السبت، أغسطس 31، 2013

فضل رفاعة الطهطاوي على المتحف المصري وآثار بلادنا بقلم صلاح هاشم مصطفى




فضل الشيخ رفاعة الطهطاوي
 على المتحف المصري وآثار بلدنا

بقلم


صلاح هاشم مصطفى


من ضمن الكتب والوثائق التي أتيت عليها قبل الشروع في  اخراج فيلمي الوثائقي عن رفاعة الطهطاوي كتاب " فراعنة من ؟ "  لدونالد مالكوم ريد WHOSE  PJARAOHS ? BY .DONALD MALCOLM REID
هو كتاب تحفة بحق، واعتقد انه ترجم بمعرفة المركز القومي للترجمة في مصر، فهو كتاب في علم الآثار والهوية المصرية الوطنية من عصر نابليون وحتى الحرب العالمية الاولى، ويفرد فصلا عن افضال الشيخ الازهري العالم والمفكر الجليل رائد نهضة مصر والعرب الحديثة، أفضاله على المتحف المصري والحفاظ على آثار بلدنا  وذاكرة الحضارة المصرية التي تمتد اننجازاتها الى 7 آلاف سنة، وكان رفاعة سافرالى باريس وهو لايعي ويدرك بعد - من أين له ذلك وقد كانت مصر وقتها ترزح تحت الخلافة العثمانية وحكم محمد علي ؟ - أنه ينتمي الى وطن أسمه مصر، له تاريخه وأمجاده وأفضاله على الانسانية ، فلما عاد وصار مصريا، نجح في الضغط على محمد علي باشا لاصدار قرار يمنع  تصدير أو المتاجرة في الآثار ، ودعوة اي مصري يعثر على أثر فرعوني تسليمه الى مدرسة الالسن التي أنشأها الطهطاوي عند عودته من رحلته، لكي تعرض في فناء المدرسة ! وما لانعرفه نحن المصريون عن الطهطاوي وأثره في الحفاظ على تاريخ وحضارة بلدنا، ومالم نتعلمه في مدارس ولم نسمع به في اعلام اذاعي او مرئي رسمي سافل وتابع رديء ومنحط للأسف، هو أن تلك الاثار التي جمعها الطهطاوي شكلت أو كانت " نواة " لأول متحف ينشأ لحضارة مصر في البلاد الا وهو " المتحف المصري " ..
واترككم الآن هنا في " مختارات إيزيس " مع مقال ممتاز بعنوان " المتحف المصري بين الاصالة والتجديد " للمهندسة المصرية ياسمين زكي وهو يحكي عن كل تلك الاشياء التي ذكرتها، لنعرف من نحن ، ويزيد، وتمنياتي بقراءة ممتعة ..


-----

مختارات إيزيس

المتحف المصري بين الأصالة والتجديد


بقلم

المهندسة ياسمين زكي



يتميز المتحف المصري الذي أنشئ قبل مائة عام فقط (1902م) بأنه أكبر متحف في العالم يضم حضارة شعب واحد ؛ فمتحف اللوفر أو المتحف البريطاني بلندن أكبر منه بثلاثة أضعاف تقريبا ، لكن لا يضم أي منهما حضارة شعب واحد، فهما يضمان الحضارات الآشورية والإغريقية والمصرية والسورية وغيرها.
وهناك أهمية ثانية لهذا المتحف ، فهو أول متحف في العالم صُمم ونفذ منذ البداية ليؤدي وظيفة المتحف عكس ما كان شائعا في أوربا من تحويل قصور وبيوت الأمراء والنبلاء إلى متاحف .
هذا إلى جانب ما يضمه المتحف من مجموعات أثرية لا مثيل لها في العالم، وطرازه المعماري الذي فاز من بين 73 تصميما، وضعه المهندس الفرنسي "مارسيل دورنون" شيد على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية ، وليس على هيئة المعابد المصرية أو متأثرا بالحضارة المصرية القديمة، فهو لا يحوي أي تأثيرات للفن المصري القديم إلا في تصميم حجراته أو قاعاته الداخلية؛ فمدخل القاعات يحاكي ضريح المعابد المصرية ، والحجرات تحاكي معبد أدفو.

أما واجهة المتحف فهي على الطراز الفرنسي بعقود دائرية ، تزينها لوحات رخامية لأهم وأشهر علماء الآثار في العالم، وعلى جانبي باب الدخول الخشبي تمثالان كبيران من الحصى لسيدتين على الطراز الروماني، ولكن برؤوس فرعونية.

وقد يكشف هذا رؤية المسئولين المصريين قبل مائة عام وانجذابهم للعمارة الفرنسية ، وبالتالي جاء المتحف فرنسيا في الواجهة فرعونيا من الداخل حتى يتسق مع المعروضات. كما يضم المتحف مكتبة كبيرة تجمع مؤلفات الآثار والتاريخ والحضارة والديانات باللغات المختلفة.
لكن رغم أهمية هذا المتحف فإنه لم يكن هو المتحف الأول في مصر، فقد أقام محمد علي أول متحف في مصر عام 1835م بمنطقة الأزبكية (وسط القاهرة) ، وأشرف عليه الشيخ رفاعة الطهطاوي ، وقبل هذا التاريخ كانت القنصليات الأجنبية في مصر تقوم بإرسال الآثار المصرية إلى أوربا وازدهرت تجارة الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر، لكن رفاعة الطهطاوي نجح في إصدار قرار بمنع التهريب والاتجار في الآثار المصرية إلى الخارج ، ولكن بوفاة محمد علي باشا (1849م) عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول، حتى إن دوق فرنسا "مكسميليان" عند زيارته للقاهرة شاهد مجموعة الآثار التي كانت جمعت وأعجب بها، فما كان من الخديوي عباس الأول ( والي مصر وقتها ) إلا أن أهداها إليه دون أن يبقي منها شيئا، وانتهى أمر أول متحف في مصر.
حتى جاء لمصر "أوجست مارييت" (1821-1881) الذي أرسله اللوفر لشراء مخطوطة قبطية من مصر، لكنه عشق مصر وأخذ يقوم باكتشافات أثرية هامة ، وأقنع المسئولين بإنشاء هيئة للآثار ومتحف، وبالفعل أنشئ المتحف عام 1863 إلا أنه تعرض لفيضان النيل وفقدت بعض مجموعاته التي اكتشفت في ذلك الوقت، حتى تم التفكير في إنشاء المتحف المصري بعد ذلك.
ومن هذا التاريخ يوضح أن هناك طرقا (شرعية) - حسب تعريفات الاتفاقيات الدولية- خرجت بها الآثار المصرية بخلاف الطرق غير الشرعية مثل السرقة أو التهريب ، والتي يمكن استردادها بجهود دبلوماسية وعن طريق القضاء الدولي.
ومن هذه الطرق الشرعية الإهداءات، بالإضافة إلى أن قوانين الآثار في مصر كانت تسمح للبعثة الأجنبية التي تساهم في كشف أثري بأخذ جزء من هذه المكتشفات تصل أحيانا إلى النصف !! حتى صدرت قوانين بمنع ذلك.

كشفت الاحتفالية التي أقامتها وزارة الثقافة المصرية بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء المتحف المصري عن أهمية خاصة لهذا المتحف عالميا من ناحية، وأهمية تاريخية لنظرة المصريين إلى تراثهم وآثارهم من ناحية أخرى، وكذلك رؤية جديدة لهذا المتحف الذي يضم ثروة هائلة لا مثيل لها في العالم يدخل بها عصر زيارة المتاحف عن بعد!!
استمرت الاحتفالية 4 أيام من 9-12 ديسمبر 2002 ، كما تخلله مؤتمر عن فن إدارة المتاحف.


كانت المفاجأة التي انتظرها الجميع هي تلك الآثار التي عرضت لأول مرة للجمهور، حيث ضمت 250 قطعة من الآثار الفرعونية التي كانت موجودة بمخازن المتحف المصري ولا أحد يعلم عنها شيئا وبعضها بمخازن حفائر جامعة القاهرة، وأخرى استردت مؤخرا لمصر، مثل: تمثال الكاهن (مونتو) ومجموعة من الأقنعة الفرعونية، ومجموعة من التماثيل التي هربت من مصر إلى إيطاليا، وأربعين قطعة من آثار الملك توت عنخ آمون (1340 ق.م ) لم تعرض من قبل ، وتمثال فريد للكاتب المصري يختلف عن الموجودين بالمتحف المصري ومتحف اللوفر بباريس.

وقد دارت مناقشات الاحتفالية حول محورين رئيسيين:
الأول: مصير الآثار المخزنة وامتلاء المتحف المصري بمائة وستين ألف قطعة أثرية، بالإضافة إلى الآلاف الأخرى المخزنة في طابق تحت أرض المتحف غير معروضة لعدم وجود مكان لها.
والثاني: إذا كان يمكن استرداد قطع أثرية مصرية موجودة في دول العالم لأنها خرجت بطريق غير شرعي، فهل هناك طرق شرعية لخروج الآثار من موطنها لا يمكننا استردادها بعد ذلك؟!
وعن المحور الأول فقد دفع امتلاء المتاحف بالآثار المخزنة وامتلاء المتاحف وزارة الثقافة المصرية إلى التفكير في إنشاء متحف آخر لهذه الآثار بمنطقة الأهرامات بالإضافة إلى البدء في إنشاء عدة متاحف في المناطق السياحية مثل الغردقة وشرم الشيخ والعريش، وهي وجهة نظر تجعل الآثار في خدمة السياحة، وفي نفس الوقت تدفع الكثير من القطع الأثرية المخزنة لترى النور، وقد لاقت هذه الفكرة الكثير من التأييد والمعارضة في الوقت نفسه .
أما المحور الآخر وهو الخروج غير الشرعي للآثار والخروج الشرعي ،
فكان لهما وقفة لاتخاذ بعض الإجراءات و الاتفاقيات المقننة للحد من خروج الآثار من الدولة .

بالتأكيد هي معادلة صعبة أن تحقق أحدث أساليب العرض مع الاحتفاظ بالشكل التاريخي للمتحف، ولكن أصبح هذا الهدف هو أحد أهداف القرن التالي للمتحف المصري، فبعد أن بقي مائة عام يكتظ بآلاف القطع التي تضاف إليه، فخلال العامين القادمين ستجرى أعمال تطوير جديدة بمشاركة خبراء إيطاليين، لتضاف إليه مبان جديدة، مع تغيير نظام الإضاءة داخل المتحف تبعا لكل قطعة أثرية، وإضافة متحف للطفل وآخر للمكفوفين، وحل مشكلة تكدس الآثار من خلال توزيع بعضها على المتاحف التي أنشئت مؤخرا مثل مشروع المتحف المصري الجديد، ومتحف الحضارة بمنطقة الفسطاط بالقاهرة، والمتاحف التي أنشئت مؤخرا في مدن الغردقة وشرم الشيخ والعريش، بالإضافة إلى تحويل قاعات الطابق تحت الأرضي للمتحف بعد إخلائه إلى معرض ومدرسة للحضارة واللغة والتاريخ لدارسي الحضارة الفرعونية تبدأ الدراسة بها في يناير 2003 المقبل ومدة الدراسة بها ستة أشهر.
ويضاف إلى خدمات المتحف وتجهيزاته خدمة الدليل الإلكتروني ( المرشد الإلكتروني ) وهو كمبيوتر يدوي مخزن عليه معلومات تاريخية عن كل القطع الموجودة بالمتحف لتمكين الزائر من معرفة هذه المعلومات، مع إمكانية التعليق الصوتي المسموع، ويعد هذا أول استخدام لهذا النظام في العالم، كما يمكن الزائر من خلال الإنترنت التجول داخل المتحف عن بعد وهذا ما يؤكده مدير المتحف المصري "ممدوح الدماطي" .


قررت مصر تنظيم مسابقة معمارية دولية لتصميم المتحف المصري الجديد الذي سيقام على مساحة 117 فدانا (480 ألف متر مربع) بالقرب من أهرامات الجيزة وسيضم المتحف مجموعة كبيرة من الآثار الفرعونية الموجودة حاليا في المتحف المصري بوسط القاهرة إضافة إلى 3500 قطعة من الكنوز الثمينة الخاصة بالفرعون المصري توت عنخ آمون الذي عاش في القرن الرابع عشر قبل الميلاد .
يرعى المسابقة التي سيسمح للمعماريين من جميع أنحاء العالم بالاشتراك فيها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي للمعماريين . وتبلغ تكلفة إنشاء المتحف الجديد 350 مليون دولار تقريبا ويتوقع الانتهاء منه خلال خمس سنوات ومن المقرر أن يتكون المتحف الجديد من عدة متاحف تحكي مراحل تطور الحضارة المصرية عبر العصور !
.

ليست هناك تعليقات: