لقطة من ثورة 25 يناير
مختارات سينما إيزيس
في ذكرى 30 يونيو
بقلم
مي عزّام
اليوم تمر ثلاثة أعوام على ثورة 30 يونيو، وخمس سنوات ونصف على ثورة 25
يناير... الشقيقة الكبرى التى تعرضت للهجوم والتنكيل، وتطاول على سمعتها
كثيرون.
الآن تبدو المسافة طويلة والفروق كبيرة بين الثورتين، بل
ظهر أن هناك من يتعمد زرع الخصومة والعداوة بينهما، رغم أن شعارات الحرية
والكرامة والعدالة الاجتماعية، هى الشعارات المشتركة التى نادى بها
الملايين فى يناير ويونيو.
اليوم تحتفل الدولة بذكرى الثورة فى عطلة رسمية وتهانى
بروتوكولية يغيب عنها الفرح الشعبى ومظاهر التوحد التى ميزت مسيرات الجموع
نحو مقر القصر الرئاسى فى الاتحادية.
اليوم يبدو طريق الجماهير نحو القصر مغلقا، بفعل القيود
التى تمنع التظاهر (وأقول تمنع ولا أقول تنظم) فالإجراءات الأمنية أقرب إلى
التعامل مع فعل تحريم وتجريم وليس فعل تصريح وتنظيم.
مشهد الاحتفال هذا العام يأتى فى أجواء مخيبة للآمال التى
ارتسمت على وجوه المتظاهرين وسكنت قلوبهم قبل ثلاثة أعوام، فلقد توافقت
ذكرى 30 يونيو مع تصاعد الانقسام بشأن قضية جزيرتى تيران وصنافير، ومع
تصعيد حملات تصفية الرأى المخالف بأساليب أمنية وإقصائية تفتقد الكياسة
والإخراج المتقن، حتى إن قانون تنظيم الإعلام يظل لغزا لا نعرف ظاهره من
باطنه، بل إن هناك من يريده قانونا رئاسيا يعطى للرئيس حق اختيار الأشخاص
التى تدير وتتحكم فى الإعلام، وربما يتنطع آخر من دعاة دعم الدولة فيطالب
بحق الرئيس فى اختيار العبارات والمضامين والكلمات التى يجب أن يتداولها
الإعلام الوطنى!
لذلك فإن ضجة ترحيل الإعلامية ليليان داوود بهذا الأسلوب
السافر الذى يخلو من الذوق والكياسة، ومنح الفرصة لترتيب الأوضاع، يبدو
وكأنه أكبر إساءة يمكن أن تحدث فى ذكرى الاحتفال بثورة نادت بالحرية، وقامت
ضد محاولة إسكات الرأى الآخر وتغليب فكر جماعة على عقل وضمير أمة.
مصر أم الدنيا التى وعد رئيسها أن تكون «أد الدنيا» تخاصم
مواطنة من بلد عربى شقيق وتتعامل معها بأسلوب كيد النساء، مصر الشقيقة
الكبرى التى فتحت أذرعها طوال تاريخها للنابغين من جميع الدول العربية
ليتألقوا على أرضها ويشاركوا فى صنع صورة مصر المجيدة فى عقل وقلب كل عربى
من الخليج للمحيط، يضيق صدر نظامها الآن من كلمة «لا» التى رفعها الشعب
المصرى من قبل فى وجه مرسى الرئيس المنتخب وجماعته.
الطريف أن من انتصر لذكرى ثورة يونيو هو الشعب الإنجليزى،
الذى جاءت نتيجة الاستفتاء على خروجه من الاتحاد الأوروبى انتصارا لإرادة
الشعب بالمخالفة لرغبة الحكومة ورئيسها، الشعوب تريد أن تؤكد أنها مازالت
قادرة على الاختيار وتقرير مصيرها وليس الأمر كله مرهونا برغبة الحاكم ومن
يدورون فى فلكه، لكن بعض الحكام مازالوا يديرون أمور الحكم وكأنهم رسل
منزهون عن الهوى والمآرب.
فى 30 يونيو رفض الشعب المصرى تسلط الجماعة، ولكن لم يفعل
ذلك ليستبدل تسلطا بآخر، وحكم جماعة بحكم مجموعة ترفض أن تشارك الشعب فى
تقرير مستقبله وتحقيق أهداف ثوراته.
يبدو الأمر الآن وكأن الرئيس السيسى هو أيضا قد اختار
أنصاره، ولم يعد يريد أن يشارك أطياف الشعب الأخرى التى تختلف معه فى الرأى
والرؤية فى صنع مستقبل مصر، ويتكرر سيناريو الإخوان الذى ارتدوا على
ماوعدوا به من مشاركة لا مغالبة.
لو حكمنا على ثورة يونيو بالنتائج سنجد أنها أخفقت فى
تحقيق أهم أهدافها (وهى نفسها أهداف ثورة يناير) فلم تتقدم مصر فى مجال
حقوق الإنسان واحترام كرامة المواطن، بالإضافة إلى التضييق على حرية
التعبير ومنع التظاهر، لم يحدث أى إنجاز فى ملف محاربة الفساد والفاسدين بل
يتم محاكمة المستشار هشام جنينة لحديثه عن أرقام فساد يراها البعض مبالغا
فيها، كما فشلت الحكومات المتتالية بعد 30 يونيو فى إدارة موارد الدولة
لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين حياة المواطن والخدمات المقدمة له.
أقف اليوم لأتساءل: ماذا تبقى للمصريين من ثورة 30 يونيو
التى تحتفل بها اليوم السلطة وسط حالة فتور وغضب من الملايين التى خرجت
للثورة قبل 3 سنوات؟
السؤال للجميع.
نقلا عن جريدة المصري اليوم