السبت، يناير 09، 2010

فيلم " الريل " لسعد سلمان، للحالمين بعراق آخر: بقلم عبد العليم البناء

لقطة من فيلم " الريل " للمخرج العراقي سعد سلمان


المخرج العراقي سعد سلمان



فيلم (الريل ) لسعد سلمان وثيقة بصرية


للحالمين بعراق آخر



آمن وحر و مزدهر




بقلم


عبد العليم البناء




لايختلف اثنان على ان المخرج سعد سلمان هو واحد من المخرجين السينمائيين العراقيين الذين امتلكوا ناصية الفن السابع وابدعوا في تقديم افلام سينمائية ذات مزايا ومواصفات خاصة... …

فهذا المخرج الذي لم يحنِ هامته للدكتاتورية والاستبداد ، وعرف مرارة وقساوة القمع والكبت والاضطهاد ولم يكن امامه_- بعد خروجه من زنزانات النظام السابق، بما فيها سجن(قصر النهاية )سيء الصيت - الا مغادرة وطنه على مضض، ليعيش تجربة المنفى والغربة في اكثر من بلد عربي واجنبي عبر كردستان العراق ...وكان اخرها عاصمة النور باريس، التي وظف فيها وجوده في اكثر من محور ابداعي كان في في مقدمتها السينما ، وفي هذا المجال كان هاجسه الاول والاخير عرض معاناة ونضالات شعبنا ضد الطغيان والدكتاتورية والاستبداد، فأثمر عدة افلام وثائقية وروائية طويلة وقصيرة، كان من ابرزها فيلم (بغداد - اون اوف )و(ودردمات )...

وبالامس القريب انجز فيلمه الجديد (الريل ) الذي كان عرضه الاول في قاعة نادي العلوية ببغداد، ليكون بمواجهةجمهور متنوع المشارب والاختصاصات ...…

لقد قدم سعد سلمان في فيلمه (الريل ) الذي دارت كل احداثه داخل رحلة القطار النازل من بغداد الى البصرة في جنوبي العراق، عارضاً عبر هذه الرحلة حيوات وعوالم وحكايات اعداد من العراقيين المسكونين بلواعج الالم والمعاناة والمرارة والحرمان..... …

كانت عدسة الفنان البارع سعد سلمان تقدم صوراً وحكايات واحداث دون تزويق او رتوش او محاباة ، ودون زيادة او نقصان ، عكست كثيراً من الواقع العراقي المزدحم بالحروب الفاشلة للنظام السابق ، والتي رسمت اَثارها على ملامح ركاب القطار حزناً واسى وفجيعة ....

فيلم (الريل ) لسعد سلمان ، كان وسيظل وثيقة بصرية ناطقة بالحقيقة المرة التي بدون عرضها لن يكون بالامكان معرفة الاثار المدمرة للدكتاتورية الصدامية على ارض وشعب العراق في اَن واحد ، ومازرعته من خراب ودمار وفجائع واستمرت الى اليوم عبر ازلامها وحلفائهم من الارهابيين والظلاميين والخارجين على القانون، الذين لم يتركوا لابنائه فرصة التمتع بحلاوة فرحتهم بسقوط هذه الدكتاتورية.. …

والفيلم حاول ان يقدم اكثر من رسالة، في مقدمتها الدعوة للاعتبار مما مضى وما جرى، وضرورة وضع العراق على السكة الصحيحة من اجل ازدهاره واعماره والتمتع بخيراته، وفي هذا درس وعبرة لمن يتصدى لسدة المسؤولية بلغة سينمائية بليغة ، لعبت على اوتار هذه الالام المتراكمة والحرمانات المتواصلة التي عكسها الفيلم من خلال شخوص كانوا في معظمهم عفويين وتلقائيين كما أراد وسعى اليه المخرج، حيث جعل عدسته راصداً لهذه الشخوص وهي تتحاور وتتألم وتحلم وتتأمل وتنام وتصحو وتستيقظ على صباح جديد، وشمس جديدة، كان شروقها غائماً لكنه كان واعداً بأمل جديد وبمستقبل جديد

هكذا كان سعد سلمان صادماً وواعداً ومنافحاً في فيلمه.. صادماً للمدعين وما اكثرهم هذه الايام ...وواعداً بالذخيرة الكامنة من العزم والتصميم لدى العراقيين الشرفاء الذين شاء (اعداء العراق) ام أبوا ، فأنهم سيتصدون لكل هذا الكم الهائل من التخريب والتزييف والتزوير والتدليس من اجل مواصلةبناء وترسيخ دعائم العراق الجديد....ومنافحاً ومدافعاً عن هذه التجربة العراقية الوليدة التي بزغ فجرها في ربيع بغداد عام 2003 وكان فيلمه هو احد وسائل هذ الدفاع المشروع، لانه اراد ان يقول عبره :كفانا وكفى هذا الشعب بؤساً وحرماناً واسى وفجيعة ...ولابد لشمس الحقيقة ان تفضح كل الذين اولوغوا بدماء العراقيين، ورفعوا مختلف الشعارات وتبرقعوا بمختلف البراقع وتباكواويتباكون(بدموع التماسيح) على مصيرهم، وهم يٌذبحون في السر والعلن ويئدون احلامهم البسيطة المتواضعة...

فيلم (الريل) لسعد سلمان وثيقة بصرية جميلة ، مفعمة بالجمال المغدور، وبالتاريخ المزور وبالحقيقة المشوهة ، وبفضح كل عشاق القبح والغدر والتزوير... وانتصار للمظلومين ضد الظالمين وللمغدورين ضد الغادرين وهو شعلة للحالمين بعراق جميل وامن وحر ومزدهر


ليست هناك تعليقات: