التوثيق لرسائل حب
فقرة من كتاب " تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس "
بقلم
صلاح هاشم
كتب لي صديق. نريد أن نعرف رأي حضرتك في موضوع كذا ،عند زيارتك القادمة لمصر.!..
مازال البعض يتصور ويتعامل معي على أني غادرت وتركت مصر بلدي.
غير صحيح بالمرة
لم يخطر على بالي قط يا نيكوس زيارة مصر ، فأنا لم أغادر مصر ، كيف أزورها إن لم أكن غادرتها ؟ ولا غادرت حينا العريق قلعة الكبش في السيدة زينب ، ولا تركت شهامة وجدعنة أولاد البلد.
لا استطيع أن أغاد مصر يانيكوس لأنني عندما أحضر لا افكر في أني سأغادر قط - في رحلتي الأخيرة فقط الى مصر أو عودتي الأخيرة في شهر فبراير وجدت أن الحياة صارت أصعب مما تركتها عليه.. وأشد قسوة -
أنا أسافر في مهمة للاحاطة بالمعارف الجديدة وأكتب عنها وعن اكتشافاتي. واتنقل فقط بين موطني الأصلي في القاهرة ، وبين لندن وباريس حيث أقيم - ، وبين كوبنهاجن وبرشلونة وأصيلة، ثم أعود مع كل زيارة الى بلدي ،فاذا بي عند عودتي أكتشف انني اتطلع الى المكان الذي أنطلقت منه في بداية رحلتي ، وكأني أاتعرف عليه من جديد، وأعيد اكتشافه - ويالها من متعة - للمرة الأولى.
لم أغادر يانيكوس ابدا لأني حريص على اداء تلك المهمة- وحين أكتب - أكتب بالقدر الأكبر من الدقة ولإخلاص، والتواضع والجرأة . أكتب عصير حياة وتجارب ورحلات وخبرات لتحريك الساكن. .
لايربطني بمصر مكان ، أو موقع، مثل حينا قلعة الكبش العريق الذي نشأت وتربيت وكبرت في أزقته وعطفاته وحواريه - بل يربطني بمصر ما لاحصر له من القلوب المصرية المحبة التي يجمعها حضن كبير واحد. حضن تلك االسيدة السوداء الطيبة الحاجة سيدة التي أنجبتني، والتي كانت تسقيني الحليب، وأنا أشد - مع الأولاد الأشقياء من قلعة الكبش- شعر الشمس من عند المغيب
فاذا بي أجدها ، في كل إمرأة عشقتها ، وأنا أنطلق في بحار الله ، وأدلف الى داخل المياه من دون خوف أو وجل..
فاذا بي أجدها ، في كل إمرأة عشقتها ، وأنا أنطلق في بحار الله ، وأدلف الى داخل المياه من دون خوف أو وجل..
صلاح هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق