الثلاثاء، أكتوبر 04، 2016

موسيقى الجاز من ذاكرة العبد الافريقي المختطف الى غزو العالم بقلم صلاح هاشم






أسطورة الجاز لوي آرمسترونج


بمناسبة إنعقاد مهرجان " جاز وأفلام" في مصر. الدورة الثانية

JAZZ AND FILMS FESTIVAL 2


 موسيقى الجاز من ذاكرة العبد الافريقي المختطف
الى غزو العالم




بقلم


صلاح هاشم


 الجاز أكثر منه إيقاعات و الحانا وموسيقى ، إنه إسلوب حياة يعلّي من قيمة الحرية
من خلال عنصر  "الارتجال"
والانفتاح من دون حدود على التراث الموسيقي العالمي والنهل منه




فكرت بمناسبة إنعقاد الدورة الثانية لمهرجان " جاز وأفلام " يوم السبت 8 أكتوبر في مصر أن أحكي عن تلك الموسيقى التي عشقتها، بعدما صار العالم كله يحتفل بها من خلال " اليوم العالمي لموسيقى الجاز" الذي يقام في شهر ابريل كل سنة، والقصد منه طبعا ، الاحتفال بتلك "القيم" التي رسختها هذه الموسيقى عند نشأتها في التربة الامريكية، منذ أكثر من مائة سنة ولحد الآن..
 ثم انتشارها في مابعد في أنحاء العالم..

 حيث لايوجد تقريبا مدينة في العالم الآن الا وفيها مهرجان لموسيقى الجاز-  في تونس والإمارات ولبنان والمغرب واليابان وبولندا وتركيا والصين – لكن لايوجد للأسف مهرجان لها في بلدنا !- ، وأعني بهذه القيم التي رسخها هذا النوع الموسيقي، قيم المشاركة والتسامح والتواصل، والتقارب والتفاهم بين الشعوب والثقافات والأمم،  ضد الظلم وقهر الانسان للانسان، وسياسات التمييز العنصري ..


ذاكرة العبد  الافريقي المختطف الى أمريكا


ولقد تطورت موسيقى الجاز التي حملت "ذاكرة" العبد الافريقي المختطف الى العالم الجديد لتكون " صلة وصل" مع تاريخه في القارة، وبكل ما يتضمنه ذلك التاريخ من حكايات وأصوات، ولغات وحركات، وممالك و قصص وإشارات، بل و" كنوز " أيضا ، وهذا ما أقصده بـ " هند "، ذلك العالم السحري الذي لم يكتشف بعد خلف تلك التلال البعيدة

تطورت لقدرتها على التعبير عن " ايقاع " عصرنا ، و"الحساسية الموسيقية الجديدة " وقدرة الجاز على "الحوار" مع موسيقى العالم، والانفتاح من دون حدود على مصادرها  والنهل منها، حتى اصبحت أعمال الجاز- موسيقى الشوارع بإمتياز -  والألحان التي وضعها بعض عمالقة النوع من أمثال لوي آرمسترونج أو سيدني بيشيت أو دوق الينجتون أو كوينسي جونز أو مايلز ديفيز مثل مسرحيات الكاتب الانجليزي وليام شكسبير
أصبحت ملكا ، ليس لامريكا وحدها،  بل للانسانية جمعاء..

بل ولقد شكلت هذه الالحان الجازية مجتمعة، ما يمكن أن نطلق عليه بـ"الموسيقى الكلاسيكية الامريكية" فلم ينشأ أو يتطور في أمريكا كما هو معروف إلا هذا النوع الذي ولد في مدينة نيو اورليانز على حافة نهر المسيسيبي في نهاية القرن 19 ونهل من موسيقى الشوارع، والموسيقى الاوروبية التي حملها المهاجرون الاوروبيون الجدد الى العالم الجديد، كما نهل من موسيقى الاحتفالات الدينية وأغاني العمل في مزارع القطن والتبغ الأمريكية في الجنوب والكرنفالات الشعبية..


ولابد أن نتذكر أيضا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى الجاز الدور الكبير الذي لعبته هذه الموسيقى - الافريقية الجذور الامريكية النشاة - في تشكيل ثقافة وحضارة العالم الجديد ، فقد صارت  "صوت" الشعب الافرو امريكي الأسود وسلاحا في نضالاته  ضد المؤسسة الامريكية الحاكمة ، من أجل نيل حريته و حصوله على حقوقه المدنية، ومن معطف الجاز خرجت كل الأنواع الموسيقية الأمريكية مثل الصول ميوزيك والبوب والروك وأنتشرت في أمريكا والعالم

 وتحققت لـ " شعب أمريكا الأسود "  كل انتصاراته بسلطة الجاز، THE POWER OF HAZZ وقدرة هذه الموسيقي ليس فقط التعبير عن ذكريات المعاناة والاسى والالم، كعبد مختطف عبر موسيقى " البلوز"BLUES  الحزينة، بل بسلطة الجاز وقوته على أن يكون صرخة أو طلقة مدفع، لشحذ واستنهاض الهمم والثورة على الذل والقهر والظلم والعبودية..

موسيقى الجاز تطرح ثمارها

واذا كنا نحتفل الآن بموسيقى الجاز، فهو اعتراف منا بأن القيم التي ترسخت وتعززت عبر مسيرتها الطويلة, قد طرحت اخيرا ثمارها العظيمة ، وعلينا الآن ان لا نقلل ابدا من قدرة هذه الموسيقي على أن تكون سلاحا ضد التمييز وقهر الانسان

ان التطور المذهل الذي حققه هذا النوع في العالم استطاع أن يكتسب يوما بعد يوم احترام وتقدير الشعوب، ومن هنا كان التفكير في تكريس يوم 30 ابريل من كل عام للاحتفال بموسيقى الجاز في أنحاء المعمورة، فقد اصبحت موسيقى الجاز بشتى انواعها من جازلاتيني وجاز شرقي وجاز بلقاني وجازأوروبي الخ، وبكل ماتحمله من رموز وتاريخ، من ذاكرة وتاثيرات .

        الجاز :  المعمل التجريبي للموسيقى  الجديدة


أصبحت موسيقى الجاز" المعمل التجريبي" للموسيقى في العالم وبكل ابتكاراتها واختراعاتها المدهشة، وصارت تتواصل مع كفاح الجماعات الانسانية للحصول على حقوقها المسروقة المنهوبة والتي نص عليها اعلان الامم المتحدة العالمي لحقوق الانسان، وصرخة ضد الاستعباد والعبودية.ولذلك اذا كان الجاز هو هدية افريقيا الى العالم الجديد امريكا ، فهو أيضا  هدية أمريكا الى العالم من دون جدال ويمثل الاضافة الحقيقية للثقافة الامريكية الى الثقافة العالمية في القرن العشرين..
في اليوم العالمي للاحتفال بموسيقى الجاز.تحية الى هذه الموسيقى " الضرورة " ورشة الابداع الموسيقى في العالم عن جدارة ، وممارسة للحرية في أعلى صورها
ولنتذكر
اثناء الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى الجاز في 30 ابريل كل سنة -  تاريخها الذي ارتبط بقارة افريقيا ، وبتجارة العبيد، وبتهجير أكثر من 4 مليون افريقي من المخطوفين الى العالم الجديد أمريكا، للعمل في مزارع القطن والتبغ
 وليشيدوا الطرق و المباني والسكك الحديدية في امريكا، وكيف ان من شجرة موسيقى الجاز نبتت موسيقى البوب والروك والصول، فالجاز هو الاصل، والباقي فروع..
 كما أن أصل الجاز وأهم آلاته الموسيقية في المركز تماما هى " الطبلة " أو آلة الدرامز التي تضبط ايقاعات الجاز الافريقية على الواحدة، ولاغرابة لأن موسيقى الجاز في بداياتها الاولي، لم تكن إالا طرقا على علب الصفيح والخشب والبراميل في ميدان الكونغو في قلب مدينة نيو أورليانز

 طرق يتواصل مع تلك الايقاعات والاصوات ولغات الممالك الافريقية العريقة التي حملها معه العبد الافريقي المختطف الى العالم الجديد في منتصف القرن 19. ولاشك ان معرفتنا بتاريخ وذاكرة هذه الموسيقى، بالاضافة الى حضور حفلاتها الموسيقية، سيعزز ويقوي ويعمق من إستمتاعنا بها أكثر واكثر، لندرك بعدها إنها كانت تسكننا- البعد الافريقي في الشخصية المصرية -  ولم تغادرنا - ..

يحيى خليل :فنان الجاز الأول في مصر


يحيى خليل



ولنتذكر أيضا أن نشأة وتطور هذا النوع في مصر ارتبط بإسم الفنان الكبير يحيى خليل الذي استطاع أن يرسخ من خلال مسيرته الموسيقية الطويلة لذوق مصري اصيل، لتذوق والاستمتاع بهذا الفن المحترم – الجاز الشرقي -  وثيق الصلة بحياتنا ، في ايقاعاته وموسيقاه ،وانفتاحه مثل شباك على الهواء الطلق على كل ثقافات العالم الموسيقية ، وكونه أصلا، ممارسة لحرية التعبير والخلق في أرقى صورها..
لكن ماهي علاقة موسيقى الجاز بالسينما ؟ وماهي القواسم والروابط المشتركة التي تجمع  بينهما ؟
للحديث بقية

صلاح هاشم

عن جريدة القاهرة بتاريخ الثلاثاء 4 اكتوبر 2016



ليست هناك تعليقات: