الأربعاء، نوفمبر 01، 2006

مشاكل الانتاج السينمائي في الخليج

عماد النويري



الجهات الرسمية تريد السينما التي تحقق مصالحها
وتنظر الي السينما علي انها تسلية يمكن الاستغناء عنها
مشاكل الانتاج السينمائى فى الخليج
بقلم عماد النويري

المشكلات التي تواجه الإنتاج السينمائي الخليجي كثيرة ومتنوعة
هناك مشكلات تتعلق بالصناعة ، وأخرى تتعلق بالتجارة ، وثالثة تتعلق بالفن.
في ما يخص الجانب الصناعي فإن دول الخليج عندما بدأ ت مشروعاتها التنموية بعد ظهور النفط ثم الاستقلال، كان الشغل الشاغل لها هو إقامة مشروعات البنية التحتية، ولم يشغلها كثيراً إقامة منشآت سينمائية مثل الاستوديوهات والمعامل
ويعني ذلك أن السينما كإنتاج وكصناعة، كانت وما زالت ضمن المشروعات المؤجلة ، ونستثنى من هذا التفسير دولتان هما السعودية والكويت، فالأولى لم تدخل السينما في حسابات خطتها التنموية، لأسباب مختلفة تتعلق بالسياسة العامة للمملكة، والكويت اتخذت بالفعل خطة تأسيسية لإنشاء مراقبة للسينما ،مزودة بكافة المعدات السينمائية وبطاقة إنتاجية عالية تصل آلي إنتاج ثلاثين فيلماً في العام
الانتاج السينمائي في ذيل قائمة الاهتمامات
الا أن هذه المراقبة قد تم إغلاقها، بفعل أسباب تعود آلي الغزو االصدامى وتغير الأولويات. ولأن الإنتاج السينمائي كان في ذيل قائمة الاهتمامات بالنسبة للحكومات في الخليج، فقد أدى ذلك بالضرورة آلي قلة الاهتمام بإقامة معاهد أو كليات لتعليم السينما ، ولاعداد الكوادر اللازمة لتحقيق الأفلام، ويعني ذلك آن الكوادر أصبحت منشغلة ً بأمور ليست لها صلة بالسينما. ونقص الكوادر مع عدم وجود منشآت لازمة للفعل السينمائي، قد أدى بالضرورة آلي تردد المؤسسات الفنية الخاصة،في الخوض في مجال الإنتاج السينمائي. ولو حدث اهتمام رسمي على مستوى المؤسسات الخاصة، بإنتاج الأفلام، فإن هناك مشكلة التوزيع (مشكلات التجارة) ، فحتى لو تم زيادة دور العرض، فيجب أن يؤخذ في الاعتبار الكثافة السكانية في الخليج (عدد سكان كل الدول الخليجية مجتمعة أقل من عدد سكان القاهرة في فترة الظهيرة)، وإذا تم حل مشكلة التوزيع عن طريق فتح أسواق خارجية ، فإن هناك مشكلة اللهجة، وإذا تم حل مشكلة اللهجة عن طريق ألد بلجة أو الترجمة أو التعود، ستبقى مشكلات الفن، وهي الأهم والأخطر من وجهة نظري
وأقصد هنا بمشكلات الفن الأفكار أو المقولات أو الموضوعات الخاصة بالأفلام، وكيفية صياغتها فنياً ، ومساحة الحرية المطلوبة ، لتوصيل هذه الصياغات الى الجمهور
مشكلة الخطاب السينمائي

الإنتاج والتمويل أقل الأمور أهمية بالنسبة للإبداع، ومن المهم ونحن نتحدث عن مشكلات الإنتاج السينمائي في الخليج أن نسأل ماذا نريد أن نقول من خلال هذا الإنتاج؟ وهنا تأتي مشكلة المشاكل، لأن الجهات العربية المسؤولة تريد من السينما أن تخاطب الناس بما يحقق مصالحها، والجهات المسؤولة سواء في الخليج أو في بقية الدول العربية ، ما زالت تنظر الى السينما على أنها مجرد تسلية،ويمكن الاستغناء عنها بوسائل أخرى. كما أن الجهات المسؤولة لا ترغب في أن تكون السينما مرآة كاشفة للعيوب وأوجه القصور. ولا يعني ذلك أننا نحب السينما، وأن الحكومات تكن لها الكراهية وانما كل منا يحب السينما بطريقته الخاصة، وواقع الأمر أن مشكلات السينما لم تعد تلك المشكلات التقليدية التي درجنا على الإشارة اليها، كما أن الموضوع قد تجاوز حكاية ما نحب، وما تحبه الحكومات . لأنه وبفعل التجاهل، وبفعل التطور الذي هو سنة الكون، ظهرت خلال العقد الأخير مشكلات جديدة ،ولذلك ما يستحق الاهتمام في المرحلة المقبلة، هو البحث الجدي عن إجابات، وافتراض حلول ، وسيناريوهات لمواجهة ما هو آت
الشركات العملاقة تتحكم الآن في (12 ترليون دولار) وهو ما يساوي نصف الناتج القومي العالمي , فذا كانت هذه الشركات شئنا أم أبينا ، في طريقها لعولمة الجغرافيا ثم التاريخ، ومن ثم الثقافة، من أجل اقتصاد عالمي وشيك , واذا كان ذلك سيتبعه كما يتخيل المتخيلون (وجزء من هذا الخيال حقيقة بالفعل) إزالة الحواجز الثقافية لكل مشروعات تأكيد هويات الشعوب، فاننا نسأل ما هو موقف صناع السينما في الخليج من حلم (خلجنة) الفيلم في منطقة الخليج؟ ونطبق ذلك على الفيلم في بقية بلاد العرب
فذا تم حل مشكلة عولمة الأفلام، من خلال التأكيد على التنوع ،وتعدد الثقافات والتسامح، وإزالة السمات الثقافية التي تشجع الصراع ،وتحول دون تحقيق الانسجام , إذا حدث ذلك بالفعل، يجب آن نفكر جديا في حلول لمواجهة التقنية السينمائية المتطورة، سواء في المادة الخام التي تصنع منها الأفلام، أو في طريقة بث الأفلام
الواقع أن السينما في الخليج كما في بلاد العرب الأخرى، ليست في حاجة ملحة لهذه التطورات المتسارعة ،لكي تستمر وتحقق أفلامها الخاصة، وحتى تتم عملية حسم موضوعات تخص التبعية والإبداع والأصالة المعاصرة والخصخصة والعولمة، وغيرها من القضايا التي يدور حولها الجدل ، لتحديد موقع لنا على خارطة عالم متغير في كل شيء،و حتى يتم ذلك، وحتى لا نكتفي بالأسئلة، فإن هناك مقترحات كثيرة لتجاوز المشكلات التي تواجه إنتاج السينما في الخليج
الاعتماد علي الانتاج المشترك
ويمكن في هذا الصدد الاعتماد في المرحلة الأولى على الإنتاج المشترك بين دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية ذات التاريخ السينمائي الطويل في مجال الإنتاج السينمائي، كما يمكن الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية لإقامة صناعة سينمائية متطورة، ويمكن أن تلعب التلفزيونات الخليجية دوراً كبيراً في تشجيع إنتاج أعمال سينمائية تسجيلية أو روائية، ويمكن إنشاء مركز للتدريب في إحدى الدول الخليجية، يكون بمثابة نواة لإنشاء معهد للسينما
ويمكن الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء مؤسسة للإنتاج الفيلمي المشترك، مثل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، ويمكن المبادرة الي تدريس مادة خاصة بالتذوق السينمائي في المراحل المتوسطة من التعليم، لإعداد جيل يتذوق السينما بطريقة مختلفة، حتى يعرف أن الفيلم الأجود والأمثل، ليس هو فيلم العنف والأكشن، ويمكن الاكتتاب في شركة خليجية كبيرة للإنتاج السينمائي، تقوم بتقديم قروض ميسرة لإنتاج الأفلام
ويمكن دعم اللجنة التأسيسة للسينما في الخليج، حتى تستطيع أن تحقق أحلامها ، ويمكن استحضار أحدث الأجهزة السينمائية في العالم من أجل صناعة سينمائية متطورة، ويمكن إرسال بعثات دورية لدراسة فن السينما في المعاهد السينمائية في الخارج، ويمكن فرض ضريبة قليلة على تذاكر السينما، تذهب محصلتها لإنشاء صندوق لإنتاج أفلام متوسطة التكاليف،من أجل تدوير عجلة الإنتاج، ويمكن نشر نوادي السينما في بقية دول الخليج، لزيادة الوعي الجماهيري بأهمية السينما. وما أكثر الممكنات التي يمكن الحديث عنها . وقد يصلح بعضها للتنفيذ وقد يبقى البعض الآخر في خانة الطموح والأماني
لكن في موضوع السينما، الدعم الحكومي مطلوب، والدعم الشعبي مطلوب أيضاً
عماد النويري
ناقد سينمائي ومدير نادي الكويت للسينما


ليست هناك تعليقات: