الخميس، يونيو 29، 2017

مواسم هدى ابراهيم للسينما العربية الدورة 3 من 29 يونيو الى 2 يوليو



الدورة الثالثة
لمواسم السينما العربية
من 29 حزيران- يونيو الى 2 تموز- يوليو
تحية لذكرى وروح محمد خان

الناقدة اللبنانية هدى ابراهيم المشرفة على تظاهرة مواسم السينما العربية في باريس

باريس . كتبت هدى ابراهيم

تعود مواسم السينما العربية في دورة ثالثة لتدافع من موقع باريسي عن هذه السينما في تعبيراتها الأقوى، الأكثر جدة والأكثر إثراء مسار السينما العربية، هذه السينما التي تشهد مخاضات مستمرة وموجعة بالتوازي مع مخاضات بلادنا ذاتها وبنفس مستوى الألم الذي يخترق الكائن المنتمي لهذه الرقعة من جغرافيا الكوكب.
لكن وبقدر ما هو أليم واقعنا بقدر ما هي التطلعات كبيرة ومثلها الأمل الذي ينضح وينمو في جنبات الموت المعمم. تنحني السينما وتحنو لتلامس هذا الواقع بكل ما فيه من عذابات وآمال وأحلام. على الواقع القاتل تتغذى السينما العربية الجديدة لتحضر بين سينمات العالم وتنمي فينا كل مرة الأمل.
لقد تم اختيار الأفلام الثمانية عشر التي تتضمنها التظاهرة لتلاقي جمهور باريس المتنوع والذي يقبل باستمرار على السينما الأخرى، الأقرب والأكثر سهولة. هي عينة لإعادة الاعتبار، لإعادة النظر، في أفلام قد تبدو بعيدة عن جمهور باريس أو غير مثيرة لحشريته، مهما كانت أهمية هذه الأعمال.
نحن نعتقد دائما بمعنى هذه التظاهرة التي تقام لتعرف بهذه السينما وتقدمها بحضور بعض صناعها، لتناقشها وتشجع بما تيسر، الجمهور الباريسي على ملامستها.
من هنا اختيارنا لبعض الأفلام التي سبق لها الخروج في الصالات لكنها مع ذلك ورغم جدارتها وجودتها لم تحظ بإقبال جمهور كبير، وحالت قوانين السوق دون استمرار عرضها لفترة أطول تتيح لمن رغب مشاهدتها. إعادة تقديمها في "مواسم" هو فعل تضامني ملح وانتصار لهذه السينما التي تستحق أن تنصّب بمقامات رفيعة إلى جانب السينما العالمية.
مواسم، إذ تقدم هذه الأفلام، تؤكد اعتزازنا بها وبما تطرحه من نظرات ومقاربات.
تنسج هذه الأعمال المختارة، الكثير من الرؤى والحكايات المصنوعة غالبا من طين الواقع لكن التي تنطلق أحيانا نحو خيال يحكي استبداد العبث والانتظار بالصورة العربية. انتظارات كثيرة تثيرها الأفلام، كأن الوقت السينمائي تسرب إليه نزر من الوقت الميت. كما في حكاية فيلم "بين موتين، هذا الفيلم الذي اخترناه من الجولان المحتل منذ حزيران- يونيو قبل خمسين عاما. وللتذكير فقد قدمت مواسم في ثلاثة أعوام، ثلاثة أعمال سينمائية من الجولان السوري المحتل، وكلها أعمال جديدة وشابة تحكي المكان الذي يخوض سكانه يوميا صراعا ما من أجل البقاء.
هذا العام أيضا، تحتل عروض الفيلم القصير مكانة مهمة في مواسم وفي التظاهرة إضافة للفيلم السوري المذكور أعلاه، أفلام قصيرة فلسطينية، سودانية، مغربية، جزائرية ولبنانية. معروف أن الأعمال القصيرة تقدم مواهب المستقبل، وما نقدمه يتناقش بحرية جميلة، كما الصبر، الماضي مثل الحاضر، أو يحاور الأمكنة المتحولة منطلقا عبر ذلك لصياغة واقع جديد ومعاني أخرى يعزز الفن حضورها في ثنايا حياتنا.
وحين تنفصل بعض هذه الأعمال عن الواقع فإنما لتصنع أوطانا أجمل في فضاء المتخيل كما شريط الفنانة الفلسطينية لاريسا صنصور التي سبق لها نصب العلم الفلسطيني على سطح القمر في أحد أعمالها السابقة.
أما بخصوص الأعمال الطويلة فتقدم التظاهرة 11 شريطا بينها اثنان وثائقيان، وهي قادمة من كل من مصر والمغرب وتونس وفلسطين والجزائر وفرنسا وبمشاركة أربعة أعمال أولى تتجاور مع أعمال مخرجين مخضرمين، وبحضور غالب لمصر والمغرب، البلدين اللذين ينتجان أكبر عدد من الأفلام العربية سنويا.
يتحدث الفيلمان الوثائقيان المختاران لمواسم عن فن الرقص بين أمسه واليوم، ففي حين يتحدث الفيلم المصري عن فن الباليه وكيف تأسس في القاهرة وصولا الى ما آل اليه هذا الفن، يتحدث الفيلم الجزائري عن نساء في باريس اليوم يمارسن الرقص كفعل حرية وانعتاق، كفعل وجود في مواجهة الممنوع بينما العالم يزداد فيه فعل الرعب.
سينما القلب المفتوح
كل هذه الأفلام تسلط نظرات ثاقبة، حرة وعميقة على المجتمعات العربية الدائمة التحول. عدسات المبدعين الذين اخترنا أعمالهم تلتقط نبض الأمكنة. مثل سماعة الطبيب، تفحص الجسد وتسائل الروح في ماضيها والحاضر، تمتحن ذاكرتها قبل أن تمعن في تأمل ملامح من المدن العربية أو الأرياف أو السجون.
هي شهادات متعددة على وقائع متباينة ، أعمال سلسة عالية الحساسية وحقيقية إلى درجة أزعجت السلطات الرقابية في مصر التي منعت وان بشكل موارب أكثر من عمل تجرأ فقط على تقديم فن رفيع.
إذا كانت السينما هي شهادة عليا يولدها الفن بخصوص الحياة، لماذا تخشى الرقابة في هذه الحالة والى هذا الحد، الحقيقة التي يأتي بها الفن والتي تقولها السينما!
مع إعادة مشاهدتي لأفلام التظاهرة انتبهت إلى أي حد تصنع هذه السينما باعتبار الجسد، الجسد الذي يرقص، لكن أيضا الذي يسجن وتسلب منه حربته، الجسد الذي يقهر ويعذب، الجسد الذي يضام ويقهر...
في الفيلمين المغربيين المختارين، يقف الجسد في مواجهة الفراغ والعبث والحرمان والظلم، شاهدا وحيدا على الأسى وفي وجه الموت.
يمكن القول، إن هذه السينما التي نقدم، هي سينما القلب المفتوح، لكنها أيضا سينما الجسد بكل جراحه المفتوحة حتى نهاية الصورة.
هدى ابراهيم
تحية لمحمد خان
هذه الدورة الثالثة من مواسم مهداة لروح وسينما وذكرى المخرج المصري محمد خان الذي رحل العام الماضي، تاركا للسينما المصرية 24 شريطا بينها عشرة من أهم الأعمال العربية. وتعرض مواسم لهذا الـ "مخرج على الطريق"، كما كان يحب أن يسمي نفسه، وكما هو أيضا عنوان زاوية كان يخصصها للنقد السينمائي من وجهة نظر مخرج، نعرض شريط "فتاة المصنع" وهو عمله ما قبل الاخير.
محمد خان الذي لم تكن البسمة لتفارقه والذي كان يزاحم النقاد العرب على مشاهدة الأفلام والكتابة عنها خصوصا في بعض المهرجانات. كان من أكثر المخرجين حضورا لأعمال الغير في جيله نراه ممازحا باستمرار، ولا يتعب من رواية نكات سابقة وحكايات حدثت خلال تصوير أعماله، ليضحك من الحادثة التي حولها نكتة قبل غيره. محمد خان من رواد حركة الواقعية الجديدة في الثمانينات في مصر وهو تناول كثيرا المجتمع المديني وكان في جليه من أبرز المدافعين عن المرأة في مواجهة ذكورية سائدة.
من بين ابرز أعماله، فيلمه الأول الذي أخرجه إلى عالم الفن الصابع ليصبح وجها من وجوهه الأليفة الدائمة شريط "ضربة شمس" (1978)، "موعد على العشاء"(1981) "خرج ولم يعد" (1984) "عودة مواطن" (1986) ، "زوجة رجل مهم" (1988)، أحلام هند وكاميليا" (1988)
احتفاء بأم كلثوم
من خلال شريط وثائقي أنتج لحساب القناة الفرنسية الألمانية تحتفي مواسم هذا العام بشريط وثائقي عن أم كلثوم، بمناسبة مرور 42 عاما على وفاتها. الفيلم يتناول دور أم كلثوم السياسي كفنانة وطبيعة علاقتها بالزعماء والحكام العرب فضلا عن دفاعها المستمر عن حرية المرأة وإن بطريقة غير مباشرة ومن خلال دورها الفاعل والمؤثر في المجتمعات العربية، والفيلم من إخراج كزافييه فيلتار.
تنظم كافة فعاليات المهرجان في  دار عرض سينما لاكلي
Cinéma la Clef
34 rue Daubenton
75005 – Paris
مواسم السينما العربية تنظمها جميعة مواسم
للتواصل
mawassemcinearabe@gmail.com
0033660482313
برنامج العروض
الخميس 29 يونيو
السادسة
بين موتين، أمير فخر الدين، شريط قصير، سوريا - الجولان المحتل، 2016، 22 دقيقة
أم كلثوم، صوت القاهرة، كزافييه فيلتار، 2017، فرنسا،52 دقيقة
بحضور المخرج، نقاش يتبع عرض الفيلم
الثامنة
آخر أيام المدينة، تامر السعيد، 2016 مصر، بريطانيا، 118 دقيقة
الجمعة 30 يونيو
الرابعة والنصف: عروض الفيلم القصير
أعدك، محمد يرقي، 2016، الجزائر، 18 دقيقة
وهران لو حكوها لي، محمد فيلالي وابراهيم نوفل، 2016 ، الجزائر، 10 دقائق
نيركوك، محمد كردفاني، 2016، السودان، 20 دقيقة
بالأبيض، دانيا بدير، 2016، لبنان - الولايات المتحدة، 16 دقيقة
وفي المستقبل سوف نأكل كل أنواع البورسلين، لاريسا صنصور، 2016، فلسطين، 29 دقيقة
السادسة والنصف
غدوة حي، لطفي عاشور، 2016، تونس، فرنسا، 83 دقيقة
العرض بحضور المخرج وفريق الفيلم، نقاش مع الجمهور
التاسعة
عرق الشتا، حكيم بلعباس، 2016، المغرب، 129 دقيقة

السبت 1 يوليو
الثانية والنصف
هامش في تاريخ الباليه، هشام عبد الخالق، فرنسا- مصر- الولايات المتحدة،118 دقيقة
العرض بحضور المخرج، نقاش مع الجمهور بعد العرض
الخامسة والنصف
اشتباك، محمد دياب، 2016، مصر، 97 دقيقة
السابعة والربع
مولانا، مجدي أحمد علي، 2016، مصر، 97 دقيقة
التاسعة والنصف
3000 ليلة، مي مصري،2015، فلسطين، لبنان، 103 دقيقة
الأحد 2 يوليو
الثالثة والنصف
تكتات السوليما، أيوب اليوسفي، 2016، المغرب، 29 دقيقة
حزام، حميد بن عمرة، 2016، الجزائر فرنسا، 86 دقيقة
السادسة والنصف
ضربة في الرأس، هشام العسري، 2017، المغرب، 116 دقيقة
التاسعة: فيلم الختام، تحية لروح محمد خان
فتاة المصنع، محمد خان، 2014، مصر، 108 دقائق بحضور المنتج محمد سمير
لائحة الأفلام
الأفلام الروائية الطويلة
1- آخر أيام المدينة، تامر السعيد، 2016 مصر، بريطانيا، 118 دقيقة
مخرج في الخامسة والثلاثين يجوب أنحاء القاهرة بحثا عن بيت ينتقل للعيش فيه. كل شيء يبدأ عام 2009، لكن كيف يمكن إظهار مدينة تهافتت إلى هذه الدرجة؟ خالد يمشي في مدينة كل شيء فيها يتحول، ليس بالضرورة نحو الافضل. ليلى التي يحبّها سوف تترك مصر قريبا... ثلاثة من زملائه السينمائيين يحكون له عن المدن التي يقيمون بها، بيروت وبغداد وبرلين.
آخر أيام المدينة، قصيدة حب حزينة، حلوة مرة للقاهرة وتحولاتها.
2- مولانا، مجدي أحمد علي، 2016، مصر، 97 دقيقة
شيخ شاب، ذكي ويؤمن بالإسلام الحداثي، إجاباته المدروسة على أسئلة المشاهدين وفتاويه تحوله إلى نجم تلفزيوني وتجعل منه شخصا محاطا بآلاف المعجبين، خاصة في ظل رغبته المعلنة بالابتعاد عن الإسلام المعهود المؤدلج، الإسلام الرسمي، أو ذلك الإسلام الذي يتبع اليوم مقولات التطرف السائدة. غير ان النجاح الكبير لحاتم المأزوم عائليا سرعان ما يرتد عليه سلبا، ليجد نفسه محاصرا داخل أنظمة سلطوية معقدة ومراكز نفوذ متحكمة.
مقتبس عن رواية "مولانا" لابراهيم عيسى ينجح في نقل جو الفكاهة الروائية الى الفيلم.
3- اشتباك، محمد دياب، 2016، مصر، 97 دقيقة
القاهرة بعد عامين على انتفاضة 2011، عشية رحيل الرئيس المصري محمد مرسي. يوم من المواجهات الدامية، بين الشرطة والمتظاهرين، عشرات المتظاهرين من ذوي التوجهات السياسية والدينية المختلفة يتم اعتقالهم من قبل الشرطة في سيارات مخصصة لنقل المساجين. في احدى هذه العربات بضعة أشخاص يحتجزون بعد اعتقالهم داخل عربة دون ان يتمكنوا من مغادرة المكان. تدخل الكاميرا الى المكان الخانق لتلتقط من الحوارات الحامية احيانا كما المواقف أحاسيس وواقع وأفكار نماذج من المصريين.
الكاميرا كما الشخصيات تظل أسيرة المكان المقفل بينما الكل يبحث عن مخرج ذاتي
4- 3000 ليلة، مي مصري،2015، فلسطين - لبنان، 103 دقيقة
انتفاضة في سجن إسرائيلي مخصص لاحتجاز النساء الفلسطينيات في الثمانينات قبيل مجازر صبرا وشاتيلا. ليال، معلمة شابة من نابلس، تحكم بثماني سنوات سجنا بعد عملية لم يكن لها علاقة بها. توضع في نفس الزنزانة مع سجينات حق عم إسرائيليات وتبدأ بالتعود تدريجيا على عوالم السجن، لكنها تفاجأ بأنها حامل فتقرر الاحتفاظ بجنينها في وقت يريد لها الكل من حولها أن تتخلص منه.
فيلم شديد الارتباط بواقع السجناء الفلسطينيين بعد خوضهم إضرابا عن الطعام لنيل حقهم
5- ضربة في الرأس، هشام العسري، 2017، المغرب، 116 دقيقة
مدينة كازابلانكا يوم 11 يونيو 1986، يوم مباراة كأس العالم النهائية. داوود شرطي عليه أن يقضي يومه على جسر في منطقة معزولة ليؤمن المرور المحتمل للموكب الملكي. أثناء انتظاره الطويل على الجسر، يبدأ شيئا فشيئا باكتشاف المكان من حوله: قريتان كل في جانب من الجسر وسكان الجانبين يعبرون بالمكان. احتكاك الشرطي ببعضهم يجعله شاهدا على شجاعة وواقع الشخصيات التي يصادفها.
العبثية تمتزج بالتجريبي والواقعي في تجربة جديدة للمخرج المغربي الأكثر غزارة
6- عرق الشتا، حكيم بلعباس، 2016، المغرب، 129 دقيقة
الأرض عند مبارك هي صلته المطلقة بالحياة يوليها عناية تفوق تلك التي يوليها لزوجته وابنه. يحاول حفر بئر والوصول الى المياه بينما الجفاف يهدد موسمه الزراعي الذي استدان مبلغا غير هين لفلاحته وغرسه. في مواجهة التهديد بخسارته أرضه التي ستذهب لدائنيه، يحاول المستحيل لمنع ذلك. زوجته عايدة، تتحمل الوضع بصمت وتساند زوجها. أما الابن أيوب فيجد تسليته في الحديث الى النعاج التي يرعاها أما الأب، فلا يكف عن ذكر زوجته الراحلة رحمة.
مخرج خاص يصنع من الأمكنة الأصلية الأولى مهدا لطقوس وحكايات تسكننا
7- غدوة حي، لطفي عاشور، 2016، تونس، فرنسا، 83 دقيقة
عرض بحضور فريق الفيلم
بين التحقيق والحكاية الحميمية يصور الفيلم المسارات المتقاطعة لشخصية شابتين ومراهق. في الصورة، بورتريه لتونس في مرحة وهن ما بعد الثورة حيث تدور الأحداث عام 2014، لكن الشخصيات تتذكر ما حث ليلة 14 يناير عام 2011، ليلة حملت لكل واحد من الشخصيات نصيبا من التراجيديا العامة لكنها خلقت بينها حلقة من التضامن القصوى خاصة حين تتشارك في كل لحظة الإحساس، بذلك الطعم المر الراهن، لثورة صودرت
تحية لمحمد خان
8- فتاة المصنع، محمد خان، 2014، مصر، 108 دقائق
بحضور المنتج محمد سمير
هيام شابة تعمل في مصنع للحياكة، رغم اختلاف الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها فهي تقع في حب رجل يرأسها في المصنع حيث تعمل. يخيب أملها حين تكتشف أن المشاعر التي تكنها للمدير الجديد ليست مشتركة لكنها تعمل على رأب صدع قلبها بعد قبلة يتبادلانها واستمرار تحاشي صلاح مقابلتها مجددا. وبينما هي تستعيد حياتها رويا، يحدث أن تكتشف الفتيات في سلة مهملات المصنع فحصا طبيا للحمل ما يقلب حياتها رأسا على عقب. سريعا تتوجه كل الشكوك نحوها وتنتقل القضية الى الاهل والمقربين الذين يتعاطون معها بقساوة.
في المجتمع المصري الذي يصوره الشريط، فعلا "الجحيم هو الآخرون"
أفلام وثائقية
9- حزام، حميد بن عمرة، 2016، الجزائر فرنسا، 86 دقيقة
العرض بحضور المخرج وفريق الفيلم
على مدى ستة عشر عاما التقطت الكاميرا حركات تعبر عن المؤنث في عملية بحثه عن نفسه. أمام الكاميرا التي تتعب تلك الخطى النسائية التي تحاول التعبير بالجسد تتكلم المساء بحرية وقبول عن واقعهن الممتزج بالإيقاع والحركة. في الرقص الشرقي، ليس الحزام مجرد حيلة سينمائية أو أكسسوار كباريه، إنه المحور الذي يتحرك من حوله حب المؤنث. الرقص في الفيلم عملية تحقيق للذات وفعل حرية قبل أي شيء
10- هامش في تاريخ الباليه، هشام عبد الخالق، فرنسا- مصر- الولايات المتحدة،118 دقيقة
العرض بحضور المخرج
يعود تاريخ استحداث فرقة مصرية للباليه في القاهرة الى فترة الحرب الباردة والفيلم يروي هذه السيرة بلسان نجوم الأوبرا الذين عاشوا المغامرة من بدايتها الى اليوم. نصف قرن من التاريخ تتذكره الراقصة النجمة ماجدة صالح التي أسست فرقة لرقص الباليه. منذ نشأة الفرقة على يد أساتذة روس وحتى تحقيقها لأولى نجاحاتها ثم تراجعها وإهمالها من قبل السلطات ومن ثم ولادتها الجديدة، كل ذلك يرصده الفيلم.
حين يتم سرد التاريخ على ايقاع خطى الراقصات
11- أم كلثوم، صوت القاهرة، كزافييه فيلتار، 2017، فرنسا،52 دقيقة
العرض بخضور المخرج، نقاش يتبع العرض
أثنان وأربعون عاما مرت على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم التي ملأ صدى صوتها العالم وأثار خبر موتها مشاهد حزن عمومي. يعيد هذا الشريط الجديد عن سيرة كوكب الشرق صياغة القيمة التي انطوت عليها سيدة الشرق خصوصا في فترة الاربعينات وصولا الى السبعينات. كانت "الست، التي توحد العالم العربي حول صوتها الفريد الذي تمكن من مس مشاعر الجماعات وسهرها مشدودة الى أثير "صوت العرب من القاهرة" طوال سنوات كانت حاسمة في تاريخ شعوب المنطقة.
شريط التقط من حياة كوكب الشرق ملامح التزامها السياسي وطليعيتها النسوية
الأفلام القصيرة
12- وفي المستقبل سوف نأكل كل أنواع البورسلين، لاريسا صنصور، 2016، فلسطين، 29 دقيقة
لاريسا صنصور فنانة تشكيلية فلسطينية تتعاطى في أعمالها التركيبية والإنشائية فن الصورة وهي تقدم في هذا الشريط، الجزء الأخير من ثلاثية متخيلة عن ديار الفلسطينيين. في الشريط تستخدم الصور القديمة والصور المنتجة من التقنيات الحديثة لتولد حضارة مبتكرة قائمة في فضاء ما على سطح كوكب آخر لتعيد من المكان القصي طرح أسئلة الهوية المخترقة الحكايات والتواريخ.
حين يشيد الفن أوطانا بديلة
13- بالأبيض، دانيا بدير، 2016، لبنان- الولايات المتحدة، 16 دقيقة
لارا، فنانة لبنانية تعيش في نيويويرك وتعود إلى أهلها في بيروت بعد وفاة والدها لحضور الدفن. أمها منى، سيدة أنيقة وقوية الشخصية تجبرها على التصرف بحسب ما تمليه عادات وتقاليد البلد في مثل هذه المناسبات. لارا بداعي الحزن تواسي العائلة وتوافق خاضعة للضعوط . غير أن وصول خطيبها نواه لمساندتها يعقد من سير الأمور.
حين يكون الفرد أكثر صوابا من الجماعة
14- بين موتين، أمير فخر الدين، 2016، سوريا - الجولان المحتل، 22 دقيقة
قصة حب سورية تستمر بين حربين. زينب وكميل فلاحان سوريان يعيشان في الجولان تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967. الفيلم يتبع حركتهما وهما يقصدان إلى حقل الكرز الذي يملكانه والواقع على الحدود مع الطرف السوري من الجولان عير المحتل. تتناهى إلى مسامعهما أصوات قصف متلاحق في الجانب الآخر.
الاحتلال يدوم منذ عقود بينما الحياة معلقة في حقل الكرز
15- نيركوك، محمد كردفاني، 2016، السودان، 20 دقيقة
أطفال يحاولون العيش كما اتفق بعد أن فقدوا كل شيء في الحرب والقصف الذي طاول مناطقهم في احدى ولايات السودان الملتهبة. المخرج الشاب، اشتغل على العوالم النفسية للشخصيات الصغيرة والتي تتعلم نهج الحياة في طرق المدينة.
طعم الحياة بعد موت الأهل العنيف
16- وهران لوحكوها لي، محمد فيلالي وابراهيم نوفل، 2016، الجزائر،10 دقائق
بورتريه خاص بوهران الباهية، ذات الطابع المعماري الفريد الذي هو عبارة عن مزيج بين العمارات العربية والفرنسية والاسبانية. الجمال المتربع فوق تلة على المتوسط تحكيه شابة قبل مغادرة المدينة كأنها لتحفر كل تلك الصور في القلب قبل المغادرة.
قصة حب للباهية
17- أعدك، محمد يرقي، 2016، الجزائر، 18 دقيقة
كلما تقدم العائد خطوة نحو بيته في القرية البعيدة كلما عادت به الذاكرة الى جزء من شريط الماضي البعيد. الطريق إلى المكان الأصل طريق مغروس بالذكريات والعودة، عملية اتصال جديدة بطقوس المكان الأصل حيث الحياة والموت يتواكبان.
الماضي يعيش دائما في حاضرنا
18- تكتات السوليما، أيوب اليوسفي، 2016، المغرب، 29 دقيقة
قبل إغلاقها بشكل نهائي، تقدم سينما "مرحبا" عرضها الأخير لشريط "سبايدر مان". حسن في الحادية عشرة يتمسك بحضور العرض الأخير الذي تكلم عنه مع أصحابه. لكنه لا يملك في جيبه قرشا واحدا وأمه تمنعه من الخروج. على حسن كما في السينما اختراع الحلول.
حين تحكي السينما ذاتها

LikeShow more reactions
Comment

فيلم "على معزة وابراهيم" في سطور بقلم صلاح هاشم في نزهة الناقد


فيلم في سطور

على معزة وابراهيم

بقلم

صلاح هاشم

شاهدت بالأمس في باريس فيلم " على معزة وابراهيم " العمل الروائي الأول الطويل لشريف البندراي، ولم يعجبني الفيلم المصري " الفولكلوري "على الاطلاق، بل لقد اعتبرته - الفيلم التافه العقيم - في بعض اجزائه، إهانة للمصريين - كلنا حيوانات، بانتظاران نقع في غرام معزة ؟ - و" خيانة " ايضا، لكل تقاليد "الفيلم الواقعي" العظيمة التي ارساها بعض مخرجينا الكبار بافلامهم الرائعة مثل كمال سليم وصلاح ابو سيف وكامل التلمساني وهنري بركات وكمال الشيخ ..ولحد هالة لطفي
فهو اقرب مايكون الى فيلم لمهندس صوت وديكورفقط ، ومزحة ، وليس فيلما لمخرج سينمائي، له " بصمة " و" نظرة " ويحمل هما، أو لديه شيئا يريد أن يقوله
وهو نموذج لأفلام كل شييء فيها يلمع، وحلو ومجلو، ومزوق للاستهلاك السريع مثل ساندويتشات الهمبورج، ويفتقد المصداقية
نريد افلاما تحمل هما ، ومن دون ان تكون " متجهمة "، وتنقل صورة تشبهنا -وربما يكون الشييء الوحيد الذي يشبهنا في الفيلم كلمة " أحه " ، للاستنكار والتهكم والاستغراب، وعادة ماتكون في التراث الشعبي الحكائي مصحوبة بـ " شخرة " -وتحكي عن حياتنا، وتدعونا للتأمل والتفكير، وليس كل مايلمع للأسف ذهبا
فيلم "على معزة وابراهيم " ، فيلم سياحي للخواجات، وشغل "التلات ورقات" ..خسارة.

صلاح هاشم
فيلم في سطور

الأربعاء، يونيو 28، 2017

محمد رضا بين كتابين في الشرق الأوسط يقدم قراءة لكتاب " مغامرة السينما الوثائقية " لصلاح هاشم وكتاب " يسري نصرالله " لأحمد شوقي


غلاف كتاب " مغامرة السينما الوثائقية تجارب ودروس " لصلاح هاشم



مختارات سينما إيزيس



بين كتابين

بقلم


محمد رضا

مر زمن كان فيه الكتاب السينمائي من بين الأكثر رواجا بين ماتصدره دور النشر العربية ومهرجانات السينما المتعددة، حينها كان القراء المعتادون الذين يهوون السينما، ويريدون المزيد من إنتاجاتها أفلاما وكتبا ومقالات، بالاضافة الى متابعي الحركة الثقافية العامة، وراصدي الكتب المرجعية التي كانت تنضم الى مقتني الموسوعات الشاملة لأنواع الفنون والثقافات
 لكن مايحدث اليوم أمر مختلف، فالاصدارات السينمائية يقوم بها نقاد قليلون اصابهم العناد، وواصلوا العمل على مايعتبرونه إثراء لتقليد سابق، والناشرون في الغالب هم المهرجانات السينمائية العربية ، ليس جميعا، لأن هناك من يعتبر أن شغل المهرجانات الدولية ( كما هو ممارس في معظم مهرجانات الصف الأول ) ليس إصدار الكتب فينأي بنفسه عن هذا الفعل. لكن بإنتظار أن يجد الكتاب السينمائي المحفل الجيد الذي يستحقه، تواصل بعض المهرجانات العربية إصداره
 وبين ايدينا كتابان جديدان من هذه الإصدارات، أولهما وصولا إلينا هو " مغامرة السينما الوثائقية.تجارب ودروس" لصلاح هاشم والثاني " يسري نصر الله .محاورات أحمد شوقي " لأحمد شوقي
الزميل صلاح هاشم من المتيمين بحب السينما، يمارس منذ عقود طويلة عمله بصبر وأناة، وله نظرات ثاقبة، فيما يتناوله من إتجاهات وتيارات، وإسلوب سرد يأتي على الكثير في سرعة وإيجاز،.. وكتابه الجديد الصادر عن مهرجان الإسماعيلية يجمع دراسات( بعضها منشور سابقا ) تلقي الضوء على أكثر من وجه وجانب من وجوه السينما التسجيلية، وقد منهج كتابه على نحو تاريخي ،يبدأ من سينما لوميير وصولا الى بعض الإنتاجات العربية الحديثة
كتاب أحمد شوقي عن المخرج يسري نصر الله بالغ الأهمية، لناحية تفسير المخرج لاسلوبه السينمائي. كان هذا التفسير والكشف عن رغبات ظهرت أو لم تظهر جليا في أفلامه، في حاجة الى من يطلبه، والناقد أحمد شوقي يفعل ذلك بمهارة المحاور، وبثقة الناقد الذي يعرف الكثير مما يتحدث فيه، وهي ميزة غير منتشرة على نحو متساو بين نقاد السينما العرب
 الكتاب إصدار مهرجان السينما الإفريقية يضع كل ما يبغي القاريء معرفته عن سينما هذا المخرج الذي عرض بعض أفلامه في " كان " و " فينيسيا " و " تورنتو " من بين ممهرجانات عالمية أخرى ..

عن جريدة : الشرق الأوسط " بتاريخ 23 يونيو 2017

الثلاثاء، يونيو 06، 2017

كان السينمائي 70 أفلام على القمة بقلم صلاح هاشم




أفيش فيلم على كف عفريت

كان السينمائي 70  : أفلام على القمة

بقلم 


صلاح هاشم


مازلت عند رأيي بأن الدورة 70 من مهرجان" كان" السينمائي كانت دورة ضعيفة وبخاصة في ما يتعلق بخيارات المندوب العام للمهرجان تيري فريمو المكلف باختيارالافلام وبخاصة في قسم أفلام المسابقة الرسمية، التي افتقدنا فيها الفيلم المتوهج الذي يدلف الى القلب مباشرة، وكتبنا عنها وعن أفلامها 








لكن ليس العيب في تيري، ولكن العيب في طبيعة الحال.حال عالمنا المتحول المتغيرة ، ففي لحظة  تجده يتفجر بالفرح العميق وفي لحظة أخرى ينكفأ على نفسه ويحزن ويكتأب
 بين يوم حلو مرة ويوم مر مرة أخرى وهكذا دواليك
 ولذا كانت هذه السنة في كان  السينمائي 70 سنة  "كبيسة" لكن برزت بعض الافلام التي أعجبتنا وتستحق ان نكتب عنها هنا ونرشحها للمشاهدة عن جدارة 
من ضمنها
فيلم على كف عفريت من تونس
فيلم طبيعة الحال  من الجزائر
فيلم 24 لقطة من ايران
فيلم وجوه وقرى  من فرنسا
فيلم الفيس بريسلي من أمريكا
فيلم شرق نهر الأردن من تظاهرة نصف شهر المخرجين
وغيرها
..
انتظرونا


الجمعة، يونيو 02، 2017

شاعرية الخطاب الصوفي في حصاد كان السينمائي 70 بقلم صلاح هاشم


مختارات سينما إيزيس


مهرجان «كان» السينمائي 70

شاعرية «الخطاب» الصوفي في عالم بلا حب
المهرجان يعرض لجهنم الحمراء وقضايا اللاجئين والكابوس الأمريكي المخيف
لقطة من فيلم بلا حب
لقطة من فيلم المربع
بقلم

صلاح هاشم
حقق مهرجان «كان» السينمائي في دورته 70 المنعقدة في الفترة من 17 الى 28 مايو الكثير، فقد احتفل أولا وسط حشد من نجوم الاخراج والتمثيل في العالم ممن فازوا بجوائز في دورات سابقة للمهرجان بعيد ميلاده السبعين.. وبمشاركة أكثر من 4 آلاف صحفي من جميع أنحاء العالم وأكثر من 12 الف منتج وموزع وعارض الخ، حضروا للمشاركة في "سوق الفيلم". وحرص المهرجان الذي يعتبر الحدث الاعلامي الأول في العالم – بعد "الدورة الاوليمبية" ومباريات كأس العالم في كرة القدم - ان تكون هذه الدورة السبعينية بمثابة "تتويج" لمسيرته السينمائية الرائعة خلال الـ 69عاما المنصرمة..
في الحفاظ على والدفاع عن ،حرية التعبير في العالم، والوقوف ضد البربرية والفاشية، وتوظيف النجوم لخدمة "سينما المؤلف" في العالم، ومن دون نبذ أفضل نماذج الفيلم التجاري الأمريكي، ومع تسليط الضوء على المواهب السينمائية الجديدة في العالم والترحيب بأعمالها والترويج لهذه الأعمال من خلال أقسام المهرجان المختلفة ومنح جائزة " الكاميرا الذهبية " لأفضلها – الأعمال الأولى لمخرجيها- والمشاركة ليس فقط في المهرجان الرسمي، بل المختارة أيضا في التظاهرتين الموازيتين له، ونعني بهما تظاهرة "نصف شهر المخرجين" وتظاهرة "أسبوع النقاد".


الواقعية الافتراضية و "جهنم "الحمراء

كما حرص المهرجان أيضا في الاحتفال بعيد ميلاده السبعين على أن يضيف الى قائمة الاختيار الرسمي 
OFFICIAL SELECTION التي ضمت 49 فيلما جديدا من أنحاء العالم توزعت على أقسام المهرجان المختلفة، مجموعة من "الأحداث" الفنية السينمائية الخاصة SPECIAL EVENTS كانت بمثابة "جرعات" من الفرح العميق التي توجت الاحتفال بعيد ميلاده "المجيد"، من ضمنها:
* التعريف بإتجاه "الواقعية الافتراضية" VIRTUAL REALITY الجديد في السينما من خلال معرض – منشأة INSTALLATION من إبداع المخرج المكسيكي الكبير اليخاندرو جونزاليس اناريتو (من مواليد15 اغسطس 1963 ، المكسيك) الحاصل على عدة أوسكارات وصاحب فيلم "بابل" البديع، وتتيح المنشأة، ليس فقط مشاهدة فيلم (19 دقيقة) عن المتاعب و الأهوال التي يتجشمها المكسيكيون المهاجرون عبر الحدود الى أمريكا، بل ممارسة تجربة العبور جسمانيا ونفسيا أيضا، وما تتضمنه من ظروف الطقس الحار المرعبة ومطاردات رجال الشرطة والاخطار التي تهدد المهاجر الغلبان في كل لحظة، وباختصار تضع التجربة المشاهد في "جهنم" الحمراء، وتجعله من خلال ممارسة تجربة عبور الحدود المرعبة مع أشقائه المكسيكيين والمهاجرين من كل أرض، تجربة مادية معاشة ومحسوسة .. وبكل ذرة في كيانه.

الواقعية الافتراضية جهنم الحمراء

شاعرية الخطاب الصوفي

* كما نجحت ادارة المهرجان في أن تجلب لنا- في إطار "الأحداث الخاصة" - فيلما رائعا ونادرا، وأعني به الفيلم الأخير الذي حققه المخرج الايراني الكبير عباس كياروستامي قبل وفاته بعنوان "24 لقطة أو كادر" وأعتبره "تحفة" سينمائية ولكل العصور- ألم يقل المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير جان لوك جودار إن رواية السينما تبدأ من عند المخرج الأمريكي الكبير أورسون ويلز وتنتهي عند عباس كياروستامي؟ - و"شهادة" أو "وصية" كياروستامي الأخيرة بأن السينما ليست مجرد وسيلة للإمتاع والترفيه فحسب بل هي وقبل أي شييء آخر، "أداة تأمل وتفكير" تفلسف حياتنا، وهي تطرح "تساؤلات" الوجود الكبرى .. وينتهي الفيلم الذي هو أشبه ما يكون بـ "قصيدة" من قصائد الزن
ZEN بلقطة "قبلة" A KISS بين حبيبين قبل ان تسقط كلمة "النهاية" THE END على الشاشة ثم إظلام تام، وتتحقق معه شاعرية الخطاب الصوفي- خطاب الحب الروحاني- في السينما على يد مخرجنا الايراني العالمي وهو يرحل عن عالمنا مطمئنا. فيلم كياروستامي لا يحكي قصة بل يفتح مع كل كادر أو لقطة نافذة يطل منها على الطبيعة: الريح والناس والعصافير، والبحر الكبير والشجر وحركة وتحولات الكون والحياة، كما يستخدم بعض الصور الفوتوغرافية- كان كياروستامي مصورا فوتوغرافيا فذا أيضا – التي التقطها في حياته لينفخ فيها من حياته ويجعلها تتحرك على الشاشة، فمثلا اذا كان في الصورة مدخنة فانه يجعل الدخان يتصاعد منها، ويجعل حيوانات، مثل كلاب وعصافير وأبقار، تتسرب الى داخل الصورة الثابتة وتتحرك داخلها.
في محاولة منه لاستكشاف اللحظة السابقة على التقاط الصورة أو الكادر، واللحظة التالية أيضا على التقاط الصورة، وعلى اعتبار- وهكذا كان يفكر كياروستامي أو ربما كان هكذا يفكر وهو يصنع فيلمه الأخير – ان سر الحياة في صيرورتها أو ديمومتها أو استمراريتها قبل وأثناء وبعد التقاط الصورة، وليس فقط في الصورة أو الكادر الواحد الماثل أمامنا على الشاشة، وكأن وظيفة السينما هي في تحريك الثابت ومنحه روحا جديدة من روح الحياة ذاتها، وديمومتها، ضد الفناء والاندثار والموت والعدم.

الكابوس الأمريكي المخيف

* وأيضا نجح المهرجان في جلب وعرض جزأين من الحلقة الثالثة من مسلسل "توين بيكس" التلفزيوني- لم تعرض اجزائه بعد في فرنسا - للمخرج السينمائي الأمريكي الكبير الفذ دافيد لينش الذي يقص علينا الوقائع الغريبة التي مازالت تحدث في مدينة توين بيكس الصغيرة التي تقع في شمال شرق الولايات المتحدة الامريكية بعد مضي أكثر من 25 عاما على اكتشاف جثة الشابة الجميلة لورا بالمر الغارقة في الوحل ومحاولة مخبر سري العثور على الفاعل من بين شخصيات المدينة الغريبة. والمعروف أن مسلسل توين بيكس يمثل "نقطة تحول" في اخراج المسلسلات التلفزيونية، ليس فقط في أمريكا بل في العالم، حيث استطاع دافيد لينش – الحاصل على سعفة "كان" الذهبية بفيلمه الأثير "سايلور ولولا" عند ظهور المسلسل آنذاك أن يجعل من كل حلقة من حلقاته فيلما سينمائيا جديدا مثيرا ومتميزا، وأقرب ما يكون الى روح الأفلام البوليسية الهيتشكوكية- نسبة الى المخرج البريطاني الكبير الفريد هيتشكوك ملك أفلام الرعب – بعوالمه الغرائبية وموسيقاه الساحرة وأن يعكس من خلال المسلسل صورة بالغة القسوة والرعب للكابوس – وليس الحلم – الأمريكي المخيف. على عكس معظم الأفلام والمسلسلات الامريكية، التي كانت ومازالت تروج لذلك "الوهم" وأساليب الحياة على الطريقة الأمريكية البشعة.



كما جلب المهرجان أيضا لرواده في احتفاله بعيد ميلاده السبعيني ستة أجزاء من مسلسل "قمة البحيرة- الفتاة الصينية" للمخرجة النيوزيلاندية الكبيرة جين كامبيون وهي المخرجة المرأة الوحيدة التي حصلت على سعفة "كان" الذهبية بفيلمها الجميل البديع "درس البيانو" وتعتبر جين كامبيون "ابنة المهرجان" وعن جدارة، ويعود الفضل في اكتشاف موهبتها السينمائية الكبيرة لرئيس المهرجان السابق الناقد السينمائي الكبير جيل جاكوب، حين شاهد افلامها الأولى القصيرة، ودعاها للحضور مع أفلامها والمشاركة، وهي من ضمن المواهب السينمائية الكثيرة التي اكتشفها المهرجان وكان سببا في شهرتها مثل المخرج الامريكي مارتين سكورسيزي- سعفة ذهبية بفيلمه الأثير "سائق التاكسي" والمخرج الالماني فيم فندرز – سعفة ذهبية بفيلمه "باريس – تكساس" و المخرج الايراني الكبير الراحل عباس كياروستامي الحاصل على سعفة "كان" الذهبية بفيلمه البديع "طعم الكرز" وغيرهم.

قضايا المهاجرين واللاجئين

* كما عرض المهرجان في قسم "خارج المسابقة" فيلما وثائقيا رائعا بعنوان "وجوه وقرى" للمخرجة الفرنسية الكبيرة أنياس فاردا (89 سنة) أعتبره من أجمل الأفلام "الإنسانية الكبيرة" التي عرضها المهرجان في دورته 70. وعرض في قسم "عروض خاصة" وبمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده مجموعة كبيرة من الأفلام الجديدة المتميزة، من ضمنها فيلم "12 يوما" الوثائقي للمخرج الفرنسي الكبير ريمون دوباردون الذي يحكي عن أناس يتم حبسهم خارج ارادتهم في مصحات عقلية وفيلم "حزن البحر" 
SEA SORROW الفيلم الأول من إخراج الممثلة البريطانية المناضلة فانيسا ردجريف وهو من النوع الوثائقي ويطرح قضية المهاجرين المشردين في العالم وضرورة الترحيب باستقبالهم في العالم الحر في الغرب، وتوسيع حجم ذلك الاستقبال حيث يكشف الفيلم ان أكثر من 96 في المائة من اعداد المهاجرين اللاجئين، وياللعار، يتم استقبالهم عن طريق الدول النامية، وتقف دول العالم الحر مثل فرنسا وانجلترا على وجه التحديد في الفيلم تتفرج، ويضم الفيلم شهادات على انتهاكات حقوق الانسان في العالم الحر، وشهادة شخصية لفانيسا ردجريف تدل على عمق الهوة التي تفصل بين عالم اللاجئين المشردين في العالم وأنانية مجتمعات الاستهلاك الكبرى في العالم وحفاظها وتقوقعها على مصالحها الخاصة.


عالم بلا حب


وعلى الرغم من أن مستوى الافلام في المسابقة الرسمية للمهرجان كان ضعيفا فنيا وفكريا، وافتقدنا في الدورة 70 للأسف الفيلم الذي يخطف القلوب والعقول بتوهجه والقه، والذي ينحاز اليه نقاد المهرجان بالإجماع ، كما حدث مع فيلم "توني اردمان" للمخرجة الالمانية مارين إده في دورة العام الماضي 69. وكانت صدتنا كبيرة لأنه لم يفز بأية جائزة. إلا أن معظم الافلام المشاركة (20 فيلما) في المسابقة في الدورة 70 عكست صورة عن قرب لقضايا مجتمعاتنا الانسانية بجل مشاكلها وأزماتها وتناقضاتها، ونبهت جميعها الى الاخطار المحدقة بعالمنا مثل خطر الارهاب والتلوث وصعود التيارات النازية الفاشية .. وإستحالة الحياة الآن في عالم بلا حب. كما في الفيلم الروسي بنفس العنوان "بلا حب" 
LOVELESS من اخراج الروسي اندريه زياجنتسيف، الذي رشحته مع الغالبية العظمي من النقاد للحصول على سعفة "كان" الذهبية،- وحصل فقط على جائزة لجنة التحكيم - بعدما منحت اللجنة سعفتها الذهبية في الدورة 70 لفيلم "المربع" THE SQUAREللمخرج السويدي روبين اوستلوند.
فالفيلم الروسي المذكور"بلا حب" كان من أكثر الأفلام "الواقعية" ضمن الافلام المشاركة في المسابقة، وهو يحكي عن "استحالة الحياة" وبخاصة في إطار الأسرة الروسية الجديدة، في مجتمعات الاستهلاك الانانية العدمية، والتحولات التي تطرأ على المجتمع الروسي الجديد. ويتم فيها التضحية بالأطفال الذين يدفعون ثمن طموحات الوالدين، ويحكي الفيلم عن التفكك الأسري، ويبدأ بلقطة للمنظر الطبيعي الذي يغطيه الثلج في تلك الضاحية المنعزلة في موسكو ويخرج طفل عمره 13 سنة من المدرسة ويمشي في الثلج ويلتقط شريطا ورقيا يقذف به الى أعلى شجرة ثم يمضي الى منزله ويبدأ يستذكر دروسه حين يصل شخص ما ليتجول في انحاء الشقة المعروضة للبيع، ويتعرض الطفل للضرب من قبل الأم التي تشتبك في عراك مع الأب وتشتمه وتهينه في حضور الطفل الذي يسارع باللجوء الى غرفته ويغلق الباب على نفسه وينهمر في البكاء وهو يتنصت على المعركة الدائرة بين الوالدين، وقد قررا بعدما صارت الحياة معا مستحيلة الانفصال عن بعضهما.
وتتتابع الاحداث لنكتشف ان أم الطفل قد عثرت على ضالتها في عشيق ثري سوف ينتشلها من عذابات العيش مع الأب المهدد بالطرد من عمله، اذا اكتشف صاحب العمل انه على وشك الانفصال عن زوجته، ففي المجتمعات الرأسمالية الروسية الجديدة يصبح صاحب العمل او الشركة هو السيد، أما الموظفين في الشركة فهم عبيد يستطيع أن يفصلهم في أية لحظة، كما نكتشف أن الأب والد الطفل قد أمن لنفسه حياة جديدة مع صديقة صارت حاملا وتنتظر منه طفلا.


وعندما تعود الأم ذات يوم في ساعة متأخرة من الليل ولا تطمئن الى وجود الطفل في البيت بل تتوجه مباشرة الى غرفة نومها تكتشف عندما تستيقظ في الصباح انه قد غادر المنزل، وتبدأ عملية البحث عن الطفل بمشاركة الشرطة، ومن خلال عملية البحث عن الطفل الهارب أو المختطف تتكشف لنا تلك التحولات في المجتمع الروسي الرأسمالي الجديد ومناخاته العفنة الفاسدة، فالكل يريد أن يصعد بسرعة، والكل يريد إشباع حاجاته الاصطناعية "الانانية" مثل امتلاك سيارة وشهوة وحيازة شقة وتليفون محمول وعشيقة.
فيلم "بلا حب" LOVELESS الذي يحكي عن عبث وخواء تلك المجتمعات الروسية الرأسمالية الجديدة- مجتمعات اللذة والاستمتاع التي يتم التضحية فيها بالاطفال، وعلى خلفية الفظائع التي يرتكبها العسكر الروس كما تظهر في نشرات الاخبار التي يبثها التلفزيون. ومن أفظع مشاهد الفيلم الذي يستحق المشاهدة وعن جدارة، مشهد استدعاء الأب والأم للتعرف على جثة الطفل ابنهما في المشرحة بعد أن يكون تجار الأعضاء البشرية قد اعملا في جثة الطفل المختطف تشريحا وتقطيعا حتى انهما الاثنان، لا ينجحا في التعرف عليه، أو بالاحرى يرفضا التعرف عليه، لكن يعيب الفيلم المط والتطويل، وبخاصة في الجزء الثاني من الفيلم حيث ان زيارة الجدة هنا في الفيلم الذي تحول في الجزء الثاني الى فيلم "بوليسي" بارد لم تأت مطلقا - من وجهة نظرنا - بنتيجة. وحبذا لو كان مخرجنا – من مواليد 6 فبراير 1964 - الذي يعد من أهم وأبرز المخرجين الروس في الوقت الحاضر استخدم قدرته على التكثيف كما في فيلميه السابقين فيلم "ايلينا" انتاج 2011 وفيلم "ليفيتان" انتاج 2014 اللذين اعجبت بهما كثيرا، للوصول الى قمة الكمال الفني في فيلمه والفوز بسعفة "كان" الذهبية وعن جدارة.



جوائز المهرجان
أعلن المخرج الأسباني الكبير بدرو المودوفار رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة 70 عن جوائزها كالتالي:
جائزة PALME D OR السعفة الذهبية فيلم "المربع "THE SQUARE اخراج السويدي روبن أوستلاند.
الجائزة الكبرى 120 دقة في الدقيقة 120 BATTEMENTS PAR MINUTE اخراج روبن كامبيللو .
جائزة لجنة التحكيم بلاحب LOVELESSاخراج اندريه زفياجنتسيف.
جائزة افضل اخراج الفرائسLES PROIES اخراج صوفيا كوبولا.
جائزة السيناريو منحت لفيلمين: فيلم "انك لم تكن في الواقع هناك ابدا "YOU WERE NEVER REALLY HERE اخراج لين رامساي؛ وفيلم " ذبح الوعل المقدس " MISE A MORT DU CERF SACRE اخراج يورغوس لانتيموس.
جائزة أحسن ممثلة دايان كروجر DIANE KRUGERعن دورها في فيلم "في الاختفاء "IN THE FADE اخراج فاتح أكين.
جائزة أحسن ممثل يواقيم فونيكسJOAQUIN PHOENIX عن دوره في فيلم "انك لم تكن في الواقع هناك ابدا".
جائزة الكاميرا الذهبية - تمنح للعمل الأول لمخرجه في جميع أقسام المهرجان وكذلك في تظاهرتي "أسبوع النقاد" و "نصف شهر المخرجين" فتاة شابة اخراج الفرنسية ليونور سيراي
جائزة عيد ميلاد مهرجان "كان" السبعين نيكول كيدمان NICOLE KIDMANعن دورها في فيلمين هما فيلم "الفرائس" وفيلم "ذبح الوعل المقدس".
السعفة الذهبية للفيلم القصير فيلمYUE XIAO CHENG ER اخراج كيو يانج


بيير ليسكور رئيس المهرجان على اليمين والمندوب العام تيري فريمو على اليسار وبينهما 
أفيش الدور 70



عن موقع " الكلمة - مجلة ادبية فكرية رئيس ال تحرير. 

كتب الناقد السينمائي المصري هنا للكلمة تغطية واسعة لما دار في مهرجان كان السينمائي السبعين، وما قدمه من جديد السينما العالمية هذا العام، ويتريث عند أهم القضايا التي طرحتها أفلامه وبعض الأفلام البارزة التي شاهدها فيه، ومجموعة الجوائز التي توج بها عددا من الأفلام والمخرجين والممثلين.
مهرجان «كان» السينمائي 70
شاعرية «الخطاب» الصوفي في عالم بلا حب
المهرجان يعرض لجهنم الحمراء وقضايا اللاجئين والكابوس الأمريكي المخيف
حقق مهرجان «كان» السينمائي في دورته 70 المنعقدة في الفترة من 17 الى 28 مايو الكثير، فقد احتفل أولا وسط حشد من نجوم الاخراج والتمثيل في العالم ممن فازوا بجوائز في دورات سابقة للمهرجان بعيد ميلاده السبعين.. وبمشاركة أكثر من 4 آلاف صحفي من جميع أنحاء العالم وأكثر من 12 الف منتج وموزع وعارض الخ، حضروا للمشاركة في "سوق الفيلم". وحرص المهرجان الذي يعتبر الحدث الاعلامي الأول في العالم – بعد "الدورة الاوليمبية" ومباريات كأس العالم في كرة القدم - ان تكون هذه الدورة السبعينية بمثابة "تتويج" لمسيرته السينمائية الرائعة خلال الـ 69عاما المنصرمة..
في الحفاظ على والدفاع عن ،حرية التعبير في العالم، والوقوف ضد البربرية والفاشية، وتوظيف النجوم لخدمة "سينما المؤلف" في العالم، ومن دون نبذ أفضل نماذج الفيلم التجاري الأمريكي، ومع تسليط الضوء على المواهب السينمائية الجديدة في العالم والترحيب بأعمالها والترويج لهذه الأعمال من خلال أقسام المهرجان المختلفة ومنح جائزة " الكاميرا الذهبية " لأفضلها – الأعمال الأولى لمخرجيها- والمشاركة ليس فقط في المهرجان الرسمي، بل المختارة أيضا في التظاهرتين الموازيتين له، ونعني بهما تظاهرة "نصف شهر المخرجين" وتظاهرة "أسبوع النقاد".

أفيش الدورة 70
الواقعية الافتراضية و "جهنم "الحمراء
كما حرص المهرجان أيضا في الاحتفال بعيد ميلاده السبعين على أن يضيف الى قائمة الاختيار الرسمي 
OFFICIAL SELECTION التي ضمت 49 فيلما جديدا من أنحاء العالم توزعت على أقسام المهرجان المختلفة، مجموعة من "الأحداث" الفنية السينمائية الخاصة SPECIAL EVENTS كانت بمثابة "جرعات" من الفرح العميق التي توجت الاحتفال بعيد ميلاده "المجيد"، من ضمنها:
* التعريف بإتجاه "الواقعية الافتراضية" VIRTUAL REALITY الجديد في السينما من خلال معرض – منشأة INSTALLATION من إبداع المخرج المكسيكي الكبير اليخاندرو جونزاليس اناريتو (من مواليد15 اغسطس 1963 ، المكسيك) الحاصل على عدة أوسكارات وصاحب فيلم "بابل" البديع، وتتيح المنشأة، ليس فقط مشاهدة فيلم (19 دقيقة) عن المتاعب و الأهوال التي يتجشمها المكسيكيون المهاجرون عبر الحدود الى أمريكا، بل ممارسة تجربة العبور جسمانيا ونفسيا أيضا، وما تتضمنه من ظروف الطقس الحار المرعبة ومطاردات رجال الشرطة والاخطار التي تهدد المهاجر الغلبان في كل لحظة، وباختصار تضع التجربة المشاهد في "جهنم" الحمراء، وتجعله من خلال ممارسة تجربة عبور الحدود المرعبة مع أشقائه المكسيكيين والمهاجرين من كل أرض، تجربة مادية معاشة ومحسوسة .. وبكل ذرة في كيانه.
شاعرية الخطاب الصوفي
* كما نجحت ادارة المهرجان في أن تجلب لنا- في إطار "الأحداث الخاصة" - فيلما رائعا ونادرا، وأعني به الفيلم الأخير الذي حققه المخرج الايراني الكبير عباس كياروستامي قبل وفاته بعنوان "24 لقطة أو كادر" وأعتبره "تحفة" سينمائية ولكل العصور- ألم يقل المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير جان لوك جودار إن رواية السينما تبدأ من عند المخرج الأمريكي الكبير أورسون ويلز وتنتهي عند عباس كياروستامي؟ - و"شهادة" أو "وصية" كياروستامي الأخيرة بأن السينما ليست مجرد وسيلة للإمتاع والترفيه فحسب بل هي وقبل أي شييء آخر، "أداة تأمل وتفكير" تفلسف حياتنا، وهي تطرح "تساؤلات" الوجود الكبرى .. وينتهي الفيلم الذي هو أشبه ما يكون بـ "قصيدة" من قصائد الزن
ZEN بلقطة "قبلة" A KISS بين حبيبين قبل ان تسقط كلمة "النهاية" THE END على الشاشة ثم إظلام تام، وتتحقق معه شاعرية الخطاب الصوفي- خطاب الحب الروحاني- في السينما على يد مخرجنا الايراني العالمي وهو يرحل عن عالمنا مطمئنا. فيلم كياروستامي لا يحكي قصة بل يفتح مع كل كادر أو لقطة نافذة يطل منها على الطبيعة: الريح والناس والعصافير، والبحر الكبير والشجر وحركة وتحولات الكون والحياة، كما يستخدم بعض الصور الفوتوغرافية- كان كياروستامي مصورا فوتوغرافيا فذا أيضا – التي التقطها في حياته لينفخ فيها من حياته ويجعلها تتحرك على الشاشة، فمثلا اذا كان في الصورة مدخنة فانه يجعل الدخان يتصاعد منها، ويجعل حيوانات، مثل كلاب وعصافير وأبقار، تتسرب الى داخل الصورة الثابتة وتتحرك داخلها.
في محاولة منه لاستكشاف اللحظة السابقة على التقاط الصورة أو الكادر، واللحظة التالية أيضا على التقاط الصورة، وعلى اعتبار- وهكذا كان يفكر كياروستامي أو ربما كان هكذا يفكر وهو يصنع فيلمه الأخير – ان سر الحياة في صيرورتها أو ديمومتها أو استمراريتها قبل وأثناء وبعد التقاط الصورة، وليس فقط في الصورة أو الكادر الواحد الماثل أمامنا على الشاشة، وكأن وظيفة السينما هي في تحريك الثابت ومنحه روحا جديدة من روح الحياة ذاتها، وديمومتها، ضد الفناء والاندثار والموت والعدم.
الكابوس الأمريكي المخيف
* وأيضا نجح المهرجان في جلب وعرض جزأين من الحلقة الثالثة من مسلسل "توين بيكس" التلفزيوني- لم تعرض اجزائه بعد في فرنسا - للمخرج السينمائي الأمريكي الكبير الفذ دافيد لينش الذي يقص علينا الوقائع الغريبة التي مازالت تحدث في مدينة توين بيكس الصغيرة التي تقع في شمال شرق الولايات المتحدة الامريكية بعد مضي أكثر من 25 عاما على اكتشاف جثة الشابة الجميلة لورا بالمر الغارقة في الوحل ومحاولة مخبر سري العثور على الفاعل من بين شخصيات المدينة الغريبة. والمعروف أن مسلسل توين بيكس يمثل "نقطة تحول" في اخراج المسلسلات التلفزيونية، ليس فقط في أمريكا بل في العالم، حيث استطاع دافيد لينش – الحاصل على سعفة "كان" الذهبية بفيلمه الأثير "سايلور ولولا" عند ظهور المسلسل آنذاك أن يجعل من كل حلقة من حلقاته فيلما سينمائيا جديدا مثيرا ومتميزا، وأقرب ما يكون الى روح الأفلام البوليسية الهيتشكوكية- نسبة الى المخرج البريطاني الكبير الفريد هيتشكوك ملك أفلام الرعب – بعوالمه الغرائبية وموسيقاه الساحرة وأن يعكس من خلال المسلسل صورة بالغة القسوة والرعب للكابوس – وليس الحلم – الأمريكي المخيف. على عكس معظم الأفلام والمسلسلات الامريكية، التي كانت ومازالت تروج لذلك "الوهم" وأساليب الحياة على الطريقة الأمريكية البشعة.

لقطة من فيلم المربع الحائز على السعفة الذهبية
كما جلب المهرجان أيضا لرواده في احتفاله بعيد ميلاده السبعيني ستة أجزاء من مسلسل "قمة البحيرة- الفتاة الصينية" للمخرجة النيوزيلاندية الكبيرة جين كامبيون وهي المخرجة المرأة الوحيدة التي حصلت على سعفة "كان" الذهبية بفيلمها الجميل البديع "درس البيانو" وتعتبر جين كامبيون "ابنة المهرجان" وعن جدارة، ويعود الفضل في اكتشاف موهبتها السينمائية الكبيرة لرئيس المهرجان السابق الناقد السينمائي الكبير جيل جاكوب، حين شاهد افلامها الأولى القصيرة، ودعاها للحضور مع أفلامها والمشاركة، وهي من ضمن المواهب السينمائية الكثيرة التي اكتشفها المهرجان وكان سببا في شهرتها مثل المخرج الامريكي مارتين سكورسيزي- سعفة ذهبية بفيلمه الأثير "سائق التاكسي" والمخرج الالماني فيم فندرز – سعفة ذهبية بفيلمه "باريس – تكساس" و المخرج الايراني الكبير الراحل عباس كياروستامي الحاصل على سعفة "كان" الذهبية بفيلمه البديع "طعم الكرز" وغيرهم.
قضايا المهاجرين واللاجئين
* كما عرض المهرجان في قسم "خارج المسابقة" فيلما وثائقيا رائعا بعنوان "وجوه وقرى" للمخرجة الفرنسية الكبيرة أنياس فاردا (89 سنة) أعتبره من أجمل الأفلام "الإنسانية الكبيرة" التي عرضها المهرجان في دورته 70. وعرض في قسم "عروض خاصة" وبمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده مجموعة كبيرة من الأفلام الجديدة المتميزة، من ضمنها فيلم "12 يوما" الوثائقي للمخرج الفرنسي الكبير ريمون دوباردون الذي يحكي عن أناس يتم حبسهم خارج ارادتهم في مصحات عقلية وفيلم "حزن البحر" 
SEA SORROW الفيلم الأول من إخراج الممثلة البريطانية المناضلة فانيسا ردجريف وهو من النوع الوثائقي ويطرح قضية المهاجرين المشردين في العالم وضرورة الترحيب باستقبالهم في العالم الحر في الغرب، وتوسيع حجم ذلك الاستقبال حيث يكشف الفيلم ان أكثر من 96 في المائة من اعداد المهاجرين اللاجئين، وياللعار، يتم استقبالهم عن طريق الدول النامية، وتقف دول العالم الحر مثل فرنسا وانجلترا على وجه التحديد في الفيلم تتفرج، ويضم الفيلم شهادات على انتهاكات حقوق الانسان في العالم الحر، وشهادة شخصية لفانيسا ردجريف تدل على عمق الهوة التي تفصل بين عالم اللاجئين المشردين في العالم وأنانية مجتمعات الاستهلاك الكبرى في العالم وحفاظها وتقوقعها على مصالحها الخاصة.

فانيسا ريدجريف
عالم بلا حب
وعلى الرغم من أن مستوى الافلام في المسابقة الرسمية للمهرجان كان ضعيفا فنيا وفكريا، وافتقدنا في الدورة 70 للأسف الفيلم الذي يخطف القلوب والعقول بتوهجه والقه، والذي ينحاز اليه نقاد المهرجان بالإجماع ، كما حدث مع فيلم "توني اردمان" للمخرجة الالمانية مارين إده في دورة العام الماضي 69. وكانت صدتنا كبيرة لأنه لم يفز بأية جائزة. إلا أن معظم الافلام المشاركة (20 فيلما) في المسابقة في الدورة 70 عكست صورة عن قرب لقضايا مجتمعاتنا الانسانية بجل مشاكلها وأزماتها وتناقضاتها، ونبهت جميعها الى الاخطار المحدقة بعالمنا مثل خطر الارهاب والتلوث وصعود التيارات النازية الفاشية .. وإستحالة الحياة الآن في عالم بلا حب. كما في الفيلم الروسي بنفس العنوان "بلا حب" 
LOVELESS من اخراج الروسي اندريه زياجنتسيف، الذي رشحته مع الغالبية العظمي من النقاد للحصول على سعفة "كان" الذهبية،- وحصل فقط على جائزة لجنة التحكيم - بعدما منحت اللجنة سعفتها الذهبية في الدورة 70 لفيلم "المربع" THE SQUAREللمخرج السويدي روبين اوستلوند.
فالفيلم الروسي المذكور"بلا حب" كان من أكثر الأفلام "الواقعية" ضمن الافلام المشاركة في المسابقة، وهو يحكي عن "استحالة الحياة" وبخاصة في إطار الأسرة الروسية الجديدة، في مجتمعات الاستهلاك الانانية العدمية، والتحولات التي تطرأ على المجتمع الروسي الجديد. ويتم فيها التضحية بالأطفال الذين يدفعون ثمن طموحات الوالدين، ويحكي الفيلم عن التفكك الأسري، ويبدأ بلقطة للمنظر الطبيعي الذي يغطيه الثلج في تلك الضاحية المنعزلة في موسكو ويخرج طفل عمره 13 سنة من المدرسة ويمشي في الثلج ويلتقط شريطا ورقيا يقذف به الى أعلى شجرة ثم يمضي الى منزله ويبدأ يستذكر دروسه حين يصل شخص ما ليتجول في انحاء الشقة المعروضة للبيع، ويتعرض الطفل للضرب من قبل الأم التي تشتبك في عراك مع الأب وتشتمه وتهينه في حضور الطفل الذي يسارع باللجوء الى غرفته ويغلق الباب على نفسه وينهمر في البكاء وهو يتنصت على المعركة الدائرة بين الوالدين، وقد قررا بعدما صارت الحياة معا مستحيلة الانفصال عن بعضهما.
وتتتابع الاحداث لنكتشف ان أم الطفل قد عثرت على ضالتها في عشيق ثري سوف ينتشلها من عذابات العيش مع الأب المهدد بالطرد من عمله، اذا اكتشف صاحب العمل انه على وشك الانفصال عن زوجته، ففي المجتمعات الرأسمالية الروسية الجديدة يصبح صاحب العمل او الشركة هو السيد، أما الموظفين في الشركة فهم عبيد يستطيع أن يفصلهم في أية لحظة، كما نكتشف أن الأب والد الطفل قد أمن لنفسه حياة جديدة مع صديقة صارت حاملا وتنتظر منه طفلا.

لقطة من الفيلم الروسي بلا حب
وعندما تعود الأم ذات يوم في ساعة متأخرة من الليل ولا تطمئن الى وجود الطفل في البيت بل تتوجه مباشرة الى غرفة نومها تكتشف عندما تستيقظ في الصباح انه قد غادر المنزل، وتبدأ عملية البحث عن الطفل بمشاركة الشرطة، ومن خلال عملية البحث عن الطفل الهارب أو المختطف تتكشف لنا تلك التحولات في المجتمع الروسي الرأسمالي الجديد ومناخاته العفنة الفاسدة، فالكل يريد أن يصعد بسرعة، والكل يريد إشباع حاجاته الاصطناعية "الانانية" مثل امتلاك سيارة وشهوة وحيازة شقة وتليفون محمول وعشيقة.
فيلم "بلا حب" LOVELESS الذي يحكي عن عبث وخواء تلك المجتمعات الروسية الرأسمالية الجديدة- مجتمعات اللذة والاستمتاع التي يتم التضحية فيها بالاطفال، وعلى خلفية الفظائع التي يرتكبها العسكر الروس كما تظهر في نشرات الاخبار التي يبثها التلفزيون. ومن أفظع مشاهد الفيلم الذي يستحق المشاهدة وعن جدارة، مشهد استدعاء الأب والأم للتعرف على جثة الطفل ابنهما في المشرحة بعد أن يكون تجار الأعضاء البشرية قد اعملا في جثة الطفل المختطف تشريحا وتقطيعا حتى انهما الاثنان، لا ينجحا في التعرف عليه، أو بالاحرى يرفضا التعرف عليه، لكن يعيب الفيلم المط والتطويل، وبخاصة في الجزء الثاني من الفيلم حيث ان زيارة الجدة هنا في الفيلم الذي تحول في الجزء الثاني الى فيلم "بوليسي" بارد لم تأت مطلقا - من وجهة نظرنا - بنتيجة. وحبذا لو كان مخرجنا – من مواليد 6 فبراير 1964 - الذي يعد من أهم وأبرز المخرجين الروس في الوقت الحاضر استخدم قدرته على التكثيف كما في فيلميه السابقين فيلم "ايلينا" انتاج 2011 وفيلم "ليفيتان" انتاج 2014 اللذين اعجبت بهما كثيرا، للوصول الى قمة الكمال الفني في فيلمه والفوز بسعفة "كان" الذهبية وعن جدارة.

نيكول كيدمان في لقطة من فيلم الفرائس
جوائز المهرجان
أعلن المخرج الأسباني الكبير بدرو المودوفار رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة 70 عن جوائزها كالتالي:
جائزة PALME D OR السعفة الذهبية فيلم "المربع "THE SQUARE اخراج السويدي روبن أوستلاند.
الجائزة الكبرى 120 دقة في الدقيقة 120 BATTEMENTS PAR MINUTE اخراج روبن كامبيللو .
جائزة لجنة التحكيم بلاحب LOVELESSاخراج اندريه زفياجنتسيف.
جائزة افضل اخراج الفرائسLES PROIES اخراج صوفيا كوبولا.
جائزة السيناريو منحت لفيلمين: فيلم "انك لم تكن في الواقع هناك ابدا "YOU WERE NEVER REALLY HERE اخراج لين رامساي؛ وفيلم " ذبح الوعل المقدس " MISE A MORT DU CERF SACRE اخراج يورغوس لانتيموس.
جائزة أحسن ممثلة دايان كروجر DIANE KRUGERعن دورها في فيلم "في الاختفاء "IN THE FADE اخراج فاتح أكين.
جائزة أحسن ممثل يواقيم فونيكسJOAQUIN PHOENIX عن دوره في فيلم "انك لم تكن في الواقع هناك ابدا".
جائزة الكاميرا الذهبية - تمنح للعمل الأول لمخرجه في جميع أقسام المهرجان وكذلك في تظاهرتي "أسبوع النقاد" و "نصف شهر المخرجين" فتاة شابة اخراج الفرنسية ليونور سيراي
جائزة عيد ميلاد مهرجان "كان" السبعين نيكول كيدمان NICOLE KIDMANعن دورها في فيلمين هما فيلم "الفرائس" وفيلم "ذبح الوعل المقدس".
السعفة الذهبية للفيلم القصير فيلمYUE XIAO CHENG ER اخراج كيو يانج



عن موقع مجلة الكلمة
عدد يونيو 2017