الخميس، يناير 28، 2016

مصر وطن يحرسه النيل وجامع الحسين والكنيسة المعلقة بقلم يسري حسين



مختارات سينما إيزيس
كتابات حرة تعجبنا ونعيد نشرها هنا
في الفن والثقافة والسياسة
 والمعارف الجديدة



 المتضامون مع القبح ومعاداة الجيش يراهنون على تدمير مصر..لكن


مصر وطن 
يحرسه النيل وجامع الحسين والكنيسة المعلقة

بقلم


يسري حسين
كاتب وناقد مصري مرموق مقيم في لندن


خلال مسرحية ( عائلة الدوغري) للكاتب نعمان عاشور حضرت شخصية ( الطواف ) التي أداها على خشبة المسرح القومي الفنان شفيق نورالدين وجسدها بتإلق كما رسمها المؤلف وأضاف اليها وهجه الخاص.
الطواف هو رمز للشعب المصري والطبقات الكادحة ،التي عانت خلال التاريخ ولم تجد من يحنو عليها ويمنحها حقها في الحياة.
ارادًالمؤلف كشف القهر الطبقي وأنانية الطبقة الوسطى التي استغلت الفقراء ونهبت قوتهم ولم تفكر للحظة في مصير طبقات تخدم المجتمع ولا تجد الكساء أو الدواء ،وأنما سخرية وتهكم.
يظل الطواف يصرخ خلال المسرحية ويطلب من حسن لاعب الكرة شراء حذاء له،لأنه عاش كل عمره يسير حافي القدمين،ولم تفكر عائلة الدوغري شراء هذا الحذاء.
يقول له حسن أنه ظل عمره كله دون هذا الحذاء فلماذا الآن؟. يقول الطواف إنه تعب من الحفاء ويطلب من حسن أصغر ابناء العائلة تحقيق حلمه قبل الموت.
يتهرب حسن - إدى الدور الفنان الممثل القديرعبد المنعم إبراهيم - من إلحاح الطواف. كان المؤلف يعتقد أن الجيل الجديد سيتعاطف مع الطواف الذي حمل أطفال الأسرة وكان يذهب بهم الى المدارس،لكن الطبقة الوسطى الخارجة من الريف وترقت بسبب الفلاح ،كانت دائما انانية حتى الشرائح المثقفة ،واذكر في فيلم ( في بيتنا رجل) الذي يتحدث عن النضال ضد الأستعمار وجود خادمة صغيرةالسن تعمل في منزل الأسرة التي يختفي في منزلها المناضل الذي أغتال رئيس الوزراء ،وهذا كان حال عبودية في منازل مصرية تقنن الظلم وترعاه.
نجيب محفوظ فضح تلك الطبقة أيضا في روايته( ثرثرة على النيل) فعندما خرجت مجموعة أصدقاء العوامة بعد ليلة من السكر وتدخين الحشيش قتلوا فلاحة كانت تعبر الطريق ،ولم يفكروا للحظة للوقوف ومحاولة إنقاذ تلك الفلاحة الفقيرة.
كانت تلك المجموعة تعيش على الهامش بأرادتها وغرقت في جلسات الحشيش واللهو ،وادعت معاناة من أحباط وقبضة السلطة ،لكن عند أختبار موقفهم تجاه الطبقات الفقيرة والتي تعاني قسوة الحياة ،جاءت جريمة تملك تلك الرمزية الواضحة عن التفسخ والأنانية وعدم التفكير في الآخرين الذين لا يجدون القوت ،بينما شلة العوامة يصرفون الأموال على النساء والحشيش ويتحدثون عن أزمة مثقفين.
كتاب الواقعية فضحوا نفاق الطبقة الوسطى وتعاليها على الطبقات الكادحة والفقيرة ،خاصة ابناء الريف. وقد نجح يوسف إدريس في إسقاط حاجز النفاق وصور الطبقات المصرية التي تملك الثروة والوظائف وهاجم تجاهل الأستغلال للفلاحين وأصحاب المهن اليدوية ولعل بيرم التونسي كشف الصمت والنهب لقطاعات المهمشين في المجتمع،وهو ما تحدث عنه يوسف شاهين في فيلمه( باب الحديد) فقناوي يعاني من الحرمان بكل إنواعه وهو ما دفعه للقتل.
سخرية ممثل شاب ومذيع من جنود مصريين من عمق الريف ،تكشف عن تحلل ابناء هذه الطبقة الوسطى التي تدعي أنها ثورية وتعبر عن غضب بسبب محاربة الشباب.
الممثل والمذيع في وضع اجتماعي ووظائف تدر عليهما دخلا محترما ،يأتي إليهما بسهولة فلا يفلحون إرضا . تدفق المال على شابين فاسدين فحبوا قتل الملل بالسخرية من مجندين بأسلًوب سافل ومنحط.
وقد استفزت تلك الطريقة المسافلة للتسلية كل المجتمع الا شريحة تعاني من أحباط مثل مجموعة عوامة نجيب محفوظ. لقد قرأت تعليقات منحطة تتحدث عن سياسة وشباب وثورة ،وكأن الثورة هي تدمير المجتمع كما يحلم الإخوان.
ثورة يناير إدت لحكم الإخوان ومازلنا ندفع ثمن مغامرة استهدفت تدمير الدولة المصرية وهؤلاء في حالة جنون والعزف على ألحان إخوانية مع أنهم ينتمون لليسار المفروض الدفاع عن الفقراء وليس العبث بهم بطريقة منحطة لا تليق لا بشباب أوحتى بشر ،لقد صدمت في زميلة أحترمها لتاريخ لها لكنه انطلقت تسخر من الجنود وهم حراس المدينة ولولا دورهم وتضحيتهم لكنا مثل العراق وسوريا.
المتضامنون مع القبح ومعاداة الجيش يراهنون على تدمير مصر لكن هذا الوطن يحرسه النيل وأهرامات الجيزة وجامع الحسين والكنيسة المعلقة وكل المصريين ابناء الأرض الذين دافع عنها محمد إبو سويلم في فيلم ليوسف شاهين في لقطة رمزية تفيض بالوطنية الحقيقية المدافعة عن أهالي بلدنا الطيبيين

ليست هناك تعليقات: