الخميس، مارس 24، 2016

مختارات سينما إيزيس : فيلم " الوسادة الخالية " بقلم يسري حسين


مختارات سينما إيزيس
فيلم " الوسادة الخالية "

بقلم

يسري حسين
كاتب وناقد مصري مقيم في لندن

 التقت على ( الوسادة الخالية) مجموعة من الحان نسجت قصة الحب وأنغام القلب بين الفرحة لأكتشاف نبض الحب الأول ،ثم تدفق لحن العذوبة لتصوير الفصل الثاني ،حيث اللقاء والمرواغة والدلال المتدفق في شرايين السعادة . وتأتي نغمة حزينة تتحدت عن انكسار وألم في تسجيل دراما الحب ،وتمهد تلك النغمة الحزينة للفقرة الأخيرة في رباعية اللقاء والسعادة حتي تأتي رياح الحزن تمهد لأنفصال وفراق ،كأن كتاب الحب تم رسمه على وثيقة الأنفصال ،لأن الحب لا يدوم ،فهو فقرة عابرة تلهم الأنسان بأمل السعادة وصعوبة استمرارها .
صلاح أبو سيف وهو يخرج هذا الفيلم العلامة في تاريخ السينما والحياة المصرية كأنه يسجل تألق مناخ تدفق بهذا العطاء والثقة في المستقبل مع وجود لملحنين جدد يطرقون الساحة بأنغام مختلفة عصرية في مجملها تخلصت من رتابة وكلاسيكية والفضل لعبد الوهاب بالتأكيد الذي يغيب عن التلحين لعبد الحليم حافظ في هذا الفيلم ، بينما يقود الفرقة الموسيقية أربعة ملحنين كل منهما يملك نغمة جديدة تحتضن العذوبة والرومانسية الصاعدة آنذاك تطرح البديل لمجتمع خرج من القديم ويتطلع إلى العصر بأمل وثقة.





 
الاستاذ صلاح أبوسيف مخرج " الوسادة الخالية وروائع السينما المصرية

 فيلم ( الوسادة الخالية ) عن الحب وأحواله ،وعندما تتحدث أمة عن الغرام فأعلم أنها قوية ،وإذا عدت لأفلام وغناء تلك المرحلة ستجدها تدور حول الحكاية الخالدة المتجددة عن الحب والخصام والهجر واللقاء.
وعندما انحسر الأمل اختفى الحب وظهرت الكراهية والقتل والمرأة عورة وصوتها يعبر عن حضورها ،ولابد من قمعه ومنعه.يذكر الكاتب الأفغاني خالد الحسيني في رواية تسجل فظائع حكم ( طالبان) اطلاق النار على إمرأة أفغانية لأن صوتها ارتفع في الطريق ،نتيجة لمخاطبة لرجل ضعيف السمع ،مما دفعها لرفع نبرة صوتها فكان عقابها الموت بطريقة بشعة.
في القاهرة خلال عرض الفيلم المصري (١٩٥٧) كانت الأصوات الغنائية المصرية في كل مكان.
اعطى المخرج أبو سيف الرباعي : منير مراد ،محمد الموجي ،بليغ حمدي وكمال الطويل مهمة تلحين أغنيات الفيلم ،في ظل رؤية الجديد في القصة وخطوطها ومجتمع طبقته الوسطى تعيش ازهى أيامها.
كتب أسماعيل الحبروك ثلاث أغنيات في تدفق في الصور الشعرية الجديدة تعكس مزاج الحب والفرحة ثم تسلل الحزن واللوعة كما يحدث دائما في قصص الحب الخالدة.
الحبروك كتب إعذب الأغاني المصرية قبل رحيله في عام ١٩٦١.
الأغنية الأولى في الفيلم( إول مرة ) من تأليفه وألحان منير مراد بأنغام بسيطة ترقص مع الكلمات بأيقاع الفرح للحب الأول وجمال الأكتشاف والبهجة.
في هذا اللحن يتألق مراد : إجمل ما أنجبت مصر من فن في زمن لحظة الأبتكار المصرية التي صنعها فنانون من ثقافات وأعراق واديان التقت في نهر النيل وخرج منها هذا الجمال البديع.
الأغنية الثانية ( مشغول) كلمات الحبروك أيضا وألحان الموجي بنبض العواطف لحظة اللهو الجميل بجمل موسيقية سهلة تحلق في سماء السعادة ونشوة العاطفة.
اللحن الثالث هو العبقري السهل الممتنع( تخونو)تأليف الحبروك وتلحين بليغ حمدي ،ويأتي متدفق بأنغام الجيتار كأنه مرثية تبكي الحب الذي ضاع في مناجاة ذاتية تزرف الدمع على مشاعر وعواطف ضاعت في الطريق.
ويأتي كمال الطويل ليختتم رباعية الألحان بأغنية( في يوم من الأيام) وهي حزينة وغاضبة وتتوعد الحبيب بعقاب الهجر النهائي عقابا على خيانة متخيلة في قلب العاشق الحزين. كتب الكلمات مأمون الشناوي.
هذه الألحان مع كلمات صاغت مشاعر لجيل كامل ،عاش في جوفها ومنحته وسادة رقيقة ينام عليها بلا كوابيس كراهية أو قتل ولا تدمير وانتقام. ونحن نعود لتلك الأيام والأنغام والكلمات لتجاهل واقع الشر الحالي بدماء أبرياء يدفعون ثمن تعصب ثقافات وعَمَى قلوب ونفوس معقدة ترى الخلاص في القتل بينما جيلنا كان يرى ولايزال أنه في الحب الذي جعل عبد الحليم حافظ يغني في فيلمه الجميل أربعة الحان متدفقة بالجمال المستمر معنا حتى الآن ويجعلنا نحتمل هذا الزمن الصعب الذي يطلق فيه رجل النار على امرأة لان صوتها ارتفع فقط.

يسري حسين

ليست هناك تعليقات: