يوميات " كان " السينمائي 71
صلاح هاشم . سينما إيزيس
المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير جان لوك جودار " أسطورة السينما " ، هل يحصل بفيلمه " كتاب الصور " على سعفة " كان " الذهبية في الدورة 71 تقديرا لفيلمه ومجمل أعماله
جودار يحكي في " سوناتة " سينمائية عن العرب والحرب و " داعش " في أهم فيلم سياسي وفلسفي يعرض في الدورة 71
فيلم " كتاب الصور " لجان لوك جودار في المسابقة الرسمية للدورة 71 "شهادة "جريئة على سينما وعصر ضد الفاشية
فيلم " كتاب الصور "للمخرج الفرنسي الكبير جان لوك جودار: وصية شاعر : لنجعل من الأمل يوتوبيا ضرورية.. "
بقلم
صلاح هاشم
من أجمل الأفلام التي عرضها مهرجان " كان " وشاركت في مسابقته الرسمية فيلم " كتاب الصور " للمخرج والمفكر الفرنسي الكبير جان لوك جودار (من مواليد 1930 )، ونرشحه للحصول على جائزة لهذا الفيلم ومجمل اعماله - وربما تمنح له " سعفة الدورة 71 " الذهبية كما حدث مع المخرج البريطاني الكبير كين لوش -لتكون بمثابة تكريم لـ " أسطورة السينما المعاصرة الحية " التي تتمثل في شخصه،وذلك عند الاعلان عن الجوائز في حفل ختام الدورة 71 ..
حيث يطرح جودار المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير - ومرة أخرى يتأكد من خلال مشاركة فيلمه أن هذه الدورة 71 من المهرجان- وانظر تكريم جودار وتقدير فنه من خلال أفيش المهرجان الذي يعتمد على لقطة من فيلمه " بييرو المجنون - أنها ستكون دورة جد " واعدة " و " استثنائية " كما سبق وأن نوهنا
يحكي في فيلم لايحكي قصة ،ولايعني بتطور حبكة، ومن دون ممثلين، بل هو اقرب ما يكون الى " مانيفستو "- بيان - فني ، يحكي عن " الحروب " التي أصبحت ناشبة في كل مكان على ظهر كوكبنا، ويرثي لما وصلت اليه حضارة الاستهلاك الكبرى في الغرب من تلوث ودمار للبيئة وتعصب ديني وتقديس أعمي لما جادت به الكتب المقدسة من " كلام "، كما يحكي عن العرب وفلسفة حياة، في فيلم أقرب مايكون الى أفلام السينما الوثائقية، ليقدم من خلاله " نظرة " تأملية وسياسية وفلسفية عميقة وإطلالة على أزمات ومشاكل وتناقضات عصرنا،وينهي فيلمه أو بالأحرى شهادته، بدعوة الى التعلق بالأمل ،وجعله " يوتوبيا ضرورية " - أي حلمنا الضروري، في عالم أكثر عدالة وتسامحا - في مواجهة الحروب والجرائم الفاشية المرعبة التى ترتكبها السلطات في كل مكان ونهب حقوق الإنسان ..
يقدم لنا جودار من خلال كتاب الصور "رحلة" في تاريخ وذاكرة العالم والسينما، فيحكي في فيلمه وهو يقلب في صفحات كتابه، يحكي عن الفاشية، والجريمة المنظمة والانظمة القمعية، في عمل سينمائي باهر - وأقرب مايكون الى " سوناتا " أو قطعة موسيقية تذكرك بـ "رباعيات بيتهوفن الوترية "- وبكل المقاييس، ولايتسامق هذا العمل
جودار المعلم والمفكر السينمائي الكبير
جودار المعلم والمفكر السينمائي الكبير
خلف "واجهة" الفيلم، إلا بما يكمن خلف تلك " الواجهة " فكر وتأمل سياسي وفلسفي عميق، حيث ينهل هنا " خطاب " الفيلم الفكري أو " شهادة جودار على عصرنا ، ينهل من انجازات وأعمال السينما الكبيرة عبر تاريخها الطويل الذي يبدأ كما يحلو لجودار أن يردد - " ..من عند الأمريكي جريفيث.. وينتهي عند الايراني عباس كياروستامي - ولايتسامق " كتاب الصور " إلا بما فيه من " فكر " سياسي وفلسفي وفني جد عميق، من خلال كل تلك المقتطفات من اللقطات من أفلام بازوليني وجودار وناصر خمير " الهائمون " ويوسف شاهين( يعرض للقطة من فيلم " باب الحديد " ولقطة أخرى من فيلم " جميلة بوحريد " ) كما ينهل من التراث الغنائي العربي في الماضي عند أم كلثوم " والحاضر عند الموسيقي التونسي " أنور ابراهيم "
فيلم جودار - بخطابه الفكري والفلسفي - عن " معاني " الأشياء ، وباشتغالاته السينمائية الفنية المذهلة على مستوى الشكل و " النحت في الصور "،هو " درس " في السينما العظيمة- حيث تتحق هنا للسينما وظيفتها الأساسية كـ " أداة تفكير " أولا، وحيث يناقش جودار في الجزء الثالث من الفيلم قضايا العرب ويقول ان الغرب ظلمهم من خلال الصورة الرديئة المتخلفة التي روج لها عنهم،ـ وهي صورة لم تنصفهم بالمرة ،حيث أن العرب كما تمثلهم جودار ونبه في فيلمه،يتعاملون مع الوقت بشكل مختلف، ولديهم كل الوقت للتأمل والتفكير، حتى أنك تجد ان الناس العاديين من العرب " فلاسفة " ووراء كل عربي، ولايهم ان يكون متعلما، فيلسوف يتمعن في معاني حياته ويفكر..
فيلم جودار هو أقرب ما يكون الى منشأة - INSTALLATION - من منشأت الفن التشكيلي، فقد هجر المعلم الأكبر جودار السينما منذ زمن.. وترك الإخراج .. وخاصم الممثلين.. والمحترفين.. وتجار السينما الحقراء ..و لم يعول على حسابات المكسب والخسارة ..واختار أن يكون شاعرا هذه المرة ليقدم لنا وصية شاعر، تذكرني بتلك القصائد الأخيرة التي كتبها الشاعر الهندي العظيم رابندرانات طاغور على فراش الموت وتلخص فلسفة حياة ووجود
ويقول فيها :
على شواطيء الاله روبانارايان
أفقت، وأدركت أن العالم ليس حلما
وفي حروف الدم، تطلعت الى صورتي
ومن خلال ألف جرح
عرفت نفسي
تحية الى المعلم الشاعر والمفكر السينمائي الكبير جان لوك جودار، وفيلمه العظيم، الذي أعاد لنا ثقتنا في تلك القيم والفضائل، التي يتفاخر بها الإنسان، لترويض ذلك " الوحش " الذي يسكن داخلنا..
فيلم جودار هو أقرب ما يكون الى منشأة - INSTALLATION - من منشأت الفن التشكيلي، فقد هجر المعلم الأكبر جودار السينما منذ زمن.. وترك الإخراج .. وخاصم الممثلين.. والمحترفين.. وتجار السينما الحقراء ..و لم يعول على حسابات المكسب والخسارة ..واختار أن يكون شاعرا هذه المرة ليقدم لنا وصية شاعر، تذكرني بتلك القصائد الأخيرة التي كتبها الشاعر الهندي العظيم رابندرانات طاغور على فراش الموت وتلخص فلسفة حياة ووجود
ويقول فيها :
على شواطيء الاله روبانارايان
أفقت، وأدركت أن العالم ليس حلما
وفي حروف الدم، تطلعت الى صورتي
ومن خلال ألف جرح
عرفت نفسي
تحية الى المعلم الشاعر والمفكر السينمائي الكبير جان لوك جودار، وفيلمه العظيم، الذي أعاد لنا ثقتنا في تلك القيم والفضائل، التي يتفاخر بها الإنسان، لترويض ذلك " الوحش " الذي يسكن داخلنا..
صلاح هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق