موتزات يعزف علي آلة الكلافسان، قبل ان يرتبط في ما بعد بديانة ايزيس
تصدير كتاب
إن واحدا من أكثر الأشياء ابتعاثا على الأسى في التاريخ، كما يقول الدكتور ج. و. درايرا مؤلف كتاب "تطور الفكر الاوروبي" ، لهو تلك الطريقة المنظمة، التي احتال بها الكتاب الأوروبيون، لكي يضعوا التزاماتهم العلمية تجاه العرب بمنأى عن الأنظار.
لقد كانت تلك، هي الحقيقة الواقعة ، في الوقت الذي كتب فيه درابر كلماته، لكن أحدا اليوم لا يملك اتخاذ مثل ذلك المسلك، اللهم أقل الناس دراية وعلما.
لقد وضع البحث العلمي المتخصص العرب في موقعهم الصحيح من تاريخ الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى.
فنحن اليوم نعرف عن يقين فيما يتعلق بثلاثة من رباعي العلوم الرياضية ، هي الحساب والهندسة والفلك، أنه لولا إضافات واكتشافات واختراعات العرب، لما تحقق لهذه العلوم في أوروبا، ذلك المستوى الذي بلغته من التطور.
أما فيما يتعلق برابع العلوم الرياضية، وأعني به "الموسيقى" ، فإن أحدا لم يحاول أن يظهر الموقع المحدد لهذا العلم والفن العربي من التطور الثقافي لأوروبا.
وقد حررت في تلك الأثناء، مقالات لتلبية ذلك الاحتياج، في بحث بعنوان " (دلائل) التأثير العربي في نطرية الموسيقى" 1، أوردت فيه عددا من (الأدلة) الموثقة بعناية.
وقد اهتم علماء من جميع أرجاء المعمورة بالمساهمة في المناقشة، وقدم بعضهم في حقيقة الأمر اقتراحات مفيدة، أنا شديد الامتنان لها.
وفي هذا البلد (بريطانيا) ، ساهمت الآنسة شيلزنجر في المناقشة بكتيب معنون : "هل النظرية الموسيقية الأوروبية مدينة للعرب؟… ردّ على التأثير العربي في نظرية الموسيقى" 2.
وقد كنت في بحثي قد قلت، أن ذلك العمل إن أثار ما يكفي من الاهتمام والجدل، فسأكون حاضرا لتناول المسألة بطريقة أكثر توسعا ودواما. وقد استحثني نقد الآنسة شيلزنجر وآخرين على تحقيق وعدي. فالعمل الذي تجدونه الآن هو تحقيق جزئي لذلك. وأقول جزئيا لأن أكثر أقسام بحثي أهمية، وهو القسم المتعلق "بموسيقى القياس الزمني المحدد " لم يلق بعد اهتماما.
لقد اشتمل بحثي على عشرين صفحة من المتن فقط. تناولت في العشر صفحات الأولى منها "دلائل" التأثير العربي في كل من : (1) الآلات الموسيقية (2) تركيب الألحان بطريقة الديسكانت (3) أول أنواع تركيب الألحان (الأورغانوم ، (4) قوانين التوافق
(5) الصولفائية (6) التدوين الجدولي للآلات بينما خصصت العشر صفحات التالية كلها تقريبا ل (7) الموسيقى ذات القياس الزمني المحدد كما ذكرت "التايمز" اللندنية، التي كانت دقيقة بما يكفي لكي تلحظ ذلك 3.
لكن الآنسة شيلزنجر لم يكن لديها ما تقوله بصدد "دلائلي" الموثقة بعناية في هذه المسألة، بل إنها حتى لم تومئ اعترافا باكتشاالذي قدمته عن "الهوكيت " في الإيقاعات العربية، ليس فقط من وجهة نظر فقه لغوية (فيلولوجية)، وإنما أيضا من وجهة نظر موسيقية 4 .
لقد قصرت اهتمامها على المسائل الثانوية نسبيا التي عددتها عاليه. لكني ولكي أكون منصفا مع هذه الكاتبة، لابد وأن أسلم بأن لديها أسبابا لإهمال الأساسي في تناولي، فهي تقول "إن مسألة القبول بترجيح الأصل العربي على الأصل الإغريقي للموسيقى ذات القياس الزمني المحدد، أمر على جانب كبير من الأهمية، ولابد وأن يترك لأولئك الذين قاموا بدراسة متخصصة للموضوع".
وفي البداية، دعنا نقول أن الآنسة شيلزنجر قد كانت شديدة التقدير لبحثي، وقد أثنت في أكثر من موضع على "القيمة العظيمة للبحث الذي تحقق" 5 . لكنها في ذات الوقت، قدمت انتقادات قاسية ومحددة، وشككت في حقائق تاريخية أولية، وعليه فقد قمت بتقديم ردّ على صفحات مجلة "النموذج الموسيقي " بعنوان "حقائق التأثير العربي في الموسيقى" 6. وبناءا عليه قدمت الآنسة شيلزنجر "ردا مضادا" بعنوان "الأسس الإغريقية لنظرية الموسيقى" 7 .
ولأن الأرض قد مهدت، فقد أثار هذا الجدل المزيد من الاهتمام، وطلب مني في نهاية الأمر جمع مقالاتي : "حقائق التأثير العربي في الموسيقى" في كتاب.
وما كان لي أن أحقق ذلك كما ينبغي دون أن آخذ "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر في الاعتبار. وكانت المشكلة هي الجمع بين العملين. ومن حسن الحظ، أن السيد وليم ريفز وافق على نشر "الحقائق" مع عدد من الملحقات التي كان من شأنها أن تمكنني من تناول "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر.
وبفضل همة السيد ريفز، فقد أعيد نشر "الحقائق" بنهاية سنة 1926م. ولكن، ولسوء الحظ، وبسبب من اعتلال الصحة والأعمال الأدبية الأخرى، والمطالب الأكثر إلحاحا للمهنة التي كرست لها نفسي، فإن الملحقات لم تكتمل حتى ربيع 1929م.
والواقع أني أشعر أن من واجبي انتهاز هذه الفرصة للاعتراف بالجميل لكل القائمين على النشر لشدة ترفقهم بي وكياستهم في هذا الشأن.
ولكي يتسنى لقرائي أن يدركوا ما يعنيه "التأثير العربي" حقا، فقد كتبت الفصل الأول ليكون توطئة لما يليه. وضمنت الفصل الثاني إلى الفصل الثامن " الحقائق"، كما ظهرت كمقالات بمجلة " النموذج الموسيقي"، بعد أن قمت بمراجعة عدد من المواضع، وتصحيح الأخطاء المطبعية، والاستشهاد بنصوص الآنسة شيلزنجر كلما كان ذلك ضروريا (بصفة أولية لمواجهة اعتراضاتها)، كما أعدت صياغة بعض تعبيراتي لمزيد من الوضوح.
ومع ذلك، فإن "الحقائق" تبقى كما نشرت، بدقة، في مجلة "النموذج الموسيقي" 8.
وقد تناولت بمزيد من التوسع، في الملحق الثامن والأربعين "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر المعنون : "الأسس الإغريقية لنظرية الموسيقى".
وهي كمؤلفة لكتاب "أسلاف عائلة الكمان " ، ومحررة للعديد من المقالات في "دائرة المعارف البريطانية" (الطبعة الحادية عشرة)، فإنني أحمل احتراما بالغا لمواهبها في أمور البحث العلمي، وربما تكون في التأريخ للآلات الموسيقية قد قامت بأكثر الإعمال ريادة وأجدرها بالإكبار في بريطانيا.
ولذلك فإنني أود أن يكون حاضرا في الأذهان أني وإن كنت نزاعا بصورة ما لإنتقاد آراء الآنسة شيلزنجر، فأنا في واقع الأمر أعارض ما قد يكون " الرأي السائد" بين علماء الموسيقى اليوم.
وسيتضح للقارئ، من واقع ما قدمته، أن هذا العمل أكثر من مجرد "ردّ" علي شخص بعينه، بما أني كثيرا ما أستخدم نقدي كنوع من التنويع على اللحن الأساسي.
وفي ختام هذا التصدير، أود أن أعبر عن امتناني للأصدقاء الذين اطلعوا على "مخطوطتي" وشملوني بعطفهم. ومن بينهم السيد ويلسون ستيل والسيدة ويلسون ستيل، ماجستير في الآداب، والسيد آدم هندرسون، بكالوريوس في الآداب، والسيدة مارجريت ج. واير، ماجستير في الآداب.
انظر
حقائق تاريخية عن التأثير العربي في الموسيقي
بقلم هنري جورج فارمر
ترجمة عبلة البرشومي
باريس.سينما ايزيس
يسر مجلة " سينما ايزيس " ان تنشر هنا تصدير كتاب " حقائق عن التأثير العربي في الموسيقي " للمؤرخ جورج فارمر، بترجمة متميزة لعبلة البرشومي. والمعروف ان جورج فارمر هو أحد الكتاب الغربيين الذين كرسوا حياتهم لدراسة الموسيقي العربية، وتأثيراتها في الموسيقي العالمية، وله عدة كتب في هذا المجال ، من ضمنها مؤلفه الضخم " تاريخ الموسيقي العربية " و" التأثير العربي في نظرية الموسيقي " و " مخطوطات الموسيقي العربية في مكتبة بودليان " وسوف ينشر كتاب " حقائق عن التأثير العربي في الموسيقي " بترجمة عبلة البرشومي قريبا، ضمن اصدارت ايزيس، بالتعاون مع " الدار " للنشر والتوزيع في مصر
تصدير كتاب
حقائق تاريخية عن التأثير العربي في الموسيقي
ترجمة عبلة البرشومي
إن واحدا من أكثر الأشياء ابتعاثا على الأسى في التاريخ، كما يقول الدكتور ج. و. درايرا مؤلف كتاب "تطور الفكر الاوروبي" ، لهو تلك الطريقة المنظمة، التي احتال بها الكتاب الأوروبيون، لكي يضعوا التزاماتهم العلمية تجاه العرب بمنأى عن الأنظار.
لقد كانت تلك، هي الحقيقة الواقعة ، في الوقت الذي كتب فيه درابر كلماته، لكن أحدا اليوم لا يملك اتخاذ مثل ذلك المسلك، اللهم أقل الناس دراية وعلما.
لقد وضع البحث العلمي المتخصص العرب في موقعهم الصحيح من تاريخ الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى.
فنحن اليوم نعرف عن يقين فيما يتعلق بثلاثة من رباعي العلوم الرياضية ، هي الحساب والهندسة والفلك، أنه لولا إضافات واكتشافات واختراعات العرب، لما تحقق لهذه العلوم في أوروبا، ذلك المستوى الذي بلغته من التطور.
أما فيما يتعلق برابع العلوم الرياضية، وأعني به "الموسيقى" ، فإن أحدا لم يحاول أن يظهر الموقع المحدد لهذا العلم والفن العربي من التطور الثقافي لأوروبا.
وقد حررت في تلك الأثناء، مقالات لتلبية ذلك الاحتياج، في بحث بعنوان " (دلائل) التأثير العربي في نطرية الموسيقى" 1، أوردت فيه عددا من (الأدلة) الموثقة بعناية.
وقد اهتم علماء من جميع أرجاء المعمورة بالمساهمة في المناقشة، وقدم بعضهم في حقيقة الأمر اقتراحات مفيدة، أنا شديد الامتنان لها.
وفي هذا البلد (بريطانيا) ، ساهمت الآنسة شيلزنجر في المناقشة بكتيب معنون : "هل النظرية الموسيقية الأوروبية مدينة للعرب؟… ردّ على التأثير العربي في نظرية الموسيقى" 2.
وقد كنت في بحثي قد قلت، أن ذلك العمل إن أثار ما يكفي من الاهتمام والجدل، فسأكون حاضرا لتناول المسألة بطريقة أكثر توسعا ودواما. وقد استحثني نقد الآنسة شيلزنجر وآخرين على تحقيق وعدي. فالعمل الذي تجدونه الآن هو تحقيق جزئي لذلك. وأقول جزئيا لأن أكثر أقسام بحثي أهمية، وهو القسم المتعلق "بموسيقى القياس الزمني المحدد " لم يلق بعد اهتماما.
لقد اشتمل بحثي على عشرين صفحة من المتن فقط. تناولت في العشر صفحات الأولى منها "دلائل" التأثير العربي في كل من : (1) الآلات الموسيقية (2) تركيب الألحان بطريقة الديسكانت (3) أول أنواع تركيب الألحان (الأورغانوم ، (4) قوانين التوافق
(5) الصولفائية (6) التدوين الجدولي للآلات بينما خصصت العشر صفحات التالية كلها تقريبا ل (7) الموسيقى ذات القياس الزمني المحدد كما ذكرت "التايمز" اللندنية، التي كانت دقيقة بما يكفي لكي تلحظ ذلك 3.
لكن الآنسة شيلزنجر لم يكن لديها ما تقوله بصدد "دلائلي" الموثقة بعناية في هذه المسألة، بل إنها حتى لم تومئ اعترافا باكتشاالذي قدمته عن "الهوكيت " في الإيقاعات العربية، ليس فقط من وجهة نظر فقه لغوية (فيلولوجية)، وإنما أيضا من وجهة نظر موسيقية 4 .
لقد قصرت اهتمامها على المسائل الثانوية نسبيا التي عددتها عاليه. لكني ولكي أكون منصفا مع هذه الكاتبة، لابد وأن أسلم بأن لديها أسبابا لإهمال الأساسي في تناولي، فهي تقول "إن مسألة القبول بترجيح الأصل العربي على الأصل الإغريقي للموسيقى ذات القياس الزمني المحدد، أمر على جانب كبير من الأهمية، ولابد وأن يترك لأولئك الذين قاموا بدراسة متخصصة للموضوع".
وفي البداية، دعنا نقول أن الآنسة شيلزنجر قد كانت شديدة التقدير لبحثي، وقد أثنت في أكثر من موضع على "القيمة العظيمة للبحث الذي تحقق" 5 . لكنها في ذات الوقت، قدمت انتقادات قاسية ومحددة، وشككت في حقائق تاريخية أولية، وعليه فقد قمت بتقديم ردّ على صفحات مجلة "النموذج الموسيقي " بعنوان "حقائق التأثير العربي في الموسيقى" 6. وبناءا عليه قدمت الآنسة شيلزنجر "ردا مضادا" بعنوان "الأسس الإغريقية لنظرية الموسيقى" 7 .
ولأن الأرض قد مهدت، فقد أثار هذا الجدل المزيد من الاهتمام، وطلب مني في نهاية الأمر جمع مقالاتي : "حقائق التأثير العربي في الموسيقى" في كتاب.
وما كان لي أن أحقق ذلك كما ينبغي دون أن آخذ "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر في الاعتبار. وكانت المشكلة هي الجمع بين العملين. ومن حسن الحظ، أن السيد وليم ريفز وافق على نشر "الحقائق" مع عدد من الملحقات التي كان من شأنها أن تمكنني من تناول "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر.
وبفضل همة السيد ريفز، فقد أعيد نشر "الحقائق" بنهاية سنة 1926م. ولكن، ولسوء الحظ، وبسبب من اعتلال الصحة والأعمال الأدبية الأخرى، والمطالب الأكثر إلحاحا للمهنة التي كرست لها نفسي، فإن الملحقات لم تكتمل حتى ربيع 1929م.
والواقع أني أشعر أن من واجبي انتهاز هذه الفرصة للاعتراف بالجميل لكل القائمين على النشر لشدة ترفقهم بي وكياستهم في هذا الشأن.
ولكي يتسنى لقرائي أن يدركوا ما يعنيه "التأثير العربي" حقا، فقد كتبت الفصل الأول ليكون توطئة لما يليه. وضمنت الفصل الثاني إلى الفصل الثامن " الحقائق"، كما ظهرت كمقالات بمجلة " النموذج الموسيقي"، بعد أن قمت بمراجعة عدد من المواضع، وتصحيح الأخطاء المطبعية، والاستشهاد بنصوص الآنسة شيلزنجر كلما كان ذلك ضروريا (بصفة أولية لمواجهة اعتراضاتها)، كما أعدت صياغة بعض تعبيراتي لمزيد من الوضوح.
ومع ذلك، فإن "الحقائق" تبقى كما نشرت، بدقة، في مجلة "النموذج الموسيقي" 8.
وقد تناولت بمزيد من التوسع، في الملحق الثامن والأربعين "الرد المضاد" للآنسة شيلزنجر المعنون : "الأسس الإغريقية لنظرية الموسيقى".
وهي كمؤلفة لكتاب "أسلاف عائلة الكمان " ، ومحررة للعديد من المقالات في "دائرة المعارف البريطانية" (الطبعة الحادية عشرة)، فإنني أحمل احتراما بالغا لمواهبها في أمور البحث العلمي، وربما تكون في التأريخ للآلات الموسيقية قد قامت بأكثر الإعمال ريادة وأجدرها بالإكبار في بريطانيا.
ولذلك فإنني أود أن يكون حاضرا في الأذهان أني وإن كنت نزاعا بصورة ما لإنتقاد آراء الآنسة شيلزنجر، فأنا في واقع الأمر أعارض ما قد يكون " الرأي السائد" بين علماء الموسيقى اليوم.
وسيتضح للقارئ، من واقع ما قدمته، أن هذا العمل أكثر من مجرد "ردّ" علي شخص بعينه، بما أني كثيرا ما أستخدم نقدي كنوع من التنويع على اللحن الأساسي.
وفي ختام هذا التصدير، أود أن أعبر عن امتناني للأصدقاء الذين اطلعوا على "مخطوطتي" وشملوني بعطفهم. ومن بينهم السيد ويلسون ستيل والسيدة ويلسون ستيل، ماجستير في الآداب، والسيد آدم هندرسون، بكالوريوس في الآداب، والسيدة مارجريت ج. واير، ماجستير في الآداب.
هنري جورج فارمر
انظر