الأربعاء، مايو 30، 2007

تكريم الناقد السينمائي الكبير سمير فريد في مهرجان " كان " الستين

الناقد السينمائي المصري الكبير سمير فريد

لقطة من فيلم " سكر بنات " للبنانية نادين لبكي " سينما خالصة تعلن عن ميلاد موهبة سينمائية من الطراز الرفيع





سمير فريد : الدورة الستون لمهرجان " كان " دورة تاريخية






نظم مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته الستين احتفالا أحتفي فيه بعدد من النقاد السينمائيين الاقدم, بينهم عربيان, ممن تابعوا دورات المهرجان ، وقدموها لوسائل الاعلام في مختلف بلدان العالم
واذا كان كبير هؤلاء وعميدهم فرنسي حضر الى مهرجان كان عام ,1946 ، فقد كرمت الدورة الستون للمهرجان هذه السنة ناقدين سينمائيين عربيين هما سمير فريد من مصر ، وعز الدين مبروكي من الجزائر
وقد سلم رئيس المهرجان جيل جاكوب الميداليات لهما شخصيا ولنحو 35 صحفيا ،تعبيرا عن تقدير المهرجان لجهودهم
وقال سمير فريد اثر تسلمه الميدالية انه "سعيد وحزين في نفس الوقت بعد اربعين عاما من حضوره للمرة الاولى الى مهرجان" كان عام 1967 عندما كان المهرجان في عز شبابه في دورته العشرين
واوضح سمير فريد الذي كتب على مدى السنوات الماضية 2000 مقال عن مهرجان كان "ان مشاعره حيال التكريم متباينة لكن المشاعر الجميلة هي التي تغلب"
واشار الى انه مدين لهذا المهرجان بجزء كبير من ثقافته السينمائية ف"كنا نأتي الى هنا نشاهد افلاما لم تعرض في مصر ولا في الدول العربية, وهذه ليست حالة الاوروبي او الاميركي, لكن الافلام اليوم باتت متاحة للجميع"
واعتبر سمير فريد ان الدورة الستين للمهرجان "تاريخية" وانها تذكره بالدورة العشرين حيث حضر مخرجون كبار امثال بيتر واتكنز من بريطانيا وما كاييف من يوغسلافيا وغيرهم
وراى الناقد المصري ان هذه الدورة تاريخية باعتبار ان 80 بالمائة من افلام العالم المهمة حاضرة في المهرجان الذي هو غير مسؤول في النهاية عن مستوى الافلام "فهو لا يصنعها لكنه ينجح في جذب كبار المخرجين وهذا بحد ذاته نجاح"
لكن فريد يوافق على ان بعض افلام الكبار كانت مخيبة قليلا هذا العام
وفي رد على الانتقادات التي توجه للمهرجان وتعتبر انه بات نوعا من ناد حصري للكبار مهما كان مستوى انتاجهم, قال "المهرجان ليس مغلقا.انه ناد حصري للكبار او للذين سيصبحون كبارا. في المسابقة الرسمية 22 فيلما, 13 فيلما من بينها لمخرجين يشتركون للمرة الاولى"
ورعى سمير فريد في القاهرة اربعة مهرجانات غير تجارية الاهداف مولتها مؤسسة خاصة نظمت في اذار الماضي "مهرجان افلام المرأة" بدورته الاولى في العاصمة المصرية. وقد عرضت خلاله افلام جيدة ومجانية لجمهور حضر بكثافة
وقدمت هذه التجربة العام الماضي مهرجان "فيلم حوار الحضارات" الذي لم ينظم هذا العام بسبب الظروف المالية ولعدم وجود راع مالي له
وتسعى المؤسسة وراعيها سمير فريد الى احياء مهرجانين آخرين: "مهرجان الفيلم الاوروبي" ومهرجان الفيلم الصامت" غير انها لم توفق في ايجاد ممول لانشطتها ما جعل مهرجان افلام حوار الحضارات يتوقف بعد الدورة الاولى
وفي هذا الصدد قال فريد ان "افلام حوار الحضارات كانت فكرة جديدة وتجربة ناجحة قدمت للجمهور 60 فيلما ولاقت اقبالا كبيرا من دون ان تتضمن مسابقات او جوائز لكن التجربة تعثرت بسبب غياب الدعم المالي"
واشار الى ان هناك مائة فيلم قصير تصنع في مصر اليوم معتبرا ان "الافلام القصيرة هي التي تصنع المستقبل", وهذه الافلام تزدهر بواسطة تقنية الديجيتل
وعزا الغياب المصري عن تظاهرات المهرجان الرسمية والموازية خصوصا الى "اسباب بيروقراطية"
انها "خيبة حكومية وشعبية مصرية" كما يقول فريد مؤكدا "لدينا افلاما تستحق العرض في مهرجان كان في التظاهرة الرسمية وفي التظاهرات الموازية"
وكان لمصر حضور عبر مكتب ترويج السينما المصرية في سوق المهرجان لكن هذا الحضور توقف منذ عامين اما الافلام التي تعرض في اطار السوق فلا تحسب بنظر الناقد المصري
ونوه سمير فريد في الختام بحضور الفيلم اللبناني "سكر بنات" لنادين لبكي الذي عرض ضمن تظاهرة اسبوعي المخرجين وقال "اسعد يوم لي في المهرجان كان يوم عرض هذا الفيلم الذي هو عبارة عن مفاجاة جميلة جدا واقرب الى التحفة المتكاملة فهو مائة بالمائة لبناني ومائة بالمائة انثوي وفيه سينما خالصة بدون اي افتعال ويعلن مولد مخرجة كبيرة وسينمائية من الطراز الرفيع"

الثلاثاء، مايو 15، 2007

كان الستون يحتفي بالسينما الامريكية بقلم صلاح هاشم



شارون ستون والسعفة الذهبية





نظرة خاصة يكتبها من باريس صلاح هاشم




عودة مايكل مور وترانتينو وآل باتشينو، وتكريم لهنري فوندا وبراندو

وحداثة السينما الأمريكية الملهمة



مهرجان " كان " السينمائي الستون: تكريم للسينما الأمريكية

و اختراع النظرة ؟


بقلم : صلاح هاشم


يبدو أن مهرجان " كان " السينمائي العالمي ، وبخاصة بعد أن أعلن جيل جاكوب رئيس المهرجان مع تيري فريمو مندوبه العام حديثا في باريس عن فعاليات وأفلام الدورة الستين المقبلة ، والتي يحتفل فيها المهرجان بمرور ستين عاما علي إنشائه، بحضور عدد كبير من ألمع نجوم السينما في العالم.يبدو أن أنه سيكون في دورته الستين المقبلة، التي تعقد في الفترة من 16 الي 27 مايو 2007 تكريما لتاريخ وانجازات السينما الأمريكية، ذات الوجهين ( التجاري والفني )، والإضافات التي حققتها عبر تاريخها، لتطوير واختراع أبجدية السينما ، أهم وأخطر فنون الصورة في عصرنا. حيث يشارك وربما للمرة الأولي في تاريخ المهرجان،5 أفلام أمريكية قوية من الوزن الثقيل، من نوع سينما المؤلف، في مسابقة المهرجان الرسمية ، بالإضافة الي أن النظرة المتفحصة لفعاليات الدورة الستين القادمة، والاحتفالات والتظاهرات التي سوف تعقد علي هامشها، تؤكد و بما لايدع مجالا للشك، أنها ستكون تحية وتكريم للسينما الأمريكية بشقيها الفني والتجاري، التي تمتعنا وتثقفنا في آن ، مع انحياز واضح من ادارة المهرجان الي سينما المؤلف( سينما الإبداع والخلق)، في مواجهة السينما التجارية الامريكية الهوليوودية، التي لاتري في السينما سوي " تجارة "، او بضاعة استهلاكية مثل شطائر الهامبورجر ووجبات الاكل السريع، وتضع عينها دوما علي الربح أولا، وإيرادات شباك التذاكر.في حين تعتبر سينما المؤلف ان العمل السينمائي مثل الرواية والقصة القصيرة او المسرحية ، هو بالأساس " تجربة " تعبير فنية مستقلة، تكون جديدة وفريدة من نوعها وفي كل مرة ، وهي تضع عينها أولا علي مشاكل عصرنا، وتناقضات مجتمعاتنا ،وتوظف السينما في ورشة الفن ، كما يقول المخرج والمفكر الفرنسي جان لوك جودار، لتكون " أداة " للتأمل والتفكير، تقربنا أكثر من إنسانيتنا، وتعمل من خلال التجريب والابتكار في المعمل السينمائي علي تطوير فن السينما ذاته من داخله، بابتكاراتها وتجديداتها الملهمة، ليكون اختراعا ل نظرة جديدة ، نتطلع من خلالها الي حركة المجتمع والتاريخ


تكريم السينما الأمريكية

ويتوزع هذا التكريم " للسينما الأمريكية بشقيها الفني ( سينما المؤلف ) والتجاري ( هوليوود ) – بصرف النظر عما اذا كان مقصودا أو غير مقصود - خلال دورة المهرجان الستين ، يتوزع كما سوف نتبين علي عدة محاور. اذ يهبط الي المهرجان في دورته الستين هذه المرة أحد أعظم المخرجين الأمريكيين في الوقت الحاضر، الا وهو مارتين سكورسيزي ( سينما المؤلف )، لكي يلقي في " كان " درس السينما ( عبارة عن محاضرة داخل خيمة كبيرة تعد خصيصا لذلك في كان ) الذي يقدم فيه خلاصة لمشواره السينمائي الكبير الرائع، ويحكي عن تجربته في التعامل مع أساطين السينما التجارية في هوليوود، وتلك " الموجة الجديدة " المستقلة في السينما الأمريكية التي تشكلت ملامحها في الثمانينيات، بفضل أفلامه مثل " شارع وضيع "، وافلام فرانسيس فورد كوبولا وجورج لوكاش وغيرهم، فحفرت للسينما الامريكية نهجا مغايرا، و لكي يعرف سكورسيزي أيضا في ذلك الدرس " التاريخي " بالسينما التي يصنع الآن، ويقدم كشفا للمؤثرات التي تركت بصمات واضحة علي أفلامه، وبخاصة حركة " الواقعية الجديدة " في افلام روسوليني وفيسكونتي ودو سيكا في ايطاليا ، وكلاسيكيات السينما الامريكية من صنع جريفيث وكابرا وجون فورد وغيرهم.
ويأتي هذا التكريم للسينما الامريكية في شخص سكورسيزي في المهرجان، في أعقاب حصول مارتين سكورسيزي ( من أصل ايطالي ) علي عدة جوائز في أمريكا في " الجولدن جلوب " وفي " الاوسكار " مثل جائزة أحسن مخرج وأحسن فيلم الخ ، و كذلك بعد مرور اكثر من عشرين عاما علي فوزه بفيلم " سائق التاكسي" علي سعفة " كان الذهبية في دورة سابقة..
الا يعد هذا " الدرس " وحده الآن تكريما في شخص سكورسيزي للسينما الامريكية، والانحياز الي تلك السينما التي يصنع، أي سينما المؤلف ، التي يعد فيها اسم وتوقيع المخرج صاحب الفيلم بمثابة علامة علي الإبداع و" الجودة " الفنية والإشارة الي ان أهم مافي الفيلم هو " رؤية " المخرج أكثر من النجم او النجوم أبطال الفيلم، و " الاستوديو " الذي موله وأنتجه، والحكاية التي بسردها علينا ، لأن المسألة تتعلق هنا بفن أو " صناعة السينما "، وليس " صناعة الأفلام " ؟
من جهة اخري يبدو اهتمام ادارة مهرجان " كان " ب" تكريم " السينما الامريكية وبخاصة " سينما المؤلف " هذه في " الجسم " الرئيسي أو العامود الفقري للمهرجان، أي في مسابقته الرسمية ،التي يرصد افلامها واحداثها اكثر من 6 الآف صحفي ومصور كل سنة، ويتابع اخبار نجومها الملايين من البشر علي شاشات التلفزيون في انحاء المعمورة، في ما يعد اعظم مهرجان للسينما ، و الحدث العالمي الثالث من حيث الاهمية- اعلاميا - بعد مباريات كأس العالم في كرة القدم، والدورة الاوليمبية..
اذ يشارك في مسابقة المهرجان 5 من كبار المخرجين الامريكيين الذين اشتهروا بسينما المؤلف ولكل واحد منهم بصمته الواضحة ، وأسلوبه الفريد في صنع الفيلم ، هم:
كوينتين ترانتينو : الذي سبق له الحصول بفيلمه " رواية بوليسية شعبية " علي سعفة " كان " الذهبية عام 1994، ويعتبر فتي السينما الامريكية المرعب، فهو مجنون سينما، ومولع في افلامه بالاحتفاء بتكريم افلام المعارك و الحركة والسيف، والافلام البوليسية من الدرجة الثانية قليلة التكاليف SERIE B وابطالها واجوائها وموسيقاها من نوع الافلام التي تربي عليها ايضا جيلنا في " سينما ايزيس " في حي السيدة، ويكشف ترانتينو عن ذلك في افلام، ه التي يحيل ببعض مشاهدها الي تلك الافلام ، ويذكر – من التذكير – بها، حتي صار يطلق عليه الآن في امريكا " ملك التسلية بلا منازع " بعد ان ابتدع لنفسه " اسلوب " خاصا في صنع الافلام، وخلق للفيلم الامريكي الجديد شعبية ساحقة في امريكا والعالم ، ولا يعني هذا بالطبع اننا ندعو الي صنع افلام علي شاكلة الافلام التي يصنعها تارانتينو ، والتي تسلينا وتمتعنا حقا، لكنها تصدمنا ايضا احيانا، بدمويتها وعنفها. ويشارك ترانتينو من جديد في المسابقة بفيلم " علامة الموت " الذي يحكي عن سفاح امريكي مشهور، كان يستخدم سيارته سلاحا للقتل..
الاخوين ايثان وجويل كوين : يشاركان في المسابقة بفيلم جديد من النوع البوليسي مأخوذ عن رواية لكورماك ماكارثي، وسبق للاخوين كوين كما هو معروف الفوز من قبل بجوائز في مسابقة المهرجان..
جيمس جراي : يمثل مع المخرج جيم جامروش ملامح سينما امريكية جديدة مستقلة – اندر جراوند – في اطار سينما المؤلف في امريكا، ويشارك بعد عملين سينمائيين بارزين هما " أوديسا الصغيرة " و" الافنية " سلط فيهما الضوء علي حياة الجالية الروسية المهاجرة الي امريكا وعلاقتها بالمافيا ،يشارك في المسابقة بفيلم الذي يحكي فيه عن صراع الأشقاء في دوائر الجريمة المنظمة في أمريكا..
جوس فان سانت : حصل بفيلمه "فيل " علي سعفة " كان " الذهبية وحكي فيه عن جريمة قتل كولومباين البشعة المعروفة داخل مدرسة ثانوية في امريكا , ويعود من خلال فيلمه الجديد منتزه بارانويدالذي يدخل به مسابقة المهرجان، بدراسة تشريحية تحليلية للشباب من المراهقين في امريكا بوش، في فيلم يذكر برواية " الجريمة والعقاب " للروسي ديستوفيسكي..
دافيد فنشر : يشارك أيضا المخرج الامريكي دافيد فنشر في المسابقة الرسمية بفيلمه " زودياك "
الذي يحكي فيه عن جريمة قتل غريبة غامضة وقعت عام 1960 في امريكا ولم يكتشف الجاني مرتكب الجريمة ولحد الآن..


مهرجان " كان " يوظف النجوم لخدمة سينما المؤلف



ولاشك ان مجموعة الأفلام الأمريكية المشاركة هذ تمنح الجسم الرئيسي للمهرجان أي مسابقته تميزها وفرادتها، لتعوض عن افلام المسابقة التي كان بعضها ضعيفا ومتواضع القيمة في العام الماضي، وتؤكد بمشاركة مجموعة من الافلام الاخري في مسابقة هذا العام ، للصربي أمير كوستوريكا الذي سبق له مرتين الحصول علي جائزة السعفة الذهبية، والروسي ساخاروف، والمجري بيلا طار.
تؤكد علي ان ادارة المهرجان تنحاز بقوة وبمناسبة احتفال المهرجان بعيده الستيني ، الي السينما الاخري – سينما المؤلف – ذات القيمة الفنية العالية ، فتضعها في صدارة المهرجان الذي يوظف في الحقيقة نجوم هوليوود والسينما الامريكية التجارية في احتفالاته واعياده وتظاهراته في العلن ، لكي يعلي في السر يقينا من قيمة الابداع والخلق عبر سينما المؤلف، ويروج لتجارب وحداثة السينما الجديدة ، وقدرتها علي مواصلة مشوار التجريب والتطور، وتواصلها دوما مع مشاكل وأزمات عصرنا.
كما يعود الي كان في اطار "تكريم " السينما الامريكية في المهرجان، المخرج الامريكي مايكل مور، الذي سبق له الفوز بسعفة " كان " الذهبية بفيلمه فهرنهايت 11-9 ، ليعرض خارج المسابقة فيلمه التسجيلي الجديد بعنوان " سيكو " عن النظام الصحي في امريكا.ويعرض ستيفن سوديربيرغ ( سعفة ذهبية بفيلم " جنس وفيديو واكاذيب " ) خارج المسابقة فيلمه الجديد " اوشان 13 ، وتحضر " كان " ترسانة من نجوم الفيلم، تتربع علي عرش السينما والنجومية في هوليوود والعالم ، تضم جورج كلوني وجوليا روبرتس وكاترين زيتا جونز ومات دامون وبراد بيت وآندي جارسيا والعملاق آل باتشينو, فيفرش لهم " كان " سجادته الحمراء وهم يصعدون الي قصر المهرجان الكبير علي البحر، ويجعلنا نصفق معه لتلك السينما الامريكية التي صنعتنا وشكلت وجداننا في " عناقيد الغضب " لجون فورد و" امريكا امريكا " و" رصيف الميناء " لايليا كازان و " القيامة الآن " لكوبولا وغيرهم..كما يعود المخرج الامريكي الكبير آبيل فيريرا الي المهرجان ليعرض خارج المسابقة فيلمه الجديد من النوع الكوميدي
ثم يتوج مهرجان " كان " هذه التحية للسينما الامريكية في دورته الستين، بالعودة الي " تراثها السينمائي الرائع، الذي صار ملكا للإنسانية ، والتذكير به وباضافاته وانجازاته، ممثلا في شخصية الممثل الامريكي الكبير القدير الراحل هنري فوندا، بطل فيلم " عناقيد الغضب " للامريكي جون فورد و" كان يا ماكان في الغرب " للايطالي سرجيو ليوني و" الرجل الخطأ " للبريطاني هيتشكوك، حيث ينظم المهرجان تظاهرة خاصة لتكريمه ، بحضور ابنته الممثلة الكبيرة جين فوندا ..
كما يعرض في تظاهرة " كلاسيكيات كان " ، المخصصة لعرض الافلام التسجيلية عن حياة ومشوار النجوم والمخرجين والممثلين الكبار الذين وضعوا بصمتهم علي صناعة السينما في العالم فيلما بعنوان " براندو " يحكي عن عبقرية الاداء عند ذلك الممثل الامريكي من خلال مشواره السينمائي الطويل، الذي جعله ربما أشهر ممثل في تاريخ السينما في العالم ..
ويعرض المهرجان ل " حداثة " السينما الامريكية من خلال مشاركة بعض الافلام الامريكية الاولي لمخرجيها في تظاهرة " نظرة ما " علي هامش المسابقة الرسمية ومسابقة " كان " للفيلم القصير ومسابقة " سيني فونداسيون " او مؤسسة السينما المخصصة لافلام طلبة المعاهد والمدارس السينمائية في العالم..وتشكل كل هذه المشاركات " الامريكية " داخل جميع اقسام مهرجان " كان " الستين القادم أكبر دليل في رأينا علي أن تلك الدورة ، ربما اريد بها أن تكون في مجمل اعيادها واحتفالاتها وتظاهراتها واقسامها – بالاضافة طبعا الي الافلام الامريكية الاخري المشاركة في تظاهرتي " نصف شهر المخرجين " و" أسبوع النقاد " والتي لم يتم الاعلان عن افلامها وبرنامجها ولحد الآن- تكريما للسينما الامريكية، ماضيها وحاضرها، واعترافا بجميلها وفضلها علي تطور فن السينما في العالم.ولاشك ان فيلم الافتتاح ذاتهعلي الرغم من انه من صنع مخرج صيني وونج كار وي من هونج كونج، يؤكد وبقوة علي فكرتنا، لأن احداث الفيلم تقع في امريكا، وهو الفيلم الاول لمخرجه خارح حدود بلده ، وتضطلع ببطولته مغنية " جاز " شابة جميلة موهوبة صاعدة هي نورا جونز ( ابنة الموسيقار الهندي الكبير رافي شانكار) تمثل لأول مرة في حياتها ، كما انه يحكي عن محاولات فتاة امريكية شابة اكتشاف قيمة لمعني الحب ، فتقرر أن تسافر في امريكا بحثا عن حبيب ، وتأخذنا معها في رحلتها، وهكذا أرادت إدارة المهرجان ،أن تضعنا ومنذ من أول لقطة لأول فيلم في حفل افتتاح المهرجان ، في قلب " أرضية " ذلك التكريم " الخفي " ، الذي يشكل في اعتقادنا ربما أهم ملمح لمهرجان " كان " في دورته الستين القادمة..

الثلاثاء، مايو 08، 2007

فيلم " الحي الشعبي " بقلم عماد النويري

عماد النويري



'فيلم " الحي الشعبي' وإطلالة نيكول وملامح البطل ' السبكي
بقلم عماد النويري


لابد من الاعتراف مهما كانت الاعتراضات والاختلافات ان عائلة السبكي لها فضل كبير على السينما المصرية، وأنها تحاول جاهدة بكل الطرق الممكنة تقديم 'تحف' سينمائية خالدة في تاريخ السينما العربية بشكل عام ولا شك في ان بعض الأعمال 'السبكاوية' تصل الى درجة الملاحم الكبيرة ووجه الملحمية هنا له صلة بنجاحات وغزوات عائلة السبكي في تجارة المواشي و'الجزارة' وليس عيبا ان يتاجر المرء في لحوم البقر وان يتاجر في الأفلام فالاثنان يساهمان في غذاء العقل. وملاحم البقر وملاحم الأفلام كلاهما يقدمان البروتين المطلوب لتغذية الانسان وتسليته!! . ايمكن ان تكون هذه المقدمة 'التهكمية' مدخلا لموضوع فيلم هذا الاسبوع 'قصة الحي الشعبي'؟. اتمنى ان يكون الامر كذلك!! من افضال شركة السبكي للإنتاج الفني على السينما المصرية انها قدمت لنا من قبل مجموعه أفلام 'اللمبي' التي أطلقت نجم محمد سعد في عالم الكوميديا، مرورا بموجة المطربين الشعبيين بداية من سعد الصغير وريكو في فيلم 'لخمة راس' ثم 'حاحا وتفاحة'، ثم المطربة والراقصة ذائعة الصيت مروة. وبعد فترات من الحيرة والانتظار وبعد العديد من التجارب الناجحة دفع ثمنها جمهور مغلوب على امره، وجد السبكي خطا سينمائيا طال البحث عنه منذ القدم، فخرج علينا بمواسم الفاكهة والخضار وظهر فيلم 'عليا الطرب بالثلاثة'، الذي غنى فيه ريكو أغنية 'خوخه' وسطع نجم الصغير عندما غنى ل 'العنب'.واستكمالا لمسيرة الفاكهة والخضار انضم إلى فريق السبكي عماد بعرور، صاحب أغنية 'العنب' الأصلية الذي دخل مع الصغير في معركة حامية وانتهى به الامر الى الغناء للسمك. دفع السبكي بعرور ليحتل مكانة مميزة في فيلم 'ايظن'!! الذي بدأ عرضه مع بداية عيد الأضحى المنصرم . ومن بعدها انضمت الى القائمة نيكول سابا بفيلم 'قصة الحي الشعبي' الذي يعرض الان على شاشات الكويت ويشارك في الفيلم اكتشاف السبكي المتأخر طلعت زكريا إضافة الى سعد الصغير في ثاني بطولة له على الشاشة الفضية.اذن اجتمعت أطباق المائدة 'السبكاوية' أخيرا ولم تعد عامرة فقط باللحوم، وانما أصبحت عامرة أيضا بالخضار والفاكهة والاسماك!البطل السبكي ! ملامح توليفات أفلام السبكي اصبح من الممكن التعرف عليها بسهولة، فالبطل ينتمي الى الطبقات الشعبية التي تكافح ليل نهار لتأمين لقمة العيش في ظروف صعبة وقاهرة ولكن ليس على الطريقة 'السبكية'.البطل السبكي لا يكمل تعليمه وهو عاطل عن العمل يقضي معظم وقته على المقاهي او في الوقوف تحت شباك البطلة صباحا او مساء. واذا حدث وعمل هذا البطل فهو يعمل كعجلاتي او مغنيا من الدرجة الرابعة في الأفراح الشعبية، او يعمل عازفا في احدى الفرق التي تحيي الافراح مقابل العشاء، وما ينطبق على البطل ينطبق أيضا على البطلة، مع اختلافات بسيطة.وفي كل أفلام السبكي هناك راقصة ووصلة رقص، واذا تعذر وجود الراقصة يمكن الاستغناء عنها بترقيص البطل. وليس من قبيل المصادفة ان يجيد أبطال أفلام السبكي الرقص مثل محمد سعد وسعد الصغير وحتى طلعت زكريا في فيلمه الأخير 'قصة الحي الشعبي'. وفي كل أفلام السبكي لابد من وجود 'قعدات' خاصة يتقابل فيها البطل مع أصحابه لتناول المسكرات او المخدرات واثناء 'القعدة' لابد من اطلاق بعض النكات او الأفيهات المضحكة.وفي كل أفلام السبكي لاتوجد اي صورة إيجابية للمرأة فكل النماذج قدمت حتى الان تقدم المرأة الراقصة والمرأة الداعرة والمرأة الخادمة والمرأة المغلوبة على امرها. ولم نصادف ولو لمرة واحدة المرأة العاملة بشرف لتعول أسرتها، او المرأة الطبيبة التي تساند زوجها او غيرها من النماذج المشرفة للمرأة العربية. وفي سينما السبكي لا تبحث كثيرا عن محطات تميز فنية، فهو دائما يدفع بمخرجين جاهزين لتفصيل الأفلام كما يرغب المنتج وكما يرغب الأبطال. وهكذا كان الأمر في فيلم 'قصة الحي الشعبي'. كوميديا الشخصية في 'قصة الحي الشعبي' جرى تفصيل كل شيء ليتلاءم وقصة 'ليالي' التي جسدتها نيكول سابا. وجذور القصة ستعود بك الى مئات القصص التي استهلكتها السينما المصرية من قبل عن موت الام والميراث المشروط في ضرورة وجود الابنه الضائعة والديون المتراكمة عند فتح الوصية. هي قصة خفيفة وسهلة ومقبولة. ومع وجود طلعت زكريا وسعد الصغير لابد من وجود 'قعدات الانس والفرفشة' لاطلاق النكات وسط هالات الدخان الازرق، ولابد من وجود فرقة موسيقية لتبرير تقديم الرقص والغناء. ثم لابد من وجود مواقف مضحكة تعتمد على كوميديا الشخصية اكثر من اعتمادها على كوميديا الموقف. ويكفي وجود طلعت زكريا ومن معه لنعرف نوعية الكوميديا المقدمة التي تعتمد في اغلبها على طريقة الحديث ونطق الكلمات بطريقة غير مفهومة، واستخدام عيوب النطق، وحركات الجسد وغيرها من الطرق والأساليب التي استهلكتها الأفلام العربية. هذا إضافة الى استخدام الفاظ يومية بذيئة لايجب بأي حال من الأحوال نقلها في الأعمال الفنية. ويكفي وجود نيكول سابا لتكون هناك وصلات من الاغاني التي أقحمت لتطل نيكول البهية في فواصل غنائية هي اقرب الى الفيديو كليب. واغلب هذه الاغاني ليست لها صلة اكيدة بالحدث الرئيسي، هذا اذا اعتبرنا اصلا ان هناك في الفيلم حدثا يحدث من اي نوع. وهذا كله لايقلل من اعترافنا بموهبة طلعت زكريا الكوميدية، ولايقلل ايضا من اعترافنا بموهبة نيكول سابا الغنائية والتمثيلية.طريقة مشوهة لابد من الاشارة اننا لسنا ضد ان يكون من صناع السينما من لهم صلة بتجارة اللحوم. فكثير من الشركات السينمائية الكبرى في أميركا وغيرها لها صلة باستثمارات غذائية كثيرة، وحتى الكثير من نجوم هوليوود من أصحاب المطاعم. ولسنا ضد ان يدخل من بوابة الفن أصحاب الحرف مثل بائعي السمك والمكوجية والطبالين، فكل المهن شريفة واصحابها شرفاء الى ان يثبت العكس.وليس من حقنا مطالبة السبكي ان يكون مصلحا اجتماعيا بالتركيز على تصوير مشاكل الواقع بدلا من تزييف هذا الواقع واظهاره بطريقة مشوهة.وليس من حقنا ايضا مطالبه السبكي ان يكف عن تقديم ابطال وبطلات ليس لهم ايجابيات على الاطلاق وكل مايعرفونه في الحياة هو الرقص والغناء.وليس من حقنا للمرة الثالثة ان نطالب السبكي واخوانه بتقديم القيم الجمالية الراقية والصفات الانسانية النبيلة لان السبكي واخوانه لن يقوموا بدور وزارات الثقافة ولن يلعبوا دورا اكبر من حجمهم الاجتماعي والثقافي. لكن نعيد ونزيد ونكرر أننا ضد ان تستغل الأفلام في تقديم مواضيع مغشوشة وضد ان يدافع أصحاب هذه الأفلام عن أفلامهم باعتبارها تقدم الكثير من لحم البتلو الصغير وهي في الواقع تقدم لنا لحما جمليا عجوزا عسير الهضم لايغني ولايسمن.

كتابة عماد النويرى
imadnouwairy@hotmail.com


الأحد، مايو 06، 2007

فيلم " خيانة مشروعة " بقلم محمود الغيطاني

لقطة من فيلم " خيانة مشروعة " لخالد يوسف



خيانة مشروعة...السيناريو إذا أصبح بطلا سينمائيا



بقلم محمود الغيطاني


علي الرغم من مرور فترة طويلة نسبيا على إنتاج- و أيضا مشاهدتي- فيلم "المذنبون" للمخرج "سعيد مرزوق"1976 إلا أنه كان ماثلا في ذاكرتي؛و من ثم استعدت أحداثه بشكل يكاد يكون كاملا- و كأنه شريط سيليلويد يتحرك أمام عينيّ- أثناء مشاهدتي لفيلم المخرج "خالد يوسف" الأخير "خيانة مشروعة"، بل لقد بات الأمر و كأني أشاهد فيلمين سينمائيين في ذات الوقت، أحدهما "لسعيد مرزوق" و الآخر "لخالد يوسف"، و ليس معنى ذلك أن هناك تشابها أو اقتباسا أو نقلا- أو غير ذلك من تلك المترادفات التي قد ترد إلى الذهن- قد حدث بين الفيلمين، و لكن لعل السبب الأساس الذي جعلني أستعيد فيلم "المذنبون" من خلال الذاكرة مرة أخرى هو اعتماد كلا الفيلمين اعتمادا أساسيا و جوهريا على قالب التحقيق البوليسي و رغبة كل من المخرجين من خلال هذا القالب في فضح الفساد الاجتماعي و السياسي الذي يدور حولنا؛ و لذلك أيضا لم أستطع التخلص من ذكرى فيلم "زائر الفجر" المعروض عام1975 للمخرج "ممدوح شكري"( الذي يعد محاولة لمحاكاة السينما السياسية الإيطالية في تلك الفترة، التي تعتمد على قالب "التحقيق البوليسي" الذي يحاول أن يصل إلى الحقيقة من خلال قصاصات متناثرة لمجموعة شهادات من شخصيات مختلفة عايشت حدثا واحدا)[1] ، و على الرغم من كون فيلم "زائر الفجر" فيلما سياسيا في المقام الأول- أكثر منه فيلما تشويقيا بوليسيا- إلا أني لم أستطع إبعاده من ذاكرتي بعد خروجي من فيلم "خيانة مشروعة"، بل هناك فيلما ثالثا سرعان ما تذكرته مع المشهد الأول لفيلم "خيانة مشروعة"، و لكنه أيضا سرعان ما تلاشى من دائرة اهتمامي و هو فيلم "المرأة و الساطور"1997 للمخرج "سعيد مرزوق"، و لعل السبب الأساس الذي جعل فيلم "سعيد مرزوق" يبزغ فجأة في دائرة اهتمامي هو مشهد البداية في فيلم "خيانة مشروعة" حينما نرى جوا ليليا ماطرا بينما الضابط المنوط بإعدام "هشام البحيري"(هاني سلامة) يقرأ أوراق القضية، ليقوم محاولا إغلاق النافذة بسبب الأمطار الشديدة، هذا بالإضافة إلى الإضاءة القاتمة التي حرص عليها المخرج و الجو النفسي القاتم الذي يوحي لك بوجود أمر ما- لا تعرفه- و لكنه غير مطمئن، كل هذه الأمور ذكرتني للوهلة الأولى بفيلم "المرأة و الساطور"، إلا أن الفيلم تلاشى من ذاكرتي فيما بعد لعدم وجود أي تشابه آخر بين الفيلمين سوى مشهدي البداية في جوهما النفسي القاتم و طريقة التصوير.
و لكن لعل التساؤل الحقيقي الذي لا بد أن يرد لذهن كل من يتابع سينما المخرج "خالد يوسف" هو، هل مازال المخرج بعد كل تلك الفترة من اشتغاله بالسينما، و بعد قيامه بإخراج خمسة أفلام منذ عام2001 حتى اليوم، نقول هل بعد كل هذه الفترة مازال المخرج متوقفا عند مرحلة التجريب "السينما التجريبية" لم يتخطاها بعد؟ ألم يجد "خالد يوسف" لنفسه اتجاها فنيا مناسبا له حتى اليوم؟ و هل يستطيع أحد ما حينما يشاهد فيلما من أفلامه أن يجزم بأن هذا الفيلم خاص بالمخرج "خالد يوسف" لأنه يتميز ببصمته السينمائية و عالمه السينمائي الخاص؟
بالتأكيد أن كل من سيتأمل أعمال المخرج السابقة لابد سوف يجزم بأن "خالد يوسف" مازال عند مرحلة التجريب لم يتخطاها، ليس لقصور فني لديه، لأننا نعرف جيدا أنه مخرج يمتلك أدواته الفنية و يعرف كيف يوظفها، و لكن ربما لأنه يفضل عدم تصنيفه و من ثم حصره في اتجاه فني معين، و ربما لأنه يرى أن الاتجاهات السينمائية المختلفة على اتساعها من الممكن أن تشكل عوالما سينمائية مختلفة لمخرج واحد، و ربما- و هذا هو ما نرجحه- لأنه يرغب أن يثبت لنفسه و للآخرين من حوله أنه قادر على القيام و من ثم تجريب جميع اتجاهات الفن السينمائي و تياراته المختلفة، و بالتالي يثبت لنا ضمنيا كونه مخرجا متمكنا من أدوات الفن السينمائي، و قادرا على التلون و التعدد وفقا لرغبته في كل تجربة سينمائية جديدة يقوم بها؛ و لعل الدليل على ذلك أننا رأيناه في فيلمه الأول "العاصفة"2001 قد قدم لنا عالما يهتم اهتماما أساسيا بقضية حرب الخليج و لكن من وجهة نظر إنسانية تماما حينما صور أخوين أحدهما في العراق و قد تم إرغامه على الخدمة في الجيش العراقي بينما أخاه الآخر يخدم في القوات المسلحة المصرية المتحالفة مع القوات الدولية لإخراج العراق من الكويت، و هنا تقع المواجهة بين أخوين كل منهما لابد أن يؤدي واجبه، بينما نراه في فيلمه الثاني "جواز بقرار جمهوري"2001 يتخذ قالب الفيلم الكوميدي حينما يقدم لنا شابا و فتاة من أسرة فقيرة الحال و قد اقترب أمر زواجهما فتخبر الفتاة خطيبها أنها سوف تدعو إلى حفل زفافهما فلان و فلان من كبار الأسماء في المجتمع فلا يجد هو سوى أن يقول لها أنه سيدعو رئيس الجمهورية شخصيا، و بالفعل يرسل له برقية و يدعوه على زفافه لتقع العديد من المفارقات الكوميدية فيما بعد، و بالرغم من اتساع الهوة و البون الشاسع بين الفيلمين، إلا أننا نراه في فيلمه الثالث الذي قدمه عام2005 "انت عمري"- الذي يكاد يكون أضعف أفلامه التي قدمها- يأخذ الجانب الرومانسي من خلال أحد الشباب المصاب بالسرطان و الذي يؤكد الجميع أنه لا أمل في شفائه، و لكنه يلتقي بفتاة تعالج معه في نفس المستشفى و من ذات المرض فيجمع بينهما الحب و يكون سببا أساسيا في تحسن حالتيهما الصحية، و كذلك بداية صراع نفسي داخل زوجته التي لابد إما أن تتركه مع تلك الفتاة حتى يتم علاجه أو تمارس حقها كزوجة تريد الحفاظ على زوجها، و لكن الأمر ينتهي بموته وشفاء الفتاة التي تصبح صديقة لزوجته، ثم نراه في فيلمه "ويجا"2006 الذي يهتم بمجموعة من الأصدقاء الذين يحاولون إزجاء الوقت بلعبهم للعبة المشهورة المسماة "ويجا" و التي تتنبأ لهم بنهاية مصائر بعضهم و مقتلهم، و بالتالي تؤدي بهم هذه اللعبة إلى العديد من جرائم القتل، و هنا لا بد من وقفة متأملة مع العالم السينمائي الذي يحرص المخرج "خالد يوسف" على تقديمه كي يبزغ في ذهننا ذات الأسئلة التي تساءلناها منذ لحظات.
و لكن ربما كان البطل الحقيقي في فيلم "خيانة مشروعة" هو السيناريو المحكم الذي كتبه المخرج "خالد يوسف"؛ فلقد استطاع المخرج ببراعة فائقة كتابة سيناريو لا تشوبه على الإطلاق أية نقائص؛ فلا ترهل فيه و لا بطئ في الأحداث، حتى أننا لم نر أي خيط درامي واحد قد أفلت من يده أو سقط منه، فظل طوال الفيلم ممسكا بجميع خيوطه بمهارة، قادر على تحريكها كيفما شاء- حتى أنه كان يحركنا نحن المشاهدين أيضا وفقا لرغبته الخاصة؛ فكلما تيقنا من كوننا قد عرفنا الحقيقة و ما يدور أمامنا من غموض يعود "خالد يوسف" من خلال السيناريو المكتوب بإتقان ليضحك علينا مقهقها كي يقول "أنت لم، و لن تفهم شيئا لأن ما توصلت إليه ليس أكثر من وهم"- و بذلك نجح المخرج في جعل السيناريو هو المتحكم و المسيطر و البطل الوحيد داخل فيلمه، يحركنا كيفما شاء، و يخدعنا أيضا كيفما شاء، و يقول كلمته الأخيرة التي أذهلتنا مع آخر مشهد وقتما شاء أيضا.
و على الرغم من كون الحكاية التي صنع منها المخرج فيلمه مجرد حكاية شديدة التقليدية و تتكرر يوميا في حياتنا العادية، و بالتالي يكون ذلك سببا رئيسيا في إفقاد الفيلم لطزاجته ودهشته الفنية، إلا أن قدرة المخرج "خالد يوسف" و براعته في كتابة السيناريو الغامض و المتداخل- و هي كتابة صعبة- جعلت من الحكاية العادية أمرا جديدا و مدهشا، فيه الكثير من التشويق و الإثارة المناسبين لقالب الأفلام البوليسية، وبذلك استطاع المخرج إدخالنا في الكثير من العلاقات و الحكايات المتشابكة، و لكن كلما أمسكنا بخيط تبين لنا أنه حقيقة واهمة و أنه قد تم خداعنا.
ولذلك اندهشنا اندهاشة قصوى- بالرغم من كون الأمر ليس جديدا- حينما رأينا الكثيرين ممن يدعون كتابة النقد السينمائي- على الرغم من فقدانهم لأقل درجات الموهبة و المعرفة النقدية السينمائية- يحاولون و يصرون على مهاجمة فيلم "خيانة مشروعة" أو بالأحرى اهتمامهم بمهاجمة "خالد يوسف" نفسه، ربما لنجاحه و إثبات كونه مخرجا جيدا متمكنا من أدواته الإخراجية، وربما لأنهم قد تملكتهم حالة من حالات الحقد السينمائي التي سبق أن رأيناها من قبل تجاه بعض الأفلام الجيدة التي تم الهجوم عليها، وربما أيضا- و هذا هو الأكيد- نتيجة لحالة التخبط النقدي السينمائي و الفوضى السائدة في الساحة النقدية السينمائية المصرية التي تجعل ضعاف الموهبة و معدوميها يتجرأون على النقد ويدعون فهمهم فيه، و بالتالي يبدأون في كتابة هراءاتهم التي لا معنى لها سوى خلق حالة صد و إعراض جماهيري تجاه الفيلم بسبب ما كتبوه من كلمات سمجة لا معنى لها، و كأنه قد قدر على النقد السينمائي التطاول عليه من قبل الآخرين دائما ليكتب فيه من هو ليس أهل له، و لعلني ما زلت أذكر الحالة النقدية التي ووجه بها فيلم "ليلة سقوط بغداد" للمخرج "محمد أمين"2005 و التخبط الشديد الذي وقع فيه العديد من نقاد السينما- مع تحفظي على كلمة نقاد- الذين سادتهم حالة من حالات الفوضى الهائلة، فبات كل واحد منهم و كأنه في جزيرة منعزلة يهاجم الفيلم، ويستخرج منه ما ليس فيه وكأنها حالة حقد تجاه مخرج جيد قدم لنا من قبل فيلما أكثر أهمية وهو "فيلم ثقافي"2000 ، كما لازلت أذكر حالة المراهقة النقدية السينمائية التي أصابت معظم نقاد السينما في مصر حينما قدم لنا المخرج "علي إدريس" فيلمه "حريم كريم"2005 حيث هاجمه الكثيرون لأن بطلة الفيلم شرهة في تدخين السجائر تارة، ولأن باقي البطلات قد ظهرن على البلاج في شرم الشيخ بالمايوهات، ولذلك، و نتيجة لهذه الفوضى رأينا اليوم من يقول أن الفيلم لا يعدو أكثر من مجموعة من الجرائم و المزيد من سفك الدماء، بل و نرى ناقدا آخر يقول( من الصعب جدا تصور حجم "الترهل" الذي يعاني منه سيناريو "خيانة مشروعة" الذي كتبه المخرج، و هي ليست المرة الأولى التي يكتب فيها السيناريو لأفلامه، فقد كتب سيناريو "العاصفة"، و"ويجا" و حوارهما، ولكن في هذا الفيلم وصل إلى حد الإزعاج و الضوضاء التي تستلزم بلع قرصين من الأسبرين بعد الخروج من دار العرض.).
[2]
هل هذا يعقل؟ بالطبع لسنا ضد هذا الكلام على الإطلاق، بل نحن لسنا ضد سحب الشرعية الفنية السينمائية من الفيلم في حد ذاته، حتى لو قال الناقد أن هذا الفيلم لا يصلح أن يكون فيلما، بل هراءا فنحن معه و لكن شريطة أن يدلل على أقواله بالدليل القوي و المقنع فنيا وعقليا بأن ما يقوله صحيحا، و أعتقد أن هذا هو النقد الحقيقي، و النقد الذي نفهمه و تعلمناه، و لكن أن نلقي الكلام هكذا مرسلا على عواهنه، فهذا لا معنى له على الإطلاق سوى الفوضى و عدم فهم من يتكلم في النقد السينمائي؛ لأن النقد ليس مجرد رأي- لا سند له- خاضع لأحكام الهوى و الحالة النفسية المزاجية، بل هو رأي يصحبه دليل فني في المقام الأول نستطيع من خلاله الاقتناع بأن الفيلم نجح في هذا فنيا و أخفق في غيره.
وإذا كان هذا الناقد قد حرص على تضخيم الأمور بقوله( من الصعب جدا تصور حجم "الترهل"...) في حين أن البطل الحقيقي داخل هذا الفيلم هو السيناريو، ألم يكن من الأجدى له أن يقول لنا هناك ترهلا في السيناريو بالمشهد الفلاني، ثم المشهد الآخر الذي يحكي عن كذا، لأن هذا المشهد لم يفد السيناريو في شئ و كان عبئا على الحدث، و لم يكن بينه و بين الفيلم رابط، و كان من قبيل الفذلكة، و ما إلى ذلك من الأمور التي تدلل على وجود ترهل ما في السيناريو؟ أم أن إطلاق الكلام و الأحكام المطلقة اليقينية قد بات بمثل هذه السهولة؟ ألم يعرف كل من يحاولون تعاطي النقد السينمائي أن الميزة الأساسية للنقد هي الترجيح و عدم اليقين؟ فمن أين يأتيهم هذا اليقين العميق إذن، إلا إذا كانوا من تيار المد الديني صاحب اليقين الدائم الذي لا ينتهي؟
يصدمنا المخرج "خالد يوسف" في بداية فيلمه بجريمة قتل بشعة يقتل فيها "هشام البحيري"(هاني سلامة) أخاه "صلاح البحيري"( عمرو سعد)، و زوجته "نهلة"(ساندي) لأنه ضبطهما معا يخونانه في فراش الزوجية، ثم لا يلبث الإبلاغ عن الجريمة و من ثم الإبلاغ عن نفسه باعتبارها جريمة شرف، إلا أننا نعرف فيما بعد أن سبب الجريمة لم يكن بسبب خيانته، و بالتالي لم تكن جريمة شرف، بل هي حادثة قتل ملفقة بدقة من قبل "هشام البحيري"(هاني سلامة) و لقد قامت عشيقته "شهد"(سمية الخشاب) بالتخطيط لها و إذكائها في نفس "هشام" بعد أن كتب والده كل ثروته التي تقدر بالمليارات- قبل موته- لولده "صلاح" فقط؛ ليحرم منها "هشام"(هاني سلامة).
إذن فنحن منذ بداية الفيلم أمام قصة تقليدية تماما، ليس فيها جديدا، بل وتحدث في حياتنا اليومية ليل نهار؛ و لذلك لابد من التساؤل عن الجديد الذي قدمه المخرج "خالد يوسف" أو عن الميزة التي يتميز بها فيلم ومن ثم سيناريو "خيانة مشروعة".
لعل أهم ما يميز سيناريو فيلم "خيانة مشروعة" أنه كان المحرك الأساس لنا جميعا، سواء على مستوى الأحداث السينمائية، أو على مستوى المتفرج الذي ظل طيلة الفيلم يتخبط ما بين حقيقة و أخرى، ليكتشف بين برهة و أخرى أنه قد تم خداعه، و أنه لم يصل لأي حقيقة حتى المشهد الأخير من الفيلم الذي يمثل لحظة الكشف الكبرى بتعبير الصوفية و الذي تنفتح فيه طاقة الحقيقة لنعرف أننا جميعا- و ليس "هشام البحيري"(هاني سلامة) فقط- قد تم خداعنا طيلة الفيلم الذي لن تشعر فيه بمرور الوقت؛ نتيجة إحكام السيناريو و غموضه من جهة، و المونتاج المتدفق الحيوي اللاهث الذي نجح فيه المونتير "غادة عز الدين"؛ فمرّ الفيلم- على الرغم من طوله نسبيا- سريعا و كأنه برهة؛ و لذلك حرص "خالد يوسف" على ترتيب الأحداث كما حدثت تماما في وقتها، فعلى الرغم من أن الفيلم يتم تقديم أحداثه من خلال الحكي على لسان "هشام البحيري"(هاني سلامة) بطريقة flash back إلا أنه حرص على عدم استباق الحدث، بل رواية كل شئ كما حدث في ترتيبه الزمني؛ فبات المشاهد هو الآخر مشتركا معه- مخدوعا- في حالة الخداع التي يتعرض لها و من ثم لم يكن هناك من خادع/عليم بكل شئ سوى السيناريست و المخرج "خالد يوسف" نفسه.
و لذلك نعرف فيما بعد أن "هشام البحيري"(هاني سلامة) حينما علم أن والده قد حرمه من الميراث لصالح أخيه، دارت بينهما العديد من المشادات، حتى أننا نسمع "هشام" يقول لأخيه( و الله ما حخليك تعيش ثانية واحدة على ضهر الدنيا متهني بفلوسي) و لذلك و بعد العديد من الخلافات يقنع زوجته بأنه لابد من التخلص من شقيقه لأنه خانه و أخذ ماله و مالها و بالتالي يتفقا على استدراجه للبيت بحجة الصلح و تسوية الخلافات بينهما، و تحت تهديد السلاح يرغمه على خلع ملابسه كي يقتله على فراش الزوجية، و تخلع "نهلة"(ساندي) ملابسها كي يبدو الأمر جريمة شرف حينما تأتي الشرطة، إلا أننا نفاجأ "بهشام البحيري" يقتل زوجته أيضا، فنظن أنه قد خانها في الاتفاق الذي كان بينهما، و لكننا نكتشف فيما بعد أنه قد قتلها لأنه علم من عشيقته "شهد"(سمية الخشاب)- التي كانت صديقة لزوجته قبل زواجه منها- أن "نهلة"(ساندي) تخونه مع أحد الأشخاص الذي يدعى "سامح" و الذي كانت تعرفه "نهلة"(ساندي) منذ فترة طويلة حتى قبل الزواج منه، و لكي تؤكد له صدقها تسمعه إحدى المكالمات التي دارت بين زوجته و عشيقها، و هنا نفهم أن "هشام" حينما علم بخيانة زوجته له أضمر لها شرا؛ و لذلك قتلها مع أخيه ليتخلص منهما في وقت واحد بما أن كل منهما قد خانه، فأخيه خانه باستيلائه وحده على الميراث، بينما خانته زوجته في جسدها و بالتالي استحق الاثنين القتل.
لكننا نعرف أيضا فيما بعد تداعي مثل هذه الحقائق؛ لأن محامي العائلة "سامح الصريطي"- الذي أدى دوره بنجاح و حيوية؛ و لذلك نرى أنه وفق كثيرا فيه- يخبر "هشام"(هاني سلامة) أن والده لم يكتب الميراث لأخيه وحده، و لكن لأن والده كان خائفا على تبديد الثروة بعد موته، لاسيما أن "هشام"(هاني سلامة) له العديد من العلاقات النسائية، فلقد اتفق مع أخيه "صلاح"(عمرو سعد) على إيهام "هشام" بأن الثروة كلها من نصيب الأخ الثاني "صلاح"؛ لأن "هشام" إذا ما علم ذلك فسوف ينصلح حاله عندما يعرف أنه حرم من الثروة، و هنا عندما يحدث ذلك فسوف يعلمه "صلاح" بأن الأمر لم يكن حقيقيا و بالتالي يعطيه نصيبه من الميراث، حتى أن "صلاح"(عمرو سعد) قد رفض طلب والده في البداية قائلا( دي مش أمانة، دي خيانة لأخويا) فرد عليه والده( دي خيانة مشروعة يا ابني)، كما نعرف أيضا أن "نهلة"(ساندي) لم تكن خائنة لزوجها بخصوص ما أخبرته به "شهد"(سمية الخشاب)؛ لأنه حينما تنسى "شهد"(سمية الخشاب) هاتفها المحمول عنده ذات مرة بعد خروجها غاضبة منه يستمع إلى المكالمات المخزنة عليه و منها المكالمة التي أسمعتها له و التي دللت له فيها بخيانة زوجته، إلا أنه يكتشف كون زوجته لم تخنه و أن ما سمعه بصوتها كان جزءا قد تم انتقاؤه بعناية تترجى فيه "نهلة"(ساندي) "لسامح" بعدم معاودة الاتصال بها لأن زوجها بدأ ينتبه و يشك بها، كما كانت تحاول إخباره بكونها سيدة متزوجة و يجب ألا يعاود مكالمتها، و هذا هو الجزء الذي لم يسمعه من قبل.
و لكن هل "نهلة"(ساندي) لم تخن زوجها بالفعل؟ بالنسبة للقصة التي أخبرته بها عشيقته "شهد"(سمية الخشاب) و من ثم قتلها من أجل ذلك فهي لم تخنه بالفعل، و لكن ما لم يعرفه هو عن خيانة زوجته له و بالتالي اقتصرت المعرفة علينا نحن المشاهدين، هو أن زوجته قد أوقعت نفسها في طريقه منذ البداية لتخطيطها المسبق و رغبتها في الزواج منه و الحياة معه معيشة كريمة كي ينتشلها من الفقر من جهة، و من جهة أخرى أنها قد أجرت عملية ترقيع لغشاء بكارتها كي تخدعه بكونها مازالت عذراء بعد، و بالتالي كان هناك خداعا لم يعلمه سوانا؛ فهي لم تكن بدرجة النقاء العالية التي من الممكن تصورها حينما نعلم أنها لم تكن تخونه أثناء حياتها معه؛ فالخديعة تمت من قبل ذلك.
و من ناحية أخرى يعلم "هشام"(هاني سلامة) أن الميراث الذي بات من حقه- لأنه قتل أخيه في جريمة شرف- لن يتم تقسيمه لأن زوجة أخيه "ريم"(مي عز الدين) حاملا، و في حال إذا ما كان المولود ذكرا فانه سيأخذ التركة بالكامل، أما إذا كان أنثى فسيتم التقسيم، و هنا يحاول كل من "شهد"(سمية الخشاب)، "هشام"(هاني سلامة) التخطيط للتخلص من "ريم"(مي عز الدين) أو مولودها، و لذلك يخترع حكاية اختطاف شقيقها الصغير و يظهر أمامها بأنه يحاول مساعدتها و البحث معها عن أخيها، بل و يجرحه أحد أفراد العصابة التي اتفق معها سلفا جرحا عميقا في فخذه و يعود إليها أخيها، و هنا تقوم "ريم"(مي عز الدين) برعايته أثناء مرضه فيقع في حبها و من ثم ينصلح حاله تماما و يتخلى عن كل الشرور التي كانت تعتمل داخله، بل و يصبح إنسانا آخر غير ذلك الذي عرفناه.
و لعل مثل هذا التحول في شخصية "هشام" بمثل هذا الشكل المفاجئ و غير المبرر سوى بوقوعه في حب "ريم"(مي عز الدين) لم يكن مناسبا على الإطلاق، و من السقطات القليلة و لكن القوية و المروعة في فيلم "خيانة مشروعة"؛ لأننا كنا في حاجة ماسة إلى مبرر آخر أكثر قوة و إقناعا لانصلاح حاله المفاجئ؛ فوقوعه في حب زوجة أخيه و كأنه اكتشفها فجأة غير مقبولة أو مقنعة، فليس معنى أنها تقوم برعايته أثناء مرضه و اهتمامها به أنه لابد من الوقوع في حبها؛ لأنها أمامه منذ عهد طويل و ليست بالغريبة عليه، كما أن هذا الحب و الاكتشاف الفجائي لا يتفق إطلاقا مع كونه- و هذا ما أكده خالد يوسف منذ البداية- زير نساء، فكيف به يقع هكذا بكل هذه السهولة؟ كان من الأجدى أن يكون المبرر الحقيقي لانصلاح حاله و تحوله الفجائي إلى الخير هو معرفته و من ثم صدمته بأن أخاه لم يخنه هو أو والده؛ و بالتالي تكون معرفته بأنه قد قتل أخيه غدرا و ظلما و بدون جريرة هي السبب لمثل هذا التحول، لأن هذا السبب في هذه الحالة سيكون مقبولا و منطقيا.
و لكننا نكتشف فيما بعد أيضا أن "ريم"(مي عز الدين) لم تكن حاملا و أنها ادعت و تظاهرت بذلك لأنها اتفقت مع ضابط الشرطة الذي يحقق في القضية "مجدي"(هشام سليم) على ذلك؛ للإيقاع "بهشام البحيري" لاسيما أن الشكوك تدور حوله منذ البداية بقتله لأخيه، و بذلك نرى انه- هشام البحيري- يكاد يكون المخدوع الوحيد في هذا الأمر حتى من قبل "شهد"(سمية الخشاب)، بل إن مسلسل المفاجآت الذي نكتشفه لحظة بعد أخرى يكشف لنا أن هناك خداعا ما قد تم ممارسته أيضا على "ريم"(مي عز الدين) من قبل زوجها الراحل "صلاح البحيري"(عمرو سعد) لأنها حينما تم تكليفها كصحفية بفضح إمبراطورية الفساد في شركات البحيري قام "صلاح البحيري"(عمرو سعد) بخداعها، و عرض عليها أوراقا غير صحيحة ليثبت لها أن الشركة نظيفة تماما من الفساد، و من ثم أوهمها بحبه لها و تزوجها و تركت عملها في الصحافة تماما، إلا أنها تكتشف بعد موته بأنه كان ضليعا في الفساد و التجارة في أرواح الناس.
و لكن لعل أهم ما يميز فيلم "خيانة مشروعة" للمخرج "خالد يوسف" إلى جانب السيناريو المحكم الذي كتبه- هو حرصه على انتقاده للأحوال التقلبات السياسية و الاجتماعية التي يمر بها المجتمع المصري غير المستقر؛ فنراه أولا يصور لنا كيف نشأت إمبراطورية "رأفت البحيري" الاقتصادية، فتحول من مجرد عامل بسيط لا يجد قوت يومه إلا بالكاد، إلى عضو في مجلس الشعب (البرلمان) و ذلك نتيجة لحب العمال له و مساندته الدائمة، ثم لا يلبث في فترة الانفتاح الاقتصادي التي انتهجها "السادات"- و التي تم فيها سرقة مصر تحت بصر الحكومة و الرئيس ذاته- أن يرتدي عباءة الانفتاح و رجال الأعمال، ثم مرة أخرى مستقبلا يرتدي عباءة التيار الديني، في تلون غريب و برجماتية و شكل نفاقي واضح يبرره رأس المال الذي تضخم من تلاعبات "رأفت البحيري" بالدواء الذي يقوم باستيراده من أدوية فاسدة و مغشوشة إلى تقليل المادة الفعالة في الدواء- التي هي أغلى ما في الدواء من حيث الثمن- لتقليل التكلفة، و ذلك بإعطاء العديد من المسئولين الرشاوى لمحاولة إغفال أعينهم عما يحدث.
و لعل "خالد يوسف" يقصد من ذلك فترات الحكم السياسي الثلاث التي مرت بها مصر، و ما حدث من تحولات سياسية و اقتصادية غريبة، و التي تكاد تتماهى مع رحلة صعود "رأفت البحيري" الذي كان شريفا ووطنيا في العهد الناصري، ثم لم يلبث أن تحول إلى لص من اللصوص الكبار الذين ظهروا في عهد "السادات"، لينتهي به الأمر بالفساد المستشري و التجارة بأرواح المصريين و سرطنتهم و إصابتهم بالعديد من الأمراض الذي نراه اليوم في العهد الذي نعيش فيه متسترا بالدين و المد الديني الجديد الذي تلاعبه حكومتنا و تستخدمه تبعا لهواها و مصالحها الخاصة.
كذلك لا نستطيع إغفال الوعي السياسي لدى "خالد يوسف" و تلك النكتة السياسية التي قدمها بذكاء في طيات فيلمه و كأنها عفوية غير مقصودة على الرغم من يقيننا التام من كونه متعمدا وضعها داخل السياق، حينما رأينا شقيق "شهد"(سمية الخشاب) العاطل عن العمل، و الذي تنفق عليه أخته هو و جميع أفراد الأسرة التي تعيش في فقر تام، نقول نراه جالسا أمام جهاز التليفزيون بينما المذيعة تتلو لنشرة الأخبار لتقول( أن الحكومة حريصة على القضاء على البطالة؛ و لذلك حرص الرئيس على توفير أربعة ملايين فرصة عمل للشباب، و هذا يعني القضاء التام على البطالة)، أقسم أن هذا المشهد بمجرد تقديمه لم يستطع فردا واحدا من المشاهدين إمساك نفسه فضج الجميع بالضحك و كأنهم قد انفجروا حينما شاهدوا أكثر المشاهد كوميدية في حياتهم؛ لأنهم يعلمون بالفعل أن هذا الأمر بالرغم من كونه وعدا حقيقيا من الرئيس "مبارك" إلا أنه لم يتم تنفيذه على الإطلاق، بل ظل العاطلون كما هم إذا لم يكونوا قد زادوا عما كانوا عليه؛ و بالتالي صار الوعد مجرد وعدا انتخابيا تم إطلاقه في فترة انتخابات الرئاسة كغيره من الوعود الكثيرة التي سرعان ما تذهب في مهب الريح.
إلا أن المأخذ الحقيقي على المخرج "خالد يوسف" الذي لا يمكن التماس العذر له فيه أو محاولة تبريره؛ و من ثم كان بمثابة سقطة قصوى له سواء على المستوى الفني أو الشخصي، هو أن ضابط الشرطة "مجدي"(هشام سليم) الذي يحقق في قضية القتل و الذي يشك في "هشام البحيري"(هاني سلامة) و يحاول الإيقاع به بكافة الطرق لم يستطع التوصل إلى الحقيقة و إدانة "هشام" إلا عن طريق احتجاز "سامح"- صديق "نهلة"(ساندي) السابق، و صديق "شهد"(سمية الخشاب) في ذات الوقت- بدون وجه حق و بدون أمر من النيابة داخل قسم الشرطة، و القيام بتعذيبه و إهانته الجسدية و المعنوية بشكل وحشي حتى يرغمه على الاعتراف بما يعرفه عن جريمة القتل التي قام بها "هشام البحيري"، بل نرى أن "سامح" حينما يعترف بنصف الحقيقة نتيجة الإسراف في تعذيبه لا يقتنع "مجدي"(هشام سليم) بذلك و يأمر بتواصل تعذيبه لنزع الاعتراف الكامل منه، و بالفعل ينجح في ذلك و من ثم يعرف حقيقة الجريمة التي قام بها "هشام البحيري"(هاني سلامة).
و لذلك لابد لنا من تأمل الأمر و بالتالي نتساءل، ما الذي يرغب المخرج "خالد يوسف" قوله من خلال هذا الأمر؟ هل يرغب من ذلك مواصلة انتقاده الاجتماعي و السياسي لما يدور حوله من فساد غير معقول، و بالتالي يكون الأمر كأنه ينتقد السلوك الوحشي و الإجرامي المقزز لرجال الشرطة المصرية الذين يصرون على احتجاز المواطنين بغير وجه حق و الاعتداء عليهم بالتعذيب و الإهانة، حتى لقد بات المصريون جميعا مهانون في أوطانهم على أيدي رجال الشرطة الذين يتعلمون إرهاب المواطن و إهانته في كليات الشرطة؟
أعتقد- و الاعتقاد أقوى من الظن- أن المخرج "خالد يوسف" لم يقصد ذلك لأنه لم يأخذ موقفا مضادا لمثل هذا السلوك السلطوي الإجرامي المشين، بل لقد ظهر الأمر من خلال فيلمه بأن "خالد يوسف" يرى- مثله في ذلك مثل الشرطة- أن المواطن المصري حقير و لا يرقى لمرتبة الإنسان؛ و بالتالي فاحتجازه و تعذيبه حتى الموت للاعتراف بما يمارسه من جرائم حق لابد منه، و لذلك أيضا رأينا أن الضابط "مجدي"(هشام سليم) لم يستطع التوصل إلى كشف القاتل من خلال السيناريو الذي قدمه المخرج إلا بعد احتجاز "سامح" و القيام بتعذيبه لانتزاع الاعتراف المبارك منه، و لعل هذه الموافقة و التضامن- الضمني- من "خالد يوسف" مع رجال الشرطة إنما يضر كثيرا بفيلمه من الناحية الجماهيرية أولا، بالإضافة إلى الضرر الشخصي الذي يجعلنا نعيد النظر في تاريخ "خالد يوسف" النضالي الثوري الذي كنا نعرفه عنه، إلا أن هذا التاريخ لابد أن نتشكك فيه و نتأمله جيدا من حيث مصداقيته إذا كانت تلك وجهة نظره التي رأيناها في فيلمه.
إلا أننا لا نستطيع نسيان الموسيقى التصويرية المناسبة جدا لأحداث الفيلم و التي قدمها الموسيقي "ياسر عبد الرحمن"، و الأداء البارع بالفعل للفنان "هاني سلامة" الذي أثبت في هذا الفيلم للكثيرين ممن يهاجمونه دائما بدعوى أنه لا يمثل إلا بعينيه، أنا ممثل بارع يستطيع التمثيل بكافة جوارحه إذا ما وجد الدور المناسب له، و بالتالي يقنعنا بموهبته التمثيلية الحقيقية.



[1] أنظر الدراسة الوافية و الهامة التي كتبها الناقد "أحمد يوسف" بعنوان "السينما المصرية الجديدة... في مفترق الطرق" /مجلة الفن السابع / العدد الرابع/ مارس1998 .
[2] أنظر مقال "خيانة مشروعة..أفلام الجريمة و النقد الاجتماعي" / مجلة المحيط الثقافي/ العدد الرابع و الستون / فبراير 2007

مهرجان النيل الدولي . نادية خليفة

ايزيس أم المصريين










مهرجان النيل الدولي

لأفلام البيئة


القاهرة .مصر. سينما ايزيس .كتبت نادية خليفة


سوف يقام مهرجان النيل الدولي لافلام البيئة ،الذي تنظمه جمعية الارتقاء بالذوق الفني لتنمية البيئة،من اجل ثقافة واعلام بيئي ناهض تكون السينما احد اهم روافده، ولتعريف المواطنين، بقضايا البيئة واهمية حمايتها والحفاظ عليها، وتنشيط حركة سينمائية جاده ،تهدف الي خدمة شؤن البيئة ومعالجة قضاياها ،والحفاظ عليها والعمل علي تجميلها، وتفعيل دور السينما العربية خاصة واالعالمية عامه للتعرض لقضايا البيئه الطبيعيه من اجل نشر الوعي البيئي وحفز الجماهير علي التعامل مع البيئة بشكل ايجابي للحفاظ عليها وتجميلها، وتشجيع المنتجين السينمائيين للاهتمام بقضايا البيئة في موضوعات افلامهم، وتحقيق الاحتكاك ،وايجاد قناه تواصل بين العاملين في مجال حماية البيئة وبين السينمائيين للتعرف علي مفردات شئون البيئة، وعلي اهمية البيئة في حياتنا، وصولا الي خلق سينما لخدمة قضايا البيئة ، وتاحة الفرصة لمحبي السينما في مصر لمشاهدة ابداعات السينما المحلية والعالمية التي تعالج قضايا البيئة الحياتية، ومناقشة هذه القضايا مع المختصين من خلال الندوات التي تقام في اطار المهرجان
فعاليات المهرجان*
-تتضمن المسابقة الرسمية مسابقة بين الافلام الروائية الطويلة والقصيرة والافلام التسجيلية
العرض الاعلامي خارج المسابقة، لافلام عن البيئة من التراث السينمائي العالمي


الندوات- تقام في كل دورة ندوه رئيسية تدور حول قضايا البيئة، يشارك فيها خبراء اجانب ومصريين
يتم في كل دورة من دورات المهرجان تكريم احدي الشخصيات العامة التي قدمت خدمات للبيئة
يقام المهرجان في اليوم الخامس من شهر يونيو 2007 ، في هطار الاحتفال باليوم العالمي للبيئة 5 يونيو
ويقام المهرجان في الفترة من 5- 6- 2007الي 11-6-2007 برعاية وزارة شؤن البيئة
مدير عام المهرجان وامين عام الجمعية: المخرج محمود سامي عطالله ، رئيس الجمعية ورئيس المهرجان : الفنان مصطفي حسين ، وسوف يقام حفل الافتتاح في قصر محمد علي بالمنيل
نادية خليفة.سينما ايزيس .القاهرة.مصر

الثلاثاء، مايو 01، 2007

سلامة عبد الحميد يكتب عن الدورة 13 للمهرجان القومي للسينما المصرية



الفنان عادل امام. جائزة احسن ممثل عن دوره في عمارة يعقوبيان



وسط حالة متكررة من غياب النجوم



اربعة افلام تستأثر بجوائز المهرجان القومي


للسينما المصرية



القاهرة. سينما ايزيس : كتب سلامه عبد الحميد




استحوذت اربعة افلام فقط على جميع جوائز مسابقة الافلام الروائية الطويلة التي تراس لجنة تحكيمها الكاتب صلاح عيسى من بين 20 فيلما مشاركة في الدورة الثالثة عشرة للمهرجان القومي للسينما المصرية الذي اختتمت فعالياته امس الاثنين ، بدار الاوبرا المصرية بحضور وزير الثقافة المصري فاروق حسني.
وحصد فيلم (عمارة يعقوبيان) وحده 6 جوائز، هي جائز الانتاج الاولى لشركة جود نيوز سينما بقيمة 150 الف جنيه مصري وجائزة احسن ممثل للفنان عادل امام واحسن ممثل ثاني للفنان خالد الصاوي واحسن اخراج عمل اول لمروان حامد ، اضافة الى جائزتي احسن ديكور واحسن تصوير.
ويعد يعقوبيان احد ابرز الافلام المصرية التي انتجت في السنوات العشرين الاخيرة ،ونال العديد من الجوائز خلال العام الماضي من مهرجانات محلية ودولية ، وهو ماخوذ عن رواية ادبية بنفس الاسم لعلاء الاسواني ، حققت رواجا كبيرا واثارت جدلا في المجتمع المصري.
بينما نال فيلم (حليم) اخر ما قدم الفنان الراحل احمد زكي اربعة جوائز، اولها جائزة الموسيقى للموسيقار عمار الشريعي وجائزة الاخراج لشريف عرفه وجائزة المونتاج لداليا ناصر اضافة الى جائزة الانتاج الثالثة لشركة جود نيوز بقيمة 75 الف جنيه مصري.
وذهبت جائزة الانتاج الثانية وقيمتها 100 الف جنيه للمنتج حسين القلا عن فيلم (اوقات فراغ) الذي حصل ايضا على جائزة السيناريو لكاتبه عمر جمال، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمخرجه محمد مصطفى.
في حين حصد فيلم (عن العشق والهوى) جائزتي التمثيل النسائيتين، فحصلت منه شلبي على جائزة التمثيل الاولى وغادة عبد الرازق على جائزة التمثيل دور ثان.
وفاز فيلم (فلوس ميتة) للمخرج رامي عبد الجبار بجائزة احسن فيلم روائي قصير في مسابقة الافلام التسجيلية والقصيرة التي ترأس لجنة تحكيمها مدير التصوير سعيد شيمي ، وضمت 115 فيلما تنافست على جوائز قدرها 12 الف جنيه مصري.
ونال فيلم (حلم اسطبل عنتر) ليوسف هشام جائزة احسن فيلم تسجيلي قصير، وفيلم (همس النخيل) لشيرين غيث جائزة احسن فيلم تسجيلي طويل وفيلم (حد تاني) اخراج رحمي صالح جائزة افضل فيلم تحريك.
وحسب العادة خلا حفل الختام من نجوم السينما المصرية ،حيث لم يحضره الا الفائزون فقط، بالاضافة الى النجمة ليلى علوي باعتبارها عضو لجنة التحكيم في ظاهرة متكررة بالمهرجانات السينمائية المصرية.
وشهدت الدورة الاخيرة للمهرجان تكريم خمسة من السينمائيين المصريين في حفل الافتتاح هم الفنان نور الشريف والمخرج داود عبد السيد والكاتب وحيد حامد والناقد كمال رمزي ومهندس الديكور نهاد بهجت.
واحتفل المهرجان على مدار ايام انعقاده التسعة بمرور 100 عام على بدء عرض اول فيلم سينمائي مصري، حيث عرض عشرة افلام من اعمال الرائد السينمائي المصري محمد بيومى اكتشفها المخرج محمد كامل القليوبى، اضافة الى معرض للصور والملصقات والات التصوير القديمة
سلامة عبد الحميد