الثلاثاء، سبتمبر 03، 2013

مختارات إيزيس : محمد ناجي ساحر الرواية العربية بقلم ليلى الراعي



محمد ناجي الشاعر والأديب والروائي الكبير ساحر الرواية العربية



مختارات إيزيس 


محمد ناجي ساحر الرواية العربية 

بقلم

 ليلى الراعي




نفس صافية راضية‏..‏ قلب مفعم بالحب‏..‏ حب الحياة‏..‏ والناس‏..‏و كل تلك الأشياء الصغيرة الجميلة التي تبعث معها البهجة‏..‏ وقبل كل شيء قلم مبدع موهوب تؤرقه الهموم الإنسانية وتشغله كثيرا الموروثات الشعبية‏..‏ قليل الانتاج حقا.. لكنه من ذلك النوع الذي يترك خلفه بصمة قوية من الصعب أن تحيد عيناك عنها..
ذلك هو الروائي المبدع محمد ناجي..

استقبلت نبأ فوزه بجائزة التفوق في الأدب عن روايته البديعة( خافية قمر) بفرحة غامرة..
ربما كانت لدي دوافعي الخاصة..
فناجي صديق قديم أعتز كثيرا بصداقته..
كتب عنه والدي د. علي الراعي.. وكان أول من نبه إلي موهبته الأدبية.. ودائما ما يعتز ناجي بتلك الشهادة الغالية ويذكرها بفخر في كل المناسبات..
إحساسي بالفرحة تضاعف أيضا لأنني كنت قد التقيته لتوي في عاصمة النور والجمال بصحبة زوجي والصديق الكاتب الصحفي مصطفي عطية( من الطيور المهاجرة من أرض الوطن)..
في المقهي الباريسي الصغير دار الحديث..
كان ناجي مهموما للغاية..
يكاد يبكي وهو يتحدث..
حزين هو علي حال مصر..
موجوع..
يتابع كل صغيرة وكبيرة.. عبر النت والفيس بوك.. والصحف.. والمجلات.. وشاشات التليفزيون.. لا يكاد يغمض له جفن..
إحساس مريع أن تشاهد محنة وطنك وأنت في الخارج..
شعور مؤلم أن تتابع أوجاع الوطن عبر شاشات التليفزيون ولا تملك أن تفعل شيئا..
هكذا كان لسان حاله..
نسي ناجي مرضه وآلامه وأوجاعه الجسدية التي لم يبرأ منها بعد..
لم يعد يحفل كثيرا بتلك الأزمات الصحية التي عاني منها طويلا في السنوات الماضية..
ما يهمه الآن هو الوطن..
أن تبرأ مصر من مرضها..
أن تنهض من جديد..
وأن يرجع هو الي شطآنها ومرافئها..
يقول: سوف أعود فور ما يسمح لي الطبيب بذلك.. شد ما أنا مشتاق
ثم يلتفت إلينا في تأثر ويقول:
سلمولي علي كل الأحباب في مصر..
الحديث لا ينقطع..
ولا يهدأ..
وناجي بصوته الرخيم يواصل طرح الأسئلة المريرة الصعبة التي لا تجد معها الإجابات الشافية..

أعمال ناجي الروائية تعكس معها شخصيته علي نحو كبير..
كتابات ونصوص تشع دفئا خاصا..
دفءإنساني غامر بالمشاعر الانسانية المتضاربة والمتباينة: الفرح والحزن.. التسامح والغضب..القوة والضعف.. الكبرياء والانكسار الحب والخيانة.. الخ..
نصوص شاعرية..
تتوقف طويلا أمام مدولاتهاومعانيها..
وتظل كلماته بداخلك تبعث نورا مضيئا لايكاد يخبو أبدا..
ربما لذلك يلقبونه ب
(ساحر الرواية العربية).
ينهل ناجي حكاياته من ذلك النبع العميق الدافق:
الموروث الشعبي..
وينقش فوق سطحه( تجلياته) و(لمساته), فإذا بالقص الشعبي التقليدي المعروف, الذي تتوارثه الأجيال.. جيلا بعد جيل, يصير عملا روائيا جديدا, شكله ناجي بادواته ورؤاه ولغته الشعرية الخاصة.. هكذا فعل مع روايته البديعة( خافية قمر).. وربما أيضا مع رواية( العايقة بنت الزين)..وأحسب أن الخوض في هذا الدرب( الموروث الشعبي) بكل ما يحمل في طياته من عوالم سحرية واسطورية وحسية وخيالية بعيدة عن أرض الواقع وبعيدة عن عالمنا يتطلب من المبدع قلما قديرا يخوض في( أمواج) التراث والموروث القديم( برشاقة) ليقدم لنا في النهاية عملا إبداعيا جديدا وغير تقليدي..
وقد نجح ناجي في ذلك..
وجعلنا نقع في( هوي) حكاياته العذبة.. ونفتن بلوحاته القصصية التأملية الوجودية..
وهناك كذلك في سطور رواياته الجانب الواقعي المعاصر الذي يعكس معه( خارطة) المجتمع المصري بتغير ملامحها وطبائعها الاجتماعية والاقتصادية علي سواء.. يقدم ناجي هنا وجوها وشخصيات استهلاكية وشرهة أفرزتها سياسة الانفتاح الاقتصادي..

صاحب( خافية قمر) و( لحن الصباح) و(مقامات عربية) و(العايقة بنت الزين) و(رجل أبله.. امرأة تافهة) و( الأفندي) و( ليلة سفر) و(تسابيح النسيان).
مبروك..
مبروك لك ولنا..
ربما هي( البشارة)..
بشارة استقامة الأمور من جديد, ووضعها في نصابها..
ربما.. من يعلم
 
مختارات إيزيس : من جريدة الاهرام
 ---
 
محمد ناجي  ساحر الرواية العربية.

ليست هناك تعليقات: