الأحد، مارس 02، 2014

فيلم " موج " لأحمد نور : عندما تنجح السينما في أن تجعل من مأساة مدينة شجرة شامخة وعصية على الإقتلاع بقلم صلاح هاشم


نظرة خاصة
يكتبها صلاح هاشم


فيلم " موج " لأحمد نور:عندما تنجح السينما
 في أن تجعل من مأساة مدينة
 " شجرة راسخة شامخة وعصية على الاقتلاع"
 و " قطعة " من ذاكرتنا الحيّة !



بقلم

صلاح هاشم




شاهدت بالأمس فيلم " موج " لأحمد نور ، الذي أعجبني كثيرا وقد رايت فيه نوعا من السيرة الذاتية التي تؤرخ في ذات الوقت لتاريخ وذاكرة مدينة السويس وتركز على الثلاثين سنة الماضية وفترة حكم مبارك وبكل المتناقضات الى عاشها أحمد في طفولته مثل مذبحة الغربان المرعبة وذكريات الطفولة مع الأم والبحر والسباحة والغربان ويتوقف احمد وهو يبحر مع الموج عند وقائع وأحداث عاشتها المدينة ( المقاومة الشعبية والتهجير ) ثم دور السويس في ثورة يناير 2011 ويتوقف عن حلول مبارك في قفص الاتهام لمحاكمته ( وتحققت بالفعل النبؤة التي ذكرت بأن نهاية حكمه ستكون في السويس ! ولذلك لم يجرؤ ابدا على زيارتهاولو مرةواحدة في حياته ! ) ويوظف أحمد كل عناصر الابداع من رسم ووقوف عند الصورة وتصوير وصمت وسكون ايضا،وبنضج حرفي متأن ومدروس - هو فيلم ايضا عن الساعة والزمن والحياة التي لاتتوقف - لكي يزرع مدينته هذه بكل تاريخها وذاكرتها ومآسيها في قلب المشاهد فاذا بها وبتعاقب أحداث الفيلم تنمو وتنضج وتكبر وتصبح شجرة راسخة شامخة عصية على الاقتلاع وقطعة من ذاكرتنا الحية.لكن كان بودي وبخاصة في الدقائق العشر الأخيرة من هذا الفيلم الرائع وبعد أن كنا تشبعنا بجمال وسحر الفيلم، الا يتدخل الراوي فيحكي انه حزين ومتشاءم ومحبط وحيران فلم نكن بحاجة الى تساؤلاته الفلسفية الوجودية تلك فقد كانت وصلت لنا من بدري ! ياسلام يا نور ، يعني بعد كل تلك الآلآم والاهوال التي عاشها أهل المدينة وشهاداتهم المرعبة عن البطالة والمياة الملوثة بالطفيليات المسببة لأمراض الفشل الكلوي لم نكن بحاجة الى كل هذه " التأملات " الصبيانية التي تهكم عليها صاحب المكتبة وبطل المقاومة الشعبية في الفيلم لاحقا ! انها تلك التأملات " المقحمة بزيادة التي كسرت ايقاع الفيلم ولم تدعه يصل بنجاح الى نهايته الطبيعية رغم ان احمد عرف كيف يفتح بفيلمه بشكل رائع لكنه لم يعرف كيف يغلقه، ولو كان نقل الى مشهد صاحب المكتبة من دون تلك السفسطات الفلسفية العقيمة لكان الفيلم وصل الى تلك النتيجة او المحصلة النهائية الرائعة التي ينهي بها فيلمه : سعادة استمرارية الحياة التي هي أكبر منا، مع تعلم الطفلة حلال أو حالة أو هالة بنت أخته ، وهى تنطق بإسم خالها ، وتدلف وهى الطفلة الى بحر الحياة الكبير.
 فيلم " موج " هو وثيقة سينمائية باهرة تقشعر لها الابدان وأحد أفضل وأعمق الوثائق السينمائية اتي صنعت عن ثورة يناير 2011 وأقربها - بفعل " التطهير " CATHARASIS- الذي يغسلنا من أدراننا وكل أحزاننا
أقربها الى التراجيديات اليونانية العظيمة.
 تحية الى أحمد نور على فيلمه الباهر الذي يستحق الاقتناء والمشاهدة عن جدارة..


لقطة من فيلم " موج " الوثائقي لأحمد نور

ليست هناك تعليقات: