الخميس، ديسمبر 27، 2018

صلاح هاشم من باريس الى مكتبة الأسكندرية . شهادة للتاريخ بقلم الأستاذ عاطف الصبروتي


صلاح هاشم من باريس الى مكتبة الأسكندرية

شهادة للتاريخ

بقلم

أ.عاطف الصبروتي


يوم الأربعاء الذى وافق 19 ديسمبر 2018 كنت أنتظره بشغف شديد , ومازلت أتذكره - وسوف أتذكره بحب كبير . حرصت أن أكون متفرغا - رغم مشاغلى الحياتية -  فى مساء ذلك اليوم .
هذه ليست المرّة الأولى التى أذهب فيها إلى مكتبة اسكندرية لحضور حدث فنى , فقد حضرت فيها عشرات وعشرات من الأحداث والأنشطة الفنية والأدبية المختلفة  .
لكن ، كان لهذه المرّة لها أهمية خاصة . لماذا ؟ لأن فيها شخص أعرفه من سنوات بعيدة , عندما كنت شابا منذ ربع قرن -  رغم أن وقتها  كان اللون الأبيض قد بدأ يزحف ببطء إلى شَعرى الأسود قبل أن يحتله تماما فى الوقت الحالى  -هذا الشخص هو الأستاذ صلاح هاشم الناقد السينمائى ومخرج الأفلام التسجيلية ومؤسس مهرجان " جاز وأفلام " والكاتب الأدبى.
إنه فى ذلك اليوم - الأربعاء - فى مكتبة اسكندرية سوف يلقى محاضرتين عن " تاريخ موسيقا الجاز " 


مجلة الفيديو العربي


أعرف صلاح هاشم من مقالاته التى كان ينشرها فى مجلة " الفيديو العربى "  التي كانت تصدر في لندن في فترة الثمانينات ، والتي كنت فى شبابى أتابعها بشوق ولهفة وانتظر وصولها عند باعة الصحف فى مدينتى - اسكندرية -حتى اشتريها فى الحال , وكانت هذه المجلة تصدر شهريا من لندن، ومتخصصة فيما يمكن أن نطلق عليه " ثقافة الصورة " , الصورة المتحركة , السينماوالفيديو , والصورة الثابتة التصوير الضوئى وكانت فى ذلك الوقت إحدى أهم نوافذى التى أطل منها على عالم السينما الرحب من خلال محتواها العميق والمتنوع والرشيق, وجمال ألوانها ، وطباعتها وورقها . وكان الأستاذ صلاح هاشم  هو المسؤول عن رئاسة تحريرها , والأستاذ سامى لمع هو المسئول عن تصميمها .  ومنذ ذلك الحين وانا حريص على قراءة أعماله, وحاليا اتابعه فى جريدة " القاهرة " .


صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة " القاهرة "
وكنت تشرفت بلقائه شخصيا مرّة سابقة، عندما استضافته إحدى الكيانات الثقافية الخاصة فى اسكندرية منذ عام تقريبا . وأردت أن أسعد برؤيته،  والحديث معه مرة أخرى فى ذلك اليوم بمكتبة اسكندرية.
كان عدد الحاضرين يوم 19 ديسمبر فى قاعة المحاضرات لابأس به ، نظرا لبرودة الطقس، وشدة الرياح واستعدادات الطلبة لأداء إمتحانات نصف العام .

أسطورة الجاز لوي آرمسترونج ملك الجاز في العالم

أبحر صلاح هاشم بالحاضرين فى رحلة ممتعة إلى ضفاف موسيقا الجاز , حيث مكان الارهاصات الاولى , والأسباب التى  ساعدت على بدء نشأتها , الذيوع والانتشار , و الخصائص والسمات , وغير ذلك من الامور المتعلقة بهذا النوع من الموسيقا .
ووصف هاشم المصريين في محاضرته بأنهم " جازيون بالفطرة  " لحبهم لموسيقا الجاز , واستخدام بعض المخرجين المصريين مقاطع منها فى بعض الافلام المصرية القديمة . اسمتع الحاضرون لعمل موسيقى جازي بعنوان " مدار " MADAR اشترك فيه عازفون من جنسيات مختلفة: يان جارباريك من المانيا ساكسفون وذاكر حسين من باكستان على الطبلة، وأنور ابراهيم عازف العود من تونس . وتطرق هاشم أيضا إلى موسيقى " البلوز " , ووجه الإختلاف بينها وبين موسيقا " الجاز "
الصفحة الرقمية للمكتبة، الأخبار المنشورة عن هذا الحدث الفنى الموسيقى، لم تشر إلى عرض أفلام، لكن كان داخلى إحساس، أنى سألتقى فى تلك القاعة الجميلة بمعشوقة صلاح هاشم الأولى , السينما . أو على الأقل سيتحدث عنها  .
فى المحاضرة الأولى من 5 الى 6.30 مساء عَرض صلاح هاشم فيلما تسجيلىا من إخراجه عنوانه " وكأنهم كانوا سينمائيين. شهادات على سينما وعصر " يمثل الجزء الأول من ثلاثية فيلمية بعنوان " سحر السينما المصرية الخفي "وفيه حوارات بمثابة شهادات من أهل السينما المصرية الأساتذة بكر الشرقاوي ود.صبحي شفيق ود. رمسيس مرزوق عن السينما المصرية،.. وعن حب الصورة . 



فى المحاضرةالثانية من 7 الى 8.30 مساء بعد إستراحة قصيرة عرض هاشم جزءا من فيلم " روح إنسان " THE SOUL OF A MAN للمخرج الألمانى الكبير فيم فيندرز , ومن إنتاج المخرج الأمريكى مارتن سكورسيزى . الفيلم يمزج مابين التسجيلى  والتشخيصى ،من خلال محاكاة لأحداث وقعت لأحد رواد غناء البلوز يدعي سكيب جيمس .

عازف الجاز الأسطورة الأمريكي سكيب جيمس في أفيش فيلم روح إنسان لفيم فندرز

لم يكن هذا اللقاء عرضا تأريخىا لموسيقا " الجاز " ولا موسيقى البلوز فقط , وإنما هو بمثابة قبلة على جبين الموسيقا , قبلة على جبين السينما . بل حضن للفنون، الفنون التى تصنع بحب , بحب يسعد صانعيها، ويبهج متلقيها . الحب أعظم قوة فى الدنيا . الموسيقا حركة , والسينما حركة، والحركة تعنى حياة . والفنون حياة .
هذه السطور ليست " تلخيصا " ولا " تغطية " ولا " متابعة "  للمحاضرتين , بل أكتبها  هنا كى أعبرعن سعادتى بلقائه صلاح هاشم للمرة الثانية , وأكرر هنا شكرى له ، على مجهوداته القيمة الجميلة، القديمة والمستمرة -  ومنذ أكثر من ربع قرن -  فى التعريف بمعشوقته الأولى " السينما " , ومعشوقته الثانية " الموسيقا " . أدام الله عليه هذا الحب .

عاطف الصبروتي
كاتب وباحث سكندري
الأسكندرية.في 27 ديسمبر 2018

صلاح هاشم في مكتبة الأسكندرية يوم 19 ديسمبر 2018 عدسة عاطف الصبروتي


خبران عن محاضرة صلاح هاشم  في مكتبة الأسكندرية نشرا في  جريدة "الجمهورية"وجريدة" الأهرام"

ليست هناك تعليقات: