الثلاثاء، نوفمبر 21، 2006

ايزيس تصوت لسيجولين رويال في فرنسا

لوحة " حواء " للرسام الايطالي العظيم بوتشيللي


أرسلت الي صحافية زميلة تسألني من هي شخصية العام النسائية في رأيي فكتبت لها الرد التالي



عزيزتي


شخصية العام النسائية هي في رأيي الفرنسية سيجولين رويال التي صارت نجما سياسيا ساطعا في فرنسا ، وارشحها للفوز في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في العام المقبل ، ضد مرشح اليمين الرئاسي نيكولا ساركوزي وزير الداخلية الحالي في حكومة فيلبان، ويقينا سوف اصوت بصفتي حاملا للجنسية الفرنسية مع احتفاظي بجنسيتي المصرية الاصلية سوف اصوت لسيجولين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ضد ساركوزي الذي اعتبره من اخطر ممثلي اليمين الفاشي في فرنسا، ويذكرني بشخصية " نسفراتو " مصاص الدماء والفيلم الذي يحمل اسمه في كلاسيكيات السينما العالمية فهو يشبهه، وهو مثله نهم وجشع للسلطة، في توحش دموي، ولايهمه الا الوصول الي سدة الحكم بعد افول عهد السياسي المحنك العجوز جاك شيراك، كما انه نيكولا لايتفاهم مع المشاكل الا بالقوة والعنف ،والدليل علي ذلك ان سياساته القمعية، في ما يتعلق بمشاكل الضواحي الفرنسية من بطالة وبؤس وعنف وغياب للأمن، فشلت فشلا ذريعا، وكشفت عن عجز الاحزاب السياسية الفرنسية وعلي مدار ثلاثين عاما في حل مشكلة الضواحي وجيتوهات العزلة ، التي صارت تمثل بمرور الوقت كوكبا آخر يعيش علي هامش المجتمع الفرنسي البرجوازي المادي الاناني الاستهلاكي المحفلط، الذي يتشدق ب ووجع دماغنا بشعارات الجمهورية الخاوية ، من حرية وعدالة ومساواة الخ ، في حين يعاني ابناء المهاجرين العرب والافارقة السمر والسود من سكان الضواحي، يعانون من أشنع وأبشع أساليب التمييز العنصري في السكن والعمل والتعليم، وكل شييء ،فالعقلية الفرنسية اليمينية البيضاء، مازالت تقليدية، ورجعية وكولونيالية، وهي تنظر الي ابناء المهاجرين الذين ولدوا وكبروا في فرنسا علي انهم " الآخر " الذي يجب ان تهابه وتخشاه وتلفظه وتعاني من تعلقها بماضيها الاستعماري، وحنينها باستمرار الي تلك الايام الخوالي التي كانت تنعم فيها بمرتبة السيد، وتحكم وتتحكم فينا
ولذلك كان ظهور سيجولين رويال علي المسرح السياسي الفرنسي بقوة ذلك " الدافع الخلاق " الذي يتحدث عنه الفيلسوف بالفرنسي برجسون، بمثابة نوع من "عودة الروح " الي مجتمع فرنسي فقد الامل في الاصلاح ، وبقي محلك سر، و تكلس ولم يتطور مع الزمن وكان ان يأس الجميع من كل شييء، ثم فجأة ظهرت المادونا سيجولين مثل ظهور السيدة العذراء ، لكي تحيي الامل في نفوس الفرنسيين من جديد ، وحضرت في قلوب الناس ببساطتها وتلقائيتها وكلامها الذي يشبه كلامهم، وحياتها التي تشبه حياتهم، وهمومها التي تشبه وتتماثل مع همومهم وأعادت اليهم ثقتهم في انفسهم وقدرتهم علي التغيير
سوف امنح صوتي لسيجولين التي اعتبرها شخصية العام في فرنسا وربما في العالم عن جدارة ليس لأنها " امرأة " جميلة، وذات انوثة طاغية ، ويشتهيها كل رجل، او لانها اقنعتنا ببرنامجها السياسي المبهر،وذكائه وفطنته ، وجاءت لنا بوصفة سحرية للخلاص، بل لأنها تجسد ذلك " التغيير " او " الرغبة في التغيير "في السياسة والعقلية والمجتمع ، الذي تطمح اليه الاغلبية في فرنسا ، وتبغيه وتريده الآن وفي اللحظة ، بعد ان قرفت وزهقت من ذلك المجتمع الفرنسي الابوي الذكوري، الذي يعتقد بأن لديه حلولا لكل المشاكل واجابات لكل الاسئلة، وشبعت من الكلام واحاديث السياسيين وخطبهم العصماء وايديولوجياتهم المجيدة
في حين تفتح لنا سيجولين بعد ان انزلت الهزيمة ب " أفيال " الحزب الاشتراكي من السياسيين المخضرمين من امثال ستروسكان وليونيل جوسبان واكتسحتهم ، تفتح لنا نافذة علي حياة جديدة، نستطيع فيها ان ننعم اخيرا مع كل المواطنين الفرنسيين سواسية بشعارات الجمهورية المقدسة - الحرية والعدالة والاخاء والمساواة ،وغيرها من تلك الفضائل والقيم التي يفاخر بها الانسان، وتزهو بها المجتمعات الجديدة المتحضرة
سوف اصوت لسيجولين، لانها تحضر في ذلك المجتمع السياسي الفرنسي مثل قديسة متألقة بذلك النور الداخلي، وبكاريزما صافية تشي بذلك الحضور الاموي - نسبة الي الام - النوراني ولذلك تسير ورائها الجموع في فرنسا وتكتسي ظاهرة حضورها المفاجييء هذا بمسحة دينية غريبة لاتخضع لأي تفسير، حتي ان التفاف الناس حولها كما لو كانوا مجذوبين بقوة سحر مغناطيسية هائلة تشدهم بقوة اليها ، يذكرني ذلك المشهد بمشهد الجموع من الفقراء والمرضي والمظلومين والمعذبين في الارض، وهي تسير خلف يسوع المسيح في فيلم " انجيل متي " للمخرج الايطالي بازوليني
واعتقد ان افضل ممثلةعربية يمكن ان تمثل دور سيجولين رويال في فيلم هي سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة مادونا السينما العربية بلا جدال، ولنتذكر هنا ادوارها في افلام مثل " ليلة القبض علي فاطمة " دورها كمناضلة في الفيلم ، وكذلك دورها كأم في فيلم " يوم حلو يوم مر " لخيري بشارة ، ونأمل مع انتخاب سيجولين رويال كرئيسة للجمهورية الفرنسية ، ان تكون المراة كما يقول الشاعر الفرنسي العظيم اراجون هي مستقبل الانسان، وانطلاقة حياة جديدة أكثر حبا وانسانية و عدالة وتسامحا، لا في فرنسا وحدها، بل ايضا في مجتمعاتنا العربية ، وفي العالم بأسره

صلاح هاشم
كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا



قريبا تنتقل سينما ايزيس الي موقعها الجديد



ليست هناك تعليقات: