الخميس، أكتوبر 23، 2014

احمد رجب صقر والتصوير من سطح غائر بقلم ياسر جاد


فنان يصور ، ياللروعة ، فتخرج لوحاته على شكل أنغام " سوينج " جازية - نسبة الى موسيقى الجاز. هيا اعزف ، امنحني المزيد .صلاح هاشم




مختارات " سينما إيزيس "


الفنان أحمد رجب صقر


أحمد رجب صقر والتصوير من سطح غائر


بقلم
ياسر جاد


................أحمد رجب صقر ..( والتصوير من سطح غائر ) ...............
...قد تبدو عنونة المقال خارج السياق والقبول المنطقى ..فقد تعودنا أن نقول أو نسمع ( الطباعة من سطح غائر ) إﻻ أن أعمال أحمد رجب صقر قد أفرزت إحساسا جديدا ومغايرا لدى ..إنعكس على مخيلتى وأستقر فى وجدانى .. وصرت أبحث عن توصيفا لما أستقر فى نفسى من إنطباعات تجاهها... فوجدتنى أعنون مقالى ب( التصوير من سطح غائر ) فهذه هى الكلمة الصحيحة من وجهة نظرى والأقرب إلى فهمى لمثل هذا السطح والطرح ..ووجدتنى ألهث باحثا عن ذلك القالب الطباعى سالب السطح إيجابى الطرح... والذى ترك لنا بصمة وأثرا يتمثل فى لوحات هذا الفنان الرائع..ولكن هل للوحة التصوير بشكل عام قالبا طباعيا ؟ ..نعم لوحة التصوير من وجهة نظرى نتاج قالب طباعى يتمثل فى وجدان مبدعه وخياله وتراكمية ثقافته وتحصيله البصرى ومحصلة عقله المعلوماتية ... وأمتزاج كل ما سبق ليحفر فى مفهومه أخاديد قالبه الطباعى والتى تمثل القطب السالب .وينتج عنها نتوءات موجبة تبرز على سطح طرحه والذى يمثل القطب الموجب ..هذا الطرح والتجريب الذى تشعر معه أنه ضارب فى جذور الوقت والزمن ..وأول ما يلاحظة المتلقى لطرحه وإبداعه ..هى تلك الحروف العتيقة التى تلازم مشاهد تصويره ورسومه ...ويشعر المرء معها أنه أمام متون تحمل معانى ومفردات وتروى قصصا وتبين حقائق وترصد احداث وتوثق لمواقف وتشرح طقوسا وتسجل تاريخا رغم عدم إرتباطها لغويا بأى من اللغات القديمة ... فقد إبتكرها من وحى خياله متأثرا بإفتتانه بأصالة خطوط لغته المصرية القديمة وخطوطها ..ولم يتوقف عند ذلك بل واصل قراءة المشهد المعاصر بتلك الروح المشبعة بالأصالة و الرصانة ..والتى لم يتخلى عنها فى أعماله فى الحفر..والتى حصرها فى تقنيتين كلاسيكيتين من تقنيات الحفر وهما الحفر على الزنك ( الطباعة الغائرة)..وطباعة ( الليثوجراف ) والتى نال عنها جائزة الدولة التشجيعية لعام 2001....واللذان صال فيهما وجال كواحد من زمرة الحفارين المصريين والذين نفتخر بإبداعتهم .
..إلا ان تجربة التصوير لديه والتى لم يتخلى فيها عن مفرداته وأدواته الإبداعية التى إتسمت به تجربته فى الحفر ... جائت مفجرة لهمه الأكبر وتناوله الجاد لمفهوم ( اﻷصالة والمعاصرة ) تلك القضية وصراعاتها التى تناولها كبار مفكري الشرق كبرهان غليون وزكى نجيب محمود وغيرهم ..وقد لعبت مفردات حروفيته التى لازمت السواد الأعظم من أعماله وأطروحاته دورا رئيسا فى مشاهد لوحاته وتصاويره تلك الرموز التى صاغ منها هجائية خاصة به ....وجاء مشهدها ثريا بشكل يرقى إلى ثراء كتابة بلاد الرافدين (المسمارية ) وثراء الكتابة المصرية القديمة متمثلة فى الخط ( الهيراطيقى ) ..لقد لعبت حروفية أحمد رجب صقر دورا هاما فى إستيقاف المتلقى وإشراك فضوله فى فى المعادلة الحاصلة بين طرح الفنان وإستقبال المتلقى .
وكذلك غاص فى طرحه إلى أن وصل إلى جذور أصالة التاريخ وما تحمله من رموز ودلالات كالحروفية التى سطرها فى أفقية تارة وصفوف أعمدة تارة اخرى.... وكأنه يغازل خطوط الكتابة القديمة فى مشهد إصطفافها كذلك تناوله لعنصرالدائرة والذى يتمتع بخاصية عدم الإستهلاك مهما تم تناوله .. وتناول قضيته بتلك الحلول المرصعة بالمعاصرة .. لقد زج أحمد رجب صقر بطرحه فى دائرة الأصالة والمعاصرة الشائكة تلك الدائرة التى أفرزت لنا مدارس عدة فى الفكر والطرح الإبداعى والفنى بشكل عام ... وخلقت تلك الفرق واﻷضداد مابين مؤيد ومعارض ...إلا انه آثر ان يكون فى منطقة المزج بين كلاهما ..وجاء عرضه الأخير (بقاعة إكسترا ) نموذجا مثاليا ورمزا واضح الدلالة لتلك المنطقة الدافئة ..فعبر بطرحه عن عدم تخليه عن الأصالة كمرجع وحجر زاوية فى العملية الإبداعية وما لها من قيمة مؤثرة فى المخزون البصرى والفكرى والمعلوماتى والثقافى . ولم يغفل فى مفراداته إستخدام مواد خام كرمل السيلكون بلا معالجة صناعية ليؤكد على أهمية وضرورة الأصل الحتمى ودوره كنواة للمعاصرة ومصدر للحداثة . وجاءت المعاصرة فى طرحه متمثلة فى إستحداث التناول لتلك التكنيكات التى إستخدمها ... وفى عناصر لها رمزية دالة على مفرادات العصر ومستحدثاته وكذالك على سلوك أهله وعادتهم ...ومثلهم فى حركات دالة بوضوح على ممارساتهم ..كتصويرهم فى ملهى ليلى مثلا ..أو وجود رمزيوحى للمتلقى بأنه آلة موسيقية كالجيتار الكهربى مثلا ......
لقد ذكرتنى زرقة دوائره ببدايه الأساطير وكأنى أسمع واحدة من قصص تأصيل الآلهة الثلاث وهى (تاسوع هيلوبوليس) لقد رأيت فيها التل الأزلى تلك البقعة اليابسة الوحيدة على الأرض التى كانت محيط ماء ويجلس عليها (الإله رع ) خالق نفسه بنفسه ليخلق أبنائه الثمانية من الآله ( شو(إله الهواء) وتفنوت (إلهة الرطوبة) وجب (إله الأرض) ونوت (إلهة السماء)والإخوة الأربعة (أوزير وست وإيزة ونفتيس ) ويقتطع لكل منهم جزءا من مملكته وكونه لتبدأ القصة ويخلق البشر وتدور عجلة الزمان وتعمر الأرض وتسن الشرائع وتنتشر الأمم وتقع الصراعات ..
وكذلك ذكرتنى ذهبية وفضية دوائره بملكية مصر وبلاطها وقوائم ملوكها على مر العصور والأزمنة وثقل إسمها عند الذكر..ودواوين دولتها وفيدرالية كورها ( الكورة كانت بمثابة المقاطعة أو المحافظة ) وهيبة تاجها ورقى مجتمعها المبكر وكعبة مدنيتها التى كانت تقصد من جميع اهل الزمان
لقد أكد أحمد رجب صقر فى طرحه الإبداعى ومشهده البصرى الذى صوره لنا فى أعماله على مصريته بصورة لا تقبل النقاش او التشكيك ..برغم تناوله لتجربته وسط الغرب الحديث وفى معاقل تقنياته المتقدمة ..لقد أصر على درجات ألوانه شديدة المصرية والتى تفاوتت بين الصريحة النقية كالأزرق الملكى والذهبى وبين الدرجات الترابية والتى عكست غبار الزمن الذى علا أصالة مصر دون النجاح فى طمسها ...جاء إستخدامه لرمل السيلكون النقى ليعبر به عن ارض الكنانة وكانها ذهب العالم الأبيض وأتسع فى لوحاته إتساع صحاريها .إلا انه أبى ان يتركها بلا نتوءات حروفه والتى أشعرتنى بأنها فصلا من فصول قصتها التى إستهلكت انهارا من أحبار المؤرخين ويتخلله فى غائر لوحته أزرقه الملكى معبرا به عن شريانها الرئيس ونيلها العذب .. جاء رمله الأسود ليمثل ليل مصر الصافى المجرد من غيوم الكآبة وأتت دائرته لتمثل شروق بدرها فى بداية الليل فى حمرته الساخنة اللون الباردة الأشعه لتذكرنا بليالى صيفها ونسماتها الرطبة جاء الطرح بسيطا فى عناصره عميقا فى دلالته ...وكانه يعلن للعالم بأن هذه هى مصر لم تتغير جينات أبنائها ولم تنحط فنونها ولم ينضب نيلها ولم تصل سن يأس البلاد بعد ...
لقد راهن أحمد رجب صقر فى طرحه على اﻷصالة بما تحمله من ثراء ورصانه وجذور .....ومارس رهانه بمعاصرة أدوات العصر ومفرداته وتقنيته وعناصره فكانت مرجعيته وفكره وتحصيله وأكاديميته بمثابة قالبا طباعيا إزدحم بخدوش وأخاديد إمتلأت بألونه وأصباغه التى افرزت لنا نسخا من مشاهد تصويرية ذات مفهوم واحد ربما كان متعدد المشاهد والمناظر ولكنه لا يحمل ملل تكرار النسخة ..فكان عنونة 

 
 ياسر جاد
 
فنان يصور ، ياللروعة ، فتخرج لوحاته على شكل أنغام " سوينج " جازية - نسبة الى موسيقى الجاز. هيا اعزف ، امنحني المزيد .صلاح هاشم


..ياسر جاد


ليست هناك تعليقات: