الأربعاء، ديسمبر 16، 2009

جماليات القبح في ملصق مهرجان القاهرة السينمائي بقلم محمد هاشم عبد السلام




استلمنا في سينما ايزيس تعليقا علي مقالنا بعنوان " حصاد مهرجان القاهرة السينمائي33 :طقوس الخروج ليلا(1من3) من الاستاذ محمد هاشم عبد السلام وهو كاتب وناقد ومترجم ويقول فيها



مخرجنا الجميل أستاذ صلاح هاشم

أتمنى أن تكون في خير صحة وأحسن حال، وأشكرك جزيل الشكر على حصادك الرائع لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الخاص بدورة هذا العام وفي انتظار البقية، وبمناسبة حديثك عن بوستر المهرجان، فأنت الوحيد الذي أشار إليه صراحة، أود أن تقرأ ما كتبته في الملف المرفق وذلك بعد انتهاء المهرجان، وبالطبع لم أفلح في نشره لظروف ومصالح واعتبارات عند الغير بالتأكيد أنت تعرفها جيدًا

أشكرك مرة ثانية على كتابتك الرائعة في انتظار البقية

لك تقديري واحترامي
محمد هاشم


ونحن نشكر الاستاذ محمد هاشم علي تعليقه وننشر هنا مقالته التي بعث بها الينا مع رسالته و"سينما ايزيس"هي فضاء حر للكتابة في السينما والشأن الثقافي العام ، للتفاهم والحوار والنقاش والجدل ولذلك نرحب بكافة التعليقات والرسائل والمقالات التي يبعث بها الينا قراء وأصدقاء الموقع








جماليات القبح في بوستر مهرجان القاهرة السينمائي




بقلم

محمد هاشم عبد السلام


كاتب وناقد ومترجم مصري




آثرت عدم الكتابة في هذا الموضوع أثناء انعقاد دورة هذا العام من المهرجان، خاصة في ظل تلك الأجواء المشحونة حتى في أوساط الفنانين والإعلاميين، كي لا يفهم انتقادي هذا من جانب البعض على نحو خاطئ، أو يُفسر من البعض بأنه هجوم على المهرجان أو أنني بهذا الانتقاد أحط من قدر البلد أو سمعة مهرجاننا القومي وانتقص من شأن القائمين عليه لأسباب خاصة. وبالطبع الأمر غير ذلك بالمرة، وهانذا أكتب ما أكتبه الآن بعد انتهاء المهرجان وربما نسيان أمره وأمر ما كان به. والمؤكد أنني لو كنت قد قرأت وسط ما تابعته من كتابات عن المهرجان من أستوقفه هذا الأمر أو قام بالتعليق عليه لما تعرضت إليه بالكتابة على الإطلاق.

وقد يعتبر البعض أن مثل هذه المسألة أو التطرق لها ليس بألامر الذي يعتد به أو يستحق حتى مجرد الكتابة عنه وتحليله للوصول إلى ما خلف الصورة البادية، وربما يكون في هذا قدر من الصواب في نظر البعض، فالأهم بالطبع، من وجهه نظرهم، هو من حضر المهرجان من الفنانيين العالميين إلخ، أو التحدث عن أحسن الأفلام التي عرضت أو مناقشة أمر الجوائز أو التطرق لحفلي الافتتاح والختام والضيوف وملابسهم وتصميمات فساتين السهرة والحوارات التي أجريت وبكثافة للتحدث عن مدى براعة وتفرد تصميمات فساتين الفنانات والمكرمات في المهرجان، والدليل على هذا تغطية قناة المهرجان – و"قناة المهرجان" تلك معضلة أخرى بالنسبة لي لا أفهمها - لهذا الحدث الفريد وعرضها لمناذج من موديلات الفساتين وإجراء حوار أو أكثر مع مصممها العالمي، الذي لا أذكر اسمه، والإسهاب في الحديث معه عن كيفية تفرده في كل ما يتعلق بتصميماتها. وبالرغم من كل هذا فإنني لست معترضًا على هذا كل الاعتراض، لأن كل ما جرى في تلك الدورة من المهرجان لم يشغل بالي على الإطلاق باستثناء الأمر الخاص ببوستر أو ملصق هذه الدورة من المهرجان، فقد حدث أن لفت بوستر المهرجان انتباهي بالفعل منذ أن وقعت عيناي عليه للمرة الأولى، وقد يعتبر البعض أن لفت الانتباه هذا أمرًا جيدًا، لكن ثمة أشياء من فرط ما بها من غموض أو التباس أو قبح أيضًا تجذب الانتباه من الوهلة الأولى، وهذا ما حدث معي في شأن هذا البوستر الغريب لدرجة أنني بت أسأل جميع من أقابلهم من نقاد أو صحفيين أو مهتمين أو حتى أناس عاديين عن أمر هذا البوستر أو منيكاناته ورأيهم فيه، والمدهش أنني كنت أجد السؤال غير مهم على الإطلاق بالنسبة للآخرين ولم يشغل أي منهم باله بهذا الأمر، حتى من حاولت استفساره عن تأويل ما لهذه الألوان الثلاثة، لأنني في البداية أخذت أفكرت وأبحث عن سبب تواجد هذه الألوان بالذات دون غيرها من الألوان، وبالتدريج رحت أتعمق في فعاليات المهرجان أكثر فأكثر لأتأكد إن كانت هذه الألوان، ربما، لعلم دولة الهند ضيف شرف المهرجان هذا العام أو ربما لغيرها من البلدان المشاركة في المهرجان إلخ، لكنني بالفعل لم أفلح في الوصول إلى شيء بخصوص تفسير ماهية هذه الألوان، فصرفت النظر عن هذا وأخذت أحاول إماطة اللثام عن أمر النساء الثلاثة الحليقات القبيحات المتشحات بتلك الألوان وكنه علاقتهن الخفية بالسينما أو بالمهرجان أو بأي شيء قد يكون له علاقة بحفلة ديفيليه مثلا مقامة على هامش المهرجان أو نشاط ما من أنشطة المهرجان الموازية له، وأيضًا عن سبب تلك الحلاقة الغريبة وعلاقتها بتراث السينما أو الموضة أو بلد انعقاد المهرجان وتصدير رؤوسهن لنا بهذا الشكل على أفيش المهرجان في كل تنويه عنه سواء على موقع المهرجان أو المحطات الفضائية أو حتى أعمدة الشوارع أو أعلى الكباري حتى تصل إلى ساحة الأوبرا، لتطالعك مجسمات هاته النسوة على جانبي المدخل المؤدي إلى القاعة الرئيسية أو لتباغت في حفل الختام وفوق السجادة الحمراء بالحليقات الثلاثة بشحمهن ولحمهن وقد اتشحن بتلك الألوان وكست وجههن مجموعة من الأصباغ المنفرة، ولم أكن أعرف ما هذا ولماذا؟

على أية حال انتهى الأمر في النهاية على خير، واتضح لي أن الألوان الثلاثة التي اتشحت بها نساء البوستر وهي الأحمر والأزرق والأخضر – وياليتني ما بحثت من الأصل أو حاولت معرفة كنه هذه الألوان من الأساس – تمثل الألوان الأساسية للسينما، وهذا في الحقيقة أمر مخالف تمامًا للصواب، فالألوان الحقيقية للسينما هي الأحمر والأزرق والأصفر وليس الأحمر والأزرق والأخضر، أما النساء الثلاثة الحليقات الرؤوس فمستوحات، تقريبًا، من تصميم حفل الختام الراقص للمهرجان، ولقصة حفلات أفتتاح أو ختام المهرجانات السينمائية في مصر والعالم العربي قصة أخرى لا مجال لذكرها هنا، فقط يكفي متابعة حفل مهرجان كمهرجان "كان" السينمائي على سبيل المثال، لمعرفة أين نحن من هذا التقليد الذي نتفرد به في وطننا العربي.

وبالعودة إلى قصة ملصق المهرجان ومحتواه، أجد أنه لا بد من المقارنة بينه وبين ملصق مهرجان كمهرجان "دمشق السينمائي الدولي" لهذا العام أو مهرجان "كان" على سبيل المثال، كي نعرف الفرق ونميز جيدًا بين ملصق صمم من أجل مهرجان سينمائي بكل ما تحتويه الكلمة من معنى وآخر صمم من أجل حفلة ديفيليه ليس إلا، ملصق يثير فينا الإعجاب وآخر يثير فينا الضحك. لقد أعجبني كثيرًا تصميم ملصق مهرجان دمشق السينمائي، فهو يدل على أن من صممه قد تمثل بالفعل روح المهرجان وروح السينما بصفة عامة وكذلك البلد المقام به المهرجان بالإضافة إلى تفرد التصميم بلمسة جمالية وفنية بها عمق تشكيلي وبصري غاية في الروعة والإبداع يؤكد على مدى الحس الجمالي الفني البصري الراقي الذي يتمتع به الفنان الذي أبدعه. وإن لم يكن يوجد من بيننا من يستطيع أن يبدع ويبتكر في فن تصميم الملصقات كمن أبدع في تصميم ملصق مهرجان دمشق أو ملصقات الدورات السابقة لمهرجان القاهرة أو الإسكندرية التي تلامس بالفعل روح هذه المهرجانات ومكان انعقادها، فيجب على الأقل أن يوجد من يتمتع بالحس السينمائي الفني ليستلهم، على الأقل، وهذا أضعف الإيمان، من السينما ذاتها وتراثها ما يفيد في هذا الشأن، وليس في هذا أي عيب على الإطلاق، فنظرة سريعة إلى تصميم ملصق دورة هذا العام من مهرجان "كان" كافية لنقل وجهي نظري، فالبوستر ليس سوى لقطة من فيلم "المغامرة" للمخرج القدير "مايكل أنجلو أنطونيوني"، لكنه يتسم بالفرادة التي تقف وراءها دون شك عين بصرية ذات حس فني غاية في الرقي، نجحت بالفعل في استلهام روح السينما وملامسة ذلك القدر من الجمال والغموض الذي للسينما والفن التشكيلي وفن التصميم أيضًا، ومن نافلة القول أنه إذا أراد المرء معرفة من هو مصمم الملصق أو ما يوحي به أو كيفية استلهامه فما عليه إلا أن يتصفح موقع مهرجان "كان" ليقرأ نبذة عن مصممه وعن موضوعه أو قصته إلخ، وفي الختام أجدني أتساءل، أليس من المتعارف عليه في عرف المهرجانات أن تعقد مسابقة فنية معلنة وذات جوائز نقدية لاختيار ملصق المهرجان؟ فهل حدث هذا في دورة هذا العام من المهرجان؟

وختامًا، كيف لم يلفت كل هذا نظر أو تساؤل من شاهد البوستر أو حضر فعاليات دورة هذا العام؟ هل باتت أعيننا سلبية إزاء كل ما تراه فلا تستشعر الجمال أو القبح فيما تراه، وإن كان الأمر هكذا، فكيف ستحكم مثل هذه العين أو سترى الجمال فيما تشاهده من أفلام.








ليست هناك تعليقات: