الجمعة، نوفمبر 23، 2018

سينما الغد في مهرجان القاهرة 40 في ورشة للمخرج البريطاني الكبير بيتر جريناواي بقلم صلاح هاشم






سينما الغد في مهرجان القاهرة 40
في ورشة للمخرج البريطاني الكبير بيتر جريناواي
بمناسبة تكريمه في الدورة 40

بقلم

صلاح هاشم


10 أفكارأساسية  حول " سينما الغد " في " ورشة " مع المخرج البريطاني الكبير بيتر جريناواي..

جريناواي يطلق النار على كتاب السيناريوفي الدورة 40


" ..  السينما لم تحقق وعدها  في أن تصبح 24 صورة للحقيقية "
بيتر جريناواي

" دعونا ندخل السينما الى المعارض والمتاحف والجالريهات وحتى البيوت. "
بيتر جريناواي





أعتبر أن مهرجان القاهرة السينمائي ومنذ اليوم الأول للمهرجان، ومع بدء العروض، حقق " ضربة معلم" حين أقام يوم الأربعاء 21 نوفمبر " ورشة " رائعة ومثيرة للجدل للمخرج البريطاني الكبير بيتر جريناوايPETER GREENAWAY الذي يعتبر من كبار المخرجين " المؤلفين " في العالم، و كانت درسا عظيما في السينما..

فجريناواي، ليس مخرجا فقط، بل هو رسام وفنان تشكيلي وكتب للمسرح والأوبرا، ولم يبدأ يمارس مهنة الاخراج السينمائي إلا عام 1966 ،حتى أنه حين حقق فقط فيلمه الأول " عقد المصمم "THE DRAUGHTSMAN CONTRACT عام 1982 وأعجب به نقديا، جعله الفيلم عالميا واحدا من أكثر المخرجبن " أصالة " وأكثرهم أهمية في الوقت الحاضر..

قدم جرينواي واقفا،عرضا مثاليا من عروض الممثلONE MAN SHOW، وهويحكي واثقا جدا من نفسه ومتهكما،عن فلسفته ومنهجه في صنع الأفلام،وهو يستشرف أفاق "سينما الغد"، سينما المستقبل الجديدةالمستفيدة من انجازات التكنولوجيا الرقمية، ضد مفاهيم السينما الشائعة، التي مازالت مكبلة بالسيناريو، وتعتمد على تصوير قصة، ومصابة بداء الكلام، وتدور حول نفسها..


السينما ماتت منذ زمن



ومنذ أول لحظة وضع جريناواي عنوانامستفزا للمحاضرة على الشاشة، معلنا أن : " السينما ماتت. تعيش السينما "THE CINEMA IS DEA  لينبه الى أن السينما التي كنا نعرفها ومازلنا، ماتت  منذ زمن، وأصبحت موضة قديمة، فالشباب مثلا في هولنداالتي أتخذها سكنا، لم يعودوا يترددون على السينما، لأن هناك الآن كما قا،ل ألاف الشاشات التي تقصفنا بصورها في العالم، وفي كل لحظة، بل وحتى داخل جيوبنا، عبر شاشات الهاتف المحمول..


10 أفكار أساسية حول سينما المستقبل


يقول جريناواي أن السينما خذلتنا، وخيب أملنا، لأنها لم تحقق جل طموحاتنا، لم تحقق وعد السينما في أن تصبح كما يقول جودار" صورة للحقيقة "، أو 24 صورة للحقيقة،من خلال 24 صورة في اللقطة السينمائية الواحدة. وطرح جريناواي 10 أفكار أساسية في درسه السينمائي الكبير..



1.     نبه أولا الى أنه يدعو بمحاضرته الشباب، أن يستفيدوا من إنجازات وابتكارات التكنولوجيا الجديدة، وأن يجربوا ويصبحوا مخرجين أيضا، لكن لصنع أفلام مغايرة، تقطع تماما مع الكلمة،أفلام تعتمد على الصورة،مع استغلال الامكانيات المذهلة لتأثيرات شريط الصوت في الفيلم..
2.     ذكر في محاضرته أن الصوت يساهم بـ 60 في المائة من شحنة الانفعالات أو الطاقة الانفعالية  التي تملؤنا حين نشاهد عملا سينمائيا ، بينما تساهم الصورة بنسبة 40 في المائة فقط، وبذلك يصبح الأهتمام بالصوت وتأثيراته في العمل أهم من الأهتمام بالصورة ..

3.     قال أن السينما لاعلاقة لها كما نظن أو نتوهم بالكلمة.لغة السينما هي الصورة، أما الكلمة، فانها تنفع فقط للأدب،و للسرد والحوار والحكي. السينما هي أن تحكي بالصورة، وهنا يكمن أيضا، سر أعجابنا بالأفلام الصامتة، ومع ظهور الكلام في الأفلام، واعتمادها تدريجيا على الحوار والسيناريو، خربت السينما،كما يقول، خربت الدنيا ، وماتت السينما..

4.     يقول أن جرينواي اننا عشنا لزمن طويل نظن وبسبب معتقدات كتبها لنا بعض حكماء اليهود في كتب مقدسة بأنه في البدء كانت الكلمة، بينما يري أنه في البدء كانت " الصورة " .. وإلا فكيف تعلم آدم نطق الأسماء..

5.     يذكرجرينواي المخرج المؤلف و المفكر السينمائي البريطاني الكبير أن معتقداتنا بخصوص السينما صارت معتقدات بالية،بل لربما ماتت من دون أن ندري، واننا لا نحتاج الآن للذهاب لعلبة يقصد " دور العرض " لمشاهدة الأفلام، لأننا نقصف بالصورمن خلال آلاف الشاشات، كما اننا لانحتاج الآن لمشاهدة السينما في الظلام، كما تعودنا،فالانسان كما قال جرينواي ليس حيوانا ليليا..ويجب أن نراجع من جديد معتقداتنا التي عفى عليها الزمن عن السينما..

6.     ينبه جرينواي الى أنه يجب الاستفادة من جميع الوسائط الاعلامية الميديا كلها، ويقول ".. لقد صنعت 60 فيلما خلال 40 سنة سينما، وجربت كل أشكال الفنون، من سينما ومسرح وأوبرا، وشيدت العديد من المنشآت الفنية التشكيلة، في أكبر المعارض في العالم، لكي اوفق بين كل تلك الفنون، وأجمّعها، لخلق " إمكانيات " جديدة ..

7.     فكرة تفسيم الشاسة الواحدة الى " شاشات متعددة " كما فعل الفرنسي أبل جانص في أفلامه هي فكرة مثيرة عند جرينواي، ومرحب بها، وتستهويه كثيرا..

8.     ذكر جرينواي في محاضرته الشيقة، ان أجمل الأفلام، مثلها في ذلك مثل اللوحات الفنية،هي التي لاتحكي قصة، كما قال الرسام الفرنسي الكبير الانطباعي كلود مونيه..وأضاف : " .. دعونا لاندعي أن الأفلام يمكن مشاهدتها فقط في قاعة سينما . خذوا الأفلام الى المتاحف والمعارض و جاليريهات الفن التشكيلي، واعرضوها حتى في البيوت..

9.     دعا جرينواي في محاضرته صاحكا الى إطلاق الرصاص على كتاب السيناريو، وطالب كتاب السيناريو الموجودين في القاعة بأن يذهبوا ويكتبوا روايات، فقد وقفت السينما، بسبب اعتمادها على السيناريو والكلمة محللك سر، ولم تتحرك من مكانها، وكررت موديلاتها ونماذجها، لأكثر من مائة سنة، بينما تقدم الفن التشكيلي كثيرا،وطالب جريناواي كتاب السيناريو، بأن لايوسخوا السينما بسيناريوهات أفلامهم،  ومهما كانت هذه السيناريوهات كتابتها رائعة وعظيمة..

10.    المخرج الجديد كما ذكر جريناواي في محاضرته هو "فنان" جديد، يفضل في تجاربه الجديدة أن يتجاوز الكلمة، ليبحث في مكانها عن أبعادا وآفاقا بصرية سمعية جديدة، أبعد وأوسع..

وقال جرينواي أنه لايعتقد أن السينما تحسن الروايةSTORYTELLINGرواية الحكايات،ولذا طالب بأن لايضيع كتاب السيناريو وقتهم في الكتابة للسينما، لأن السينما من وجهة نظره، غير صالحة للاشكال السردية, يجب أن نقطع الحبل السري الذي يربط السينما بأرفق المكتبات، وأن نشطب من أذهاننا فكرة أن تكون السينما معتمدة على نص مكتوب. وذكر جرينواي أهمية إستكشاف اللغة، بل استكشاف كل اللغات، والعمل على تجميعها، حتى تكون السينما ، وبكل إنجازات وأضافات التكنولوجيا الحديثة، أقرب الى روح عصر جديد، وأبعد من أن تكون مجرد " نص " مصور..




وخلال " الورشة " WORKSHOPعرض جرينواي أجزاء من مجموعة كبيرة من أعماله ومشروعاته وأفلامه القصيرة التي يستخدم فيها تقنية " الشاشات المتعددة" التي سحرتنا، وتمثل بالنسبة للمشاهد الذي أعتاد السينما التقليدية تجربة جديدة في المشاهدة،هي أقرب ماتكون الى تجربة " صوفية " روحانية، من خلال شريط صوت ساحر مركب، يستحوذ مثل التنويم  المغناطيسي على كل كيانك..

عرض جرينواي أجزاء من رؤية ذاتية للوحة " لعشاء الأخير " لليوناردو دافنشي، وأجزاء من فيلم " كتابة على الماء " و تصويرعملية تدمير الأرض من خلال أكثر من 2201  إنفجار نووي ياللهول تحقت بفعل بشر في الفترة من 1949 وحتى 1996 ، غير أن رؤيته لايقونة ليوناردو دانشي لوحة " العشاء الأخير " البديعة، منحتنا " صورة " لمشاغل هذاالمخرج " المؤلف" الرسام الفذ، هذا الجرينواي الذي يبدع من خلال أعماله التشكيلية شكلا بصريا جديدا لفن الرسم، وهو يراجع ويفحص ممارساته السينمائية، و لايرضى في السينما، من ناحية التغيير، على سكة الحداثة، بأقل من إنقلاب سينمائي وفني وفكري..

الفنانة ليلي علوي تمنح بيتر جريناواي جائزة فاتن حمامة التقديرية بمناسبى تكريمه 

 ولنا وقفة لتقييم أفلام وأعمال وندوات الدورة الأربعين في الفترة من 20 الى 29 نوفمبر في عدد قادم..


صلاح هاشم

ليست هناك تعليقات: