الأربعاء، نوفمبر 29، 2006

مختارات : فيلم "ماتيجي نرقص" لايناس الدغيدي






مختارات ايزيس

نقد فني


فيلم " ماتيجي نرقص " لايناس الدغيدي


بقلم مني غازي







إيناس والصبان يطالبان بحق الشواذ فى مصر


ما تيجى نرقص.. الوصفة السحرية لحل كل أزمات المجتمع






هل تعانى من الاكتئاب، الفتور العاطفي، الملل من الحياة، الضيق من الزحام؟ هل لديك أزمات اقتصادية، نفسية، عاطفية، عامة أو شخصية؟ فالحل موجود فى نصيحة دغيدية بأن ترقص.. ما تيجى نرقص!من تلك الأشياء تعانى سلوى المحامية الكبيرة بعد عشرين عاما من الزواج المستقر وفى وجود ابن لطيف ومنزل فاخر وزوج له منصب وعمل مميز إلا أنها تعانى ضيقا ومللا وفتورا يدفعها ذلك إلى التسلل إلى عالم مدرسة سوزى للرقص لتجد فى الرقص نهاية كل مآسى الحياة ولتجد فى مدرسة الرقص عالما كاملا من البؤساء الذين يعانون مآسى الحياة مثلها، بدءا من أصحاب الأزمات العاطفية، وانتهاء بالشواذ، وينجح الرقص فى انقاذ الجميع من أزماتهم! وكعادة المخرجة إيناس الدغيدى فأزمات الحياة كلها محصورة داخل إطار عنوانه الجنس متفقة دائما مع وجهة نظر فرويد التى تحيل كل تصرفات البشر لأسباب جنسية، فأزمة سلوى الحقيقية فى الفتور العاطفى والجنسى بينها وبين زوجها عزت أبو عوف، وفى المدرسة نجد سوزى ليلى شعير صاحبة المدرسة تحاول استمالة المدرب الشاب تامر هجرس رغم فارق السن الكبير بينهما، بينما هو يميل جنسيا لسلوى هروبا من أزمة عاطفية جنسية مع حبيبته السابقة وهناك ماجى أو هالة صدقى التى تبحث عن رجل أيا كان، وهناك التلميذان الجديدان اللذان يبحثان عن ملجأ جنسى من خلال الرقص وفتيات محجبات يهربن من الكبت الجنسى فى الدين إلى الرقص، وشابان شاذان يبحثان عن مكان للجهر بعلاقتهما. ومن هنا جاء اختيار إيناس الدغيدى لنص جنسى مباشر متفقا مع اتجاهاتها السابقة، وقد فشل تماما كاتب السيناريو أسامة فهمى وصاحب الرؤية الدرامية للعمل رفيق الصبان فى إيجاد صيغة درامية متماسكة تضم هذا الزحام الجنسى وتربطه بالمجتمع المصري، فامتلأ العمل بالمتناقضات والثغرات التى بدأت من النص وأثرت على باقى العناصر، ما أدى إلى فجاجة التعامل مع العلاقات الجنسية وبشكل خاص العلاقات الشاذة التى تمت مناقشتها فى مشهد فج ومستفز، جاء تاليا لرقصة تعبيرية جمعت الشابين الشاذين فى حركات تعبر عن تلك العلاقة. انتهت بمناقشة حول حقهم افى ممارسة الشذوذ وأهمية أن يتقبل المجتمع تلك النماذج حتى يخرج من التخلف إلى التحضر، وكأن صاحب الرؤية الدرامية وباتفاق مع المخرجة يطالبان بإباحة الشذوذ الجنسى فى مصر، وكأن الحكاية ناقصة شذوذ!! ولا ينسى السيناريو الدفع بنموذج يمثل الاتجاه الدينى فنرى فتيات ينتمين الى عالم الطبقة المتوسطة محجبات ويتم افتعال ازمة يسببها التيار الدينى الرافض تماما لمدرسة الرقص التى لا يرى فيها سوى وكر للدعارة والشذوذ والتحريض على الفسق وهى حقيقة يفرضها الفيلم للأسف ورغم الانسياق الامنى خلفهم فى البداية إلا أن البراءة تأتى لتؤكد نقاء وصفاء وطهارة الرقص! يحدث كل ذلك من خلال إيقاع مفتت غير منتظم مما جعل المخرجة إيناس الدغيدى تأتى لأول مرة فى أسوأ حالتها الإخراجية على مدار تاريخها الفني، فجاء إخراج العمل اقرب إلى التكنيك التليفزيونى معتمدا على اللقطات القريبة والمتوسطة مما أضاع الكثير من مجهود مجموعة الممثلين الذين جاء أداؤهم على الشاشة غير متصل وأصبح من الصعب إدراك المشاعر الحقيقية للشخصيات، فما هو شعور سلوى تجاه معلم الرقص وما هو إحساسه تجاهها وما دور السكرتيرة اللعوب فى حياة زوجها؟! وينطبق ذلك على باقى الشخصيات لنصل الى فشل كامل فى رسم أى شخصية من شخصيات العمل، ومما زاد الطين بلة وجود مصمم الرقصات وليد عونى الذى حول الرغبات الجنسية فى العمل الى شكل تعبيرى راقص يبدو مبهرا ولكن يتناسى حقيقة مهمة الا وهى أن العمل يقدم مدرسة رقص وليس فرقة راقصة، وكان من المفترض أن يعتمد فى التدريب على الرقصات الكلاسيكية كأغلب المدارس مرتكزا على التانجو والفالس وهو ما لم يحدث، كما فشل فى ربط التدريبات بالرقصات النهائية، وقد استخدم مودى الإمام فى موسيقاه إيقاع التانجو والتقط لحن فريد الأطرش وأعاد توزيعه ورغم ذلك هربت الرقصات الحديثة أو التعبيرية من عالم التانجو إلى عالم وليد عوني. بدا العمل مضغوطا ما لم يتح الفرصة لمدير إضاءة كبير كمحسن احمد سوى تقديم إنارة وذلك رغم تميز حركة الكاميرا ونعومتها وهو ما يحسب للمصور وائل خلف. أما المونتير معتز الكاتب فقد اكتفى بعملية القص واللصق ولم يقدم اى إيقاع داخل العمل سواء على مستوى المشاهد أو فى الاجمالى رغم وجود مشاهد رقص مع موسيقى كانت ملعبا مهما له يمكن فيه صنع إيقاع. إن فيلم ما تيجى نرقص شعار من جيل مضي، قرر أن يرقص مع جيل لا ينتمى إليه، ففشل واكتفى بالرقص على سلالم عمارة لا يصعدها احد
منى الغازي
عن جريدة " العربي " المصرية
قريبا تنتقل سينما ايزيس الي موقعها الجديد

ليست هناك تعليقات: