الأحد، يناير 06، 2013

الفيلم المستقل بين انتشاره في الخارج وسوء توزيعه بالداخل بقلم رانيا يوسف




الفيلم المستقل بين انتشاره في الخارج وسوء توزيعه بالداخل









بقلم
رانيا يوسف
"
لقطة من فيلم طلوع النهار لهالة لطفي
 
بعد الانتشار الواسع الذي حققه "تيار السينما المستقلة" شهدنا تراجعا كبيرا في الإيرادات التي حققتها بعض هذه الأفلام التي عرضت على الجمهور في دار العرض, وعلي الرغم من أن إنتاج الأفلام الروائية الطويلة للسينما المستقلة في مصر مازال محدوداً مقارنة بالإنتاج التجاري لكنه الآن أصبح أسرع انتشاراً وأكبر تأثيراً مقارنة ببداية ظهوره في العشر سنوات الأخيرة الماضية وأصبح النوع السينمائي الأكثر مشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية والذي يحصد فيها أكبرعدد من الجوائز.
رصيد السينما المستقلة من الأفلام القصيرة والتسجيلية يصعب حصرها نظراً للسهولة التي منحتها تقنية الديجيتال لأي فرد يرغب في صنع فيلم قصير,ولكن هذا الإنتاج لم يلق أي صدي حقيقي من جانب المنتجين، نظراً لعدم وجود قاعات عرض دائمة لهذه النوعية والتي تبتعد عن منافسة الفيلم الروائي الطويل.
في هذا الصدد قالت المخرجة هالة لطفي الذي حاز فيلمها الجديد "الخروج إلي النهار" على عدة جوائز من مهرجانات عربية آخرها فوزه بجائزة مهرجان وهران بالجزائر في تصريح لـ "البديل"، إن فرص عرض الأفلام المستقلة تجاريا فرص كبيرة جدا في هذا التوقيت، لأن إنتاج الأفلام المصرية أصبح قليل جداً، في المقابل يتزايد اعتراف الجمهور ووعيه بوجود السينما المستقلة.
وبعض الشركات التي تحتكر توزيع الفيلم السينمائي في مصر لا تمانع من تسويق الفيلم المستقل، لكن أصبحنا نحن من نعارض اسلوبهم في ذبح هذا الإنتاج مثل تخصيص قاعة أو قاعتين عرض له فقط، أو أنه يعرض لمدة أسبوعين أو ثلاثة فقط، ودون بذل أي مجهود مادي في توفير دعاية مناسبة للفيلم، وكأن هذا هو منتهى طاقتهم ثم يعودون ليصرحوا أن الفيلم المستقل لم يحظ بالإقبال ولا النجاح الجماهيري الملحوظ وانه لم يلق استحسان الجمهور.
وأضافت المخرجة هالة لطفي " لو انتجنا عددا اكبر من الأفلام المستقلة سنقف على أرض صلبة يمكننا وقتها أن نفرض رؤيتنا وطلباتنا علي الموزعين، وإذا منحت شركات التوزيع نفس الاهتمام الذي تمنحه للفيلم التجاري الي الفيلم المستقل سننجح في التواصل مع الجمهور".
كيف تصل أفلامنا الي جمهورها الحقيقي؟ هذا ما نعمل عليه منذ فترة، نبحث عددا من الاقتراحات التي طرحت قديما، مثل استخدام قصور الثقافة ومراكز الشباب المنتشرة على مستوى الجمهورية والمعطلة بالكامل وعمل ورش للتدريب على صناعة الأفلام في المناطق البعيدة والمحرومة من أي تنمية ثقافية وإقامة ليالي عرض أفلام أسبوعية على الأقل وهذه هي الطريقة الوحيدة لبناء قاعدة جمهور حقيقية تدافع عن ثقافتها وتحفظ هويتنا.
وأكدت هالة لطفي أن السينمائيين الشباب مؤمنون بأنهم سيبنون قاعدة جماهيرية جديدة بذوق راق سيغير شكل الخريطة السينمائية الحالية، وعبرت انها تتخيل دار عرض يعرض فيها فيلم قصير بدون استراحة أو إعلانات، وأشارت إلى انها تتحدث حالياً مع بعض الجهات لاستقطابهم، وقالت انها عندما كانت مؤخراً في مهرجان وهران لمست اهتمام الجمهور بالاقبال علي المشاركات المصرية في المهرجان وهي اعمال فنية وليست تجارية والسينما كانت دائماً ممتلئة، رغم ان فيلمي يحمل كثيرا من الحزن فإن الجمهور أكمله للنهاية، حيث تأكدت اننا إذا ذهبنا بأفلامنا لجمهورها الحقيقي سيقدرها، لذا وجب علي السينمائيين ان يستعيدوا قيمتها كمعبد ومكان للثقافة والرقي والجمال والحلم.
أما المخرج أمير رمسيس قال للبديل، أعتقد أن مستقبل السينما المستقلة في دورالعرض مازال مرهونا بآليات الصناعة، في معظم دول العالم السينما المستقلة لها حيز دائم في صالات العرض لأن لها قاعدة جماهيرية كبيرة في هذه البلدان، لديها وعي ورغبة في مشاهدتها.
و في مصر أعتقد ان معظم الافلام المستقلة التي عرضت في السينما لم يكن لديها حظ مع الجمهور لأنها مبتعدة تماما عن ذوقه واتجاهاته، فمثلاً كل الذين أسسوا السينما المستقلة في أمريكا مثل "كاسافيتس" و بعده "جيم جارموش" كانت أعمالهم بشكل ما فيها شيء من الجماهيرية، أما الافلام المستقلة المبتعدة عن الجمهور فتواجه صعوبات في العرض حتى في اكثر الدول احتواءً لها، مثل سينما " نينا مينيكس".
لكن علي أرض الواقع نعيش لحظة تاريخية ممكن فيها كسب رقعة كبيرة جدا للسينما المستقلة بشئ من التخطيط و استغلال فراغ دور العرض، أما شركات التوزيع مطلوب منها أن تتعاون في هذا الشأن، و التعاون و دعم هذه الأفلام مادياً بسلف توزيع حتي يضمنوا تشغيل القاعات.
ويظل الوصول الي الجمهور هو الاشكالية الأكبر، ولكن يجب للسينمائي ان يخطو خطوة نحو هذا الجمهورإذا رغبنا في فرض هذا النوع في السوق كفيلم جماهيري، أو صناعة فيلم متسق مع ملاحظة ان الفيلم المستقل ليس نوعا إنما توصيف انتاجي  بمعني انه وارد أن يكون لدينا فيلم مستقل كوميدي او استعراضي أو أكشن.
السينمائيون لابد ان يقدموا كل الانواع الفيلمية وملامح الفيلم المستقل تخرج برة المألوف، ولا نحول الفيلم المستقل لنوع واحد لان هذا فيه قتل للفيلم المستقل، مثلما تحولت السينما الايرانية لنوع في بداية الألفينات، حتي أصبح الفيلم الايراني المغاير في شكل السرد و الايقاع مثل اعمال المخرج الايراني جعفر باناهي خارج منظومتنا النقدية لأنها افلام كسرت الشكل المتعارف عليه في السينما الايرانية.
وحول عرض فيلمه التسجيلي "عن يهود مصر" في دور العرض قال المخرج أمير رمسيس إن هناك مفاوضات مع احدي شركات التوزيع لعرض الفيلم تجارياً الا انها توقفت الاسابيع الماضية بسبب الأحداث التي كانت تشهدها مصر.
وأكد امير ان الدعاية و عدد دور العرض مرتبط شرطيا بنوع الجمهور المهتم  و يتزايد طرديا مع زيادة اهتمام الجمهور بل بالعكس اعتقد ان تكثيف عدد السينمات او تقليلها يصب في مصلحة الفيلم  للمحافظة على فكرة ان الفيلم يحقق "الهولد اوفر" اما اذا تشتت على عدد من السينمات هذا قد يقتل الفيلم.
وأكد المخرج أحمد عبد الله حول ظروف عرض فيلميه هليوبوليس وميكرفون في دور العرض , أن ظروف عرض الفيلمين كانت مختلفه ففيلم "هيليوبوليس" عرض لمدة ثلاثة أسابيع فقط ولم توفر له شركة التوزيع الدعاية الكافية له ربما بسبب قلة تكاليفه حيث إن الموزع يفضل صرف أموال الدعاية علي نوعية الأفلام التجارية بالغة التكاليف.
اما ظروف عرض فيلم "ميكرفون" كانت أشد صعوبة حيث عرض الفيلم يوم 25 يناير أي أول يوم من أيام الثورة، ومع تصاعد الاأحداث أغلقت لفترة دورالعرض مما تسبب في تراجع إيرادات الفيلم , لكن الفيلم حقق نجاحا علي المستوي النقدي حيث أشاد به النقاد كما نال الفيلم عدة جوائز من المهرجانات السينمائية الدولية التي شارك فيها, من ضمنها الجائزة الكبري لمهرجان قرطاج , والجائزة الاولي في المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائي.
كما طرحت شركة الشركة العربية للانتاج والتوزيع فيلم حاوي في دور العرض، واكتفت بتخصيص قاعتين عرض فقط، واحدة في مدينة الاسكندرية والأخري في القاهرة, وكانت الشكوي الأكثر التي استفزت المشاهد الذي استنزف وقته بحثاً عن الفيلم بين القاعات المختلفة هو إعلان الشركة عن عرض الفيلم في أماكن محددة عندما ذهب إليها الجمهورلم يجد الفيلم أو أي إشارة عن انتقاله لقاعة أخري.

عن " البديل " بتاريخ 5 يناير

ليست هناك تعليقات: