الاثنين، أبريل 26، 2010

السينما العربية من ضياع الحلم الى إستعادته بقلم حكمت الحاج

لقطة من فيلم " خلطة فوزية " لمجدي احمد علي


ما انفردت به السينما المصرية تمسكها بالرؤية الصحيحة.



السينما العربية من ضياع الحلم إلى استعادته




بقلم




* حكمت الحاج




إن الكتابات الحافلة حول السينما العربية، كانت تفترض دائما أن هذا المصطلح يضم تحت جوانحه كل ما يُصنع في العالم العربي من أفلام. واليوم بعد انهيار صناعة السينما القومية، بما يعني المصرية تحديدا، نرى إننا في حالة مواجهة تحليلية مع تلك الكتابات التي لم تقم بتقديم تفسيرات واضحة فكريا وجماليا حول السؤال التالي: لماذا اضمحلت السينما المصرية، ولم تزدهر السينماءات القُطرية العربية الأخرى؟


السينما المصرية "موليوود العرب" إنفردت بالكثرة والجهور

إننا لا نريد أن نقول إن السينما الحقيقية هي ابتكار مصري خالص، بل ربما العكس هو الصحيح. فالتونسيون والسوريون والجزائريون ومن ثم المغاربة، كانوا أيضا من أوائل من اجترحوا صيغا مثلى للسينما في الفضاء العربي. لكنهم وبإصرار غريب، لم يغادروا أبدا الندرة في الإنتاج والاستبعاد المتقصد للجمهور عبر تناول موضوعات بعيدة عنه وطرق أساليب تعبير سينمائية مليئة بالتنطع الثقافي النخبوي. أما الذي انفردت به "هوليوود العرب"، أي مصر، التي اقترح أن نسميها من الآن "موليوود" تكريما لتاريخها في الصناعة السينمائية وأسوة بنظيرتها الشرقية الأخرى "بوليوود" أي الهند، أقول، ما انفردت به السينما المصرية كان تمسكها بالرؤية الصحيحة وحدها دون غيرها في مجال التصنيع السينمائي متمثلة في الثنائية المتراكبة مع بعضها البعض جدليا، ألا وهي الكثرة والجمهور، ولم تسمح أبدا بالخروج على هذا النهج إلا في حدود ضيقة جدا من الإبداع المتقون على أيدي فنانين قلائل كبار. وللأسف فإنه ما إن تبلورت موليوود (مصر السينما) كتيار رئيس للصناعة السينمائية، حتى جاء رد الفعل العكسي من الجميع في باقي العواصم العربية، فذهبوا يعملون فى صيغ إنتاجية وجمالية بديلة تحت شعارات مثل الوطنية والتاريخية والشاعرية والتجريبية والتجديدية وسينما المؤلف خاصة، وهى مبادرات جميعها لم تولي اهتماما لا للكثرة في الإنتاج ولا لاجتذاب الجمهور لصالات السينما، بل وجمعها شيء آخر، إضافة إلى الاعتياش الطفيلي على الدعم الحكومي في تلك البلدان العربية، ألا هو الفشل الحتمي وغير القابل للنقاش .

لقد تفننت "موليوود" عبر تاريخها العتيد في تقديم كل أنواع الخطاب السينمائي الموجه إلى الجماهير داخل مصر وخارجها. وهكذا شاهدنا الفيلم الكوميدي والفيلم السياسي والأفلام الحربية وأفلام الدراما والرومانسية والأفلام الاستعراضية والغنائية وأفلام المقاولات وأفلام الانفتاح الاقتصادي وأفلام الهشك بشك حسب التوصيف المصري الذكي اللماح. وأصبح الممثلون المصريون والممثلات نجوما ونجمات من المحيط إلى الخليج، يتبارك الناس بأسمائهم ويطلقونها على مواليدهم الجدد. بل وأضحت اللهجة المصرية بفعل هذه السينما الشعبية هي اللهجة التي يفهمها ويتكلمها كل العرب في كل مكان.

واليوم لا يختلف اثنان على إن السينما المصرية (موليوود) تتراجع بشكل لم يسبق له مثيل من جميع النواحي البشرية والتقنية والفنية والتجارية والفكرية. ولكن في الجهة المقابلة لا نشهد تقدما يذكر في السينماءات العربية الأخرى بخلاف اشتراكها في جل المهرجانات الإقليمية والدولية والقارية، الكبيرة والصغيرة حتى المجهولة منها، وحيازة بعض أفلامها على جوائز وتنويهات وتقريضات نقدية لكن بلا جمهور.

إن البعض من المتابعين يعزون هذا التراجع وذلك الركود إلى أسباب متعددة لعل من أهمها صعود المد الديني في المنطقة بأسرها وغلبة التلفزيون ومسلسلاته، وضعف القدرة الشرائية للمواطن وتزايد سطوة الرقابات في البلدان العربية وبشكل خاص في مصر. لكنني أرى إننا مدعوون إلى اعتبار إن السبب الرئيسي لانهيار السينما العربية إنما يعود في الأساس إلى غياب الحلم وانحساره على الشاشة الكبيرة. لقد بات الواقع المعاش بكل قرفه وشؤمه وانحطاط مستواه اللغوي وسقوط قيمه الإنسانية هو المادة الرئيسية لأفلام السنوات الأخيرة مما أدى إلى عزوف المشاهد العائش في واقع مرير قاتل للأحلام، عن سينما تحاول أن تعيد إنتاج واقعه المرير مرة أخرى بلا حلم ولا أمل.


لقطة من فيلم " الزمن الباقي" للفلسطيني إيليا سليمان

إن النقاد والكتاب والإعلاميين وكل العاملين في الشأن السينمائي العربي والمعنيين به مدعوون إلى تحديد معنى التفاهة والسطحية في السينما وتمييزها عن العمق والأصالة على وفق فرز وتصنيف يضع الحلم الإنساني المشروع مقياسا لذلك. وعندما نصل جميعا وعلى سبيل المثال إلى القناعة بأن أفلام مخرجين مثل يوسف شاهين وخالد يوسف وإيناس الدغيدي هي أفلام تافهة وسطحية مليئة بالكذب وخالية من الحلم نستطيع عندها أن ندشن عهدا جديدا لعودة الجمهور إلى السينما وصالات العرض السينمائية. ليس لمشاهدة أفكار سقيمة تتراقص على القماشة البيضاء الساحرة، فالأفكار متناثرة على الطريق كما قال الجاحظ ذلك قبل أكثر من ألف عام، بل لمشاهدة أحلامه وآماله تتجسد أمامه بشكل درامي عميق أو كوميدي ساخر إنما في هذا وذاك بتعبير فني كله تشويق وسحر وجذب للانتباه. وإن من البيان لسحرا.

____________________________________

* ناقد من العراق يقيم في لندن

hikmetelhadj@gmail.com

السبت، أبريل 24، 2010

سينما إيزيس لماذا ؟ بقلم نديم جرجورة

لقطة من فيلم " لص بغداد " من ضمن الافلام التي شاهدها هاشم في قاعة سينما ايزيس قبل ان تتحول الي مصنع حلاوة

صلاح هاشم


سينما إيزيس في جريدة " السفير " اللبنانية




مدوّنة «سينما إيزيس»

تطمح الى سينما تشبهنا



صلاح هاشم : نريد بديلا من الهراء

الذي يُسمَّى ثقافة السينما




حاوره : نديم جرجورة



يُقيم الناقد السينمائي المصري صلاح هاشم في باريس، ويتابع واقع السينما الغربية والعربية على حدّ سواء، في مقالاته النقدية وكتبه المتفرّقة. في آب ,2005 أطلق مدوّنة سينمائية باسم «سينما إيزيس»، استناداً إلى رغبته في إصدار مجلة سينمائية متكاملة تُقدّم وجهات نظر سجالية مختلفة

ما الذي دفعك إلى إصدار مجلة (مدوّنة) سينمائية عربية في مرحلة تتّسم بارتباك كبير على مستوى الإنتاج السينمائي العربي السوي؟

كان الدافع إلى إنشاء مدوّنة «سينما إيزيس» في آب 2005 على شبكة «إنترنت» أن تكون تحيةً إلى دار عرض «سينما إيزيس» في حي السيدة زينب في القاهرة، أحد أهم الأحياء الشعبية فيها وأعرقها، التي كانت تعرض أفلاماً أجنبية فقط بترجمة لأنيس عبيد، وكانت بمثابة مدرسة سينما لي ولأقراني في فترة الخمسينيات، حيث شاهدنا فيها روائع السينما الأميركية في تلك الفترة. لكنها، في عصر الانفتاح الاقتصادي الساداتي، تحوّلت الى «خرابة» مهجورة مثل الأشياء الأصيلة كلّها في حياتنا. حفّزتني أفلامها على الكتابة، إذ لولا تلك الأفلام، التي فتحت أمامي نافذة على العالم، لما انطلقت في الإبداع، ولما اخترت أن أكون كاتباً. أردتُ من تأسيس مدوّنة «سينما ايزيس» أن تكون قاعة عرض مفتوحة على العالم من دون أن تغادر مقعدك. أردتها أن تُذكّر بتلك القاعة التي وسّعت مداركنا وغذّت مخيّلتنا وألهبتها. رغبتُ في أن تحافظ على ذاكرتها، وعلى مجد السينما التي صنعتنا، وعلى ذكريات تلك الأفلام العظيمة التي شاهدناها في تلك القاعة، بعد أن صارت الآن جزءاً منا، زارعةً فينا سحر الضوء، وذلك التوهّج والتألّق والوميض
اختراع النظرة

هناك دافع آخر: التواصل مع القارئ العربي المهتمّ بالشأن السينمائي الجاد. أردت أن تكون المدوّنة حلقة تواصل للتعريف باتجاهات السينما الجديدة وتياراتها، اذ تتقدّم السينما التي اعتبرها أداة تفكير في مشاكل ومتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية في العالم، وتقترب أكثر من الشعر والفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع والأدب وعلم النفس، وتتواصل مع تلك العلوم، بينما تتخلّف في بلادنا وتعاني «ارتباكاً كبيراً على مستوى الانتاج السينمائي السوي»، كما قلتَ في سؤالك، بسبب عزلتنا وتخلّفنا وتقوقعنا على أنفسنا. أردتها أن تكون شاهداً على ما يحدث في تلك المنطقة الحرّة (باريس)، وأن تُبلّغ بما يحدث (هناك أكثر من مئتي مهرجان سينمائي في فرنسا تحتاج تغطيتها والكتابة عنها إلى جيش جرّار)، انطلاقاً من أن الحديث عن الأعمال السينمائية الجديدة التي تُعرض هنا، وإن لم تُتَح للمواطن العربي مشاهدتها، أساسي وضروري. أردتُ لهذه الشهادة المرئية والروحانية أيضاً (المدوّنة)، باعتبار أن السينما كما أتمثّلها حضارة للسلوك في الأساس، أن تكون محاولة شخصية وفردية لكنس «الهراء العام» الذي يمثّل المادة الأساسية لما تبثّه غالبية صحفنا وأجهزتنا الإعلامية ومحطاتنا التلفزيونية المصرية والعربية، التي تجهل الشأن السينمائي. لهذا كلّه، أركّز في كتاباتي على محاولات ترى أن السينما تكمن في اختراع النظرة، وليست للترفيه والتسلية ودغدغة المشاعر والعواطف لتغريبنا عن أنفسنا ومجتمعاتنا. أردتُ المدوّنة مساحة للتعبير تُعنى أساساً بفكر السينما المعاصرة، لأن ما يهمّني كامنٌ في «كيف تفكر السينما في تطوير فن السينما نفسه»، من خلال التجريب والابتكار والاختراع (اختراع النظرة)، وكيف يضيف كل فيلم جديد إلى التراث السينمائي العالمي، ويتواصل مع التقاليد التي أرساها كبار السينمائيين المخرجين، «حكواتية» عصرنا، من هوميروس اليوناني إلى فيلّيني وستانلي كيوبريك وغريفيث وهيتشكوك وبونويل ومحفوظ وساتياجيت راي وصلاح أبو سيف وغيرهم. أردتها أن تصبح مشروعاً في طور التكوين والتحقّق مفتوح على التجريب والتطوير في كل لحظة، بما يتلاءم والأحوال والظروف والمتغيرات الجديدة، وضد كل ما هو ثابت وتقليدي ومحافظ ومتحجّر وجامد وبلا حياة

ما الذي دفعك إلى إصدار المجلة إلكترونياً وليس كمطبوعة ورقية؟ وهل تعتقد أن وسيلة التواصل الإلكتروني أفضل من المطبوعة الورقية؟

وسيلة الاتصال الإلكتروني أفضل وأسرع من المطبوعة، لأنها مجانية أولاً، وتوفّر إمكانيات لا حدود لها في الحفظ والمراجعة والأرشفة والتطوير ثانياً، فتضع العالم كلّه بين يديك (مثل السينما) في لحظة واحدة، و«بكبسة زرّ». فالوسائل الإلكترونية سبّاقة في نشر الصورة والخبر والتعليق والتحليل والرأي، في حين أن عهد الإعلام الموجَّه الخاضع للحكومات والسلطات انتهى، وفقدت المجلات والصحف الحكومية مصداقيتها، وأصبح الإعلام الرسمي الآن مثار سخرية وتهكّم. كما أنها تتيح للقارئ التعقيب والتعليق على ما تبثّه وتكتبه وتنشره المدوّنات، فتخلق بذلك «تفاعلية تبادلية» أوسع ومشاركة أكبر، بالحوار الديموقراطي المثمر والبنّاء والمتبادل والمفتوح على الاحتمالات كلّها، متمنّياً أن تتسع حلقة التواصل هذه عبر سينما إيزيس»
جرأة الاكتشاف
إلى أي مدى يُمكن القول إن «سينما إيزيس» نجحت في استقطاب القرّاء المهتمّين بالشأن السينمائي بجانبيه الثقافي والفني؟
ربما نجحت «سينما إيزيس»، التي يتردّد عليها أكثر من مئة شخص يومياً منذ تأسيسها، في أن تصدم البعض، بل قل الكثيرين، بأفكارها وكتاباتها الجريئة المغايرة. ربما نجحت أيضاً إلى حدّ ما في أن تكون كشّافاً واكتشافاً، وأن تعبّر وتنطق بما لا يستطيع البعض أن ينطق به، بسبب صراحتها وحريتها وجرأتها. لـ«سينما إيزيس» نكهة وطعم خاصّان، وهذا بالضبط ما يميّزها. من الطبيعي أن يكشف كل موقع عن صورة صاحبه ويأخذ من نفسه وتاريخه وروحه وفلسفته ورؤيته للعالم، لذا تطرح «سينما إيزيس» «صورة» تشبهنا، كما تطمح إلى أن تقدّم سينماتنا أيضا صورة قريبة من واقعنا. ربما حفّزت «سينما إيزيس» على هذا المنحى ودفعت باتجاهه وشجّعت على تأسيس وخلق مواقع سينمائية جديدة وبديلة محل «الهراء العام» الذي يُرَوَّج له باسم ثقافة السينما

في هذا الإطار، كيف تنظر إلى الواقع الحالي لـ«المواقع والمدوّنات الإلكترونية العربية»؟ وبرأيك، ما هو الهدف من إصدار» هذه المواقع والمدوّنات؟

الواقع الحالي يكشف عن إمكانيات محدودة جداً في التطوير، بسبب ضعف الميزانيات المالية المخصّصة بالمواقع، خصوصاً المواقع الجماعية المعبّرة عن مجموعة بعينها. لذلك، نجد أن هناك إقبالاً أكبر وأكثر على المواقع الفردية، فزيارة الموقع الشخصي تكون بمثابة تحية ورغبة في الالتقاء بصديق، تعرّفت عليه وأُعجبت بكتاباته وأحببتها، مثل موقع الناقد اللبناني محمد رضا «ظلال وأشباح»، أو موقع «سينماتيك» الضروري لصاحبه الناقد البحريني حسن حداد، الذي صار الآن مرجعا أرشيفياً مهماً لجلّ الكتابات المهمة عن السينما. ذلك أن الموقع الشخصي ينهل من تاريخ صاحبه وسيرته وأسلوبه وروحه، في حين تضيع هذه اللقطة في المواقع الجماعية، فلا تحسّ فيها بنَفَس أحد، وتحل محلها اللقطات الكبيرة العامة. هناك مواقع تأسّست بمبادرة من مهرجان ما، مثل موقع «شبكة السينما العربية» الذي أطلقه «مهرجان الفيلم العربي في روتردام» بإشراف الناقد المصري أشرف البيومي، الذي حقّق إنجازاً مهمّاً (ونجح فيه) لجهة التعريف بالأحداث السينمائية في العالم العربي، من خلال المتابعة الخبرية الرصينة والجادة، والساعية الى تلبية حاجة ما. إن المواقع الشخصية يُصرِف صاحبها عليها من جيبه الخاص، وتكون مطبوعة ببصمته. الأهمّ أن تخلق المواقع وبخاصة الشخصية حاجات، وأن يكون هناك نَفَس فردي شخصي. إن مدونة فلان هي عطره. وأعتقد أن الهدف الأسمى للمدوّنات كلّها أن نُقبل على السينما وأن نحبها أكثر، لأن وظيفة السينما كما نراها في مدوّنة «سينما إيزيس» أن تقف ضد الظلم في العالم، وأن تطوّر فن السينما نفسه، وأن تقرّبنا أكثر من إنسانيتنا. إلى أي مـــدى تعتبر أن وسيلة التواصــل هذه قادرة على جذب قرّاء مهتمّين بالشأن السينـمائي؟ أعتقد أن المواقع والمدوّنات قادرة على جذب قرّاء أكثر لو توفّر لها الدعم المالي غير المشروط للتطوير المستمر. إن طموح «سينما إيزيس» أكبر من أن تكون مجرد مدوّنة، لأنها أصلاً مشروع سينمائي يهدف إلى إصدار مجلة سينمائية فصلية بعنوان «نظرية الفيلم» قدّمته الى مؤسسة ثقافية عربية ثم نام في «الدُرْج». الهدف من تأسيس «سينما إيزيس» أن تكون صورة مصغّرة عن مشروع المجلة. لذلك أقول إن المدوّنة مشروع في طور التحقّق

استقلالية وحرية

ما هي أبرز القضايا السينمائية العربية/الأجنبية التي تثير اهتمامك، والتي تثير اهتمام قرّائك؟

أبرز القضايا التي تهتم بها «سينما إيزيس» هي «استقلالية» الفكر وحرية التعبير والحثّ على خوض مغامرة الكتابة عن الأفلام، وأهمية ارتباط السينما بواقع وتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية. تهتمّ المدوّنة بالأفكار ومقالات الرأي أكثر من اهتمامها بالأخبار. تحب الاشتباك، وتحبّ أن تكون مثيرةً للحوار والجدل. تنحاز إلى سينما الواقع التسجيلية وتشجّع على صنعها وعلى تركيب أفلام صغيرة من دون «فلوس»، وهي تحكي عن محاولات صنع أفلام بهذه الطريقة بكاميرا «ديجيتال» صغيرة ومن لا شيء. نريد لمخرجينا الشباب أن يقوموا بجمع تلك الأفلام الكثيرة التي تحكي عن همومنا وعذاباتنا وتوثق حياتنا. تحب «سينما إيزيس» الأفلام الروائية التي تستفيد من إنجازات الفيلم التسجيلي، كما في أفلام الإيطالي ناني موريتي والأميركي جيم جارموش والإيراني عباس كياروستمي، فتمزج بين الروائي والتسجيلي في آن واحد. تهتمّ بقضية الأرشيف السينمائي للمحافظة على تاريخنا وذاكرتنا، وتعتبر أنه لا يمكن الحديث عن أي سينما أو قيام أي نهضة سينمائية حقيقية في عالمنا العربي، طالما أن قضية الأرشيف السينمائي في كل بلد عربي لا تزال مؤجّلة ومهمَلة. تريد أن تصبح الأفلام، أفلامنا، مثل السير في حقل ألغام، بدلاً من تلك الترهات والسخافات المصوّرة والعقيمة في أعمال يصنعها «ترزية» السيناريوهات في بلادنا، تقذفنا بها شاشات التلفزيون العربية في كل لحظة، وجميعها يمكن أن يُلقى به في صناديق القمامة. تريد أن تُعلي أفلامنا كرامة الإنسان في بلادنا، بصنع أفلام سهلة وواضحة وسينمائية وبسيطة، تأسرنا ببساطتها وتشدّنا إليها بعذوبتها، كاللبناني «سكّر بنات» لنادين لبكي. نريد للسينما (وهذه قضيتنا) أن تصبح «صورة» تشبهنا و«ضرورة» في حياتنا، فبلد بلا سينما كبيت بلا مرآة، كما يقول برتولت بريخت. في مقابل هذا كلّه، أعتقد أن أغلب إنتاجاتنا السينمائية العربية الحالية لا يشبهنا في أي شيء

عن جرية " السفير " اللبنانية بتاريخ 24 اكتوبر
2007

الجمعة، أبريل 23، 2010

فن الترجمة لأهداف سويف سلسلة محاضرات في الجامعة الامريكية مصر





فن الترجمة

عندما يكون المترجم مؤلفا


سلسلة محاضرات بعنوان " المؤلف كمترجم "

للدكتورة الروائية أهداف سويف

في الجامعة الامريكية بالقاهرة


بقلم صلاح هاشم


تنظم الجامعة الامريكية بالقاهرة مصر اعتبارا من يوم الاربعاء 28 ابريل 2010 سلسلة محاضرات في فن الترجمة بعنوان " المؤلف كمترجم " للدكتورة الروائية المصرية العالمية أهداف سويف التي ترجمت بعض رواياتها التي تكتبها بالانجليزية ( وهي خريجة قسم انجليزي بجامعة القاهرة مصر في فترة الستينيات وابنة د. فاطمة موسي ود.مصطفي سويف) ترجمت الى العربية ، كما تم اقتباس بعض قصصها القصيرة للسينما في مصر ، و المعروف ان أهداف سويف الي جانب اشتغالها على الرواية ، تكتب ايضا كمعلقة سياسية في بعض الجرائد الانجليزية مثل جريدة " الاندبندانت " اليسارية المعروفة، وبخاصة في مايخص قضايا الشرق الأوسط عامة وقضية فلسطين بوجه خاص
ان الترجمة في اعتبارنا هي فن وابداع وخلق جديد غير ان معظم الكتب المترجمة وبخاصة في المكتبة السينمائية العربية مثلا مازالت غامضة ومرتبكة وغير مفهومة لأن معظم المترجمين وبخاصة في مؤسسات ومراكز الترجمة المصرية والعربية قد يجيدون اللغة التي يترجمون عنها الا انهم ليسوا من أهل الاختصاص في المادة سينما مسرح فنون جميلة فلسفة علم نفس مادة الكتب التي يقومون بترجمتها اما عن درايتهم باللغة التي يترجمون اليها اي العربية فلا تحدث
لذا تكون ترجماتهم ضعيفة وركيكة وغير مفهومة بالمرة ، بالاضافة الي ان تلك المؤسسات المذكورة تهتم ايضا بالكم اي عدد الكتب المترجمة اكثر من اهتمامها بالكيف ، و كانت استاذتي في الجامعة د.فاطمة موسي رحمها الله اثناء زيارة لي الي مصر حذرتني من التعامل مع تلك المؤسسات وبخاصة اذا عرضت علي ان اقوم بمراجعة اية ترجمات عن الانجليزية لأني سوف اكتشف في التو ان الكتاب المترجم يحتاج ليس الي مراجعة فقط بل يحتاج الي ترجمة جديدة او ترجمته من جديد في حين تدفع لك المؤسسة مكافأة المراجعة فقط ويكون المترجم الخسيس حصل على مكافأته و ذهب يتفسح في أجازة براحته ولذلك نقول هنا ان بعض الكتب و الروايات المترجمة لن تجد فيها اي شييء البتة سوي عناوينها الموضوعة علي الغلاف وتستحق ان تلقي بسرعة في اقرب سلة مهملات
هل لدينا " حركة ترجمة " في العالم العربي ؟ أشك في ذلك فما زلنا متأخرين جدا في هذا المجال ، و لذلك يتقدم العالم من حولنا ويتطور ، من منطلق ان الترجمة احد ابرز العناصر في قيام نهضة فكرية تنويرية أصيلة الله يرحمك يا طهطاوي ، و مازلنا نحن في بلادنا محلك سر، لكن هناك في نهاية النفق المظلم بصيص من نور، و بخاصة في ما يتعلق بمصر يتمثل في قيام مركز قومي للترجمة في البلاد يترأسه د.جابر عصفور حقق لاشك بعض الانجازات المهمة في هذا المضمار، و استحداثه لجائزة " الطهطاوي" في الترجمة
وعودة الى سلسلة محاضرات " المؤلف كمترجم " لأهداف سويف، ننوه هنا بأنها ستبدأ يوم الاربعاء الموافق 28 ابريل على الساعة السادسة مساء في "القاعة الشرقية " بالجامعة الامريكية بالقاهرة ( وسط البلد ) مصر وهي تستحق المتابعة والحضور عن جدارة


الثلاثاء، أبريل 20، 2010

مقال نقدي يثير سخطا في البرلمان اليمني ودعوة للتضامن مع العقبي





وصلتنا الرسالة المرفقة من الزميل الناقد السينمائي البحريني حسن حداد ، صاحب ومؤسس موقع " سينماتيك" الموجود ضمن مواقعنا الصديقة المفضلة، ويطالب فيها حداد بالتضامن مع السينمائي اليمني حميد عقبي ، و نحن ننشر هنا رسالته بالكامل ، ومقال عقبي الذي أثار غضب البرلمانيين اليمنيين






من أجل حرية الفكر





دعوة للتضامن مع السينمائي اليمني

حميد عقبي



مقال نقدي


لفيلم حين ميسرة



يثير سخط البرلمان اليمني



و خطباء الجوامع








مازال الشارع اليمني بكل فئاته مشغول بتطورات القضية التي اثارتها كتلة من النواب التابعين لحزب الاصلاح الديني باليمن وذلك بسبب مقال نقدي للمخرج السينمائي اليني حميد عقبي المقيم بفرنسا والذي تناول عبر حلقات دراسة نقدية حول فيلم "حين ميسرة" بعنوان "المضمون الاجتماعي والسياسي والاغراء الجنسي في افلام خالد يوسف"، وركز المعترضين على الحلقة الاخيرة المنشورة في 21 مارس الماضي في العدد 524 بصحيفة الثقافية التي تصدر عن مؤسسة الجمهورية الرسمية بتعز، ويعتبر المعترضون ان الكاتب نادى بسن قوانيين تبيح زواج المثلية باليمن وتدعو للرذيلة والاباحية الجنسية، وتم ماقشة الموضوع تحت قبة البرلمان اليمني في يوم 7 ابريل وأثار سخط الاعضاء وتم تحرير مذكرة الى وزير الاعلام من رئاسة البرلمان تطالبة باغلاق الصحيفة والتحقيق مع المسؤولين، وعلى اثرها اصدر سمير اليوسفي رئيس مؤسسة الجمهورية قرار بايقاف الصحيفة وتحويل طاقم التحرير الى التحقيق. ورغم اغلاق الصحيفة الا ان ردود الفعل انتقلت الى الجوامع والمساجد في صنعاء وعدد من المدن اليمنية الكبرى تطالب باصدار اقصى العقوبة على الكاتب عقبي باعتباره يدعو للاباحية وسرعة محاكمته. كما تم تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق من المنتظر ان ترفع تقريرها خلال ايام وتحويل القضية الى النيابة والمحكمة.

ويدور نقاش واسع في الكثير من المنتديات الاليكترونية والشارع اليمني، وتم توزيع منشورات تكفر المخرج السينمائي حميد عقبي وتطالب باباحة دمه. هذا وقد اكد عقبي الموجود حاليا بفرنسا انه لن يعتذر وان ما طرحة وجهة نظر تدعو لفهم ظاهرة المثلية الجنسية ومعالجتها باسلوب علمي وعصري وانساني وضرورة التوسع في القوانيين المدنية التي تدعم الحرية الاجتماعية وعدم التفريق بين الناس بغض النظر عن الدين او اللون او الهوية الجنسية، كما طالب بضرورة التفريق بين المثلية الجنسية والاستغلال الجنسي للقاصرين والقاصرات، وتناول في الدراسة صورة المثلي الجنسي بالسينما العربية باعتبارها ضعيفة وممقوته وهشة.

الجدير بالذكر ان حميد عقبي مخرج سينمائي يمني مقيم، وهذه دعوة من موقع "سينماتك" للتضامن معه وضد الحجر على حرية الفكر والتعبير عن الرأي في الوطن العربي.





مقال العقبي







المضمون الاجتماعي والسياسي



والإغراء الجنسي



في أفلام خالد يوسف



بقلم


حميد عقبي



الحلقة الأخيرة




المخرج السينمائي المصري الأكثر إثارة خالد يوسف والذي لم يسلم من النقد والتشهير باعتباره مروجاً للفاحشة والفساد وخصوصاً في فيلمه "حين ميسرة " حيث أثار مشهد السحاق اعتراضات واحتجاجات من جهات عديدة، ومن وجهة نظر المخرج أن الفنان والسينمائي عليه أن يتوغل في عمق الواقع الاجتماعي وإظهار مشهد جنسي فاحش أوعنيف هو جزء من قراءته للواقع وخصوصاً مجتمع العشوائيات الفقير والبائس.

نود أن نختم هذا الملف مع فيلم "حين ميسرة" للفنان خالد يوسف وذلك كون لدينا مواد مهمة في الاسابيع القادمة، وسوف نتناول المحاور الثلاثة الباقية وهي السلطة، والارهاب، والطبقة البرجوازية، وقد ورث خالد يوسف عن استاذه يوسف شاهين مسالة مقارعة السلطة ولكنه بالطبع أقل شجاعة من استاذه، كون العملاق يوسف شاهين كان لا ينقل الواقع بل يعري السلطة ويفضحها بشكل فني مدهش ولم يكن يخاف سلطة الرقيب وجبروته ولا نجد في أفلامه مداهنة أو نفاقاً اوتصالحاً بل كان كل فيلم بمثابة ضربة قوية لفضح ديكتاتورية وعنف هذه السلطة وخوائها الفكري والروحي واللإنساني في التعامل مع الناس باعتبارهم عبيداً وليسوا شعباً من حقه أن يعيش كبقية الشعوب الحرة.

السلطة هنا في فيلم "حين ميسرة "تستغل حشيشة وغيره ليكون جاسوساً وتعطيه بعض السلطات ليصبح فتوة الحي بشرط ان يظل عينها وخصوصاً على الفئة الارهابية والتي أصبحت تمثل خطراً حقيقياً على الاستقرار السياسي وتوجه ضربات موجعة اقتصادية وهي اي هذه الفئات الارهابية تأخذ من الأحياء الفقيرة العشوائية ملاذاً آمناً كي تختفي في شكل خلايا وهي مدعومة من جهات غربية ولم يوضح الفيلم اهداف هذه الفئات بالضبط وما هي مطالبها وجذورها وافكارها.. يظهر في هذا الفيلم أن السلطة أي الشرطة غير قادرة على فهم هذا المجتمع والتعامل معه وتفتقد لرؤية واضحة علمية ومدروسة المهم هو تنفيذ التعاليم التي تأتي من السلطات العليا والحصول على مكاسب وترقيات هناك خلل لدى السلطة وعدم فهم واضح للمجتمع العشوائي فالقوة وحدها لا يمكن أن تمنع الجرائم دون علاج ناجع لمشاكل الانسان واحتياجاته الضرورية مثل الصحة والتعليم والثقافة والعمل والشعور بالأمان أو الشعور بالوجود وجمال الحياة، والاجرام يجد ملاذاً جيداً في اوساط المجتمعات الفقيرة والجاهلة وغير المثقفة وتتحول هذه المجتمعات الى أرضية خصبة للارهاب والجريمة وهذا ناقوس الخطر الذي يهدد معظم مجتمعاتنا العربية، فالحكام يستأثرون بالمال والثروة والخيرات ويدعون شعوبهم في دائرة الفقر والجهل والمرض مما ينتج عنه شعور بالضياع والعودة للعصر الهمجي حيث القوة هي المعيار وينتزع حشيشة السلطة المحلية داخل هذا المجتمع العشوائي بالقوة باحراق تاجر الحشيش واعوانه وكما سبق وقلنا خالد يوسف من خلال هذا العنصر حاول خلق شخصية ملحمية أي بطل لكننا لم نفهم هذا البطل جيداً ولم نتعمق الى دواخله وظل هناك فراغ في هذه الشخصية وخلل الى نهاية الفيلم.. الفئة الارهابية في هذا الفيلم ظهرت مختفية ومتاورية عن الانظار وتتخذ من مجتمع العشوائيات مجرد ستار بشري وهي لا تتدخل في الحياة العامة، وهذا قد لا يكون صحيحاً كون الجهات الدينية المتطرفة والرديكالية دائما تفضل المجتمعات الفقيرة وتحاول السيطرة عليها وفرض قوانينها وهي تستغل الفقر والحاجة وهذا يحدث في مدن كثيرة ، مثلاً اليمن نجد بعض الجهات الدينية تقوم بتاسيس جمعيات ومعاهد دينية لنشر فكرها ومسخ المجتمع بنشر العنف والفوضاء والقسوة والتركيز على الشباب وتحويلهم الى حيونات مفترسة لا انسانية والترويج للجهاد والخلافة الاسلامية وقتل أعداء الإسلام، أي أن شخصاً يخالفهم بالفكر يصبح عدواً لله ، وهم ليس لديهم استعداد للفهم والحوار بل للقتل والتدمير لكل ما هو حضاري وانساني وروحي.

إن هذه الفئة تهدد مجتمعاتنا والانسانية بشكل عام كونهم اعداء للحياة والتحرر والثقافة والفن والاستقرار وهي تجد مرتعاً خصباً بسبب الانظمة الديكتاتورية وغياب الديمقراطية والتنمية والحل الوحيد هو مزيد من الحريات والتنمية وتشجيع الثقافة والفنون والتعليم من أجل اسئصال هذه الفئة والقوة وحدها قد لا تنفع، ومصيبتنا في العالم العربي اننا لا نفكر بعقلية علمية لحل مشاكلنا ونعيش تحت وطأة أنظمة مستبدة ومتهالكة يسودها الفساد.. الطبقة البرجوازية هي الاخرى تجد في هذه المجتمعات الفقيرة والعشوائية مجرد مصدر للذة الجنسية، وناهد دلالة واضحة ومشهد الاغتصاب يحاول اظهار مدى قسوة وعنف الطبقة البرجوازية واستغلالها، فناهد مجرد جسد ينهشه هؤلاء ولا يفكرون في مشاعرها كإنسانة .وهذه الطبقة أيضاً ضائعة وخاوية روحياً وليس لديها أدنى مسئولية وكل ما يهمها اللذة الشخصية وهي نتاج فساد عام، وللاسف في مجتمعاتنا العربية اصبحت هي الشريك الاول في السلطة أي انضم الفساد للفساد لتشكيل لوحة لا مكان فيها للروح ، لا مكان فيها للفقراء، لا مكان فيها للحرية الاجتماعية ، وهذه الطبقة المترفة ليس لديها اخلاق أو قيم أو دين وهي مستعدة لانتهاك كل الحرمات وتدنيس الروح وهي مدعومة بالمال والسلطة وقد ظهرت الطبقة البرجوازية بشكل بسيط في هذا الفيلم لكنها موجودة من خلال مشاهد أخرى في الحارة الشعبية وهي سبب كل البلاء والبؤس الإنساني.. خالد يوسف يرى أن الخطر الذي يهدد استقرار المجتمع المصري والعربي هو ذوبان وسقوط الطبقة المتوسطة الى قاع الفقر ، وهذا يسبب خللاً اجتماعياً وسياسياً فكرياً، ولكل مجتمع أوطبقة سلبياتها واظهار سلبيات المجتمع ليس عيباً ونحن نؤيد هذه النقطة ولا نرى من العيب اظهار مشهد جنسي فاحش أوعنف مقزز كوننا بحاجة الى نوع من الصدمة كي يستيقظ الاحساس فينا ونشعر بالواقع على حقيقته ولا نكتفي بما تنشره الصحف الرسمية من إنجازات وهمية لمشاريع التنمية والتحديث، فالخراب يعم ويسيطر ويقتل فينا اشياء كثيرة وأهمها أدميتنا وإنسانيتنا ولواستمر الحال فسوف نصبح مجتمعات وحشية وخارجه عن إطار الحضارة وللاسف لا توجد مشاريع قوية حضارية في عالمنا العربي والتفاؤل بالتغيير أصبح مجرد وهم أو حلم ساذج ولكن الفنان عليه الا يستسلم ويعرض أفكاره ورؤيته بشكل صادق ومعبر وفني أيضاً .

نختم هذا الملف بالعودة والحديث عن المثلية الجنسية ، وقد تلقيت بعض الرسائل وبعضها كان قاسيا ويظهر ان هناك سوء فهم حول ما تم ذكره في الحلقات السابقة، وأود أن اطرح بكل صراحة ان فئة المثلية الجنسية هي جزء وشريحة من مجتمعاتنا ولا يمكن أن نلغيها أو نستمر في ازدرائها وعزلها، وعلينا ان نطور القوانين المدنية ونوسع من حرية التعبير لتجد هذه الفئة المناخ الملائم للتعبير عن نفسها واندماجها وتفاعلها مع الاخرين ، ففي الغرب والدول المتقدمة توجد مؤسسات عملاقة وجمعيات لحماية هؤلاء ونبذ العنصرية ضدهم وتم سن قوانين عديدة لحمايتهم ومساعداتهم على الاندماج والتعايش مع الفئات الاخرى وهم يطالبون بسن مزيد من القوانين مثل قوانين الزواج من بعضهم البعض والتبني وغيرها من الحقوق المدنية، وعلينا التفريق بين المثلي الجنسي اي الرجل الذي يجد الرغبة في رجل آخر أو امراة تجد الرغبة واللذة في امراة اخرى وتكون علاقتهم مبنية على الحب والاحاسيس وبين الرجل الذي يستغل الصبيان مثلا والقاصرين لسد شبقه الجنسي فهذا الفعل في اغلب القوانين يعد جريمة يعاقب عليها القانون وكذلك المراة التي تستغل القاصرات لغرض جنسي فهذا فعل شنيع ومرفوض ولكن العلاقات المتكافئة أي أن يكون السن متقارباً وتكون العلاقات حميمية وانسانية وهناك مشاعر حب وعشق ورغبة للاستمرار في العلاقة وليس مجرد متعة عابرة والتي أصبحت تنتهي بالزواج أو بنظام اجتماعي معين فيه استقرار ولكل طرف حقوق وواجبات، وأصبحت عقود الزواج المثلية يتم عقدها في الكنائس وبعض الدول مثل السويد مثلا سنت قوانين الزواج المدني بين المثليين وكل يوم يمر يحدث تقدم ويحمل مكاسب جديدة للمثليين وهم يودون العيش بامان واستقرار ولا يعني هذا ان هذه الجمعيات تدعو الناس لسلك نفس السلوك ونشر الرذيلة كما نطلق عليها نحن في الشرق، ورغم قسوة الواقع في العالم العربي بالنسبة لهذه الفئة فقد تحقق انتصارات وتنتزع الاعتراف الرسمي والمدني وربما بعد عشرين عاماً قد يصبح حضور مراسم زواج مثلي جنسي في بلد مثل اليمن أمراً عادياً ليس فيه أي نوع من الغرابة أوالدهشة نحن نعيش في عالم السماوات المفتوحة والتغيرات السريعة ونحن جزء من المجتمع الانساني ولا يمكننا أن نظل معزولين عنه ومن الأفضل ان نناقش مثل هذه القضايا بشكل علمي بعيداً عن سطوة وتاثيرات أخرى كالدين والعادات والتقاليد.

الاثنين، أبريل 19، 2010

البحث عن رفاعة ينفتح علي "الحاضر الإنساني "في مصر.





ثلاث لقطات من فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم




تأجل عرض فيلم " البحث عن رفاعة " الذي كان مقررا أن يعرض اليوم الاثنين 19 ابريل في المركز الثقافي الفرنسي بمصر الجديدة القاهرة مصر ، بسبب توقف حركة الملاحة الجوية في اوروبا ، وتعذر سفر د. لميس عزب بالتالي من باريس الي مصر ، وكانت ستلقي محاضرة عن رفاعة الطهطاوي رائد نهضةمصر الحديثة قبل عرض الفيلم ، وتحكي عنه..
وكانت " سينما ايزيس " شرعت في نشر بعض المقالات النقدية التقيمية عن الفيلم باقلام كبار النقاد والمعلقين قبل عرضه في المركز المذكور ، و من ضمنها المقال المرفق هنا ، وكان مقررا له ان ينشر اليوم ، ويقدم حصاد الندوة التي اقيمت في اعقاب عرض الفيلم يوم 9 يونيو 2008 في جامعة لندن ، و يعرض للافكار الاساسية لمخرجه، والأسباب التي دفعته لانجازه ، وكيف أشتغل عليه






فيلم " البحث عن رفاعة " ينفتح


وهو يناقش


أفكار الطهطاوي


علي " الحاضر " الإنساني في مصر


إيلاف.خاص


عرض يوم الاثنين الفائت، التاسع من شهر يونيو2008، في مدرسة الدراسات الإفريقية والشرقية بجامعة لندن، فيلم الناقد والكاتب المصري صلاح هاشم " البحث عن رفاعة "، الفيلم الذي أنتجته " مجموعة نجاح كرم للخدمات الاعلامية " بالكويت، قام بتصويره ومونتاج سامي لمع. بعد عرض الفيلم ، فتح النقاش حول الفيلم بحضور المخرج صلاح هاشم والمصور سامي لمع والدكتور صبري حافظ أستاذ الأدب العربي الحديث بالجامعة، وأستاذ الأدب المقارن الدكتور أيمن الدسوقي

استقبل الفيلم بترحاب كبير، بسبب القضايا الفكرية والفلسفية التي يعرض لها، وتوهجه وشكله الفني أيضا، حيث يقدم " رفاعة " بأسلوب موسيقي الجاز ، وينفتح علي المنظر الطبيعي و" الحاضر " الإنساني في مصر، ويدخل إلي الزحام من دون خوف ، في القاهرة وطهطا وأسيوط، ويمتزج أثناء بحثه عن رفاعة في ربوع مصر بالحشد الإنساني

وكان هناك إجماع من خلال مداخلات الحاضرين ، علي أن الفيلم قد حفزهم أيضا علي التفكير والتأمل في " حاضر " مجتمعاتنا العربية وتناقضاتها ، في بحثها عن " هوية " ومستقبل ومصير، و هي تواجه أشرس صعود للتيارات والجماعات الدينية السلفية الظلامية المتطرفة ، التي تريد العودة بنا إلي عصور التخلف والجاهلية ، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وما تبعها من غزو "بوش " للعراق، و في إطار المتغيرات الجديدة المتلاحقة التي نعيشها كل يوم في عصر العولمة

وكان صلاح هاشم مخرج الفيلم ، نوه في مداخلته بالمتاعب التي تجشمها في صنعه ، حيث صور أكثر من عشرين ساعة في القاهرة وطهطا وأسيوط، واستغرق العمل في مونتاج الفيلم أكثر من ستة شهور بين باريس وكوبنهاجن، وذكر أن الهدف من صنع الفيلم ، لم يكن نوعا من التكريس ل " عبادة البطل " او إقامة التماثيل لشخصية رفاعة الطهطاوي المعلم والمفكر الإنسان ورائد نهضة مصر الحديثة

بل التحفيز علي التفكير في " فكر " رفاعة ، و أفكاره و معتقداته الأساسية، بخصوص مفاهيم ومعاني النهضة والتقدم ، وحرية المرأة ، ودور المثقف ، وحقوق الإنسان..

وذكر صلاح هاشم في مداخلته، إن الفيلم ليس فيلما عن " الماضي " أو الحنين إلي الماضي، بل هو عن " حاضر " مصر وواقعها الآن" كما ذكر انه من بين كل الأفلام الروائية او التسجيلية التي سوف تصنع مستقبلا عن رفاعة الطهطاوي، سيكون فيلمه " البحث عن رفاعة " ، أكثرها قربا من الناس في بر مصر العامرة بالخلق ، حتي لتلمس فيه لفح أنفاسهم ، و حفيف خطواتهم ، وحبهم وعشقهم للحياة ووطنهم مصر

وقد أراد من خلال الفيلم ان يجسد ذلك العشق، بل وأن يمسك بتوهج الحياة ذاتها في مصر، ضد الفناء والاندثار والعدم ، ومتاعب ومشاكل كل نهار

كما أراد كما نوه، أن تكون تجربة الفيلم في شموليته الفنية، وهنا تكمن أهميته، ليس في مناقشة الأفكار التي أتي بها رفاعة من رحلته إلي باريس عام 1826 ، بل في التركيز أساسا علي " مسلك " رفاعة الحضاري ذاته أثناء تلك الرحلة، وذلك من خلال الأسلوب الذي انتهجه رفاعة في التعامل مع الحضارة الغربية والنظر فيها: أسلوب " الانفتاح " علي إضافاتها ومنجزاتها ، من دون شعور بالدونية أو الاستعلاء

وذكر أن رفاعة كان مسنودا في ذلك علي ثقافته الدينية الأزهرية ، وواعيا بموروثه الثقافي والحضاري، ولذا كان بالتالي محميا من " الانبهار " بتلك الحضارة، والارتماء في أحضانها

كما أشار المخرج إلي انه اعتبر وهو يشكل " بنية " الفيلم ،اعتبر انه يؤلف قطعة موسيقية بأسلوب موسيقي الجاز، ولذلك حرص علي أن يبرز في الفيلم عنصر " الارتجال " ، وعنصر " الحرية في العزف " التي يرتكز عليهما هذا النوع، وأراد أن يقدم " رؤية " لرفاعة بأسلوب الجاز، وظهر ذلك من خلال مونتاج الفيلم، وإيقاعه، وحركة التنقل في المشاهد بين باريس والقاهرة وطهطا وأسيوط

وتلك التلقائية المقصودة المحببة ، التي تظهر بوضوح في الفيلم، فتمنحه نفسا وروحا، وتجعله ينبض بالحياة

ونوه هاشم في مداخلته بأن الفيلم يطرح أيضا أثناء بحثه عن رفاعة ، يطرح سؤال السينما ، وكيف يمكن أن تكون أداة بالفعل ، لا للترفيه والتسلية فحسب ، بل للتفكيرايضا في واقع ومشاكل ومتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية، ووسيلة للمحافظة علي ذاكرتنا: ذاكرة رفاعة ، وذاكرة الحاضر الآن في مصر، وعلي أمل أن يكون الفيلم كله عبارة عن معزوفة موسيقية جازية حديثة ، قصد بها أن تكون تحية حب وتقدير إلي المعلم الأكبر الطهطاوي، ومنهجه وفكره، وقصيدة أيضا في حب الناس، وبحيث تتحقق من خلالها أيضا متعة السينما كفن للمخاطبة والتواصل من خلال شريط الصورة ، عن جدارة



عن جريدة " إيلاف " الاليكترونية بتاريخ الخميس 12 يونيو 2008


الأحد، أبريل 18، 2010

البحث عن رفاعة : نظرة تشريحية تضع اليد على الجرح بقلم عثمان تزغارت

لقطتان من فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم : نظرة تشريحية قاسية تضع اليد على الجرح ومكمن الخلل


بمناسبة عرض فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم في المركز الثقافي الفرنسي بمصر الجديدة القاهرة مصر يوم 19 ابريل 2010 و يسبق عرض الفيلم محاضرة عن "الطهطاوي" رائد نهضة مصر الحديثة للدكتورة لميس عزب

تعيد "سينما إيزيس " هنا نشر بعض المقالات التي كتبت عن الفيلم بأقلام كبار النقاد و المعلقين..



عن الطهطاوي والنهضة و الأسئلة المعلقة




فيلم " البحث عن رفاعة: لصلاح هاشم





يطرح الأساليب الحكائية التقليدية جانبا


لحساب لغة بصرية مكثفة



ويعرض " نظرة" تشريحية قاسية

تضع اليد على الجرح و مكمن الخلل








في فيلم «البحث عن رفاعة»..بعد قرابة قرنين على رحلة رفاعة الطهطاوي الشهيرة إلى فرنسا، يسير صلاح هاشم في شريطه على خطى صاحب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، معيداً طرح السؤال ذاته: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟






بقلم




عثمان تزغارت





تتنازع الإعلامي والناقد السينمائي المصري صلاح هاشم ثلاثة انشغالات أساسية: حبّ السينما وموسيقى الجاز والبحث في الفكر التنويري، بوصفه المنطلق التأسيسي لأي مسعى تحرّري ، من شأنه تخليص الثقافة العربية من براثن التشدد والظلامية.

وها هو يجمع بين هذه الانشغالات الثلاثة في شريطه «البحث عن رفاعة» (وثائقي 63 دقيقة ـــــ إنتاج كويتي مصري) الذي قُدّمت عروضه الأولى أخيراً في لندن وباريس.

يمثّل هذا الشريط الجزء الأول من ثلاثية توثيقية ، يعتزم هاشم تخصيصها لفكر رفاعة الطهطاوي ومساره، ضمن مشروع يشغله منذ أكثر من عقدين.

لكن إعجابه بشخصية الطهطاوي ومكانته الرائدة ، لم يمنعه من أن يطرح جانباً الأساليب الحكائية التقليدية، ليخرج من الإطار الضيّق المتعلق بالتأريخ لسيرة هذا المفكّر، ويوسّع المشهد إلى ما هو أبعد وأعمق وأكثر راهنية، عبر إعادة طرح السؤال ذاته الذي شغل الطهطاوي قبل قرن ونيف: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟

وإذا برحلة البحث عن الطهطاوي بين باريس والقاهرة وطنطا وأسيوط، إذا بها تتحوّل إلى رحلة تأمّلية في الواقع المصري والعربي اليوم، ضمن نظرة تشريحية قاسية، تضع اليد على الجرح ، وعلى مكمن الخلل ، في المشروع الحداثي العربي المعطّل والمعطوب...

يقول صلاح هاشم: «لم يكن الهدف من إنجاز الفيلم نوعاً من التكريس لـ«عبادة البطل»، رغم مكانة رفاعة المعلّم والمفكّر والإنسان ورائد نهضة مصر الحديثة، إلا أنّ ما شغلني هو التحفيز على التأمل في فكر رفاعة، ومفاهيمه لمعاني النهضة والتقدم وحرية المرأة ودور المثقف وعلاقة الحاكم بالمحكوم، من أجل طرح سؤال أكثر راهنية، وهو: أين موقع مصر والعالم العربي اليوم ، من ذلك الفكر التنويري المجدّد؟».

لهذا، لم يسلك هاشم في ثلاثيته المخصّصة للطهطاوي المنحى الكرونولوجي التقليدي، بل سلّط الضوء في هذا الجزء الأول على موقع فكر الطهطاوي وأثره في الراهن العربي اليوم، بعد قرابة قرنين من الزمن، على أن يعود لاحقاً، في الجزءين الباقيين إلى التأريخ لرحلة الطهطاوي إلى باريس، عام 1826، ومن ثم إلى الجهد التحديثي الذي اضطلع به بعد عودته إلى مصر.

في الملخص التقديمي للشريط، يقول هاشم إنّه " ..عمل يحكي وقائع رحلة مطوّلة بين باريس والقاهرة، مروراً بأسيوط وطنطا في صعيد مصر، بحثاً عن ذاكرة رفعت رفاعة الطهطاوي (1801 ـــــ 1873)، رائد نهضة مصر الحديثة، الذي يلخص مشواره العلمي قصة بلاده في القرنين الماضيين." ..

لكنّ الفيلم يطرح السؤال الأكثر راهنية: ترى ماذا بقي من تعاليم الطهطاوي ونظرياته وأفكاره بخصوص العلم والتعليم وحرية المرأة والعلاقة بين الحاكم والمحكومين في مصر والعالم العربي اليوم؟

بغية تحقيق ذلك، لم يراهن صلاح هاشم على المغايرة على صعيد المضمون فحسب، من حيث كسر الوتيرة الكرونولوجية، بل أيضاً على صعيد الشكل الفني، إذ طرح جانباً الأساليب الحكائية التقليدية، لحساب لغة بصرية مكثّفة ، أتاحت له الغوص في الواقع المعيشي للناس، ليرصد مآل بلد الطهطاوي بعد كل هذا الوقت على رحيل رائد نهضتها. ولم تمثّل موسيقى الجاز مجرد خلفية صوتية للفيلم، بل مثّلت عنصراً بصرياً أساسياً فيه، بحيث لم تكتف أجواء الجاز، وتلوّناته الإيقاعية بمرافقة إيقاع الفيلم وضبطه، بل كانت مرتكزاً استند إليه هاشم وشريكه في المشروع المصوّر اللبناني المقيم في كوبنهاغن سامي لمع، للغوص في أعماق الحياة الشعبية للناس البسطاء في مصر..

حتى أننا حين نسأله عن أهم ما يميّز عمله التوثيقي هذا، يجيب: «لا بد من أن أفلاماً كثيرة تسجيلية وروائية ستُنجز مستقبلاً عن الطهطاوي، لكنّي واثق بأنّ عملي سيبقى أكثرها قرباً من واقع الناس البسطاء ومعاناتهم في بلد الطهطاوي، حتى لنكاد نلمس في الفيلم حفيف خطواتهم ولفح أنفاسهم...».




عن جريدة "الاخبار" اللبنانية بتاريخ 18 اغسطس 2008