات الممثل الداخلية، اكثر من تقديم اسكتشات كوميدية تعتمد على كوميديا الألفاظ وكوميديا الحركة . وفى حدود الشخصيات المرسومة، قدم بقية الممثلين أدوارهم باجتهاد حقيقي . ويعود للمخرج الفضل في إدارة الممثلين بطريقة منظبطة، رغم رغبة بعضهم في تقديم وصلات ارتجال لاتمت للشخصية بصلة .فيلم ( عبدة مواسم ) فيلم مختلف عن التوليفات التى تعرفنا على بعضها خلال الفترة الأخيرة , ويمكن ان تقضى معه ساعتان من التسلية، دون ان تشعر بأنه قد تم الضحك عليك , أو تم خدش حيائك بطريقة مستفزة وغير محترمة
عماد النويري
عن "سينما اليوم" موقع الناقد عماد النويري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق