الثلاثاء، مارس 25، 2014

حوار مع الناقد صلاح هاشم مصطفى : النقد السينمائي يحتاج ثقافة موسوعية . أجرى الحوار عبد العليم البناء






في حوار مع الناقد صلاح هاشم:







    النقد السينمائي يحتاج إلى ثقافة
 موسوعية لأن السينما 
  هي جماع لكل الفنون

حاوره: عبد العليم البناء

صلاح هاشم كاتب وناقد سينمائي مقيم في باريس منذ اكثر من ربع قرن وله عدة كتب في السينما مثل (السينما العربية خارج الحدود) 1999م و(تلخيص الابريز في سينما باريس) 2004م و(السينما العربية المستقلة.. افلام عكس التيار).. وهو من جيل الستينيات في مصر وقبل سفره إلى فرنسا كان احد ابرز كتاب القصة إلى جانب محمد البساطي وابراهيم اصلان وجمال الغيطاني ويحيى طاهر عبد الله ويأتي صلاح هاشم من بعدهم وفي هذا المجال له مجموعة قصص قصيرة بعنوان (الحصان الابيض) صدرت في مصر عام 1976 وكتب في معظم الصحف والمجلات العربية الصادرة في باريس: الوطن العربي، كل العرب، المنار وشارك عضوا في لجنة تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية مثل مسابقة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي العالمي 1989 ومهرجان مونبليه للسينما المتوسطية ومهرجان 2000 الفني في سلوفاكيا وحاضر عن السينما العربية واتجاهاتها في العديد من المحافل السينمائية الدولية ان في بلاد العرب او خارجها فضلا عن تأسيسه موقع (ايزيس) السينمائي..



* التقيناه في الدورة الاخيرة من مهرجان الفيلم العربي الذي انعقد في روتردام اواخر ايار الماضي وكان لنا معه هذا الحوار الذي ابتدأناه بالسؤال عن هذا المهرجان فقال:
- المهرجان يحتاج إلى مزيد من الترتيب والتنظيم لاسيما على صعيد المحاضرات والندوات وبالشكل اللائق والاحترافي، وارى ان يكلف بها اشخاص اكفاء مسؤولون لا يحسنون فقط الترجمة وانما يحسنون عملية التنظيم وكذلك الثقافة السينمائية واعتقد ان في اطار الجالية العربية في هولندا من يستطيع ان يكلف بهذه المهمة.. واحيي في المهرجان الرغبة في المحافظة على ذاكرة هذا المهرجان وانجازاته كل عام وكذلك انفتاحه على افلام ذات موضوعات حساسة لاسيما تلك الافلام المتضامنة والمتفهمة لقضية ومأساة الشعب الفلسطيني في تظاهرة افلام من اجل السلام.
* وماذا عن السينما العراقية في هذا المهرجان تحديدا وفي المشهد السينمائي العربي عامة...؟
- لا توجد سينما عراقية ولكن هناك افلام عراقية وهناك محاولات لخلق سينما عراقية جديدة موزعة على عدة اقطار وبلدان خارج العراق نفسه ولذلك يكون الحديث عن السينما العراقية هو الحديث عن هذه المحاولات.
* اذا كان الامر كذلك فما هو المطلوب من هذه السينما؟
- اظن ان مهمة السينما العراقية الجديدة كيف تحافظ على ذاكرة الخراب في العراق وتصنع نظاما من الفوضى وتستشرف آفاق سينما عراقية جديدة.. واظن ان محاولة المخرج العراقي سعد سلمان الذي يعيش مغتربا في باريس منذ اكثر من 30 عاما التي تجسدت عبر فيلمين هما (العراق اون اوف) التسجيلي وفيلمه الروائي الاول (دردمات) بما افرزته من نتائج يمكن ان تكون دراستها وتحليلها مثمرة ومفيدة جدا للسينما العراقية.
وهنالك فيلم (غير صالح) لعدي رشيد الذي احببته وكنت اتوقع ان يكون فيلماً مبهرا لكنه انحرف عن المسار وانتهى بسقطة حيث استحوذ ما هو درامي اي متصل بالكلمة والديالوغ والمونولوج على ما هو بصري في حين ان السينما تصنع في اللحظات التي تكون بين لحظات الكلام ولحظات الصمت واعتبر ايضا ان ارقى الاشكال السينمائية الصامتة التي تتواصل من خلال عنصر الصورة وتبتكر وتخترع في المعمل السينمائي بأنجازات الصورة المدهشة، وقد اعجبني فيلم (احلام) لمحمد الدراجي وكتبت عنه على الرغم من بعض التحفظات الشكلية على الفيلم.
هذا النوع من الافلام مثل (احلام) مطلوب ومطلوب للتواصل مع اوسع جمهور للسينما وليس للمتخصصين.
* اذا... هل يمكن الرهان على مستقبل محدد وواضح للسينما العراقية؟
- اعتقد ان رهان المستقبل للسينما العراقية يقوم على معرفة كيفية الاستفادة من تجارب وخبرات السينمائيين العراقيين الذين يعيشون في المنفى في جميع بقاع الارض، واعتقد ان احدى مهام هذه المجموعة هو مساعدة المبادرات السينمائية الوليدة التي يمكن ان تنبثق من داخل العراق ذاته..
* وماذا عن السينما العربية..؟
- السينما العربية تعاني من امرين، الأول الاستبداد الداخلي بجميع اشكاله ومتسع الحريات في مناخات اللاديمقراطية والثاني ان التلفزيون اصبح وباء سرطانيا يجب محاربته بجميع الاشكال فصارت السينما مطالبة بأن تجدد وتبتكر صورة اخرى اقرب إلى الواقع من الصورة التي يبثها التلفزيون حيث ان صور الحروب والكوارث صارت الان مألوفة ومعتادة ولا تثير حراكا فعندما تصور الحرب في التلفزيون على انها شيء تافه ومبتذل تنهض السينما بصورة اخرى مغايرة لكي تقول لنا ان هذه الحرب او اية حرب اخرى هي البربرية بعينها، وانطلاقا من هذا وغيره اعتبر ان وظيفة السينما العربية ان تقف ضد الظلم لكنها لكي تقف ضد الظلم يجب ان تكون في المحل الاول فنا سينمائيا يقترب اكثر من روح ومفهوم الصورة الحديثة اكثر من انتمائه للفن الدرامي الاذاعي الذي يعتمد على الكلمة..
* إلى ذلك، كيف يمكن للنقد السينمائي الذي تعدون واحدا من أعلامه ان يسهم في النهوض بالسينما العربية؟
- اعتقد ان النقد السينمائي لا يمكن -على اغلب ما يكتب في الصحافة- ان يطلق عليه نقدا سينمائيا واعتقد ان الكلمة التي قالها احدهم: عندما اسمع كلمة النقد السينمائي ابحث على الفور عن (غدارتي).. اظن ان النقد السينمائي هو الذي يفهم السينما لا كوسيلة من وسائل الترفيه على الرغم من ان ذلك متحقق في السينما الخالصة ولكن يفهم السينما كأداة تفكير في مشاكل ومتناقضات المجتمعات الانسانية الجديدة من ازمات وحروب وتلوث وامراض.. الكتابة عن السينما تعني ترسيخ(رؤيا وفلسفة) اي رؤيا في الحياة وفلسفة للواقع ولكي نفهم ونحب السينما ليس المطلوب فقط ان نحكي عن قصة الفيلم وموضوع الفيلم ولكن يجب ان نحكي ايضا كيف تطور الافلام حتى فن السينما ذاته من خلال التجريب والابتكار والابداع في الورشة السينمائية.
* وماذا عن ثقافة الناقد السينمائي؟
- الكتابة عن السينما تحتاج إلى ثقافة موسوعية شاملة لانها -السينما- جامعة لكل الفنون واحب ان اركز على الدور التعليمي الذي يقوم به النقد السينمائي لتفتيح العقول والاذهان والتواصل مع التجارب الجديدة في العالم، وكما يقول المخرج السينمائي الهولندي العظيم (جوريس ايفانس): ليس مهما ان يكون النهر طويلا او عميقا لكن المهم معرفة ما اذا كانت الاسماك سعيدة فيه.
واعتبر ان رهان المستقبل على مستوى السينما العربية سوف يكون باتجاه سينما الواقع اي السينما الروائية التي تستفيد من منجزات الفيلم التسجيلي وتمسك بتوهج الحياة ذاتها اذ انها سوف تكون عندئذ صورة تشبهنا اكثر وتعكس هموم الانسان العربي.. رهان السينما العربية سوف يكون قائما على حراك اكبر للجمعيات السينمائية الاهلية المستقلة وتشجيع مبادراتها الخلاقة..
* وما هو جديدك على صعيد التأليف؟
- اولا انا اسست مجلة سينمائية على الانترنيت بعنوان (ايزيس) لاحياء ذكرى دار عرض كانت موجودة في حي السيدة زينب في مصر، وهذه المجلة تعنى بفكر السينما المعاصرة فقط وليس اخبار النجوم وهي ارضية لخلق مشروعات سينمائية مشتركة مع المؤسسات الثقافية والمهرجانات السينمائية لخلق حركية اكبر وتفاعلية اكثر تأثيرا في الواقع السينمائي العربي داخل وخارج الحدود.
وثانيا سوف تصدر عن الموقع ذاته كراسات سينما ايزيس وهي كتيبات بحجم الجيب تناقش وتعرض لحالة السينما في العالم وهي ترجمة وتأليف لي ولاخرين بالتعاون مع مجلة(كراسات السينما الفرنسية) و(الدار) للنشر والتوزيع في مصر.
وسيصدر لي عن المركز الاعلى للثقافة في مصر كتاب(السينما عند العرب) الذي اناقش فيه انتاجات السينما العربية الجديدة في البلدان العربية روائيا وتسجيليا وبالذات في السنوات الاخيرة اضافة إلى كتاب بعنوان(اطلس السينما العربية) عن اكاديمية الفنون في مصر ويتحدث عن وضعية السينما في العديد من البلدان السينمائية في العالم كفرنسا والهند وايطاليا ويعرض لظاهرة الافتتان بالشرق في السينما الغربية.

عن جريدة " المدى " العراقية



ليست هناك تعليقات: