الجمعة، أكتوبر 02، 2015

فيالق الحمقى يجب إسكاتهم فورا بقلم الروائي مكاوي سعيد في مختارات سينما إيزيس

مختارات سينما إيزيس

فيالق الحمقى يجب إسكاتهم فورا

بقلم


مكاوي سعيد

لا أحد يستطيع أن ينكر ما لشبكات التواصل الاجتماعى «الفيسبوك وتويتر... إلخ» من قدرات هائلة فى توصيل الأفكار والتجييش وإعادة التعبئة والحشد والتعريف بالجديد والمهمل واختراق العزلة وفتح آفاق الاطلاع والمعارف أمام الراغبين، لكن من أكبر عيوبها المساواة.. فالكل خلف «الكيبورد» سواء.. الطفل والمسن.. المتعلم والجاهل.. المثقف والمدعى.. العالم والمتعالم.. وفى معركة أو منافسة كهذه الطبيعى جدًا أن تنتصر فيها مؤقتا الأكثرية، التى هى على الأغلب جاهلة وديكتاتورية وأفق تفكيرها محدود جدًا وإمكانياتها بائسة.. والأمر ليس فى حاجة إلى أدلة.. يمكنك أن ترى على صفحات الفيسبوك مثلا أشعارًا وسردًا ضحلاً، كالذى كتبه كل كاتب فى بدايات حياته تحت اسمه الطبيعى «خواطر»، وتُباغت بكمّ اللايكات والتعليقات التى تشيد بهذه الكلمات وتعتبرها من عيون الشعر أو درر السرد، وللوهلة الأولى تظن أن هذا الأمر غير مهم ولا مؤثر ويمكن اعتباره من قبيل كتابات الشباب الموهوبين فطريا، والذين فى حاجة إلى صقل الموهبة، وسيتكفل بذلك المستقبل، لكن الأمر الخطير أن هؤلاء الشباب لا يأبهون للمستقبل، فلهم «أولتراس» خاص بهم يهلل لكل ما يكتبونه ويعتبرونه من أكمل ما كُتب، ويظن هؤلاء الكتاب أن هؤلاء هم الجمهور الحقيقى فلا يتطورون ولا يهتمون بفكرة التطوير نفسها، فالأمر «ميت فل وعشرة» يجنون اللايكات ثم يعملون «سكرين شوت» من هذه الكتابة مذيلة بالتعليقات يغرون بها دور النشر كى تنشر لهم، وبالطبع لا يقبلون تدخلا إيجابيا أو سلبيا من محررى هذه الدور، فكتاباتهم مقدسة! ثم يصدر الكتاب- وهم وحظهم- إما يباع بكميات كبيرة أو لا يُقبل عليه أحد طبقا لقدرتهم على الحشد. وفى الحقيقة كنت أظن أن هذه المشكلة إقليمية بحتة تخص مصرنا أو عالمنا العربى، لأننا مازلنا نرتقى درجات سلم الحضارة التقنية الأولى، ثم اكتشفت لاحقا أن الغرب أيضًا يعانى منها.. فقد وجدت تدوينة للمترجم الكبير «صالح عالمانى» على صفحته تتضمن الانتقادات القاسية التى وجهها الفيلسوف والكاتب الإيطالى الكبير «أمبرتو إيكو» لموقعى التواصل الاجتماعى «الفيسبوك» و«تويتر»، فى مقابلة للكاتب مع صحيفة «لاستمبا» الإيطالية، وقال فيها: «إن أدوات مثل (تويتر وفيسبوك) تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون فى البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا فى أى ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فورًا. أما الآن فلهم الحق فى الكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء». هذا ما أدلى به «أمبرتو إيكو» للصحفية، ولمن لا يعرفه فهو «فيلسوف إيطالى، وناقد أدبى وروائى ومختص فى مبحث القرون الوسطى الذى استثمره فى روايته ذائعة الصيت (اسم الورد)، درس الفلسفة فى مدينة تورينو الإيطالية، وعمل فى وسائل الإعلام ودور النشر، قبل أن يصبح عام 1971 أستاذًا جامعيًا لعلم السيميائية، بعد حصوله على أكثر من 30 دكتوراه فخرية، وقد كتب فى موضوعات شتى، ومن كتبه: تحليل المفهوم وتاريخه والقارئ فى الحكاية وعن الجمال وعن القبح وبندول فوكو وباودينيلو».


عن جريدة المصري اليوم بتاريخ 2 اكتوبر 2015

ليست هناك تعليقات: