الخميس، نوفمبر 06، 2008

امل السينما العربية في اسبانيا.صلاح هاشم


ملصق الدورة الثامنة من مهرجان " أمل " في سنتياجو دو كومبوستيلا. مفخرة للعرب ؟

د.غالب جابر ابراهيم.الاول من علي اليسار عوليس من فلسطين



" أمل " السينما العربية في اسبانيا

" أوديسة " الأرجواني في غاليسيا


بقلم صلاح هاشم

من أجمل وأرقي المهرجانات السينمائية العربية التي تقام خارج الحدود وأكثرها نفعا وأهمية،علي مستوي الحضور السينمائي العربي المتميز، الذي يتواصل مع شعوب العالم من خلال " حضارة السينما " كما أحب أن أطلق عليها، ومن واقع تجوالي الدائم بين المهرجانات السينمائية العربية في الخارج..

مهرجان " أمل " للسينما العربية والأوروبية في أسبانيا AMAL الذي تنظمه مؤسسة ارجواني في مدينة سنتياجو دو كومبوستيلا، والذي عقد دورته الثامنة في الفترة من25 الي31 أكتوبر 2008، وسعدت بحضوره لتغطية المهرجان ، أفلامه وفعالياته وإحداثه، والتعرف في ذات الوقت علي " أهل " تلك المؤسسة التي ترعاه، ضمن مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية الحضارية التي تتبناها في منطقة واقليم "غاليسيا " في شمال غرب أسبانيا..

أوديسة " الأرجواني

وأعني بها " مؤسسة الارجواني "FUNDACION ARAGUANEY وكان أسسها د. البروفيسور غالب جابر ابراهيم من فلسطين، الذي حضر الي اسبانيا منذ اكثر من 38 عاما، واستطاع بعقليته المتوثبة الفذة،ان يصبح احد أهم الشخصيات الاسبانية لا في منطقة غاليسيا وحدها بل في عموم اسبانيا ، فهو مثقف وأستاذ جامعي يحاضر في الجامعة، وهو في ذات الوقت رجل أعمال ناجح،وكان في وقت سابق ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأعتبره " الأب الروحي " للجالية العربية التي صار لها حضورا متميزا جدا في منطقة غاليسيا ، وكان معظم افرادها من سوريا وفلسطسن حضروا قبل اربعين سنة لدراسة الطب هنا ، ثم تخرجوا وتزوجوا من اسبانيات وعربيات ، وصار لهم شأنا كبيرا، حتي ان احدهم ويدعي د. عصام الذي كان يجلس الي جواري في مسرح المدينة الرائع الذي تعرض افيه افلام المهرجان الطويلة، ويعقيها نقاش مع المخرج، صار طبيبا وعمدة في ذات الوقت لقريةاسبانية صغيرة تقع علي بعد كيلومترات من سنتياجو دي كومبوستيلا، وعرفت من الدكتور غالب في ما بعد ان تلك القرية تدخل ضمن ممتلكاته،وان العمدة المذكور هو عمدة صحيح، لكن في أرض د. غالب..

ذلك الطبيب المحاضر المثقف الانسان ، وحكايته في بلاد المهجر اسبانيا تشبه حكاية ورحلة البطل اليوناني " عوليس " في " أوديسة " هوميروس، والذي سعدت بلقائه والتعرف عليه ، واعتبرته نجم فيلم رحلتي او بالاحري "حجي " الي تللك المدينة التي خطفتني بسحرها سنتياجو، التي تعتبرمع مدينة القدس في فلسطين من اهم 5 اماكن مقدسة للمسيحية، فهو " حكواتي " من طراز أصيل فذ، وقد استمتعت بعلمه وثقافته وتواضعه وانسانيته ونحن نقطع طرقات تلك المدينة التاريخية الجامعية الساحرة،وازقتها وحواريها، وننتقل معا في الليل وانت لا تشبع من حكاياته ورواياته واحاديثه ، ننتقل بين القاعات التي تعرض أفلام المهرجان، وكانت تلك القاعات دائما تحتشد بجمهور المهرجان الكبير ، وكاملة العدد في اغلب الأوقات..

ومن حق مهرجان " أمل " يقينا أن يتفاخر بين كل مهرجانات السينما العربية التي تقام في اوروبا بجمهوره، واشهد هنا ان هذا الجمهور "الفضولي " المتعطش الي " المعرفة " والتعرف علي انجازات السينما او حضارة السينما العربية كما احب ان اسميها وثقافة العرب، هو الاكبر من بين كل المهرجانات السينمائية التي دعيت لحضورها ان في الوطن او خارج الوطن، فما اكثر المهرجانات السينمائية العربية الخواء ومن دون جمهور، التي تنظم هنا وهناك ان في الوطن او خارج الوطن ، ولا يحضرها احد من بين افراد الشعب، وكأنها تنظم فقط لمجموعة من الصحفيين والموظفين الرسميين ونفس الضيوف، ولا يعلم احد بشأنها الا من خلال حفلاتها التي تبث علي شاشات التلفزيون الرسمية، وكما تبدأ بحفلة تنتهي بحفلة ، ولا تترك اثرا للأسف يذكر..

رحلة الوثائق الأندلسية من طليطة الي تومبوكتو

من حق مهرجان " أمل " اذن الذي يتطور ويكبر بسرعة بفضل المجموعة التي تشرف عليه وتستحق هنا كل تهنئة وتحية: رئيس مؤسسة الارجواني د. غالب جابر ابراهيم، و مدير المهرجان غالب مارتينيز، والمنسقة العامة اتاليا براغا والمدير العام مونيكا مارتينيز،ومسئولة الاعلام امينة صبوح، والملحق الصحفي الكسندر كانسيلو بلرسيرو وغيرهم، الذين امنوا لنا اقامة طيبة ومثمرة وفاعلة في قلب المهرجان علي ارض المدينة المقدسة من حقهم ان يتباهوا بمهرجانهم وكان المهرجان بالفعل قد حقق الكثير..

فهو بالاضافة الي مجموعة الافلام المتميزة الطويلة والقصيرة الروائية والتسجيلية التي احضرها لجمهوره وادخلها مسابقاته ، واغلبها عرض من قبل في مهرجانات عربية ودولية سابقة وحصل علي جوائز، مثل فيلم " في انتظار بازوليني " للمغربي داود اولاد سيد- جائزة احسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 31 – وجعل الجمهور يناقش مخرجيها ويتفاعل معهم بعد العرض..

حرص علي ان تصبح هذه التظاهرة السينمائية العربية الاوروبية –التظاهرة السينمائية العربية التي تستحق صفة الدولية الوحيدة في أسبانيا- تظاهرة فنية وثقافية شاملة، فبالاضافة الي مجموعة الافلام الجيدة المتميزة التي عرضها المهرجان، وتقدم مرآة صادقة لمشاكل ومتناقضات، أحلام واوهام وطموحات واحباطات مجتمعاتنا العربية تحت الشمس في الجزائر " البيت الاصفر " والعراق " أحلام " ، ولبنان وفلسطين " بعد الحرب " و" فلسطيني "، وغيرها، وسنعرض لبعضها لاحقا واستقدام مخرجيها لمناقشتهم واعتماد منهج " الحوار " بين الفنان المخرج السينمائي المبدع والجمهور المتلقي من اجل تطوير الذائقة والثقافة السينمائية التي تقربنا أكثر من انسانيتنا..

عرض المهرجان مجموعة من الافلام المتميزة التني تناقش اوضاع الهجرة العربية في اسبانيا من صنع مخرجين اسبان كما في فيلم " تحت نفس السماء " اخراج سيلفيا مونت الذي دخل مسابقة الافلام الروائية الطويلة وفيلم " كرافان الوثائق الاندلسية " لليديا برالتا غارسيا، الذي دخل مسابقة الافلام الوثائقية القصيرة واعتبره من اهم الافلام التي عرضها المهرجان في دورته الثامنة وتعرض لتاريخنا وذاكرتنا في اسبانيا وتاريخنا المشترك وتوصل مابين الاندلس وتومبوكتو في مالي افريقيا، وسافرد له ما يستحقه من تقدير وتقييم وتكريم في وقفة قادمة وقد فاز بجائزة الجمهور التي يستحقها عن جدارة..

تظاهرة ثقافية عربية شاملة

كما اقام المهرجان تظاهرة تكريمية لمخرجنا الكبير الراحل يوسف شاهين وعرض له تحفته " باب الحديد " علي الجمهور الاسباني والعربي في المدينة ونظم معرضا ل " فلسطين قبل عام 1948 " في فندق الارجواني، كما نظم دورة سينمائية للتعريف بجماليات السينما الوثائقية العربية في جامعة سنتياجو بالتعاون مع الجامعة حاضر فيها المخرج المصري باسل رمسيس المقيم في مدريد، وعضو لجنة التحكيم الرسمية في المهرجان التي ترأستها د. ماجدة واصف مدير قسم السينما بمعهد العالم العربي في باريس ، ومشاركة المخرج الاردني عباس ارناؤؤط " ليلة سقوط غرناطة " رئيس مهرجان الجزيرة السينمائي الدولي للفيلم الوثائقي وغيرهم..

وقدم حفلا موسيقيا بعنوان " سبيد كرافان " للجزائري مهدي حداد وفرقته، تعرض لمغامرة الفرقة علي مستوي المزج بين الموسيقي الشرقية وموسيقي الروك والجاز والموسيقي الاليكترونية، بل وحرص المهرجان في هذه الدورة ان يقدم إطباقا من المطبخ العربي في مطعم " كاني " في " فندق الارجواني " وهو فندق 5 نجوم تابع لمؤسسة الارجواني ، وهو أيضا أول فندق 5 نجوم في منطقة غاليسيا، من أجل أن يتعرف الجمهور خلال تلك التظاهرة السينمائية الفنية الشاملة علي حضارة العرب ايضا وثقافتهم العريقة، لا في السينما والموسيقي والتصوير فحسب، بل وفي فنون الطهي ايضا، ليكون مهرجان " أمل " في سنتياجو دو كومبوستيلا كرافانا للثقافة العربية وحضارتها في اقليم غاليسيا في شمال غرب اسبانيا ، ومفخرة للعرب في عموم اسبانيا والعالم..

ان مؤسسة الارجواني كما يقول لي د. غالب جابر ابراهيم تعمل منذ تأسيسها أي منذ اكثر من 24 عاما علي خلق جسور للتفاهم والتواصل بين الشعوب العربية في الداخل والخارج والشعب الاسباني في منطقة غاليسيا ، من خلال احتفالاتها وتظاهراتها الثقافية والفنية، لانها تؤمن بدور " الثقافة " في التقارب ما بين الشعوب، هذا التقارب الذي يعتبره د. غالب أداة أو سلاح لمحاربة الجهل والتمييز و التعصب والعنصرية ، علي طريق تقدم الإنسانية جمعاء ورفاهية البشر ويضيف " اني انتهز الفرصة هنا لكي اشكر كل الشخصيات والهيئات التي وقفت الي جانبنا وساعدتنا علي بناء هذا الصرح الارجواني، واخص بالذكر مؤسسة عالم الهجرة الغاليسي/ وكوستانتينو مارتينيز وماريا شناكينج تحديدا، ولم تكن كلمة " مؤسسة " في ذلك الوقت تعني ما تعنيه الآن..

ولنا وقفة قادمة في "سينما ايزيس " للحديث عن مهرجان " أمل " الرائد الذي اعجبنا كثيرا بافلامه ووقائعه وشخصياته واحداثه، وحصاد السينما العربية والاوروبية في المهرجان..

جوائز مهرجان " أمل " للسينما العربية والاوروبية

في حقل ختام المهرجان أعلنت لجنة تحكيم المهرجان برئاسة د. ماجدة واصف ومشاركة المخرج الاردني عباس ارناؤؤط واماليا بلانكو لوكاس وادواردو غالان وباسم رمسيس و اليخاندرو باريرو موميلو عن جوائزها التالية :

* جائزة افضل فيلم روائي طويل وقيمتها 5 الآف يورو ذهبت لفيلم " في انتظار بازوليني " للمغربي داود اولاد سيد

* جائزة افضل فيلم وثائقي طويل وقيمتها 3500 يورو : فيلم " جهاد من أجل الحب " لبرافيز شارما..

* جائزة افضل فيلم روائي قصير وقيمتها 1200 يورو : وزعت مناصفة بين فيلم " ابيمبوي" لاليكس مونتايا وفيلم " ليلة صامتة " لاماندا ادلفصون

* جائزة افضل فيلم وثائقي قصير وقيمتها 1200 يورو : فيلم " الاراضي الحدودية" للمخرجة الاردنية سوسن دروزة

* جائزة افضل مخرج وقيمتها 4000 يورو: المخرج الفرنسي آلان غوميس عن فيلمه " اندلس "

* جائزة افضل ممثلة ( عينية ) : ذهبت الي الممثلة الاسبانية الفيرا دو ارمينان عن دورها في فيلم " تحت نفس السماء "

* جائزة افضل ممثل ( عينية ): ذهبت الي سمير غيسمي عن دوره في فيلم " اندلس " لآلان غوميس

* جائزة الجمهور وقيمتها 1500 يورو: حصل عليها فيلم " رحلة كرافان الوثائق الاندلسية " لليديا غارسيا

* جائزة تلفزيون اقليم غاليسيا تي في جي ( شراء حق عرض الفيلم ) : حصل عليها فيلم " البيت الاصفر " للجزائري آمور حكار..





لقطة من فيلم " في انتظار بازوليني " للمغربي دواد اولاد سيد
داود اولاد سيد حصل علي جائزة افضل فيلم روائي طويل في مسابقة المهرجان
المخرجة الادرنية سوسن دروزة حصلت علي جائزة افضل فيلم وثائقي قصير
المخرجة الاسبانية ليديا غارسيا حصلت بفيلمها " رحلة الوثائق الاندلسية " علي جائزة الجمهور الخاصة
مناقشة مع المخرج المغربي داود اولاد سيد بعد عرض فيلمه في المسرح الرئيسي تياترو برينسيبال في سنتياجو
لقطة تذكارية في حفل توزيع الجوائز الدورة الثامنة لمهرجان أمل السينمائي

لقطة من فيلم " البيت الاصفر " للجزائري آمور حكار الحاصل علي جائزة محطة تلفزيون غاليسيا

ليست هناك تعليقات: