الأربعاء، يونيو 17، 2009

شاشة باريس 2009فيلم " البحث عن ايريك" بقلم صلاح هاشم

صلاح هاشم



كانتونا علي اليمين مع كين لوش ولقطات اخري من فيلم كين لوش الانساني الجميل


صباح الخير يافرنسا

شاشة باريس 2009



اول فيلم يصالح بين عشاق السينما وعشاق كرة القدم بسحر السينما الفن

" فيلم " البحث عن ايريك " لكين لوش الذي خرج حديثا للعرض في فرنسا

يحقق " اضافة " علي سكة سينما الواقعية الانسانية ا

التي يصنعها عميد الاخراج في بريطانيا "


بقلم صلاح هاشم

"

فيلم " البحث عن ايريك " : يقدم استكشافا لحاضر الطبقات الفقيرة المسحوقة في بريطانيا ويقول انه لاخلاص لنا من مشكلاتنا وازمات مجتمعاتنا،الا من خلال التعاضد والتضامن والمشاركة..الا باعمال"الخيال "الجامح و " الفانتازيا " واختراع " الحكايات الخرافية " من خلال السينما الفن "

*

قد لا اغالي او ابالغ ان قلت ان فيلم " البحث عن ايريك " للمخرج البريطاني الكبير كين لوش الذي خرج للعرض حديثا في فرنسا ، من أحلي وألطف وأجمل أفلامه، واكثرها التصاقا بمشاغل وهموم الواقع البريطاني اليوم، في ظل افلاس حزب العمال في الحكم وفضائحه،والحرب التي يشنها علي المسلمين بأسم مكافحة الارهاب في المملكة المتحدة. وكان الفيلم الذي يتميز ب " حس فكاهي " عال، ولا نظير له، دخل مسابقة مهرجان " كان " 62 الرسمية ولم يفز بشييء،علي الرغم من أن الغالبية العظمي من النقاد الذين حضروا وتابعوا أعمال المهرجان وأفلامه ،رشحوه معنا للحصول علي جائزة..

وكان عرض في منتصف أيام المهرجان تقريبا ، وكنا بالفعل تعبنا وهلكنا من تفجرات العنف في افلام المهرجان علي شاشة " كان "، وعشنا جهنم الرعب في أفلامه، كما في فيلم " ضد المسيح " للدانمركي لارس فون تراير وغيره. فلما عرض فيلم " البحث عن ايريك " الطيب الذكي ، كان مثل تلك النسمات الطازجة الطرية المنعشة القادمة من البحر، علي بعد أمتار فقط من قصر المهرجان، وقد هبت في وقتها، لكي تلطف من حارة " جو " الدورة 62 الملتهب ، بصخبها وعنف أفلامها..

كما كان " البحث عن ايريك " اضافة الي ذلك، مؤشرا علي أن كين لوش – من مواليد 17 يونيو 1936 بوارويك شاير انجلترا واخرج اكثر من 19 فيلما من ضمنها رائعته " الريح التي تهز الشعير " التي حصل بها علي سعفة " كان " الذهبية عام 2006 ، و " الملك "، كما يطلق عليه نقاد السينما في بريطانيا،يعود الينا مجددا في أحلي فيلم في المهرجان، وفي أحسن صحة ولياقة فنية عالية، وقد حقق الكثير في " البحث عن ايريك " وجدد دمه ، وهو يدلف بنا الي اعماق المجتمع البريطاني،ويتواصل هكذا كما عودنا في جل افلامه ، مع واقع طبقة العمال والبروليتاريا المسحوقة من المعدمين والمهمشين في مجتمعات الوفرة الغربية الاستهلاكية، و يحقق بفيلمه هذا "اضافة " جديدة الي انجازاته، علي سكة السينما الواقعية الانسانية..

يحكي الفيلم عن عامل بريد يدعي ايريك بيشوب ( يلعب دوره في الفيلم الممثل البريطاني العجوز القدير ستيف ايفيتس) ونراه في مكتب بريد في مدينة مانشستر وقد بدا حزينا ومهموما حتي ان زملاؤه في العمل يحاولون اضحاكه بأي ثمن ونتعرف من خلال تطور الاحداث في الفيلم علي مشاكله فهو يعيش من شابين ابنيه بعد ان طلق زوجته وله ابنة كبري من زوجته الاولي وكان تزوج مرتين وفشل، والشابان يحاولان التحايل علي الحياة بأية طريقة فاحدهما يدرس بينما يدع الآخر اصدقائه من الشباب الضائع الذي لايجد عملا فينخرط في اعمال الجريمة يترددون علي البيت في اي وقت ويجلسون امام شاشة التلفزيون لمشاهدة افلام البورنو والجنس والعري الفاضح ، وكلما عاد ايريك الاب الي البيت وجدهم يتفرجون علي احد هذه الافلام وهم يحتسون البيرة ويدخنون السجائر المحشوة بالمخدرات

كما نتعرف من جانب آخر علي ابنة ايريك الكبري التي تعمل وتدرس في الجامعة وتطلب من الاب من وقت لآخر ان يكون جليسة اطفال تسهر علي طفلها كما تفعل امها زوجة ايريك الاولي وكان طلقها بعد ان عاش معها قصة حب حقيقي انتهت للأسف بالخراب، فقد هجر ايريك عش الزوجية فجأة ومن دون سبب واضح واختفي نهائيا وترك زوجته حبيبته وهي حامل، ونتعرف علي تلك الحكاية من خلال بعض المشاهد الاسترجاعية في الفيلم التي تعود بنا الي ماضي حبهما وتأثيراته النفسانية المدمرة علي حياتهما في الحاضر، فمازال جرح الفراق وايام السعادة التي عاشها سويا في الماضي وانقضت الي الابد مازال ينزف ، كما ان حياة ايريك العابس المهموم دوما ، ولا تنفع المقالب او النكات التي يخترعها اصدقائه في مكتب البريد لاضحاكه ، مازالت حياته النفسانية والعاطفية هذه تبدو كصحراء قفر موحشة، وعليه ايريك ان يخترع لنفسه حياة جديدة والا سقط في هاوية العدم . أللعنة..

وكلمة اللعنة هنا اي ( فاك ) بالانكليزية ، ليست من عندنا ، بل انها الكلمة " فاك اللعنة " التي ينطقها ايريك بين كل كلمتين: فاك ات ، فاك يو، فاك لايف ، وهي تتردد اكثر من ألف مرة في فيلم " البحث عن ايريك " كما لو كانت حبل غسيل يعلق عليه ايريك في الخارج وهو ينطق ويردد تلك الكلمة جهارا طوال فترة عرض الفيلم، كل لعنات الطبقة التي يمثلها في اجواء ازمة البطالة الطاحنة التي تشهدها بريطانيا وجيل الاطفال المتزوجات العازبات اللواتي ينجبن اطفالا ويعشن عالة علي مساعدات الضمان الاجتماعي وانتشار قيم الفردية والمادية والانانية في مجتمعات الوفرة البريطانية الاستهلاكية ان كل شييء في حياة ايريك صار لعنة: تللك الوحدة الموحشة بعد ان تقدم في السن وعليه الآن ان يقدم كشف حساب لنفسه وحياته ويعرف ماذا يريد أن يصنع بحياته فاك فاك فاك..

الجني كانتونا يظهر فجأة

ونتعاطف بطبيعة الحال مع شخصية ايريك في الفيلم ونأسي نحن ايضا لحاله، حين يجد نفسه في وحدته ولا يوجد من يتحدث معه، يروح بعد ان دخن سيجارة حشيش يكلم صورة بالحجم الطبيعي لايريك كانتونا لاعب كرة القدم المهاجم الفرنسي الشهير الذي لعب لنادي مانشستر يونايتد وصار نجما وعرف عنه مزاجه الناري وتمرده وثورة غضبه علي الاداريين واللاعبين المنافقين ، وكان ايريك كما عرفنا سابقا من خلال احداث الفيلم يشجع مع بقية زملائه في مكتب البريد ناديهم المفضل مانشستر يونايتد ويحتفظ بتلك الصورة بالحجم الطبيعي لنجمه ولاعبه المفضل كانتونا في غرفته

وفجأة وهو يشكو حاله لنفسه اذا بايريك كانتونا الفرنسي ، يظهر لصاحبنا ايريك البريطاني في الغرفة ، بلحمه ودمه، ويتصور ايريك انه فقد عقله وجن ، الا ان ايريك كانتونا يقول له انه ايريك الحقيقي لاعبه المفضل وسوف يظهر له في اي وقت يريد ليساعده من واقع تجاربه وخبراته في حل مشكلاته، ويسأله مثل ذلك الجني الذي خرج من القمقم في فيلم " لص بغداد " شبيك لبيك ايريك كانتونا بين ايديك، ومنذ تلك اللحظة ينطلق فيلم داخل الفيلم ويظهر فيلم جديد وتتبدل حياة ايريك بيشوب تماما بعد ظهور ايريك كانتونا له، ويقدم الفيلم كشفا مثيرا فكاهيا ومأسويا في آن لعملية " التحول " التي يمر بها ايريك بيشوب اليائس من حياته المستسلم الي ايريك آخر، ونمر نحن ايضا كمتفرجين بنفس العملية عملية التحول التي يمر بها ايريك بيشوب لكي نخرج من نهاية ذلك النفق المظلم الموحش المرعب، و نحن نري قبسا من ضوء النهار لاشك سيقودنا الي الحياة في الخارج فرحها وبعجتها، فننهض من جديد ونمشي علي الشوك وبمساعدة بعض الاصدقاء المخلصين كما حدث لايريك نواجه الحياة وننتصر بتضامننا وتآخينا علي الفناء والموت

فيلم " البحث عن ايريك " يقدم فلسفة حياة ، وهو يعرض لمشاكل المجتمع البريطاني حيث تهاجم الشرطة دار ايريك للبحث عن مسدس اخفاه ابنه في ركن من الدار نزولا علي طلب صديق مجرم له وكان استخدم المسدس في اقتل احد اعضائة كما يحدث لتصفية الحسابات بين عصابات الاشرار في بريطانيتا، ويعتبر هذا المشهد من ارعب المشاهد المخيفة في الفيلم التي ارتعبت لها وصدمني فيه عنف هجوم رجال الشرطة علي البيت اثناء الاحتفال بعيد ميلاد ايريك في الفيلم وكان بدأ عند تللك استعادة العلاقة مع زوجته الاولي وحبيبته ودعاها لزيارته مترددا وخائفا من عدم قبولها دعاها للبيت فوافقت وكانت الشرطة قامت بتلك الهجمة للبحث عن المسدس أداة الجريمة، وقد هزني هذا المشهد بقوة وكدت من هول الصدمة اقفز من مقعدي من الخوف والرعب، علي الرغم من وجود العديد من المشاهد العاطفية الشاعرية الرقيقة في الفيلم مثل مشهد أول لقاء بين ايريك وزوجته بعد مرور اكثر من عشرين عاما علي انفصالهما، و كذلك المشاهد الانتقامية الفكاهية الاخيرة في الفيلم، التي تجعلنا نصفق لتلك " الحيلة " الملهمة التي توصل اليها ايريك بيشوب للانتقام من المجرم الذي كاد يودي بابنه الي السجن، وذلك من دون ان يتعرف المجرم علي فرقة الانتقام المكونة من ايريك بيشوب واصحابه في الشغل، ولن نسرد عليكم هنا وقائع الفيلم ونكشف سرها ،حتي لا نفسد عليكم متعة مشاهدته، والتصفيق ايضا له ، كما فعل جمهور مهرجان " كان " ، حين الفيلم عرض لأول مرة هناك..

عنصر الفانتازيا

بمجرد ظهور اللاعب النجم ايريك كانتونا يتغير الفيلم تماما، ليكون ظهوره بمثابة ظهور "المخلص " بالنسبة لايريك ، ويقوم كانتونا في الفيلم بلعب دور " الجورو " ، اي دور الاستاذ الحكيم المعلم الدليل المرشد الناصح ، بل انه وهو ينصح ايريك الآخر اليائس لينتشله من هاوية العدم ، ينطق ببعض العبارات الشهيرة الغريبة التي رددها ايريك كانتونا بالفعل في بعض المؤتمرات الصحفية الرياضية التي شارك فيها ، ويجعنا نكاد نفطس ونموت من الضحك ، بسبب من غرابتهاوغموضها، فيقول كانتونا مثلا وهو ينصح ايريك : " انا لست انسانا مثل بقية البشر، بل أنا اريك كانتونا " ويقول ايضا عندما يظهر عدة مرات مثل الجني في الغرفة، ثم يطلع مع ايريك بيشوب في الخارج لييدربه علي بعض التمرينات : " اعلم يابيشوب ان تللك الطيور التافهة التي تتبع مركبا في البحر، تحلق معه علي امل ان يلقي اليها ببعض الاسماك وفتات الموائد " كما يردد عليه عبارته الشهيرة : " اعظم انتقام هو العفو عند المقدرة " ويروح يتحدث كانتونا هكذا مثل حكيم، ويسخر هنا كانتونا من كانتونا ويتهكم علي نفسه ، مما يزيد من تأثير المواقف الفكاهية في الفيلم التي تصل الي لحظات سينمائية متوهجة لا تنسي ضمن سلسلة الافلام العظيمة التي صنعها ملك الاخراج في بريطانيا كين لوش ...

فيلم " البحث عن ايريك " يحقق اضافة جديدة الي اضافات كين لوش السينمائية، فهو فيلم واقعي انساني عميق جدا وخفيف الظل جدا وبروح فانتازية ،اذ يقدم من ناحية من خلال قصة ايريك بيشوب استكشافا جديد لواقع وعذابات الطبقات الشعبية في بريطانيا، ويمثلها ايريك بيشوب في الفيلم، بنفس روح ومنهج ومعالجة الفنان والمخرج الماركسي كين لوش الواقعية الذي يعتبر عميدا للمخرجين البريطانيين في الوقت الحاضر..

ومن جهة اخري يتعامل هنا كين لوش مع عنصر جديد هو عنصر الفانتازيا والخيال الجامح في الفيلم لكن بروح واقعية، وينعكس ذلك من خلال قصة ظهور اللاعب الفرنسي ايريك كانتونا الذي هجر الكرة وصار ممثلا وهو يمثل عنصر الفانتازيا في الفيلم، وهو الروح كما يريد ان يقول لنا كين لوش، الروح التي تحثنا علي اعمال الخيال الجامح، وتشغيله ، لأن حل مشاكلنا لن يأتي من الخارج ابدا، لكنه بدلا من ان يظهر في صورة الجني كما في فيلم " لص بغداد " يظهر بشكل واقعي جدا وبصورته الحقيقية..

فن ادارة الممثلين

واعتبر ان اجمل ما في الفيلم، بعد تحية كين لوش ودوره الرائع في تحريك وادارة الممثلين كل الممثلين كبارهم وصغارهم، هوعنصر المفاجأة في السيناريو ، والامساك عندها بلحظات الاثارة وتوهج المشاعر، اتعرفون ما فعل كين لوش الحكواتي الفطن البارع ؟ . حسنا ، انه لم يكتب سيناريو محكا ويصوره ، بل جعل السيناريو مفتوحا ، وتفتق ذهنه عن تلك الحيلة الرائعة، اذ جعل ايريك كانتونا يظهر فجأة ولأول مرة في الفيلم في ذلك المشهد الذي حكينا عنه ، من دون ان يخبر الممثل ستيف ايفيتس الذي يقوم بدور ايريك بيشوب بذلك، جعل لوش ايريك كانتونا يختفي خلف ستارة، ثم يظهر فجأة اثناء تصوير ايريك بيشوب اليائس في غرفته ، وهو يشكو لصورة كانتونا علي الحائط همه ، فاذا بايريك كانتونا كما لوكان بفعل شيطان او ساحر ، يظهر له فجأة.. ولم يكتب ذلك المشهد قط في سيناريو الفيلم بل اخترعه اثناء التصوير..

كما جعل ايضا رجال الشرطة من الممثلين في المشهد الذي ارعبنا، جعلهم يهجمون علي دار ايريك بيشوب لتفتيشها اثناء تصوير مشهد الاحتفال بعيد ميلاده ، كما لوكانوا رجال شرطة حقيقيين ، وصور ردود افعال الممثلين ورعبهم ودهشتهم تحت تأثير المفاجأة ، ولم يكتب في السيناريو عن حملة التفتيش المرعبة هذه ، ليمسك لاول مرة بمشاعر عفوية حقيقية من دون اخراج او تمثيل، ويمنحها لنا في الفيلم بواقعيتها وعنفها ببراءتها وعفويتها وطزاجتها، ولهذا نعتبر ان لوش حقق " اضافة " جديدة الي عنصر الاخراج في الفيلم ، وسمح لنفسه بفضاء حرية اكبر،لكي يكون الاخراج ممارسة حية مفتوحة علي متغيرات الواقع والحياة والظروف ، والتواصل مع الخيال الابداعي الملهم المانح الجامح في التو..

تحية الي الطبقة العاملة وروح التضامن

لقد بدا لنا فيلم " البحث عن ايريك " ايضا كما لوكان وهو يحكي عن الواقع البريطاني الحالي ويتفادي تجهم وقتامة بعض افلام كين لوش احيانا ، وبخاصة تللك التي يعالج فيها موضوعات تاريخية، بدا لنا ، ولم نستشعر فيه ذرة ملل، بل كدنا نفطس علي روحنا فيه من الضحك في الكثير من مواقف الفيلم ، بدا كما لو كان " قصة خرافية " تفلسف حياتنا ، وتجعلنا نعتمدعلي انفسنا، كما اعتمد ايريك بيشوب علي خياله، واخترع لنفسه كانتونا يسدي له النصح والمشورة والارشاد ، وكما اعتمد ايضا علي تضامن ومساعدة اصحابه ، ووقوفهم الي جانبه للخروج من نفق حياته اليائسة البائسة الي النور..

بدا لنا " البحث عن ايريك " ببساطته ومصداقيته، وفنه وخياله الجامح وهو يصالح بين عشاق السينما وعشاق كرة القدم في آن ولأول مرة – وفي الفيلم العديد من المشاهد التسجيلية لبعض المياريات الرائعة التي شارك فيها كانتونا ويكشف فيها عن عبقريته كلاعب كرة نجم مثل البرازيلي بيليه او الارجنتيني مارادونا ، ويقول في الفيلم ان التمرير افضل عنده من احراز الهدف - ..

بدا " البحث عن ايريك " كما لوكان " تحية " الي روح الصداقة والتضامن والنهوض وعدم الاستسلام لليائس، لكي نتصالح اخيرا مع انفسنا والعالم ، ونقترب اكثر بالسينما من انسانيتنا..

تحية الي كين لوش علي فيلمه الجميل الذي امتعنا ..

عن جريدة " نهضة مصر " بتاريخ الاحد 14 يونيو 2009

ليست هناك تعليقات: