الجمعة، مايو 16، 2014

انطلاقة مهرجان كان 67 بفيلم " جريس موناكو " الفرنسي لأوليفييه داهان : هوليوود ضد ديجول بقلم صلاح هاشم



نيكول كيدمان في فيلم جريس موناكو
 
إنطلاقة مهرجان " كان " 67 بفيلم " جريس أميرة موناكو " الفرنسي لاوليفييه داهان :
هوليوود ضد ديجول. تحولات أميرة

بقلم

صلاح هاشم مصطفى




كان –  فرنسا . من صلاح هاشم
  
بحضور عدد كبير من نجوم السينما العالمية من أمريكا وفرنسا وايطاليا والقارات الخمس، من ضمنهم المخرجة النيوزيلاندية جين كامبيون، صاحبة فيلم " البيانو" البديع( السعفة الذهبية 1993 ) ،ورئيسة لجنة تحكيم الدورة 67 انطلق مهرجان " كان " السينمائي يوم الاربعاء 14 مايو..لكي يفسح شاشاته لعرض وتقييم ابرز إنتاجات السينما العالمية وحصادها المبهر خلال سنة..عبرتلك الأفلام التي تتضمنها قائمة الاختيار الرسمي، THE OFFICIAL SELECTION والتي اشتملت في هذه الدورة على اكثر من مائة فيلم جديد من انحاء العالم، تم اختيارها من بين اكثر من 1800 فيلما وصلت الى إدارة المهرجان،وتوزعت كما هو معتاد على عدة محاور اساسية، من ضمنها محورالمسابقة الرسمية للمهرجان التي تشتمل على أكثر من 19 فيلما، ومن ضمنها  ايضا فيلم " جريس موناكو " – خارج المسابقة –GRACE DE MONACO  للفرنسي اوليفييه داهان، بطولة النجمة الاسترالية نيكول كيدمان ( في دور جريس اميرة موناكو ) ،والممثل البريطاني توم روث ( في دور الأمير رينيه ) الذي عرض يوم الاربعاء في حفل افتتاح المهرجان..


     فيلم "جريس موناكو" : يروج لـ " وهم " الحكاية الخرافية لكنه لايحمل هما أو قضية


         
يعرض الفيلم لحياة النجمة الامريكية الشقراء جريس كيلي التي لمعت واشتهرت في هوليوود وأنحاء العالم بسبب الافلام التي مثلتها تحت ادارة المخرج البريطاني ملك الرعب الفريد هيتشكوك،وابرزها فيلم REAR WINDOWالذي مثلته مع جيمس ستيوارت،ويبدأ الفيلم بعبارة مكتوبة على الشاشة مأخوذة عن جريس كيلي ذاتها تقول فيها "ان فكرة ان الحياة التي عشتها والشهرة العالمية لتي حققتها لنفسي في السينما تشبه حكاية خرافية ،هذه الفكرة ذاتها هي حكاية خرافية ". ثم يكتب المخرج على الشاشة ان القصة التي سوف يرويها علينا الفيلم هي من نسج الخيال، ولاعلاقة لها بالواقع. وبالطبع يضحك النقاد في قاعة العرض في المهرجان عندما تظهر هذه الجملة على الشاشة، يضحكون بصوت جد مسموع يعلن عن سخريتهم وتهكمهم، لماذا ؟ لأن معظم الكتابات الصحفية التي صاحبت صنع وتصوير فيلم " جريس موناكو ركزت على النزاع الذي نشب بين مخرج الفيلم وموزع الفيلم في امريكا ، فقد اراد الموزع اجراء بعض التعديلات في سيناريو الفيلم، حتى يرضى عنه أهل الأميرة المرحومة في موناكو وعيالها وأولادها من اسرة غريمالدي..ويكرس لاسطورة النجمة التي هجرت هوليوود من اجل عيون الامير – وكانت التقت به في مهرجان " كان " السينمائي بالفعل وأحبته - كما في كل الحكايات الخرافية التي تكرس لاحلام السعادة التي تهبط بلا حساب من السماء ، وتجعلنا نصبر على الذل والقهر ولانعترض أو نتذمر، لكن ظل المخرج متمسكا برأيه وفيلمه من دون حذف ايا كان أو تعديل.. وأصر على ان يعرض في حفل افتتاح مهرجان " كان " السينمائي ويخرج بعدها للعرض بهذا الشكل..أي شكل يعني ؟ ..





ذات الشكل الذي خرج به فيلمه الأخير الجميل بعنوان "الحياة الوردية " LA VIE EN ROSE الذي يحكي عن المغنية الفرنسية إديت بياف والذي حقق نجاحا نقديا وجماهيريا ساحقا ،  في أنحاء المعمورة، وعلى أمل أن يكون فيلمه ذاك الجديد عن جريس كيلي بعد ان اعتزلت التمثيل ورضت بالأمير رينيه زوجا اشبه مايكون بالسيرة الذاتية للأميرة ، وتكريسا لتلك الحكاية الخرافية " المثالية " ذاتها التي تحلم بها السينما في هوليوود، وهي  تروح تبيع لنا " الوهم " والتي صنعت  في ذات الوقت لمصنع الاحلام في أمريكا مجده وزهوه وحققت له رواجه وانتشاره في العالم من خلال "الميلودراما "أي المبالغات العاطفية الميلودرامية التي احتشدت في فيلم " جريس موناكو" لتجعل منه أشبه مايكون برد اعتبار للنجمة الراحلة بعد موتها في حادث سيارة والترويج لمملكة اسرة جريمالدي التي تعد " جنة "لأثرياء العالم المتهربين من دفع الضرائب ، مثل اوناسيس، الذي يظهر طبعا في الفيلم،  ويقف ليساند الأمير في ورطته، وأكبر " كازينو" للعب القمار في العالم.ان جريس كيلي التي لانعرف عنها إلا انها النجمة الامريكية  الشقراء التي هجرت " مجد " هووليوود وتزوجت من أمير كما في الحكايات الخرافية ، كانت أكثر من ذلك..
                         
 كانت جريس " مناضلة " MILITANT   ضحت بالغالي والنفيس من اجل عيون الأمير ولولا انها تدخلت وتحولت من أميرة من أميرات الحكايات الخرافية الى " ناشط " ACTIVIST على كافة المستويات اجتماعيا وسياسيا  كما يكشف الفيلم و" مكافحة" من طراز مثالي نادر لكانت أميرة موناكو اليوم مجرد قطعة من فرنسا، فقد كان الرئيس الفرنسي ديجول يريد تمويل مصاريف حربه الباهظة على الجزائر في فترة الخمسينيات  فطلب من امير موناكو أن يفرض ضرائب باهظة على رجال الاعمال والأثرياء الذين يقطنون الولاية أنذاك، ومن ضمنهم  رجل الاعمال اليوناني ملك ناقلات البترول أوناسيس، وهدد ديجول بأنه إما دفع تلك الضرائب ، أو ضم إمارة موناكو الى فرنسا،..
وهنا كان على الاميرة ، التي  نلتقي بها في القصر بعد مضى 5 سنوات على زواجها ، كان عليها ان تكف عن الشكوى - كما فعلت حين التقت بالمخرج البريطاني ملك الرعب هيتشكوك في  المشهد الأول من الفيلم – وتدخل في سلسلة " تحولات " ميتامورفوزم – لتصبح تلك المناضلة التي تحدت ديغول ، وأنقذت الامارة التي لم ينجح لا ملك ولا وزير في كل تاريخ فرنسا في ضمها الى فرنسا الكبري كما حدث مثلا مع اقليم الالزاس، ويجعلنا الفيلم نشهد صعود أميرة من حالة الغيبوبة التي كانت تعيشها بعد ان صدقت حكايتها الخرافية، لتصبح بعد ان تعلمت اصول الاتيكيت ووكيف تسيطر على أحزانها ومشاعرها وأعصابها ، تصبح " بطلة " بجد تستحق تقديرنا واعجابنا، ونقوم ونضرب لها بعد ان اكتشفنا كيف صمدت وتحملت بصبر حياة الملل التي تعيشها الاميرات المحبوسات الذليلات في الاسي داخل القصور، وكيف أنقذت الأمير من مؤامرة كانت تحاك في الخفاء بواسطة شقيقته  لخلعه عن عرش  الأمارة ، واحلال إبنها مكانه ، بالتواطؤ مع الرئيس الفرنسي ديجول..
فيلم " جريس موناكو " لاوليفييه دهان يسير مثل قطار على شريطين : شريط "المبالغات العاطفية الميلودرامية  الهوليوودية المعتادة بتوابلها المعروفة – وفي كل عناصر الفيلم، من أداء وتصوير وتمثيل الخ بقصد الابهار الجمالي والحسي والسياحي أيضا، بحيث يمكن أن يعتبر الشريط بمثابة أكبر وأغلى "بروشور" - إعلان دعائي- لامارة موناكو ووضعها ووضع اسرة جريمالدي من جديد في صدارة صحف التابلويد والاثارة ومجلات البيبول الشعبية – للاستهلاك المحلي، وقد بلغت تكاليف انتاج الفيلم اكثر من 20 مليون يورو – وياله من " ترف " واستعراض عضلات " اخراجية " فارغ ! اذا هززته فلن يسقط منه شييء، فهو مثل كل البضاعة الملفوفة في ورق سوليفان والخارجة لتوها من فرن مصنع الافلام في هوليوود لايحمل هما أو قضية ..

ليست هناك تعليقات: