الجمعة، أكتوبر 31، 2014

نظرة خاصة : فقرة من كتاب " الحصان الشارد " لصلاح هاشم


نظرة خاصة : فقرة من كتاب " الحصان الشارد " لصلاح هاشم

الكاتب والناقد السينمائي صلاح هاشم

نظرة خاصة : فقرة من كتاب " الحصان الشارد " لصلاح هاشم



تعلمت من أمي النوبية الحاجة سيدة بنت الحاج سيد محمد مرزبان التي تطبعت بطابعها أن أحترم البشر وأحب الخير لكل الناس. من عند عم محمود بائع اللبن الذي كان يأتينا في حينا العريق "قلعة الكبش" في السيدة زينب، قادما على دراجته من أعماق مجاهل الجيزة، وهو يحمل لسكان منزلنا الحليب. ومرورا بالحاج بيومي النجار ،الذي كان يلاحقنا نحن الصغار الأشقياء بالشتائم ، حين نعبر امام دكانه، حتى لو لم نكن قد اقترفنا جرما. ولحد عم عوض صاحب محل البقالة ، في أول "الدحديرة" - المطلع الحجري الصاعد الى حينا- الذي كنت اقصده كل صباح، لكي آتي لمنزلنا بالخبز. وعم عربي الترزي، والاسطى حسين المكوجي، وعم حسن الحلاق.
 وكانت أمي توقظني وانا طالب في الجامعة من أحلاها نومة، وأنا اقف فوق مئئذنة مسجد احمد بن طولون، وأستعد للقفز والتحليق، فاذا بها تقطع على سعادتي بالحلم لكي اقوم وأسلم على عم محمود بائع اللبن الذي يقف عند الباب،و تطلب مني ان أعامله بمقام جدي الحاج سيد مقريء القرآن! .من غير ماتبقي كريم ونبيل وشريف في افعالك إيش تسوى غير حفنة تراب على الأرض يا آدم، هكذا كانت تردد، ولم أكن أعرف في صغري بعد هذا الآدم الذي تخاطبه امي في صلواتها
 وعندما غادرت مصر، وانطلقت في رحلتي الطويلة، كانت دعوات امي النوبية الحاجة سيدة من قلعة الكبش،  تصحبني تحت بوابات العالم، فاذا بي أتبين جليا بعضا من ملامحها في كل إمرأة عشقتها، وتسقيني من فمها الحليب




صلاح هاشم . الحصان الشارد

ليست هناك تعليقات: