السبت، يناير 26، 2013

مختارات إيزيس : رانيا يوسف تكتب عن مهرجان الأقصر للسينما الافريقية

فيلم الخروج للنهار يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان

مختارات إيزيس


مهرجان الاقصر للسينما الافريقية ..

  مهرجان سينمائي ام سياسي ؟


بقلم
رانيا يوسف
 


شغل توتر العلاقات السياسية الخارجية لمصر مع عدد من الدول حيز كبير من اهتمام الحكومات التي توالت علينا بعد الثورة، اهمها كان عودة العلاقات الايرانية مع مصر ، وتهدئة التوتر القائم بيننا وبين دول حوض النيل وتراجع الدور المصري في القارة الافريقية التي تنتمي اليها مصر، وهي المشكلة الخارجية الأكبر التي تركها النظام السابق قبل رحيله، والمشكلة الاولي التي بدأ النظام الجديد في وضع سياسات متعددة لحلها ،حيث عقد مؤتمرات وارسال بعثات دبلوماسية الي عدد من الدول الافريقية للتذكير بدور مصر الرائد في هذه القارة التي تعتبر صمام الامان للأمن القومي المصري.


شهد المؤتمر الصحفي الذي عقد منذ ايام للاعلان عن تفاصيل الدورة الثانية من مهرجان الاقصر للسينما الافريقية حضور ملفت لعدد من سفراء الدول الافريقية منهم سفير اثيوبيا ومالي والجزائر، بالاضافة الي السفيرة مني عمر مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية،ود. خالد عبد الجليل رئيس قطاع الانتاج الثقافي في وزارة الثقافة، وعدد من الفنانيين والنقاد، وشهد المؤتمر أهتمام كبير من وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية، فلم يكن المؤتمر مجرد اعلان عن المشاركات في دورته المقبله لكنه كان اشبه بالاحتفالية التي تعكس مدي اهتمام الدولة بشكل خاص بانجاز هذا المهرجان ، الترحيب الكبير الذي ابدته وزارة الخارجية لهذا الحدث الفني بالتعاون مع القائمين عليه ومنحهم التسهيلات والمساعدات والدعم حتي وان كان دعم لوجيستي فضلا عن اي مهرجان اخر يضع المهرجان في قالب سياسي ، ولا حرج في توظيف الفن لخدمة المجتمع،واستخدام السينما كقوة ناعمة في التواصل بين الدول فهذا من اهداف الصناعة ،ولا حرج في اقامة مهرجان سينمائي أو فني ترعاه وزارة الخارجية تنظيمياً، للمساهمة في استعادة دور مصر في القارة الافريقية بعد تراجع دورها بشكل ملحوظ قبل الثورة، ولكن الحرج ان يتوقف دور المهرجان عند هذا الحد ، دون ان تلعب الهوية الرئيسية للمهرجان وهي السينما دور حقيقي في هذا الشأن ويقولب المهرجان الي مهرجان سياسي او حدث دبلوماسي.


قد اعلن القائمين علي المهرجان منذ تدشينه إن رسالة المهرجان هي دعم وتشجيع إنتاج الأفلام الأفريقية والشراكات بين دول القارة من خلال تقوية الروابط الإنسانية والسياسية بين المشاركين في المهرجان بوجه عام والفنانين الأفارقة بوجه خاص،هذا الهدف النبيل لا يعيد الروابط بين مصر والدول الافريقية وحسب بل يجسد مدي شعبية السينما المصرية وريادتها في العالم الذي بدا منذ اكثر من مائة عام، لكنه تراجع هو الاخر مثل الموقف السياسي في فترة ما قبل الثورة ولازال علي حاله لم يستعيد عافيته ، لكن ارهاصات الدورة الاولي للمهرجان والتي قد نمنحها صفة "دورة صحافيه" بامتياز، لا يمكن ان نستقي منها مدي النجاح او الاخفاق الذي حققه المهرجان علي المستوي الفني لا السياسي، ولكن اتمني ان تتجاوز ادارة المهرجان هذا الاخفاق في الدورة الثانية من خلال مشاركات هذا العام.


السؤال المحير هنا هو كيف لدولة تقمع حكوماتها فنانييها في الداخل وتسمح بسبهم ، وتحاول تحجيم حريتهم في التعبير وتقوم بتكميم افواه الاعلاميين ومحاصرة ارائهم علي صفحات الجرائد ، كيف لدولة تقوم بذبح ميزانية انتاج الاعمال السينمائية والمسرحية التي تدعمها سنوياً بحجة تدهور وضعنا المالي، ان تؤمن بتوظيف الفن واستخدامه وسيلة ناعمة لحوار الشعوب،الذي يدفع حكومة الي توظيف الفنون لاستعادة علاقتها مع بلد مقطوع معها العلاقات، بالطبع ليس ايماناً من الدولة بدور الفنون والا كانت احترمت حرية الفن وحرية التعبير علي ارضها اولاً وصانت حق مبدعيها.


كانت اول الدول التي فكرت الحكومة الجديدة ان تعيد اواصل الصداقة بيننا و بينها هي اكثر الدول قمعاً لحرية الابداع وهي ايران،فكيف لفناني مصر وكتابها ان يقبلوا زيارة ايران وهي نفسها التي حكمت علي واحد من ابناءها وهو من اهم مخرجي ايران والعالم المخرج جعفر بناهي بالسجن 6 اعوام وحرمانه من ممارسة حقه في الحياة 20 عاماً، والحياة عند اي مبدع هي الحرية ، والفن هو سلاح الحرية، ولم اذكر ايا من الفنانيين او الكتاب الذين شاركوا في زيارة ايران انه قدم احتجاج الي وزير الثقافة الايراني بشأن بناهي، او اعلنوا امام الشعب الايراني تضامنهم وفناني مصر جميعاً مع بناهي المسجون داخل جدران بيته لأنه فكر ان يصور فيلم يرصد فيه واقع الانتخابات الايرانية الاخيرة،وكما ذكر الناقد الاستاذ طارق الشناوي في مقالة له في جريدة التحرير حيث كان من ضمن هذا الوفد انه اعلن احتجاجه بشكل فردي امام وزير الثقافة الايراني ،فيما يخص حبس بناهي بتهمة التحريض علي قلب نظام الحكم بسبب نيته في صنع هذا الفيلم الذي لم يصور بعد، لكن القائمين علي ترجمة الحوار من العربية الي الفارسية لم يقوموا بترجمة حديثه.


عن اي تعاون مشترك نتحدث، عن السينما الايرانية التي نطير بها عند مشاهدتها في ارقي المهرجانات السينمائية، تلك الاعمال صورت خارج نطاق الدول وضد رغبة الحكومة الايرانية،هذه الاعمال تحرر مبدعيها قبل ان يقدموها لذا نجحوا في الوصول بها الي العالمية.


اما الفن الذي يصنع تحت عباءة دولة تتحكم في انفاس البشر وتحاسبهم علي نواياهم ،هو فن عاهر،كيف لنا ان نأخذ صناعة الفن في ايران كمثال ننبهر به كما اعلن احد الفنانيين الذي شارك في الوفد ،فما بال بلد تنشأ اعظم مدينة سينمائية علي اراضيها وتأسر اعظم مخرجيها بين اربع جدران ، ليس هذا الفن الذي نسعي اليه ولا هذه الحرية التي ننشدها بعد الثورة، ولا هذا النموذج الذي يحتذي به فناني مصر.

 

   


عن البديل بتاريخ 25 يناير 2013

ليست هناك تعليقات: