الجمعة، ديسمبر 28، 2007

المهرجانات السينمائية العربية في عين النقاد.سلامة عبد الحميد

سلامة عبد الحميد

اتهموها بالمظهرية والتباهي والبذخ وتجاهل المستوى الفني

نقاد وسينمائيون:

الحكومات مسئولة عن تدهور المهرجانات السينمائية العربية

الدعاية وانحياز الإعلام والصراع على النجوم والتوقيت أهم المشكلات

كتب: سلامه عبد الحميد

بينما تقاس الثقافة السينمائية للدول في العالم كله بعدد المهرجانات وقوتها وتأثيرها في الإنتاج السينمائي وجمهور السينما تبدو معظم المهرجانات العربية "مسخ" لا يمكن التعويل عليه في نمو الحركة السينمائية أو تطوير أدوات السينمائيين أو تفتيح مدارك الجمهور العربي الذي بات يتفهم شيئا فشيئا مدى تأثير السينما في حياته.

وفي حين تهتم كل دول العالم بالمهرجانات ودعمها لازال العرب يعتبرونها مجرد عروض "مظهرية" ودعائية فقط تضم نجوم الفن وحفلات السهر والرقص والشراب الباذخة التي تضم عروضا للأزياء العارية أو اتفاقات تجارية لا علاقة لها بالسينما على الإطلاق أو دعاية فجة غير مبررة لأشخاص أو أماكن أو حتى بلدان بالكامل بعيدا عن الدور الحقيقي للمهرجانات المتمثل في التقاء الثقافات والخبرات وتدعيم فن السينما نفسه.

وظهرت في المنطقة العربية مؤخرا العديد من المهرجانات بينها مهرجان الشرق الأوسط في أبو ظبي ومهرجان دبي السينمائي الدولي ومهرجان وهران للفيلم العربي ومهرجان بغداد السينمائي الدولي بينما يتم حاليا التجهيز لإطلاق مهرجانات أخرى بينها مهرجان صنعاء.

وشهدت السنوات الأخيرة حالة من التشتت والتضارب والتداخل بين المهرجانات العربية لكنها كانت أكثر وضوحا هذا العام الذي تشهد الشهور الثلاث الأخيرة منه انعقاد معظم تلك المهرجانات في تواريخ متتابعة وأحيانا متداخلة بدءا من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي الذي انطلقت فعاليات دورته الأولى مع ثاني أيام عيد الفطر الماضي، وبعد أيام من افتتاحه بدأ المهرجان الوطني التاسع للفيلم بمدينة طنجة المغربية، وفي الثاني من نوفمبر انطلقت فعاليات الدورة الخامسة عشرة من مهرجان دمشق السينمائي الدولي حتي العاشر من الشهر نفسه، وفي نفس الوقت تقريبا اختتم مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية أعماله لينطلق مهرجان سينما المرأة في رام الله بالضفة الغربية في دورته الثالثة، وقبل أن ينتهي شهر نوفمبر افتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورته الحادية والثلاثين، وقبل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بيوم واحد انطلق مهرجان مراكش السينمائي الدولي وبعد ثلاثة أيام من افتتاح مهرجان مهرجان ويومان من ختام مهرجان القاهرة افتتح في الإمارات مهرجان دبي السينمائي الدولي الرابع.

استطلعت في هذا التحقيق أراء عدد من نقاد السينما والعاملين فيها حول مستوى المهرجانات السينمائية العربية والمردود الثقافي منها وكانت البداية من استفتاء أجرته "شبكة السينما العربية" مؤخرا وانتهى إلى أن المهرجانات السينمائية العربية لا تسهم في تطوير صناعة الأفلام السينمائية العربية ولا تفتح لها أبواب أسواق جديدة خاصة في الوطن العربي نظرا لضعفها بشكل عام وعدم اهتمام القائمين عليها باتخاذ خطوات جادة في اطار التسويق أو الدعاية للأعمال العربية في الخارج أو الداخل.

وأكد 68 % من المشاركين في استفتاء الشبكة المتخصصة في تنمية الثقافة السينمائية أن المهرجانات العربية تستهدف فقط البريق الإعلامي وأضواء النجوم، ودلل المشاركون علي ذلك بالصراع الدائر بين مهرجانات القاهرة ودبي ومراكش علي النجوم العرب والأجانب دون الإهتمام بفتح الأسواق المحلية أمام السينما العربية بمختلف مدراسها وتياراتها كما لفتوا إلى أزمة التزامن بين المهرجانات الثلاث المستمرة منذ أعوام ثلاثة والتي تتجدد هذا العام رغم عقد اجتماع بين مسئولي تلك المهرجانات للتنسيق فيما بينها العام الماضي خلال انعقاد مهرجان مراكش.

في حين عبر 31 % من المشاركين عن اعتقادهم بأن المهرجانات تساهم بشكل ما في القاء الضوء علي السينما العربية بغض النظر عن عرضها في الصالات السينمائية من عدمه وإن كان التضارب بين مواعيد وفعاليات تلك المهرجانات يؤدي إلى حالة من التنافر بينها.

وقال الناقد أشرف البيومي المنسق العام "لشبكة السينما العربية" تعليقا على الإستفتاء إن أزمة ثقافية وفكرية خطيرة تسيطر على عقول منظمي المهرجانات العربية الذين لا يدرك معظمهم الدور المطلوب من تلك المهرجانات ويسعى إما لتلميع نفسه كرئيس أو منظم لمهرجان كبير شكلا وليس موضوعا أو إظهار بلده أو مدينته بشكل لا ينافسها فيه جيران لها.

وأضاف بيومي أن ما يجري حاليا من منافسة بين إماراتي دبي وأبو ظبي دليل واضح على أن اطلاق الإمارتين للمهرجانات ليس وراءه هدف سينمائي أو ثقافي وإنما الأمر يتلخص في التباهي والتأكيد على القدرة المالية والتنظيمية التي تمتلكها كل منهما دون وعي حقيقي بماهية المهرجانات السينمائية التي تحولت في أبو ظبي ودبي إلى كرنفالات وعروض أزياء دون أثر حقيقي للسينما أو الإبداع.

وأشار الناقد المصري إلى سطوة رأس المال المتحكمة في عقول منظمي المهرجانين الإماراتيين مؤكدا أن التمويل ليس العامل الأهم في نجاح أي مهرجان لكنه لم ينكر أهميته كأحد العوامل التي كانت سببا حسب قوله في قنبلة ألقاها الناقد المصري المعروف سمير فريد في الندوة الختامية لمهرجان أفلام المرأة الدولي الأول بإعلانه عدم تنظيم المهرجان في السنوات المقبلة بسبب عدم دعم أي جهة رسمية أو غير رسمية له وتكفل منظميه بالانفاق عليه من مالهم الخاص، مشيرا إلى استحالة عقد المهرجان مجددا بنفس الطريقة التي عقدت بها الدورة الاولى.

وقال الناقد المصري المقيم في لندن أمير العمري "إن المهرجانات السينمائية العربية ابتعدت عن رسالتها الأساسية في دعم السينما العربية والترويج للانتاج السينمائي العربي والمساهمة في فتح نوافذ توزيع جديدة أمامه في العالم الخارجي، واكتشاف سيناريوهات جديدة تدعمها وتساهم في انتاجها واثراء المشهد السينمائي الثقافي العربي عن طريق فتح أبواب التوزيع أمام السينما الأجنبية الجيدة وكسر احتكار الفيلم الأمريكي الردئ.

وأضاف العمري أن أحد الأسباب الرئيسية لطغيان ظاهرة تحول المهرجانات إلى الطابع السياحي الاستعراضي المظهري ما تقوم به الصحافة من "تطبيل وتزمير" لنجوم المهرجانات والتباري في نشر الغث والردئ عن المنافسة بين المهرجانات على النجوم دون المنافسة بين الأفلام على الرغم من الدعم الحكومي الباذخ لبعض تلك المهرجانات ومنها مهرجان مراكش الذي يعد أحد مهرجانات ألف ليلة وليلة وميزانيته تفوق 9 مليون دولار ويشرف عليه الملك شخصيا وتفتح أمامه خزائن المغرب والقصور الملكية.

أما مهرجان دبي السينمائي فميزانيته لا تقل عن ميزانية مراكش والدولة كلها تدعمه إلى أخر نفس وتستقدم الضيوف بعد أن تدفع لهم مبالغ فلكية وهدايا عظيمة، وكذلك يفعل مراكش، المقصود إذن قد يكون مهرجان القاهرة الذي يغدق أيضا على ضيوفه باستثناء أنه لا يقدم هدايا عينية ولا يدفع أموالا بل يكتفي برحلات في الأقصر والأهرامات والمتحف المصري وحفلات عشاء واستقبال عامرة.

وقال العمري، وهو أحد أبرز كتاب الموقع العربي لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، إن المشكلة تكمن في فكر وعقلية القائمين على تلك المهرجانات وبالتالي تضرب في عمق فلسفتها ورؤيتها للسينما والمهرجانات ما بين كونها صناعة أم تجارة أم ثقافة أم ظاهرة اعلانية أم "فهلوة وهمبكة"، وهذا الخلط هو السمة الرائجة فالأساس هو المظهرية والاحتفالية والدعاية لقدرة الدولة على الاحتفال والتظاهر واستقدام النجوم والتغزل في حب مصر أو المغرب أو سحر الامارات.

واتفق معه الناقد المصري المقيم في باريس صلاح هاشم –مندوب مهرجان الإسكندرية السينمائي في فرنسا- لكنه قدم وجهة نظر مغايرة حيث تسائل بداية "كيف نطلب من الجمهور أن يأخذ مهرجاناتنا السينمائية بجدية وهي احتفالات استعراضية للمهرجين والأراجوزات؟" مضيفا أن الدور الذي تلعبه المهرجانات السينمائية في دعم الانتاج السينمائي العربي بالنسبة له شخصيا يبدو ضروريا وغاية في الأهمية، خاصة تلك التي تهتم بالإنتاج السينمائي الجاد الذي يطرح صورة صادقة لمجتمعاتنا وحياتنا ومشاكلنا.

وأشار إلى أن المهرجانات السينمائية شاشات لاكتشاف وعرض التجارب والمحاولات الجديدة التي تقدم شيئا مغايرا لا تتاح له فرص في دور العرض التجارية التي تتحكم فيها قوانين السوق، لكن أي انتاج نعني وماهي ألياته ودوافعه ولمن يتوجه، وهل هو انتاج صاحب رسالة وتوجهات أم أنه مجرد عمليات احتيال في أغلبها تشويه لتراثنا ومجتمعاتنا فليست وظيفة المهرجانات أن تروج لذلك الهراء الذي يجري الآن تعميمه في سوق الفيلم العربي.

وأضاف أن المشكلة التي تواجه هذا النوع من المهرجانات بل وأغلب مهرجاناتنا العربية -الحكومية وغير الحكومية- هي الاصطدام بالمفهوم العامي الشائع عن السينما في بلادنا وهو كونها مجرد وسيلة للتسلية وقضاء أوقات الفراغ فحسب، حيث لم يترسخ الايمان بمفهوم السينما كسلاح ضد القهر والتخلف والظلم وانعدام مناخ الديمقراطية وحرية التعبير بعد، حتى ما كان موجودا بأشكال ما منه بدأ ينحسر مؤخرا في مواجهة معركة شرسة تشنها مفاهيم الاستهلاك الشائعة الذي توفره لجماهيرنا القنوات التلفزيونية.

وليس ذلك المفهوم السينمائي حسب قوله قاصرا على العامة فقط لكنه ممتد إلى الإدارات الثقافية في البلاد العربية التي تنظر إلى السينما علي أنها مهنة للمهرجين والأراجوزات، وإلا ماكان أساتذة كبار كالدكتور صبحي شفيق الذي يلقب بشيخ النقاد السينمائيين العرب وغيره أهملوا ولم يأخذ بأرائهم أو يستفاد من خبراتهم أو تستثمر كفاءاتهم.

والغريب في رأيه "أن هناك من يدعو للاحتفاء بتلك المهرجانات ويطالب بتمجيدها والركوع تحت أقدام أصحابها ويقول من نحن حتي نحكم عليها وليس في الامكان أبدع مما كان، لذا ستظل المهرجانات السينمائية العربية على حالها باعتبار أن أغلبها يخضع للإعلام الحكومي وتوجهاته وتنظم بواسطة الموظفين الذين تترك لهم الدولة كل المناصب.

وأوضح أنه لن تكون تلك المهرجانات التي لا يقتنع الجمهور بجدواها وأهميتها إلا مجرد حفلات تصرف عليها ميزانيات ضخمة بلا عائد سينمائي وفكري حقيقي إذ يكون الاهتمام منصبا علي الشكل والهيئة والمناظر في تلك المناسبات، أما في العمق فهذه المهرجانات لاتحقق أية فائدة تذكر إلا اللقاء بين السينمائيين علي المستوي الإنساني، وقد تدعوك إلى التعرف علي المدينة فلا تخدم إلا التوجه السياحي الذي يمكن الإشتغال عليه بوسائل أخرى لكنها لا تخدم مصلحة السينما كفن بشكل مباشر.

واختلف النجم المصري حسين فهمي الرئيس الأسبق لمهرجان القاهرة السينمائي مع الرأيين السابقين فيما يخص المظاهر الإحتفالية ودعوة النجم الكبار مؤكدا أن تلك المظاهر سمة لا يمكن أن تغيب عن المهرجانات الدولية التي تحرص جميعها على الإحتفاء بالنجوم الكبار إما باستضافتهم أو تكريمهم إلى جانب الإهتمام بالشكل المهرجاني الذي يحتم وجود مظاهر احتفالية تتمثل في الاضواء والديكورات والضيوف والفقرات الفنية والجولات السياحية والندوات الفنية والثقافية، مشيرا إلى أن المهرجانات العربية لم تخترع ذلك وإنما اقتبسته من تجارب مهرجانات السينما العالمية التي سبقتها.

ولفت فهمي إلى أن المهرجانات العربية ينقصها فقط الإهتمام بالمستوى الفني جنبا إلى جنب مع المظهرية والبذخ والحفاوة التي تسطو على جزء كبير من اهتمام منظمي تلك المهرجانات وجزء أكبر من ميزانياتها بينما يتضائل كثيرا محتوى الفعاليات الحقيقية المتمثلة في العروض والندوات والمؤتمرات التني يستتبعها نشاط إعلامي ونقدي يثري المهرجانات ويميز بينها.

وقال النجم الكبير إنه خرج من تجربته الشخصية مع مهرجان القاهرة السينمائي بيقين لا يتغير حول ضرورة فصل المهرجانات السينمائية بل وكل التظاهرات الفنية والثقافية عن المؤسسات الرسمية الحكومية وتركها للمؤسسات والجمعيات الأهلية الأقدر على تنظيمها، لكنه استدرك أن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل احكام وزارات الثقافة والإعلام لسيطرتها على كل الأمور واحجام المؤسسات الإقتصادية ورجال الأعمال عن رعاية الفعاليات الثقافية والفنية مثلما يحدث في كل دول العالم.

وعلق الناقد التونسي الدكتور خالد شوكات رئيس مهرجان الفيلم العربي في روتردام قائلا: إنه لا يمكن فصل المهرجانات السينمائية في العالم العربي عن الواقع العام السائد، فإذا كان هذا الواقع مهترئا مليئا بمشاكل لا حصر لها فإن المهرجانات السينمائية لن تكون بمنأى عن تأثيراته السلبية مهما أجهد القائمون عليها أنفسهم لتقديم صورة جيدة عن أنشطتهم.

ولفت شوكات إلى دليل واضح على هذا الرأي متمثلا في العلاقات المتوترة بين المهرجانات العربية التي اعتبرها انعكاس صادق وحقيقي للعلاقات القائمة بين الدول العربية في ظل هيمنة الهيئات الرسمية على المهرجانات وعدم استقلالها عن الأجهزة البيروقراطية بما يجعلها باستمرار مناط صراعات ومماحكات ومهاترات لا صلة لها بالسينما كفن يجب أن يرتقي بالحس الإنساني ويجعله أكثر حبا وتسامحا ورقيا.

وأضاف أن هذا لا يجب أن يجعل المتابع متحاملا أو ظالما للمهرجانات العربية في المطلق، فالمطلوب الإكثار من هذه التظاهرات الثقافية ودعمها ماليا ومعنويا لا الدعوة إلى ايقافها أو التقليل من شأنها بذريعة المشاكل التي تعيشها، فخلافا لما يعتقد البعض فإن عدد المهرجانات السينمائية في العالم العربي قليل جدا قياسا بدول أخرى لا تكاد مدينة فيها تخلو من مهرجان للسينما كما هو حال فرنسا مثلا، واستطرد شوكات أن دولا عربية عديدة خالية من المهرجانات تماما ودول أخرى منها السعودية ليس بها قاعات عرض سينمائي بالأساس.

واختلف مع أراء أخرين فيما يخص التنافس بين المهرجانات السينمائية العربية وانتظام بعضها في مواعيد زمنية متماثلة أو متقاطعة معتبرا أنه لا يشكل أزمة لأن الجمهور المستهدف كبير وواسع ولا يمكن أن يكون محل تنافس، أما وسائل الإعلام العربية أو النجوم السينمائيين فيظلون عناصر مكملة وليست أساسية كما هو الحال بالنسبة للجمهور، حتى وإن سيطر بريق النجوم ظاهريا باعتبارهم وسيلة لجذب المشاهدين غير أن هذا لا يصدق دائما، وضرب مثالا بمهرجان روتردام الذي يشهد سنويا ثلاثمائة ألف زائر يحضرون العروض السينمائية والندوات رغم أنه لا يستضيف نجوما أما مهرجان القاهرة فيكاد يكون تظاهرة للنجوم بينما لا يبلغ عدد زوار القاعات عشرين ألفا.

أما بالنسبة لتشجيع الإنتاج السينمائي فقال شوكات إن المهرجانات السينمائية ليست هي المحفز الأول على الإنتاج في كل أنحاء العالم، فالسينمائيون ينتجون أولا للجمهور وليس للمناسبات على الرغم من أهميتها ففي الهند والولايات المتحدة يوجد نصف الانتاج السينمائي العالمي على الرغم من أن كلا البلدين لا يحتويان على مهرجانات هامة في حين لا يتجاوز الانتاج السينمائي الفرنسي ثلاثين فيلما روائيا طويلا بينما يوجد فيها أكثر مهرجانات العالم ذيوعا.

واتفق معه المخرج اليمني حميد عقبي مؤسس ورئيس مهرجان صنعاء السينمائي الدولي المقرر عقد أولى دوراته العام المقبل مؤكدا على ضرورة زيادة عدد المهرجانات السينمائية العربية بالنسبة لفن السينما العربي الذي لا تعرفه العديد من الدول إلا من خلال ما يعرض عليها من انتاجات أمريكية أو مصرية عبر شاشات التليفزيون بكل ما تضمه تلك الأعمال من تغريب أو قضايا مجتمعية لا تتناسب مع الواقع المحلي للدول المختلفة في ظل غياب القضايا القومية العربية عن السينما العربية.

وأضاف عقبي أن أحد أهم أزمات المجتمعات العربية القائمة التعامل مع الفن باعتباره من المحرمات رغم ما يمكن أن يقدمه للناس من خدمات ومفاهيم سياسية واجتماعية وثقافية، مشيرا إلى أن الميراث الخاص برفض الفن والفنانين تسبب في تأخر الكثير من الدول في مجال الفن بشكل عام والسينما على وجه الخصوص حيث لا تزال دول عربية بينها اليمن وعمان والإمارات والكويت وغيرها تحبو في هذا الدرب محاولة اللحاق بدول أخرى سبقتهم أبرزها مصر وسوريا ودول المغرب العربي.

واعتبر المخرج اليمني السينمائيين العرب مسئولين عن تطوير قدرات أشقائهم في الدول العربية ومساعدتهم على صنع السينما الخاصة بهم واطلاق مهرجانات على أرضهم بعد أن استفادو طويلا منهم كمشاهدين منحوا أعمالهم النجاح وحققوا لها الإيرادات دون أن يطالبوا بحقهم المشروع في ضرورة نقل تقنيات السينما إليهم ودون أن يلتفت الأخرون إلى أهمية التنافس في تحقيق نهضة فنية وثقافية عربية مرجوة.

بينما يؤكد الناقد السوري المقيم في باريس صلاح سرميني مبرمج مسابقة أفلام من الإمارات على تعدد أهداف المهرجانات السينمائية ما بين أهداف سينمائية وسياحية واقتصادية وترويجية من خلال العروض المكثفة والندوات واللقاءات والمؤتمرات والكتيبات والنشرات والجولات السياحية والسهرات والأجواء الاحتفالية باعتبارها قواسم مشتركة لكل مهرجان يطمح بأن يكون علامة فارقة في خريطة المهرجانات السينمائية وواجهة رسمية يطل من خلالها على السينمات الأخرى ويحتفي بإنتاجه المحلي.

ويضيف أن المهرجانات فرصة سنوية ينهل منها العاشق للسينما ما يشاء من الأفلام ويجد المتفرج الفضولي ما يبحث عنه ويحفز الآخرين على المشاهدة في صالات العروض السينمائية التي هجرها لحساب شاشات التلفزيون، مشيرا إلى أنه في أنحاء العالم لكل بلد مهرجانها الأكبر الذي تعتز به وتفتخر ومن الطبيعي أن تتوجه الأنظار نحو المهرجانات الكبرى بالذات بينما تدور الأخرى الأقل حجما في فلكها دون أن تصبح هامشية باعتبارها كلها تتفق في أهداف مشتركة منها تقديم الإنتاج السينمائي الأفضل والتعريف بسينمات مجهولة والكشف عن مواهب سينمائية واعدة ونشر الثقافة السينمائية وجذب الجمهور إلى الصالات.

ويشير سرميني إلى أن فرنسا وحدها تضم 500 مهرجان صغير ومتوسط وكبير عام ومتخصص وكل واحد منها يختلف عن الآخر في طبيعته وتوجهاته بينما دولة مثل مصر بريادتها وإنتاجها السينمائي الحافل وتأثيرها على سينمات الدول العربية الأخرى ينعقد على أرضها عدد قليل من المهرجانات السينمائية مقارنة بدورها ورغم ذلك لا تسلم تلك المهرجانات من الانتقادات اللاذعة التي تطالب بتقليلها أو وقفها أو توجيه المال الذي ينفق عليها لمجالات أخرى.

ويرى الناقد السوري أن الأكثر أهمية من هذا تلك التصريحات الإعلامية لبعض المسؤولين عن المهرجانات العربية نفسها, إذ يعتقد البعض منهم أحقية بلده في الحصول على كل الامتيازات, وهذا ما حدث قبل وبعد انعقاد الدورة الأولى لمهرجان دبي السينمائي عندما تقاطعت وتجاورت أيامه مع مهرجانين آخرين هما القاهرة ومراكش ونال بعض الفنانين المصريين الذين تركوا القاهرة وتوجهوا نحو دبي الكثير من الأقاويل والإشاعات والاتهامات التي وصلت حد الخيانة بحيث اختلط المعنى ما بين خيانة المهرجان والوطن.


ليست هناك تعليقات: