الاثنين، أكتوبر 14، 2019

الإصدارات الثقافية تكتسح الأفلام في مهرجان الآسكندرية 35 بقلم مجدي الطيب في زاوية " مختارات سينما إيزيس "


مختارات سينما إيزيس






الإصدارات الثقافية تكتسح الأفلام

 في «مهرجان الإسكندرية السينمائي35

بقلم
مجدي الطيب *

أفلام من الكويت وعُمان والإمارات في مسابقة نور الشريف للفيلم العربي المتوسطي 
 مواصفات فيلم الإفتتاح لم تتوافر في الفيلم الإسباني «70 ألف دولار» .. واختياره 
جاء مجاملة لضيف الشرف



قبل ساعات قليلة من ختام الدورة الخامسة والثلاثين ل «مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط» جاء عرض الفيلم السوري الطويل «درب السما»، بطولة النجم أيمن زيدان تأليف وإخراج جود سعيد، ليمنح، إضافة إلى الجرعة الثقافية المتمثلة في قيام إدارة المهرجان بإصدار ما يقرب من عشرة كتب تنوعت في عناوينها، ومضامينها، قبلة الحياة للمهرجان، الذي كادت أن تفسده المجاملات، والمبالغات، والتظاهرات الكثيرة، التي راهنت عليها إدارة المهرجان، ربما بأكثر مما راهنت على الأفلام !

استُقبل فيلم «درب السما» بحفاوة بالغة؛ حيث امتلأت قاعة سينما «إسترن» بالحضور، رغم تأخر عرضه قرابة الساعة ونصف الساعة، لانشغال قاعتي عرض المهرجان بعرض فيلم «الممر»، الذي لم يعرف أحد، حتى لحظة كتابة هذه السطور، سبب اختياره للعرض في المهرجان، بعد استهلاكه في قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية، وكونه أصبح متاحاً للمشاهدة على المواقع الإلكترونية !
إعادة ترسيم الحدود !



جاء فيلم «درب السما» ليُرضي غرور الجمهور، الذي خاب أمله في فيلم الإفتتاح الإسباني «70 ألف دولار»، الذي تدور أحداثه في بنك يتعرض للسطو، وصنعه مخرجه كولدو سيرو على الطريقة الأمريكية، ومن ثم افتقر إلى المواصفات والمعايير التي تؤهله لأن يكون «فيلم الإفتتاح»، إلا إذا كان السبب الوحيد وراء اختياره يتمثل في كون دولة إسبانيا ضيف شرف هذه الدورة، ومن ثم قوبل بانزعاج، بعكس الفيلم السوري «درب السما»، الذي ترك انطباعاً إيجابياً، لإنسانيته، وشاعريته السينمائية، ومناهضته الواضحة للحروب، وتداعياتها، ولفرط جماله اختارته إدارة مهرجان الإسكندرية ليمثل سوريا في المسابقة الدولية ومسابقة نور الشريف للفيلم العربي المتوسطي الطويل معاً، وهي مناسبة للتساؤل، بدهشة، عن وجود أفلام من الكويت؛ مثل : «ودي اتكلم»، قطر – الإمارات؛ مثل «مسك»، العراق؛ مثل : «تورن» فضلاً عن عُمان، التي شاركت بفيلم «زيانة»، في مسابقة معنية بسينما دول البحر المتوسط، إلا إذا كان المهرجان أعاد ترسيم الحدود، وخارطة الدنيا، من دون أن نعلم !
أمر آخر أثار الانتباه، على الأقل بالنسبة للمهتمين بالسينما، تمثل في إصرار المهرجان على تنظيم مسابقة للأفلام الوثائقية والروائية القصيرة رغم تدشين مهرجان آخر، في الإسكندرية، للفيلم القصير، بالإضافة إلى تعنته غير المبرر، في ما يتصل بمطالبة إدارته بتكثيف التظاهرات، والتكريمات، فإضافة إلى تكريم : نبيلة عبيد، التي أهديت إليها الدورة، محمود قابيل، المخرج محمد فاضل، واسم الناقد أحمد رأفت بهجت، كرم المهرجان الممثل اللبناني رفيق علي أحمد، والمخرج التونسي رشيد فرشيو، كما تم تكريم اثنين من صانعي السينما الإسبانية هما : هوجو سيلفا و كولدو سيرو مخرج فيلم الإفتتاح، واحتفل المهرجان بمئويات : الكاتب والأديب إحسان عبد القدوس، المخرج حسن الإمام، المخرج عز الدين ذو الفقار، مئوية ثورة 1919 ومرور 150 سنة على إنشاء الأوبرا الخديوية، وهو ما أثقل كاهل المتابعين لفعاليات المهرجان، ومن المؤكد أنه تسبب في تحميل الإدارة نفسها ما فوق طاقتها، في الإعداد، وإيجاد الوقت والمكان اللازمين لخروج هذه التظاهرات للنور !
حلقات الذكر
يمكن القول أن ندوات المكرمين انحرفت عن مسارها، وهدفها، بعد أن تحولت إلى ما يُشبه «حلقات الذكر» في مديح الفنان المُكرم، والإشادة بحسن أخلاقه، وإنسانيته، وأياديه البيضاء، من دون أن يتطرق أحد؛ خصوصاً النقاد، للحديث عن تجربته السينمائية أو تقييم، وتحليل، أدائه، وأسلوبه، وهو ما ظهر جلياً في ندوتي محمود قابيل، التي ضلت طريقها، ربما لأنه لم يكن هناك في مسيرته الفنية ما يستحق الحديث، فما كان من الحضور سوى أن تحدثوا عن أزمة السينما، بينما وصفت المخرجة ايناس الدغيدي المهرجانات السينمائية في مصر، باستثناء مهرجان الإسكندرية بأنها "مهرجانات شو"، والسينما المصرية في وضعها الراهن، الذي تراجع فيه دور المخرج بإنها "سينما عبيطة" ، وهو ما حدث أيضاً في ندوة نبيلة عبيد، التي توقف المتحدثون عند إنسانيتها، وإخلاصها، وتفانيها، في شراء الأدوية للمرضى أثناء سفرياتها، ورعاية بنات صديقاتها، في غيابهن لدواعي السفر للخارج، بأكثر مما تحدثوا عن فنها، وثراء تجربتها !
في السياق نفسه وقعت إدارة المهرجان في فخ المجاملات، عندما نظمت ندوة لمناقشة كتاب «فرسان النغم»، رغم اعتراف كاتبته د. رانيا يحيى بأنه صادر عن هيئة المطابع الأميرية، كما نظمت ثمانية عروض لأفلام وزارة التضامن الأجتماعي كلها تحمل اسم المخرج مُهند دياب !


نبيلة عبيد والأمير أباظة في الدورة 35


«مهرجان الكتب»

لكل هذه الأسباب يمكن القول إن الوجه الثقافي للدورة ال 35 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، كان الملمح الأكثر نجاحاً، ولفتاً للأنظار، في هذه الدورة والدورات الأخيرة السابقة، عبر المطبوعات السينمائية، التي دأب المهرجان على إصدارها، بانتظام يُحسد عليه، وباتت تمثل إضافة حقيقية للمكتبة الثقافية العربية، تروي ظمأ كل متعطش للسينما، وعاشق لها، وإن بدا أننا سُنعيد مطالبة الإدارة نفسها، وللعام الثاني على التوالي، بضروة تغليب الكيف على حساب الكم !

مجدي الطيب*
ناقد سينمائي مصري



عن جريدة القاهرة بتاريخ 15 اكتوبر 2019
لـ " مختارات سينما إيزيس "

ليست هناك تعليقات: