الخميس، يونيو 30، 2011

الوطن الآخر لصلاح هاشم :رصد دافيء لغربة باردة






الوطن الآخر:

رصد دافيء لغربة باردة

بقلم

فؤاد حبيقة



كتب فؤاد حبيقة الصحافي اللبناني الكبيرفي مجلة " الوطن العربي" المقال التالي عن كتاب " الوطن الآخر" لصلاح هاشم الذي ضم خلاصة لسندبادياته وجولاته في المدن الاوروبية والامريكية ويقدم استكشافا للوجود العربي فيها وحكاياته التي لاتنتهي على رصيف الغربة، وكان حبيقة للتذكرة والتاريخ يشغل أنذاك منصب مدير تحرير مجلة " الوطن العربي " في باريس ولذلك لم يوقع مقاله
كتب حبيقة يقول:

الوطن الآخر.سندباديات مع المهاجرين العرب في اوروبا وامريكا هو كتاب جديد صدر( في 3 أجزاء) لرفيقنا صلاح هاشم عن دار الآفاق الجديدة في بيروت ( عام 1981).
الذين يعرفون المؤلف- ونحن منهم - لايستغربون عنوان الكتاب، فصلاح الذي ترك مصر ليمارس " سندبادياته" في العواصم الاوروبية، يشعر في كل لحظة بأنه ذلك الغريب الدائم على رصيف الغربية الساحقة المسحوقة، وبسهولة تقرأ في عينيه الدافئتين الشاردتين، وابتسامته الساخرة القاصية، حكايات تبدأ ولا تنتهي عن جيل كامل من المثقفين العرب، يعيشون غرباء في أوطانهم ، وغرباء في الخارج ، وغرباء في جلودهم
و صلاح هاشم الذي يحرر في " الوطن العربي" ( بين اهتمامات اخرى ) زاوية " العرب في العالم " و الذي سعى وراء العرب في "شوارع اوروبا الخلفية" وخارج اوروبا أيضا، مع زملاء لنا وله ، مؤهل أكثر من غيره لمعالجة هذه الظاهرة، ظاهرة الاغتراب العربي الدائم. لقد ودع النيل بحرقة صبي فقير أمام واجهة تغص بالحلوى، وراح يعزف على أوتار الغربة ببراءة طفل كبير، في ازدحام المدن وصخب الحياة..حتى اذا آوى الى نفسه بعد يوم من خمس وعشرين ساعة، استعاد لحظات فرحه وحزنه، وراح يمزجها بواقعية حقيقية، وفكاهة مرة، ليتحدث عن نفسه والآخرين من أبناء جيله، بل عن الآخرين الذين عرفهم ، من خلال نفسه
الناشر يقول ان الكتاب يمتزج فيه " الاسلوب الروائي بالتحقيق الصحفي". صحيح. ونزيد معه ان الكتاب نبض عربي متفجر في شوارع باريس وأمستردام وأثينا ودبلن واستكهولم ولندن ومدريد وغرناطة .. وإيقاع لاهث، في قلب الغربة الموحشة، ذلك المنفى البارد الذي لايرحم.
" الوطن الآخر" حوار مع الغربة، لكنه أيضا بحث في الذات، عبر الانفاق الغربية ، ورصد اجتماعي لحقائق الهجرة العربية الى اوروبا، ولن يكون الرصد الأخير.
و صلاح هاشم في هذا كله ليس سائحا كالآخرين، إنه " جاحظي" النكهة، عفوي الرؤية، يجيد الابتسامات السوداء

فؤاد حبيقة



ليست هناك تعليقات: