الخميس، مايو 01، 2014

هالة لطفي تطرح بفيلم " الخروج للنهار " بديلا لأفلام الهراء العام ، وتحقق إنجازا سينمائيا باهرا بقلم صلاح هاشم


فيلم " الخروج للنهار" لهالة لطفي

هالة لطفي تطرح بفيلم " الخروج النهار " 
 بديلا لأفلام الهراء العام
 وتحقق إنجازا سينمائيا مغايرا
من خلال " إختراع النظرة "


بقلم

صلاح هاشم


ترصد عين هالة لطفي في فيلمها " الخروج للنهار " الذي شاهدته في مهرجان الاسكندرية " ترصد واقع مثلث أسري مكون من اب عاجز ومشلول، ووزوجته التي تعمل ممرضة ، ثم ابنته التي تعيش على رعاية الاب والسهر على راحته ، وغسيله واطعامه ، وتتبادل الاثنتان المهمة بصبر وطول بال وجلد وشجاعة "قدرية" متناهية، ومن خلال الاحداث التي تعيشها الاسرة أو ذلك المسلسل، وكان يمكن أن تؤسس هالة من خلاله لفيلم روائي قصيرليس إلا ، تؤسس هنا هالة لطفي لفيلمها الروائي الطويل الأول من خلال بناء فيلمي يعتمد على تراكم التفاصيل الصغيرة في مايطلق عليه THE CIRCUMSTATIONAL METHOD OF NARRATION ، والاعتماد على ممثلين غير معروفين أو يقومون بالتمثيل هنا لاول مرة، فليس في الفيلم  " نجوم " ، أو عقدة أو حبكة أو حكاية أو سيناريو جاهز و مكتوب 
كما هو الحال مع افلام السينما التجارية..
 بل هناك : "مناخ " من الأسي والحبس والقهر، و" جو " و " تشخيص دقيق لـ " حالة "، والتركيز على وحدة المكان ..

 

 ومن خلال تلك المتابعة الدقيقية لذلك المثلث، والكلمات القليلة المتبادلة بين أطرافه الثلاثة، تنسج هالة لطفي نسيجا سينمائيا رفيها وشاعريا بحس راق، ثم وعندما تخرج الفتاة الى الشارع ، تلتقي في سيارة ميكروباص بفتاة تروح تسرد عليها مشكلتها، من جملة المشاكل الحياتية التي تعيشها فتيات الاسر المصرية الفقيرة الغارقة في الجهل والتخلف ،وأمراض الكبت الجنسي المروع، والايمان بالخرافات وكل هذه الاشياء والأحداث المخيفة مثل أن تختطف فتاة في الشارع، أو تغتصب فتاة صغبرة ثم يلقي بها من فوق سطح بناية الخ ، والتي اصبحت مادة لصفحات  الحوادث في الصحف، فنتاسي أيضا لحالها ، بزيادة..
 وحين تخاطب بطلتنا هاتفيا صديقا لاتعرف ان كان يحبها،  ولاتعرف أيضا ان كانت تحبه - ونغرق جميعا معهما في حياة " الوهم " ، وهل لديه او لديها وقت للحب في تلك الحياة المصرية البشعة التي تحولت الى غابة تسكنها الوحوش الادمية أيضا ؟، حيث يحاول سائق تاكسي اثناء توصيلها الى منزلها في الليل الاعتداء عليها، نتثبت في المكان، وندخل في لحم الفيلم ، ونشاهد في " سوناتة " الخروج للنهار" صورة تشبهنا " وتشبه كل هذه الأسر المصرية التي نعيش بين ظهرانيها والتي خرجنا منها،
لايوجد فيلم في فيلم " طلوع النهار " بل يوجد فقط " سينما " بجد ،  سينما من الفستق المقشر ، " سينما " خالصة حلوة، اريد أن أقول، سينما هالة لطفي "الشخصية "من النوع النادر الهاديء الهامس الذي يصنع في لحظات الصمت بين مشهد ومشهد كما عند المخرج الفرنسي الكبير روبير بريسون وتأسرنا، بإيقاعها وتوهجها، ومن دون رغي وكلام وثرثرة فارغة عقيمة، كما في جل افلام السينما المصرية التافهة في أفلام " الهراء العام " NONSENSE التي تصنع بالورق  الجاهز وخبط الحلل ..

 حين لاتقدم لنا هالة لطفي في فيلمها مانعرف اننا نريده، وتعودنا عليه،  بل مالانعرف اننا نريده ، ونكتشفه هنا لأول مرة من خلال "اختراع النظرة" - أعني " الرؤية " الخاصة لهالة لطفي ( عين على الوطن: ومأساة الحياة والعجز والمرض في بلد الغربة والاسياد الفاسدين العجزة، وعين على السينما الخالصة : - الكتابة بالضوء - التي تتخلق في اللحظة ومن خلال  بضع وريقات مكتوبة كسيناريو ومفتوحة على كل الاحتمالات ) التي تؤسس لنوع من الترقب والتوتر SUSPENSE ولذلك نظل مشدودين الى مقاعدنا طوال فترة عرض الفيلم وتكاد وجوهنا ان تلتصق بالشاشة من فرط التاثر والاحساس بماساة وظلم وقهر الحياة في مصرعلى أهلها البسطاء الفقراء المعدمين.ونخرج من فيلم الخروج للنهار  ونحن نلعن الظلم ، وندعو ذلك النهار الذي لايبدو له أي أثر في الافق أن يصعد ويطلع سريعا، فحتى بعد ثلاث ثورات في مصر لم يطلع ذلك النهار بعد، ولن تجد جثث الموتى الملقاة في الشوارع والمستشفيات ركنا لها في الثري،  يحنو عليها ، بعد فوات الأوان،  ويأويها..اللعنة .
تحية الى هالة لطفي  من خلال إختراع " النظرة " على إنجازها السينمائي الباهر الذي يبدو لنا في "شموليته" الفنية أقرب مايكون " الى مقطوعة موسيقية من نوع "السوناتة" ويستحق المشاهدة عن جدارة..

ليست هناك تعليقات: