الاثنين، مارس 03، 2014

فجر يوم جديد : " خبير وطني " لإجهاض مهرجان الاسكندرية السينمائي بقلم مجدي الطيب


فجر يوم جديد
زاوية يكتبها
مجدي الطيب




«خبير وطني» لإجهاض مهرجان القاهرة السينمائي !

بقلم
مجدي الطيب 




magdytayeb@yahoo.com

  

في إطار سعي الدولة المصرية لترشيد الإنفاق،والحد من إهدار المال العام،طلب الجهاز المركزي للمحاسبات تحديد مهام عمل من يشغل منصب «المستشار» في أجهزة ومؤسسات الدولة،الذي يُصرف لشاغله سيارة خاصة،ويتمتع بصلاحيات خاصة،والحد من المكافآت الباهظة،والامتيازات المُبالغ فيها،التي يتحصل عليها شاغلوها. وفي محاولة للالتفاف على التوصية الحكومية الرسمية لجأ بعض الوزراء إلى تدشين مصطلح وظيفي جديد جرى إضافته إلي الوظائف الحكومية المصرية‏ تحت مسمى «خبير وطني»،وهو منصب شرفي يتولاه موظفو الدولة بعد إحالتهم للتقاعد،بحجة الاستفادة من خبراتهم،ويتقاضى من يشغله مكافأة شهرية قدرها  4 آلاف جنيه يتم اقتطاعها من صناديق المكافآت الخاصة بالدولة،على حساب الموظفين الصغار،من دون أداء عمل حقيقي يقوم بأدائه «الخبير الوطني»،بل يكرس منصبه إهدار صارخاً للمال العام تحت سمع وبصر الحكومة نفسها !
  «خبير وطني»،هي في الحقيقة،وظيفة «تحايلية»،«فضفاضة»،ليست لها توصيفاً دقيقاً أو مدلولاً مفهوماً‏،مثلما لا توجد معايير ومواصفات واضحة لمن يشغلها،وتذهب ـ في الغالب ـ إلى المحظوظين،والمقربين،وماسحي الجوخ من المنافقين كمكافأة لهم عن تفانيهم في خدمة هذا المسئول أو ذاك،كما تسيء،في حقيقة الأمر،إلى شاغلي الوظائف الحكومية الأخرى،كونها تتهمهم ـ ضمناً ـ بأنهم غير وطنيين أو عملاء في أضعف الأيمان !
  كان د.علاء عبد العزيز وزير الثقافة السابق هو أول من لجأ إلى هذه الحيلة العجيبة عندما أصدر قراراً بتعيين الناقد المسرحي د.أحمد سخسوخ العميد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية في منصب «خبير وطني» للمسرح،ما أثار غضب وحفيظة ما يُسمى «ألتراس وزارة الثقافة»،وطالب الوزير،عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيس بوك»، بسحب قراره المخالف للقانون.وكشف في بيان أصدره أن «محاربة الفساد لا يكون باختيار،وتعيين،شخصيات وفق منطق المحاباة».وتساءل البيان : «ما هى تخصصات الخبير الوطني وصلاحياته أم أن ذلك إلغاء لأدوار القائمين بالفعل على إدارة أجهزة وزارة الثقافة،وإهدار للأموال مع قلتها؟».واختتم البيان بالقول إن «القرار يتعارض مع وعد سابق بضرورة الاعتماد على الكفاءات الشابة بالوزارة وهمٌ كثر،ويمثل تحايلاً على القانون،وتعدياً على مناصب ودرجات وظيفية ولجان رسمية،ويُعد انحداراً وبداية سقوط مدو» !
  حدث هذا في عهد الوزير،الذي اتهم بأنه محسوب على «جماعة الأخوان المسلمين»،لكن المفاجأة ـ الصدمة ـ تمثلت في أن د.محمد صابر عرب،الذي تولى وزارة الثقافة،عقب الإطاحة بحكم الأخوان،لم يتعظ بما حدث لسلفه،وسار على نهجه بالضبط،عندما فاجأ الوسط الثقافي بإصدار قرار يقضي بتعيين الدكتورة ـ وهي بالمناسبة ليست دكتورة بل موظفة سابقة بهيئة قصور الثقافة أحيلت إلى التقاعد ـ «مستشارا لشئون المهرجانات المصرية المحلية والدولية،بكافة أنواعها السينمائية والتسجيلية والطفل والمسرحية،التي تشرف عليها وزارة الثقافة،وتحصل على أي دعم منها،وذلك للنهوض بالمستوى الفني والإداري للمهرجانات» !


الناقد السينمائي الكبير سمير فريد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

  خطورة القرار أنه سيكون سبباً في صدام وشيك بين «المستشار»،التي كانت تشغل،حتى وقت قريب،منصب نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،والمهيمنة الفعلية على إدارته،والناقد الكبير سمير فريد،الذي أصدر نفس الوزير قراراً بتعيينه رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي،لكنها رفضت التعامل مع «فريد» عندما عرض عليها الاستمرار في منصبها،وفضلت الانسحاب،غير أنها ستصبح،بمقتضى القرار الجديد للوزير،«المسئول عن شئون المهرجانات المصرية المحلية والدولية،التي تشرف عليها وزارة الثقافة،وتحصل على أي دعم منها» بل أنها بحكم ما يخوله لها القرار من مسئولية «النهوض بالمستوى الفني والإداري للمهرجانات» قد ترى،حسب اعتقادها،أن مهرجان القاهرة السينمائي ملكية خاصة بالنسبة لها،أن الفرصة مواتية،بقوة،للعودة إلى المهرجان من الأبواب الخلفية،وقد تمنح لنفسها حق التدخل في صميم مسئوليات،واختصاصات،الرئيس الجديد للمهرجان ـ الناقد الكبير سمير فريد ـ وتصفية الحسابات القديمة معه،وربما تصل الأمور إلى حد استفزازه،بالدرجة التي تدفعه إلى تقديم استقالته من منصبه !
  أي ارتباك هذا ؟ وكيف فات على وزير الثقافة،ومستشاريه،إدراك أن قراراً كهذا قد يتسبب،بمقتضى حيثياته المشوشة،وغياب الدقة عن عباراته،في نشوب حرب شعواء تأكل الأخضر واليابس في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،وتحول دون انطلاق دورته السادسة والثلاثين في موعدها المتفق عليه في الفترة من 21 إلى 30 سبتمبر 2014 ؟،وأي عقلية تلك التي تدفع البعض إلى النظر إلى هذا المهرجان العريق بوصفه طفل «لقيط» أو ابن «غير شرعي» من حق أي شخص أن يدعي أبوته أو يسعى لانتزاع حضانته !

ليست هناك تعليقات: