الاثنين، أكتوبر 22، 2007

رحيل سيدة عظيمة د.فاطمة موسي.بقلم صلاح هاشم

معلمتي وامي د.فاطمة موسي


رائدة الادب الانجليزي في مصر


رحيل سيدة عظيمة.. معلمتي د.فاطمة موسي


بقلم صلاح هاشم


كانت الدكتورة فاطمة موسي رحمها الله، استاذتي ومعلمتي في قسم انجليزي في كلية الآداب بجامعة القاهرة في فترة الستينيات في مصر،وقد كانت افضالها علي، وانا بالذات، لاتعد ولاتحصي ، وذلك اثناء وبعد تخرجي في القسم، فهي التي صنعتني بالفعل، وشجعتني علي الدرس والبحث ، وباركت مسيرتي علي درب الكتابة. كانت فاطمة موسي اول من ينشر لي اثناء دراستي في قسم انجليزي في الجامعة، دراسة بعنوان " مقدمة في فلسفة وادب نيكوس كازانتزاكيس " في مجلة " الكاتب " عدد اغسطس 1968 ،وكانت فاطمة موسي آنذاك تشرف علي القسم الادبي في المجلة التي كانت تعتبر "مجلة المثقفين العرب" ،وكان يترأسها وقتذاك المرحوم عباس صالح . كانت د.فاطمة موسي تدرس لنا الرواية الانجليزية أعمالها وتاريخها ، وكانت بالنسبة الي انا تلميذها في قسم انجليزي، اكثر من معلم و مرشد وموجه وراع . كانت بمثابة " أم " ثانية،اراد الله ان اتعرف عليها في قسم انجليزي في الجامعة، لكي انهل مع جيل كامل تخرج في القسم من الدارسين، انهل من علمها وفهمهاوعطفها وحنانها وتشجيعها واعجابها. كانت فاطمة موسي سيدة عظيمة حقا وقدوة لنا جميعا في القسم، وكان الجميع يقبلون عليها ويحبونها. غير انها كانت وبخاصة بالنسبة الي، وكانت تستقبلني في بيتها في حي الزمالك وتعتبرني من أعز اولادها وتلاميذها، من اعظم الشخصيات التي نورت حياتي، بل لقد كانت بعطفها علي وحبها لي وتشجيعها لي اهم شخصية في حياتي، والعجيب انه بقدر ما كنت افتخر باني كنت تلميذا لها في قسم انجليزي، بقدر ماكانت د. فاطمة موسي تفتخر باني كنت تلميذها ، حتي انها عندما اصطحبت ابنتها الكاتبة الروائية اهداف سويف ذات يوم لزيارة مسجد احمد بن طولون في حي السيدة زينب كما حكت لي ، سألت اهداف : هل تعرفين من هو ابن هذا الحي ؟ صلاح هاشم. كانت استاذتي فاطمة موسي تفتخر بشخصي واعمالي المتواضعة ومؤلفاتي، وحتي عندما سافرت الي الخارج، ظلت فاطمة موسي تتابع اخباري واخبار تجوالي ورحلاتي تحت بوابات العالم من قلعة الكبش الي باريس وتقرأ لي في المجلات العربية المهاجرة مثل " الوطن العربي " و " كل العرب " وتفرح بكتاباتي، وذات مرة حضرت الي باريس في طريقها من بلاد الخليج الي مصر لزيارتي والاطمئنان علي احوالي كما تطمئن الام علي احوال ابنائها في غربتهم بعيدا عن الاوطان.. وكانت فاطمة موسي تشجعني علي الابداع الادبي وكتابة القصة القصيرة ، وبخاصة في تلك الفترة في الستينيات التي كان الاستاذ المرحوم عبد الفتاح الجمل في جريدة المساء ينشر لنا قصصنا القصيرة لي ولعبده جبير ومحمود الورداني ،وكنا وقتها اصغر جيل كتاب الستينيات من امثال الغيطاني واصلان ويحيي الطاهر عبد الله ومحمد البساطي وبهاء طاهر وابراهيم منصور وجميل عطية وغيرهم ، وكنا صحيح اصغرهم سنا ، لكن اكثرهم صعلكة وتشردا وتمردا ،والي عمنا عبد الفتاح الجمل يرجع الفضل في اكتشاف جيل كامل من الكتاب والشعراء والنقاد المهمين الموهوبين في فترة الستينيات العظيمة . وكانت فاطمة موسي تفتخر بأن قسم انجليزي، من خلال التحاقي بالقسم، انا القادم الي القسم من قلب حي "قلعة الكبش" الشعبي في السيدة زينب بالقاهرة وغيري من احياء وقري ونجوع مصر ، لم يعد حكرا علي ابناء البكوات والباشوات والطبقة الارستقراطية المصرية ، الذين تعلموا وتخرجوا في المدارس الاجنبية ، بعدما وبسبب " مجانية التعليم " صار القسم والجامعة المصرية كلها مفتوحين لابناء الطبقات المصرية المتوسطة والفقيرة ، واتيحت لهم الفرصة لكي يدرسوا ويتعلموا، بل ولكي يقترضوا ايضا من "بنك الطلبة " ببلاش. وكانت تلك الايام التي قضيناها في القسم مع الزملاء والاصدقاء الاعزاء من امثال محمود عياد وعبد العظيم الورداني واسامة الغزولي ومحمد خليل " حمادة " وتتلمذنا فيها علي يد الاساتذة العظام من امثال د. فاطمة موسي ( رواية ) ود. رشاد رشدي ( شعر ت. اس. اليوت ) ود. صقر خفاجة ( كان يدرس لنا الياذة واوديسة هوميروس في مدرج 78 مع جميع طلبة السنة الاولي في الكلية في جميع الاقسام) ود. مجدي وهبة ( شعر ) و د. امير اسكندر ( دراما ) و د. انجيل سمعان ود. عبد المحسن بدر ( ادب عربي ) وغيرهم من اجمل ايام حياتنا. بأسمي وأسم كل زملائي في القسم الذين تتلمذوا علي يد د. فاطمة موسي اقدم لاسرتها العزاء، رحم الله أمي الطيبة، ومعلمتي القدوة العظيمة، والسيدة الفاضلة د. فاطمة موسي، وأسكنها فسيح جنانه



د.فاطمة موسي أيقونة مصر في المسرح والترجمة
بقلم محمد حبوشة

توفيت فجر السبت الماضي 13 أكتوبر - أول أيام عيد الفطر المبارك - الأستاذة الدكتورة فاطمة موسى، عن عمر يناهز الثمانين عاما، وتم توديعها بعد صلاة ظهر نفس اليوم من مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة)خبر قصير جداً.. لم يلقى مكان له في كافة الصحف السيارة بمصر المحروسة (قومية ومعارضة)، في ذروة انشغال غالبيتها بوليمة الكتابة الاحتفالية عن مسلسلات الدراما في رمضان هذا العام الذي شهد أكثر من خمسين عملا عربيا هم فى مجملهم حصاد الهشيم.دون إشارة من قريب أوبعيد ذهبت الراحلة الكبيرة صاحبة (قاموس المسرح) وترجمات شكسبير، بعد حياة صاخبة من العمل والإنجاز، ويعلو جبينها تاج من الصمت الموحش وفى عينيها أحلام مضاعة، وهي واحدة من رواد الترجمة والنقد والتحليل الأدبي والمسرحي العظام، وصانعة أجيال من الباحثين في تلك العلوم والفنون، وفوق كل ذلك تعد علامة فارقة ورمزا شامخا ليس في الثقافة المصرية وحدها بل العربية والعالمية.عاشت فاطمة موسى.. عابدة في محراب العلم والأدب، عاشقة للدرس الأكاديمي ورائدة في تطور وصناعة الفن الأدبي عموما و المسرحي خصوصا والذي وضعت له قاموسا سيظل صرحا علميا وفنيا باقيا إلى الأبد، وأضفت على فنون النقد الروائي والترجمة بريقا لايذهب بمرور الأيام والسنين، ولأكثر من نصف قرن عملت دون كلل أو ملل ولم يكن لها زاد سوى الفكر والبحث والتأمل في تفاصيل النص الأدبي، فجاءت خلاصة تجاربها كتب ودراسات ومحاضرات ومؤتمرات وندوات لاتحصى أضاءت بها وستظل تضيئ طريق الباحثين عن حقيقة النص وجوهرالكلمة الصادقة، والفعل الإنساني الهادف لتحقيق الحضارة والتقدم، في ظل عتمة حياة الفوضى والعشوائية وسيادة الجهل في أرض العرب الذين انهارت ثقافتهم على صخرة الواقع السياسي المر والتراجع الاقتصادي والتدهوروالتدني الاجتماعي.وفي هذا الصدد تقول الراحل الرحلة العظيمة: إن ثقافة الأمة ترتبط بحالهتا العامة.. إن أزمة الثقافة الراهنة جزء لا يتجزأ من أزمة البلد.. فنحن الآن نعيش داخل إطار أزمة موسعة ومستعصية ولن نتمكن من الخروج من هذه الأزمة، إلا إذا خرج البلد من أزماته خاصة.. الاقتصادية والاجتماعية، والثقافة بالطبع لا تنفصل عن هذا السياق، ولابد أن يتسلح المثقفون بالصدق إذا كانت هناك نية للخروج من الأزمة أساسا، ولابد أن تفتح العيون حتى ترى ما يدور حولها من أوضاع متردية وعلى الآذان أيضا أن تسمع جيدا وعلى العقول أن تستوعب وتفكر بعقلانية وتدبر كيفية وضع الحلول المناسبة للخروج من الأزمة، لا أن يظل المثقفون محلك سر يخفون عيونهم بنظارات سوداء كالثور الذى تغمى عينيه ليدور حول نفسه ويدور حتى يسقط وينهار.ترى بعد الذي مضى هل سقطت خبر وفاتها سهواً؟ أم أن هناك شبهة تعمد نحو التغييب الكامل لرحيل واحدة من أبرز الكاتبات العربيات ذات العلاقة الوثيقة بالآداب العالمية وصاحبة الثقافة الموسوعية ليس في المسرح فقط بل فى كافة فنون العيش والحياة؟ خاصة أنها ليست سليلة عائلة من ذوات المال والجاه، بل قادمة من قاع المجتمع المصري، من قلب الجماهير العريضة، التي تعرف وتدرك قيمة هذا الوطن وتضحي من أجله بالغالي والثمين عن طيب خاطر ودون انتظار أي ثمن.لن نجنح لنظرية المؤامرة فى مسألة التغييب، بقدر ما نسقط اللوم الشديد على أنفسنا نحن، بعد إصابتنا البالغة بحالة من الإغماء وغياب الوعي والإدارك ونحن نجلس مشدوهين حتى تحجرت مقلنا أمام صراخ التليفزيون الذي لاينقطع، أو في دهاليز الفضاء السيبيري، هائمين على وجوهنا نربط خيوط الليل بالنهار، بينما يسقط من ذاكرتنا رموز ومبدعين وصناع حضارة لايكمن تعويضهم، وهم للأسف الشديد ليسوا (عابرون في كلام عابر) على حد قول شاعرنا الفلسطينى الكبير محمود درويش، بل هم قناديل ساطعة مازلت وسط ظلام الجهل والتخلف والتردي الذي أصاب الأمة، تقدرعلى أن تضيئ حياتنا وتمهد لنا الطريق، فى ظل فورة العلم الحديث وثورة التكنولوجيا وعصر الديجيتال.من قلب الطبقة التي كان يطلق عليها ذات يوم (وسطى) قبل أن تصيبها عوامل التعرية والتجريف والتجريد من الفطرة الإنسانية التي عرف بها المواطن المصري العربي البسيط من قديم الأزل، جاءت الراحلة الكبيرة فاطمة موسى قادمة وبثقة، عبر رحلة من الكفاح والشقاء والجهد المشهود لها وعلى جناح التعليم المجاني قبل الجامعي والجامعي فأصبحت شخصية مميزة وفريدة وهو ما مكنها من الوصول إلى ما وصلت إليه من درجات علمية و جامعية بالرغم من سوء أحوال أسرتها الاقتصادية، لكنه التحدي والإصرار.. شأنها في ذلك شأن قرينتاها اللتين يشبهنها في الاسم فقط (نبوية موسى) رائدة التعليم تلك الفتاة العصامية التي جاءت من إحدى قرى محافظ الشرقية بمصر وتلقت تعليمها في بيتها أول الأمر ثم خلفت لأمتها تراثا مشهودا في الفكر التربوي وشاركت في كثير من المؤتمرات التربوية التي عقدت خلال النصف الأول من القرن العشرين لبحث مشكلات التعليم، فضلا عن نشاط اجتماعي كبير من خلال الجمعيات والمؤتمرات النسائية على المستويين المحلي والعالمي، حتى أصبحت مردافا لتحرر المرأة من الجهل بسلاح التعليم. وأيضا الفتاة ذات الملامح المصرية الأصيلة، عالمة الذرة (سميرة موسى) القادمة من تربة وطين قرية (سنبو الكبرى) بمحافظة الغربية، والتي لقبت بـ (ميس كوري الشرق) أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) و توصلت إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع.. وحتى تخرج الدول الفقيرة من حكر الدول الغنية كأمريكا، وكانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي قائلة " أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، لكن القدر لم يمهلها وقتلت في حادث سيارة غامض بعد أن أتمت دراستها في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية". و نشر خبرها أيضا في آخر صفحة من جريدة (المصري) 19يوم أغسطس عام 1952، في صمت يشبه نفس الصمت الذي أعقب رحيل فاطمة موسى.صحيح أن هناك محطات مهمة في حياة فاطمة موسى الأستاذة المتفرغة بكلية الآداب – جامعة القاهرة، والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية عام 1997، ومقررة لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو الاتحاد الدولي للأدب المقارن، والاتحاد الدولي لأساتذة اللغة الإنجليزية، ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة سابقاً. وفضلا عما سبق ألفت وترجمت العديد من الكتب، منها: في الترجمة: الملك لير – هنري الرابع (شكسبير) – "ميرامار" لنجيب محفوظ (إلى الإنجليزية) – في الرواية العربية المعاصرة، سيرة الأدب الإنجليزي للقارئ العربي (تأليف) وكتبت العديد من الدراسات في الأدب العربي والأدب الإنجليزي باللغتين العربية والإنجليزية، لكن يبقى أبرز وأهم ماخلفته لنا شجرتان مثمرتان ضاربتان في عمق الثقافة والحياة المصرية.الشجرة الأولى هي الروائية والأكاديمية الرائعة (د.أهداف سويف) صاحبة روايتى (خارطة الحب) و(في عين الشمس) والمجموعة القصصصية (زمار الرمل) اللتين جعلتا لها مكانة متميزة على ساحة الأدب الروائي البريطاني الجديد ومع ذلك أحدثت ضجة كبيرة في الأوساط السياسية من خلال مقالاتها حول أوضاع المرأة الفلسطينية اعتمادا علي مشاهداتها من خلال زيارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي زيارة نظمتها صحيفة 'الجارديان' البريطانية منذ أعوام قليلة مضت.أما الشجرة الثانية الدكتورة (ليلى سويف) مدرسة الرياضيات بكلية العلوم جامعة القاهرة، عضوة بجمعية العمل من أجل استقلال الجامعات (حركة 9 مارس)، وعضوة مؤسسة في الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، وناشطة بارزة في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني وقد شقت طريقها نحو النجاح، واختارت المقاومة السياسية طريقا لها، واعتبرت التغيير هدفها الأول والأخير، ورغم الصعوبات التي صادفتها فإنها أثبتت أن حواء العربية قادرة على إثبات وجودها في أي زمان ومكان.وليس الأمر بغريب فهما ابنتا الأستاذ الدكتور مصطفى سويف صاحب الإنجاز العلمى البارز فى دراسات علم النفس الاجتماعى والحضارى و الذي حدد مصير الإنسان بالإبداع قائلا (إما أن نبدع فنبقى، أو لا نبدع فنفنى) ومن خلال مؤلفه الضخم «مسيرتي ومصر في القرن العشرين» يتحدث لنا عن الآفات التي تنخر المجتمع وكأنه يحاول ان يستثير العقول ويستنهض الهمم، ويبسط مساحة الوعي. فهو يعتبر ان هذه الآفات تحولت اخطاراً ولا بد من مكافحتها بشتى الطرق، ويضرب الأمثلة عبر عناوينه الصادمة مثل (انتفاضة الحرامية - بين الاختمار والانفجار- هيكلة عالم جديد - مزيد من الاستئساد الأميركي - الوعي بالتارخ - الكم والكيف في حياتنا - القوالب المفرّغة ويستفيض في جزء مهم منه متحدثا عن محنة التعليم في الجامعات وغلبة الكم على الكيف وهبوط المستوى التعليمي وانحداره.والواضح الجلي أن الراحلة الكبيرة (رحمها الله) وزوجها العالم الجليل (متعه الله بالصحة) كانا صنوان في هم واحد وقدر ومصير مشترك ومن بعدهما ابتناهما اللتين سارتا على نفس الدرب في قضايا الفكرو العلم والأدب والفن والحياة وهو مايجعلهما أيقونتان حقا من النوع النادرة فى ذخائر مصر الغالية والثمينة
عن أيلاف

فاطمة موسي ودورها الرائد


في المجتمع المصري


بقلم د. مينا بديع عبدالملك


بعد ظهر السبت 13 اكتوبر 2007 ودعت مصر واحدة من أبرز الكاتبات ذات العلاقة الوثيقة بالآداب العالمية وهي الاستاذة الدكتورة فاطمة موسي عميدة الأدب الانجليزي بكلية الآداب ­جامعة القاهرة عن عمر يناهز الثمانين عاما حافلة بجليل الأعمال في مجالات الثقافة والآدب والوطنية الصادقة.في عام 2006 سألتها صحفية بجريدة الرياض اليومية عن مدي تأثر الأدب العربي بالآداب العالمية، قالت: ان أبرز مايميز الأدب العربي في القرن العشرين هو التطلع إلي آداب الغرب، والتأثر بها والخروج من سياج مثلث اللغات الشرقية: العربية والفارسية والتركية التي كانت تمثل وحدة ثقافية دراستها معا لازمة لكل من تصدي لدراسة المشرق من الأوربيين، وشهد القرن العشرون انهيار أركان هذا المثلث وظهر ذلك واضحا في الفرق بين جيلين. والرواية نشأت في انجلترا في القرن الثامن عشر ولم يعرفها الادب العربي فنا سويا إلا في القرن العشرين إذ ترتبط في نشأتها بظروف حضارية واقتصادية وسياسية لم تتوافر في مصر أو أي من بلادنا العربية، وارتبطت تاريخيا بظهور الطبقة الوسطي، ونموها وريادتها للمجتمع فكريا وتطلعها الي الحكم والقيادة السياسية، وساهم في ازدياد هذا النمو انتشار التعليم وتزايد عدد القراء وتقدم الطباعة ودور النشر، وكان نشاط حركة الترجمة من أهم العوامل التي أدت الي تغير اسلوب الكتابة العربية لتصبح وسيلة صالحة لكتابة صحيحة ثم للسرد الروائي وتغيير الأسلوب وتبسيط لغة الكتابة لم يكن مسألة سهلة التحقيق.وفي نفس العام شاركت في حوار يدور حول كيفية خروج الثقافة المصرية من الأزمنة التي تمر بها. فكان رأي د. فاطمة موسي : ان ازمة الثقافة الراهنة جزء لايتجزأ من أزمة البلد. فنحن الآن نعيش داخل إطار ازمة موسعة ومستعصية ولن نتمكن من الخروج من هذه الأزمة إلا إذا خرج البلد من أزماته خاصة الاقتصادية والاجتماعية، والثقافة بالطبع لاتنفصل عن هذا السياق، ولابد ان يتسلح المثقفون بالصدق إذا كانت هناك نية للخروج من الأزمة اساسا، ولابد أن تفتح العيون حتي تري مايدور حولها من أوضاع متردية، وعلي الآذان أيضا أن تسمع جيدا وعلي العقول ان تستوعب وتفكر بعقلانية وتدبر كيفية وضع الحلول المناسبة للخروج من الأزمة، لا ان يظل المثقفون محلك سر يخفون عيونهم بنظارات سوداء كالثور الذي تغمي عيناه ليدور حول نفسه ويظل يدور حتي يسقط وينهار.صدر للدكتورة فاطمة موسي العديد من المؤلفات منها: شكسبير شاعر المسرح، ترجمة عربية لبعض أعمال شكسبير (مثل الملك لير، هنري الرابع)، ترجمة رواية نجيب محفوظ 'ميرامار' (من العربية إلي الانجليزية)، كتاب بعنوان 'نجيب محفوظ وتطور الرواية العربية ' (بالانجليزية) ثم ترجم هذا الكتاب فيما بعد وصدر ضمن سلسلة الأعمال الفكرية التابعة لمكتبة الأسرة. والكتاب يلقي الضوء علي تطور الرواية العربية من خلال إضافات نجيب محفوظ لمسيرة هذه الرواية، ايضا صدرت لها دراسات نقدية ودراسات أدبية.في عام 1999 قامت بمراجعة كتاب الماضي المشترك بين العرب والغرب (أصول الأداب الشعبية الغربية) والذي ترجمته صدرت عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت من سلسلة عالم المعرفة (العدد رقم 241)، وكان الكتاب قد صدر بالانجليزية في لندن عام 1979 لمؤلفه 'رانيلا' ra nealgh وفيه يسجل المؤلف اقتناعه التام بأن تراثا أدبيا عربيا ضخما دخل العالم الغربي في العصور الوسطي ومازال اثره باقيا حتي اليوم.من منطلق وطني صادق شاركت أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة في تقديم مذكرة احتجاج الي مجلس جامعة القاهرة بشأن الاستغلال السياسي للجامعة والتي الحقت هذه التصرفات ضررا بالغا بسمعة الجامعة وصورتها كمؤسسة علمية ينبغي ان تنأي بنفسها عن الصراعات والأغراض السياسية الحزبية.. وقد وقع علي هذه المذكرة نحو 120 عضوا.وفي 9 مارس 2005 شاركت لفيفا من اساتذة الجامعات المصرية بعيد استقلال الجامعة وذلك في ندوة.. عقدت بجامعة القاهرة بعنوان 'الجامعة المصرية بين التمويل العام والخاص'.وبعد ان أكملت رسالتها الثقافية والوطنية علي اكمل وجه غادرت ارضنا بسلام وعبرت إلي شاطيء الأبدية السعيدة لتستريح من تعبها

ليست هناك تعليقات: