الأحد، سبتمبر 29، 2013

عبد الناصر مات . من بكرة تنامي الليل مقهورة بقلم سعاد سليمان

بوسطجي سينما إيزيس

 

عبد الناصر لم يمت انه باق في قلوب الملايين




عبد الناصر مات . من بكرة تنامي الليل مقهورة

بقلم

سعاد سليمان



عند الخامسة رفض ابني احمد كل الوعود والرشاوي التي وعدته بها، إذا تركني أذهب إلي المسرح بمفردي ، لم يكن أمامي إلا الخضوع . يجلس أحمد علي حجري لا يكف عن الحركة ومداعبتي بمشاغباته التي لا تنتهي . الدقة الثالثة لفتح الستار ، تصل حركاته القلقة إلي حد المضايقة ، أحذره وأنهره، فيكف لدقائق ثم يعاود شقاواته ، تصل المسرحية إلي مشهد موت جمال عبد الناصر ، تنساب موسيقى حزينة وصوت مشحون بالألم : ياجمال ... ياجمال ياحبيب الملايين . تخونني دموعي وتبلل خدودي . يشق صوت أمي صمت الذكري البعيدة تدمدم : بكت عيني وداريتها بأيدي ، وأنت عليك الصبر ياسيدي ، تفيض الدموع ساخنة علي رأس أحمد المستكين تماما في أحضاني ، ينساب اللحن : " الوداع الوداع ياحبيب الملايين " ، يلتفت مستطلعا بدهشة ما الذي يبكيني : أحوطه بذراعي حتي لا يفزع ، تتناهي إليَ نغمات بكاء أمي : من بكرة تنامي الليل مقهورة ، بقيتي مركب بلا ريس وموحولة "، تتبعها بآهة " كان بدري عليك ياشبيب . بابتسامة دامعة تتتابع في رأسي بكائيات أمي : " داركم وسيعة وبابها كويس ياميت ندامة صبحت بلا ريس . ينتفض جسدي يمسك أحمد بيدي ، أمسك بيد أمي أحاول امتصاص احزانها أسألها : لماذا تبكين ياأمي بدهشة نظرت إليَ وبتنهيدة حارة قالت : اصل أبويا مات ، اعقبتها بسؤال لم أعرف من أين أتيت به : من أخبرك أن أبوك مات ؟ لملمت طرحتها السوداء ، أخفت بها نصف وجهها ، أخذتني بعمق في احضانها ، وكأنها تحتمي بي من حزن لا طاقة لها به : أبويا وأبوكي مات،عبد الناصر مات . يختلط صوت ابني بصوت أمي ، أربت علي كتفه ، علي كتفها ، أهمس في أذنه ، يهمس في أذني : لا تحزني ياأمي إن شاء الله ربنا يرحمه ، ضممته إلي قلبي ، ضمتني إلي قلبها ، كان عمري ، عمر ابني أحمد خمس سنوات
سعاد سليمان
صحافية وأديبة مصرية

ليست هناك تعليقات: