الأحد، أبريل 06، 2014

علاقة المثقف بالسلطة : من رفاعة الطهطاوي الى صلاح هاشم بقلم عاطف يوسف



علاقة المثقف بالسلطة
من رفاعة الطهطاوي الى صلاح هاشم

رفاعة رافع الطهطاوي رائد نهضة مصر الحديثة
 
بقلم

عاطف يوسف

أطلق الشيخ رفاعة العالم الأزهري في مطلع القرن التاسع عشر صيحة الفزع قائلاً: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها , غرس بذرته الأولى الشيخ رفاعة عندما تحدث في رحلته «تخليص الإبريز في تلخيص باريس» عن الدستور الفرنسي، أو «الشرطة» كما يسميه، وعن الحقوق الطبيعية، وعن العدل، وعن مناخ الحريات في باريس، وبخاصة حرية الصحافة والنشر، وعندما أكّد واعيًا، هادفًا أنه قرأ مؤلفات جان جاك روسو، ولاسيما «العقد الاجتماعي»، وكذلك «روح الشــرائع» لمونتسكيو، وأولى عناية لمؤلفات جان جاك بورلماكي، وفولتير , لماذا لم تنجح حركات التنوير العربية في مختلف مراحلها التاريخية في إرساء أسس الدولة المدنية، وبقيت النظرية بعيدة عن التطبيق منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن الحادي والعشرين؟ ولماذا بقي جل حاملي لواء الفكر التنويري العربي - منذ عصر الشيخ رفاعة حتى اليوم - يركضون وراء الركب السلطاني، ويسبّحون أناء الليل وأطراف النهار بحمد «ولي» النعم، كما اعتاد أن يطلق الطهطاوي على حاكم مصر الى أن جاء مثقف مصرى يحمل فيلم البحث عن رفاعة الطهطاوى !
إن إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمع العربي الإسلامي مرتبطة - وثيق الارتباط - بتاريخ تيارات الفكر الإسلامي، وهي إشكالية مطروحة اليوم. نجد لمسألة علاقة المثقف بالسلطة صدى في كثير من المجتمعات، وبخاصة في المجتمعات التي سيطرت عليها بالأمس - أو تسيطر عليها اليوم - نظم استبدادية، وقد اكتسبت خطورة ذات شأن في البلدان الغربية منذ عصر الأنوار، لاسيما في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولايزال الجدل قائمًا في صفوف النخبة المثقفة الأوربية حول قضية محورية وشائكة، تتمثل في محاولة الإجابة عن السؤال التالي: كيف استطاعت نظم استبدادية قامعة اشتهرت بمجازرها ضد الشعوب مثل النازية، والفاشية، والستالينية بالأمس، والصهيونية اليوم، أن تجد في صفوف «المثقفين» من يؤيّدها، ويحاول تبرير سياستها فكريًا باسم شعارات مختلفة؟

صلاح هاشم مخرج فيلم " البحث عن رفاعة "
 
هل فقد الأمل فى بصيص من نور يحمله المثقف المصرى ؟
 لا لم نفقد الأمل بل نجد أن ذلك البصيص من نور قادم من مثقف مصرى عاش استبداد السلطة المصرية وعاش الحرية الفرنسية هو المخرج والفنان والمثقف المصرى صلاح هاشم بتقديمه فيلم تسجيلى عن رفاعة الطهطاوى راكبا القطار الى بلده بحثا عنه ليعيد عليه ما صرخ به يوما : إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها !
وطرح المثقف المصرى صلاح هاشم على رفاعة سؤال محورى نفهمه من سياق العمل السينمائى الأول بعد قرنين على رحيل رفاعة , لماذا لم تنجح حركات التنوير العربية في مختلف مراحلها التاريخية في إرساء أسس الدولة المدنية ؟ وما أشدنا اليوم من أى وقت مضى الى رفاعة الطهطاوى وصلاح هاشم 
 .

ليست هناك تعليقات: