الثلاثاء، مايو 01، 2018

آه يا زين . فقرة من رحلة الى مصر في تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس بقلم صلاح هاشم



 " آه يا زين.
 من رحلة الى مصر 
في تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس " 



بقلم

 صلاح هاشم



..وستجد أيضا يامعلمي لقطات من يوم حافل من تلك " الصعلكة المنتجة " التي ابتدعتها مع " سندبادياتي " ،عشته بالأمس..وكان على الرغم من الحر الشديد والزحام والناس والعرق ، كان حافلا -أه يا زين - كالمعتاد، بالبهجة وحب الحياة ..والنهم الى الحياة ..والوعود.. وامتد حتى الثالثة ..من صباح اليوم التالي..

 مع الناقد الشاب المحترم  والانسان المصري الجميل محمود عبد الشكور.نائب رئيس تحرير مجلة " أكتوبر "

قضيت أولا كل مشاويري في وسط المدينة، ثم التقيت الناقد محمود عبد الشكور عاشق جيل الستينيات الذي انتمي اليه ، والذي اهداني كتابه الجديد عن أحد أبرز كتاب الستينيات صديقي التاريخي المبدغ الشاعر والروائي الكبير محمد ناجي صاحب " الأفندي " و " خافية قمر " و " مقامات عربية "، والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان " ذاكرة الظلال والمرايا . دراسات في أدب محمد ناجي" ودار الحديث المفعم بالذكريات بطبيعة الحال عن مصر والسينما والأدب وغبد الفتاح الجمل الراعي الرسمي لجيل الستينيات من المبدعين كتابا و نقادا وشغراء وأدباء ،وتوهج الحياة الثقافية والعقلية في زمن الستينيات المجيد ،وأحوال البلد والعباد...

كان ذلك الضحك يغسلنا نحن الأطفال الأشقياء في قلعة الكبش من كل أدراننا

اختار عبد الشكور الفقرة التالية التي كتبها محمد ناجي لتتصدر كتابه ويقول فيها محمد ناجي في مطلع كتاب عبد الشكور :

" .. اعرف الاسئلة الصعبة في الامتحان، ولا أملك غير أن أسربها اليكم ...أما الاجابات فهي عند أهلها، الدين والعلم والاقتصاد والمجتمع ..فتعالوا نسألهم، لنجبرهم على الأقل على التفكير فيما يشغلنا ".
وقد أردت أنا أيضا يا نيكوس أن أحدثك عن تلك الأسئلة الصعبة التي كنا نحن أبناء ذلك الجيل نطرحها على أنفسنا ،وكانت بالفعل تشغلنا..

رفاعي في السيدة

عند رفاعي


لقاء مع الأستاذ الروائي الكبير بكر الشرقاوي في لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة

لقاء مع عمنا بكر الشرقاوي العزيز والمحترم جدا

بعد أن ودعت عبد الشكور في باب اللوق ،اخذت تاكسيا الى دارالأوبرا، وذهبت لحضور ندوة في المجلس الأعلي للثقافة نظمتها لجنة القصة مع الكاتب الروائي الصديق والمفكر المبدع الأستاذ بكر الشرقاوي صاحب رواية " وقائع ما حدث في يوم القيامة مصر ", ومسرحية " أصل الحكاية " العمل المسرحي الفذ الذي يناقش قضية الخليقة ..واساطيرها ودلالاتها الفكرية والروحانية العميقة عند المصريين، وانتهزتها فرصة ، فاعددت فلاشة وسجلت عليها فيلمي الوثائقي الطويل " وكأنهم كانوا سينمائيين . شهادات على سينما وعصر " من تصوير ومونتاج الفنان اللبناني سامي لمع- من أصدقائي التاريخيين مثل محمد ناجي - ولففتها في ورقة ،وعندما التقيت عم بكر الشرقاوي في الندوة، وضعتها في جيبه وشكرته ،لأنه تحدث في شهادته في الفيلم عن تاريخ السينما المصرية العريق، والاضافات التي حققتها للشعب المصري .كانت السينما المصرية كما ذكر في شهادته " موتور" الشعب المصري، و" مدرسة" لتحريك طاقاته المبدعة والملهمة في كافة مجالات الحياة ، ولم يكن شاهد الفيلم االذي أدلى فيه بشهادته تلك ،على الرغم من مرور أكثر من غشر سنوات على انتاج الفيلم وعرضه في مصر..
تقرير الى الجريكو

ثم اني التقيت مصادفة خارج الندوة بالصديقة كوكب حسين، التي تتابع كتاباتي النقدية وغير النقدية، ومن فرط اعجابها بكتاباتي تقول لي ان بعضها قرأته مرات ومرات وتغتقد بأنها يجب أن تدرس في مدارس ومعاهد السينما، ولعلها تبالغ في تقديرها ، ، ،واظن انها كانت تشير الى مقالي عن فيلم " ثورة الزنج"، وتسألني لم لاتترجمها حتى يستفيد من تفكيرك النقدي الأجانب ايضا والعاملين في الحقل، ثم انها سألتني ان كانت الدورة الرابعة من مهرجان " جاز وأفلام " سوف تستضيفها مكتبة الأسكندرية العريقة، بعدما كانت استضافت دورة المهرجان الثالثة في العام الماضي من خلال برنامج سينما الأحد.
وشعرنا كوكب وصديقتها وأنا بالجوع الشديد، فعرضت عليهما ان نذهب لنأكل كفتة وكباب عند رفاعي في السيدة، ونشتري فوانيس رمضان - يحل سريعا الشهر القادم بعد اسبوعين- وندخن الشيشة في أحد مقاهي الحي
 فاخذتنا صديقتها بسيارتها الى رفاعي في السيدة ، وركا السيارة خلف مبنى دار الهلال الصحفية في طريقك الى " سينما الشرق " في ميدان السيدة زينب الواسع الكبير أو " ايطاليا " كما كنا نحن الأولاد الأشقياء في قلعة الكبش نسميه أو نطلق عليه..
فقد كنا اذا طال بنا الشوق في مدينتنا " القطائع " عاصمة احمد بن طولون، أعني حينا " قلعة الكبش "، واردنا ان نخرج من عالمها الخانق الضيق الذي لايمكن ان تتسع له طموحاتنا في الشقاوة والمغامرة والعفرته وصنع المقالب - ( كنا نعيد نحن الصعار بالفعل تمثيل مشاهد من افلام رغاة البفر الكازبوي وأفلام الوسترن التي كنا نشاهدها في سينما إيزيس، كنا نعيد تمثيلها فوق ساحة الدحديرة المطلع الحجري الذي يقود مباشرة الى حينا العريق " قلعة الكبش " المشيد فوق هضبة الكبش وجبل يشكر ، وكان يطلق عليه " منتزهات الكبش " ..

ملصق الفيلم

صحنا معا فجأة بنفس واحد هيا تعالوا فلتذهب الى ايطاليا ، ميدان السيدة، لنقف طويلا أمام واجهات محال الحلوى والمشبك والفطير ،و نشرب نبيذ " سوبيا " من عند "الرحماني"، ونلتهم عسل" الكنافة " من عند عرفة الكنفاني، ونعاكس أيضاالمارة، ونشاهد الفتيات الريفيات ونعاكسهن ونضحك، ولا نتوقف عن الضحك الذي تتطهر به قلوبنا من كل أدراننا ،وتكون تلك السيدة التي تسكن الضريح، قد غابت في صلواتها، فاذا بها تنتبه فجأة للصياح، فتضحك ، وتفتح ذراهيها لاستقبالنا- نحن الأطفال المحرومين من الحلوى والمشبك في حينا العريق " فلعة الكبش " - في ميدانها الواسع" الايطالي ". وزهوة "مولد"السيدة الصاخب الكبير..

ومن مكان ما بجوار حي " السبع عمارات " في طريق صلاح سالم انتهت السهرة
توقف تاكسي وكانت الساعة قد جاوزت الثانية صباحا واخذني الى حيث أسكن في الحي السابغ في مدينة نصر. .

قلعة الكبش

تحت الدوش كنت استشعر انهمار الماء بلذة عجيبة، لذة النهم الجامح لنهب الحياة، الآن في اللحظة، وتذكرت فجأة بانني تركت تليفوني المحمول مغلقا طوال ذلك اليوم الحافل بالمسرات، وأردت بالفعل ان افتحه حالما انتهي من الحمام لاعرف من اتصل بي، لكنني وجدت نفسي فجأة مستسلما لتدفق وانهمار المياه اللذيذ من الرأس المعدني وفتحاته الدائرية، فرحت استشعرها بكل ذرة في كياني وأنشغل بعد الفتحات.ووجدت نفسي فجأة أيضا اردد بعفوية نفس الأغنية التي كان أبي يرددها خلف باب الحمام الخشبي المغلق في شقتنا في بيت الشيخ راشد في قلعة الكبش وهو مستمتع..
آه يازين
آه يازين العابدين
أه يا زين العابدين
آه ياوأأأأأأرد ..
آه ياورد مفتح
جوه ..البساتين ..
آه يا زين ..
آه..

صلاح هاشم
الحصان الشارد

ليست هناك تعليقات: