الخميس، أكتوبر 19، 2006

طرب فاشن يسخر من المجتمع الخليجي.بقلم نجاح كرم



فيلم «طرب فاشن» يسخر من المجتمع الخليجي


الكويت- بقلم نجاح كرم


عرض فيلم طرب فاشن في القسم الاعلامي لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي 22 كنوع من الاحتفاء بأول تجربة سينمائية اماراتية متكاملة، فهذا ليس دليلا على نجاح الفيلم لانه ايضا عُرض تجاريا في القاهرة ولم يحقق اي نجاح يذكر، كما ان اغلب شركات توزيع الافلام السينمائية رفضت شراءه، ليس لصعوبة فهم لهجته الخليجية، لكن لاعتبارات أخرى. وكان لديّ قناعة بأن الامارات لديها قدراتها غير العادية في مجال السينما وتملك امكانية رصد الميزانيات الكبيرة لعمل فيلم سينمائي جيد وهذا يتيح لها تقديم تجارب سينمائية جيدة الا ان فيلم طرب فاشن لم يرتق إلى المستوى والامكانيات المتوافرة لديهم
الفيلم تكلف 3.7 مليون درهم، وتم تصويره في الامارات وعرض في بعض الدول الخليجية ومنع عرضه في الكويت لاسباب لا أحد يعلمها حتى الان، لذا حرصت أشد الحرص على مشاهدة الفيلم حين دعيت حديثا الي مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي22 ، حتى اصل إلى السبب المسؤول عن المنع وهل كان على حق أم لا؟
فيلم طرب فاشن الذي اطلق عليه في البداية اسم «سندريلا 2005» و هويناقش بأسلوب كوميدي ساخر مفاهيم اجتماعية معاصرة، مثل الشهرة والمال والجمال في مواجهة القيم المحافظة من خلال ظاهرة غريبة هي خوض غمار الغناء، حيث تغار سارة (ميساء المغربي) واسمها الاصلي ميساء زويتان من مدينة مكناس بالمغرب من زوجها سيف (سعود ابوسلطان) كونه مغنيا مشهورا، تقودها غيرتها لمحاولة اثبات انها قادرة على ان تصبح مشهورة مثله، ومن دون اي موهبة معتمدة على جمالها ومظهرها الجذاب، وانفاق المال الكثير هو كل ما تحتاجه لتصبح مغنية مشهورة وتكوّن فرقة فتيات خاصة بها
الأحداث
تدور احداث الفيلم في قاعة للافراح، تشهد حفل زفاف سارة (ميساء) وباسم عبدالامير بحضور الاخوين حسن البلام وعبدالناصر درويش والاب احمد الجسمي، فتتلقى مكالمة من صديقتها (منى شداد) التي لا تستطيع الحضور لحفل الزفاف بسبب رفض زوجها لحضور حفل عرس صديقتها، فتقرر العروس الذهاب إلى بيت الصديقة او بالاحرى خيمة الصديقة للتأثير على زوجها، وفي الطريق تلتقي بالمطرب سيف (سعود ابوسلطان) الذي يصادفها في مفترق الطريق ويعجب بها بل يحبها من اول نظرة. فيقع حذاؤها من رجلها ويحتفظ به حتى يعثر عليها بعد ان رحلت وتركته
تصل العروس الى بيت صديقتها لتفك وثاقها وتهدد زوجها ببندقية صيد (شوزن) ليتركها تذهب حفل الزفاف ومن ثم تقوم وصديقتها بربط الزوج مشعل القملاس في شجرة وتنطلقا بسرعة جنونية بسيارة رياضية مكشوفة ترتدي فيها العروس بدلة الزفاف وترتدي صديقتها البدوية البرقع لتلحق بهما دورية الشرطة وتوقفهما، الان افراد الشرطة يتفاجأون بوجود السلاح في المقعد الخلفي، فيتم تحويل العروس وصديقتها إلى مخفر الشرطة وتحجز لحين وصول والدها الذي يتكفل بإخراجها، فتعلن طلاقها من زوجها في الوقت نفسه وتذهب مع اخويها ووالدها إلى البيت
تتوالى الاحداث إلى حين تلتقي بسيف (سعود سلطان) وتتزوجها فتغيّر من شهرته وتقرر ان تصبح مغنية أسوة به، فتسلك طرقا عدة ومحاولات متنوعة للوصول إلى الشهرة، الا انها تفشل في كل محاولاتها. فلم تفلح، فهي زوجة تكره الرجال، وزوجه غير قادرة على الانجاب. ومن هنا يبرز دور المرأة وتخبطها وعشوائيتها في وضع الهدف الذي تسعى اليه وتسعى لتحقيقه.
فكرة الفيلم من الممكن ان تكون مقبولة إذا نوقشت بطريقة مقنعة، فحرية المرأة وتمردها واستقلاليتها بالغوا فيها كثيرا، كما ان التطويل في الفيلم غير مبرر بالاضافة إلى القفزات السريعة بين المشاهد والفقرات
المجتمع البدوي
من المشاهد التي توقفت عندها الايحاءات السلبية والمستخفة بالمجتمع البدوي وكوني خليجية واعيش في هذا المجتمع صعقت من مشاهد عدة لم أكن أتوقعها في هذا الفيلم، كمنظر الزوجة البدوية (منى شداد) وهي تضرب زوجها على مؤخرته بالخيزرانة وهو يتوأه من الألم، ايضا منظر ربط الزوج البدوي في الشجرة حتى تخرج زوجته في حرية كاملة دون ان ينطق بحرف واحد او حتى يتذمر، المشهد الذي ايضا تعجبت منه وهو لبس الزي البدوي والبرقع على وجه الخصوص في جميع حفلات الغناء التي شاركت فيها الزوجة البدوية حتى في البار الذي غنت فيه وهي ترتدي البرقع لكن هذه المرة فوق رأسها
لا اعرف لماذا ركز المخرج على لبس البرقع في كل مشهد، هل القصد من هذا انسلاخ هذه المرأة البدوية من المجتمع البدوي، والتحرر غير المنطقي؟ ام ان الانسلاخ يشمل شريحة كبيرة من هذا المجتمع المحافظ؟
المخرج ذكر ان الفيلم يعالج مشاكل اجتماعية متحققة وواقعية، كما ان طاقم العمل السينمائي هم من البدو ما يجعل الحديث عن الاستهزاء والسخرية غير منطقي وغير مبرر بالنسبه له، لكن بالنسبة ليّ كانت السخرية والاستهزاء صدمة غير مبررة وغير منطقية
وهذه احد الاسباب بالتأكيد لمنع عرض الفيلم في الكويت خصوصا أنه مسّ شريحة كبيرة من المواطنين الذين لا يمكن ان يتقبلوا سطوة المرأة البدوية على الرجل البدوي الذي ما زال يحافظ على كرامته ورجولته وعزة نفسه وشخصيته القوية امام زوجته
الجنس الثالث
او ما يطلق عليه بالمثليين، ظاهرة للاسف موجودة في الكويت، من زمن مضى تفسر على انها شكل من اشكال الممارسات الفردية وصورة متحررة وحق في التعبير والوجود بعيدا عن الدين والاخلاق والمنطق
المشهد الذي أقحم فيه الجنس الثالث دور محمد الصيرفي وهو يقوم بقياس الحذاء الذي تركته سارة (ميساء المغربي) في المشهد الاول للفيلم وأخذه سيف (سعود ابوسلطان) وكون محمد الصيرفي مدير اعماله فقد جمع عددا من الفتيات في طابور لقياس الحذاء على طريقة سندريلا ليفاجأ في اخر الطابور برجل عملاقة لفتاة تقف لأخذ دورها لتكون صاحبة السعادة، الا ان محمد الصيرفي يرفع نظره ليفاجأ بشاب يضع مكياجا ويلبس لبس نساء ويتحدث بأسلوب الليدي التي تريد ان يقع عليها النصيب
مشهد كوميدي لكنه مقزز ولا داعي لاقحامه في الفيلم، وتصوير هذه الشخصية التي نحاول بكل طاقاتنا ان نبقيها ضمن دائرة منطقتنا ولا نصدرها إلى الخارج، فمن خلال مشاهداتي لكم هائل من الافلام العربية بكل انواعها لم أر تصوير سلبيات المجتمع بهذه الصورة، فلماذا نركز على هذه السلبيات، ونقول للعالم هذا مجتمعنا بكل ما فيه؟
وهذا هو احد الاسباب الرئيسية في منع الفيلم في الكويت ايضا، فهذه الظاهرة مرفوضة في المجتمع وتسليط الضوء عليها في السينما التي هي اداة مهمة وخطرة في الوقت نفسه ترفع من قيمتها وتزيد من اهميتها وتصبح احدى الظواهر التي مع الزمن سنقبلها ونتعايش معها وهذا مرفوض.
كان من الأجدر ان تلغى الشخصية من هذا المشهد حتى يكتمل المشهد الكوميدي دون اسئلة واستفسارات وممنوعات او خلل في الحوار
الفشل الاول لسعود
فكرة وجود مطرب في الافلام فكرة مقبولة ولها جمهورها، فالمغنية لطيفة ابدعت في فيلم «سكوت ح نصور» للمخرج المبدع يوسف شاهين، ومصطفى قمر لا يزال يغني ويقدم ادوارا في افلام عدة حتى وان كانت غير ناجحة، الا انها مقبولة ولها جمهورها ومحبوها
سعود ابوسلطان نجم سوبر ستار الذي عشنا معه اياما وليالي عدة لحين وصوله إلى نهائي سوبر ستار، وبالفعل نجح بصوته العذب الشجي واحساسه المرهف فهو فنان راق خجول بطبعه مهذب امتعنا بأغانيه الرائعة، لكنه لم يمتعنا أبدا بدوره في الفيلم، فهل التجربة الأولى سلطت أنيابها عليه؟ أم أن قلة الخبرة والتجربة السينمائية أحد الاسباب؟ فهو لم يحقق المعادلة الناجحة كمغن ناجح وممثل بارع، فيجب ان يطور نفسه إذا أراد أن يكمل مشوار الافلام او يبتعد حتى لا تهتز الصورة الجميلة التي نحبه ان يكون فيها
فنان مشهور ومحبوب وكوميدي من الطراز الاول، وله بصمات واضحة في الدراما الخليجية يقوم بدور مدير اعمال سعود ابوسلطان (سيف)، أداؤه في الفيلم اكثر من رائع لكنه غير مقنع ان يكون مدير اعمال فنان مشهور ومغن معروف ويتقمص شخصية الاهبل والعبيط حتى من باب الكوميديا، فهذه الشخصية لازمت محمد الصيرفي في العديد من ادواره سواء في مسلسل «الحيالة» او مسلسل «عندما تغني الزهور« وغيرهما، فلم يغير جلده او يطور نفسه او يجدد شخصيته، فلم يقنعنا ابدا بأن المغني المشهور يعتمد عليه في مشوار غنائه او حتى حياته. لابد للصيرفي ان يخرج من عباءة العبيط حتى لا يكون مثل الفنان محمد سعد والدور الذي عاش فيه طويلا وهو اللمبي، فنجاح الفنان في تقمص شخصيات عديدة كوميدية ومحمد الصيرفي مؤكد سينجح في اي دور كوميدي اخر بعيدا عما عرفناه به وبالتأكيد سيكون مقنعا
حسن البلام وعبدالناصر درويش
ملح البرامج الكوميدية الهادفة ، فهم يتمتعون بخفة دم لا تتكرر سواء في المسرحيات وحتى المسلسلات فهذه الشخصيات ظلت سنوات طوال تقدم لنا الفاكهة والضحك على طبق من ذهب فكم امتعونا واقنعونا بعطائهم اللامحدود، لكن يبقى السؤال هل الاستمرار بهذا النمط من التكرار سيحقق النجاح؟
خلال مشاهدتي لأدوارهم في الفيلم تذكرت البرامج التي كنا نتابعها في التلفزيون كالفضائيات وسينمائيات لا تغيير ولا تجديد لا في الشكل أو المضمون فهم لم يضيفوا إلى الفيلم الا الفكاهة غير المنطقية، وادوارهم ولزماتهم لكانت عادية ومكررة، كما ان تقمص دور النساء لم يضف لقصة الفيلم اي دلالات تذكر سوى انهم يريدون مشاركة اختهم ميساء المغربي (سارة) في مشوار فشلها الغنائي. فهم لم يخرجوا من عباءة البرامج الرمضانية
جرح ميساء
ميساء المغربي او ميساء زويتان كما ذكرنا قدمت ادوارا في بعض المسلسلات الخليجية دون ان تترك بصمة تذكر لتظهر لنا في فيلم من انتاجها يسيئ إلى المجتمع الخليجي في الوقت الذي تحاول اتقان اللهجة الخليجية ولكن لا فائدة. فلو استثمرت هذه الاموال في قصة او فكرة واقعية او حتى قصة الفيلم الذي يتحدث عن الكثير من المشاكل الاجتماعية وتحرر المرأة وتمردها بشكل مقبول في مجتمع خليجي محافظ لكان افضل لها ولارتفعت اسهمها عاليا في بورصة الافلام، فالكوميديا لها حدود وضوابط لا يجب ان نتجاوزها بحجة الضحك فتجرح مشاعرنا وتفرز لنا جروحا عميقة بعيدة عن واقعنا الذي نعيشه، فالصورة لابد ان تشبهنا إلى حد ما واسلوب المبالغات والبعد عن العادات اسلوب مرفوض خروجه عن المألوف والواقع، وبالمقابل تقول انها مصدومة؟
وكيف يمنع فيلمي ويسمح بفيلم محمد سعد ومحمد هنيدي بالعرض
لو قورن أول فيلم اماراتي بأفلام التيك اواي فهناك بالتأكيد خلل
فحتى هذه الافلام لم تجرح مشاعر أحد ولم تتطرق بشكل مستفز وجارح إلى شريحة من الشعب. ومن هنا نجحت جماهيريا واحتلت موقعا على خريطة الكوميديا العربية حتى وان كانت كوميديا رخيصة او حتى سخيفة ان صح التعبير.
يبقى رأي الجمهور يحدد ماذا يريد؟ هل يقبل ام يرفض؟ اما في الكويت فأنا ضد منع وزارة الاعلام ممثلة في الرقابة المتسلطة والصارمة لعرض الفيلم. فمن حق الجمهور ان يقول رأيه وبصراحة حتى تكون رسالة موجهة للقائمين على الافلام لمعرفة مواطن الخلل و القصور حتى يتفادوها مستقبلا خصوصا ان هذه الافلام محسوبة على دول الخليج العربي وتعرض في الخارج، فكل دولة ودورها في ابراز دور السينما المهم والحساس والخطير في معالجة مشاكلها وحل قضاياها بحيادية تامة واسلوب مقنع
ماذا قالوا عن الفيلم؟
وردت العديد من التعليقات التي سمعتها والتي قرأتها منها الايجابي ومنها السلبي:
- السينما الخليجية تحقق مزيدا من النجاح من خلال تألق البلام ودرويش، فقد حقق الفيلم الكوميدي انجازا لم يكن متوقعا.
- الفنان احمد الجسمي قدم اداء جميلا كعادته.
- البلام ودرويش في عباءة البرامج القرقيعانية.
- المصور الشهير سعيد الشيمي... استغربت من الحركات التي يقوم بها البلام.
- سعود ابوسلطان دمه ثقيل ولا يصلح للتمثيل.
- زين سوّو ومنعوا عرض الفيلم في الكويت.
- فكرة الفيلم جديدة واحداثه من الواقع المعاش وادخال عنصر الكوميديا جعل الفيلم يتحول إلى محطة مهمة
- لم نجد صعوبة في فهم لغة الفيلم - الجمهور المصري
نجاح كرم
..
سينما ايزيس..صورة تشبهنا
انظر الموقع الرسمي تحت التطوير

ليست هناك تعليقات: