الأربعاء، أكتوبر 31، 2018

تكريم يوسف شاهين في السينماتيك الفرنسي 2018 بقلم صلاح هاشم


جديد موقع " سينما إيزيس وبيكاسو "..
نزهة الناقد

 فقرة بعنوان



 تكريم يوسف شاهين في السينماتيك الفرنسي2018
 بقلم

 صلاح هاشم
 
لاجدال في أن تكريم يوسف شاهين في السينماتيك الفرنسي إعتبارا من 14 نوفمبر 2018 هو تكريم للتراث السينمائي المصري العريق الذي صنع وجداننا
 تحية تقدير وإجلال الى أرشيف الفيلم الفرنسي العظيم الذي أسسه معلمي وأستاذي هنري لانجلوا الذي تعلمنا في جامعته ودرسنا السينما في قاعات معبده القديم في التروكاديرومتحف الإنسان
وتحية من محب، للفنان المصور المصري الكبير يوسف نبيل، الذي يحتفي بمصر في كل صوره على أفيشه الرائع,,

صلاح هاشم 
كاتب مصري مقيم في باريس فرنسا..
مؤسس ومحرر سينما إيزيس وبيكاسو

الجمعة، أكتوبر 26، 2018

لماذا لانحتفل بحقبة الستينيات في مهرجان ثقافي فني سنوي بقلم صلاح هاشم


جديد سينما إيزيس
مجلة سينما إيزيس " تعني بفكر السينما المعاصرة
وتطرح رؤية للثقافة والحياة
تأسست في باريس عام 2005



نزهة الناقد . فقرة بعنوان " لماذا لانحتفل بحقبة " الستينيات في مهرجان فني ثقافي سنوي ؟

بقلم

صلاح هاشم


ربما كانت فترة الستينيات وبكل ابداعاتها في مجالات السينما والموسيقى وحركة القراءة والنشر والفن التشكيلي وفن القصة القصيرة كما كانت فن الفترة بامتياز،جديرة حقا بمهرجان سنوي، لاعادة قراءة " حقبة " ثقافية كانت ومازالت تعد من أخصب الفترات الثقافية والفنية التي عرفتها مصر وطوال تاريخها ؟

هذ دعوة الى أبناء هذا الجيل من كتاب وفنانين ومبدعين وموسيقيين مصريين، للالتفاف حول هذا المشروع الثقافي التنويري، وتأسيس هذا المهرجان، لأنه لن يتم ابدا من دون مشاركة من أبناء تلك الفترة، من الكتاب والشعراء والفنانين والمبدعين، وأذكر منهم على سبيل المثال" المخرج الكبير داود عبد السيد، والروائي الكبير صنع الله ابراهيم،والشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، والروائي محمد ناجي والكاتبة أهداف سويف، والكاتب والناشر والقاص عبده جبير،ومبدعين آخرين كث، من ضمنهم كتب هذه السطور..
وتكريم بعض القامات الفكرية والاعلامية والثقافية التي كان لها فضل كبير على جيل " الستينيات " مثل الأستاذ الصحفي الروائي عبدالفتاح الجمل العظيم..

لماذا كما نحتفل بالانتصارات العسكرية في مصر، لماذا لانحتفل أيضا من خلال " مهرجان الستينيات " الذي أدعو الى تأسيسه، بالانتصارات الفكرية والفنية والابداعية في حياتنا ؟

صلاح هاشم
كاتب وناقد ومخرج من جيل الستينيات العظيمة

الأربعاء، أكتوبر 24، 2018

لماذا نريدأن نحتفي ببيكاسو في سينما إيزيس بقلم صلاح هاشم , فقرة في باب " نزهة الناقد "


 بيكاسو


نزهة الناقد 


لماذا نريد أن نحتفي بـ "بيكاسو"

 في "سينما إيزيس" ؟

بقلم

صلاح هاشم


لماذا "سينما إيزيس وبيكاسو"، الأسم الجديد لموقع سينما إيزيس السينمائي ؟ ..

سألني البعض،كما سألني البعض من قبل، لماذا أكتب عن موسيقى الجاز , 
أجيب ببساطة ، لأن بيكاسو فنان عبقري، وضع بصمة فارقة،على تاريخ الفن التشكيلي السابق على بيكاسو ،والتاريخ اللاحق، على بيكاسو، ومازالت بصماته على القنانين المحدثين من أمثال الأمريكي باسكيات، ظاهرة ولحد الآن ، من خلال استلهام وتوظيف نلك الاستلهمات، في لوحات الفنان العبقري ، في خدمة القضايا الانسانية الكبرى،
كما كان بيكاسو، في لوحته الرائعة"جورنيكا" ، جعل من لوحته عن الدمار الفاشي الذي لحق بها، ومن خلال لوحته سلاحا ضد السياسات الفاشية لدمار الإنسانية جمعاء، وليس فقط تلك القرية الأسيانية الصغيرة، كصورة مصغرة، لعالم إنساني متسامح وجميل ونبيل، وهو يحتفي بالأخوة الانسانية للبشر,,
أهلا بالاحتفاء بالفنان العبقري الكبير، بيكاسو، والاحتفاء بعبقرية الابداع الانساني، في حياته وشخصه، وأرجو.. أن أكون أجبتهم....
صلاح هاشم

أمنية صغيرة لمهرجان عريق بذاكرته وتاريخه بقلم صلاح هاشم . فقرة في باب نزهة الناقد




نزهة الناقد


المخرج السينمائي الكبير كلود ليلوش
فقرة بعنوان

أمنية صغيرة، لمهرجان عريق، بذاكرته وتاريخه.


بقلم

صلاح هاشم


أتمنى الا تعبأ ادارة المهرجان لحملات الهجوم على الادارة الجديدة للمهرجان، بسبب تكريم المخرج الفرنسي الكبير كلود ليلوش الذي سوف يظل مخرجا كبيرا، سواء كان يهوديا أو بوذيا أو مسلما، وسواء كان متعاطفا مع قضية فلسطين أو من غير المتعاطفين معها، فكل هذه الأشياء، لاتنفي ان كلود ليلوش مخرج سينمائي كبير ولاتهمنا جنسيته أو دينه و مواقه السياسية، كان بالفعل أثر فينا بأفلامه عندما شاهدناها، مثل فيلمه الرائع " رجل وأمرأة " الذي دلف الى تاريخ فن السينمامن أوسع باب، وأثر في ملايين من الناس في جميع أنحاء العالم وكل عشاق هذا الفن، جذوته، وسحر بهائه.
أرجو أن لاتعبأ الادارة بتلك الحملات للنيل منها، عن قصد أو من دون قصد، وبخاصة من مهرجان سينمائية جديدة ناشئة، تهتم بالبهرج. والزيطة. والمفرقعات الاستعراضية، وتريد أن تسحب البساط يالفعل من تحت أقدام المهرجان العريق، وبكل وسائل الابهار، في مجتمعات الاستهلاك الكبرى، وهي تتباهي بميزانيتاها الضخمة والابهار، وتسير في خيلاء وسط حملات من الاعلام الاستعراضي عن حغلاتها،وتكريماتها، وأبهتها ، ونجومها، وضيوفها، في منتجع سياحي للاثرياء، وليس في شبرا أوالسيدة زينب أوتحت الربع,,
هذه هي أمنيتي للادارة الجديدة لمهرجان سينمائي عريق,,
صلاح هاشم

فيلم " كتاب أخضر " يفتتح مهرجان الأسكندرية السينمائي 40



 محمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة 40

فيلم"كتاب أخضر"
يفتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأربعين

- فاز الفيلم قبل أسابيع بجائزة جمهور مهرجان تورنتو التي تعد أكبر مؤشر
للأوسكار

القاهرة – 24 أكتوبر 2018
كشف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم افتتاح الدورة الأربعين
للمهرجان والمقامة في الفترة بين 20 و29 نوفمبر المقبل. المهرجان اختار
الفيلم الأمريكي "كتاب أخضر Green Book" للمخرج بيتر فاريلي، بطولة النجمين
فيجو مورتينسين وماهرشالا علي، والذي يعد واحدًا من أهم أفلام العام
المرشحة للتنافس على جوائز الأوسكار مطلع العام المقبل.
أحداث الفيلم مأخوذة عن قصة حقيقية دارت في ستينيات القرن العشرين وقت
استمرار التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة، حيث يُكلف سائق من أصل
إيطالي له ميول عنصرية باصطحاب عازف بيانو أسود البشرة في جولة موسيقية
بولايات الجنوب الأمريكي الأكثر تعصبًا ضد الملونين.
الفيلم توّج قبل أسابيع بجائزة الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي،
والتي تُعد أكبر جائزة اختيار جمهور في العالم، وأكثرها تعبيرًا عن بوصلة
جوائز الأوسكار، فعلى مدار الست سنوات الأخيرة نالت جميع الأفلام الفائزة
باختيار جمهور تورنتو جائزة أوسكار واحدة على الأقل في فبراير التالي.
عن اختيار فيلم الافتتاح يقول المدير الفني للمهرجان الناقد يوسف شريف رزق
الله: مخرج الفيلم بيتر فاريلي، والذي عُرف عالميًا بتقديم أفلام كوميدية
خفيفة بمشاركة شقيقه بوبي فاريلي، يظهر في "كتاب أخضر" بمستوى لم يظهر به
من قبل، فيقدم فيلمًا بالغ الإتقان يطرح موضوعًا مهمًا، دون أن يفقد خفة
ظله وقدرته على الإمتاع من أول وحتى آخر لحظة في الفيلم".
وعلق رئيس المهرجان محمد حفظي قائًلا: سيعمل المهرجان على توفير كل الظروف
الملائمة ليكون عرض "كتاب أخضر" ليلة الافتتاح في المسرح الكبير بدار
الأوبرًا المصرية عرضًا يليق بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وبأهمية
الفيلم الذي وضعه أغلب النقاد العالميين ضمن الأفلام الأهم خلال العام
الحالي، كما سيتم تنظيم عرض آخر يسمح لجمهور القاهرة بمشاهدة الفيلم
المرتقب.


يُذكر أن فيلم "كتاب أخضر" من إنتاج ستوديوهات دريم ووركس، وتوزعه في الشرق
الأوسط شركة إيطاليا فيلم، وهو من تأليف المخرج بيتر فاريلي بمشاركة برايان
هايس كوري ونيك فاليلونجا، وهو ابن طوني فاليلونجا الشخصية الرئيسية في
الفيلم الذي وقعت الحكاية له خلال الستينيات.  ويشارك في بطولته النجوم
فيجو مورتينسين (المرشح للأوسكار عامي 2008 و2017) وماهرشالا علي (الفائز
بالأوسكار عام 2017 عن دوره في "ضوء القمر") وليندا كارديلني.

المركز الصحفى
مهرجان القاهرة السينمائى

السبت، أكتوبر 13، 2018

تكريم المخرج الفرنسي الكبير كلود ليلوش في القاهرة السينمائي 40


تكريم المخرج الفرنسي الكبير كلود ليلوش
 في القاهرة السينمائي 40 


القاهرة – 13 اكتوبر 2018

أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن تكريم المخرج والكاتب الفرنسي 
الكبير كلود ليلوش أحد مؤسسي ورواد الموجة الجديدة في السينما الفرنسية ، 
وذلك فى افتتاح الدورة الـ 40 للمهرجان، التى تنطلق 20 نوفمبر المقبل، 
وتختتم فعالياتها 29 من نفس الشهر.

تكريم ليلوش يأتي تقديرًا لمسيرته السينمائية العالمية المضيئة والبارزة، 
إضافة إلى مكانته المرموقة كأحد أبرز المخرجين  والمؤلفين في تاريخ السينما 
الأوروبية .




وقال رئيس المهرجان محمد حفظى: «يعد الاحتفاء بالمخرج كلود ليلوش  فى 
الدورة الاربعين لمهرجان القاهرة السينمائى تتويجًا لواحد من اهم المخرجين  
الذين أثروا الشاشة الاوربية والعالمية بأعمال خالدة فى ذاكرة السينما، كما 
أن المخرج الكبير صاحب جائزة  الأوسكار  ، يعتبر  واحداً من رواد التجديد 
في السينما الفرنسية، على مدار اكثر من نصف قرن بل إن مجلة «كاييه دو 
سينما» «دفاتر السينما» تذهب بعيداً فيما تصفه بالمؤسس لتيار سينمائي متفرد 
.

وأضاف: قدم ليلوش عديد من التجارب التى استلهمت قصصها من الواقع  وتحاكي 
الحب والحياة ، وظهرت كموجات سينمائية متميزة فى صورتها وأفكارها  ، وتشكل


اعماله حيوية كبيرة ولغة سينمائية منفردة ،  هو بحق صانع افلام سخى يحب 
الشخصيات التى يخلقها فى أعماله والتى تكشف عن أعظم المشاعر الانسانية من  
الصدق ، الحب ،الصداقة ، الظلم ، الموت ، التسامح ، الحنين إلى الوطن ، 
وعشق السفر.



المركز الصحفى
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى

الأربعاء، أكتوبر 10، 2018

كيف يكون التكريم الحقيقي ليحيى خليل رائد نهضة موسيقى الجاز في مصر ؟ بقلم صلاح هاشم في باب نزهة الناقد



 

يحيى خليل 1995 ظاهرة في المشهد الموسيقي المصري 


نزهة الناقد

 " كيف يكون التكريم الحقيقي ليحيى خليل
 رائد نهضة موسيقى الجاز في مصر ؟

HOW TO MAKE A REAL TRIBUTE TO YEHIA KHALIL JAZZMAN OF EGYPT..?
BY SALAH HASHEM
بقلم

 صلاح هاشم

 في باب " نزهة الناقد "


كيف يكون - تساءلت- التكريم الحقيقي للفنان الكبير المايسترو يحيى خليل، هل باقامة حفل تكريم له مساء اليوم في دار الأوبرا المصرية ؟
لايكون في رأيي باقامة حفل لتكريمه مساء اليوم في الأوبرا، التي تحتفل بمرور ثلاثين عاما على تأسيسها ، وكان الفنان الكبير يحيى خليل شارك كما هو معروف في إحياء حفل افتتاح الأوبرا وعزف وقتذاك ومنذ أكثر من ثلاثين عاما في صحبة أسطورة الجاز الأمريكي ديزي جيلسبي,,
ولاتكون كذلك بتشييد تمثال للقنان الكبير في الحي الذي تربى قيه وسكنه حي الكوربة أحد أحياء مصر الجديدة، هكذا فكرت..
بل يكون من خلال اعلان وزيرة الثافة د, ايناس عبد الدايم الفنانة المحترمة ، التي وقف يحيى خليل موقفا مشرفا في الدفاع عنها،عندما تعرضت كمدير للأبرا لاقسى حملات التشهير والتشويه والنقد أيام حكم الاخوان،
اعلانها قرار تبني الدولة المصرية ممثلة بوزارة الثقافة لمشروع يحيى خليل وحلمه الكبير، المركون مازال ومنذ زمن طويل في دواليب وادراج نفس الوزارة التي تحتفل مع البروقراطية المصرية المعفنة هذا المساء بتكريمه..
حلمه في أن تتبنى وزارة الثقافة وترعى" مهرجان قومي سنوي لموسيقى الجاز في مصر".. والانفتاح من خلال ذلك المهرجان على كل ثقافات وحضارات موسيقى الجاز في العالم، واصدار قرار وزاري بهذا الشأن، وتكليف فنانا المصري الكبير بادارة المهرجان والاشراف عليه، ومنحه استقلاليته الكاملة ليكون واجهة حضارية مشرفة لمصر وفنها الموسيقي الراقي، وبعدما صار يحيى خليل رائد نهضة موسيقى الجاز في مصرعلامة ووجها فنيا وحضاريا من علامات و وجوه مصر المشرفة، والتي يقينا يفتخر بها كل أنسان مصري، الآن، في الداخل والخارج.
صلاح هاشم
كاتب وناقد ومخرج سينمائي مصري مقيم في باريس

مؤلف " الحصان الأبيض " و" تخليص الابريز في سينما باريس " و " السينما العربية خارج الحدود ". مخرج فيلم " البحث عن رفاعة " و " أول خطوة " و " وكأنهم كانوا سينمائيين ". ومؤسس "مهرجان جاز وأفلام" في مصر الذي عقد دورته الرابعة في الفترة من 2 الى 4 سبتمبر في المعهد الفرنسي في مصر..




صدور الطبعة الثانية من مجموعة " الحصان الأبيض " لصلاح هاشم بقلم داليا عاصم في باب مختارات سينما إيزيس






مختارات سينما إيزيس

صدور الطبعة الثانية من "الحصان الأبيض" لصلاح هاشم

بقلم
 داليا عاصم

صدرت حديثا الطبعة الثانية من كتاب "الحصان الأبيض"، المجموعة القصصية للكاتب والناقد والمخرج السينمائي المصري صلاح هاشم المقيم في باريس، عن "دار إيزيس للفنون والنشر" في مصر.
وتضم"المجموعة 9 قصص قصيرة، نشرت في فترة الستينيات في جريدة "المساء" التي كان يشرف على صفحتها الأدبية عبدالفتاح الجمل، الذي يعتبر الراعي الرسمي لجيل الستينيات، والمفجر الحقيقي لطاقاته الإبداعية الأصيلة ومواهبه الأدبية الجديدة في القصة القصيرة والشعر والنقد والفلسفة، التي أثرت في الحياة الثقافية المصرية في ما بعد بأفكارها ومواقفها وكتاباتها المتوهجة من أمثال: إبراهيم أصلان وجمال الغيطاني وأمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي ومحمد كامل القليوبي وصلاح هاشم وعبده جبير وسيد سعيد وزين العابدين فؤاد وغيرهم..

الكاتب والناقد والمخرج صلاح هاشم المقيم في باريس

تتفجر الرؤيا عند صلاح هاشم، أحد أبرز كتاب القصة القصيرة في مصر والعالم العربي، في مجموعة "الحصان الأبيض" وفي ظلال هزيمة 1967 وانعكاساتها، من الدخول في تشابكات الواقع وكوابيسه إلى الخروج من مناطق "اللافعل".. والدخول في دوامة الخلق والتمرد. إنها صرخة أمام العذابات المستكينة، والإهانات المتصلبة، والعيون المترصدة.أمام الرعب المتغير والغربة في وطن الأسياد والعجائز، ملّاك الديار المكتظة رعبا، حيث يكون التخفي أحيانا في مناطق الظل محاولة يائسة لرصد ميلاد الفعل، وحين ذلك يكون هو "الفعل"، وبلا تردد.

ويهدي صلاح هاشم مجموعته إلى زهرة اللوتس وطنه مصر: " إلى زهرة اللوتس، وهي تتطهر في الماء المقدس من تسلط الأشياء القديمة العالقة وروائح المستنقعات العفنة، وتدخل في النسيم. إلى الأقدام وهي تتحسس للمرة الأولى الأرض المتشققة فتسري قشعريرة كل البدايات الأولى المترددة. إلى الرغبة في التوحد والتحليق يسكنان فينا رحم الروح. لاقيمة للقطة لاتظهر فيها السماء والسحب الراحلة.. وكيف تمضي أنت؟".

كتب د.غالي شكري عن القاص صلاح هاشم ومجموعته التي حصلت على جائزة في القصة في أول مؤتمر للأدباء الشبان يقام في مصر عام1969: "عرفت صديقي الكاتب الشاب صلاح هاشم في أواخر الستينات، ضمن الموجة الهادرة من الكُتاّب الجدد الذين ولَّدوا فينا غداة الهزيمة في العام 1967، وربما كنت شخصيا مسؤولا على إطلاق "أدب الستينيات" على هذا الجيل الجديد الوافد على العمل الثقافي-السياسي، من بين جدران الجامعة، متمردا على أسباب الهزيمة، صارخا في وجوه الجميع.. أين الأمل؟

كان صلاح هاشم واحدا من هذا الجيل، يكتب القصة القصيرة بإتقان وحرارة، تجمع بين أصالة التراث القصصي في مصر الحديثة، ومعاصرة التجديد في الآداب الغربية التي كان يقرؤها في الإنكليزية، فهو أحد خريجي قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب. ولكن ما يميز صلاح هاشم هو معايشته الحارة الغنية بالتجربة الإنسانية في بلاده، فلم يستغرقه الإغراب والتغريب ولم يجنح إلى الغموض والتجريد، بل كان ذا صوت خاص فريد في التقاط الزوايا والشخصيات والمواقف والجزئيات والتفاصيل والدقائق الصغيرة في حياة الشعب الذي ينتمي إليه".

والمعروف أيضا أن فترة الستينيات في مصر التي أنجبت "الحصان الأبيض وقصصه، كانت فترة صعود وتألق القصة القصيرة كنوع أدبي في تاريخ الأدب، وصدور الأعداد الخاصة بالقصة القصيرة مثل عدد مجلة الهلال في أغسطس 1968 وتألق مجموعة كبيرة من أبرز كُتّاب القصة القصيرة في مصر..".


 وفي مقال للناقد عبد الرحمن أبوعوف بعنوان "مقدمة في القصة القصيرة" في كتابه "بانوراما نقدية في الأدب والفن والسياسة" الصادر عام 2008 عن الهيئة العامة للكتاب، يقول في صفحة 40 في ما يخص زمن الحضور المعاش وظلال عدوان 5 يونيو على الإبداع القصصي: "إن المحاولة القصصية الحالية والتي تهتم بحريات غير محددة لم تعرفها المراحل السابقة لأنها تغوص بجرأة في هوة يختلط فيها الكلام والسكوت والحياة والموت فحضور الواقع المصري الذي أعقب هزيمة 5 يونيو بقتامته وصمته واستفزازه.. كان الإطار والجو الذي تنفست فيه إمكانات الإبداع المختزنة لدى جيل أدبي كامل.. ودراسة هذه القضايا تصبح أكثر وضوحا واكتمالا عندما نناقش التجربة الجريئة بكل سلبياتها وإيجابياتها التي يقدمها من كتاب الأجيال السابقة والمعاصرة كل من نجيب محفوظ ويوسف إدريس وبعض من كوكبة الكتاب الجدد أمثال محمد روميش ومحمد البساطي وجمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد وإبراهيم أصلان ومجيد طوبيا وعبده جبير ويحيى الطاهر وضياء الشرقاوي وصلاح هاشم وعبد الحكيم قاسم وبهاء طاهر وحسني عبد الفضيل... إلخ، وليس لترتيب الأسماء أية علاقة بالتقديم أو التأخير..".

عن جريدة " العين " تاريخ 8 اكتوبر 2018

الثلاثاء، أكتوبر 09، 2018

محاكمة الضمير الأبيض العنصري في فيلم "ديترويت " بقلم صلاح هاشم في مختارات سينما إيزيس

مختارات سينما إيزيس



محاكمة الضمير الأبيض العنصري في فيلم " ديترويت "  لكاترين بيلو

بقلم

صلاح هاشم



فيلم (ديترويت) لكاترين بيلو الذي خرج للعرض التجاري حديثاً في باريس، يقدم محاكمة للضمير الأمريكي الأبيض العنصري البيوريتاني، الذي حرص ومنذ أن بدأت صناعة الفيلم الأمريكي تدور في هوليوود، ومنذ فترة العشرينات؛ على تصوير الأمريكي الأسود بالعبد الأفريقي الأسود المختطف للعمل في مزارع القطن وقصب السكر والتبغ وتشييد السكك الحديدية ويساهم في صنع ثروات العالم الجديد (أمريكا).

تصوير الأمريكي الأسود في صورة الإنسان المتخلف الهمجي المتوحش، وتجريد العبيد من آدميتهم، واعتبارهم شيئاً أقل من البشر، والترويج لذلك (النموذج) في أعمال السينما الأمريكية لإرضاء سلطة البيض التي انتهجت (سياسة التمييز العنصري) للتأكيد على تفوقها وهيمنتها وسيادتها.ولم تكن هوليوود البيضاء، وطوال تاريخها الطويل، تحب أبداً اللون الأسود، لكن -وقبل الحديث عن فيلم (ديترويت)؛ ترى كيف تأصلت تلك العلاقة بين الإنجليز البيض البيوريتان -الواسب- وكراهيتهم للون الأسود في التاريخ الأمريكي؟

الإنجليز البيض ضد الأفارقة

في كتابه (الحمر والبيض والسود) لجاري.ب.ناش يشرح المؤلف كيف تقبل الأوروبيون بمختلف أصولهم القومية الأفارقة، وكيف تعاملوا معهم بعد أن أصبح الرق وتجارة الرقيق جزءاً أساسياً في (التجربة الاستعمارية) في العالم الجديد. فيذكر أن ردود فعل الإنجليز البيض تجاه الأفارقة كانت أكثر تطرفاً وسلبية، منها لدى الإسبان والبرتغاليين. فبالرغم من أن جميع الدول الأوروبية كانت تعتبر مدنيتها أكبر تفوقاً وسمواً بالنسبة للمجتمعات الأفريقية؛ كان الإسبان والبرتغاليون أكثر اعتياداً على الأفراد ذوي البشرة السوداء، خلال قرون من التجارة والحروب مع شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط.



 الأسود غبي وشرير وتافه

ولكن الإنجليز ذوي البشرة الشقراء، عندما وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام الأفارقة ذوي البشرة السوداء الخالصة كان رد الفعل لديهم سلبياً بشكل خاص. ولعل المصادفة المشؤومة في التاريخ أن يصبح السواد، حتى قبل السماع عن قارة أفريقيا، وسيلة للتعبير عن بعض القيم المتأصلة جداً في المجتمع الإنجليزي، حيث أن كلمتي (أسود) وعكسها (أبيض) ذواتا مضمون ثقيل على النفس، فكلمة أسود كانت تعني الغبي والشرير والحقود، كما كانت تعني الليل وساعة الخوف، وهكذا ارتبطت بأشد المواقف إثارة للقلق في الطبيعة البشرية، وأصبح الاستخدام الإنجليزي لكلمة أسود، يشايع هذا المعني، فكان يعتبر الشاة السوداء (وهو الشخص التافه) في الأسرة، واليوم الأسود والنظرة السوداء (المعادية)، فكانت كل هذه المصطلحات تعبيرات قائمة في ضميرهم الحضاري -ذلك الضمير الذي يعقد له فيلم ديترويت محاكمة كما ذكرنا- في حين كان اللون الأبيض على عكس اللون الأسود يمثل النقاء والعذوبة والجمال والفضيلة والسلام. فالملائكة تتشح بالبياض، وتتزوج البنات في الثوب الأبيض رمزاً للعفة والطهارة، وبذلك كان الإنجليز مؤهلين ثقافياً لرؤية الشر والقبح والرذيلة في السواد، وبهذا المعنى كان لقاؤهم غير المتوقع مع شعوب أفريقيا الغربية التي أتي منها العبد الأفريقي الأسود المختطف ورحلة أهوال في البحر وقبل أن يصل إلى مستعمرات البيض في العالم الجديد ويكدح ويشقى في نطاق أكبر هجرة جماعية في التاريخ.
كان لقاء محكوماً عليه بالتحيز مقدماً بهذه (الرموز اللونية) الموجودة في اللغة والثقافة الإنجليزية، وتضاعفت (الصورة السلبية) بوصف الأفارقة بـ(الهمجية) و(الوثنية) كما كان يراهم الإنجليز، الذين اعتبروا أن جهل الأفارقة بالمسيحية وعبادتهم (لآلهة زائفة) واختلاف طريقتهم في الحياة قد أبعدتهم عن الأوروبيين (المتمدينين).
فيلم ديترويت يقدم محاكمة لذلك الضمير الأبيض العنصري، حين ينهل من تقاليد وإضافات السينما الوثائقية وتقاليدها العريقة، لكي يحقق (وثيقة) سينمائية سياسية ليس لشعب أمريكا الأسود فحسب، بل للبشرية جمعاء.




ويؤكد أن التاريخ يعيد نفسه على ما يبدو، بعد تحرير العبيد في أمريكا، فما زالت أعمال الكراهية والاعتقال والقتل تمارس على المواطن الأمريكي الأسود الزنجي في (العالم الجديد). وما زالت الاحتجاجات والمظاهرات السوداء تجتاح شوارع أمريكا.
عن هذا يحكي (ديترويت)، ويعرض لذلك (الوحش) من الكراهية والسادية، وكيف تنتشر سمومهما في دم البيض، ويسأل: ترى هل تستطيع أمريكا البيضاء أن تروض ذلك الوحش الذي ينهش في لحمها، ولماذا هذا العنف المتأصل في جذور الثقافة الأمريكية؟ وأعتبره أحد أفضل الأفلام (السياسية) التي خرجت للعرض حديثاً في باريس. وكان الفيلم أثار جدلاً كبيراً في أمريكا، من ناحية هل يحق للمخرجين البيض صنع أفلام عن شعب أمريكا الأسود من الزنوج- أكثر من 10 ملايين أسود؟ وهل من حق المخرجين البيض، التعبير من خلال السينما عن كل تلك المهانات والاعتقالات وأعمال القتل والتشريد والتعذيب، التي ما زالت ترتكب ولحد الآن بحق السود كمواطنين أمريكيين؟ أم أن تلك (ثيمات) هي من ممتلكات السود الشخصية، وموضوعات لا يستطيع أن يناقشها إلا السود فقط، بأنفسهم، ومن ثم يصدرونها على الشاشة، ولن يفرطوا فيها أبداً.
كما كشف موقف المخرج الأمريكي الأسود المعروف سبايك لي، صاحب فيلم دو ذا رايت ثينج (افعل الشيء الصحيح) من الفيلم، حيث اعتبر أن تلك المخرجة السينمائية البيضاء كاترين بيلو كانت انتهازية بحق، حين صنعت ذلك الفيلم الذي يوثق لأحداث دامية وقعت في ديترويت، وكانت توشك على أن تشعلها حرباً أهلية بين أبناء البلد الواحد.
في فيلمها الروائي البديع تصور المخرجة الأمريكية كاترين بلو أو تعيد تصوير و(تمثيل) تلك الأحداث والوقائع المرعبة التي جرت في شهر يوليو عام 1967 في فيلم روائي لكنه أشبه ما يكون بفيلم تسجيلي متقن، و(وثيقة) سياسية فائقة الجودة. وثيقة تحكي عن قدر مدينة، عما كانت عليه (ديترويت) في الماضي، حيث كانت في القمة في كل شيء، ثم كيف تدهورت أوضاعها بمرور الزمن، لتجعل (ديترويت) ترقد حالياً في (القعر الأسود) BLACK BOTTOM أحد أشهر وأفقر أحياء مدينة (ديترويت) التي يسكنها السود!

الاحتقان العنصري في (مدينة المحركات)
ديترويت هي أكبر مدن ولاية ميتشجان الأمريكية، وكانت فيما مضى، وتحديداً في النصف الثاني من القرن العشرين واحدة من أكبر المدن الأمريكية وأكثرها ازدهاراً وتنوعاً.
كانت ديترويت التي تسمى مدينة المحركاتMOTOR CITY مهداً لصناعة السيارات (شركة فورد)، ومركزاً اقتصادياً وثقافياً وفنياً عالمياً، ومحلاً لشركة وأستوديو (موتاون) الشهير، الذي تخرج فيه، وأنجب، وأصدر الأسطوانات الموسيقية لأشهر المغنين والعازفين السود في أمريكا، ومن ضمنهم مايكل جاكسون ومارفن جاي وراي تشارلز وأريتا فرانكلين وجيمس براون.. وغيرهم ممن وضعوا بصماتهم على الموسيقى الأمريكية، بكل أنواعها من (البلوز) و(الروك) و(الصول)، وحققوا لها شهرة عالمية، وبخاصة لموسيقى الجاز الأفريقية الجذور الأمريكية النشأة.
وبالمناسبة يتحدث الفيلم عن تلك (التجربة المرعبة) التي عاشها أحد هؤلاء الفنانين السود، ويدعى (لاري ريد) من فرقة (ذا دراماتيكس)، بعدما اعتقلته الشرطة وظلت طوال الليل تحقق معه في أحد أطول وأرعب مشاهد التعذيب في تاريخ السينما العالمية. وأعتبر مشاهد التعذيب في فيلم ديترويت، هي مشاهد محاكمة للضمير الأمريكي الأبيض الاستعماري المهيمن، ومحاكمة للجيش الأمريكي، ومحاكمة للعدالة في أمريكا أيضاً. تلك العدالة التي تحكم وتحكم لصالح الأمريكي الأبيض، وتطلق سراح القتلة البيض ولا تحاسبهم أو تعاقبهم إن عاقبتهم مظهرياً إلا بالعقاب الخفيف، وليذهب الآن الكل إلى حال سبيله ولا داعي للفرجة.
لكن مع حلول فترة الستينات -وما زلنا نتحدث عن ديترويت- أدت مجموعة من التراكمات الاجتماعية والاقتصادية والاحتقان العنصري إلى أفول نجم المدينة وانحدارها، ووقوع أحداث دامية في صيف عام 1967، وهي تلك الأحداث التي تحكي عنها المخرجة البيضاء كاترين في فيلمها وتصورها، بعد أن ظلت ولفترة ست سنوات تجمع كل الوثائق والمقالات والصور والأفلام، وتسافر مع كاتب سيناريو الفيلم إلى المدينة لكي تستمع إلى شهادات لأناس سود وبيض -من الشرطة- عاشوها وخبروها وما زالت جروحها تدمي داخلهم.
فيلم ديترويت يبدأ مع أول مشهد في الفيلم ونزول تترات وعناوين الفيلم على الشاشة بعرض (فيلم تحريك قصير) يحكي أثناء نزول التترات عن تاريخ العبودية في أمريكا، وتلك الهجرات الداخلية التي كانت تدفع شعب أمريكا الأسود من العبيد المختطفين من أفريقيا للانتقال بحثاً عن عمل ولقمة عيش من ولاية إلى أخرى، ويقف الفيلم (كمدخل) عند تلك الجماعة السوداء التي حطت أخيراً في مدينة ديترويت أحد أهم المراكز الصناعية آنذاك في (العالم الجديد)، كي يحكي عنها كصورة مصغرة للشعب الأمريكي الأسود في أمريكا، ويسلط الضوء على تلك (الكراهية) المتأصلة في نفس (السيد) الأمريكي الأبيض، و(سلطة) البيض الأمريكيين، ممثلة بأفراد بيض من شرطة المدينة وعمدتها (الأبيض المجرم) الذي استنجد بقوات الشرطة لقمع المظاهرات وحصر أعمال الشغب.
ثم يفتح الفيلم على (مشهد ليلي) لبعض سكان مدينة ديترويت من السود وهم يحتفلون بعرس في ناد ليلي، وكانت بعض أعمال الشغب وقعت بالفعل في المدينة من قبل وبدأت قوات الشرطة تطارد المتظاهرين وتعتقلهم، وتتدخل بشكل سافر في حياتهم.
ويصور المشهد الثاني في الفيلم أحد هذه التدخلات التي كانت (الشرارة الأولى) التي أشعلت (نار) ذلك الحريق الكبير، أشبه بحرب أهلية، حيث تهبط قوة من قوات الشرطة في المدينة وتحاصر ذلك النادي الليلي، وتهجم على رواده من السود وتعتقلهم وتخرج بهم لإيداعهم عربات الشرطة في الخارج حين تتجمع جمهرة من سكان الحي حول النادي وتتساءل عما يحدث؟ وأي ذنب ارتكبه رواد النادي من السود، ليستحقوا عليه إهانتهم وضربهم، وجرهم ظلماً هكذا للحبس، وتطلب إطلاق سراحهم فوراً، إلا أن رجال الشرطة يسارعون بالهرب بعرباتهم، وهم يزجرون، ويتوعدون بالانتقام.
وحيث أن التفاصيل الصغيرة هي التي تسطع بالحقائق الكبرى وتؤسس للأفلام السينمائية الكبيرة، تؤسس مخرجتنا فيلمها على ثلاث دعامات، حققت للفيلم توهجه الإخراجي الفني وعكست حنكة مخرجته ودربتها على مستوى السرد من خلال الاعتماد على إدخال بعض المشاهد المأخوذة عن الأفلام والريبورتاجات التي وثقت لتلك الأحداث التاريخية الدامية في (ديترويت)، ودمجها في فيلمها الروائي، ثم الاعتماد على المشاهد الطويلة التي تمضي ببطء وبخاصة أثناء مشاهد التحقيق داخل غرفة في فندق مع بعض الأفراد، وضبط إيقاع تلك المشاهد، حتى تجعل المتفرج يدخل بنفسه في لحمة الفيلم، ويشارك شخصياته نرفزتهم وعصبيتهم وشجاعتهم أيضاً وهم يتعرضون فرداً فرداً لأبشع صور التحقيق والتعذيب والقتل المتعمد على يد بعض رجال الشرطة والجيش (الساديين) في الفيلم، حتى لتحسب من فرط استغراقك في مشاهد التحقيق تلك أن الدور حتماً سوف يأتي عليك للتعرض مثلهم إما بالبوح، أو أن تطلق رصاصة في رأسك على يد شرطي أبيض داخل أحد غرف النزل الذي تحول إلى (الجحيم) بعينه وتموت. ثم إعادة تمثيل بدقة المحاكمة، أو بالأحرى (المهزلة) التي عقدت لرجال الشرطة والجيش السفاحين في نهاية الفيلم وكيف انتهت بتبرئتهم. 
لكن لا جدال، وبعد أن شاهدت الفيلم في باريس، وأعجبت به كثيراً، أن أعتبره إضافة حقيقة وجبّارة ليس فقط للسينما الزنجية السوداء التي يصنعها المخرجون السود في أمريكا، بل للسينما الأمريكية الحديثة أيضاً، تلك السينما التي يصنعها البيض والسود معاً في وطنهم، والتي أرى أنها حققت قفزات كبيرة، باتجاه الاقتراب أكثر من الواقع الأمريكي الحالي وبكل تناقضاته، والاستفادة من التقاليد والإضافات التي حققتها السينما الوثائقية على مستوى تطور أساليبها وفكرها.
لا جدال في أن الجدل الذي أثير بحقه في أوساط السود من المخرجين والفنانين هو جدل بيزنطي فارغ وعقيم، لأن تاريخ أمريكا الأسود ليس ملكاً لشعب أمريكا الأسود وحده من السود، بل ملك للبيض أيضاً والبشرية جمعاء، وكما قال الشاعر العظيم بابلو نيرود (إهانة أي إنسان في العالم ومهما كانت جنسيته أو عرقه، شكله أو لون جلده، هي إهانة في حق البشرية جمعاء).
فيلم (ديترويت) لكاترين بيلو ومن هذا المنظور هو فيلم عن (كرامة الإنسان) الذي يعذب ويشرد ويعتقل ويقتل الآن، في أجزاء كثيرة من عالمنا، من دون أن يقترف جرماً.

عن مجلة " المجلة العربية " الشهرية العدد 504 اكتوبر 2018