الأحد، سبتمبر 22، 2013

الوطن الآخر 4 . بروميثيوس طليقا في مارسيليا( 1 و 2 من 4 ) بقلم وعدسة صلاح هاشم مصطفى




الوطن الآخر 4
بروميثيوس طليقا.. في مارسيليا

الطهطاوي مونتسكيو العرب

 1 و2 من 4


بقلم وعدسة


صلاح هاشم مصطفى




محاضرة رفاعة رافع الطهطاوي مونتسكيو العرب


كانت هذه هى المرة الأولي التي أتوجه فيها الى مارسيليا بدعوة من أكبر مركز ثقافي في المدينة. كنت هناك على موعد مع محاضرة عن رفاعة رافع الطهطاوي رائد نهضة مصر الحديثة بعنوان " الطهطاوي مونتسكيو العرب " للباحثة وأستاذة علم التاريخ في جامعة إكس أون بروفانس ليلى داخلي ( وهي فرنسية من أصل تونسي " في متحف الحضارات الاوروبية والمتوسطية ويطلق عليه اختصارا للإسم الطويل " موسم " ودعونا الآن من المحاضرة التي سأحكي لكم عنها بعد قليل، والتى كان يعقبها عرض فيلمي الوثائقي عن الطهطاوي تصوير ومونتاج الصديق اللبناني الفنان سامي لمع وانتاج الصديقة الاعلامية الكويتية الراحلة نجاح كرم، و كان الفيلم يحكي أيضا عن بلد الطهطاوي وحال مصر آنذاك عام 2007 مع الألم في عهد مبارك. وكالعادة وقبل كل رحلة ، كنت هبطت الى مكتبة الحي الذي أقطن في باريس، واستعرت كتابين عن مدينة مارسيليا ،أتيت عليهما في ليلتين، وعندما هبطت في محطة سان شارل، قادما اليها من باريس كانت الآنسة " ميم " وهي شابة وجميلة من طرف متحف " موسم "تنتظرني لتصحبني الى فندق " فرتيجو " الواقع في احد الشوارع القريبة من الميناء القديم فقد كان المتحف قد حجز لي مع زوجتي لمدة ليلتين هناك.. 


في ذلك الوقت كانت مارسيليا في الخارح تحتفل بتتويجها عاصمة للثقافة الأوروبية لهذا العام 2013، وكان من السهل على أي زائرأن يتبين مظاهر هذا الحدث الثقافي الأول في فرنسا من خلال ذلك التدفق البشري الهائل في الشوارع والمحطات والميادين على المدينة. ثم كانت مفاجأة لي عندما سمعت جلجلة وقرقعة ، فالتفتت فاذا بي أرى عربة ترام تسير في الشارع العام ذكرتني بعربات الترام التي كانت تحط في ميدان السيدة زينب وكنا نحن الصغار الأشقياء من قلعة الكبش نهبط الى الميدان مخصوص كي نتشعبط فيها ونركبها ببلاش من السيدة الى ساحل روض الفرج، في حين تناثرت مجموعة من التماثيل التي نصبت في الشارع العام ومن ضمنها تمائيل لفيلة وأسود ونمور حولت الميدان المواجه للميناء القديم كله الى حديقة حيوانات في الهواء الطلق وساحة للفرح العارم ..


 وكان أغرب ما رأيته في قلب الميدان خيمة كبيرة مفتوحة على الهواء وكان سقفها عبارة عن مرآة تعكس صورة الناس الذين يسيرون تحته، وقد جعلتني تلك المرآة اتذكر على الفور تلك المرآة التي رآها الطهطاوزي لأول مرة في احد المقاهي عند وصوله الى مارسيليا عام 1821 مع تلك البعثة التعليمية التي أرسلها محمد على باشا الى فرنسا لدراسة العلوم الحديثة مثل الفيزياء والكيمياء والجغرافيا والمدفعية من ضمن العلوم العسكرية الخ، ولم يكن يعرف وقتها أو يدرس في جامعة الأزهر سوى العلوم الفقهية، ولقد كان ارسال تلك البعثة الى فرنسا بمثابة أول خطوة لتحديث البلاد..

( يتبع .. )
 

تنبيه..
كتاب " الوطن الآخر 4 " هو الجزء الرابع من كتاب " الوطن الآخر.سندباديات مع المهاجرين العرب في أوروبا وأمريكا " الذي صدر عام 1981 عن دار الآفاق الجديدة في بيروت لبنان في ثلاثة أجزء، يتضمن الجزءان الأول والثاني  جولات هاشم في بلدان الهجرة الاوروبية ليحكي عن المهاجرين العرب وحياتهم في الغربة، بينما يتضمن الجزء الثالث رحلته لرصد واقع المهاجرين العرب وتاريخهم وحياتهم في بلاد العام سامك أميركا، ويخصص الجزء الرابع المزمع طبعه في مصر قريبا جولات بن هاشم الأخيرة ومن ضمنها رحلته هذه الى مارسيليا

ليست هناك تعليقات: