دعوة الى القراءة في مدونة " حياة في السينما "
شباب مصر في السينما
وآخرالرجال المحترمين
بقلم
صلاح هاشم
فالمقال مكتوب بسخرية وصراحة واستجلاء للتاريخ والذاكرة والحقائق،لأن البعض لم يتنبه بعد ربما الى أن ثمة ثورة قد قامت في مصر على مايبدو،
كما يفند منطق الانتهازيين والحرامية الذين خربوا السينما المصرية مع اتباعهم في الخارج ، من دعاة مصر الفرانكوفونية المعروفين في باريس، وعموم القطر الفرنسي
والمقال - الذي يصور بدقة حلبة الصراع الدائر حاليا في المشهد السينمائي المصري، يمكن الدخول اليه مباشرة من " سينما إيزيس " انظر زاوية " مواقع صديقة " الى مدونة " حياة في السينما " كما اوردناه هنا - ، كما يرسم بدقة واقع التحولات التي تعيشها " مصر السينما " الآن بعد الثورة ، وهيمنة منطق العصابات والاغوات والقوادين والعسكر، وعودة الوجود القديمة الخربة للتأسيس لخراب ثقافي جديد، فوق "أطلال" ومؤسسات النظام القديم الخربة المتهالكة
ومن ابرزها المركز القومي للسينما في مصروطالبنا بأن يقذف بها الى بحر النيل ، مع فرقة المنتفعين والمطبلاتية التي تلتف حول رئيسه..
لكن انا متفائل، لأن شباب مصر الذي يطالب أمير بأن يكون من الطبيعي والمنطقي ان يمسك بزمام السينما و شأنها في البلاد ، ويكون في الطليعة، ويقدم حلولا وبدائل من خلال تنظيماته وافلامه ومهرجاناته، ولابد ان يخلقها بنفسه..
هذا الشباب لن يسكت على تلك " المساخر " التي تقع ، و " المهازل " الجديدة التي ننتظرها، طالما كان هناك بعد الثورة في مصر أناس شرفاء نزيهين ومحترمين مثل أمير، يمكن ان يعتمد عليهم وينهل من ثقافتهم، كما يسترشد بخبراتهم وتجاربهم ورؤاهم
في تشكيل وصياغة ثقافة مصر الجديدة
فلا يضيع منه الطريق ..
*****
مقال أمير العمري في مدونة " حياة في السينما "
جماعات تخريب السينما
تتشبث
بقوة بمقاعدها
بقلم
أمير العمري
عشرات الجماعات والشلل بدأت تعد العدة للاستيلاء على مهرجانات السينما التي كانت تقيمها الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة وأجهزتها المعروفة بفسادها الذي يزكم الأنوف، وذلك بعد أن أعلنت الوزارة تخليها عن تنظيم المهرجانات وطلبت من "المجتمع المدني" أخذ زمام المبادرة والتقدم بخطط بديلة لإقامة تلك المهرجانات.
جمعيات أهلية تتكون خصيصا الآن من أجل أن ترث مهرجانات وزارة الثقافة، ولكي تستولي على المهرجانات لحساب مجموعة من أصحاب شلل المصالح والمنافع، ويتم هذا كله تحت اشراف خالد عبد الجليل الذي يدير المركز السينمائي الحكومي في مصر، والذي يلعب دور العراب حاليا، بعد أن أصبح له غطاء يتمثل في لجنة من الكهنة وأشباه النقاد، تشرف على عملية "نقل الملكية" كله أيضا حسب المصالح. فلم يتغير شيء في مصر الثورة بعد أن اختطفت الثورة، ووقعت في براثن أزلام النظام السابق من المثقفاتية وخدم السلطة.
المهرجانات المقصودة هي القاهرة الدولي، والاسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، والمهرجان السنوي للأفلام المصرية الذي يطلقون عليه ولعا بالألفاظ الضخمة "العسكرية": المهرجان القومي للسينما المصرية، في حين أنه مسابقة محلية لا تشمل حتى كل ما يعرض من الانتاج المصري بل ما يتقدم به المنتجون من أفلام في مسابقة شابتها الكثير من الشكوك خصوصا خلال السنوات الأخيرة!
مهرجان القاهرة السينمائي كانت إدارته دائما تسند الى من لا يستحق ومن لا يقدر لأنه لا يملك (المعرفة والعلم والخبرة) وذلك منذ أن عهد وزير الثقافة الكاتب يوسف السباعي عام 1976 الى الصحفي كمال الملاخ برئاسته من خلال مايسمى بـ"جمعية كتاب ونقاد السينما" التي أسسها الملاخ وأسند رئاستها الفخرية وقتذاك الى السباعي نفسه حتى وفاته عندما اغتيل عام 1978 في قبرص من جانب تنظيم فلسطيني، وقيل أن الاغتيال تم بسبب تأييده السادات في رحلته للقدس ولعقد اتفاق صلح منفرد مع اسرائيل.
سعد الدين وهبة حصل عام 1985 على الضوء الأخضر من الدولة أيضا، بالسيطرة بوضع اليد على المهرجان بعد أن ساءت سمعته وتدهورت سمعة الجمعية التي كانت تديره، حينما انشغلت في حروب داخلية بين أعضائها حول تقسيم المكاسب والمنافع والأموال التي كانت تأتي بسخاء من كثير من الجهات، تحت ستار المهرجان الدولي، وانكشف وقتها أن مهر جان القاهرة ليس سوى ستار لتحقيق مكاسب مادية لأفراد شلة جمعية تبادل المنافع. ولذلك يجب التأكيد على أن ما نقوله هنا نوقش في عشرات الصفحات من صحف الفترة لمن لم يكن قد شب بعد عن الطوق آنذاك، لكي يعود فيبحث قبل أن يتهمنا باطلاق الحديث بشكل مرسل. وقد وصلت الأمور المالية لمهرجان القاهرة في وقت ما، إلى جهات التحقيق في الدولة. لذا عندما أعلن سعد الدين وهبة ضمه الى مظلة كيان وهمي كان قد أسسه، هو ما يسمى بـ"اتحاد الفنانين العرب" (عندما أسمع كلمة فنان أو فنانة في العالم العربي ينتابني إحساس بأننا نتكلم عن راقصات الكباريهات وعلب الليل!!) قوبل الأمر بالترحاب والقبول لأن المعروف عن سعد وهبة أيضا أنه "ابن عمدة" أي أقرب الى شيخ القبيلة الذي يغدق على أبتاعه ورعاياه، لذلك فقد رعى وتبنى عددا من المثقفاتية والصحفيين الذين مازالوا يسبحون بحمده حتى الآن، بل وأشاع حول نفسه أنه مثقف وطني معادي للصهيونية، بسبب رفضه اشتراك اسرائيل في المهرجان (وهو بالمناسبة ليس قراره ولم يكن قراره بل قرار من أجهزة المخابرات، ولو كانت تلك الأجهزة قد أرادت اشتراك اسرائيل لفرضت على سعد وهبة وغيره ارادتها، لكن البعض يستمر في تصديق الأكائيب لأننا أمة من هواة خداع الذات)..
كان مهرجان القاهرة السينمائي يرغب في تحسين سمعته تحت ادارة السيد سعد الدين وهبة الذي كانت كل علاقته بالسينما أنه كتب أربعة سيناريوهات. وكان في الأساس، كاتب مسرحي لاشك في موهبته في الستينيات. ولكن لأنه كان أحد رجال الدولة الناصرية (التي لاتزال قائمة حتى كتابة هذه السطور حاليا، ونقصد تلك الدولة المستبدة التي يهيمن عليها العسكر وأجهزة الأمن، وتوضع فيها الدبابة مباشرة أمام القلم، وتتميز تلك الدولة بازدراء الفكر عموما، والفكر التقدمي بوجه خاص)، أقول لأن سعد وهبة كان أحد رجال تلك الدولة الموثوق بهم (كان قد عمل ضابطا للشرطة ولشرطة السجون أساسا قبل أن يستقيل ويتفرغ للكتابة والصحافة وأشياء أخرى) فقد أسندت إليه أيضا في أواخر الستينيات رئاسة تحرير قسم السينما في مجلة المسرح والسينما التي انفصلت فيما بعد الى مجلتين رأس سعد مجلة السينما. وكان يتعاون معه في خيئة تحريرها صبحي شفيق وأحمد الحضري وأحمد كامل مرسي وسمير فريد ويوسف شريف رزق الله.
المهم أن المهرجان تحت رئاسة سعد وهبة نجح في الحصول على اعتراف دولي به، وكان قد أصبح أيضا يلقى رواجا في الثمانينيات والتسعينيات مع اقبال الجمهور على مشاهدة بعض أفلامه التي كان يراعى فيها أن تحتوي على أكبر عدد من المناظر المثيرة (أتذكر أن فيلم حدث ذات مرة في أمريكا لسيرجيو ليوني ظل يعرض (بسبب مشاهده الجريئة وليس نتيجة مستواه الفني الممتاز وهو كذلك) أكثر من عشر مرات في دورة 1986 لكي يأتي بأموال وفيرة، وكان ذلك بالطبع قبل انتشار الأفلام عن طريق الانترنت حيث يمكن لأي هاو تنزيلها على جهاز الكومبيوتر المنزلي حاليا أي يقرصنها، ولعل هذا من أسباب الركود الاقتصادي لمهرجان القاهرة تحديدا خلال سنواته الأخيرة، بعد أن صنع شهرته لدى المتفرج العادي الذي يشتري التذاكر، على أساس أنه يغرض أفلام "المناظر" المثيرة وليس كمؤسسة ثقافية سينمائية لديها أهداف تليق بمؤسسة من هذا النوع!
**
مهرجان القاهرة بعد سعد وهبة تدهور، ولكن ليس بسبب غياب سعد وهبة بل بسبب انصراف الجمهور عنه نتيجة السبب الذي ذكرناه، ونتيجة ما مورس من تخريب ونتيجة الانفراد الإداري التسلطي المطلق للمرأة الحديدية (سهير عبد القادر) التي كان تعمل سكرتيرة لسعد الدين وهبة (تطبع على الآلة الكاتبة) ثم ترقت الى أن أسند اليها في أواخر عهده، منصب نائب رئيس المهرجان، وهو منصب لا وجود له في أي مهرجان سينمائي محترم. في حين ظل منصب المدير الفني غامضا معظم الوقت، مع وجود لجنة عليا للمهرجان يرأسها عادة الوزير تضم عشرات من أسماء المومياوات وعجائز الفرح وأعضاء جمعية المنتفعين بخراب السينما والثقافة السينمائية في مصر.
وعندما نقول خراب الثقافة السينمائية، فنحن لا نلق كلاما مرسلا، بل نتحدث تحديدا عن تخريب نادي سينما القاهرة (ثم جمعية الفيلم وغيرها) الذي كان قد رسخ كمؤسسة ثقافية كبرى قدمت خدمة ثقافية هائلة لأجيال من الشباب عبر أكثر من عشرين عاما، وجاءت جحافل التتار الثقافي لتقضي عليها وسط لامبالاة أولئكط الذين نصبوا من أنفسهم، ومازالوا، أئمة النقد السينمائي والثقافة السينمائية في مصر منذ الخمسينيات حتى الآن!
وفي وقت ما أصبح مهرجان القاهرة السينمائي هدفا أمنيا أيضا، تشرف عليه – من بعيد- أجهزة المخابرات وأمن الدولة- وتستخدمه وسيلة للتجسس على بعض المسؤولين العرب، وتسجيل الصور والأفلام لبعض ضيوفه جريا على عادة تلك الأجهزة منذ أن أطلق خالد الذكر جمال عبد الناصر يدها في كل صغيرة وكبيرة في بر مصر الى أن كادت تنقلب عليه عام 1968 في مؤامرة رفيق دربه المشير عبد الحكيم عامر (الذي كان بالمناسبة أيضا مشغولا بشدة بالفن وأهل الفن، وتزوج سرا من ممثلة تخصصت في أدوار الإغراء وقتذاك كما تزوج مدير مكتبه علي شفيق من المغنية (صاحبة الصوت المتواضع والجسد المثير) مها صبري، وزيجات العسكر من رفاق المشير المنتحر، متعددة لمن يريد أن يبحث عن مغزى تلك العلاقة السرية بين الفن، والسلطة عندما تكون جهولة جاهلة لا تملك مشروعا ثقافيا حقيقيا!
عودة الى الوضع الحالي لمهرجان القاهرة الذي أوقفه الوزير الحالي عماد الدين أبو غازي بدعوى أننا في سنة انتخابات، تمهيدا لاسناده الى مجموعة من المتآمرين من الحرس القديم للمهرجان مع شخص أو اثنين من الذين وفدوا الى حقل الكتابة عن السينما مؤخرا ومن خلال مهرجان واحد كبير هو مهرجان كان السينمائي، يغشونه بحكم صلاتهم الفرانكفونية.
وتضم جماعة التأسيس للاستيلاء على المهرجان سيدة معروفة بإفشالها كل المشاريع التي تتولى إدارتها، سواء في معهد العالم العربي (الذي خرجت منه بفضيحة) أو مشروعها الشخصي في العمل كمندوبة مقاولات لمهرجان كان ترسل إليه فيلما أو فيلمين وتتولى تسفير بعض (الفنانين!!) ثم ينتهي الأمر بفضيحة تشمل أشياء مخجلة أربا بنفسي أن أخوض فيها مثل التحكم في أشياء متدنية مثل توزيع دعوات حفلات العشاء في مهرجان كان، وما إلى ذلك.
وسوف لن أتوقف هنا طويلا أمام خطة هذه المجموعة (وهي لدينا بالتفصيل من الداخل) التي التحقت بها أيضا ناقدة كانت دائما تترجم، وتنسب لنفسها ما تترجمه على أنه من تأليفها وتلحينها، وقد تكلست عبر السنين وأصبحت مليئة بالشر والأحقاد بسبب السعي المباشر للتواجد في بؤرة العمل الثقافي الرسمي داخل حظيرة الوزير الغابر فاروق حسني.
***
ويبقى صديقنا الذي تأخر كثيرا دوره كرئيس للمهرجان، عندما اضطر للعمل لعشرين سنة أو أكثر، تحت سطوة المرأة الحديدية، لكن مشكلة هذا الرجل الذي نحترم دوره القديم في حقل الثقافة السينمائية، أن سياسته قد اختبرت بالفعل سواء في اختياراته الفنية للمهرجان أو في استخدام علاقاته الواسعة أو حتى قدرته التنظيمية رغم اعترافنا بالتدخل الشائن من قبل المرأة الحديدة، وقد قدم تصوره على أرض الواقع بالفعل، وآن الأوان حاليا أن يتخلى عن هذه المسؤولية لغيره من جيل آخر، كما أنه ارتبط بمجموعة معينة يبدو لنا حاليا، أنه لا يمكنه الخروج من تحت معطفها، فقد أعلنت هذه المجموعة تأييدها له في رئاسة المهرجان، مقابل الحصول على منافع متعددة، بل انهم ابتكروا أيضا منصبا غامضا هو منصب الأمين العام للمهرجان أسندوه الى صاحبنا الذي نقول عنه أنه وفد مؤخرا الى حقل الكتابة (بالفرنسية) عن السينما، ولا خبرة له من أي نوع بالمهرجانات وتنظيمها وفنونها. هو باختصار، رجل طيب، وكما يقال باللبناني (هذا رجل طيب.. نزوجه ابنتنا ولكن لا نعطيه مصارينا (أي أموالنا)!!
نحن في ثورة ولكن البعض لا يريد أن يعترف بهذه الحقيقة بل يريد الابقاء على كل ما كان، مع تغيير في المقاعد فقط، أي نحن نشاهد في الحقيقة لعبة كراسي موسيقية يتسابق فيها نفس الأشخاص الذين حفظنا طريقتهم، والذين عملوا في الماضي ضمن مؤسسة الدولة ولا يعرفون غيرها، يرغبون اليوم في العمل ضمن مؤسسات المجتمع المدني دون أن يعرفوا آلياتها بل غالبا سيفسدونها كما أفسدوا الدولة!
أما رئيس جمعية نقاد وكتاب السينما ممدوح الليثي الذي لا يريد أن يعتزل العمل السينمائي بعد أن أصبح عالة على أجهزة الإعلام بسبب عدم قدرته على الحديث بشكل صحيح، نتيجة اضطراب واضح في التفكير ربما بسبب تقدمه في السن أو بعض الأمراض التي أصيب بها وقد تكون أثرت على شرايين المخ، وأصابته بتصلب في الشرايين، فهو يصر على استعادة مهرجان القاهرة الى جمعية نقاد وكتاب السينما التي يرأسها دون أن يبدو في الأفق أن أيا من شبابها المثقف مثل الدكتور وليد سيف، سينجح في استعادتها من قبضته الأمنية (كان مثل سعد وهبة ضابط شرطة وله علاقات أمنية جيدة منذ حقبة عبد الناصر).
وبالمناسبة من أعراض هذ المرض أي مرض تصلب الشرايين، التشبث بالفكرة الواحدة أي داء الفكرة الثابتة، وتكرارها بطريقة من يعرف طريقه الى الجحيم ولا يرغب في التراجع أبدا مهما نبهه الآخرون. وقد ظهر مؤخرا على شاشة التليفزيون لكي يؤكد بشكل قاطع أن فيلم "لعبة عادلة" Fair Game هو فيلم صهيوني اسرائيلي معادي للعرب في حين أن أي مشاهد مبتديء يمكنه أن يعرف أن هذا فيلم ليبرالي ينتقد السياسة الأمريكية في العراق.. لكن الحاذق المكير ممدوح الليثي، يعرف ما لا نعرفه رغم اعترافه في البرنامج الذي عرض على شاشة قناة "نايل سينما"، بأنه لم يشاهد الفيلم!!
****
من جهة أخرى هناك أيضا مجموعة ثانية مندمجة في مولد المهرجانات التي يعد لها في مصر تخطط بقيادة علي أبو شادي، الذي نشفق عليه من طموحه ورغبته في التشبث بأهداب السلطة رغم أنها فارقته بعد اختفاء وزيره المعروف بوزير الحظيرة فاروق حسني مع ربيبه حسني مبارك وامرأته، وبعد أن ظل أبو شادي في خدمته لسنوات طويلة، أهداه خلالها الوزير مسؤولية رئاسة كل مهرجانات السينما في مصر فيما عدا مهرجان القاهرة السينمائي، الذي أسنده الوزير الى شخصيات بريئة كل البراءة من ثقافة المهرجانات مثل حسين فهمي (الولد التقيل جدا) والصحفي شريف الشوباشي الذي توقف عن مشاهدة السينما منذ الثمانينيات (غالبا بسبب عدم توفر الوقت لديه لأنه مشغول دائما في الحديث على التليفون مع الفنانات!)، والممثل نصف المعروف عزت أبو عوف المشغول بالخروج من مسلسل تافه للدخول في مسلسل آخر تافه، وكان يكتفي بحضور حفل الافتتاح لإلقاء خطبة عصماء أمام وزير الحظيرة، والختام لالتقاط صور مع النجوم (والفنانات!).
المهم أن علي أبو شادي (المحسوب على فئة الموظفين المجتهدين في وزارة الثقافة) كان فاروق حسني يعتمد عليه بحكم أنه يمتلك أجندة تليفونات دسمة لأرقام الكثير من الفنانين والفنانات في الوسط السينمائي الذين يغرمون بتدليله بـ"ياعلوة" حتى يحصلوا على بعض سكر الوزارة أيام أن كانت الوزارة توزع السكر.. وربما أيضا بعض الزيت!
سقطت وزارة الحظيرة، وجاء وزير جديد من داخل الحظيرة أيضا لا يمكنه أن يتجاوز النظرة الضيقة داخل الحظيرة القديمة قط، فهو مازال يبقي على معظم إن لم يكن كل، من عملوا في حظيرة الوزير الفنان جدا، وخصوصا رئيس المركز (القومي) للسينما.. لاحظ ايضا التفخيم في المنصب والاسم، والأصح بالطبع أن يسمى المركز المصري للسينما. وتحت مكتب الأخ مسؤول القومي للسينما، يجلس علي أبو شادي مستشارا أو بالأحرى، مراقبا عاما لنشاط رئيس المركز القومي، ولكن بعقد "عرفي" مع وزارة الثقافة لأن الأجهزة لا يمكنها أن تتخلى أبدا عمن قدموا لها الخدمات لسنوات وسنوات، مهما قيل من أحاديث تافهة عن انهيار أمن الدولة وأمن الملوخية، فخدم أمن الدولة هم "أهل الثقة" وسيبقون مهما تغير الاسم، وتغيرت العصور.. إنها مصر ياحبيبي!
أبو شادي لا يريد الاعتراف بتأثير الزمن، وهذا جيد بالتأكيد فهو يثبت لنا أن المرء يمكنه تحدي الزمن، ولكن لماذا لا يستثمر أمواله التي كسبها (بعرق جبينه) في تجارة مفيدة، ولماذا يصر على التمسك برئاسة مهرجان الاسماعيلية علما بأنه يهوى الجلوس في القاعة المكيفة بالقرية الاوليمبية بالاسماعيلية، يدلي بالمقابلات الصحفية للصحفيات الفاتنات، ضاربا عرض الحائط بالعروض والمناقشات، فقد أصبح يمل من مشاهدة الأفلام، ولماذا لا يترك المهرجان لرئيس جديد من جيل أكثر شبابا وتطلعا، بل من جيل الثورة تحديدا!
ولكن كيف وعلي أبو شادي لم يتقدم بالاعتذار عن عدم تولي رئاسة مهرجان أفلام الكام، أول مهرجان يقام بعد الثورة المصرية لأفلام شباب الثورة المصورة بكاميرات الديجيتال الرقمية، بل أقبل على رئاسته بجرأة نادرة في حين ان الموقف الصحيح كان يقتضي أن يتولاه شاب من جيل المخرجين الشباب، أي جيل الثورة نفسه خصوصا أنه كان مخصصا لعرض أفلام صورت أثناء الثورة.. لكن لاشك أن الوزير الجديد أبو غازي، يتحمل أيضا المسؤولية، أي مسؤولية اختيار أبو شادي (الذي لا يمكنه أن يقول لا أبدا) وكأنك يابو غازي.. ما غزيت!
في الطريق أيضا استعدادات ومؤامرات صغيرة، تحاك في الظلام، استعدادا للقفز على مهرجانات أخرى، أو تأسيس مهرجانات جديدة سنتولاها بالرعاية في مقالنا القادم