الاثنين، يناير 26، 2015

سينما " تحت الجلد " في حصاد عام 2014 السينمائي ( 1 من 2 ) في نزهة الناقد بقلم صلاح هاشم


سكارليت جوهانسون سمراء ساحقة الجمال وروبوت لغواية الرجال في فيلم " تحت الجلد " لجوناثان جلازر، ففترقبوه


سينما " تحت الجلد " 
في "حضارة السلوك " الكبرى

 عن افضل 10 أفلام
في حصاد العام 2014 السينمائي

( 1 من 2 )

بقلم


صلاح هاشم 


وصلني  في باريس مكتوب من مطبوعة عربية تطلب مني المشاركة في إستفتاء عن أفضل الافلام التي شاهدتها في عام 2014، وإختيار أفضل عشرة أفلام من بينها ، لأكتب - إن كنت أرحب - عنها.
هناك بالطبع - هكذا فكرت- عشرات الأفلام الجديدة التي شاهدتها، بل ومئات من الافلام التي التهمت - بنهم وشغف-  في المهرجانات السينمائية التي حضرتها ،وفي دور العرض الفرنسية ،وفي المكتبات العامة في فرنسا التي تخصص ركنا للأفلام الجديدة والأفلام الكلاسيكية، ولايمر يوم من دون أن اشاهد أكثر من 3 أو 4 أفلام.وفكرت قبل أن أرد، بخصوص الأفلام الجديدة التي خرجت للعرض التجاري لعام 2014 في فرنسا
 أن أبحث بداية عن الوشائج التي وثقت من علاقتي بالسينما ، من عند  قاعة عرض "سينما إيزيس" في حي السيدة زينب في القاهرة ، ولحد "سينماتيك "باريس الذي يعتبر أهم وأعظم " أرشيف " سينمائي في العالم، وبيني - حيث اسكن في باريس- وبينه خطوة

عن ذلك النهم المعرفي والشغف بالسينما

 هناك بالطبع مئات من افلام العام 2014 التي شاهدتها، بل " التهمتها" - أجل التهمتها ولاغرابة.حيث استشعر دائما في نفسي نوعا من " الجوع " الحقيقي تجاه تلك الافلام -من النوعين الوثائقي والروائي- التي تخبرنا دوما عن العالم، وتقربنا أكثر من إنسانيتنا ، وتجعلني هكذاالتهمها في التو. يجعلني أنا الذي أذهب الى الأفلام ،ولا أجعلها " هي " تأتي الي.
هذا الشغف المعرفي بمعرفة " صورة " العالم،  في مرآة السينما، ومد يد دوما الى الجاروالتوق الى فهمه و معرفته ، يساعد في جعلنا أكثر تسامحا مع الآخر ، ومع أنفسنا والعالم من حولنا.
فوظيفة السينما أيضا هي أن تجعلنا نعلي من قيمة " التسامح "، ضمن كل الفضائل التي يفاخر بها الإنسان . وظيفتها أن تجعلنا في كل لحظة أكثر ثقة بالعالم وأحلامنا وطموحاتنا، ونبذ  الخراب والدمار والشر، ولذلك فهي تستحق منا كل الكتابات العظيمة عن السينما.
ولا أعرف إن كان ذلك النهم الى السينما والتهامها، له صلة بالنشأة وطبيعة الحياة التي عشتها في  حي السيدة زينب، احد أفقر وأجمل وأعرق الأحياء الشعبية في مصرالتي تتسم بروحانيتها العميقة
وهل لذلك صلة بالكتابةعن  السينما والأفلام، والانحياز دوما تلك "الحياة السحرية " التي نتخيلها- صورة "المدينة الفاضلة" - حتى لو كانت الأفلام بديلا قاصرا لما نطمح أن نكونه،ونتمثله، و..نحارب به أيضا " الظلم " في العالم.
 حين تتسامق الأفلام بشموليتها الفنية،ويصبح الفيلم أداة أو " سلاح " في معركتنا المتصلة والمستمرة، ضد النظم الشمولية، وقهرالإنسان في كل مكان ، و ذلك " الوحش " الذي يسكن - تحت الجلد-  داخلنا .
 و قد كان المخرج الامريكي الكبير ستانلي كوبريك  صاحب" سبارتاكوس "و " أوديسة الفضاء " و" بريق " shining  يقول عنه أنه يريد بكل الأفلام 
التي صنعها أن ..يروضه فقط.
كلنا " شارلي " في سينما إيزيس ، وفي السينما " حضارة السلوك " الكبرى كما احب أن أسميها، وأطلق عليها.
فلا قيمة لأي مذهب لايعلمنا أن نكون احرارا، ولا بقاء لأية ايديولوجية، لاتؤمن بقدرة  " العقل " فقط على أن يختار بنفسه، ويدافع عن قناعاته، ولاقيمة لأية كتابة عن السينمالاتجعلها  في المحل الأول
 ممارسة لاقصي حرياتنا في أن نفكر ونبدع، ونشارك أيضا في ترويض ذلك " الوحش " الذي يسكننا ..

في " تحت الجلد " : " روبوت"  يجعلنا نعيد الإعتبار الى إنسانيتنا

ولذلك جاءت قائمة الاختيار التي اعددتها لأفضل عشرة أفلام من إنتاج عام 2014 تضم الأفلام التالية التي يتصدرها فيلم " تحت الجلد " الانجليزي بطولة النجمة الامريكية  سكارليت جوهانسون ومن إخراج جوناثان جلازر، وجاء الفيلم من نوع " أفلام الخيال العلمي ويذكرك من أول مشهد في الفيلم بفيلم " أوديسة الفضاء " للامريكي ستانلي كوبريك، جاء متضمنا لكل تلك القيم التي تحدثت عنها، ووثقت دوما من علاقتي بالسينما والكتابة عنها وعن أفلامها.
يحكي فيلم " تحت الجلد "  under the skin عن مخلوق أو كائن فضائي في صورة فتاة سمراء ساحقة الجمال تهبط الى كوكب الأرض، وتخالط  البشر، وتلعب دورها في الفيلم سكارليت جوهانسون،في أحد أفضل الأفلام التي مثلتها في حياتها. وربما تكمن القيمة الأساسية في الفيلم ،أنه حول تلك الممثلة الفاتنة، مثل شقراوات هوليوود ،اللواتي يكفي أن يظهرن فقط بجمالهن ،مثل جريتا جاربو أو مارلين مونرو، كي ينجح الفيلم ،ويحقق أعلى الايرادات على مستوى شباك التذاكر
يجعلنا الفيلم  - تحت الجلد  - نبتهج لاكتشاف ان سكارليت هي أكثر من "جميلة" فحسب. يجعلنا نكتشف انها إضافة الى جمالها الساحق ، ممثلة رائعة أيضا. ونكتشف ونحن نعجب بتمثيلها
 واداءها،  ونتابع أحداث الفيلم، إنها ساحقة الجمال  ليس بشقرتها إن صح العبير، بل  بسمرتها أيضا،عندما تمثل دور شابة "سمراء" تسوق الرجال من البشر الى حتفهم، وتجعلهم
من فرط جمالها يتبعونها مأخوذين ومسحورين ،ويغرقون في موت محقق.
 لكن المفارقة الكبرى في الفيلم، هي في انه يجعل ذلك الكائن الفضائي الروبوت من خلال رحلته على ظهر كوكبنا، يريد أن يغير جلده ،ويصبح إنسانا.
يجعلنا الفيلم  من خلال ذلك "الروبوت"  الذي يطمح مثل كل البشر أن يكون له " قلب " ويحب، نعيد النظر في إنسانيتنا، ونتأمل في واقعنا ،ونتألم لذلك الواقع المهمل العبثي الغث، وبكل ضغوطاته ، الذي يحرمنا أحيانا من ممارسة أبسط حقوقنا، حتى لو كانت الاستمتاع فقط بشمس الحياة، ودفء الحب ،وتوهج الحياة بكل جمالها في حضن حبيبة.. 

وللحديث عن فيلم " تحت الجلد " و " سينما تحت الجلد " في حصاد عام 2014 السينمائي .. بقية ..

صلاح هاشم

ليست هناك تعليقات: