الثلاثاء، أبريل 24، 2007

فيلم " صعود هانيبال " عرض وتحليل عماد النويري



عماد النويري





صعود هانيبال . وافلام تبحث عن مشاهدين وضحايا

مايفز ياكل فى الخيال لحم اصدقاء فى المدرسة .
رغم كل جرائمه البطل على طبق من الذهب

عرض وتحليل عماد النويرى


ربما من قبيل المصادفة ان يأتي عرض فيلم ( 300 ) متزامنا مع الأعداد لضربة عسكرية لإيران ( أو هكذا تقول الأنباء ) . مع انه يمكن اعتبار هذه المصادفة مقصودة مع سبق النيات والترصد . لكن ليس من قبيل المصادفة أبدا ان يأتي عرض فيلم (صعود هانيبال ) متزامنا مع حادثة مقتل 32 جامعيا ( طلبة وأساتذة ) في إحدى جامعات أميركا في ولاية فرجينيا ذلك باعتبار ان الفيلم يذرع بذور العنف عند المشاهد بطريقة لم تفعلها الأفلام من قبل . فى كل الاحوال فان حال الفن من حال الوطن .و الاوطان تحصد ماتزرعة

تخيلات وواقع


يوم الأربعاء 3-12-2003، قام رجال الشرطة بتفتيش منزل ارمين مايفز ليعثروا على شريط فيديو يتضمن وقائع "القتل والأكل".بعدها بشهور بدأت محكمة ألمانية في محاكمة الوحش الآدمي الذي يُدعى " مايفز" المتهم بقتل شخص ثم تقطيع جثته والتهام أجزاء منها.
وجه الادعاء إلى مايفز تهمةََ القتل على الرغم من أن المقتول تطوع بتقديم نفسه للقاتل ! واستمعت المحكمة إلى مايفز، الذي يبلغ من العمر 41 عاما، ويعمل فني كمبيوتر، وهو يروي كيف ألهبت خياله أفلام الرعب التي شاهدها في طفولته عندما كان عمره 12 سنة لأكل زملائه بالمدرسة، وببساطة وصف مايفز كيف "كان لديه تخيلات.. ثم حولها إلى واقع".
وقال مايفز: ( طبقا لما نشر على احد مواقع الانترنت ) "هناك المئات والآلاف من البشر الذين ينتظرون أن يتم التهامهم، لكن تفوتهم الفرصة؛ لأنهم ليسوا من النوعية المناسبة" له لكي يلتهمهم، وهي المعاني نفسها التي عبر عنها بطل سلسلة أفلام هانيبال الذي كان يرفض التهام بعض الضحايا؛ لأنهم غير مناسبين.
وروى بعض الجوانب من طفولته والتي ساهمت في تكوينه الشاذ، حيث كشف مايفز عن شعوره بالتجاهل من قبل والده، الذي كان يفضل عليه أخاه الأصغر الأكثر وسامة، الأمر الذي ولَّد لدى مايفز الرغبة في قتل أخيه الأصغر والتهام لحمه، لكنه لم يفعل ذلك.

تفاصيل مروعة

أما عن تفاصيل تلك القصة المروعة، فقد بدأت حين أعلن مايفز صراحة عبر الإنترنت عن حاجته إلى رجل قوي البنيان ليقتله ثم يأكل لحمه، فتقدم "بيرند جيرجين براندز" وهو مهندس من برلين يبلغ من العمر 43 عاما، متطوعا إلى مايفز لتنفيذ المهمة المطلوبة.
وأخبر مايفز الادعاء بأنه ذهب وبراندز إلى منزله في روتنبرغ قرب مدينة كاسل، حيث وافق على أن يقوم مايفز بقطع عضو ذكورته بعد أن تناولا الويسكي، وبعدها قام مايفز بقلي العضو على النار وتناوله الرجلان معا، ولم يستسيغاه
واعترف مايفز بقتل براندز بعد أن فقد وعيه، وأرقده على طاوله حيث طعنه في عنقه، ثم علقه في خطاف بسقف مطبخ منزله، وشعر القاتل الوحش -كما يروي- تجاه ضحيته بإثارة جنسية فقام بتقبيله، ثم تناول وحده أجزاء أخرى من جسده!!
وقام بعد ذلك بتقطيع أجزاء من الجثة إلى شرائح وصلت لـ 30 كجم من اللحم، ووضعه في "فريزر" الثلاجة، والتهم فيما بعد ثلثي تلك الكمية، ويقول مايفز "كلما قضمت قطعة منه كانت ذكرياتي عنه تنمو بشكل أقوى"
وقام مايفز بتصوير جريمته على شريط فيديو مدته ساعتان كان من المفترض أن يشاهده القضاة، لكن لن يُعرض للجمهور، واعترف مايفز بأن ضحيته كان يثيره جنسيا، لكنه أكد أنه لم يمارس معه الجنس قبل موته، حيث "اختار الذبح وفضله على الجنس"، لكن الادعاء طالب بالسجن مدى الحياة لمايفز بتهمة "القتل وانتهاك حرمة الأموات"، واعتبر مايفز أخطر من أن يترك حرا طليقا.
ويزعم آكل لحوم البشر أنه التقى بخمسة أفراد آخرين تطوعوا لتقديم أنفسهم للقتل بعد أن اطلعوا على الإعلان منشورا على الإنترنت.جدير بالذكر أنه لم يكتشف أمر ذلك الوحش -مايفز- إلا بعد أن نشر إعلانا مشابها على الإنترنت لفت نظر أحد الطلبة النمساويين فقام بإبلاغ الشرطة عنه.
والمثير أنه يعترف بأنه أنهى حياة إنسان، لكنه يصر على أنها ليست جريمة قتل، فيما يقول المدعي العام الألماني ماركوس كوهلر إن مايفز كان لديه دائما النية في القتل، واستغل اضطرابا عقليا يعاني منه براندز ليوقعه في براثنه ويحوله لضحية.

سلسلة أفلام "هانيبال" تعرض مشاهد مرعبة وبشعة تروي فيها الشخصية الرئيسية المريضة الفاقدة للاتزان كيف أكلت كبد أحد ضحاياها بالفاصوليا، كما تصور السلسلة بشكل عام تلك الشخصية على أنها تتميز بالتفوق والإبداع وشمولية المعرفة، والذكاء الحاد. ويأتي ( صعود هانيبال ) للمخرج بيتر ويبير، كحلقة خامسة في سلسلة سينمائية تتعلق بحياة المجرم العبقري هانيبال ليكتر الذي يتقمص شخصيته في الفيلم الجديد الممثل الفرنسي جاسبارد يولييل . تدور أحداث الجزء ( الهانيبالى الخامس ) في شرق أوروبا، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، يشهد هانيبال الشاب حادث موت والديه العنيف، تاركين شقيقته الصغرى في رعايته.لكن لسوء حظه يقوم بعض الجنود بالتهامها وأكلها بعد ذبحها . يضطر هانيبال للعيش في ملجأ سوفيتي، كونه وحيداً وليس لديه أي وسيلة مساعدة ويهرب إلى باريس ليجد أن عمه قد مات، لكن أرملته اليابانية لايدي موراسكي (غونغ لي) ترحب به ويبدا هانيبال رحلة البحث والانتقام المروع من الذين أكلوا أخته الصغيرة .
حالة ورغبات
الفيلم (السيناريو ) يحاول ان يجد التبريرات المقنعة لوحشية هانيبال ويظهره بمظهر المظلوم الذى عانى من مأساة كبيرة في حياته وهى رؤيته لاخته الصغرى وهى تذبح وتؤكل امام عينيه , إضافة الى رؤيته والديه وهما يقتلان أمامه بسبب الحرب . والفيلم (السيناريو ) لايناقش الأسباب من وجهة نظر تاريخية او نفسية او اجتماعية وانما يناقش الحالة الإنسانية من وجهة نظر سينمائية تجارية . سنجد هانيبال مفصولا تماما عن الواقع التاريخي والسياسي الذى ادى الى الحرب العالمية الثانية ودفع بالمئات بل الالاف بل الملايين الى هلاك مجاني بسبب رغبات ديكتاتورية لبعض الحكام . لايناقش الفيلم حالة هانيبال ضمن حالات كثيرة ومتعددة عانت من ويلات الحرب وفقدت كل ماتملك وحصدت الدمار والخراب . هانيبال استغرقته حالته الشخصية ووجه ادانته وانتقامه لاشخاص آخرين كانوا في الأصل وقودا في هذه الحرب العبثية واضطروا تحت وطأة الجوع لان يتحولوا الى وحوش آدمية حتى يواصلوا الحياة . في الحرب يتراجع قانون البشر ليحل محله قانون الغاب وفى لحظات الخطر لاتوجد ضمانات لان تبقى انسانية الإنسان خاصة عندما تفقد الحروب شرعيتها المدنية والأخلاقية . في الفيلم كان هانيبال الضحية وكان الجلاد وكان الجنود الذين انتقم منهم جلادين وكانوا ضحايا أيضا . في الفيلم القصة والسيناريو استهوى الكاتب ( ودون عمق ) تحليل شخصية هانيبال النفسية من خلال الأطلال على عالمه الباطني الدموي المسكون بالكوابيس وخيالات الطفولة المعذبة . يمكن القول ان الكاتب تفنن في خلق مشاهد القتل ليصبغ الشاشة في كل مشهد بأكبر كمية من الدماء . وفى النهاية لم يضيع الكاتب وقته في تقديم شخصية مقنعة فقد بدا هانيبال في حركته وفى انتقاما ته وفى انقضاضة على فرائسه وكأنه ليس ببشر على الإطلاق وانما هو اقرب الى الشخصيات الشريرة الخيالية التى لاتعرف اى حدود او اى عقبات تقف فى طريق تنفيذ جرائمها الانتقامية . واسوأ مافعله الكاتب هو حرصه الدائم على ان يبدو ( هانيبال ) مثيرا للشفقة وشخصية قادرةعلى جذب تعاطفنا . في نهاية الفيلم ينجح هانيبال فى الانتقام من كل افراد المجموعة التى التهمت لحم أخته الطرى . ورغم كل حمامات الدم ومشاهد العنف المقززة وعمليات الذبح الحيوانية للبشر يحاو ل الفيلم ان يقدم لك هانيبال على طبق من الذهب كواحد من الابطال الغزاة الذين يستحقوا الشفقة والرحمة والتسامح وفى واقع الامر ومهما كانت المبررات هو مجرد قاتل سادى مريض ويداه مخضبة بالدماء . في الفيلم يتراجع دور المحقق الذى يعرف كل شىْ من البداية ولا يتحرك من اجل ان يتقدم دور البطل المجرم الذى يرغب فى تطبيق قانون الغاب .

ذبح مجانى

فى الفيلم ( الفن ) يمكن التوقف عند العديد من محطات التميز فى التمثيل والإضاءة والمونتاج , إضافة الى نجاح مشهود في استعادة أجواء الماضي العادة تشكيل المكان والزمان . ويمكن الحديث عن نجاحات محسوسة في تجسيد مشاهد القتل والانتقام , لكن مافائدة كل تلك النجاحات وانت تقدم حالة من الذبح المجاني لاحساس المشاهد السوى الذى يرى في الفن تجاوزا للقبح ورفضا لحيوانية الانسان .

. عندما ارتكب مايفز الالمانى جريمته المرعبة واكل لحم ضحيته كان قد اعترف ان افلام الرعب الهبت خياله عندما كان صغيرا كى ياكل لحم اصدقائه فى المدرسة .
وعندما أعلنت الشرطة في ولاية فرجينيا الأمريكية ان الطالب الكوري الجنوبي سيونغ هوي تشو هو من نفذ الهجوم الدموي الذي تعرضت له جامعة فرجينيا التقنية. لم يكن ذلك هو الاعلان الأول عن مثل هذه الحوادث فقبل هجوم فرجينيا، كان هناك الحادث الذي وقع في تكساس عام 1991 عندما قتل جورج هنارد 23 شخصا قبل أن يقتل نفسه في إحدى الكافيتريات. وفي عام 1966 فتح المسلح تشارلز ويتمان النار على حرم جامعة في تكساس مما أسفر عن قتل 14 شخصا وإصابة 31 آخرين، وذلك بعد يوم من قتله لزوجته وأمه. وفي عام 1999 قتل مراهقان بمدرسة كولومباين للتعليم العالي في كولورادو 12 من زملائهما من الطلبة فضلا عن مدرس قبل أن ينتحرا وفى كل تلك الحوادث كان هناك شيئا ما يجمع بين القتلة وهو مشاهدة العديد من أفلام الرعب الدموية .
أفلام الرعب التجارية تقدما دائما عنفا مجانيا مضرا و تمثل منظومة كبيرة ضمن منظومات هوليوود الفيلمية و المشكلة التى يجب ان ينتبه اليها علماء النفس وكل المسؤولين عن صحة الإنسان ان هذه الأفلام قادرة على التوالد في أجزاء متتابعة وناجحة
.

ليست هناك تعليقات: